إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

القواعد الذهبية في حفظ القرآن وتدبره والفتح على الإمام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القواعد الذهبية في حفظ القرآن وتدبره والفتح على الإمام



    القواعد الذهبية في حفظ القرآن وتدبره والفتح على الإمام
    بسم الله الرحمن الرحيم
    المقدمـة
    :


    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }.. آل عمران:102
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }..النساء:1
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }.. الأحزاب 70: 71وبعد،،،
    فهذه ثلاث رسائل تتعلق بالقرآن الكريم:


    الرسالة الأولى
    : في قواعد فهم القرآن وتدبره.


    والرسالة الثانية
    : في القواعد التي تعين على حفظ كتاب الله.


    والرسالة الثالثة
    : في آداب الفتح على الإمام وتسديده عند الخطأ.


    أسأل الله أن ينفع بها عباده المتقين الذين أنزل القرآن هداية لهم كما قال تعالى
    : {ألم*ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ }. البقرة 1: 2


    وكتبه
    عبدالرحمن بن عبدالخالق
    قواعد في تدبر القرآن الكريم
    بسم الله الرحمن الرحيم
    القرآن الكريم كلام الله الذي أنزله الله على خاتم رسله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وقد أنزله الله بلغة العرب لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم فكان تشريفاً للعرب كما قال تعالى
    : ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 44].





    وجعله معجزاً في البيان حتى يكون معجزة دائمة للرسول، قال تعالى
    :﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 23، 24].


    وقد تكفل الله بحفظه كما قال تعالى
    : ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]



    فلا يستطيع جبار أن يبدله أو يزيد فيه أو ينقص منه كما جاء في الحديث [وأنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء] (رواه مسلم)
    وجعله سبحانه وتعالى ميسراً للحفظ والفهم فقال تعالى

    ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17]، وأمرنا بتدبُّره، فقال - تعالى -: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]، وجمع الله - سبحانه وتعالى - فيه أحكام كل شيء، قال - تعالى -: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89].



    ولما كان كثير من المسلمين قد أعرضوا عن القرآن فهماً وتدبراً وعملاً، وكان كثير ممن يقرؤه لا يعرف كيف يتدبر القرآن، ويفهمه على النحو الصحيح فإنني أحببت أن أجمع قواعد الفهم لكتاب الله اسأل الله أن ينفع بها
    .
    أولاً
    : وجوب تعلم لغة العرب:


    وجوب تعلم لغة العرب، وفهم معاني كلامهم وطرائقهم في التعبير، وأساليبهم في البيان، فإن القرآن عربي، وقد نزل بهذه اللغة، ووفق أساليب العرب في البيان، واشتمل على معظم إبداع العرب في كلامهم، فاستخدم التشبيه، وضرب الأمثال، والتقديم لأغراض بيانية، وكذلك الحذف والإيجاز والإطناب في مواضعه لأغراض بيانية، وكذلك الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، والعكس لأغراض بيانية، وكذلك التعريف والتنكير لأغراض بيانية من التعظيم والتحقير، وكذلك الاستهزاء كقوله تعالى﴿ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ ﴾ [النساء: 138]، و﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾ [الدخان: 49].

    وكذلك من لا يعرف معاني ألفاظ الكلمات العربية، ومفردات اللغة لا يعرف المقصود الحقيقي بالإيمان، والعلم، واليقين، والظن، والصوم، والصلاة، والزكاة، والحج، والجهاد، والولاء والبراء، وسائر كلام العرب الذي نزل به القرآن

    ومن لا يعرف طرائق العرب في البيان فإنه لا يستطيع أن يفرق بين
    ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ ونعبدك، ﴿ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ ونستعين بك. ولا بين ﴿ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ ﴾ [النحل: 26]، وبين قوله: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22].


    والخلاصة انه يجب معرفة كلام العرب في معاني مفرداتها، وقواعدهم، وأساليبهم في البيان، وهذا ما تتضمنه اليوم معاجم اللغة، وعلم النحو والصرف، وعلم البلاغة
    .
    فيجب علي المسلم المريد تدبر القرآن أن يكون على قدر من هذه العلوم، وإلا جهل الأساس الذي يفهم به القرآن
    ..
    ثانياً
    : دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم:


    دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ومعرفة أخلاقه وشمائله والإلمام بأقواله وأفعاله وذلك أن الرسول فسر القرآن بقوله، وأقامه بعمله وخلقه صلى الله عليه وسلم
    .
    وقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم هو المثال الكامل للإنسان الكامل الذي يحبه الله ويريد من كل مؤمن أن يُبْنَى علي غِراره كما قال تعالي ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]،
    ولما سئلت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن خلق الرسول صلي الله عليه وسلم قالت
    [كان خلقه القرآن] (رواه مسلم).


    ولذلك فمحاولة تدبر القرآن بعيداً عن دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ستكون محاولة ناقصة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو المثال الواقعي القائم لكتاب الله سبحانه وتعالى
    : ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾ [الشورى: 52، 53].


    ثالثاً
    : أخذ بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن:


    معرفة السنن القولية والعملية التي بَيَّنَ الرسول صلى الله عليه وسلم بها الكتاب فإن القرآن قد جعل الله بيانه لرسوله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى:﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44].


    فالطهارة والصلاة والصوم، والزكاة، والحج، وسائر العبادات المأمور بها في القرآن لا يمكن معرفة أحكامها وحدودها إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم
    .


    رابعاً
    : معرفة أسباب النزول:


    معرفة أسباب النزول
    وذلك أن القرآن نزل منجماً بحسب الوقائع والأحداث، فجاء بعضه إجابة عن سؤال، أو رداً لشبهة قيلت، كما قال تعالى: ﴿ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾ [الفرقان: 33]. وجاء كذلك بياناً وتعليقاً على وقائع..


    فالآيات النازلة في بدر وأحد، وسائر الغزوات التي نزل فيها قرآن لا تفهم فهماً سليماً إلا بمعرفة وقائع هذه الغزوات
    . وإلا فكيف يفهم قارئ فهماً صحيحاً قوله تعالى:﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ﴾ [آل عمران: 139، 140]، إلا إذا عرف ما أصيب به المسلمون يوم أحد من القتل والجراحة..


    ووقوف أبي سفيان شامخاً على رأس المسلمين بعد نهاية المعركة يقول
    : (اعل هبل!!).. (لنا العزى ولا عزى لكم).. (أفيكم محمد!!أفيكم أبو بكر!! أفيكم عمر!! أما هؤلاء فقد قتلوا). (رواه أحمد والبخاري)


    وكذلك لا تفهم آيات سورة النور في شأن سبب نزول هذه الآيات وهكذا
    .


    خامساً
    : الإكثار من النظر في كتب التفاسير:


    دراسة أقوال السلف من المفسرين لكتاب الله وعلى رأسهم ابن عباس ترجمان القرآن، ومعلمه لعدد من التابعين، وذلك أن ابن عباس حفظه صغيراً، وتتبع أسباب نزوله، وجمع ذلك من كبار الصحابة، وآتاه الله فهماً فيه بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم
    : [اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل].. (متفق عليه) فكان ترجماناً لكتاب الله، وكذلك ابن مسعود، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن عمرو بن العاص.


    فإن هؤلاء نقلت أقوالهم عن طريق تلاميذ أخذوا عنهم، وهؤلاء أخذوا عن كبار الصحابة كالشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وعثمان بن عفان رضي الله عنه، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأبي موسى الأشعري رضي الله عنه وأبي بن كعب رضي الله عنه، وغيرهم
    ..


    ففهم آيات القرآن وفق تفسير السلف الصالح من الصحابة والتابعين لا محيد عنه، لمن أراد أن يفهم عن الله سبحانه وتعالى فإن هؤلاء عاصروا التنزيل، وكانوا أعلم الناس بكلام العرب، وشاهدوا كيفية تطبيق القرآن
    .


    سادساً
    : دراسة تفاسير أهل العلم:


    الإكثار من النظر والقراءة في تفسير أهل العلم من العلماء، والمفسرين الذين فهموا القرآن وفق الأصول السابقة، وآتاهم الله فهماً في القرآن فإن القرآن لا تزال عجائبه، وإن الفهم فيه يظل أبداً ما دام القرآن في الأرض كما جاء في حديث علي بن أبي طالب عندما سأله سائل فقال له
    : "هل خصكم رسوا الله بشيء؟" أي أنتم وأهل بيته. فقال: "لا والذي برأ النسمة وفلق الحبة، ما خصنا رسول الله بشيء إلا ما في هذه الصحيفة، وأخرجها فإذا فيها أسنان الإبل، وفهما في كتاب الله يؤتيه الله من يشاء" (متفق عليه)، ولا يزال هذا الفهم ما بقي القرآن والإيمان.


    سابعاً
    : العكوف عليه والانقطاع إليه للنظر والتأمل والتفكر والتدبر:


    العكوف على القرآن، والقيام به آناء الليل وأطراف النهار، والتفكر في آياته، وتدبر معانيه ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ [سبأ: 46]،

    فإذا جلس الإنسان وحده وتفكر في آيات الله انفتح له فيها باب عظيم للفهم والعلم واليقين
    .


    ثامناً
    : إثارة القرآن:


    مدارسة القرآن، وذلك أن القرآن كالمسك المختوم إذا أثرته ونَقَّبْتَ فيه فاح عطره، وانتشر شذاه ولذلك كان السلف يوصون قائلين
    : "أثيروا القرآن" وإثارته هو بالإجتماع عليه وتشقيق السؤال حول آياته، ومدارسته.


    وقد جاء في الحديث
    [ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده] (رواه أحمد والبخاري].


    فمدارسة القرآن تصنع العجب في إثارة معانيه واستخراج كنوزه
    .. وقد رأيت أنا كاتب هذه السطور من هذا عجباً.


    تاسعاً
    : إنزال القرآن على الواقع:


    القرآن قول متجدد لا تزال تتحقق آياته كل يوم لأنه ليس وصفاً لحدث مضى وانتهى وإنما هو حكم الله على الناس والأحداث
    ..


    وقضية البشر الأساسية هي الإيمان والكفر، والموقف من الرسالات، وهذه القضية لا يتغير فيها إلا الوجوه فقط، وإلا فالأحداث والوقائع واحدة
    .


    بل والكلمات واحدة ﴿ مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ [فصلت: 43]، و﴿ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ ﴾ [الذاريات: 52، 53]، فقصة كل رسول واحدة.

    رسول يأتي بالهدى من ربه فيدعو إلى مؤمن وكافر، ويقوم الصراع، ويداول الله الأيام بينه وبين عدوه، ثم تكون العاقبة بهلاك الظالمين وبالنصر والتمكين للمؤمنين
    ..


    وهكذا الشأن مع كل رسول؛ اختلفت أسماؤهم وأزمانهم وأقوامهم، واتحدت دعوتهم، وتطابقت كلمات مناوئيهم، وتشابهت قلوبهم
    .


    وكان الإيمان كذلك واحداً
    .. اختلفت أسماء المؤمنين لكنهم كانوا في كل عصر على قلوب وأعمال واحدة ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92].


    وهكذا يبقى وصف الله للكفار في عصر الرسالة هو وصفه للكفار اليوم، ويعيش عبدالله بن سلول رأس المنافقين ويموت في المدينة ولكن أشباهه في النفاق يظهرون في كل جيل ودعوة
    .


    ويصفهم الله في القرآن﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 8]


    وكما يمضي بلال وعمار وصهيب فإنه يبقى أشباههم من أهل الإيمان يعذبون طالما بقيت فتنة في الأرض، ويبقى وصف الله لهؤلاء في القرآن ماثلاً وقائماً وواقعاً ﴿ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ﴾ [الحج: 40].

    وهكذا لا يفهم القرآن حياً غضاً طرياً، إلا من أنزله على الواقع المعاصر فعرف كفار زمانه، وفراعنة أقوامه، وأهل النفاق في بلده، وأهل الإيمان الذين هم أهله حقاً وصدقاً
    ..


    ومع هذا فيجب الحذر من إنزال القرآن على غير منازله، فمن أنزل آيات المؤمنين في الكافرين أو العكس، أو جعل المؤمنين الصالحين هم المنافقون الكافرون ضل ولم يهتد ووضع القرآن في غير مواضعه، وهذا باب عظيم ضل فيه من ضل ممن حجب الله نور القرآن عن أبصارهم، وهذا الباب أعني إنزال آيات القرآن منازله الصحيحة، وفقه الواقع على ضوء الكتاب هو ثمرة القواعد السابقة جميعها وهو ثمرة الهداية والتوفيق﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 40].
    :

    عاشراً
    : أخذ القرآن للعلم والعمل:


    لا تخالط بشاشة القرآن القلب إلا من أخذه للعلم والعمل، وهذا هو الإيمان وأما من أخذه للعلم فقط دون العمل فإنه يوفق إلى الإيمان بل يكون حجة عليه، ويغلق قلبه دونه عياذاً بالله
    . فكم ممن قرؤا القرآن ودرسوه وحفظوه، ولم تخالط بشاشة الإيمان به قلوبهم، ولا رفعوا رأساً به، وهؤلاء يكون القرآن حجة عليهم لا لهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: [والقرآن حجة لك أو عليك] (رواه مسلم)


    كم من أوعية حفظت القرآن ولم تهتد به عياذاً بالله، وكم من منافقين وكفار علموا آياته وكذبوا بها
    ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].
    حادي عشر
    : التسليم لله عند متشابهة:


    القاعدة الحادية عشرة هي وجوب التسليم لله عند متشابه القرآن، والعلم أن القرآن كله من الله سبحانه وتعالى، وأنه نزل يصدق بعضه بعضاً، ولا يخالف بعضه بعضاً، وأنه لا اختلاف بين آياته، ولا اضطراب في أحكامه بل هو كتاب قد ﴿ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود: 1


    ووجود المتشابه فيه الذي لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم إنما هو لابتلاء الإيمان، ولتفاضل أهل العلم فيه، وعلى المؤمن إذا رأى المتشابه من آياته أن يقول﴿ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾ [آل عمران: 7]
    :

    وأهل العلم به يردون ما تشابه منه إلى محكمه، وأما أهل الزيغ والغواية فإنهم كما قال تعالى: ﴿ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ [آل عمران: 7].
    :

    اللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك أنزلته في كتاب أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء همومنا وأحزاننا، اللهم علمنا منه ما جهلنا، وذكرنا من ما نسينا، وارزقنا القيام به آناء الليل وأطراف النهار
    ..


    اللهم اجعلنا ممن ورثته القرآن علماً وعملاً اللهم يا معلم القرآن علمناه إياه، اللهم يا منزل الكتاب اجعلنا من أهله اللهم صل على عبدك ورسولك محمد الذي قرأ باسمك، وعلم لك
    .


    والحمد لله رب العالمين في البدء والختام،،
    *******************


    القواعد الذهبية لحفظ القرآن الكريم
    بسم الله الرحمن الرحيم
    القرآن كتاب الله الخالد المعجز المنزل على عبده ورسوله وخاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم والذي أذن الله بحفظه من أن يغير أو يبدل، أو يزاد فيه، أو ينقص منه
    : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر:9 وهو الكتاب الذي بين أيدينا في مشارق الأرض ومغاربها، الكتاب الذي تلقاه الرسول من جبريل، وجبريل من رب العزة تبارك وتعالى، والذي علمه رسوله الله إلى أصحابه الأطهار، وحمله الدين السفرة البررة الكرام، والذي جمعه الصديق بإشارة الفاروق، ودونه ذو النورين عثمان، وأجمعت الأمة المسلمة عليه.


    هذا الكتاب هو دستور المسلمين وشريعتهم وصراطهم المستقيم، وحبل الله المتين، وهدايته الدائمة وموعظته إلى عباده، آية صدق رسوله الباقية إلى آخر الدنيا، وهو سبيل عز المسلمين في كل العصور والدهور، ولما كان القرآن كذلك تعبدنا الله بتلاوته، وجعل خيرنا من تعلمه وعلمه، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قرا حرفاً واحداً منه كان له به عشر حسنات
    . (رواه الترمذي والدارمي وصححه الألباني في الصحيحة 2327).


    وان من قرأ وهو يتعتع فيه فله أجران، ومن كان ماهراً به كان من السفرة الكرام البررة من الملائكة يوم القيامة
    (متفق عليه)، وأن قارئ القرآن الحافظ له يقال له يوم القيامة: {اقرأ وأرق ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها} (رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع 8122)


    فلا يزال يرقى في منازل الجنة حتى ينتهي آخر حفظه، وهذه منزلة عظيمة ليست لأحد إلا لحافظ القرآن
    .


    ولما كان هذا فضل حفظ القرآن فإني أحببت أن أضع بين يدي إخواني بعض القواعد العامة التي تساعدهم في حفظ القرآن ولينالوا هذه المنزلة العظيمة أو بعضهاً منها، وما لا يدرك كله فلا بأس بإدراك بعضه أو جله، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم
    .


    القاعدة الأولى
    : الإخلاص:


    وجوب إخلاص النية، وإصلاح القصد، وجعل حفظ القرآن والعناية به من أجل الله سبحانه وتعالى والفوز بجنته وحصول مرضاته، ونيل تلك الجوائز العظيمة لمن قرأ القرآن وحفظه، قال تعالى
    : {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ }الزمر:2. وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ }..الزمر:11 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [قال الله تعالى "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه} (رواه مسلم)


    فلا أجر ولا ثواب لمن قرأ القرآن وحفظه رياء أو سمعة، ولا شك أن من قرأ القرآن مريداً الدنيا طالباً به الأجر الدنيوي فهو آثم
    .


    القاعدة الثانية
    : تصحيح النطق والقراءة:


    أول خطوة في طريق الحفظ بعد الإخلاص هو وجوب تصحيح النطق بالقرآن، ولا يكون ذلك إلا بالسماع من قارئ مجيد أو حافظ متقن، والقرآن لا يؤخذ إلا بالتلقي، فقد أخذه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أفصح العرب لساناً من جبريل شفاهاً، وكان الرسول نفسه يعرض القرآن على جبريل كل سنة مرة واحدة في رمضان، وعرضه في العام الذي توفي فيه عرضتين
    . (متفق عليه)


    وكذلك علمه الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه شفاهاً وسمعه منهم بعد أخذ القرآن مشافهة من قارئ مجيد، وتصحيح القراءة أولاً بأول، وعدم الاعتماد على النفس في قراءة القرآن حتى لو كان الشخص ملماً بالعربية وعليماً بقواعدها، وذلك إن في القرآن آيات كثيرة قد تأتي على خلاف المشهور من قواعد العربية
    .


    القاعدة الثالثة
    : تحديد نسبة الحفظ كل يوم:


    يجب على مريد حفظ القرآن أن يحدد ما يستطيع حفظه في اليوم
    : عدداً من الآيات مثلاً، أو صفحة أو صفحتين من المصحف أو ثمناً للجزء وهكذا، فيبدأ بعد تحديد مقدار حفظه وتصحيح قراءته بالتكرار والترداد، ويجب أن يكون هذا التكرار مع التغني، وذلك لدفع السآمة أولاً، وليثبت الحفظ ثانياً. وذلك أن التغني بإيقاع محبب إلى السمع يساعد على الحفظ، ويعود اللسان على نغمة معينة فتتعرف بذلك على الخطأ رأساً عندما يختل وزن القراءة والنغمة المعتادة للآية، فيشعر القارئ أن لسانه لا يطاوعه عند الخطأ، وأن النغمة اختلت فيعاود التذكر، هذا إلى جانب أن التغني بالقرآن فرض لا يجوز مخالفته لقوله صلى الله عليه وسلم: [من لم يتغن بالقرآن فليس منا] (رواه البخاري)..


    القاعدة الرابعة
    : لا تجاوز مقررك اليومي حتى تجيد حفظه تماماً:


    لا يجوز للحافظ أن يتنقل إلى مقرر جديد في الحفظ إلا إذا أتم تماماً حفظ المقرر القديم وذلك ليثبت ما حفظه تماماً في الذهن، ولا شك إن ما يعين على حفظ المقرر أن يجعله الحافظ شغله طيلة ساعات النهار والليل، وذلك بقراءته في الصلاة السرية، وإن كان إماماً ففي الجهرية، وكذلك في النوافل، وكذلك في أوقات انتظار الصلوات، وفي ختام الصلاة، وبهذه الطريقة يسهل الحفظ جداً ويستطيع كل أحد أن يمارسه ولو كان مشغولاً بأشغال كثيرة لأنه لن يجلس وقتاً مخصوصاً لحفظ الآيات وإنما يكفي فقط تصحيح القراءة على القارئ، ثم مزاولة الحفظ في أوقات الصلوات، وفي القراءة في النوافل والفرائض وبذلك لا يأتي الليل إلا وتكون الآيات المقرر حفظها قد ثبتت تماماً في الذهن، وإن جاء ما يشغل في هذا اليوم فعلى الحافظ ألا يأخذ مقرراً جديداً بل عليه أن يستمر يومه الثاني مع مقرره القديم حتى يتم حفظه تماماً
    .


    القاعدة الخامسة
    : حافظ على رسم واحد لمصحف حفظك:


    مما يعين تماماً على الحفظ أن يجعل الحافظ لنفسه مصحفاً خاصاً لا يغيره مطلقاً وذلك أن الإنسان يحفظ بالنظر كما يحفظ بالسمع، وذلك أن صور الآيات ومواضعها في المصحف تنطبع في الذهن مع كثرة القراءة والنظر في المصحف فإذا غير الحافظ مصحفه الذي يحفظ فيه، أو حفظ من مصاحف شتى متغيرة مواضع الآيات فإن حفظه يتشتت، ويصعب عليه الحفظ جداً، ولذلك فالواجب أن يحافظ حافظ القرآن على رسم واحد للآيات لا يغيره
    . القاعدة السادسة: الفهم طريق الحفظ: من أعظم ما يعين على الحفظ فهم الآيات المحفوظة ومعرفة وجه ارتباط بعضها ببعض.


    ولذلك يجب على الحافظ أن يقرأ تفسيراً للآيات التي يريد حفظها، وأن يعلم وجه ارتباط بعضها ببعض، وأن يكون حاضر الذهن عند القراءة وذلك لتسهل عليه استذكار الآيات، ومع ذلك فيجب أيضاً عدم الاعتماد في الحفظ على الفهم وحده للآيات بل يجب أن يكون الترديد للآيات هو الأساس، وذلك حتى ينطلق اللسان بالقراءة وإن شت الذهن أحياناً عن المعنى وأما من اعتمد على الفهم وحده فإنه ينسى كثيراً، وينقطع في القراءة بمجرد شتات ذهنه، وهذا يحدث كثيراً وخاصة عند القراءة الطويلة
    .


    القاعدة السابعة
    : لا تجاوز سورة حتى تربط أولها بآخرها:


    بعد تمام سورة ما من سور القرآن لا ينبغي للحافظ أن ينتقل إلى سورة أخرى إلا بعد إتمام حفظها تماماً، وربط أولها بآخرها، وأن يجري لسانه بها بسهولة ويسر، ودون إعناء فكر وكد في تذكر الآيات، ومتابعة القراءة، بل يجب أن يكون الحفظ كالماء، ويقرأ الحافظ السور دون تلكؤ حتى لو شت ذهنه عن متابعة المعاني أحياناً، كما يقرأ القارئ منا فاتحة الكتاب دون عناء أو استحضار، وذلك من كثرة تردادها، وقراءتها، ومع أن الحفظ لكل سور القرآن لن يكون كالفاتحة إلا نادراً، ولكن القصد هو التمثيل، والتذكير بأن السورة ينبغي أن تكتب في الذهن وحدة مترابطة متماسكة، وألا يجاوزها الحافظ إلى غيرها إلا بعد اتقان حفظها
    .


    القاعدة الثامنة
    : التسميع الدائم:


    يجب على الحافظ ألا يعتمد على حفظه بمفرده، بل يجب أن يعرض حفظه دائماً على حافظ آخر، أو متابع في المصحف، حبذا لو كان هذا مع حافظ متقن، وذلك حتى ينبه الحافظ بما يمكن أن يدخل في القراءة من خطأ، وما يمكن أن يكون مريد الحفظ قد نسيه من القراءة وردده دون وعي، فكثير ما يحفظ الفرد منا السورة خطأ، ولا ينتبه لذلك حتى مع النظر في المصحف لأن القراءة كثيراً ما تسبق النظر، فينظر مريد الحفظ المصحف ولا يرى بنفسه موضع الخطأ من قراءته، ولذلك فيكون تسميعه القرآن لغيره وسيلة لاستدراك هذه الأخطاء، وتنبيهاً دائماً لذهنه وحفظه
    .


    القاعدة التاسعة
    : المتابعة الدائمة:


    يختلف القرآن في الحفظ عن أي محفوظ آخر من الشعر أو النثر، وذلك أن القرآن سريع الهروب من الذهن، بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
    : [والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها] (متفق عليه)


    فلا يكاد حافظ القرآن يتركه قليلاً حتى يهرب منه القرآن وينساه سريعاً، ولذلك فلا بد من المتابعة الدائمة والسهر الدائم على المحفوظ من القرآن، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم
    : [إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت] (متفق عليه) وقال أيضاً: [تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصياً من الإبل في عقلها] (متفق عليه)


    وهذا يعني أنه يجب على حافظ القرآن أن يكون له ورد دائم أقله جزء من الثلاثين جزءاً من القرآن كل يوم، وأكثره قراءة عشرة أجزاء لقوله صلى الله عليه وسلم
    : [لا يفقه القرآن في أقل من ثلاث] (رواه أبو داود بهذا اللفظ، وأصله في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمرو)


    وبهذه المتابعة الدائمة، والرعاية المستمرة يستمر الحفظ ويبقى، ومن غيرها يتفلت القرآن
    .


    القاعدة العاشرة
    : العناية بالمتشابهات:


    القرآن متشابه في معانيه وألفاظه وآياته
    . قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} الزمر:23


    وإذا كان القرآن فيه نحواً من ستة آلاف آية ونيف فإن هناك نحواً من ألفي آية فيها تشابه بوجه ما قد يصل أحياناً حد التطابق أو الاختلاف في حرف واحد، أو كلمة واحدة أو اثنتين أو أكثر
    .


    لذلك يجب على قارئ القرآن المجيد أن يعتني عناية خاصة بالمتشابهات من الآيات، ونعني بالتشابه هنا التشابه اللفظي، وعلى مدى العناية بهذا المتشابه تكون إجادة الحفظ، ويمكن الاستعانة على ذلك بكثرة الاطلاع في الكتب التي اهتمت بهذا النوع من الآيات المتشابهة ومن اشهرها
    :
    1) درة التنزيل وغرة التأويل – بيان الآيات المتشابهات في كتاب الله العزيز – للخطيب الإسكافي.
    2) أسرار التكرار في القرآن – لمحمود بن حمزة بن نصر الكرماني.


    القاعدة الحادية عشر
    : اغتنم سني الحفظ الذهبية:


    الموفق حتماً من اغتنم سنوات الحفظ الذهبية من سن الخامسة إلى الثالثة والعشرين تقريباً فالإنسان في هذه السن تكون حافظته جيدة جداً بل هي سنوات الحفظ الذهبية فدون الخامسة يكون الإنسان دون ذلك وبعد الثالثة والعشرون تقريباً يبدأ الخط البياني للحفظ بالهبوط ويبدأ خط الفهم والاستيعاب في الصعود، وعلى الإنسان أن يستغل سنوات الحفظ الذهبية في حفظ كتاب الله أو ما استطاع من ذلك
    . والحفظ في هذا السن يكون سريعاً جداً، والنسيان يكون بطيئاً جداً بعكس ما وراء ذلك حيث يحفظ الإنسان ببطء وصعوبة، وينسى بسرعة كبيرة ولذلك صدق من قال: "الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر، والحفظ في الكبر كالنقش على الماء"..


    فعلينا أن نغتنم سنوات الحفظ الذهبية، إن لم يكن في أنفسنا ففي أبنائنا وبناتنا
    . ********


    قواعد في أحكام وآداب الفتح على الإمام


    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين، وبعد:
    فهذه مجموعةٌ من الأحكام والآداب لمَن يريد أن يفتح على إمامه في الصلاة، جمعتُها ورتبتها لما رأيتُ الحاجة إليها، خاصة وأن كثيرًا من الأئمة والمأمومين قد يعرِّضُ صلاته للبطلان بمخالفة هذه الأحكام والخروج عن هذه الآداب:
    1- الصحيح من أقوال أهل العلم أنه يجوز الفتح على الإمام إذا نسي آية؛ لِمَا رواه الإمام أحمد - رحمه الله - وأبو داود - رحمه الله - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلَّى فترك آية، فقال له رجل: يا رسول الله، آيةُ كذا وكذا؟ قال: ((فهلاَّ ذكرتَنيها؟))؛ (رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني في الصحيحة 802).

    ولِمَا رواه أبو داود أيضًا عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلَّى صلاة فقرأ فيها فتلبس عليه، فلما انصرف قال لأُبَي: ((أصلَّيت معنا؟))، قال: نعم، قال: ((فما منعك؟!))؛ (رواه أحمد وأبو داود، وحسَّنه الألباني في الصحيحة 803).
    وقد روى البيهقي عن أنس - رضي الله عنه - قولَه: "كنا نفتحُ على الأئمة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم".

    وروى البيهقي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "إذا استطعمك الإمام فأطعمه"؛ يعني: الفتح عليه، وجاء عن عدد من الصحابة والتابعين استحبابُ الفتح على الإمام.
    2- ويجب أن تكون نيَّة مَن يفتح على الإمام تذكيرَه إذا نسي، أو تصحيحَ ما أخطأ فيه، وأما إن نوى القراءة، فإن صلاته تبطل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟))، قلنا: نعم، هَذًّا يا رسول الله! قال: ((لا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها))؛ (قال الألباني: رواه البخاري في جزء القراءة، وأحمد، وأبو داود، وحسنه الترمذي والدارقطني).
    3- ولا يجوز المبادرة بالفتح على الإمام إذا سكت إلا إذا عُلِم أن سكوته من أجل نسيان، وأمَّا إذا سكت عند آيةِ رحمةٍ ليدعو، أو آية عذاب ليدعو، فإنه لا يبادر؛ لحديث حذيفة قال: "صلَّيت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلتُ: يركعُ عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مسترسلاً، إذا مر بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ"؛ (رواه مسلم).
    (ومعنى مسترسلاً؛ أي: متمهلاً)، وكذلك إذا سكت لالتقاط نَفَسه، أو لاستحضار ذهنه، فإنه لا يُبَادر بالفتح؛ ولذلك قال علماء الحنفية: "ينبغي للمأموم ألا يعجلَ الإمام بالفتح، ويكره له المبادرة بالفتح"؛ (فتح القدير 1/283).
    وكذلك قد يكون سكوتُ الإمام من أجل نخامة، أو جفاف حلق، أو انقطاع نَفَس، فالواجب إمهاله، وعدم مبادرته.
    4- ولا يجوز لمن يصحِّح آيةً يرى أن الإمام أخطأ فيها أن يبادرَ بتصحيحِها، إلا إذا كان على ثقةٍ من حفظه، ومخالفة الإمام للصواب، فإن القرآن معظمه متشابهٌ في اللفظ.
    وقد يأتي التشابه في آية بكاملها؛ كقوله -تعالى-: ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 134، 141]، وكقوله -تعالى-: ﴿ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن: 16].
    وقد يكون باختلافٍ في بعض الحروف؛ كقوله -تعالى-: ﴿ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [البقرة: 48]، وقوله -تعالى-: ﴿ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [البقرة: 123].
    وقد يكون في التقديم والتأخير؛ كقوله -تعالى-: ﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى ﴾ [القصص: 20]، وكقوله -تعالى-: ﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى ﴾ [يس: 20]، و...، وكثيرًا ما ينبري للردِّ والتصحيح مَن لا يكون على علم دقيق بالحرف الصحيح، فيفسد على القارئ قراءته، ويتسبَّب في التشويش والتعويق.
    5- ولا يجوز الردُّ والتصحيح للإمام إذا كان الإمام مجيدًا وعلى علمٍ بالقراءات، فقد يقرأ بقراءة غير ما يحفظه المأموم، كأن يقرأ الإمام بقراءة ورش، والمأموم لا يعلم إلا قراءة حفص مثلاً، ومعنى هذا أنه لا يجوز لمن يصحِّح للإمام أن يردَّ إلا إذا عَلِم يقينًا أن الحرف الذي أخطأ فيه الإمام ليس حرفًا متواترًا، أو علم أن الإمام لا يعرف إلا قراءة واحدة من القراءات المتواترة، وبذلك يكون تجاوزه عنها خطأً، والدليل على ذلك ما رواه الإمام البخاري بإسناده إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: "سمعتُ هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقرأَنِيها، وكدتُ أن أعجل عليه، ثم أمهلتُه حتى انصرف، ثم لببتُه بردائه فجئتُ به رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: إني سمعتُ هذا يقرأ على غير ما أقرأتَنيها، فقال لي: ((أرسله))، ثم قال له: ((اقرأ))، فقرأ: قال: ((هكذا أنزلت))، ثم قال لي: ((اقرأ))، فقرأت، فقال: ((هكذا أنزلت، إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا منه ما تيسَّر))؛ (متفق عليه).
    وفي هذا الحديث من الفقه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أقرَّ عمر على سكوته، وقد سمع قراءة مخالفة لما تعلَّمه، ولم يردَّ على هشام بن حكيم حتى انتهى من صلاته، وأن كل حرف من القرآن كان ثابتًا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قُرِئ به، ولا يجوز إنكاره على مَن قرأ به.
    ومعلوم أن عثمان - رضي الله عنه - جمع الناس على حرفٍ واحد حتى لا يختلفوا في القرآن، وقد أجمع المسلمون على ذلك، وبقي الاختلاف في القراءة فيما يحتملُه رسم المصحف العثماني، ونقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تواترًا.
    6- الذي له الحق في الردِّ على الإمام هو الذي يصلي بجواره، أو الذي يليه من خلف ظهره، وأما مَن كان في مكان بعيد عن الإمام، فإنه لا يجوز له الفتح على الإمام، وأمَّا إذا أيقن المأموم أن صوته لا يصل إلى الإمام، فإنه يحرم عليه الفتح والرد.
    7- لا يجوز أن يتولَّى الردَّ والتصحيح والفتح على الإمام أكثرُ من واحد في وقت واحد؛ لأن هذا يؤدِّي إلى اختلاط الأصوات والتشويش على الإمام والمصلِّين، ويجب أن يتركَ الأقل حفظًا وعلمًا لمَن هو أحفظ منه وأعلم.
    8- لا يجوز للمرأة إذا صلَّت خلف الرجال أن تفتح على الإمام، ولا أن تصحِّح له، وهذا مما لا خلاف فيه؛ وذلك أنها مُنِعت من التسبيح تنبيهًا للإمام لئلاَّ يخرج صوتها في الصلاة، فمن باب أولى الفتح عليه، والله أعلم.
    9- لا يجوز للمأموم أن يحملَ مصحفًا لمتابعة الإمام والتصحيح له، وذلك أنه في صلاة، وليس في تعليم وتعلم، ثم إن الحركة بحمل المصحف، وفتحه عند القراءة وإغلاقه بعد ذلك ينافي عمل الصلاة، والله أعلم.
    وأما ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا عيسى بن طهمان قال: حدثني ثابت البناني قال: "كان أنسٌ يصلِّي وغلامه يمسكُ المصحف خلفه، فإذا تعايا في آية فتح عليه"، فإنه ليس في هذا الأثر أن غلام أنس كان يصلِّي معه.
    وكان أنس بن مالك - رضي الله عنه - قد كبرت سنُّه وعَمِي، ولعله كان يصلِّي وحدَه في منزله، فكان يفعل ذلك حتى يتابعَ القراءة وهو في الصلاة، وهذا يخالف ما يفعله كثير من الناس اليوم؛ حيث ينشرون مصاحفهم وهم وقوف في الصلاة خلف إمامهم، وهذا أشبه بفعل أهل الكتاب منه بصلاة أهل الإسلام، والله أعلم.
    10- يجب أن تكون نية مَن يفتح على الإمام أو يصوِّب خطأه أنه يفعلُ ذلك إخلاصًا لله وتعبدًا له، وأمَّا إذا كان يفعله رياءً وسُمْعَة ليرى الناس أنه حافظ، فإنه بهذا يُحبِط أجره، وقد تبطل صلاته تبعًا لذلك.




    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 22-08-2014, 11:49 PM. سبب آخر: تشكيل الآيات والتنسيق
    ¬°|منتديات الطريق الى الله.. لاندعي القمـه ولكن .. نسعى للوصول إليها |•°¬




  • #2
    رد: القواعد الذهبية في حفظ القرآن وتدبره والفتح على الإمام

    جزاكم الله خيرا اخى

    ولكنى ادعوك الى مزيدا من التنسيق فى موضوعك وان تقسمه على اجزاء حتى يسهل المتابعة والقراءة


    ولى سؤال؟.
    هل انت من الاشبال اى سنك اقل من 16 سنة ؟

    بارك الله فيك
    اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً

    تعليق


    • #3
      رد: القواعد الذهبية في حفظ القرآن وتدبره والفتح على الإمام

      السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

      اختيار موفق .

      أثابنا الله وإياكم الفردوس الأعلى من الجنة

      ينقل إلى القسم المناسب

      تعليق


      • #4
        رد: القواعد الذهبية في حفظ القرآن وتدبره والفتح على الإمام

        جزاكم الله خيرًا، ونفع الله بكم

        تعليق


        • #5
          رد: القواعد الذهبية في حفظ القرآن وتدبره والفتح على الإمام

          وعليكم السلام ورحمة الله وبر كاته حياكى يا أختى الكريمة مشاء الله عليكم وجزاكم الله خيرااوبار ك الله فيكم يا حبييتى جميعا أسئل الله العظيم رب العرش العظيم رب العرش العرش العظيم أن يجعلنى و؟إياكم من أهل الفردوس اللهم امين اللهم لاتكلنى "إلى أ نفسنا طرفة عين اللهم ارزقنا الاخلاص فى القول والعمل اللهم امين اللهم أ؟بعدنا من الرياءءءءءءءءءءءءءء
          دعواتكم لى بختم القران الكريم
          وربنا يوفقنى فى مدرستى

          تعليق


          • #6
            رد: القواعد الذهبية في حفظ القرآن وتدبره والفتح على الإمام

            جزاكم الله خيراً ونفع بكم

            تعليق

            يعمل...
            X