الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فإننا نريد أن نفعّل دور المسلم في البنيان الدعوي ،
لنجعل مصير الدعوة هما مشتركا بين جميع المسلمين ، فالمتصور أن الصراع بين الحضارات الآن يأخذ طابع الصراع المصيري الذي هو أشبه ما يكون بميدان حرب تستخدم فيه كل الأسلحة ، ومثل هذا الصراع المصيري الذي يكون شعاره : نكون أو لا نكون ،
لا بد أن يتحمل كل فرد منتم لحضارة ما مسئوليته في الدفاع عن مصيره بل وجوده ، ولم يعد الأمر مجرد دفاعات جماعية حول الحصون المغْزُوَّة من كل جانب .
وعصرنا الذي نعيشه الآن يحمل هذه السمات ، لذا كان لزاما أن تتفاعل جهود كل المسلمين للذب عن دينهم والقيام بأمره . ونحن لا ننتظر من مسلمي البطاقات شيئا ، ولكننا ننظر بعين الأمل ، ونرقب بهاجس الاستبشار إلى من خالط الإيمان بشاشة قلبه ،
واحترق ألما لما يراه من مكر الليل والنهار ، والكيد العظيم الذي يكاد للمسلمين في كل بقاع الأرض .
إلى مثل هذا الغيور نمد أيدينا وننادي عليه أن هلم إلى القافلة ، وبادر إلى تسجيل نفسك في كتيبة المدافعين عن حياض الدين ، ولا تكن كالمخلفين الذي فرحوا بمقعدهم خلاف ركب الإيمان ، ورضوا بأن يكونوا مع الخوالف ، ذرهم في ريبهم يترددون وانهض بهمة المجاهد إلى منادي الفلاح ، واجعل الإيمان من خير العتاد .
إننا نتصور أن أي واحد من أولئك يستطيع أن يقيم للإسلام صرحا لو أنه ساهم بجهد قليل في الدعوة إلى الله ، ونحن نضع بين يديك أيها الغيور على دين الله هذه الطريقة وهذه الأفكار لنقطع عليك المعاذير ، ونلجم إرادتك بلجام العزيمة القوية ، فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين .
إن المسلم موجود في كل مكان على هذه الأرض ، موجود في الفاتيكان ( مقر البابوية الكاثوليكية )
موجود في تل أبيب ، موجود في أمريكا أرض الفساد والشرور ، موجود في كل البلاد الوثنية وغير الوثنية ،
موجود في أدغال أفريقيا والأمازون ، وصحاري العالم أجمع موجود فيها ذلك المسلم .
ونريد من ذلك المسلم أن يقوم بوظيفة واحدة ، سهلة يسيرة ، أن يتكلم مع غيره ،
أن يفتح حوارا ، أن يختار هو مادة هذا الحوار ، أن يوجه دفته بذكائه ،
أن يأخذ بن يحاوره ذات اليمنة واليسرة ليقوده إلى النتيجة بنفسه ، فإذا هو خصمه قد حج نفسه بنفسه .
نريد ذلك المسلم أينما كان أن يتبنى قضية سهلة ، يستطيع أن يجوب بها البلاد ، لا نريد أن نعقد له الأمور ،
نريده أن يحمل هما واحدا ، ويجعله القضية التي يجول بها ويصول ، ويفكر ويدبر ويخطط ،
نريد أن نجعله يحدد أهدافه على ضوء تلك القضية التي جعلها محور دعوته .
إن الدعوة الفردية عالَمٌ خَصْبٌ من الجهود والأفكار والأعمال ، وأكثر ما يُمْتِعُ فيه أنه سَهْلُ التنفيذ سريع الأثر . وهذان هما المقصدان الأساسان في الدعوة الفردية .
إن الدعوة الفردية ليست تربية عميقة الأثر، ولكن الدعوة الفردية رسالة متنقلة يحملها الداعية الميداني إلى كل مكان ، إنه لن يعاني كما يعاني المربي ؛ لأنه ليس مخاطبا بالنتيجة ومحاسبا عليها كذاك ، ولكنه يحمل قضية الإسلام كدين يجوب بها في كل مكان ،
إنه يخاطب كل البشر ، يدعو كل الطوائف ، ينصح كل الناس ،
يحاور كل الأجناس ، يتداخل مع كل الأنواع والأصناف .
إن عدته ما تَعَلَّمَه من العلم ولو كان قليلاً ، فهو ينصح من يراه لا يصلي؛ لأنه يعرف أن ترك الصلاة من كبائر الذنوب ،إن المسلم موجود في كل مكان على هذه الأرض ، موجود في الفاتيكان ( مقر البابوية الكاثوليكية )
موجود في تل أبيب ، موجود في أمريكا أرض الفساد والشرور ، موجود في كل البلاد الوثنية وغير الوثنية ،
موجود في أدغال أفريقيا والأمازون ، وصحاري العالم أجمع موجود فيها ذلك المسلم .
ونريد من ذلك المسلم أن يقوم بوظيفة واحدة ، سهلة يسيرة ، أن يتكلم مع غيره ،
أن يفتح حوارا ، أن يختار هو مادة هذا الحوار ، أن يوجه دفته بذكائه ،
أن يأخذ بن يحاوره ذات اليمنة واليسرة ليقوده إلى النتيجة بنفسه ، فإذا هو خصمه قد حج نفسه بنفسه .
نريد ذلك المسلم أينما كان أن يتبنى قضية سهلة ، يستطيع أن يجوب بها البلاد ، لا نريد أن نعقد له الأمور ،
نريده أن يحمل هما واحدا ، ويجعله القضية التي يجول بها ويصول ، ويفكر ويدبر ويخطط ،
نريد أن نجعله يحدد أهدافه على ضوء تلك القضية التي جعلها محور دعوته .
إن الدعوة الفردية عالَمٌ خَصْبٌ من الجهود والأفكار والأعمال ، وأكثر ما يُمْتِعُ فيه أنه سَهْلُ التنفيذ سريع الأثر . وهذان هما المقصدان الأساسان في الدعوة الفردية .
إن الدعوة الفردية ليست تربية عميقة الأثر، ولكن الدعوة الفردية رسالة متنقلة يحملها الداعية الميداني إلى كل مكان ، إنه لن يعاني كما يعاني المربي ؛ لأنه ليس مخاطبا بالنتيجة ومحاسبا عليها كذاك ، ولكنه يحمل قضية الإسلام كدين يجوب بها في كل مكان ،
إنه يخاطب كل البشر ، يدعو كل الطوائف ، ينصح كل الناس ،
يحاور كل الأجناس ، يتداخل مع كل الأنواع والأصناف .
ويَزْجُرُ شاربَ الدخان؛ لأنه علم دليل حرمته ، ويحاربُ المخدرات ومن يتاجر فيها؛
لأنه تبين له وجه الخطر والشر على المجتمع منها ، يواجه التبرج والسفور باعتباره رذيلة تُهَدِّدُ عفَّة المجتمع ومُثُلَه ، يُجَابِهُ الانحلال في أجهزة الإعلام؛ لأنه يعلم خطر ذلك على البناء الخلقي للمجتمع .
إن مثل هذه القضايا يحملها كل مسلم أينما حل أو ارتحل ، ونحن نطالب كل مسلم ألا يقف موقف المتفرج ، بل يبادر إلى الصدع بالحق في كل ميدان ، ليحاور زملاءه في العمل ، ليحاور المدرسُ تلاميذه ،
ليحاورْ طالبُ الجامعة أصدقاءه ، ليحاور الراكبُ في المواصلات مَنْ مَعَهُ من الركاب ، ليحاور المسلمُ أقرباءه في كل زيارة أو مناسبة اجتماعية ، ليحاوِر المسلم ُكل من حوله من الناس .
إن هذه الدعوة الدءوب هي التي ستجعل الإسلام قضية المجتمع ، وهي التي ستحيي في الناس عاطفة التدين ، وتَصْرِفُ اهتماماتهم إلى المعالي ، ومثل هؤلاء الدعاة في كل ميدان هم الذين يحددون للمجتمع أولويات اهتماماته ، وهم الذين يصوغون الرأي العام إن جاز التعبير .
إن المطلوب من المسلم الذي يمارس الدعوة الفردية ألا ييأس من النتائج ، وألا يقنط من التخاذل ، فهو لا يدعو ليهدي ،
ولكنه يدعو لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفـلى .
إن المتصور هو أن نستثير اهتمامات الناس بالدين ، لا أن نصل بهم إلى نقطة معينة في الالتزام بالدين ، فالعملية الدعوة التي تفرز إنسانا ملتزما بالدين عملية معقدة ، وهي أشبه بالدورة التي يلتقط فيها المدعو من كل بستان زهرة حتى تتكون لديه باقة من الأزهار إن أعجبته جمعها وزين بها بيته ، فيعلم الداخل أن ذلك المدعو قد أعجب بتلك الأزهار ، إذ لو لم تعجبه لما زين بها بيته ،
وقضايانا التي ندعو الناس إليها أشبه بتلك الأزهار ، فيتلقى المدعو زهرة في مكان عمله ، حتى إذا ركب وسيلة المواصلات وجد من يقدم له زهرة أخرى ، فإذا أفضى إلى الشارع الذي يسكن فيه وجد من جيرانه من يقدمه له أخرى ، ثم إذا عرج على دكان ليشتري شيئا وجد داعية في الدكان يهديه زهرة رابعة ، ثم إذا دخل البيت قد يجد ابنه الملتزم يبادر إليه بزهرة خامسة ، ثم تتوالى الأزهار على ذلك المدعو حتى تتم الهداية بتوفيق الله تعالى .
إن هذه الصورة التي رسمتها لك – أيها الأريب – هي أقرب ما تكون للواقع الذي نعيشه ونحياه ،
فالناس من حولنا يرون بساتين الصحوة في كل مكان ، منهم من يجفل ويخاف ، فيرقب من بعيد ،
فهذا يحتاج إلى تشجيع ، ومنهم من يشك ويظن الظنون ، فهذا يحتاج إلى إقناع ،
ومنهم من اقتنع ولكنه واهن العزيمة فهذا يحتاج إلى دفعة ، ومنهم من اقتنع واندفع ولكنه انتكس وملّ ، فهذا يحتاج إلى شحنة .
كل إناء بما فيه ينضح ، والفرد في المجتمع ما هو إلا كيس يتلقى ما يلقى فيه ، فهو إن مر بتلك السلسلة التي ذكرناها فلم يجد من يدعوه أو تخاذل الدعاة عن دعوته فسيجد من يملأ كيسه بقضايا أخرى ، ولربما كانت تلك القضايا تصب في العداء للدين ، ويكون الخسران المبين عاقبة الذي قصروا في إيصال الحق إلى الخلق لظنهم أن كلمتهم لا تفيد ، والواقع أن الكلمة الواحدة لا تفيد ، ولكن كلمة منك وأخرى من غيرك ستجعل للمدعو رصيدا ينهض بإيمانه ويدفع بيقينه ليسامت العليين ، وما أدراك ما عليون .؟!
في أواخر القرن السابع عشر تقريبا دفع أحد رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية بمحام يسمى هيوستن إلى مقاطعة من المقاطعات المجاورة للولايات المتحدة ، وقال له : إن أمريكا تحتاج إلى تلك المقاطعة ،
وليس عندي من مال ولا عتاد ما أمدك به لتأتي إلي بهذه المقاطعة ، فجمع هيوستن ثيابه وذهب إلى تلك المقاطعة واستأجر مكتبا للمحاماة ، وفي بضع السنين عبر محاوراته ومقالاته في الصحف ومداولاته مع الوجهاء أقنع شعب تلك المقاطعة أن يطالب الانضمام إلى الولايات المتحدة ، وقد حدث المتوقع وتم الاستفتاء ، وضمت تلك الولاية التي سموها بولاية هيوستن امتنانا لجهود ذلك المحامي الذي لم يطلق رصاصة واحدة في سبيل ضم مقاطعة تعادل مساحتها مساحة نصف مساحة فلسطين تقريبا ، فهل من مدكر ؟!!
قال صلى الله عليه وسلم : ( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا ) ، رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني، وحمله العلماء على الجدال غير المثمر ، أو الجدال مع من حصل اليقين بعدم استجابته وعناده ، جمعا بين هذا الحديث وبين قوله تعالى : { قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}
وسأسوق أمامك بعض الوصايا التي أعتقد أنها من الأهمية بمكان حتى تستطيع ممارسة الدعوة الفردية بصورة أفضل ، وبعد قراءتك لهذه الوصايا ستحصل ما يلي – إن شاء الله - :
(1) الثقة بالنفس ، والثقة في الله .
(2) الاستعداد وعدم الارتجال .
(3) الهدوء والروية وعدم الاستعجال .
(4) التركيز وعدم التشتت وراء الموضوعات الفرعية .
(5) تلخيص نتائج دعوتك للخروج بفائدة واضحة .
أولا : اقتنع بالقضية واعتبر نفسك الجندي الوحيد في الميدان ، وأن معركتك مع شيطان الهوى ستحسم بمجهودك .
ثانيا : تبرأ من حولك وطولك واستيقن أن الهداية بيد الله -عز وجل- .
ثالثا : اختر الزمان والمكان المناسب ، إلا في بعض الحالات التي تقتضي الصدع بالحق خوف فوات الفرصة .
رابعا : الأصل في سمتك الهدوء والابتسام ، فإذا احتجت إلى التجهم لصرامة الموضوع فلا بأس ،
شريطة ألا يئول ذلك إلى التنفير ، وأنت خبير بردود أفعال من أمامك .
خامسا : تكلم في المنكر الحال ، وتجنب النصح في أمور لا تعلم عن حال المدعو فيها شيئا
( إلا إذا كنت تعلم من المدعو أمرا بعينه يحتاج إلى النصح فيه ) ، فإذا رأيته يدخن فلتكن نصيحتك عن حرمة التدخين ، ولا تكلمه عن غض البصر مثلا حال كونك لا تدري : هل هو ممن يغض البصر عن المحرمات أم لا ؟ وممكن نصحه في الأمور الأخرى عبر جذبه إلى تلك الموضوعات بطريقة سلسة.
سادسا : نحن دعاة الحق نتكلم بلسان الشرع ، فلا بد من النطق بأحكام الشرع لا أحكام العرف ،
فلا يناسب أن تنصح متبرجة قائلا إن السفور عيب ، بل يجب أن تعلم حكم الشرع فإن جهلته بينته لها .
سابعا : إن التخويف بالنار قد لا يصادف محلا عند البعض فلا بأس أن تميل بهم إلى الحديث عن البشارة ، وما أعد الله للطائعين ،
ثم تردف ذلك بلفحة من نار جهنم .
ثامنا : كن بسيطا في حديثك ، وتجنب التفيهق والتقعر واستخدام غريب الألفاظ والمعاني ،
ومن لوازم الدعوة الناجحة رشاقة العرض ، ويكون ذلك بالتناسق بين تعبير الوجه ومعاني الكلمات وحسن المنطق وعدم التكلف في حركة الشفتين ولفظ الحروف ، وكذا التناسق بين تعبير الوجه ومعاني الكلمات مع حركة اليد ، ولتحرص على تناسب إشارة اليد مع معاني الكلمات لتكون معبرة عن ثقة في المتحدث وجدية في الحديث ، ويناسب عند الحديث عن الأمور الصارمة مثلا أن يشير بقبضة اليد ، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم شواهد على هذا المعنى .
تاسعا : ركز نظرك في وجه من تحدثه ، فللعين جزالة في التأثير وتعبير عن الصدق يفوق ما في فصيح الكلام .
عاشرا : لا تهجر نصوص الوحي المطهر عندما تحدث الناس ، فإنهم مخاطبون بكلام ربهم بالأصالة ،
وليس بكلامك ، فاستيقن إذا أن في كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم من البركة في التأثير أكثر مما في كلامك .
الحادي عشر : لا تكثر من الكلام عن نفسك وعن غيرك ، فتقول أنا وفلان ،
وفلان وأنا ، بل حاول أن تجعل من تحدثه في محل اهتمامك نظرا وحديثا ، فحاول إذا أن تستغل خصلة فيه محمودة فتمدحه عليها مكتسبا وده وإعجابه .
المفيد لجواز الجدال
صناعة الحياة للراشد
30 طريقة لخدمة الدين
تعليق