إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يا أخي إنها متاع الغرور

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يا أخي إنها متاع الغرور

    يا أخي إنها متاع الغرور

    فصل "الدنيا سجن المؤمن وجنه الكافر"
    حقيقة الدنيا إنه كلام لابد منه ، لابد أن يقال ،
    لأن كثير من الناس الآن غرتهم الدنيا واطمئنوا لغدرها ، وأمنوا مكرها وخداعها ، نعم لابد أن نتكلم في حقارتها
    ، نعم لابد أن نطعن في بقائها ، نعم لابد أن نشكك في دوام لذاتها ، نعم لابد أن نزيل من على وجهها الزينة التي تظهر بها ،
    لابد أن نتكلم علنا نسلك طريقاً إلى قلوب الراكنين إليها ، لابد أن نتكلم علنا نوقظ التائهين في بحور الأحلام ، والذين يسكنون في بلاد الأوهام ، قبل أن توقظهم الآلام ، وتكسر نفوسهم الحقيقة الكبرى ، ويصدمهم رؤية حقارة الدنيا بعد ذلك .
    إرشاد أهل الإيمان إلى حقيقة الدنيا فبعد لوم الله وعتابه لأهل الإيمان بسبب إنشغالهم عنه بالدنيا وطلبها ، بين لهم أن السعي وراء طلب الدنيا هو طريق بعض من أهل الكتاب السابقين ، فساروا وراء الشعاع الذي أضاءه لهم الشيطان فبين لهم الشعاع طريقاً فيه ورود وذهب وفضة ،
    فلما ساروا في الطريق الذي يضيئه الشعاع وبلغوا نهايته وجدوا هذه الورود رسوم رسمت وزينت لهم الطريق ووراء هذه الرسوم كل ذل وكل ضنك ، فلما أرادوا أن يرجعوا مرة ثانية ليسلكوا الفج المضيء بنور الحق أغلق عليهم فكانوا من الفاسقين ... قال جل وعلا :{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) }الحديد بين الله جل وعلا لهم بعد ذلك حقيقة الدنيا التي يبحثون عنها ويريدونها ، أنها ما هي إلا مجموعة من الخيالات التي وراءها كل شر وخباثة وكل ضلال وعذاب . قال جل وعلا :{ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)}الحديد

    قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره : "يخبر تعالى عن حقيقة الدنيا وما هي عليه، ويبين غايتها وغاية أهلها، بأنها لعب ولهو، تلعب بها الأبدان، وتلهو بها القلوب، وهذا مصداقه ما هو موجود وواقع من أبناء الدنيا، فإنك تجدهم قد قطعوا أوقات أعمارهم بلهو القلوب، والغفلة عن ذكر الله وعما أمامهم من الوعد والوعيد ، وتراهم قد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا ، بخلاف أهل اليقظة وعمال الآخرة ، فإن قلوبهم معمورة بذكر الله ، ومعرفته ومحبته ، وقد أشغلوا أوقاتهم بالأعمال التي تقربهم إلى الله، من النفع القاصر والمتعدي . وقوله: " وَزِينَةً " أي: تزين في اللباس والطعام والشراب،

    والمراكب والدور والقصور والجاه. وغير ذلك{ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ }أي: كل واحد من أهلها يريد مفاخرة الآخر، وأن يكون هو الغالب في أمورها، والذي له الشهرة في أحوالها، { وَتَكَاثُرٌ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلادِ } أي: كل يريد أن يكون هو الكاثر لغيره في المال والولد، وهذا مصداقه، وقوعه من محبي الدنيا والمطمئنين إليها. بخلاف من عرف الدنيا وحقيقتها، فجعلها معبراً ولم يجعلها مستقرا، فنافس فيما يقربه إلى الله، واتخذ الوسائل التي توصله إلى الله وإذا رأى من يكاثره وينافسه بالأموال والأولاد، نافسه بالأعمال الصالحة.

    ثم ضرب للدنيا مثلا بغيث نزل على الأرض، فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام، حتى إذا أخذت الأرض زخرفها، وأعجب نباته الكفار، الذين قصروا همهم ونظرهم إلى الدنيا جاءها من أمر الله ما أتلفها فهاجت ويبست، فعادت على حالها الأولى، كأنه لم ينبت فيها خضراء، ولا رؤي لها مرأى أنيق، كذلك الدنيا، بينما هي زاهية لصاحبها زاهرة، مهما أراد من مطالبها حصل، ومهما توجه لأمر من أمورها وجد أبوابه مفتحة، إذ أصابها القدر بما أذهبها من يده، وأزال تسلطه عليها، أو ذهب به عنها، فرحل منها صفر اليدين، لم يتزود منها سوى الكفن، فتبا لمن أضحت هي غاية أمنيته ولها عمله وسعيه. وأما العمل للآخرة فهو الذي ينفع، ويدخر لصاحبه، ويصحب العبد على الأبد، ولهذا قال تعالى: " وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ " أي: حال الآخرة، ما يخلو من هذين الأمرين: إما العذاب الشديد في نار جهنم، وأغلالها وسلاسلها وأهوالها لمن كانت الدنيا هي غايته ومنتهى مطلبه، فتجرأ على معاصي الله، وكذب بآيات الله، وكفر بأنعم الله. وإما مغفرة من الله للسيئات، وإزالة للعقوبات، ورضوان من الله، يحل من أحله به دار الرضوان لمن عرف الدنيا، وسعى للآخرة سعيها.

    فهذا كله مما يدعو إلى الزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة، ولهذا قال: { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ }أي: إلا متاع يتمتع به وينتفع به، ويستدفع به الحاجات، لا يغتر به ويطمئن إليه إلا أهل العقول الضعيفة الذين يغرهم بالله الغرور."

    تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص842 لذة الدنيا لذة منقطعة وليست موصولة ، شبع يتبعه جوع ، غني يتبعه فقر ، صحة بعدها سقم ، سعادة بعدها حزن ، طمئنة بعدها خوف ، حب بعده بغض ، هناء بعده هوان ، سعادة بعدها شقاء أحذرك أخي والغرور الذي تحمله لذة الدنيا ، فما هي إلا لذة مؤقتة ليس لها ثبوت فإياك إياك والركون إلى هذه اللذات التي ما جعلها الله جل وعلا إلا فتنة للتمحيص والتمييز بين أهل التقوى وأهل الجرأة . ولك أن تتدبر كلام الله وتحذيره من متاع الدنيا :{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) }

    فبين الله جل وعلا أن لذات الدنيا تكمن في الشهوات التي هي غريزة في الإنسان من الأموال والنساء والعزوة إلى غير ذلك من الشهوات ، ثم بين الملك جل ذكره أن هذه الشهوات ما هي في الدنيا إلا لذات مؤقتة وإن التمتع بها في الدنيا ليس ثابتاً ، ولذا وجه الأنظار إلى اللذات الباقية الثابتة المقيمة التي أبقاها الله جل وعلا للتاركين للذات الدنيا ، والتي أبقاها عنده سبحانه وبحمده . قال السعدي رحمه الله : "يخبر تعالى أنه زين للناس حب الشهوات الدنيوية، وخص هذه الأمور المذكورة لأنها أعظم شهوات الدنيا وغيرها تبع لها، قال تعالى :{إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها } فلما زينت لهم هذه المذكورات بما فيها من الدواعي المثيرات، تعلقت بها نفوسهم ومالت إليها قلوبهم، وانقسموا بحسب الواقع إلى قسمين: قسم : جعلوها هي المقصود، فصارت أفكارهم وخواطرهم وأعمالهم الظاهرة والباطنة لها، فشغلتهم عما خلقوا لأجله، وصحبوها صحبة البهائم السائمة، يتمتعون بلذاتها ويتناولون شهواتها، ولا يبالون على أي: وجه حصلوها، ولا فيما أنفقوها وصرفوها، فهؤلاء كانت زادا لهم إلى دار الشقاء والعناء والعذاب، والقسم الثاني : عرفوا المقصود منها وأن الله جعلها ابتلاء وامتحانا لعباده، ليعلم من يقدم طاعته ومرضاته على لذاته وشهواته، فجعلوها وسيلة لهم وطريقا يتزودون منها لآخرتهم ويتمتعون بما يتمتعون به على وجه الاستعانة به على مرضاته، قد صحبوها بأبدانهم وفارقوها بقلوبهم، وعلموا أنها كما قال الله فيها { ذلك متاع الحياة الدنيا } فجعلوها معبرا إلى الدار الآخرة ومتجرا يرجون بها الفوائد الفاخرة، فهؤلاء صارت لهم زادا إلى ربهم.

    وفي هذه الآية تسلية للفقراء الذين لا قدرة لهم على هذه الشهوات التي يقدر عليها الأغنياء، وتحذير للمغترين بها وتزهيد لأهل العقول النيرة بها، وتمام ذلك أن الله تعالى أخبر بعدها عن دار القرار ومصير المتقين الأبرار، وأخبر أنها خير من ذلكم المذكور، ألا وهي الجنات العاليات ذات المنازل الأنيقة والغرف العالية، والأشجار المتنوعة المثمرة بأنواع الثمار، والأنهار الجارية على حسب مرادهم والأزواج المطهرة من كل قذر ودنس وعيب ظاهر وباطن، مع الخلود الدائم الذي به تمام النعيم، مع الرضوان من الله الذي هو أكبر نعيم، فقس هذه الدار الجليلة بتلك الدار الحقيرة ." تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص123 قال جل وعلا :" قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) }آل عمران .

    فحري بالإنسان الضعيف الجهول أن يعلم أن الله جل وعلا لا يحذره إلا من الذي وراءه كل شر ولا يأمره إلا بكل خير حتى ولو كان كارها له ، فإن الله جل وعلا هو أعلم بعباده وخلقة قال جل ثناؤه :{ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) }الملك قال العلماء : " ألا يعلم ربُّ العالمين خَلْقه وشؤونهم، وهو الذي خَلَقهم وأتقن خَلْقَهُمْ وأحسنه؟ وهو اللطيف بعباده، الخبير بهم وبأعمالهم."التفسير الميسر .

    برهة للتفكير وقفة للتفكير فيه ، وقفة للنظر في الأحوال ، وقفة للمحاسبة ، وقفة عل من ورائها معرفة أين الطريق الصحيح الموصل لله تعالى .. روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال :" حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وتزينوا للعرض الأكبر وإنما يخف الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا ."رواه الترمذي وضعفه الشيخ الألباني . قال الحسن رحمه الله تعالى : " رحم الله عبدا وقف عند همه فإن كان لله مضى وإن كان لغيره تأخر." اغاثة اللهفان 81 وعن ميمون بن مهران أبو عمرو بن ميمون قال :" لا يكون العبد تقيا حتى يحاسب نفسه كما يحاسب شريكه من أين مطعمه وملبسه ."

    وقال الإمام ابن قيم الجوزية : "وأخر ما عليه الإهمال وترك المحاسبة والاسترسال وتسهيل الأمور وتمشيتها فإن هذا يؤول به إلى الهلاك وهذه حال أهل الغرور : يغمض عينيه عن العواقب ويمشى الحال ويتكل على العفو فيهمل محاسبة نفسه والنظر في العاقبة وإذا فعل ذلك سهل عليه مواقعة الذنوب وأنس بها وعسر عليها فطامها ولو حضره رشده لعلم أن الحمية أسهل من الفطام وترك المألوف والمعتاد .
    "اهـ قال ابن أبي الدنيا : حدثني رجل من قريش ذكر أنه من ولد طلحة ابن عبيد الله قال : كان توبة بن الصمة بالرقة وكان محاسبا لنفسه فحسب يوما فإذا هو ابن ستين سنة فحسب أيامها فإذا هي أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم فصرخ وقال : يا ويلتي ! ألقى ربي بأحد وعشرين ألف ذنب كيف وفي كل يوم آلاف من الذنوب ثم خر مغشيا عليه فإذا هو ميت فسمعوا قائلا يقول : يا لك ركضة إلى الفردوس الأعلى ."اغاثة اللهفان 82-83 فعليك أيها المسترشد المريد ، أن تقف لتحاسب نفسك وتسألها ، يا ترى لما أنا هنا في الدنيا ؟ وأين يذهب بي ؟ ، وماذا بعد الذهاب ؟ . إسأل نفسك أيها الحبيب ؟ ، عن الدنيا ولما تقلب حالها ؟ ، وتغير شأنها ؟ ، وهل تستحق مني أن أقاتل من أجلها ؟ . اسأل نفسك أيها الأخ الحبيب ، عما يحيط بك من وجوه ؟ ترى وجوهاً راكعة ساجدة ، مستجيبة متعبدة لله ، يتحملون الإيذاء من أجل ذلك ويطيقونه ، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر... ووجوه أخر حياتهم مليئة بالمجون والتفلت والإباحية ، طريقهم الرذيلة ، حالهم السكر دائماً ... فاسأل نفسك من أنت من هؤلاء ؟ ، بل اسأل مع من الحق من الفريقين ؟ ، بل اسأل هل أنت غيرهم ؟ ، اسأل هل ستوجه ما يوجهون أم لا ؟ ... اسأل حبيبي في الله علك تخلص إلى إجابة تضع قدميك على الطريق الصحيح ، وتخرجك من طريق طال سيرك فيه ، ومن أجله حرمت نفسك من لذة الصلاح
    كتبه
    عمرو محمد صالح

    اسعافات قبل شعبان (3)
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?p=1060541555
    اسعافات قبل شعبان (2)
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=190651
    اسعافات قبل شعبان (1)
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=190359
يعمل...
X