إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد".

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد".

    *معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

    قوله تعالى
    ﴿خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ﴾ [التوبة: 103].

    *قوله {خُذ}:* أي: اقبل.
    قاله ابن أبي زمنين في تفسيره.

    قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ): وَيَأْخُذُ الصَّدَقَات: أي يقبلها.
    قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، ومكي في تفسير المشكل، وسراج الدين النعماني في اللباب في علوم الكتاب، والألوسي في روح المعاني، وغيرهم.

    قال الألوسي في روح المعاني: أي*يقبلها قبول من*يأخذ*شيئا ليؤدي بدله فالأخذ هنا استعارة للقبول.

    ومنه (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ): خذ: أي اقبل.

    قال الواحدي في الوجيز: {خذ*العفو}*اقبل*الميسور من أخلاق الناس ولا تستقص عليهم وقيل: هو أن يعفو عمن ظلمه ويصل من قطعه.

    قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقال الجمهور في قوله*خذ*العفو*إن معناه*اقبل*من الناس في أخلاقهم وأقوالهم ومعاشرتهم ما أتى عفوا دون تكلف.

    قال القرطبي في تفسيره: أي*اقبل*من الناس ما عفا لك من أخلاقهم وتيسر، تقول: أخذت حقي عفوا صفوا، أي سهلا.*

    فائدة:

    قال أبو حيان في البحر المحيط في التفسير: وفي قوله:*{خذ}، دليل على أن الإمام هو الذي يتولى أخذ*الصدقات وينظر فيها.

    قلت (عبدالرحيم): قوله {خذ}:*فعل أمر وفاعله أنت. (1)؛ فظاهر الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه عام؛ يشمل الأئمة بعده؛ كما أخذ الخلفاء الراشدون الزكوات من المسلمين بعده - صلى الله عليه وسلم -؛ وهذا هو الأصل؛ أن الإمام من يتولى أخذ الصدقات.

    وهذه إشارة عابرة؛ وإلا فيجوز لصاحب الزكاة أن يؤدها بنفسه؛ ولولا الإطالة لبسطت القول في هذه المسألة (إن شاء الله)؛ لكن الحديث عن الأصل.

    وبدليل قوله تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا): والشاهد: " والعاملين عليها "؛ وهم السعاة، والجباة الذين نصبهم الإمام.

    قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: دلت هذه الآية على أن هذه الزكاة*
    يتولى*أخذها*وتفرقتها*الإمام ومن يلي من قبله، والدليل عليه أن الله تعالى جعل للعاملين سهما فيها، وذلك يدل على أنه لا بد في أداء هذه الزكوات من عامل والعامل هو الذي نصبه الإمام لأخذ الزكوات، فدل هذا النص على أن الإمام هو الذي يأخذ هذه الزكوات، وتأكد هذا النص بقوله تعالى: خذ من أموالهم صدقة...".

    انتهى.

    *قوله {مِنْ أَموالِهِم}:* يعني: من الذين قبلت توبتهم.
    قاله السمرقندي في بحر العلوم.

    قال أبو جعفر الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد، خذ من أموال هؤلاء الذين اعترفوا بذنوبهم فتابوا منها.

    قلت (عبدالرحيم): فيه مسألتان:

    الأولى: قوله {خُذْ مِنْ أَموالِهِم}: مِنْ: بيانية، أو تبعيضية.

    فوجه الأول: أنه بيان للصنف المأخوذ؛ الذي بينه الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - فور فرض الزكاة في المدينة. ووجه الثاني: من بعض أموالهم؛ وهذا هو الواقع؛ لأنه لم يأخذ كل أموالهم.

    الثانية: قوله (خُذ مِن أَموالِهِم): ابتدائي وليس سببيا؛ والمعنى خذ من أموال المسلمين؛ ليس فقط الذين تابوا واعترفوا بذنوبهم.

    وهذا أجود من تخصيصه بشيء دون آخر؛ كمن قال: يعني الذين اعترفوا بذنوبهم.

    قال أبو حيان في البحر المحيط في التفسير: وقال جماعة*من*الفقهاء: المراد بهذه الآية الزكاة المفروضة. فقوله: على هذا*من*أموالهم*هو لجميع الأموال، والناس عام يراد به الخصوص في الأموال، إذ يخرج عنه الأموال التي لا زكاة فيها كالرباع والثياب. وفي المأخوذ*منهم كالعبيد، وصدقة*مطلق، فتصدق بأدنى شيء.*

    *قوله {صَدَقَةً}:* يعني الزكاة المفروضة. لأن الزكاة لا تجب في الأموال كلها وإنما تجب في بعضها. (2).

    وقد سبق - بحمد الله - بيان أن الصدقة في الشرع أعم من الصدقة التي من قبيل النفل، والتطوع.

    وقد سمى الله الزكوات المفروضات " صدقات "؛ فقال ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ).

    فمعنى قوله تعالى (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً): صَدَقَةً: يعني: الصدقة المفروضة.
    قاله السمرقندي في بحر العلوم.

    قال النحاس في إعراب القرآن: وهي الزكاة المفروضة.

    *قوله {تُطَهِّرُهُم}:* بها من آثام ذنوبهم، الذي من جملته الشح والبخل؛ الذي يحمل على ترك الواجب.

    وفي الحديث: فرضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهْرَة للصائم من اللَّغْوِ والرَّفَثِ...» (3).

    ومنه قوله تعالى {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرسول فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ}: وَأَطْهَرُ:* يعني تطهيرا لذنوبكم.

    قال البقاعي في نظم الدرر: {وأطهر} لأن الصدقة طهرة ونماء وزيادة في كل خير، ولذلك سميت زكاة {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} والتعبير بأفعل لأنهم مطهرون قبله بالإيمان.

    انتهى.

    فمعنى قوله تعالى {تُطَهِّرُهُم}: من دنس ذنوبهم.
    قاله الطبري في تفسيره.

    وقال السمرقندي في بحر العلوم: (تطهرهم)، يعني: تطهر أموالهم.

    *قوله {وَتُزَكّيهِم بها}:* تنمي أموالهم، ونفوسهم فترفعهم المنازل العالية.

    قال أبو حيان في البحر المحيط: والتزكية مبالغة في التطهر وزيادة فيه، أو بمعنى الإنماء والبركة في المال.*

    قال الطبري في تفسيره: يقول: وتنمِّيهم وترفعهم عن خسيس منازل أهل النفاق بها، إلى منازل أهل الإخلاص.

    قال البغوي في تفسيره: وتزكيهم بها، أي: ترفعهم من منازل المنافقين إلى منازل المخلصين. وقيل: تنمي أموالهم.

    وقال السمرقندي في البحر: وتزكيهم بها، يعني: تصلح بها أعمالهم.

    *قوله {وَصَلِّ عَلَيهِم}:* وادع لهم. والصلاة هنا بمعنى: الدعاء. ومنه " صلاة الجنازة " لأن كلها دعاء.

    وفي الحديث الذي رواه مسلم (1431).: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعي أحدكم، فليجب، فإن كان صائما، فليصل، وإن كان مفطرا، فليطعم». فقوله: " فليصل ": أي فليدعُ.

    ومنه قوله تعالى (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ): وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ: أي ودعوات الرسول.

    قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {وصلوات الرسول} دعاؤه.

    قال الطبري في تفسيره: (وصل عليهم)، يقول: وادع لهم بالمغفرة لذنوبهم، واستغفر لهم منها.

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والصلاة عليهم: الدعاء لهم.

    قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى (وصل عليهم): فيه مشروعية الدعاء لمؤدي الزكاة؛ ففي الصحيحين من حديث عبدالله بن أبي أوفى قَالَ: كَانَ رَسُولُ*اللهِ*صَلَّى*اللهُ*عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ، قَالَ: «اللهُمَّ صَلِّ*عَلَيْهِمْ» فَأَتَاهُ*أَبِي، أَبُو أَوْفَى بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ: «اللهُمَّ*صَلِّ*عَلَى*آلِ*أَبِي*أَوْفَى».

    قلت: وفي وجوبه واستحبابه نزاع.

    قال السمعاني في تفسيره: وقد قال بعض أهل العلم: إنه يجب على الإمام أن يدعو للذي جاء بالصدقة. وقال بعضهم: يستحب، ولا يجب. وقال بعضهم: يجب في الفرض ويستحب في النفل. وقال بعضهم: يجب على الإمام أن يدعو للمعطي، ويستحب للفقير أن يدعو. ومنهم من قال: إن التمس المعطي أن يدعو له يجب؛ وإلا فلا يجب.

    قال النووي في شرحه لمسلم: هذا الدعاء وهو الصلاة امتثال لقول الله عز وجل :*{وصل عليهم}*ومذهبنا المشهور ومذهب العلماء كافة أن*الدعاء لدافع الزكاة سنة مستحبة ليس بواجب.

    *قوله {إِنَّ صَلاتَكَ}:* يعني دعاءك واستغفارك.
    قاله السمرقندي في بحر العلوم.

    قلت (عبدالرحيم): والصلاة في التنزيل لها عدة معان (4):

    الأول: الدعاء؛ كما في الآية التي نحن بصددها.

    الثاني: القراءة: (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا): معناه: ولا تجهر بقراءة صلاتك.
    قاله غلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن.

    الثالث: بمعنى الدين: (قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ): أَصَلَاتُكَ: أي دينك.
    قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وغيرهم.

    الرابع: الصلوات الخمس: ومنه قوله تعالى (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ): قال السيوطي في الجلالين: " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات ": الصلاة الخمس بأدائها في أوقاتها.

    الخامس: الثناء: (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ): صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ: ثناء من ربهم؛ لأن الله غاير بين الرحمة والصلاة.

    قال ابن كثير في تفسيره: أي ثناء*من*الله*عليهم*ورحمة.

    الخامس: مواضع الصلاة؛ أي أماكن العبادة: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا): قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: والبيَعُ بيَعُ النصارى، والصَّلَوَاتُ كنَائِسُ اليَهود، وهي بالعبرانية صَلُوتَا.

    قال السعدي في تفسيره: أي لهدمت هذه المعابد الكبار، لطوائف أهل الكتاب، معابد اليهود والنصارى، والمساجد للمسلمين.

    وقوله تعالى (على قول) : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ): لا تقربوا الصلاة: أي مواضع الصلاة؛ بدليل قوله " إلا عابري سبيل"، فذات الصلاة ليس بها عبور سبيل.

    قال الواحدي في الوجيز: {يا أيها الذين آمنوا*لا*تقربوا*الصلاة} أَي مواضع*الصَّلاة أي: المساجد.

    *قوله {سَكَنٌ لَهُم}:* سَكَنٌ: رحمة، وطمأنينة؛ تطمئن بها نفوسهم.

    قال الواحدي في البسيط: السكن في اللغة: ما سكنت إليه، فالمعنى: إن دعواتك مما تسكن إليه نفوسهم.

    قال السمرقندي: يعني: طمأنينة.

    قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {إن صلاتك سكن لهم} أي: دعاؤك تثبيت لهم وطمأنينة.

    قال الطبري في تفسيره: (إن صلاتك سكن لهم)، يقول: إن دعاءك واستغفارك طمأنينة لهم، بأن الله قد عفا عنهم وقبل توبتهم

    قال النحاس في إعراب القرآن: إذا دعوت لهم حين يأتونك بصدقاتهم سكن ذلك قلوبهم وفرحوا وبادروا رغبة في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم.

    قال السمعاني في تفسيره: {إن صلاتك سكن لهم} أي: دعاؤك سكن لهم، أي: سكون لهم، أي: دعاؤك سكن لهم وطمأنينة وتثبيت.

    قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وجملة:*{ إن صلواتك سكن لهم }*تعليل للأمر* بالصلاة عليهم بأن دعاءه سكن لهم، أي سبب سَكَن لهم، أي خير . فإطلاق السكن على هذا الدعاء مجاز مرسل.

    *قوله {وَاللَّهُ سَميعٌ}:* يسمع فيجيب الدعاء، وفيه صفة السمع لله - جل ذكره -.

    والحديث عن صفة " السمع " لله - جل ذكره - من ناحيتين:

    الأولى: أنه وسع سمعه الأصوات؛ يسمع كل شيء؛ ما أسر وأعلن. وهذا من مستلزمات الربوبية؛ إذ لا يكون ربا إلا إذا كان يسمع؛ لذا عاب إبراهيم على أبيه أن اتخذ ربا لا يسمع (يا أبت لما تعبد ما لا يسمع). وهذا بيّن.

    الثانية: أنه يسمع الدعاء بمعنى يجيب الدعاء. والعامة إذا دعوت قالوا: الله يسمع منك. أي يجيب. وإلا فالله يسمع؛ سواء استجاب لعبده، أم منع الإجابة لمانع ما.

    وليس الشأن أن يسمع الله دعواتك مجرد سماع؛ لأنه يسمع رغم أنفك؛ لكن الشأن أن يستجيب لك.

    ومنه قوله تعالى - على لسان إبراهيم عليه السلام - (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ): لَسَمِيعُ الدُّعَاء: أي لمجيب الدعاء.

    *قوله {عَليمٌ}:* فيه صفة العلم لله - جل ذكره -.

    ..........................

    (1): أنظر: إعراب القرآن وبيانه لمحيي الدين درويش.

    (2): أنظر: النكت والعيون للماوردي.

    (3): قال الألباني في صحيح أبي داود (حديث رقم: ١٤٢٧.): قلت: إسناده حسن، وحسنه ابن قد امة والنووي.

    (4): أنظر الكليات للكفوي.

    كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
    للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

  • #2
    رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد".

    *معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

    قوله تعالى
    ﴿أَلَم يَعلَموا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقبَلُ التَّوبَةَ عَن عِبادِهِ وَيَأخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ﴾ [التوبة: 104].

    *قوله {أَلَم يَعلَموا}:* تقرير. يريد: حقيق أن يعلموا.

    قال الواحدي في البسيط:* ومعنى صيغة الاستفهام هاهنا: التنبيه على ما يجب*أن*يعلموا.

    قال*السمعاني في تفسيره: هو بمعنى الأمر؛ كأنه قال: اعلموا*أن*الله*هويقبل*التوبة*عن*عباده.

    قال ابن عطية في المحرر: وقوله تعالى*{ألم*يعلموا}*تقرير، والمعنى حق لهم*أن*يعلموا.

    *قوله {أَنَّ اللَّهَ}:* بأن الله.

    *قوله {هُوَ}:* وحده.

    قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله*{هو}*تأكيد لانفراد الله*بهذه الأمور وتحقيق لذلك، لأنه لو قال إن
    الله*يقبل*التوبة*لاحتمل، ذلك*أن*يكون قبول رسوله قبولا منه فبينت الآية*أن*ذلك مما لا يصل إليه نبي ولا ملك.

    قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: في هذا التخصيص*هو*أن قبول*التوبة*ليس إلى رسول*الله*صلى*الله عليه وسلم*إنما إلى*الله*الذي*هو*يقبل*التوبةتارة ويردها أخرى. فاقصدوا*الله*بها ووجهوها إليه، وقيل لهؤلاء التائبين اعملوا فإن*عملكم لا يخفى على*الله*خيرا كان*أو شرا.

    قال القرطبي في تفسيره: وقوله تعالى:"*هو" تأكيد لانفراد*الله*سبحانه وتعالى بهذه الأمور.*وتحقيق ذلك*أنه لو قال: إن*الله*يقبل التوبة*لاحتمل*أن*يكون قبول رسوله قبولا منه، فبينت الآية*أن*ذلك مما لا يصل إليه نبي ولا ملك.

    *قوله {يَقبَلُ}:* أي من شأنه*أن*يقبل.*
    قاله البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور.

    *قوله {التَّوبَةَ}:* إذا صحت.
    قاله النسفي في مدارك التنزيل.

    *قوله {عَن عِبادِهِ}:* عَن: بمعنى: من. والمعنى: يقبل التوبة من عباده.

    وإنما ناسب المقام " عن " لأن العاصي قبل التوبة فيه بعد عن ربه. كما تقول: جلس عن جانب أبيه: أي جلس مع شيء من البعد (1).

    قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله تعالى*{عن*عباده}*هي بمعنى «من» ، وكثيرا ما يتوصل في موضع واحد بهذه وهذه، تقول لا صدقة إلا*عن*غنى ومن غنى، وفعل فلان*ذلك من أشره وبطره وعن*أشره وبطره.

    *قوله {وَيَأخُذُ الصَّدَقات}:* أي يقبلها.
    قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، ومكي في تفسير المشكل، والبغوي في تفسيره، وبه قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه، والنحاس في معاني القرآن، ونجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره، والواحدي في الوجيز، والسمعاني في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، وإلايجي الشافعي في جامع البيان، وغيرهم.

    زاد نجم الدين: ويضاعف عليها.

    قال ابن كثير في تفسيره: هذا تهييج إلىالتوبة*والصدقة اللتين كل منها. يحط الذنوب ويمحصها ويمحقها.

    زاد السمرقندي: ومعناه: وما منعهم*عن التوبة*والصدقة، فكيف لم يتوبوا ولم يتصدقوا؟*ألم*يعلموا*أن*الله*هو*يقبل*التوبةعن*عباده *والصدقة؟.

    قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: وتصديق ذلك في كتاب*الله: {هو*يقبل*التوبةعن*عباده*ويأخذ الصدقات} و {يمحق*الله الرباوا ويربي الصدقات} ".

    قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى:" ويأخذ الصدقات" هذا نص صريح في*أن*الله*تعالى*هو*الآخذ لها والمثيب عليها وأن*الحق له عز وجل، والنبي صلى*الله*عليه وسلم واسطة فإن توفي فعامله*هو*الواسطة بعده، والله*عز وجل حي لا يموت.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: {ويأخذ الصدقات} ويقبلها إذا صارت*عنخلوص النية وهو*للتخصيص أي*إن*ذلك ليس إلى رسول*الله*صلى*الله*عليه وسلم إنما*الله*هو*الذي*يقبل*التوبة*ويردها فاقصدوه بها ووجهوها إليه.

    قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى (ويقبل الصدقات): جائز أن مراده الزكواة، أو الصدقات التي من قبيل النفل.

    *قوله {وَ}:* يعلموا.

    *قوله {أَنَّ اللَّهَ}:* الذي فتح باب التوبة.

    *قوله {هُوَ}:* هُوَ: أي وحده.
    قاله البقاعي في نظم الدرر في تناسب ألآيات.

    *قوله {التَّوّابُ}:* على*عباده*بقبول توبتهم.
    قاله السيوطي في الجلالين.

    قال النسفي في مدارك التنزيل: كثير قبول*التوبة.

    *قوله {الرَّحيمُ}:* بهم.
    قاله الجلال السيوطي في الجلالين.

    قال الشوكاني في فتح القدير: وفي صيغة*المبالغة في التواب وفي الرحيم مع توسيط ضمير الفصل. والتأكيد من التبشير لعباده، والترغيب لهم، ما لا يخفى.

    قال القاسمي في محاسن التأويل: لطيفة:
    نقل ابن كثير*عن*الحافظ ابن عساكر*عنحوشب قال: غزا الناس في زمن معاوية، وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فغل رجل من*المسلمين مائة دينار رومية، فلما قفل الجيش ندم، وأتى الأمير، فأبى*أن*يقبلها منه، وقال: قد تفرق الناس، ولن أقبلها منك حتى تأتي*الله*بها يوم القيامة، فجعل الرجل يأتي الصحابة، فيقولون له مثل ذلك. فلما قدم دمشق ذهب إلى معاوية ليقبلها منه، فأبى عليه، فخرج من*عنده وهو*يبكي ويسترجع، فمر بعبد*اللهابن الشاعر السكسكي، فقال له: ما يبكيك؟ فذكر له أمره، فقال له: أو مطيعي*أنت؟ فقال: نعم. فقال: اذهب إلى معاوية فقل له: اقبل مني خمسك، فادفع إليه عشرين دينارا، وانظر إلى الثمانين الباقية، فتصدق بها*عنذلك الجيش، فإن*الله*يقبل*التوبة*عنعباده، وهو*أعلم بأسمائهم ومكانهم، ففعل الرجل. فقال معاوية: لأن*أكون أفتيت بها، أحب إلي من كل شيء أملكه. أحسن الرجل.انتهى.
    في هذه الرواية إثبات ولد لخالد، وفي ظنيأن*صاحب (أسد الغابة) ذكر*أنه لم يعقب، فليحقق.

    ..............................

    (1): أنظر: التفسير الكبير للرازي.

    .................

    كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
    للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

    تعليق


    • #3
      رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد".

      *معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

      قوله تعالى
      ﴿وَآخَرونَ مُرجَونَ لِأَمرِ اللَّهِ إِمّا يُعَذِّبُهُم وَإِمّا يَتوبُ عَلَيهِم وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ﴾
      [التوبة: 106].

      *قوله {وَ}:* عطف؛ على قوله تعالى (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا).
      أفاده الطبري في تفسيره،والثعالبي في الجواهر الحسان، وغيرهم.


      *قوله {آخَرونَ}:* من المتخلفين؛ يعني الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك؛ عصيانا لا نفاقا. وهم الذين تيب عليهم بعد.

      وهم: هلال بن أمية، ومرارة بن ربعيّ، وكعب بن مالك - رضي الله عنهم -؛ وهم الذين أنزل الله فيهم: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا}:

      قال ابن أبي زمنين في تفسيره:{وعلى الثلاثة} أي: وتاب على الذين خلفوا عن غزوة تبوك؛ وهم الذين أرجوا في الآية الأولى في قوله عز وجل: {وآخرون مرجون لأمر الله} وهم: كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن ربيعة.

      قال الماوردي في النكت والعيون: {وَءَاخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ} وهم الثلاثة الباقون من العشرة المتأخرين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة تبوك ولم يربطوا أنفسهم مع أبي لبابة، وهم هلال بن أمية، ومرارة بن الربيع، وكعب بن مالك.

      قال الطبري في تفسيره: ورفع قوله:*"آخرون "، عطفًا على قوله: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا}.

      قال النسفي في مدارك التنزيل: (وآخرون) من المتخلفين موقوفون إلى أن يظهر أمر الله فيهم.

      قال السعدي في تفسيره: أي‏: ‏{‏وَآخَرُونَ‏}‏ من المخلفين مؤخرون.

      قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والمراد بهؤلاء من بقي من المخلَّفين لم يتب الله عليه ، وكان أمرهم موقوفاً إلى أن يقضي الله بما يشاء . وهؤلاء نفر ثلاثة ، هم : كعب بن مالك ، وهِلال بن أمية ، ومُرارة بن الربيع ، وثلاثتهم قد تخلفوا عن غزوة تبوك . ولم يكن تخلفهم نفاقاً ولا كراهية للجهاد ولكنهم شُغلوا عند خروج الجيش وهم يحسبون أنهم يلحقونه وانقضت الأيام وأيسوا من اللحاق .

      مسألة:

      فإن قلت ما الفرق بين المذكورين في الآية التي نحن بصدده (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ)، وبين قوله (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ)؟

      اعلم أنه تعالى قسم المتخلفين عن الجهاد ثلاثة أقسام:
      القسم الأول: المنافقون الذين مردوا على النفاق.

      القسم الثاني: التائبون وهم المرادون بقوله: وآخرون اعترفوا بذنوبهم وبين تعالى أنه قبل توبتهم.

      والقسم الثالث: الذين بقوا موقوفين وهم المذكورون في هذه الآية، والفرق بين القسم الثاني وبين هذا الثالث، أو أولئك سارعوا إلى التوبة وهؤلاء لم يسارعوا إليها.
      قاله الفخر الرازي في التفسير الكبير.

      *قوله {مُرجَونَ}:* أي مؤخرون. أخرهم الله ليقضي فيهم أمره.

      وأصله (مرجئون)؛ بالهمز؛ يقال: " أرجأت" أي أخرت، من التأخير. يعني مرجئون لأمر الله وقضائه، وحكمه؛ أي مؤخرون.

      والإرجاء : التأخير. ومنه سميت المرجئة؛ لتأخيرهم العمل عن الإيمان. ولأنهم لا يجزمون القول بمغفرة التائب ولكن يؤخرونها إلى مشيئة الله تعالى. (1).

      " والمرجئون "أي المؤخرون: هم الثلاثة الذين تخلفوا عن غزاة تبوك؛ لا نفاقا وجحودا؛ فأرجأ الله أمرهم إلى أن صحت توبتهم، فتاب عليهم، وعفا عنهم.

      وفيه دليل بيّن أن الله يهمل العبد بعد الذنب لعله يحدث توبة؛ لذا يجب على العبد إن زل ووقع في الذنب أن يبادر بالتوبة على الفور؛ وهذا بحث طويل وفقه بالغ الأهمية يجب تفقهه؛ فما عذب أكثر أهل القبور إلا بسبب جهلهم هذا الباب؛ فقد لبس عليهم إبليس؛ ولقي أكثرهم ربهم من غير توبة؛ ظنا منهم أن الله لا يقبل توبتهم لتكرار الذنب - سلمني الله وإياكم -.

      أين هم من قول النبي صلى الله عليه وسلم؛ الذي (لا ينطق عن الهوى)؛ في حديث من أعظم الأحاديث، وأرجاها للعبد؛ ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن عبدا أصاب ذنبا - وربما قال*أذنب*ذنبا - فقال: رب*أذنبت - وربما قال: أصبت - فاغفر لي، فقال ربه: أعلم*عبديأن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا، أو*أذنب*ذنبا، فقال: رب*أذنبت - أو أصبت - آخر، فاغفره؟ فقال: أعلم*عبدي*أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم*أذنب*ذنبا، وربما قال: أصاب ذنبا، قال: قال: رب أصبت - أو قال*أذنبت - آخر، فاغفره لي، فقال: أعلم*عبدي*أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي*ثلاثا، فليعمل ما شاء ".

      انتهى.

      قال الفراء في معاني القرآن: (مرجون) يريد أرجئوا أن يعذبوا أو يتاب عليهم.

      قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: وقرئ مرجئون بالهمز وتركه وهما لغتان ومعناه التأخير.

      فمعنى قوله تعالى (مُرجَونَ): أي مؤخرون.
      قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، والنحاس في معاني القران، وغلام ثعلب في ياقوتة الصراط، والماوردي في النكت والعيون، ونجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن، وابن الهائم في التبيان، والواحدي في الوجيز، وابن الجوزي في زاد المسير.

      زاد الماوردي: موقوفون لما يرد من أمر الله تعالى فيهم.

      وزاد نجم الدين: محبوسون لما ينزل من أمره، وهم الثلاثة الذين خلّفوا هلال بن أميّة، ومرارة بن الربيع، وكعب بن مالك.

      قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: يقال أرجأت الأمر، إذا أخرته.

      قال القرطبي في تفسيره: والتقدير : ومنهم آخرون مرجون؛ من أرجأته أي أخرته. ومنه قيل: مرجئة؛ لأنهم أخروا العمل .

      قال الطبري في تفسيره: (وآخرون مرجون)، يعني: مُرْجئون لأمر الله وقضائه. يقال منه: " أرجأته أرجئه إرجاء وهو مرجَأ "، بالهمز وترك الهمز، وهما لغتان معناهما واحد.

      قال الأخفش الأوسط في معاني القرآن: وقال {وآخرون مرجون} لأنه من "أرجأت".

      قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ): أَرْجِهْ: أخر. يعني: أخر أمرهما حتى تبعث الشرط لتجمع السحرة. وحاشرين: جامعين.

      قال النسفي في مدارك التنزيل: أي اخروا حبس أي أخر أمره ولا تعجل أو كأنه هم بقتله فقالوا أخر أمره واحبسه ولا تقتله ليتبين سحره عند الخلق.

      ومنه (تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ): تُرْجِي: أي تؤخر من تشاء من أزواجك، وتضم من تشاء منهن.

      فقوله (تُرْجِي): أي تؤخر.
      قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، وابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن، وغيرهم.

      *قوله {لِأَمرِ اللَّهِ}:* لحكم الله، وقضائه فيهم بما يشاء.

      قال السمعاني في تفسيره: وأمر الله تعالى هنا: حكم الله.

      قال البغوي في تفسيره: (لِأَمرِ اللَّه) لحكم الله عز وجل فيهم ، وهم الثلاثة الذين تأتي قصتهم من بعد: كعب بن مالك ، وهلال بن أمية ، ومرارة بن الربيع.

      قال الواحدي في الوجيز: {وآخرون مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ} مُؤخَّرون ليقضي الله فيهم ما هو قاضٍ.

      *قوله {إِمّا يُعَذِّبُهُم}:* الله؛ جزاء ًعلى تخلفهم.

      قال الدعاس في إعراب القران: {يُعَذِّبُهُمْ} مضارع فاعله مستتر والهاء مفعوله والجملة خبر.

      قال النسفي في مدارك التنزيل: {إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ} إن أصروا ولم يتوبوا.

      قال الطبري في تفسيره: فإنه يعني: إما أن يحجزهم الله عن التوبة بخذلانه، فيعذبهم بذنوبهم التي ماتوا عليها في الآخرة.

      قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى (إِمّا يُعَذِّبُهُم): فيه مسألتان:

      الأولى: قوله (إِمّا): حرف من معانيه الشك؛ تقول: آتيك إما بكرة أو عشيا. والشك محال على الله؛ فالله يعلم أزلا أنه سيتوب عليهم أم لا؛ لذا ختم الآية بقوله (والله عليم حكيم): أي عليم بما يؤول إليه حالهم، حكيم فيما فعله من إرجائهم (2).

      لكنه تعالى يخاطب الناس بما يفهمونه؛ كما في قوله (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ): وليس ثم خلق أصغر، أو أكبر على الله من خلق؛ فالكل عنده سواء لتمام قدرته.

      لكنه تعالى ربنا يخاطب الناس بما يفهمون؛ وكأنه يقول: على فهمكم أيها الناس " خلق السماوات والأرض في النشأة الأولى، أكبر من خلقكم أول مرة؛ فإعادتكم يوم القيامة أيسر؛ وهذا في مفهومكم أنتم؛ يعني لا أعجز أن أعيدكم من عدم مرة أخرى"؟!.

      قال السمين الحلبي في الدر المصون: و «إما» هنا للشك بالنسبة إلى المخاطب، وإما للإبهام بالنسبة إلى أنه أبهم على المخاطبين.

      قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: (إما) لوقوع أحد الشيئين، والله عز وجل عالم بما يصير إليه أمرهم، إلا أن هذا للعباد، خوطبوا بما يعلمون، فالمعنى لكن أمرهم عندكم علي هذا في الخوف والرجاء.

      قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: لقائل أن يقول: إن كلمة «إما» و «إما» للشك، والله تعالى منزه عنه. وجوابه المراد منه ليكن أمرهم على الخوف والرجاء، فجعل أناس يقولون هلكوا إذا لم ينزل الله تعالى لهم عذرا، وآخرون يقولون عسى الله أن يغفر لهم.

      المسألة الثانية:

      قول الطبري في تفسيره: وأما قوله: (إما يعذبهم)، فإنه يعني: إما أن يحجزهم الله عن التوبة بخذلانه، فيعذبهم بذنوبهم التي ماتوا عليها في الآخرة.

      قلت: فيه أن الله تعالى هو الذي يوفق العبد للتوبة، والرجوع عن المعصية؛ فإذا كان ذلك كذلك فعلى العبد أن يلّحَ على ربه أن يتوب عليه، ويعصمه من الذنب؛ لأن العبد إذا هان على الله تركه، وإذا أراد به خيرا عصمه؛ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من سؤال ربه التوبة. والأحاديث في الباب كثيرة.

      ولذا قال الله:

      *{وَإِمّا يَتوبُ عَلَيهِم}:* بفضله.
      قاله الواحدي في الوجيز.

      قال الطبري في تفسيره: يقول: وإما يوفقهم للتوبة فيتوبوا من ذنوبهم، فيغفر لهم.

      قال ابن كثير في تفسيره: وقوله : ( إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ) أي : هم تحت عفو الله ، إن شاء فعل بهم هذا ، وإن شاء فعل بهم ذاك ، ولكن رحمته تغلب غضبه

      *قوله {وَ}:* هو.

      *قوله {اللَّهُ}:* الذي يوفق للتوبة، أو يحجز عنها.

      *قوله {عَليمٌ}:* والله ذو علم بأمرهم وما هم صائرون إليه من التوبة والمقام على الذنب.
      قاله الطبري في تفسيره.

      *قوله {حَكيمٌ}:* في الأمر عامة، وتوفيق من شاء إلى التوبة وحجزه من شاء عنها خاصة؛ فله الحكمة البالغة؛ التي لا يسمع العبد فيها إلا التسليم لسيده - عز وجل -.

      قال الطبري في تفسيره: في تدبيرهم وتدبير من سواهم من خلقه، لا يدخل حكمه خَلَلٌ.

      قال ابن كثير في تفسيره: وهو ( عليم حكيم ) أي : عليم بمن يستحق العقوبة ممن يستحق العفو ، حكيم في أفعاله وأقواله ، لا إله إلا هو ، ولا رب سواه .

      قال ابن الجوزي في زاد المسير: والله عليم حكيم أي: عليم بما يؤول إليه حالهم، حكيم بما يفعله بهم.

      قال السعدي: ‏{حَكِيمٌ‏}‏ يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها، فإن اقتضت حكمته أن يغفر لهم ويتوب عليهم غفر لهم وتاب عليهم، وإن اقتضت حكمته أن يخذلهم ولا يوفقهم للتوبة، فعل ذلك‏.‏

      قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: {والله عليم حكيم} تذييل مناسب لإبهام أمرهم على الناس ، أي والله عليم بما يليق بهم من الأمرين ، محكم تقديره حين تتعلق به إرادته.

      انتهى.

      المعنى الإجمالي للآية؛ من كتاب (المختصر في التفسير):

      ومن المُتخَلِّفين عن غزوة تبوك قوم آخرون لم يكن لهم عذر، فهؤلاء مُؤخَّرون لقضاء الله وحكمه فيهم، يحكم فيهم بما يشاء: إما أن يعذبهم إن لم يتوبوا إليه، وإما أن يتوب عليهم إن تابوا، والله عليم بمن يستحق عقابه، وبمن يستحق عفوه، حكيم في شرعه وتدبيره، وهؤلاء هم: مرارة بن الربيع، وكعب بن مالك، وهلال بن أمية.

      انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

      ..................
      (1) : انظر البسيط للواحدي.
      وقال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقرأ أبو عمرو وعاصم وأهل البصرة «مرجؤون» من أرجأ يرجىء بالهمز، واختلف عن عاصم، وهما لغتان، ومعناهما التأخير ومنه المرجئة لأنهم أخروا الأعمال أي أخروا حكمها ومرتبتها، وأنكر المبرد ترك الهمز في معنى التأخير وليس كما قال

      (2) قال الماوردي في النكت والعيون: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أي عليم بما يؤول إليه حالهم، حكيم فيما فعله من إرجائهم.
      ...................................

      كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
      للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

      تعليق


      • #4
        رد: معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد".

        قوله تعالى
        ﴿وَيَجعَلونَ لِلَّهِ البَناتِ سُبحانَهُ وَلَهُم ما يَشتَهونَ۝وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثى ظَلَّ وَجهُهُ مُسوَدًّا وَهُوَ كَظيمٌ﴾ [النحل: 57-58].

        *قوله {وَ}:* ومن جملة افتراء المشركين على الله.

        *قوله {يَجعَلونَ لِلَّهِ البَناتِ}:* كانت خزاعة وكنانة تقول الملائكة بنات الله.
        قاله النسفي في مدارك التنزيل.

        *قوله {سُبحانَهُ}:* تنزه عن كل نقص، وعما زعموا.

        قال القرطبي في تفسيره: نزه نفسه وعظمها عما نسبوه إليه من اتخاذ الأولاد .

        قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: معناه تنزيه له من السوء.

        *قوله {وَ}:* يجعلون.

        *قوله {لَهُم}:* لأنفسهم.

        *قوله {ما يَشتَهونَ}:* من البنين.

        وكيف يصفون الله بالبنات وأنفسهم بالبنين؟!؛ إنها قسمة جائرة. قال تعالى (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثى . تِلكَ إِذًا قِسمَةٌ ضيزى).

        ونحوه (فَاستَفتِهِم أَلِرَبِّكَ البَناتُ وَلَهُمُ البَنونَ).

        قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {ولهم*ما*يشتهون} أي: البنين، فإنهم كانوا يقولون له*البنات، ولنا البنون.
        *
        قال السمرقندي في بحر العلوم: (ولَهُم ما يَشتَهون) يعني: الأولاد الذكور، أي: يصفون لغيرهم*البنات، ولأنفسهم الذكور.

        قال البغوي في تفسيره (سبحانه ولهم ما يشتهون)*أي:* ويجعلون لأنفسهم البنين الذين يشتهونهم، فتكون*" ما "*في محل* النصب، ويجوز أن تكون على الابتداء فتكون*" ما "*في محل* الرفع.

        قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وإنا قدم*{ سبحانه} على قوله :*{ولهم ما يشتهون}*ليكون نصّاً* في أن التّنزيه عن هذا الجعل لذاته وهو نسبة البنوّة لله، لا عن جعلهم له خصوص البنات دون الذكور الذي هو أشدّ فظاعة ، كما دلّ عليه قوله تعالى :*{ولهم ما يشتهون}، لأن ذلك* زيادة في التّفظيع.

        *قوله {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثى}:* أخبر بولادة ابنة.
        قاله الواحدي في الوجيز.

        *قوله {ظَلَّ}:* يعني صار بلغة هذيل.
        حكاه عبدالله بن حسنون السامري في اللغات في القرآن.

        قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: ويستعمل*{ ظَلّ }*بمعنى صار . وهو المراد هنا.

        *قوله {وَجهُهُ مُسوَدًّا}:* متغيرا من عظيم الغم الذي نزل به.

        قال السمرقندي في بحر العلوم: أي صار وجهه متغيرا من الحزن والخجل.

        قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: فابيضاض الوجوه عبارة عن المسرة، واسودادها عبارة عن المساءة.

        *قوله {وَهُوَ كَظيم}:* كَظيم: أي كاظم؛ فهو فعيل بمعنى فاعل. يعني ممسكا غيظه، وحزنه لا يخفيه.

        قال البغوي في تفسيره: وهو ممتلئ* حزنا وغيظا فهو يكظمه أي: يمسكه ولا يظهره.

        قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وكظيم بمعنى كاظم كعليم وعالم، والمعنى أنه يخفي وجده وهمه بالأنثى.

        قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: والكظيم*الذي يخفي غيظه ولا يشكو ما به،*وهو*فعيل*بمعنى فاعل، كعليم.*

        ..............................
        كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424

        تعليق

        يعمل...
        X