غزوة الخندق
لم يفق اليهود من غيهم ولم يستكينوا ولم يتعظوا بما أصابهم وشرعوا في التآمر على المسلمين بعد أن ذاقوا ألوانا من الذل والهوان نتيجة غدرهم وخيانتهم، فقد خرج عدد من زعمائهم وسادات بين النضير إلى قريش بمكة يحرضونهم على غزو الرسول صلى الله عليه وسلم، ويوالونهم عليه فأجابتهم قريش، وفعلا خرجت من الجنوب قريش وحلفاؤها في أربعة آلاف رجل ووافاهم بنو سليم، وخرجت من الشرق قبائل غطفان واتجهت هذه الأحزاب نحو المدينة على ميعاد كانت قد اتفقت عليه ووصل عددها إلى العشرة آلاف مقاتل.
وبعد مناقشات جرت بين القادة وأهل الشورى في المدينة اتفقوا على قرار قدمه الصحابي سلمان الفارسي وهو حفر الخندق حول المدينة، فلما أراد المشركون مهاجمة المسلمين واقتحام المدينة وجدوا خندقا عريضا يحول بينهم وبينها فالتجؤا إلى فرض الحصار على المسلمين بينما لم يكونوا مستعدين له حين خرجوا من ديارهم.
وبينما كان المسلمون يواجهون هذه الشدائد على جبهة المعركة كانت يهود أفاعي الدس والتآمر تتقلب في جحورها، تريد إيصال السم داخل أجسادهم وأخذوا يمدون الغزاة الوثنين بالمؤن كدليل عملي على انضمامهم إليهم ضد المسلمين، وكجزء من خطة الحماية والمواجهة أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بعد تثبته من خبر خيانة يهود يخطط لمجابهة الظرف الراهن، وكجزء من هذه الخطة كان يبعث الحرس إلى المدينة لئلا يؤتى الذراري والنساء على غرة.
ثم أن الله عز وجل صنع أمرا من عنده خذل به الأعداء وفرق شملهم، فقد آمن أحدهم وبعثه الرسول صلى الله عليه وسلم عينا بينهم أفسد الأمر عليهم ونشر الفرقة في صفوفهم، ثم أرسل الله عليهم جندا من الريح تقوض خيامهم وأرسل جندا من الملائكة يزلزلونهم ويلقون في قلوبهم الرعب حتى تهيؤا للرحيل.
وكانت غزوة الخندق سنة خمس من الهجرة في شوال وأقام المشركون محاصرين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين شهرا أو نحو شهر
تعليق