إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقدمة فى اصول التفسير لابن عثيمين....لا يفوتك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقدمة فى اصول التفسير لابن عثيمين....لا يفوتك




    فهرس الكتاب
    * المقدمة
    * في أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن
    * في اختلاف السلف في التفسير
    * في نوعي الاختلاف في التفسيرالمسند إلي النقل وإلي طرق الاستدلال
    * في النوع الثاني : الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال
    * في أحسن طرق التفسير
    * في تفسير القرآن بأقوال التابعين
    * أقرب التفاسير إلي الكتاب والسنة
    * جمع القراءات السبع






    ترجمة موجزة للمؤلف


    * ولد شيخ الإسلام في العاشر من ربيع الأول سنة 661هـ في حران وتحول به أبوه من حران إلي دمشق سنة 667هـ عند استيلاء التتار على البلاد فنشأ فيها .
    * كان أبوه وجده من كبار العلماء في هذه الحقبة .
    * استطاع شيخ الإسلام أن يلم بفنون الثقافة في عصره في وقت مبكر وكان ذا حافظة خارقة فهو يحفظ كل ما يقع تحت عينيه وقد حدثوا في ترجمته بالأعاجيب في ذلك .
    * كان مضرب الأمثال في زهده وترفعه عن شهوات الدنيا وكان مترفعاً عن الحقد ولا ينتقم لنفسه قال فيه ابن مخلوف قاضي المالكية ما رأينا مثل ابن تيمية حرضناً عليه فلم نقدر عليه وقدر علينا فصفح عنا وحاجج عنا .
    · أخذ الفقه والأصول عن والده وسمع من خلق كثيرين
    · من تلاميذه الذين كانوا من بعده من أشهر رجال الإسلام ابن قيم الجوزية والحافظ ابن كثير والإمام الذهبي وغيرهم .
    * تناول شيخ الإسلام علوم عصره بالدرس العميق ثم بالتأليف والرد على مخالفيه ولقد ترك من المؤلفات ما يصل إلي خمسمائة مصنف .
    ومن مؤلفاته الإيمان واقتصاء والصراط المستقيم والفرقان وبيان تلبيس الجهمية والجواب الصحيح ودرء تعارض العقل والنقل وغيرها .
    *ولقد أثنى العلماء والأئمة على هذه الإمام ولقبوه بشيخ الإسلام وأفردوا مناقبه بالتصنيف ولم ينقص منه إلا من جهل مقداره وخطره ومن جهل شيئاً أنكره .
    * ولقد أتصف العلامة بهاء الدين ابن السبكي حيث يقول لبعض من ذكر له الكلام في ابن تيمية فقال والله يا فلان ما يبغض ابن تيمية لا جاهل أو صاحب هوى فالجاهل لا يدري ما يقول وصاحب الهوى يصد هواه عن الحق بعد معرفته له .
    * أدخل السجن آخر مرة في شعبان سنة 726هـ واعتقل بالقلعة ومكث في السجن إلي أن توفاه الله في 26من ذي القعدة سنة 728هـ .
    وكانت جنازته عظيمة جداً وأقل ما قيل في عدد مشيعيه خمسون ألفاً رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن الدين خير ما جزى داعية حق من دعوته .







    رب يسر وأعن برحمتك

    الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً .
    فقد سألني بعض الإخوان أن أكتب له مقدمة تتضمن قواعد كلية تعين على فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه والتمييز في منقول ذلك ومعقوله بين الحق وأنواع الأباطيل والتنبيه على الدليل الفاصل بين الأقاويل فإن الكتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين والباطل والواضح والحق المبين والعلم إما نقل مصدق عن معصوم وإما قول عليه دليل معلوم وما سوى هذا فإما مزيف مردود وإما موقوف لا يعلم أنه بهرج[1] ولامنقود [2] وحاجة الأمة ماسة إلي فهم القرآن الذي هو " حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن ولا يخلق على كثرة الترديد ولا تنقضي عجائبه ولا يشبع منه العلماء من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدي إلي صراط مستقيم ومن تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله [3] قال تعالى ( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى)(طـه: من الآية123) (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طـه:124) (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً) (طـه:125) (قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) (طـه:126) [4] وقال تعالى ( قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ)(المائدة: من الآية15) (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (المائدة:16)
    (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (المائدة:16) 1 وقال تعالى (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (ابراهيم:1) (اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) (ابراهيم: من الآية2) 2 وقال تعالى (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الشورى:52) (صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) (الشورى:53)




    وقد كتبت هذه المقدمة مختصرة بحسب تيسر الله تعالى من إملاء الفؤاد والله الهادي إلي سبيل الرشاد.





    1 البهرج : يقال لكل موصوف بالرداءة انظر أساس البلاغة ص 32




    1 المنقود : الجيد من الدراهم انظر أساس البلاغة ص 469



    2 هذا الكلام هو جزء من حديث سيأتي تخريجه قريباً إن شاء الله تعالى ص 28


    3 سورة طه آية رقم 123- 126

    ) 1 سورة المائدة ، آية رقم / 15- 16

    ( 2 سورة إبراهيم ، آية رقم / 2- 1
    ( 3 سورة الشورى ، آية رقم / 52- 53


    يتبع



    التعديل الأخير تم بواسطة م/ جيهان; الساعة 26-10-2017, 11:29 PM.

    إن مرت الايام ولم تروني فهذه مشاركاتي فـتذكروني
    ، وان غبت ولم تجدوني أكون وقتها بحاجة للدعاء فادعولي

    شفاكِ الله أختنا محبة السلف دعواتكم
    لها بالشفاء العاجل


  • #2
    رد: مقدمة فى اصول التفسير لابن عثيمين....لا يفوتك


    فصل





    في أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن





    يجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه فقوله تعالى (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(النحل: من الآية44)1 يتناول هذا وهذا 2
    وقد قال أبو عبد الرحمن السملي 1 حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل قالوا فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا 2




    وقال أنس : كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد في أعيننا 1 .



    وأقام ابن عمر على حفظ البقرة عدة سنين ، قيل : ثمان سنين ذكره مالك 2



    وذلك أن الله تعالى قال : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِه)3(صّ: من الآية29)



    وقال : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن)(النساء: من الآية82) 1 وقال (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ)2(المؤمنون: من الآية68) وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن 3 .
    وكذلك قال تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (يوسف:2) 4 وعقل الكلام متضمن لفهمه .
    ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه فالقرآن أولى بذلك .



    وأيضاً فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتاباً في فن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم ؟


    ولهذا كان النزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليلاً جداً وهو وإن كان في التابعين أكثر منه في الصحابة فهو


    قليل بالنسبة إلي ما بعدهم وكلما كان العصر أشرف كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه أكثر .
    ومن التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة كما قال مجاهد عرضت المصحف على ابن عباس أوقفه عند كل آية منه وأسلاه عنها 1 .
    ولهذا قال الثوري إذا جاء التفسير عن مجاهد فحسبك به 2
    ولهذا يعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري وغيرهما من أهل العلم وكذلك الإمام أحمد وغيره ممن صنف في التفسير يكرر الطرق عن مجاهد أكثر من غيره .
    والمقصود أن التابعين تلقوا التفسير عن الصحابة كما تلقوا عنهم علم السنة وإن كانوا قد يتكلمون في بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال كما يتكلمون في بعض السنن بالاستنباط والاستدلال




    ( 1 سورة النحل ، آية رقم / 44




    (2 قال البغوي في تفسيره 3/70 " أراد بالذكر الوحي وكان النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً للوحي وبيان الكتاب يطلب من السنة " هـ .




    وقال الأولسي في تفسيره 14/ 150 (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ) كافة ويدخل فيهم أهل مكة دخولاً أولياً (مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) في ذلك الذكر من الأحكام والشرائع وغير ذلك من أحوال القرون المهلكة بأفأنين العذاب حسب أعمالهم من أنبائهم عليهم السلام الموجبة لذلك على وجه التفعيل بياناً شافياً كما ينبئ عنه صيغة التفعيل في الفعلين لا سيما بعد ورود الثاني أولاً على صيغة الأفعال وعن مجاهد أن المراد بهذا التبيين تفسير مجمل وشرح ما أشكل إذ هما المحتاجان للتبيين إلي أن قال وقيل المارد به إيقافهم على حسب استعداداتهم المتفاوتة على ما خفي عليهم من أسرار القرآن وعلومه التي لا تكاد تحصى .... " ا هـ .





    = وانظر تفسير الطبري 7/589 ، وتفسير ابن كثير 2/571 .
    وقال ابن عطية في المحرر الوجيز 3/395 " وقوله ( لتبين )
    يحتمل أن يريد لتبين بسردك نص القرآن ما نزل .
    ويحتمل أن يريد لتبين بتفسيرك المجمل وشرحك ما أشكل مما نزل فيدخل في هذا ما بينته السنة من أمر الشريعة وهذا قول مجاهد " ا هـ
    وانظر في هذه المسألة " الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن الكريم " ص 10- 12 .
    (1 ) هو الإمام العلم مقرئ الكوفة عبد الله بن حبيب بن ربيعة الكوفي من أولاد الصحابة مولده في حياة النبي صلى الله عليه وسلم .
    انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 4/267- 271 ، والحلية 4/191- 195 ، وتاريخ بغداد 9/ 430 .



    ( 2) رواه الطبري في تفسيره 1/60 والسمرقندي في تفسيره 1/7 وابن مسعود في الطبقات 6/172 وابن أبي شيبة في المصنف حديث رقم ( 29929 ) 6/ 117 .
    وفي سنده : عطاء بن السائب " صدوق اختلط .



    = ولكن الراوي عنه : حماد بن زيد كما ذكر في السير 4/ 269 ورايته عنه جيدة .
    وتابعه – أيضاً محمد بن الفضل الضبي – عند السمرقندي وجرير عن الطبري _ وراوية جرير عنه بعد الاختلاط انظر الاغتباط ص 82 – 83 .
    وفي باب عن ابن مسعود ، قال : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن .
    رواه الطبري في تفسيره 15/ 60 وسند حسن .
    (1 ) رواه البخاري ( 3617) ومسلم ( 2781 ) ، وأحمد 3/ 120 – 121 245 ، 222 وابن حبان (744) والضحاوي في مشكل الآثار 4/ 240 والبيهقي في إثبات عذاب القبر حديث رقم ( 64 –65 ) ص 66- 68



    ( 2 ) رواه مالك في الموطأ حديث رقم ( 11) 1/ 205 بلاغاً


    ( 3 ) سورة ص ، آية رقم / 29 .


    (1 ) سورة النساء ، آية رقم / 82



    ( 2) سورة المؤمنون ، آية رقم / 68



    ( 3) انظر رسالتي كيف نتدبر القرآن فقد فصلت القول فيها في معنى : الدبر لغة وشرعاً وبينت أهم الوسائل المساعدة على تدبر القرآن .



    (4) سورة يوسف ، آية رقم /2



    = وقال خضيف : كان مجاهد أعلمهم بالتفسير
    وقال قتادة : أعلم من بقي التفسير مجاهد .
    انظر سير أعلام النبلاء 4/ 451 .
    ) 1 ) رواه الطبري في تفسيره 1/65 وأبو نعيم في الحلية 3/379 – 280 وفي سنده محمد بن إسحاق وقد عنعنه عندهما .
    وله طرق أخرى :
    فقد رواه القاسم بن سلام في فصائل القرآن ص 216 وابن أبي شيبة في المصنف حديث رقم ( 30287) 6/154 وأحمد في الفضائل ( 1866) .
    وفي سنده ابن أي نجيح أكثر عن مجاهد وكان يدلس عنه انظر طبقات المدلسين ص 90 .
    رواه أبو نعيم في الحلية 3/280 بفظ ثلاثين عرضة فبهذه الطرق يرتقي السند لدرجة الحسن لغيره . والله أعلم



    ( 2) رواه الطبري في تفسير 1/65 .
    وقال أيضاً : خذوا التفسير من أربعة : مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والضحاك .



    يتبع
    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 13-05-2014, 05:11 PM. سبب آخر: تعديل الخط

    إن مرت الايام ولم تروني فهذه مشاركاتي فـتذكروني
    ، وان غبت ولم تجدوني أكون وقتها بحاجة للدعاء فادعولي

    شفاكِ الله أختنا محبة السلف دعواتكم
    لها بالشفاء العاجل

    تعليق


    • #3
      رد: مقدمة فى اصول التفسير لابن عثيمين....لا يفوتك

      فصل

      في اختلاف السلف في التفسير

      وأنه اختلاف تنوع

      الخلاف بين السلف في التفسير قليل وخلافهم في الأحكام اكثر من خلافهم في التفسير وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلي اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد : وذلك صنفان :
      أحدهما : أن يعبر كل واحد منهما عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى بمنزلة الأسماء المتكافئة التي بين المترادفة والمتباينة كما قيل في اسم السيف : الصارم والمهند وذلك مثل أسماء الله الحسنى وأسماء رسول الله وأسماء القرآن فإن أسماء الله كلها تدل على مسمى واحد فليس دعاؤه باسم من أسمائه الحسنى مضاداً لدعائه باسم آخر بل الأمر كما قال تعالى (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ)(الاسراء: من الآية110)1 وكل اسم من أسمائه يدل على الذات .
      المسماة وعلى الصفة التي تضمنها الاسم كالعليم يدل على الذات والعلم والقدير يدل على الذات والقدرة والرحيم يدل على الذات والحرمة .
      ومن أنكر دلالة أسمائه على صفاته ممن يدعي الظاهر فقوله من جنس قول غلاة الباطنية القرامطة 1 الذين يقولون لا يقال هو حي ولا ليس بحي بل ينفون عنه النقيضين فإن أولئك القرامطة الباطنية لا ينكرون اسماً هو علم محض كالمضمرات وإنما ينكرون ما في أسمائه الحسنى من صفات الإثبات فمن وافقهم على مقصودهم كان مع دعواه الغلو في الظاهر موافقاً لغلاة الباطنية في ذلك وليس هذا موضع بسط ذلك .
      وإنما المقصود أن كل اسم من أسمائه يدل على ذاته وعلى ما في الاسم من صفاته ويدل أيضاً على الصفة التي في الاسم الآخر بطريق اللزوم .
      وكذلك أسماء النبي صلى الله عليه وسلم مثل : محمد ، والماحي والحاشر ، والعاقب 1.
      وكذلك أسماء القرآن مثل القرآن والفرقان والهدى والشفاء والبيان والكتاب وأمثال ذلك .
      فإن كان مقصود السائل تعين المسمى عبرنا عنه بأي اسم كان إذا عرف مسمى هذا الاسم وقد يكون الاسم علماً وقد يكون صفة كمن يسأل عن قوله (وَمَنْ أَعْرَضَ)(طـه: من الآية124)

      ( عَنْ ذِكْرِي)1 (طـه: من الآية124) ما ذكره فيقال له : هو القرآن مثلاً أو هو ما أنزله من الكتب فإن " الذكر " مصدر والمصدر تارة يضاف إلي الفاعل وتارة إلي المفعول فإذا قيل ذكر الله بالمعنى الثاني كان ما يذكر به مثل قول العبد سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر .
      وإذا قيل بالمعنى الأول كان ما يذكره هو وهو كلامه وهذا هو المراد في قوله (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي)1 (طـه: من الآية124) لأنه قال قبل ذلك ( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى)2 (طـه: من الآية123) وهداه : هو ما أنزله من الذكر وقال بعد ذلك (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً) (طـه:125) (قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا )3 (طـه: من الآية126) .
      والمقصود أن يعرف أن الذكر هو كلامه المنزل أو هو ذكر العبد له فسواء قيل : ذكري كتابي ، أو كلامي ، أو هداي أو نحو ذلك فإن المسمى واحد .
      وإن كان مقصود السائل معرفة ما في الاسم من الصفة المختصة به فلابد من قدر زائد على تعيين المسمى مثل أن
      يسأل عن ( الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِن)(الحشر: من الآية23)1 وقد علم أنه الله لكن مراده ما معنى كونه قدوساً سلاماً مؤمناً ونحو ذلك
      إذا عرف هذا فالسلف كثيراً ما يعبرون عن المسمى بعبارة تدل على عينه وإن كان فهيا من الصفة ما ليس في الاسم الآخر كم يقول أحمد هو الحاشر والماحي والعاقب والقدوس : هو الغفور والرحيم أي إن المسمى واحد لا أن هذه الصفة هي هذه الصفة .
      ومعلوم أن هذا ليس اختلاف تضاد يظنه بعض الناس مثال ذلك تفسيرهم للصراط المستقيم فقال بعضهم هو القرآن أي اتباعه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث علي الذي رواه الترمذي ورواه أو نعيم من طرق متعددة " هو حبل الله المتين والذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم 2 .

      وقال بعضهم : هو الإسلام لقوله صلى الله عليه سولم في حديث النواس بن سمعان الذي روه الترمذي وغيره " ضرب الله مثلا : صراطاً مستقيماً وعلى جنبتي الصراط سوران وفي السورين أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة وداع يدعو من فوق الصراط وداع يدعو على رأس الصراط قال فالصراط المستقيم هو الإسلام والسوران حدود الله والأبواب المفتحة محارم الله والداعي على رأس الصراط كتاب الله والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مؤمن " 1 .

      فهذان القولان متفقان لأن دين الإسلام هو اتباع القرآن ولكن كل منهما نبته على وصف غير الوصف الآخر كما أن لفظ " صراط " يعشر بوصف ثالث وكذلك قول من قال هو السنة والجماعة وقال من قال هو طريق العبودية وقول من قال هو طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأمثال ذلك

      = ولكن للحديث طريق أخرى يرتقي بها لدرجة الحسن لغيره فقد رواه من طريق عبد الرحمن بن جبير عن أ[يه عن النواس به :
      أحمد في المسند 4/182 –183 .
      والحاكم في المستدرك 1/ 73 .
      وابن أبي عاصم في السنة ( 19 ) .
      والرامهرمزي في الأمثال ( 3 ) .
      وابن أبي حاتم في تفسيره ( 33/ 1/ 21 ) والطبري في تفسيره 1/ 75 .
      والطبراني في مسند الشاميين ( 2024 ) .
      قلت في مسنده :
      عبد الله بن صالح : صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه وكانت في غفلة انظر التقريب 1/ 423 وتهذيب الكمال 15/ 98 – 109 وتهذيب 5/ 256 – 261 .
      قلت : بانضمام الطريقين يرتقي الحديث لدرجة الحسن لغيره والله تعالى أعلم بالصواب

      فهؤلاء كلهم أشاروا إلي ذات واحدة لكن وصفتها كل منهم بصفة من صفاتها .
      الصنف الثاني : أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل وتنبه المستمع على النوع لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه مثل سائل أعجمي سأل عن مسمى لفظ " الخبز " فأري رغيفاً وقيل له هذا فالإشارة إلي النوع هذا لا إلي هذا الرغيف وحده .
      مثال ذلك ما نقل في قوله (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَات)(فاطر: من الآية32) 1 فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيع للواجبات والمنتهك للمحرمات والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحرمات والسابق يدخل فيه من سبق فتقرب بالحسنات مع الواجبات فالمقتصدون هم أصحاب اليمين والسابقون السابقون أولئك المقربون .

      ثم إن كلا منهم يذكر هذا في نوع من أنواع الطاعات كقول القائل السابق الذي يصلي في أول الوقت

      والمقتصد : الذي يصلي في أثنائه والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلي الأصفرار .
      أو يقول السابق والمقتصد قد ذكرهم في آخر سورة البقرة فإن ذكر المحسن بالصدقة والظالم بأكل الربا والعادل بالبيع .
      والناس في الأموال إما محسن وإما عادل وإما ظالم فالسابق المحسن بأداء المستحبات مع الواجبات والظالم آكل الربا أو مانع الزكاة والمقتصد الذي يؤدي الزكاة المفروضة ولا يأكل الربا وأمثال هذه الأقاويل 2

      = قال مجاهد( فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِه) أصحاب المشأمة ( وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ) أصحاب الميمنة ومنهم السابقون من الناس كلهم وقال عكرمة ( فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِه) كما قال ( فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ)(فاطر: من الآية37) .
      وقال الحسن وقتادة ( فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِه) قال المنافق .
      والقول الثاني : ما قله سهل بن عبد الله إن السابق العالم والمقتصد المتعلم والظالم الجاهل .
      وقال ذو النون المصري الظالم الذاكر الله بلسانه فقط والمقتصد الذاكر بقلبه والسابق الذي لا ينساه .
      وقيل الظالم : الثاني للقرآن ولا يعمل به والمقتصد التالي للقرآن ويعمل به والسابق القارئ للقرآن العامل به والعالم به
      وقيل السابق الذي يدخل المسجد قبل تأذين المؤذن ، والمقتصد : الذي يدخل وقد أذن والظالم : الذي يدخل وقد أقيمت الصلاة ...
      إلي أن قال : وبالجملة فهما طرفان وواسطة فالمقتصد اللازم للقصد وهو ترك الميل فلذلك كان المقتصد منزلة بين المنزلتين فهو فوق الظالم لنفسه ودون السابق للخيرات قال الله تعالى (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا) فجمعهم في الدخول لأنه ميراث والعاق والبار في الميراث سواء إذا كانا معترفين في النسب فالعاصي والمطيع مقران بالرب وعلى هذا الفرق الثلاث ناجية إن شاء الله تعالى وهو قول عمر وعثمان وأبي الدرداء وأبي سعيد الخدري وعائشة رضي الله عنهم " اهـ .

      فكل قول فيه ذكر نوع داخل في الآية إنما ذكر التعريف المستمع بتناول الآية له وتنبيه به على نظيره فإن التعريف بالمثال قد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطابق والعقل السليم يتفطن للنوع كما يتفطن إذا أشير له إلي رغيف فقيل له هذا هو الخبز .
      وقد يجيء كثيراً من هذا الباب قولهم هذه الآية نزلت في كذا ولا سيما إن كان المذكور شخصاً كأسباب النزول المذكور في التفسير كقولهم إن آية الظهار نزلت في امرأة أوس بن الصامت 1وإن آية اللعان نزلت في عويمر العجلاني أو هلال بن أمية 2 وإن آية الكلالة نزلت في
      جابر بن عبد الله 1 وإن قول (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) 2 نزلت في بني قريظة والنضير 3 وإن قوله (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ)(لأنفال: من الآية16)4 نزلت في بدر 5 وإن قوله ( شَهَادَةُ

      ( شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ)1 (المائدة: من الآية106) نزلت في قضية تميم الداري وعدي بن بداء 2 .
      وقال أبي أيوب إن قوله (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة) 3 (البقرة: من الآية195) نزلت فينا معشر الأنصار ..... الحديث 4 .
      ونظائر هذا كثير مما يذكرون أنه نزل في قوم من المشركين بمكة أو في قوم من أهل الكتاب : اليهود والنصارى أو في وقوم من المؤمنين .

      فالذين قالوا ذلك لم قصدوا أن حكم الآية مختص بأولئك الأعيان دون غيرهم فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق .
      والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه أم لا 1 فلم يقل أحد علماء المسلمين إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين وإنما غاية ما يقال إنها تختص بنوع ذلك الشخص فتعم ما يشبهه ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ والآية التي لها سبب معين إن كانت أمراً أو نهياً فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته وإن كانت خبراً بمدح أو ذم فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته أيضاً .

      ومعرفة سبب النزول يعين على فهم الآية 1 فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب ولهذا كان أصح قولي الفقهاء أنه إذا لم يعرف ما نواه الحالف رجع إلي سبب يمينه وما هيجها وأثارها .
      وقولهم " نزلت هذه الآية في كذا " يراد به تارة أنه سبب النزول ويراد به تارة أن هذا داخل في الآية وإن لم يكن السبب كما تقول عني بهذه الآية كذا .

      وقد تنازع العلماء في قول الصاحب 1 ونزلت هذه الآية في كذا وهل يجري مجرى المسند كما يذكر السبب الذي أنزلت لأجله أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند .


      فالبخاري : يدخله في المسند .
      وغيره لا يدخله في المسند وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره بخلاف ما إذا ذكر سبباً نزلت عقبه فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند .
      فإذا عرف هذا فقول أحدهم نزلت في كذا لا ينافي

      = وقصص الأنبياء وعن الأمور الآتية : كالملاحم والفتن والبعث وصفة الجنة والنار والإخبار عن عمل يحصل به ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص فهذه الأشياء لا مجال للاجتهاد فيها فحيكم لها بالرفع .
      وأما إذا سر آية تتعلق بحكم شرعي فيحتمل أن يكون ذلك مستفاداً عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن القواد فلا يجزم برفعه وكذا إذا فسر مفرداً فهذا نقل عن اللسان خاصة فلا يجزم برفعه وهذا التحرير الذي حررناه هو معتمد خلق كثير من كبار الأئمة كصاحبي الصحيح والإمام والشافعي وأبي جعفر الطبري وأبي جعفر الطحاوي وأبي بكر بن مردويه في تفسيره المسند والبيهقي وابن عبد البر في آخرين .
      إلا أنه يستثنى من ذلك ما كان المفسر له من الصحابة رضي الله تعالى عنهم من عرف بالنظر في الإسرائيليات كمسلمة أهل الكتاب مثل عبد الله بن سلام وغيره وكعبد الله بن عمرو بن العاص فمثل هذا لا يكون حكم ما يخبر به من الأمور التي قدمنا ذكرها الرفع لقوة الاحتمال والله أعلم " اهـ .

      قول الآخر : نزلت في كذا إذا كان اللفظ يتناولهما كما ذكرناه في التفسير بالمثال .
      وإذا ذكر أحدهم لها سبباً نزلت لأجله وذكر الآخر سبباً فقد يمكن صدقهما بأن تكون نزلت عقب تلك الأسباب أو تكون نزلت مرتين مرة لهذا السبب ومرة لهذا السبب .
      وهذان الصنفان اللذان ذكرناهما في تنوع التفسير تارة لتنوع الأسماء والصفات وتارة لذكر بعض أنواع المسمى وأقسامه كالتمثيلات :هما في الغالب في تفسير سلف الأمة الذي يظن أنه مختلف .
      ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ فيه محتملاً للأمرين إما لكونه مشتركاً في اللغة كالفظ " قسورة " الذي يراد به الرامي ويراد به الأسد ولفظ عسعس " الذي يراد به إقبال الليل وإدباره .
      وإما لكونه متواطئاً في الأصل لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشيئين كالضمائر في قوله (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى) (لنجم:8) (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) (لنجم:9) 1 ، وكلفظ (وَالْفَجْرِ) (الفجر:1)

      (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) (الفجر:2) (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) (الفجر:3) 1 وما أشبه ذلك .
      فمثل هذا قد يجوز أن يراد به كل المعاني التي قالتها السلف وقد لا يجوز ذلك .
      فالأول : إما لكون الآية نزلت مرتين فأريد بها هذا تارة وهذا تارة وإما لكون اللفظ المشترك يجوز أن يراد به معنياه إذ قد جوز ذلك أكثر الفقهاء المالكية والشافعية والحنبلية وكثير من أهل الكلام وإما لكون اللفظ متواطئاً فيكون عاماً إذا لم يكن لتخصيصه موجب فهذا النوع إذا صح فيه القولان كان من الصنف الثاني .
      ومن الأقوال الموجودة عنهم ويجعلها بعض الناس اختلافاً أن يعبروا عن المعاني بألفاظ متقاربة لا مترادفة فإن الترادف في اللغة قليل وأما في ألفاظ القرآن فإما نادر وإما معدوم وقل أن يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه بكل يكون فيه تقريب لمعناه وهذا من أسباب إعجاز القرآن فإذا قال القائل (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً)2 (الطور:9) إن المور هو الحركة كان تقريباً إذا المور حركة خفيفة سريعة وكذلك إذا قال الوحي الإعلام أو قيل :

      ( أَوْحَيْنَا إِلَيْك)(يوسف: من الآية3) أنزلنا إليك أو قيل (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ)1 (الاسراء: من الآية4) أي : أعلمنا وأمثال ذلك .
      فهذا كله تقريب لا تحقيق فإن الوحي هو إعلام سريع خفي والقضاء إليهم أخص من الإعلام فإن فيه إنزالاً إليهم وإيحاء إليهم .
      والعرب تضمن الفعل معنى الفعل وتعديه تعديته ومن هنا غلط من جعل بعض الحروف تقوم مقام البعض كما يقولون في قوله ( لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ)(صّ: من الآية24) 2 أي مع نعاجه و (مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ)3 (آل عمران: من الآية52) أي مع الله ونحو ذلك .
      والتحقيق : ما قاله نحاه البصرة من التضمين فسؤال النعجة يتضمن جمعها وضمها إلي نعاجه وكذلك قوله (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك)4 (الاسراء: من الآية73) ضمن


      معنى " يزيغونك ويصدونك " وكذلك قوله : (وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا )1 (الانبياء: من الآية77) ضمن معنى : " نجيناه وخلصناه " وكذلك قوله ( يَشْرَبُ بِهَا عِبَاد)2 (الانسان: من الآية6) ضمن " يروى بها " ونظائره كثيرة 3
      ومن قال (لا رَيْب)(البقرة: من الآية2) لا شك 4 فهذا تقريب وإلا فالريب فيه اضطراب وحركة كما قال " دع ما يريبك " 5 وفي الحديث " أنه مر بظبي حاقف فقال لا يرببه أحد " 6 .


      فكما أن اليقين ضمن السكون والطمأنينة فالريب ضده ضمن الاضطراب والحركة ولفظ الشط وإن قيل إنه يستلزم هذا المعنى لكن لفظه لا يدل عليه .
      وكذلك إذا قيل (ذَلِكَ الْكِتَابُ)(البقرة: من الآية2) هذا القرآن فهذا تقريب لأن المشار إليه وإن كان واحداً فالإشارة بجهة الحضور غير الإشارة بجهة البعد والغيبة ولفظ " الكتاب " يتضمن من كونه مكتوباً مضموماً ما لا يتضمنه لفظ القرآن من كونه مقروءاً مظهراً بادياً فهذه الفروق موجودة في القرآن .
      فإذا قال أحدهم ( أَنْ تُبْسَلَ )1 (الأنعام: من الآية70) أي تحبس وقال الآخر ترتهن ونحو ذلك لم يكن من اختلاف التضاد وإن كان المحبوس قد يكون مرتهناً وقد لا يكون إذ هذا تقريب للمعنى كما تقدم .


      وجمع عبارات السلف في مثل هذه نافع جداً فغن مجموع عبارتهم أدل على المقصود من عبارة أو عبارتين ومع هذا فلابد من اختلاف محقق بينهم كما يوجد مثل ذلك في الأحكام .
      ونحن نعلم أن عامة ما يضطر إليه عموم الناس من الاختلاف معلوم بل متواتر عند العامة أو الخاصة كما في عدد الصلوات ومقادير ركوعها ومواقيتها وفرائض الزكاة ونصبها وتعيين شهر رمضان والطواف والوقوف ورمي الجمار والمواقيت وغير ذلك .
      ثم إن اختلاف الصحابة في الجد والإخوة في المشركة ونحو ذلك لا يوجب ريباً في جمهور مسائل الفرائض بل ما يحتاج إليه عامة الناس هو عمود النسب من الآباء والأبناء والكلالة من الإخوة والأخوات ومن نسائهم كالأزواج فإن الله أنزل في الفرائض ثلاث آيات مفصلة ذكر في الأولى الأصول والفروع وذكر في الثانية الحاشية التي ترث بالفرض كالزوجين وولد الأم وفي الثانية الحاشية الوارثة بالتعصيب وهم الإخوة لأبوين أو لأب واجتماع الجد والإخوة نادر ولهذا لم يقع في الإسلام إلا بعد النبي صلى الله عليه وسلم .
      والاختلاف قد يكون لخفاء الدليل أو لذهول عنه وقد يكون لعدم سماعه وقد يكون لغلط في فهم النص وقد يكون لاعتقاد معارض راجح فالمقصود هنا التعريف بمجمل الأمر دون تفاصيله .

      ( 1 ) سورة الإسراء ، آية رقم / 110 .

      (1 ) القرامطة : هم أتباع حمدان القرمطي وكان رجلاً متوارياً صار إليه أحد دعاة الباطنية ودعوه إلي معتقدهم فقبل الدعوة ثم صار يدعو الناس إليها .
      انظر اعتقادات فرق المسلمين ص 108 ومقالات الإسلاميين 1/98.

      (1) روى جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن لي أسماء : أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمه وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي"
      وقد سماه الله رؤوفاً رحيماً .
      رواه البخاري ( 3532 – 4896 ) ومسلم (2354 ) والترمذي ( 2840 ) وفي الشمائل ( 359) وأحمد 4/ 80 – 84 وعبد الرزاق ( 1957 ) والحميدي (555 ) والآجري في الشريعة ص 462 وابن سعد في الطبقات 1/ 105 وابن حبان والبيهقي في الدلائل 1/ 152 – 154 .
      والبغوي ( 3629 – 3630 ) وانظر باقي تخرجه في تخريجنا للشمائل .

      (1) سورة طه ، آية رقم / 124
      (2) سورة طه ، آية رقم / 123
      (3) سورة طه ، آية رقم / 125 - 126


      ( 1 ) سورة الحشر ، آية رقم / 23 .
      ( 2 ) رواه الترمذي ( 2906 ) والدارمي ( 3332 – 3333 ) وأحمد في المسند 1/ 91 والبيهقي في شعب الإيمان 2/ 325 – 326 والبغوي في شرح السنة ( 1181 ) .
      قلت : سنده ضعيف ، فيه .

      = الحارث الأعور : ضعيف انظر الكاشف 1/ 138 والتهذيب 2/ 145 – 147 والتقريب 1/ 141 والمغني 1/ 141 .
      ونظر فضائل القرآن لابن كثير ص 11- 12 والتذكار ص 46 .
      ( 1 ) رواه الترمذي ( 2859 ) والنسائي ( 11233) وأحمد في المسند 4/ 183 وابن عاصم في السنة ( 18- 19 ) وأبو الشيخ في الأمثال ( 280 ) والطبراني ف مسند الشاميين ( 1147 ) والديلمي في الفردوس ( 3700 ) من طريق خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن النواس به .
      قلت : سنده ضعيف فيه :
      بقية بن الوليد : صدوق كثير التدليس عن الضعفاء انظر التقريب 1/ 105 وتهذيب الكمال 4/ 192 – 193 والتبيين لأسماء المدلسين برقم ( 5 ) وطبقات المدلسين ص 121 .

      ( 1 ) سورة فاطر ، آية رقم / 22 .


      ( 1) قال القرطبي في التذكار ص 71 – 72 : " اختلف أهل التأويل في الظالم لنفسه والمقتصد والسابق على أقوال ثلاثة .
      الأول هو الناجي هو المقتصد السابق وإن قوله تعالى (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا) للمقتصد والسابق .
      هذا يروى عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس ( فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِه) قال : كافر .
      وروى عن الثوري عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس في قوله عز وجل (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) إلي آخر الآية قال هذا مثل قوله عز وجل (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) (الواقعة:8) (وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ) (الواقعة:9) (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (الواقعة:10) فنجت فرقتان .

      ( 1 ) رواه البخاري 13/372 معلقاً وابن ماجه ( 2063 ) وأحمد 6/46 وأبو يعلي ( 4780 ) والبيهقي 7/382 وفي الأسماء والصفات ص 177 والطبري في تفسيره 12/ 3-4 .
      ( 2 ) رواه أبو داود ( 2256 ) وأحمد في المسند 1/238 – 239 والواحدي في أسباب النزول ص 316- 317 وأبو يعلي ( 2740 ) والطيالسي ( 1260 ) والبيهقي 7/ 394 – 395 وعبد الرزاق ( 12444) من طريق عباد عن عكرمة عن ابن عباس .
      وعباد ضعيف وله طرق أخرى عن ابن عباس .
      - رواه البخاري ( 5310 –6855 – 7238 ) ومسلم ( 1497 ) والنسائي 6/ 171 – 174 وأحمد 1/ 335-

      = 336 – 365 وعبد الرزاق ( 12453 ) والطحاوي 3/ 100 وأبو يعلي ( 2424 ) وغيرهم من طرق ان عباس .
      (1 ) رواه البخاري ( 5651 – 6723 – 7309 ) ومسلم ( 1616 ) وأبو داود ( 2886 – 2887 ) والترمذي ( 2097 – 3015 ) ، والنسائي في المجتبى ( 138) وفي الكبرى في التفسير ( 154) 1/ 419 – 420 ، وابن ماجه ( 1436 – 2728 ) وأحمد 3/ 307 ، وأبو يعلي ( 2018 ) وابن الجارد ( 958) والحميدي ( 1229 ) وابن خزيمة ( 106 ) وعبد بن حميد ( 1064 ) والطيالسي ( 1742 ) والبيهقي في سننه 6/ 231 والواحدي في أسباب النزول ص 187 .
      وقد قال الحافظ في الفتح 8/ 243 " وقيل : إنه وهم في ذلك وأن الصواب : أن الآية التي نزلت في قصة جابر هذه الآية الأخيرة من السناء .... " هـ .
      ( 2 ) سورة المائدة ، آية رقم / 49
      ( 3 ) رواه ابن جرير الطبري في تفسيره 4/ 614 . والواحدي في أسباب النزول ص 198 . وسنده ضعيف فيه محمد بن محمد الأنصاري مجهول كما في التقريب 2/ 205
      ( 4) سورة الأنفال ، آية رقم / 16
      ( 5 ) انظر تفسير الطبري 6/ 200- 201

      ( 1) سورة المائدة ، آية رقم / 106
      ( 2) رواه البخاري ( 2780 ) وأبو داود ( 3606 ) والترمذي ( 3060 – 3061 ) وأبو يعلي ( 2453 ) وابن جرير 5/ 115 – 116 والواحدي في أسباب النزول ص 212 – 213 والدارقطني في سننه 4/ 168 والطبراني في الكبير ( 12509 ) و ( 268 ) 17/ 109 – 110 .
      (3 ) سورة البقرة ، آية رقم / 195
      ( 4 ) رواه أبو داود ( 2512 ) والترمذي ( 2972 ) والنسائي في كتاب التفسير من الكبر ( 48 – 49 )
      1/ 236 – 239 والطبري في تفسيره 2/ 210 – 211 والطيالسي ( 599) والطبراني في الكبير ( 4060) وابن حبان ( 1667 ) ( موارد ) والحاكم 2/ 84 – 275 والواحدي في أسباب النزول ص 57 – 58 والبيهقي 9/ 45 .

      ( 1) قال السيوطي في الاتقان 1/ 95 " اختلف أهل الأصول هل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب ؟
      والأصح عندنا الأول وقد نزلت آيات في أسباب واتفقوا على تعديتها إلي غير أسبابها كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر وآية اللعان في شأن هلال بن أمية وحد القذف في رماة عائشة ثم تعدى إي غيرهم " اهـ.

      ( 1) لقد ذكر العلماء فوائد لأسباب النزول :
      منها معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم .
      ومنها : تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب .
      ومنها : أن اللفظ قد يكون عاماً ويقوم الدليل على تخصيصه فإذا عرف السبب قصر التخصيص على ما عدا صورته .
      ومنها : الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال قال الواحدي في أسباب النزول ص 8: لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها .
      ومنها : دفع توهم الحصر .
      ومنها : معرفة اسم النازل فيه الآية وتعين المبهم فيها انظر البرهان للزركشي 2/ 22- 29 والاتقان 1/ 92 – 95 ، ومنهال العرفان 1/ 102 – 107 .

      ( 1 ) قال الحاكم في علوم الحديث ص 20 : " إذا أخبر الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عن آية من القرآن : أنها نزلت كذا فإنه حديث مسند " اهـ .
      وعلى هذا مشى ابن الصلاح وغيره .
      وانظر التقييد والإيضاح ص 70 ، وفتح المغيث 1/ 124 – 144 ، والجامع لأخلاق الراوي 2/293 – 294 ، ونكت الحافظ ابن حجر 2/ 530 – 532 والمستدرك 1/ 27 – 123 – 524 والبرهان للزركشي 2/ 157 .
      وقال الحافظ بن حجر متعقباً الحاكم وابن الصلاح في نكته 2/ 530 –533 .
      " قلت تبع المنصف في ذلك الخطيب وكذا قال الأستاذ أبو منصور البغدادي إذا أخبر الصحابي رضي الله عنه عن سبب وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو أخبر عن نزول آية له بذلك مسند لكن أطلق الحاكم النقل عن البخاري ومسلم أن تفسر الصحابي رضي الله عنه الذي شهد الوحي والتنزيل حديث مسند .
      والحق أن ضابط ما يفسره الصحابي رضي الله عنه إن كان مما لا مجال للاجتهاد فيه ولا منقولاً عن لسان العرب فحكمه الرفع وإلا فلا كالإخبار عن الأمور الماضية في بدء الخلق =

      ( 1 ) سورة النجم ، آية رقم / 8-9 .
      ( 1) سورة الفجر آية رقم / 1-3
      (2 ) سورة الطور آية رقم / 9 0

      ( 1 ) سورة الإسراء ، آية رقم / 17
      ( 2 ) قال في زاد المسير 7/ 121 : " أي : ليضمها إلي نعاجه قال ابن قتيبة المعنى : بسؤال نعجتك مضمومة إلي نعاجه فاختصر .
      وقال : يقال : ( إلي ) بمعنى ( مع ) " هـ .
      وانظر روح المعاني 12/ 181
      ( 3 ) سورة آل عمران ، آية رقم /52 .
      (4 ) سورة الإسراء ، آية رقم / 73 .



      ( 1 ) سورة الأنبياء ، آية رقم /77 .
      ( 2 ) سورة الإنسان ، آية رقم / 6 .
      ( 3 ) سورة التبيان في أقسام القرآن ص 194 بتحقيقي .
      ( 4 ) قال في معجم مقاييس اللغة 2/ 463 : الراء والياء والباء أصل يدل على شك أو شك وخوف فالريب الشك " ا هـ .
      وانظر أساس البلاغة ص 186 .
      ( 5 ) رواه الترمذي ( 2581 ) والنسائي 8/ 327 – 328 وأحمد المسند 1/ 200 وأبو يعلي في مسنده ( 6762 ) والدارمي ( 2532 ) والقضاعي في مسند الشهاب ( 645 ) وعبد الرزاق ( 4984 ) والطيالسي ( 117 ) وأبو نعيم في الحلية 8/ 264 ، والحاكم 2/13 و 4/99 وابن حبان ( 722 ) والبغوي في شرح السنة ( 2032 ) .
      قلت : سنده صحيح .
      ( 6 ) رواه النسائي 5/183 ومالك في الموطأ 1/351 وعبد الرزاق =


      = ( 8339 ) وأحمد 3/452 وابن حبان ( 5111 ) والطبراني ( 5283 ) والبيهقي في سننه 6/ 171 ، و9/ 322 وإسناده صحيح إن شاء الله تعالى .
      ( 1 ) سورة الأنعام ، آية رقم / 70 .
      وقال في معجم مقاييس اللغة 1/248 : " الباء والسين واللام اصل واحد تتقارب فروعه وهو المنع والحبس "
      وانظر المفردات ص 46 – 47 ، وأساس البلاغة ص 22 .
      التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 13-05-2014, 05:17 PM.

      إن مرت الايام ولم تروني فهذه مشاركاتي فـتذكروني
      ، وان غبت ولم تجدوني أكون وقتها بحاجة للدعاء فادعولي

      شفاكِ الله أختنا محبة السلف دعواتكم
      لها بالشفاء العاجل

      تعليق


      • #4
        رد: مقدمة فى اصول التفسير لابن عثيمين....لا يفوتك

        فصل

        في نوعي الاختلاف في التفسير
        المسند إلي النقل وإلي طرق الاستدلال
        الاختلاف في التفسير نوعين منه ما مستنده النقل فقط ومنه ما يعلم بغير ذلك إذ العلم إما نقل مصدق وإما استدلال محقق والمنقول إما عن المعصوم وإما عن غير المعصوم .


        [ النوع الأول : الخلاف الواقع في التفسير من جهة النقل ] :

        والمقصود بأن جنس المنقول سواء كان عن المعصوم أو غير المعصوم وهذا هو النوع الأول فمنه ما يمكن معرفة الصحيح منه والضعيف ومنه ما لا يمكن معرفة ذلك فيه .

        وهذا القسم الثاني من المنقول وهو ما لا طريق لنا إلي الجزم بالصدق منه عامته مما لا فائدة فيه والكلام فيه من فضول الكلام .

        وأما يحتاج المسلمون إلي معرفته فإن الله نصب على الحق فيه دليلاً .

        فمثال ما لا يفيد ولا دليل على الصحيح منه اختلافهم في " لون كلب أصحاب الكهف " وفي البعض الذي ضرب به قتيل موسى من البقرة وفي مقدار سفينة نوح وما كان خشبها وفي اسم الغلام الذي قتله الخضر ونحو ذلك :

        فهذه الأمور طريق العلم بها النقل فما كان من هذا منقولاً نقلاً صحيحاً عن النبي صلى الله عليه وسلم كاسم صاحب موسى أنه الخضر 1 فهذا معلوم .

        وما لم يكن كذلك بل كان مما يؤخذ عن أهل

        الكتاب كالمنقول عن كعب 1 ووهب 2 ومحمد بن إسحاق 3 وغيرهم ممن يأخذ عن أهل الكتاب فهذا لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه إلا بحجة 4 كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه 5 " ,


        وكذلك ما نقل عن بعض التابعين وإن لم يذكر أنه أخذه عن أهل الكتاب فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلاً فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من بعض من سمعه من أقوى ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين ومع جزم الصاحب بما يقوله فكيف يقال إنه أخذه عن أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم .


        = وعبد الرازق ( 20059 ) والطبراني في المعجم الكبير حديث رقم ( 874 – إلي – 879 ) 22/ 349 – 351 وابن حبان ( 6257 ) والبيهقي في سننه 2/ 10 من حديث أبي نملة الأنصار رضي الله عنه
        قلت وفي سنده :
        نملة بن أبي نملة : لم يوثقه غير ابن حبان .
        ولهذا قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب 2/307 :
        مقبول " اهـ وسكت عنه الذهب في الكاشف 2/ 326 .
        ويغني عنه ما رواه البخاري ( 4485 – 7363 – 7542 ) وغيره بلفظ " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم ".

        والمقصود : أن مثل هذا الاختلاف الذي لا يعلم صحيحه ولا تفيد حكاية الأقوال فيه هو كالمعرفة لما يروى من الحديث الذي لا دليل على صحته وأمثال ذلك .
        وأما القسم الأول الذي يمكمن معرفة الصحيح منه فهذا موجود فيما يحتاج إليه ولله الحمد فكثيراً ما يوجد في التفسير والحديث والمغازي أمور منقولة عن نبينا صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه والنقل الصحيح يدفع ذلك بل هذا موجود فيما مستنده النقل وفيما قد يعرف بأمور أخرى غير النقل .
        فالمقصود أن المنقولات التي يحتاج إليها في الدين قد نصب الله الأدلة على بيان ما فيها من صحيح وغيره .
        ومعلوم أن المنقول في التفسير أكثره كالمنقول في المغازي والملاحم ولهذا قال الإمام أحمد 1 ثلاثة أمور .

        ليس لها إسناد : التفسير والملاحم والمغازي ويروى ليس لها أصل أي إسناد لأن الغالب عليها المراسيل مثل ما يذكره عروة بن الزبير والشعبي والزهري وموسى بن عقبة وابن إسحاق ومن بعدهم كيحي بن سعيد الأموي والوليد بن مسلم والواقدي ونحوهم في المغازي .

        = الملاحم المرتقبة والفتن المنتظرة غير أحاديث يسيرة اتصلت أسانيدها إلي الرسول صلى الله عليه وسلم من وجوه مرضية وطرق واضحة جلية .
        وأما الكتب المصنفة في تفسير القرآن فمن أشهرها كتابا الكلبي ومقاتل بن سليمان .
        وأما المغازي فمن المشتهرين بتصنيفها وصرف العناية إليها محمد بن إسحاق المطلبي ومحمد بن عمر الواقدي .
        فأما ابن إسحاق فقد تقدمت منا الحكاية عنه أنه كان يأخذ عن أهل الكتاب أخبارهم .
        وأما الواقدي فسوء ثناء المحدثين عليه مستفيض وكلام أئمتهم فيه طويل عريض .
        وليس في المغازي أصح من كتاب موسى بن عقبة مع صغره وخلوه من أكثر مما يذكر في كتب غيره "
        وانظر المقاصد الحسنة ص 481 ومختصر المقاصد ص 209 والبرهان للزركشي 2/ 156 – 157 .

        فإن أعلم الناس بالمغازي أهل المدينة ثم أهل الشام ثم أهل العراق فأهل المدينة أعلم بها لأنها كانت عندهم وأهل الشام كانوا أهل غزو وجهاد فكان لهم من العلم بالجهاد والسير ما ليس لغيرهم ولهذا عظم الناس كتاب أبي إسحاق الفزاري 1 الذي صنفه في ذلك وجعلوا الأوزاعي أعلم بهذا الكتاب الباب من غيره من علماء الأمصار .

        وأما التفسير فإن أعلم الناس به أهل مكة لأنهم أصحاب ابن عباس كمجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهم من أصحاب ابن عباس كطأووس وأبي الشعتاء وسعيد بن جبير وأمثالهم وكذلك أهل الكوفة من أصحاب عبد الله بن مسعود ومن ذلك ما تميزوا به على غيرهم وعلماء أهل المدينة في التفسير مثل زيد بن أسلم الذي أخذه عنه مالك التفسير وأخذه عنه أيضاص ابنه عبد الرحمن وأخذه عن عبد الرحمن عبد الله بن وهب .
        والمراسيل إذا تعددت طرقها وخلت عن المواطأة قصداً

        أو الاتفاق بغير قصد 1 كانت صحيحة قطعاً فإن النقل إما أن يكون صدقاً مطابقاً للخبر وإما أن يكون كذباً تعمد صاحبه الكذب أو أخطأ فيه فمتى سلم من الكذب العمد والخطأ كان صدقاً بلا ريب .

        فإن كان الحديث جاء من جهتين أو جهات وقد علم أن المخبرين لم يتواطؤوا على اختلافه وعلم أن مثل ذل لا تقع الموافقة فيه اتفاقاً بلا قصد علم أنه صحيح مثل :
        شخص يحدث عن واقعة جرت ويذكر تفاصيل ما فيها من الأقوال والأفعال ويأتي شخص آخر قد علم أنه لم يواطئ الأول فيذكر مثل ما ذكره الأول من تفاصيل الأقوال والأفعال فيعلم قطعاً أن تلك الواقعة حق في الجملة فإنه لو كان كل منهما كذبها عمداً أو خطأ لم يتفق في العادة أن يأتي كل منهما بتلك التفاصيل التي تمنع العادة اتفاق الاثنين عليها بلا مواطأة من أحدهما لصاحبه فإن الرجل قد يتفق أن ينظم بيتاً وينظم الآخر مثله أو يكذب كذبة ويكذب الآخر مثلها أما إذا أنشأ قصيدة طويلة ذات فنون على قافية وروي فلم تجر العادة بأن غيره ينشيء مثلها لفظاً ومعنى ،

        مع الطول المفرط بل يعلم بالعادة أنه أخذها منه وكذلك إذا حدث حديثاً طويلاً فيه فنون وحدث آخر بمثله فإنه إما أن يكون وطأه عليه أو أخذه منه أو يكون الحديث صدقاً .

        وبهذا الطريق يعلم صدق عامة ما تتعد جهاته المختلفة على هذا الوجه من المنقولات وإن لم يكن أحدها كافياً إما لإرساله وإما لضعف ناقله .
        لكن مثل هذا لا تضبط به الألفاظ والدقائق التي تعلم بهذا الطريق بل يحتاج ذلك إي طريق يثبت بها مثل تلك الألفاظ والدقائق ولهذا ثبتت غزوة بدر بالتواتر وأنها قبل أحد بل يعلم قطعاً أن حمزة وعلياً وعبيدة برزوا إلي عتبة وشيبة والوليد وأن علياً قتل الوليد وأن حمزة قتل قرنه ثم يشك في قرنه هل هو عتبة أو شيبة .
        وهذا الأصل ينبغي أن يعرف فإنه أصل نافع في الجزم بكثير من المنقولات في الحديث والتفسير والمغازي وما ينقل من أقوال الناس وأفعالهم وغير ذلك .
        ولهذا إذا روي الحديث الذي يتأتى فيه ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجهين مع العلم بأن أحدهما لم يأخذه عن الآخر جزم بأنه حق لا سيما إذا علم أن نقلته ليسوا ممن يتعمد الكذب وإنما يخاف على أحدهم النسيان والغلط فإن من عرف الصحابة كابن مسعود وأبي بن كعب وابن عمر وجابر وأبي سعيد وأبي هريرة وغيرهم علم يقيناً أن الواحد من هؤلاء لم يكن ممن يتعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلاً عمن هو فوقهم كما يعلم الرجل من حال من جربه وخبره خبرة باطنة طويلة أنه ليس ممن يسرق أموال الناس ويقطع الطريق ويشهد الزور ونحو ذلك .
        وكذلك التابعون بالمدينة ومكة والشام والبصرة فإن من عرف مثل أبي صالح السمان والأعرج وسليمان بن يسار زيد بن أسلم وأمثالهم علم قطعاً أنهم لم يكونوا ممن يتعمد الكذب في الحديث فضلاً عم نهو فوقهم مثل محمد بن سيرين أو القاسم بن محمد أو سعيد بن المسيب أو عبيدة السلماني أو علقمة أو الأسود أو نحوهم .
        وإنما يخاف على الواحد من الغلط فإن الغلط والنسيان كثيراً ما يعرض للإنسان ومن الحفاظ من قد عرف الناس بعده عن ذلك جداً كما عرفوا حال الشعبي والزهري وعروة وقتادة والثوري وأمثالهم لا سيما

        الزهري في زمانه والثوري في زمانه فإنه قد يقول القائل : إن ابن شهاب الزهري لا يعرف له غلط مع كثرة حديثه وسعة حفظه 1 .
        والمقصود : أن الحديث الطويل إذا روي مثلاً من وجهين مختلفين من غير مواطأة امتنع عليه أن يكون غلطاً كما امتنع أن يكون كذباً فإن الغلط لا يكون في قصة طويلة متنوعة وإنما يكون في بعضها فإذا روى هذه قصة طويلة متنوعة ورواها الآخر مثلما رواها الأول من غير مواطأة امتنع الغلط في جميعها من غير مواطأة .
        ولهاذ إنما يقع في مثل ذلك غلط في بعض ما جرى في القصة مثل حديث اشتراء النبي صلى الله عليه وسلم البعير من جابر 2 فإن

        كم تأمل طرقه علم قطعاً أن الحديث صحيح وإن كانوا قد اختلفوا في مقدار الثمن وقد بين ذلك البخاري في صحيحه 1 فإن جمهور ما في البخاري ومسلم مما يقطع

        بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله لأن غالبه من هذا النحو ولأنه قد تلقاه أهل العلم بالقبول والتصديق ولأمة لا تجتمع على خطأ فلو كان الحديث كذباً في نفس الأمر والأمة مصدقة له قابلة له لكانوا قد أجمعوا على تصديق ما هو في نفس الأمر كذب وهذا إجماع على الخطأ وذلك ممتنع وإن كنا نحن بدون الإجماع نجوز الخطأ أو الكذب على الخبر فهو كتجويزنا قبل أن نعلم الإجماع على العلم الذي ثبت بظاهر أو قياس ظني أن يكون الحق في الباطن بخلاف ما اعتقدناه فإذا أجمعوا على الحكم جزمنا بأن الحكم ثابت باطناً وظاهراً .

        ولهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقاً له أو عملاً به أنه يوجب العلم 1 وهذا هو الذي ذكره المصنفون في

        أصول الفقه من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وإلا فرقة قليلة من المتأخرين اتبعوا ذلك طائفة من أهل الكلام أنكروا ذلك ولكن كثيراً من أهل الكلام أو أكثرهم يوافقون الفقهاء وأهل الحديث والسلف على ذلك .

        وهو قول أكثر الأشعرية كأبي إسحاق 1 وابن فورك وأما ابن الباقلاني فهو الذي أنكر ذلك وتبعه مثل أبي المعالي وأبي حامد 2 وابن عقيل 3 وابن الجوزي ،

        وابن الخطيب والآمدي ونحو هؤلاء والأول هو الذي ذكره الشيخ أبو حامد وأبو الطيب وأبو إسحاق وأمثاله من أئمة الشافعية وهو الذي ذكره القاضي عبد الوهاب وأمثاله من المالكية وهو الذي ذكره شمس الدين السرخي وأمثاله من الحنفية وهو الذي ذكره أبو يعلي وأبو الخطاب وأبو الحسن بن الزغوني وأمثالهم من الحنبلية .
        وكان الإجماع على تصديق الخبر موجباً للقطع به فالاعتبار في ذلك بإجماع أهل العلم بالحديث كماأن الاعتبار في الإجماع على الأحكام بإجماع أهل العلم بالأمر والنهي والإباحة .
        والمقصود هنا أن تعدد الطرق مع عدم التشاور أو الاتفاق في العادة يوجب العلم بمضمون المنقول لكن هذا ينتفع به كثيراً في علم أ؛وال الناقلين وفي مثل هذا ينتفع برواية المهول والسيء الحفظ وبالحديث المرسل ونحو ذلك .
        ولهذا كان أهل العلم يكتبون مثل هذه الأحاديث ويقولون إنه يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره قال أحمد 1 " قد أكتب حديث الرجل لأعتبره " ومثل ذلك

        بعبد الله بن لهيعة قاضي مصر 1 فإنه كان أكثر الناس حديثاً ومن خيار الناس لكن بسبب احتراق كتبه وقع في حديثه المتأخر غلط فصار يعتبر بذلك ويستشهد به وكثيراً ما يقترن هو والليث بن سعد والليث حجة ثبت إمام 2 .
        وكما أنهم يستشهدون ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ فإنهم أيضاً يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم غلطه فيها بأمور يستدلون بها -

        ويسمون هذا علم علل الحديث وهو من أشرف علومهم بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط وغلط فيه وغلطه فيه عرف إما بسبب ظاهر كما عرفوا أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال 1 وأنه صلى في البيت ركعتين وجعلوا رواية ابن عباس لتزوجها حراماً 2 ولكونه لم يصل مما وقع فيه الغلط .

        وكذلك أنه اعتمر أربع عمر 1 وعلموا أن قول ابن عمر : إنه اعتمر في رجب مما وقع فيه الغلط وعلموا أنه تمتع وهو آمن ف حجة الوداع وأن قول عثمان لعلي كنا يومئذ خائفين 2 مما وقع فيه الغلط وأن ما وقع في بعض
        طرق البخاري : أن النار لا تمتلئ حتى ينشئ الله لها خلقاً آخر 1 مما وقع فيه الغلط 2 وهذا كثير

        والناس في هذا الباب طرفان :
        طرف من أهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث وأهله لا يميز بين الصحيح والضعيف فيشك في صحة أحاديث أو في القطع بها مع كونها معلومة مقطوعاً بها عند أهل العلم به .
        وطرف ممن يدعي اتباع الحديث والعلم به كلما وحد لفظاً في حديث قد رواه ثقة أو رأى حديثاً بإسناد ظاهره الصحة يريد أن يجعل ذلك من جنس ما جزم أهل العلم بصحته حتى إذا عارض الصحيح المعروف أخذ يتكلف له التاويلات الباردة أو يجعله دليلاً له في مسائل العلم مع أن أهل العلم بالحديث يعرفون أن مثل هذا غلط .
        وكما أن على الحديث أدلة يعلم بها أنه صدق وقد يقطع بذلك فعليه أدلة يعلم أنه كذب ، ويقطع بذلك1
        مثل ما يقطع الكذب ما رويه الوضاعون من أهل البدع والغلو في الفضائل مثل حديث يوم عاشوراء1وأمثاله مما يفيه أن من صلى ركعتين كان له كأجر كذا وكذا نبياً .
        وفي التفسير من هذه قطعة كبيرة مثل الحديث الذي يرويه الثعلبي والواحدي والزمخشري في فصائل سور

        القرآن سورة سورة فإنه موضوع باتفاق أهل العلم 1 .
        والثعلبي 2 هو نفسه كان في خير ودين ولكنه كان حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع 3 .
        والواحدي 4 : صاحبه كان أبصر منه بالعربية لكن هو أبعد عن السلامة واتباع السلف .
        والبغوي 1 تفسيره مختصر عن الثعلبي لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة2
        والموضوعات في كتب التفسير كثيرة منها الأحاديث الكثيرة الصريحة في الجهر بالبسملة 3 وحديث الطويل في تصدقه بخاتمه في الصلاة فإنه موضوع باتفاق أهل العلم 4 ومثل ما روى في قوله ( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ)(الرعد: من الآية7) إنه علي ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ)(الحاقة: من الآية12) أذنك يا علي .


        ( 1 ) رواه البخاري ( 74 – 78 – 122 – 2367 – 2728 – 3278 – 3400 – 3401 – 4725 – 4756 – 4727 – 6772 7478 ) ، ومسلم ( 2380 ) ، وأبو داود ( 3983 – 3985 ) والترمذي ( 3149 – 3150 – 3385 ) والنسائي في الكبرى ( 5844 – 11307 – 11308 – 11309 11310 ) وأحمد 5/ 121 – 126 ، وابن أبي شيبة في المصنف ( 29226 ) والطبراني ( 548 ) و ( 45- 46 ) 25 / 289 – 292 ، والطبري في التفسير 8/278 – 280 والبغوي في التفسير 3/ 175 .

        ( 1 ) هو كعب بن مانع الحميري اليماني العلامة الحبر الذي كان يهودياً فأسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة من اليمن في أيام عمر رضي الله عنه فجالس أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم فكان يحدثهم عن الكتب الإسرائيلية ويحفظ عجائب ويأخذ السنن انظر السير 3/ 489 – 494 ، وتذكرة الحافظ 1/49 .
        ( 2 ) هو وهب بن كامل بن سيج بن ذي كبار وهو الأسوار الإمام العلامة الأخباري القصصي اليماني أخو همام ومعقل بن منبه ,
        وروايته للمسند قليلة وإنما غزارة علمه في الإسرائيليات ومن صحائف أهل الكتاب .
        انظر السير 4/ 544 – 557 وتذكرة الحافظ 1/ 95 .
        ( 3 ) هو محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر المطلبي مولاهم المدني تنزيل العراق أمام المغازي صدوق يدلس أنظر التقريب 2/ 44 والمغني 2/ 552 – 553 والكاشف 3/18 وطبقات المدلسين ص 132 .
        ( 4 ) وسيأتي تحقيق هذه المسألة لشيخ الإسلام قريباً .
        ( 5 ) رواه بهذا اللفظ أحمد في المسند 4/ 136 وأبو داود ( 3644 ) ، =

        ( 1 ) رواه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي رقم ( 1536 ) 2/231 ثم قال 2/231 – 234 " وهذا الكلام محمول على وجه وهو أن المراد به كتب مخصوصة في المعاني الثلاثة غير معتمد عليها ولا موثوق بصحتها لسوء أحوال مصنفيها وعدم عدالة ناقليها وزيادات القصاص فيها .
        فأما كتب الملاحم فجميعها بهذه الصفة وليس يصح في ذكر =

        ( 1 ) وهو كتاب مطبوع بتحقيق فاروق حمادة صدر عن مؤسسة الرسالة بيروت .

        ( 1 ) انظر في هذه المسألة فتح المغيث 1/ 172 – 173 .

        ( 1 ) قال ربيعة : ما ظننت أن أحداً بلغ من العلم ما بلغ ابن شهاب انظر ترجمته في السير 5/ 326 – 350 وحلية الأولياء 3/ 360 – 381 .
        ( 2 ) رواه البخاري ( 1801 – 2097 – 2309 – 2385 – 2394 – 2406 – 2470 – 2603 – 2604 – 2718 – 2861 – 2967 – 3087 – 3089 – 4052 – 5079 – 5080 – 5243 – 5244 – 5245 – 5246 – 5247 – 5367 – 6387 ) ومسلم ( 715 ) والنسائي 7/298 – 300 وابن ماجه ( 2205 ) وأحمد 3/314 – 373 – 374 – 375 – 376 ، وابن حبان في صحيحه =

        = ( 4911 – 6517 – 6518 – 6519 – 7410 – 7141 – 7142 ) وأبو يعلي ( 1898 ) .
        ( 1 ) قال الإمام البخاري في صحيحه عقيب حديث رقم ( 2718 ) 5/314 ( فتح الباري ) وقال عبيد الله وابن إسحاق عن وهب عن جابر " اشتراه النبي صلى الله عليه وسلم بأوقية "
        وتابعه زيد بن أسلم عن جابر
        وقال ابن جريج عن عطاء وغيره عن جابر أخذته بأربعة دنانير .
        وهذا يكون أوقية على حساب الدينار بعشرة دارهم ولم يبين الثمن مغيرة عن الشعبي عن جابر وابن المنكدر وأبو الزبير عن جابر .
        وقال الأعمش عن سالم عن جابر : أوقية ذهب
        وقال أبو إسحاق عن سالم عن جابر : بمائتي درهم .
        وقال داود بن قيس عبيد الله بن مقسم ، عن جابر اشتراه بطريق تبوك أحسبه قال : بأربع أواق .
        وقال أبو نضرة عن جابر اشتراه بعشرين ديناراً .
        وقول الشعبي " بأوقية أكثر " . اهـ
        قال الحافظ ابن حجر في الفتح 5/ 321 " وما جنح إليه البخاري من الترجيح أقعد وبالرجوع إلي التحقيق أسعد فليعتمد ذلك وبالله التوفيق " .

        ( 1 ) نقل ابن الصلاح أن الأمة أجمعت على تلقي بالقبول أحاديث الصحيحين من حيث الصحة وأن أحاديثهما تفيد القطع .
        وخالفه النووي فقال خالف ابن الصلاح المحققون والأكثرون ورد عليه الحافظ ابن حجر بأنه قال في شرح مسلم ما صورته ما اتفقا عليه مقطوع بصدقة .
        وتعقبه البلقيني أيضاً في محاسن الاصطلاح فقال هذا ممنوع فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين عن جمع من الشافعية والحنفية =

        = والمالكية والحنابلة أنهم يقطعون بحصة الحديث الذي تلقته الأمة بالقبول .
        قال الحافظ ابن حجر قلت وكأنه عنى بهذا الشيخ تقي الدين ابن تيمية ثم ذكر كلامه المذكور
        انظر نكت الحافظ ابن حجر 1/ 371 – 379 ورسالتي " القول المنيف في حكم العمل بالحديث الضعيف " وفتح المغيث 1/ 19 .
        ( 1 ) هو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القيه الأصولي ، مات سنة 418 .
        انظر الأعلام 1/ 159 .
        ( 2 ) هو أحمد بن محمد بن أحمد الأسفرائيني من أعلام الشافعية توفي سنة 406هـ
        انظر الأعلام 1/ 203
        ( 3 ) هو شيخ الحنابلة في وقته ببغداد على بن عقيل بن محمد أبو الوفاء انظر طبقات الحنابلة 2/ 259 .

        ( 1 ) نقله الذهبي في السير 8/16 : " قال حنبل : سمعت أبا عبد الله =

        = يقول : ما حديث ابن لهيعة بحجة وإني لأكتبه أعتبر به وهو يقوي بعضه ببعض "
        ( 1 ) انظر ترجمته في الميزان 2/475 – 483 ، والمغني 1/ 352 ، والكاشف 2/ 122 ، والجرح 5/ 145 – 148 ، والمجروحين 2/ 11- 14 والتهذيب 5/ 373 – 379 والتقريب 1/ 444 وطبقات المدلسين ص 40 والإغتباط ص 72 – 73 بتحقيقنا .
        قلت : ليس هو ضعيف مطلقاً بل من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة وغيرهم فسماعهم صحيح .
        ( 2 ) قال الذهبي في السير 8/14 :
        " لا ريب أن ابن لهيعة كان عالم الديار المصرية هو والليث معاً كما كان الإمام مالك في ذلك العصر عالم المدينة والأوزاعي عالم الشام ومعمر عالم اليمن وشعبة والثوري عالما العراق وإبراهيم بن طهمان عالم خراسان ولكن ابن لهيعة تهاون بالإتقان وروى مناكير فانحط عن رتبة الاحتجاج به عندهم " اهـ.



        ( 1 ) رواه الترمذي ( 841 ) وأحمد 6/ 392 – 393 والدارمي ( 1825 ) وابن حبان ( 4130 – 4135) والبيهقي 5/ 66- 7/ 211 والطحاوي في شرح المعاني 2/ 270 والطبراني ( 915) والبغوي ( 1982) وابن سعد 8/ 133 – 134 عن أبي رافع : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالاً وبنى بها حلالاً وكنت الرسول بينهما وفي الباب عن ميمونة عند مسلم وغيره .
        ( 2 ) رواه البخاري ( 4258 – 4259 ) ومسلم ( 1410 ) والترمذي ( 842 – 843 – 844 ) وأبو داود ( 1844 ) والنسائي 5/ 191 وابن ماجه ( 1965 ) والدارمي ( 1822 ) وابن حبان ( 4129 –11970 – 11972 ) والطحاوي في شرح المعاني 2/ 269 – البيهقي 7/ 210 وابن سعد في الطبقات 8/ 135 – 136 من طرق عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما انظر تفصيلها في تخريجنا لسنن ابن ماجه .
        قال ابن حبان قول ابن عباس : تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم : أراد به داخل الحرم لا أنه كان محرماً في ذلك الوقت اهـ . وانظر فتح الباري 9/ 165 – 166 .

        ( 1 ) روى البخاري في صحيحه ( 1775 – 1776 ) عن مجاهد قال دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالس إلي حجرة عائشة وإذا ناس يصلون في المسجد صلاة الضحى قال فسألناه عن صلاتهم قال : بدعة .
        ثم قال له : كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
        قال : أربعاً إحداهن في رجب فكرهنا أن نرد عليه .
        قال : وسمعنا استنان عائشة أم المؤمنين في الحجرة فقال
        عروة : يا أماه يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن ؟
        قالت : ما يقول ؟
        قال : يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب ؟
        قالت : يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قط "
        ورواه مسلم ( 1255 ) ، والترمذي ( 936 ) وابن ماجه ( 2998 ) وانظر باقي تخريجه فيه .
        ( 2 ) رواه البخاري ( 1563 – 1569 ) والنسائي 5/ 148 .
        ورواه مسلم ( 1223 ) وزاد : " فقال : أجل ولكنا كنا خائفين " .

        = قال النووي : لعله أشار إلي عمرة القضية سنة سبع لكن لم يكن في تلك السنة حقيقة تمتع إنما كان عمرة وحدها .
        قال الحافظ ابن حجر في الفتح 3/ 425 : قلت : هي رواية شاذة فقد روى الحديث مروان بن الحكم وسعيد بن المسيب وهما أعلم من عبد الله بن شقيق فلم يقولا ذلك والتمتع إنما كان في حجة الوداع وقد قال انب مسعود كما ثبت عنه في الصحيحين كنا آمن ما يكون الناس "
        ( 1 ) رواه البخاري ( 4849 – 4850 ) ومسلم ( 2846 ) والترمذي ( 2561 ) والنسائي في الكبرى (542 ) 2/ 328 – 329 وأحمد 2/ 276 – 314 – 450 – 507 ، وعبد الرزاق ( 20893 – 20894)
        وابن حبان ( 7447 ) وابن خزيمة في التوحيد ص 92 – 93 – 94 – 95 ، وابن منده في الرد على الجهمية ( 9 ) .
        والبيهقي في الاعتقاد ص 158 والأسماء والصفات ص 149 – 350 والآجري في الشريعة ص 391 .
        والبغوي في شرح السنة ( 4422 ) من حديث طويل عن أبي هريرة رضي الله عنه تعالى عنه .
        ( 2 ) قال الحافظ ابن حجر في الفتح 8/597 " فإن فيه إشارة إلي أن الجنة يقع امتلاؤها بمن ينشؤهم الله لأجل ملئها وأما النار فلا ينشيء لها خلقاً بل يفعل فيها شيئاً عبر عنه بما ذكر يقتضي لها أن ينضم بعضها إلي بعض فتصير ملأى ولا تحتمل مزيداً " هـ

        ( 1 ) للحديث الموضوع علامات في المتن والسند فأما العلامات في السند :
        1- أن يكون راويه كذاباً .
        2- أو أن يعترف واضعه بالوضع ويقر بذلك .
        3- أو ما يتنزل منزلة إقراره .
        4- وجود قرينة في الراوي تقوم مقام الوضع .

        وأما العلامات في المتن فمنها :
        1- ركاكة اللفظ .
        2- فساد المعنى .
        3- مخالفته لصريح القرآن بحيث لا يقبل التأويل .
        4- مخالفته لصريح السنة المتواترة .
        5- أن يكون مخالفاً للقواعد العامة المأخوذة من القرآن والسنة .
        انظر تفصيل هذا في مقدمة كتاب " تحذير المسلمين " وانظر المنار المنيف لابن قيم الجوزية فالكتاب كله بيان لسؤال كيف يعرف الحديث الموضوع ؟
        وانظر تدريب الراوي 1/ 275 – 278 وتوضيح الأفكار 2/ 93 97 وتنزيه الشريعة 1/ 5- 8 ونزهة النظر لابن حجر ص 44 – 45 والسنة ومكانها ص 97 – 102 والسنة قبل التدوين ص 239 – 248
        ( 1 ) مثل حديث : " من وسع على عياله يوم عاشوراء .... "
        انظر اللآلى 2 / 109 – 113 ، والأسرار المرفوعة ص 345 – 452 والشذرة 2/ 199 .
        وقال شيخنا في ضعيف الجامع 6/ 256 : " ضعيف " ا هـ .

        ( 1) انظر تدريب الراوي 1/ 274 وتحذير المسلمين ص 16 ، والبرهان 1/ 432 وقد بين الحافظ ابن حجر وضع هذا الحديث في تخريجه للكشاف في كتابه " الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف "
        ( 2 ) هو أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري المفسر .
        من مؤلفاته :
        العرائس في قصص الأنبياء .
        والكشف والبيان عن تفسير القرآن وغيرها .
        توفي سنة سبع وعشرين وأربعمائة هجرية .
        انظر وفيات الأعيان 1/22 وشذرات الذهب 3/320 – 231 ، والتفسير والمفسرون 1/ 227 .
        ( 3 ) انظر التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه في التفسير والمفسرون 1/228 – 234 .
        ( 4 ) هو الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي .

        ( 1 ) هو محي السنة وركن الدين الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي كان إماماً في الحديث والتفسير والفقه .
        من مؤلفاته .
        شرح السنة ومعالم التنزيل والإنوار في شمائل النبي المختار وتفسيره مطبوع متوافر بحمد الله تعالى .
        ( 2 ) انظر منهجه في التفسير وطريقة المؤلف فيه التفسير المفسرون 1/ 235 – 237 .
        ( 3 ) حكم العلماء على ضعف حديث الجهر بالبسملة وقال العقيلي :لم يصح في الجهر بها حديث انظر شرح السنة 3/ 54 وسنن الترمذي ( 245 ) والإحسان 5/ 100 – 106 ونكت الحافظ ابن حجر 2/ 748 – 770 ( 4 ) سيأتي تخريجه قريباً ص 78 .

        التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 13-05-2014, 05:20 PM. سبب آخر: إزالة روابط على الكلام

        إن مرت الايام ولم تروني فهذه مشاركاتي فـتذكروني
        ، وان غبت ولم تجدوني أكون وقتها بحاجة للدعاء فادعولي

        شفاكِ الله أختنا محبة السلف دعواتكم
        لها بالشفاء العاجل

        تعليق


        • #5
          رد: مقدمة فى اصول التفسير لابن عثيمين....لا يفوتك



          فصل
          في النوع الثاني : الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال

          وأما النوع الثاني من مستندي الاختلاف وهو ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل فهذا أكثر ما فيه الخطأ من جهتين حدثنا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان فإن التفاسير ألي يذكر فيها كلام هؤلاء صرفاً لا يكاد يوجد فيها شيء من هاتين الجهتين مثل تفسير عبد الرزاق 1 ووكيع وعبد بن حميد وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم ومثل تفسير الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية وبقي بن مخلد وأبي بكر بن المنذر وسفيان بن عيينة وسنيد ،

          وابن جرير وابن أبي حاتم 1 وأبي سعيد الأشج وأبي عبد الله بن ماجه وابن مردويه

          إحداهما : قوم اعتقدوا معاني ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها .

          والثانية : قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب من غير نظر إلي المتكلم بالقرآن والنزل عليه والمخاطب به .

          فالأولون راعوا المعنى الذي رأوه من غير نظر إلي ما تستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان .

          والآخرون راعوا مجرد اللفظ وما يجوز أن يريد به عندهم العربي من نظر إلي ما يصلح للمتكلم به ولسياق الكلام .

          ثم هؤلاء كثيراً ما يغلطون في احتمال اللفظ لذلك المعنى في اللغة كما يغلط في ذلك الذين قبلهم كما أن الأولين كثيراً ما يغلطون في صحة المعنى الذي فسروا به

          القرآن كما يغلط في ذلك الآخرون وإن كان نظر الأولين إلي المعنى أسبق ونظر الآخرين إلي اللفظ أسبق .

          والأولون صنفان : تارة يسلبون لفظ القرآن ما دل عليه وأريد به وتارة يحملونه على لم يدل عليه ولم يرد به وفي كلا الأمرين قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلاً فيكون خطؤهم في الدليل والمدلول وقد يكون حقاً فيكون خطؤهم في الدليل لا في المدلول .

          وهذا كما أنه وقع في تفسير القرآن فإنه وقع أيضاً في تفسير الحديث .

          فالذين أخطأوا في الدليل والمدلول مثل طوائف من أهل البدع اعتقدوا مذهباً يخالف الحق الذي عليه الأمة الوسط الذين لا يجتمعون على ضلالة كسلف الأمة وأئمتها وعمدوا إلي القرآن الكريم فتأولوه على آرائهم تارة يستدلون بآيات على مذهبهم ولا دلالة فيها وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه .

          ومن هؤلاء فرق الخوارج والروافض الجهمية والمعتزلة والقدرية والمرجئة وغيرهم وهذا كالمعتزلة مثلاً فإنهم من أعظم الناس كلاماً وجدالاً وقد صنفوا تفاسير على أصول مذهبهم مثل تفسير عبد الرحمن بن كيسان الأصم شيخ إبراهيم بن إسماعيل بن علية الذي كان يناظر الشافعي ومثل كتاب أبي علي الجبائي والتفسير الكبير للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني 1 والجامع لعلم القرآن لعلي بن عيسى الرماني والكشاف لأبي القاسم الزمخشري 2 .

          فهؤلاء وأمثالهم اعتقدوا مذاهب المعتزلة وأصول المعتزلة خمسة يسمونها هم : التوحيد ، والعدل والمنزلة بين المنزلتين ، وإنفاذ الوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

          وتوحيدهم هو توحيد الجهمية الذي مضمونه نفي الصفات وعن ذلك قالوا : إن الله لا يرى وإن القرآن مخلوق وإنه تعالى ليس فوق العالم وإنه لا يقوم به علم ولا قدرة ولا حياة ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا مشيئة ولا صفة من الصفات .

          وأما عدلهم فمن مضمونه : أن الله لم يشأ جميع

          الكائنات ولا خلقها كلها ولا هو قادر عليها كلها بل عندهم أن أفعال العباد لم يخلقها الله لا خيرها ولا شرها ولم يرد إلا ما أمر به شرعاً وما سوى ذلك فإنه يكون بغير مشيئته .

          وقد وافقهم على ذلك متاخرو الشيعة كالمفيد وأبي جعفر الطوسي وأمثالهما ولأبي جعفر هذا تفسير على هذه الطريقة لكن يضم إلي ذلك قول الإمامية الإنثني عشرية فإن المعتزلة ليس فيهم من يقول بذلك ولا من ينكر خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي .

          ومن أصول المعتزلة مع الخوارج : إنفاذ الوعيد في الآخرة وأن الله لا يقبل في أهل الكبائر شفاعة ولا يخرج منهم أحداً من النار .

          ولا ريب أنه قد رد عليهم طوائف من المرجئة والكرامية 1 والكلابية 2 وأتباعهم فأحسنوا تارة

          وأساءوا أخرى حتى صاروا في طرفي نقيض كما ق بسط في غير هذا الموضع .

          والمقصود : أن مثل هؤلاء اعتقدوا رأياً ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا من أئمة المسلمين ولا في رأيهم ولا في تفسيرهم .

          وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة إلا وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة وذلك من جهتين تارة من العلم بفساد قولهم وتارة من العلم بفساد ما فسروا به القرآن إما دليلاً على قولهم أو جواباً عن المعارض لهم.

          ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة فصيحاً ويدس البدع في كلامه وأكثر الناس لا يعلمون كصاحب الكشاف ونحوه حتى إنه يروج على خلق كثير ممن لا يعتقد الباطل من تفاسيرهم الباطلة ما شاء الله

          وقد رأيت من العلماء المفسرين وغيرهم من يذكر في كتابه وكلامه من تفسيرهم ما يوافق أصولهم التي يعلم أو يعتقد فسادها ولا يهتدي لذلك

          = انظر لسان الميزان 3/ 290 وذكر مذاهب الفرق ص 139 – 140 .

          ثم إنه بسبب تطرف هؤلاء وضلالهم دخلت الرافضة الإمامية ثم الفلاسفة ثم القرامطة وغيرهم فيما هو أبلغ من ذلك .
          وتفاقم الأمر في الفلاسفة والقرامطة والرافضة فإنهم فسروا القرآن بأنواع لا يقضي منها العالم عجبه فتفسير الرافضة كقولهم (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ )1 (المسد: من الآية1) هما أبو بكر وعمر و (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ )2 (الزمر: من الآية65) أي : بين أبي بكر وعمر ، وعلي ، في الخلافة ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَة)3 (البقرة: من الآية67) هي عائشة و ( فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْر)4 (التوبة: من الآية12) طلحة والزبير و (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ)5 (الرحمن: من الآية19) علي وفاطمة و ( اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ) 6(الرحمن: من الآية22) الحسن والحسين ( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ)7 (يّـس: من الآية12) في علي بن أبي طالب (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) (النبأ:1) (عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ)8 (النبأ:2) علي بن أبي طالب
          (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)1 (المائدة:55) : هو علي ويذكرون الحديث الموضوع بإجماع أهل العلم وهو تصدقه بخاتمه في الصلاة 2 وكذلك قوله (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ )3 (البقرة: من الآية157) نزلت في علي لما أصيب بحمزة

          ومما يقارب هذا في بعض الوجوه ما يذكره كثير من المفسرين في مثل قوله (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ)4 (آل عمران:17) إن الصابرين رسول الله والصادقين أبو بكر والقانتين عمر والمنفقين عثمان ، والمستغفرين علي 5 .
          وفي مثل قوله (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَه)6 (الفتح: من الآية29) : أبو بكر

          ( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّار )ِ عمر (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) عثمان (تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً ) علي (الفتح: من الآية29)
          وأعجب من ذلك قول بعضهم : (وَالتِّينِ ) : أبو بكر (وَالزَّيْتُونِ) عمر (التين:1) (وَطُورِ سِينِينَ) (التين:2) عثمان (وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ)1 (التين:3) : علي2 .

          وأمثال هذه الخرافات التي تتضمن تارة تفسير اللفظ بما لا يدل عليه بحال فإن هذه الألفاظ لا تدل على هؤلاء الأشخاص بحال وقوله ( وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّدا)(الفتح: من الآية29) كل ذلك نعت للذين معه وهي التي يسميها النحاة خبراً بعد خبر والمقصود هنا أنها كلها صفات لموصوف واحد وهم الذين معه ولا يجوز أن يكون كل منها مراداً به شخص واحد وتتضمن تارة جعل اللفظ المطلق العام منحصراً في شخص واحد كقوله إن قوله

          إن قوله تعالى : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا)1 (المائدة: من الآية55) أريد بها علي وحده .

          وقول بعضهم : إن قوله (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ )2 (الزمر: من الآية33) أريد بها أبو بكر وحده .

          وقوله : ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَل)3 (الحديد: من الآية10) أريد بها أبو بكر وحده ونحو ذلك .

          وتفسير ابن عطية 4 وأمثاله أبع للسنة والجماعة وأسلم من البدعة من تفسير الزمخرشي ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان أحسن وأجمل فإنه كثيراً ما ينقل من تفسير محمد بن

          محمد بن جرير الطبري وهو من أجل التفاسير المأثورة وأعظمها قدراً ثم إنه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف لا يحكيه بحال ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين وإنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم وإن كانوا أقرب إلي السنة من المعتزلة لمن ينبغي أن يعطى كل ذي حق حقه ويعرف أن هذا من جملة التفسير على المذهب فإن الصحابة والتابعين والأئمة إذا كان لهم في تفسير الآية قول وجاء قوم فسروا الآية بقول آخر لأجل مذهب اعتقدوه وذلك المذهب ليس مذاهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان صاروا مشاركين للمعتزلة وغيرهم من أهل البدع في مثل هذا .
          وفي الجملة : من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلي ما يخالف ذلك كان مخطئاً في ذلك بل مبتدعاً وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه .
          فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته وطرق الصواب ونحن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة والتابعون وتابعوهم وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعاً .
          ومعلوم أن كل من خالف قولهم له شبهة يذكرها إما عقلية وإما سمعية كما هو مبسوط في موضعه .
          والمقصود هنا التنبيه على مثار الاختلاف في التفسير وأن من أعظم أسبابه البدع الباطلة التي دعت أهلها إلي أن حرفوا الكلم عن مواضعه وفسروا كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بغير ما أريد به وتأولوه على غير تأويله .
          فمن أصول العلم بذلك أن يعلم الإنسان القول الذي خالفوه وأنه الحق وأن يعرف أن تفسير السلف يخالف تفسيرهم وأن يعرف أن تفسيرهم محدث مبتدع ثم أن يعرف بالطرق المفصلة فساد تفسيرهم بما نصبه الله من الأدلة على بيان الحق .
          وكذلك وقع من الذين صنفوا في شرح الحديث وتفسيره من المتأخرين من جنس ما وقع فيما صنفوه من شرح القرآن وتفسيره .
          وأما الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول فمثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء وغيرهم يفسرون القرآن بمعان صحيحة لكن القرآن لا يدل عليها مثل كثير مما ذكره أو عبد الرحمن السلمي في "حقائق التفسير " 1 وإن كان فيما ذكروه ما هو معان باطلة فإن ذلك يدخل في القسم الأول وهو الخطأ في الدليل والمدلول جميعاً حيث يكون المعنى الذي قصدوه فاسداً .

          ( 1 ) وقد طبع مرتين الأولى بتحقيق الدكتور مصطفى مسلم صدر عن مكتبة الرشد ، الرياض .
          والثانية بتحقيق الدكتور القلعجي صدر عن دار المعرفة بيروت .

          ( 1 ) وقد طبع منه جزءان وسيصدر تباعاً عن مكتبة الدار ودار طيبة ودار ابن القيم بالسعودية .

          ( 1 ) انظر الكلام على هذا التفسير في التفسير والمفسرون 1/ 391 – 403 .
          ( 2 ) انظر الكلام على طريقة هذا التفسير ونقده في التفسير والمفسرون 1/ 429 – 482 .

          ( 1 ) هم أتباع أبي عبد الله محمد بن كرام وكان من زهاد سجستان .
          انظر اعتقادات فرق المسلمين ص 87 – 88 ، ومقالات الإسلاميين 1/ 205 والفرق بين الفرق ص 202 ولوامع الأنوار 1/ 91 .
          ( 2 ) هم أصحاب عبد الله بن كلاب القطان المصري أحد المتكلمين في أيام المأمون توفي بعد سنة 240 هـ.


          ( 1 ) سورة المسد ، الآية رقم / 1 .
          ( 2 ) سورة الزمر ، آية رقم / 65 .
          ( 3 ) سورة البقرة ، آية رقم / 67 .
          ( 4 ) سورة التوبة ، آية رقم / 12 .
          ( 5 ) سورة الرحمن ، آية رقم / 19 .
          ( 6 ) سورة الرحمن ، آية رقم / 22 .
          ( 7 ) سورة يسن ، آية رقم / 12 .
          ( 8 ) سورة النبأ ، آية رقم / 1 – 2 .

          ( 1 ) سورة المائدة ، آية رقم / 55 .
          ( 2 ) رواه الطبري في تفسيره 4/ 628 – 629 ، وانظر تفسير البغوي 2/ 47 وتفسير ابن كثير 2/ 71
          والصحيح إن هذه الآيات نزلت في عبادة بن الصامت .
          ( 3 ) سورة البقرة ، آية رقم / 157 .
          ( 4 ) سورة آل عمران ، آية رقم / 17 .
          ( 5 ) انظر جامع البيان 2/ 208 – 209 وتفسير ابن كثير 1/ 353 ، وتفسير البغوي 1/ 285 ، وزاد المسير 1/ 316 .
          ( 6 ) سورة الفتح ، آية رقم / 29 .

          ( 1 ) سورة التين ، آية رقم / 1 – 3 .
          ( 2 ) انظر تفسير البغوي 4/ 185 ، وزاد المسير 7/ 445 – 446 ، وتفسير الطبري 11/ 366 – 376 وتفسير ابن كثير 4/ 203 – 205 ؟
          رواه مبارك بن فضالة عن الحسن كما في زاد المسير 7/ 446 وهو قول ضعيف مردود .


          ( 1 ) سورة المائدة ، آية رقم / 55 .
          ( 2 ) سورة الزمر ، آية رقم / 33 .
          ( 3 ) سورة الحديد ، آية رقم / 10
          ( 4 ) هو أبو محمد عب الحق بن غالب بن عطية الأندلسي المغربي الغرناطي الحافظ القاضي .
          توفي بالرقة سنة ست وأربعين وخمسمائة من الهجرة .
          وانظر منهجه وطريقة تفسيره في التفسير والمفسرون 1/ 239 – 242 .
          وهو مطبوع متداول واسمه " المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز "

          ( 1 ) هو أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى الأزدي السلمي .
          كان شيخ الصوفية وعالمهم بخرسان .
          انظر طبقات المفسرين للسيوطي ص 97 – 98 ، وتاريخ بغداد 2/ 248 .
          وانظر منهج السلمي في تفسيره في التفسير والمفسرون 2/ 385 – 389 .

          التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 13-05-2014, 05:23 PM. سبب آخر: إزالة روابط على الكلام

          إن مرت الايام ولم تروني فهذه مشاركاتي فـتذكروني
          ، وان غبت ولم تجدوني أكون وقتها بحاجة للدعاء فادعولي

          شفاكِ الله أختنا محبة السلف دعواتكم
          لها بالشفاء العاجل

          تعليق


          • #6
            رد: مقدمة فى اصول التفسير لابن عثيمين....لا يفوتك

            فصل

            في أحسن طرق التفسير 1



            فإن قال قائل : فما أحسن طرق التفسير ؟
            فالجواب : إن أصح الطرق في ذلك
            1- أن يفسر القرآن بالقرآن : فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر 2 .
            2- فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة : فإنها شارحة للقرآن وموضحة له بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي : كل حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من

            القرآن 1 قال الله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً)2 (النساء:105) وقال تعالى ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)3 (النحل: من الآية44) وقال تعالى (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)4 (النحل:64) ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه " 5 يعني السنة والسنة أيضاً تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن لا أنها تتلى كما يتلى وقد استدل الإمام الشافعي وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك .

            والغرض : انك تطلب تفسير القرآن منه فإن لم تجده فمن السنة كما قال رسول الله لمعاذ حين بعثه إلي اليمن " بم تحكم " ؟
            قال : بكتاب الله
            قال : " فإن لم تجد " قال " بسنة رسول الله .
            قال : فإن لم تجد "
            قال : أجتهد رأي
            قال : فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال : " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله 1 وهذا الحديث في المسانيد والسنن بإسناد جيد .

            تفسير القرآن بأقوال الصحابة
            3 – وحينئذ إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعت في ذلك إلي أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرائن والأحوال التي اختصموا بها ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح لا سيما علماؤهم وكبراؤهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين والأئمة المهدين مثل عبد الله بن مسعود .
            قال الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري حدثنا أبو كريب قال : أنبأنا جابر بن نوح أنبأنا الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال : قال عبد الله يعين ابن مسعود " والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته " 1 .

            وقال الأعمش أيضاً عن أب وائل عن ابن مسعود قال : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن 1 .
            ومنهم الحبر البحر عبد الله بن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرآن ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له حيث " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " 2 .
            وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار أنبأنا وكيع أنبأنا سفيان عن الأعمش عن مسلم قال عبد الله يعني ابن مسعود " نعم ترجمان القرآن ابن عباس 3 " .

            ثم رواه عن يحي بن داود عن إسحاق الأزرق عن سفيان عن الأعمش عن مسلم نب صبيح أبي الضحى عن مسروق عن ابن مسعود أنه قال نعم الترجمان للقرآن ابن عباس .

            ثم رواه عن بندار عن جعفر بن عون عن الأعمش به كذلك 1.
            فهذا إسناد صحيح إلي ابن مسعود أنه قال عن ابن عباس هذه العبارة وقد مات ابن مسعود في سنة ثلاث وثلاثين على الصحيح وعمر بعده ابن عباس ستاً وثلاثين سنة فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود .
            وقال الأعمش : عن أبي وائل استخلف علي عبد الله بن عباس على الموسم فخطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة وفي رواية سورة النور ففسرها تفسيراً لو سمعته الروم والترك والدليم لأسلموا 2 .

            ولهذا فإن غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير في تفسيره عن هذين الرجلين ابن مسعود وابن عباس ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكمونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال " بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار 1 رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو .
            ولهذا كان عبد الله بن عمرو قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك .
            ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد فإنها على ثلاثة أقسام 2

            أحدها : ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح .
            والثاني : ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه .
            والثالث : ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته لما تقدم وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلي أمر ديني .
            ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيراً ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك كما يذكرون في مثل هذه أسماء أصحاب الكهف ولو كلبهم وعدتهم وعصا موسى من أي الشجر كانت وأسماء الطيور التي أحياها الله تعالى لإبراهيم وتعين البعض الذي ضرب به التقبيل من البقرة ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى إلي غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن مما لا فائدة من تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم .
            ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز كما قال تعالى (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) (الكهف:22)1 فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث فدل على صحته إذ لو كان باطلاً لرده كما ردهما ثم أرشد إلي أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته فيقال في مثل هذا ( قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم) فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس ممن أطلعه الله تعالى عليه فلهذا قال (فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِراً ) أي : لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب .
            فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام وأن ينبه على الصحيح منها ويبطل الباطل وتذكر فائدة الخلاف وثمرته لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته فيشغل به عن الأهم .
            فأما من حكى خلافاً في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص إذ قد يكون الصواب في الذي تركه أو يحكى الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال فهو ناقص أيضاً فإن صحيح غير الصحيح من فقد تعمد الكذب أو جاهلاً فقد أخطأ كذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته أو حكى أقوالاً متعددة لفظاً ويرجع حاصلها إلي قول أو قولين معنى فقد ضيع الزمان وتكثر بما ليس بصحيح فهو كلابس ثوبي زور والله الموفق للصواب .



            ( 1 ) انظر التفسير الكبير لشيخ الإسلام 1/ 231 – 248 وقد نقل هذا القسم الحافظ ابن كثير في تفسيره 1/ 3- 5 .
            ( 2 ) انظر الاتقان 2/ 1193 .

            ( 1 ) انظر الاتقان 2/ 1193 ، والبرهان 1/6 .
            ( 2 ) سورة النساء ، آية رقم / 105
            ( 3 ) سورة النحل ، آية رقم / 44 .
            ( 4 ) سورة النحل ، آية رقم / 64
            ( 5 ) رواه أبو داود ( 4604 ) والترمذي ( 2664 ) ، وابن ماجه ( 12 ) ، والدارمي ( 586 ) وأحمد 4/131 ، وابن حبان ( 12 ) .
            والطبراني في الكبير حديث رقم ( 696 – 670 ) 20/ 283 – 284 والحاكم 1/ 109 والبيهقي في سننه 7/ 76 و9/ 331 – 332 وفي الدلائل 6/ 549 .
            عن المقدام بن معدي يكرب وسنده حسن .


            ( 1 ) رواه أبو داود ( 3592 – 3593 ) والترمذي ( 1327 – 1328 ) ثم قال : هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده عندي بمتصل وأبو عون الثقفي : اسمه محمد بن عبيد الله وأحمد في المسند 5/ 230 – 236 – 242 والدارمي ( 168 ) والطيالسي في مسنده ( 559 ) وعبد بن حميد في المنتخب ( 124 ) والطبراني في الكبير ( 362 ) 20/ 170 والبيهقي 10/ 114 وابن عبد البر في جامع بيان العلم 2/ 55 – 56 .
            قلت : سنده ضعيف فيه
            1- الحارث بن عمرو : مهول انظر التقريب 1/ 143 .

            2 – شيوخه مبهمون .
            3 – ألعه البخاري بالإرسال كما في التاريخ الكبير 1/2/ 277 .
            وانظر التخليص الجبير 4/ 182 – 183 والضعيفة 2/ 273 – 286 فقد أطال وأجاد وأفاد حول الحكم على هذا الحديث .
            ( 1 ) رواه البخاري ( 5002 ) ومسلم ( 2462 – 2463 ) والنسائي في =

            = الكبرى ( 7997 ) وفي المجتبى 8/ 134 والطبراني ( 8427 – إلي 8432 ) والطبري في تفسيره 1/ 60
            ( 1 ) سبق تخريجه .
            ( 2 ) رواه البخاري ( 75 – 143 – 3756 – 7270 ) ومسلم ( 2477 ) والنسائي في فضائل الصحابة ( 74 – 75 – 76 ) والترمذي ( 3823 – 3824 ) وابن ماجه ( 166 ) .
            وأحمد في المسند 1/ 214 – 327 – 359
            وفي الفضائل ( 1857 –1858 – 1859 – 1883 – 1923 ) .
            والبغوي في تفسيره 1/ 28
            وابن حبان ( 7053 – 7054 – 7055 ) من طرق عن ابن عباس انظر تفصليها في تخريجنا لسنن ابن ماجه .
            ( 3 ) الطبري في تفسيره 1/ 65 وأحمد في الفضائل 1558 -




            = 1680 – 1863 ) وسنده الصحيح .
            ورواه من طريق سلمة بن كهيل عن ابن مسعود أحمد في الفضائل ( 1556 – 1864 )
            ( 1 ) رواه الطبري في تفسيره 1/ 65 .
            ( 2 ) رواه الطبري في تفسيره 1/ 60 وسنده صحيح .


            ( 1 ) رواه البخاري ( 3461 ) والترمذي ( 2669 ) ،
            وأحمد في المسند 2/ 159 ، 202 214 وأبو خيثمة في العلم ( 45 ) والخطيب في تاريخه 13/ 157 وابن حبان ( 6256 ) والقضاعي ( 662 ) والطبراني في المعجم الصغير ( 462 ) والبيهقي في الآداب ( 1190 ) وأبو نعيم في الحلية 6/ 78 ، والبغوي ( 113 ) .
            ( 2 ) انظر للتوسعة في هذه المسألة الهامة فتح الباري 6/ 498 – 499 وتفسير ابن كثير 1/ 4 والتفسير الكبير لابن تيمية =



            = 1/ 231 – 248 والإسرائيليات والموضاعات في كتب التفسير ص 106 – 108 .

            ( 1 ) سورة الكهف ، آية رقم / 22 .

            التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 13-05-2014, 05:25 PM. سبب آخر: إزالة روابط على الكلام

            إن مرت الايام ولم تروني فهذه مشاركاتي فـتذكروني
            ، وان غبت ولم تجدوني أكون وقتها بحاجة للدعاء فادعولي

            شفاكِ الله أختنا محبة السلف دعواتكم
            لها بالشفاء العاجل

            تعليق


            • #7
              رد: مقدمة فى اصول التفسير لابن عثيمين....لا يفوتك

              جزاكم الله خيرا
              نسال الله تعالى ان ينفع بكم
              اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً

              تعليق


              • #8
                رد: مقدمة فى اصول التفسير لابن عثيمين....لا يفوتك

                المشاركة الأصلية بواسطة العابدلله مشاهدة المشاركة
                جزاكم الله خيرا
                نسال الله تعالى ان ينفع بكم
                آآآمين
                وجزاكم الله كل خير
                شرفنى مروركم

                إن مرت الايام ولم تروني فهذه مشاركاتي فـتذكروني
                ، وان غبت ولم تجدوني أكون وقتها بحاجة للدعاء فادعولي

                شفاكِ الله أختنا محبة السلف دعواتكم
                لها بالشفاء العاجل

                تعليق


                • #9
                  رد: مقدمة فى اصول التفسير لابن عثيمين....لا يفوتك

                  للرفع

                  إن مرت الايام ولم تروني فهذه مشاركاتي فـتذكروني
                  ، وان غبت ولم تجدوني أكون وقتها بحاجة للدعاء فادعولي

                  شفاكِ الله أختنا محبة السلف دعواتكم
                  لها بالشفاء العاجل

                  تعليق


                  • #10
                    رد: مقدمة فى اصول التفسير لابن عثيمين....لا يفوتك

                    جزاكم الله خيرا ونفع بكم

                    تعليق


                    • #11
                      رد: مقدمة فى اصول التفسير لابن عثيمين....لا يفوتك

                      جزاكم الله خيرا
                      وتقبل الله منكم

                      تعليق


                      • #12
                        رد: مقدمة فى اصول التفسير لابن عثيمين....لا يفوتك

                        جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

                        "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
                        وتولني فيمن توليت"

                        "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

                        تعليق


                        • #13
                          رد: مقدمة فى اصول التفسير لابن عثيمين....لا يفوتك

                          ​جزاكم الله خيراً ونفع الله بكم

                          تعليق

                          يعمل...
                          X