إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مـــــــع اللـــــــــه-أسماء الله الحسنى ...للدكتور محمد راتب النابلسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    رد: مـــــــع اللـــــــــه-أسماء الله الحسنى ...للدكتور محمد راتب النابلسي

    اسم الله المليك 1
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
    من أسماء الله الحسنى: ( المليك ):
    أيها الإخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، واليوم مع اسم ( المليك ).
    1 ـ ورودُ اسم ( المليك ) في القرآن الكريم والسنة النبوية:
    هذا الاسم ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى:
    ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ﴾
    ( سورة القمر )
    العلم والعمل مقياسان شرعيان لتقييم الناس:
    أيها الإخوة، البشر لهم مقاييس، يكبرون الغني، يكبرون القوي، يكبرون الوسيم، يكبرون الذكي، لكن خالق البشر من خلال القرآن الكريم يتعمد قيمة العلم، وقيمة العمل، قال تعالى:
    ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
    ( سورة الزمر الآية: 9 )
    ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾
    ( سورة المجادلة الآية: 11 )
    ﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ ﴾
    ( سورة الأنعام الآية: 123 )
    فالقرآن الكريم من عند الخالق العظيم، اعتمد قيمة العلم والعمل، بينما أهل الدنيا اعتمدوا القوة والمال، والوسامة والذكاء، والبطولة أن تأتي مقاييسك وفق مقاييس القرآن، لا وفق مقاييس البشر، لذلك: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
    (( رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ))
    [ رواه مسلم ]
    وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
    (( كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ))
    [ رواه الترمذي ]
    فالبطولة أن تكون صاحبَ:
    ﴿ مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ﴾
    لا أن تكون لك مكانة عند أهل الأرض وأنت لا ترضي الله، البطولة أن تكون لك مكانة عند ( المليك ) المقتدر.
    مَن هو الوليُّ:
    فلذلك من أدق تعريفات الولي في القرآن الكريم تعريف بسيط.
    بالمناسبة، ليس الولي الذي يمشي على وجه الماء، ولا الذي يطير في الهواء، الولي كل الولي الذي تجده عند الحلال والحرام، أن يراك حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك، تعريف الولي في القرآن الكريم:
    ﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ﴾
    ( سورة يونس )
    فقط.
    سيدنا سعد بن أبي وقاص كان خال النبي، وكان عليه الصلاة والسلام يحبه كثيراً ويداعبه، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَقْبَلَ سَعْدٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

    (( هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ ))
    [ الترمذي ]
    وما فدى أحداً من أصحابه كما فدى سعد ابن أبي وقاص، فعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ إِلَّا لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ:
    (( يَا سَعْدُ ارْمِ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ))
    [ متفق عليه ]
    ومع ذلك قال له سيدنا عمر بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام: << يا سعد، لا يغرنك أنه قد قيل: خال رسول الله، فالخَلق كلهم عند الله سواسية، ليس بينه وبينهم قرابة إلا طاعتهم له >>.
    ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾
    ( سورة الحجرات الآية: 13 )
    فالمعنى الأول من اسم ( المليك ) أن يكون لك عند هذا الإله العظيم ( المليك ) مقعد صدق:
    ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ﴾
    وقد ورد أيضاً في السنة الصحيحة حيث أن أبا بكر رضي الله عنه، قال: يا رسول الله مُرني بشيء أقوله إذا أصبحت، قال:
    (( قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ، عالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أشْهَدُ أن لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطانِ وَشِرْكِهِ. قالَ: قُلْها إذَا أصْبَحْتَ، وَإذَا أمْسَيْتَ، وَإذَا أخَذْتَ مَضْجَعَكَ ))
    [ رواه الترمذي ]
    إذاً: ورد هذا الاسم في القرآن وفي السنة.
    كتعليق على هذا الحديث، ورد من بعض أقول العلماء: لا بد للمؤمن من مؤمن يحسده أحياناً، مؤمن لكنه يحسده، ومن منافق يبغضه، ومن كافر يقاتله، ومن شيطان يغويه، ومن نفس ترديه، هذه حقيقة، ومعركة الحق والباطل معركة أزلية أبدية، ووطن نفسك أنه لا بد من أن يكون للحق من يعارضه، هذا شيء طبيعي جداً.
    2 ـ معنى ( المليك ):
    أيها الإخوة، الملك الذي يحكم ولا يملك، والمالك هو الذي يملك ولا يحكم، إنسان مالك لأرضٍ، وإنسان ملِك، هذه الأرض لا يملكها الملك، لكن يحكمها، ومالك هذه الأرض لا يحكم، لكن الله جل جلاله ملك ومالك، يملك ويحكم، والمُلك في الدنيا والملكوت في الآخرة، المُلك في عالم الشهادة، والملكوت في عالم الغيب، والله جل جلاله مالك المُلك والملكوت.
    3 ـ الله مالك كل شيء خَلقًا وتصرُّفًا ومصيرًا:
    و( المليك ) ملِك ومالك، وصاحب الملك والملكوت، و( المليك ) ـ دققوا الآن ـ يملك كل شيء، خلقاً، وتصرفاً، ومصيراً.
    للتوضيح: قد تملك المنفعة، ولا تملك الرقبة، وقد تملك الرقبة، ولا تملك المنفعة، وقد تملكهما معاً، ولا تملك المصير، لكن:
    ﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾
    ( سورة الأعراف الآية: 180 )
    الله جل جلاله يملك كل شيء خلقاً، وتصرفاً، ومصيراً.
    معمل طائرات حربية يصنع طائرة، صنعها وباعها، الآن أمرها بيد مَن ؟ بيد من اشتراها، فقد تقصف بلاداً لا يرضى صانع الطائرة أن تُقصف، لكنها خرجت من يديه.
    لكن ولله المثل الأعلى:

    ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾
    ( سورة الزمر )
    يملك ويحكم.
    ﴿ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾
    ( سورة الأعراف الآية: 54 )
    قد تصنع طائرة، وقد تأتمر بأمرك، ولكن قد تفاجَأ بأنها سقطت، لا تملك مصيرها، هذا للتوضيح.
    الله عز وجل مالك المُلك والملكوت، ملك ومالك، مالك كل شيء خَلقاً وتصرفاً ومصيراً.
    ( المليك ) أيها الإخوة، صيغة مبالغة، والقاعدة الثابتة أن الأسماء الحسنى إذا وردت بصيغة المبالغة تعني الكم والنوع معاً، أعلى درجات الملك، ويملك الله كل شيء، إن الله يرى دبيب النملة السمراء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء.
    هذه الصيغة ( المليك ) تدل على كمال الملكية، كمال الملكية ودوامها أزلاً وأبداً.
    الآن الله عز وجل مليك، بمعنى أنه مالك لكل شيء يُملّك، يملك الحياة، فهو الذي يهب الحياة، وهو الذي يأخذها.
    هناك قصة: طائرة على ارتفاع 43 ألف قدم، تطير فوق جبال الألب، حصل فيها انفجار فانشطرت شطرين، وقع أحد ركابها من مكان الشطر، وقع من ارتفاع 43 ألف قدم نزل فوق غابة كبيرة من غابات جبال الألب، فوق هذه الغابة خمسة أمتار من الثلج وأغصان الأشجار كانت ماصة للصدمة، فنزل واقفاً، لأن الله يملك الحياة، بالمقاييس الأرضية مستحيل لإنسان يقع من ارتفاع 43 ألف قدم أن يبقى حياً.
    وهناك قصة أخرى قبل عشر سنوات تقريباً: تحطمت نافذة طائرة، وكان إلى جانب هذه النافذة امرأة من باكستان معها ولدان صغيران، فخرجا من نافذة الطائرة، والطائرة مضغوطة 8 أمثال حاجتها من الهواء، طبعاً الموت محقق على ارتفاع خمسين ألف قدم، الطائرة تتجه إلى باكستان من السعودية، الشيء الذي لا يصدق أن الطفلين بقيا حيّين، لأنهما سقطا إلى جانب صياد، فرأى شيئاً من السماء يسقط، تتبع الشيء فإذ هما طفلان، أخذهما إلى القارب وأبلغ السلطات، وبلغت السفارة في باكستان، وجاءت الأم وأخذت ولديها.
    الله عز وجل واهب الحياة، وهو الذي يأخذ الحياة بأقلّ سبب، وهناك قصص لا تعد ولا تحصى في مثل هذا.
    قد يتمتع الرجل بأعلى درجات الصحة، ولا يشكو من شيء، في ثانية واحدة يصبح خبراً على الجدران، فلذلك الله مالك الحياة، ومالك الرزق.

    وَلَو كانَتِ الأَرزاقُ تَجري عَلى الحِجا هَلَكنَ إِذَن مِن جَهلِهِنَّ البَهائِــــمُ
    ***
    إنسان يتمتع بأعلى درجات الذكاء ورزقه محدود جداً، وإنسان أقل ذكاء منه بكثير له رزق وفير، فالله مالك الحياة، مالك الرزق، مالك السمع والبصر والقوة، ومن أدق أدعية النبي عليه الصلاة والسلام أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ:
    (( اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنْ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا ))
    [ الترمذي ]
    من تكريم الله للإنسان أن يمتعه بسمعه وبصره، وعقله وقوته ما دام حياً، من يملك نمو الخلايا ؟ إذا نَمت الخلايا نمواً عشوائياً ينتهي الإنسان، ورم الخبيث يصيب كل الأعمار، ويصيب كل أجزاء الجسم، في الدماغ، في الجلد، في الجهاز الهضمي، في الغدد الليمفاوية، مَن يملك نمو الخلايا ؟ الله جل جلاله، من يملك الشرايين ؟ من يملك مرونتها ؟ الله جل جلاله، مَن يملك سيولة الدم ؟ الله جل جلاله، مَن يملك من حولك ؟ الله جل جلاله، مَن يملك مَن فوقك ؟ الله جل جلاله، مَن يملك مَن دونك ؟ الله جل جلاله، إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ يا رب، ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟
    الإنسان لضعف إيمانه ولجهله يتوهم أنه يفعل ما يشاء، لكن الله سبحانه وتعالى يقول:

    ﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾
    ( سورة الأعراف )
    يعني أنت في قبضة الله، ولو كنت قوياً، ولو كنت غنياً.
    إن أخًا أظنه صالحاً، ولا أزكي على الله أحداً، قال كلمة خطيرة، قال: الدراهم مراهم، تحل بها كل المشكلات، فأدّبه الله بأن أدخله السجن المنفرد، وبقي فيها 67 يوماً، وفي كل يوم يقول: الدراهم مراهم ؟! لن تحل هذه المشكلة بالمال.
    فلذلك الإنسان إذا عرف من اسم ( المليك ) أن بيده كل شيء، بيده حواسك، بيده نشاطك وقدرتك، بيده زوجتك، بيده أولادك، إذا رضي الله عنك خدمك عدوك، وإذا غضب عليك تطاول أقرب الناس إليك.
    بالمناسبة، المكانة صفة في الأجسام عبر عنها العلماء بأنها مقاومة قوى الشدة، والفولاذ المضفور أمتن عنصر في الأرض، لذلك الجسور المعلقة، و( التلفريك )، والمصاعد تستخدم الفولاذ المضفور، أما القساوة ومقاومة قوى الضغط فأقسى عنصر هو الماس، لذلك الحفارات تستخدم رؤوس من الماس.
    الآن لماذا جاءت هذه الآية ؟

    ﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾
    الإنسان مربوط بحبل مهما كان قوياً لا ينقطع، مهما كان غنياً لا ينقطع، في أية لحظة هو في قبضة الله، هذا شعور المؤمن.
    ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ﴾
    ( سورة آل عمران الآية: 26 )
    القوة بيده، السمع بيده، البصر بيده، العقل بيده، الشريان التاجي بيده، سيولة الدم بيده، نمو الخلايا بيده، الكبد، القلب، الكليتان، فشل كلوي، تشمع كبد، هناك أمراض تجعل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق:
    ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ﴾
    ( سورة آل عمران الآية: 26 )
    وهو ( المليك ).
    4 ـ مِن لوازم المليك أن كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع:
    لكن الآن نحتاج إلى حقيقة خطيرة كي ينسجم الإيمان مع ما يحدث، كي ينسجم الإيمان بأن الله مليك يملك كل شيء مع ما يحدث، هناك مقولة رائعة: كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، لأنه لا يليق بمقام الألوهية أن يقع في ملكه ما لا يريد، كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، بل لكل واقع حكمة، ولو كان الموقِع مجرماً، هذا الإيمان، لكل واقع حكمة، ولو كان الموقع مجرماً، ما دام قد سمح الله بوقوعه فلابد من حكمة، عرفها مَن عرفها، وجهلها مَن جهلها.
    ليس هناك شرٌّ مطلَق في الكون:
    لذلك الشر المطلق لا وجود له في الكون، اطمئنوا، الشر من أجل الشر، لا وجود له في الكون، هناك شر نسبي موظف للخير المطلق، الشر المطلق يتناقض مع وجود الله، إما أن تؤمن بوجود إله عظيم حكيم عليم رحيم، فعال لما يريد، أو بشر مطلق، والله عز وجل يوظف شر الإنسان للخير المطلق.
    كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق.
    إذاً: الآن النتيجة، كل شيء وقع مع أنه على الشبكية نتوهم أن فلانا وقع هذا القرار، وفلانا غزا هذه البلاد، وفلانا اتخذ قراراً بإعلان الحرب، كنتيجة توحيدية كل شيء وقع وقع ضمن خطة الله، بل إن خطة الله استوعبت خطة القوي الظالم.
    مرة سألوا تيمور لنك: من أنت ؟ سبحانك يا رب ! أجاب إجابة رائعة، قال: أنا غضب الرب، فحينما يغضب الإنسان قد يضرب، وقد يكسر، وقد يصيح، وقد يشتم، فإذا غضب الله عز وجل يبعث تيمور لنك، سُئل: من أنت ؟ قال: غضب الرب، الدليل القرآني:
    ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾
    ( سورة القصص )
    الآن توظيف الشر النسبي من الطغاة والظلام للخير المطلق.
    ﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾
    ( سورة القصص )
    هذه سياسة الله، وأسأل الله أن تكون هذه الهجمة الشرسة على من هذا القبيل:
    ﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾
    خاتمة:
    إخوتنا الكرام، ابتلي المسلمون برجل بطاش في العصور السابقة، فجاء نفر من علية القوم إلى الإمام الحسن البصري، والإمام الحسن البصري والله له كلمة تكتب بماء الذهب، لما كان عند والي البصرة، وجاء توجيه من يزيد إنْ نفذه أغضب الله، وإن لم ينفذه أغضب يزيد فعزله، قال له: ماذا أفعل ؟ فقال له الحسن البصري: " إن الله يمنعك من يزيد، ولكن يزيد لا يمنعك من الله "، هذه مقولة تكتب بماء الذهب، " إن الله يمنعك من يزيد، ولكن يزيد لا يمنعك من الله "، فهذا النفر جاء إلى الحسن البصري يشكون له هذا الجبار القاسي العنيف، ماذا ينبغي أن يفعل، أو ماذا ينبغي أن يفعلوه معه، فقال: " تعلمون رأيي فيه ؟ قالوا: لهذا أتيناك قال: لا تخرجوا عليه، لأن ظلم القوي هي نقمة الرب، وإن نقم الله عز وجل لا تدفع بالسيوف وحدها، بل تدفع بالتوبة والإنابة أولاً، ثم إعداد القوة ثانياً.
    كما فعل صلاح الدين الأيوبي، حينما أزال كل المنكرات، وعلّم الأجيال العقيدة الصحيحة، والاستقامة التامة، وبعدها واجه الغرب، فلابد من دولة وأوبة وعودة، وإقبال وصلح مع الله أولاً، ثم لا بد من إعداد العدة المتاحة، والقوة المتاحة، عندئذٍ يكون نصر الله عز وجل.
    قال الحسن: " وإنها إن عولجت بالسيوف وحدها من دون إنابة إلى الله كانت الفتنة أقطع من السيوف "، كما ترون فيما يجري حولنا.
    والحمد لله رب العالمين







    من قال سبحان اللهِ وبحمدِه في يومٍ مائةَ مرةٍ، حُطَّتْ خطاياه ولو كانتْ مثلَ زبدِ البحرِ
    موسوعة الكلم الطيب

    سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر استغفرالله

    تعليق


    • #47
      رد: مـــــــع اللـــــــــه-أسماء الله الحسنى ...للدكتور محمد راتب النابلسي

      اسم الله المليك 2
      بسم الله الرحمن الرحيم
      الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
      من أسماء الله الحسنى ( المليك ):
      1 ـ ( المليك ) ملِك ومالِك:
      أيها الإخوة الكرام، لا زلنا مع اسم ( المليك ).
      و( المليك ) أيها الإخوة، ملِك ومالك، و ( المليك ) يملك كل شيء، تصرّفًا ومصيرًا، و( المليك ) يدل على كمال المُلكية، وعلى أبدية المُلكية.
      2 ـ من لازم ( المليك ) أن يكون المعبود الحق:
      لذلك الفاتحة التي هي أصل في أصول كتابنا فيها آية ؟
      ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾
      ( سورة الفاتحة )
      ماذا تعني هذه الآية ؟ تعني أن الإنسان مكلف أن يعبد ربه، وأن عبادة ربه علة وجوده.
      ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
      ( سورة الذاريات )
      الله أعطانا مقومات التكليف والعبادة:
      وأن العبادة طاعة طوعية، ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي إلى سعادة أبدية، لأن الله سبحانه وتعالى حينما كلفنا أن نعبده أعطانا مقومات هذا التكليف، أعطانا كوناً هو الثابت الأول، ينطق هذا الكون بوجود الله، وكماله، ووحدانيته، هذا الكون ينطق بأسماء الله الحسنى، وصفاته الفضلى، هذا الكون يشير إلى أن خالقه ذات كاملة، أعطانا عقلاً يكفي إلى أن نتعرف من خلاله إلى الله، الآيات التي تتحدث عن العلم والعقل والتفكر تقترب من ألف آية.
      ﴿ أَفَلَا يَعْقِلُونَ ﴾
      ( سورة يس )
      ﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾
      ( سورة الجاثية )
      أعطانا فطرة تكفي لكشف الخطأ ذاتياً، من دون تعليم، من دون توجيه.
      ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾
      ( سورة الشمس )
      بمعنى أعلمها ذاتياً بحسب فطرتها العالية أنها اتقت أو فجرت، أعطانا شهوة هي ترقى بنا إلى الله، أو تهوي بنا إلى أسفل سافلين، حيادية، يمكن أن تكون الشهوة سلماً نرقى بها إلى أعلى عليين، ويمكن أن دركات نهوي بها إلى أسفل سافلين.
      لكن الذي يتعلق بهذا الدرس أعطانا حرية الاختيار.
      3 ـ من لازم ( المليك ) استرداد حرية الإنسان عند موته:
      ﴿ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ﴾
      ( سورة الكهف الآية: 29 )
      ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾
      ( سورة الإنسان )
      ﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ ﴾
      ( سورة الأنعام )
      أعطانا كوناً يطق بكماله، وبوجوده، ووحدانيته، أعطانا وقتاً هو غلاف عملنا، أعطانا منهجاً تفصيلاً يهدينا إلى سواء السبيل، ثم أعطانا حرية الاختيار، عند الموت تسترد هذه الحرية:
      ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾
      ملّكك الحرية، وعند الموت استردها منه.
      ﴿ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾
      ( سورة الفجر )
      فات الأوان.
      أيها الإخوة الكرام:
      ﴿ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ﴾
      ( سورة الأنعام الآية: 158 )
      البطولة معرفة الحقيقة قبل فوات الأوان:
      النقطة الدقيقة في هذا الدرس أن الله سبحانه وتعالى يسترد منا حرية الاحتيار، انتهى الأمر، وأنت حي ترزق والقلب ينبض، وفيك نفس، يمكن أن تفعل كل شيء، يمكن أن تتوب من كل الذنوب، يمكن أن تصلح كل العيوب، يمكن أن تفتح مع الله صفحة جديدة.
      لذلك أيها الإخوة، أتمنى أن تكون هذه الحقيقة الخطيرة واضحة، مَن هو أكفر كفار الأرض ؟ الذي قال:
      ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾
      ( سورة النازعات )
      فرعون، والذي قال:
      ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
      ( سورة القصص الآية: 38 )
      أكفر كفار الأرض عند الموت قال:

      ﴿ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾
      ( سورة يونس )
      إذاً: أهل الأرض قاطبة، الـ6000 مليون عند الموت تكشف لهم الحقائق.
      ﴿ فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾
      ( سورة ق الآية: 22 )
      خيارُ الإنسان مع الإيمان خيار وقتٍ:
      إذاً: خيارنا مع الإيمان لا خيار قبول أو رفض، بل خيار وقت، فلا بد من أن نؤمن في الوقت المناسب، أن تتصدق وأن صحيح شحيح، أن تؤمن وأنت في مقتبل العمر، أنت تؤمن والدنيا بين يديك:
      ﴿ فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾
      أن تؤمن وأنت في أتم درجات القوة، أن تؤمن وأنت غني، أما عند الموت فما من إنسان على الإطلاق إلا وتكشف له الحقائق التي جاء بها الأنبياء، ولكن عند فوات الأوان:
      ﴿ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ﴾
      هل يمكن لأيّ طالب أدى الامتحان وما نجح، نال الصفر، يعود إلى البيت فيفتح الكتاب المقرر، ويقرأ الإجابة ؟ هل تصدقون أن طالباً يجرؤ أن يقدم طلبا إلى وزير التربية أنه يمكن أن تعيد لي الامتحان بالسؤال نفسه، شيء مضحك.
      فلذلك:
      ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾
      الآن نحن في نعمة لا تعدلها نعمة، نحن أحياء، والقلب ينبض، وفينا بقية من العمر، والتوبة ممكنة، والإصلاح ممكن، والاستغفار ممكن، وفتح صفحة مع الله ممكن، كل شيء ممكن، ما دام في العمر بقية، فإذا جاء ملك الموت انتهى كل شيء.
      لذلك ورد في بعض الآثار أن الميت حينما يوضع في قبره أول ليلة ينادى " أن عبدي، رجعوا وتركوك، وفي التراب دفنوك، ولو بقوا معك ما نفعوك، ولم يبقَ لك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا يموت.
      ( المليك ) يسترد حرية الاختيار التي أعطاك الله إياها.
      جيء لسيدنا عمر بشارب خمر، فقال: << أقيموا عليك الحد، قال: والله يا أمير المؤمنين، إن الله قدر عليّ ذلك، فقال: أقيموا عليه الحد مرتين، مرة لأنه شرب الخمر ومرة لأنه افترى على الله، قال: ويحك يا هذا إن قضاء الله لم يخرجك من الاختيار إلى الاضطرار >>.
      في اللحظة التي تتوهم فيها أنك مجبر على كل أفعالك فأنت مخطئ، أنت مخير فيما كلفت، لكن لستَ مخيرًا في أمك وأبيك، ولا في عصرك، ولا في مدينتك، ولا في كونك ذكراً أو أنثى، لكن العلماء أجمعوا على أن هذا الذي اختاره الله لك هو أكمل شيء، وليس في الإمكان أبدع مما كان، لكنك مخير فيما كلفت.
      فلذلك عند الموت يسترد هذا الاختيار:
      ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾
      لا تملك شيئاً، أما الآن تملك أن تتوب، تملك ألا تتوب، تملك أن تصلي، تملك ألا تصلي، تملك أن تستقيم تملك أن تنحرف، أنت مخير، أما حينما يأتي الموت.
      الآن المواطن مخير، لكن حينما يقتل مواطناً آخر يلقى القبض عليه، وعندئذٍ يفقد حريته، لأنه مخير.
      فلذلك أيها الإخوة، حينما تقرؤون الفاتحة في كل صلاة تذكروا هذه الآية:
      ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾
      نتمتع اليوم بنعمة لا تعدلها نعمة.
      ورد في بعض الآثار أنه النبي عليه الصلاة والسلام مر أمام قبر فقال:
      (( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم ))
      [ ورد في الأثر ]
      هناك شركات عملاقة، ميزانياتها تساوي ميزانيات خمس دول، شركة، لو أنك تملك هذه الشركة، هذا كلام النبي الصادق المصدوق.
      ﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾
      ( سورة النجم )
      (( صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم ))
      مثلاً: قال لنبي عليه الصلاة والسلام لعليٍّ
      (( فَوَ اللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ ))
      [ رواه البخاري ومسلم، عن سهل بن سعدٍ رضي اللّه عنه ]
      (( خَيْرٌ لَكَ مما طلعت عليه الشمس ))
      (( خير لك من الدنيا وما فيها ))
      ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾
      ( سورة الكهف )
      ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ﴾
      ( سورة النجم )
      ابدأ من النهاية:
      إخوتنا الكرام، في البرمجة العصبية اللغوية قاعدة رائعة، تقول هذه القاعدة: " ابدأ من النهاية "، والمؤمن الصادق يبدأ من الموت، إذا بدأ من الموت أفلح في حياته، يقول: هذا العمل سأحاسب عليه، هذا الدخل مشبوه سوف أحاسب عليه، هذا الطلاق لا يرضي الله سأحاسب عليه، حينما تبدأ من النهاية تبدأ من وقفتك بين يدي الله عز وجل، عندئذٍ تستقيم على أمره.
      4 ـ من معاني ( المليك ):
      الآن من معاني: ( المليك ) كما جاء في الآية الكريمة: قُلْ:
      ﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ﴾
      ( سورة الفتح الآية: 11 )
      يعني التوحيد فحوى دعوة الأنبياء، هل يعقل أن تضغط مضامين دعوة الأنبياء جميعاً بآية واحدة ؟
      ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾
      ( سورة الأنبياء )
      أهمية التوحيد في حياة المسلم:
      ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
      ﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾
      ( سورة الشعراء )
      ﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ﴾
      والله أيها الإخوة، هناك قصة قصيرة جداً لا أشبع من تكرارها، لما كان الحسن البصري عند والي البصرة، وجاء توجيه من يزيد، يقول هذا الوالي للحسن البصري: " لو نفذت هذا التوجيه لأغضبت الله عز وجل، ولو لم أنفذه لأغضبت الخليفة وعزلني، فماذا أفعل ؟ بالتعبير اللغوي وقع في حيص بيص، أجابه إجابة والله ينبغي أن تكون شعار كل إنسان، قال له الحسن البصري: إن " الله يمنعك من يزيد، ولكن يزيد لا يمنعك من الله ".
      فالمليك:
      ﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ﴾
      أيّ خلل في أجهزتك تجعل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق، فجأة خثرة في الدماغ تصيبك بشلل، وفي مكان بفقدِ البصر، وفي مكان بفقدِ الذاكرة.
      لذلك أيها الإخوة، هذا الذي لا يدخل الله في حساباته ليس اليومية الساعية، كل ساعة، قبل أن تقول كلمة، قبل أن تصل، قبل أن تقطع، قبل أن تغضب، قبل أن ترضى، قبل أن تبتسم، قبل أن تتجهم، هل جهزت جواباً لله عز وجل ؟
      مرة قال لي واحد: انصحني، يعمل في عمل بإمكانه أن يودع معظم الناس في السجن، التموين، أردت أن أقول له كلمة يصحو بها من غفلته، قلت له: ضع كل الناس في السجن، قال لي: ما هذا الكلام ! قلت له: إذا كنت بطلاً فهيئ لربك جواباً عن كل عمل تفعله.
      فلذلك:
      ﴿ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ﴾
      أيها الإخوة،
      ﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾
      ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ ﴾
      ( سورة آل عمران الآية: 151 )
      الآية التي بعدها:
      ﴿ الًّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾
      ( سورة الفرقان الآية: 2 )
      مليك:
      ﴿ الًّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾
      لست أنت المملوك، ليس بلدك هو المملوك، السماوات والأرض، والسماوات والأرض مصطلح قرآني يعني ما سوى الله، السماوات والأرض مصطلح قرآني يعني الكون، والكون ما سوى الله:
      ﴿ الًّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾
      ﴿ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ﴾
      ( سورة الفرقان الآية: 2 )
      ﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾
      ( سورة الإسراء )
      لذلك ورد: " أن هناك ذنباً لا يغفر هو الشرك، وهناك ذنب لا يترك ما كان بين العباد وهناك ذنب يغفر ما كان بينه وبين الله ".
      لماذا الشرك ذنب لا يغفر ؟ أوضح هذا بهذا المثل:
      نحن في دمشق، وهناك إنسان له في حلب مبلغ ضخم جداً بالملايين، ومعه وثائق رسمية، والقبض الساعة الثانية عشرة من يوم السبت، توجه إلى محطة القطارات، وركب قطار حلب ـ دقق ـ قطع بطاقة من الدرجة الأولى، وركب في الدرجة الثالثة خطأ، وقع في خطأ، بطاقته من الدرجة الأولى، ركب بمركبة من الدرجة الثالثة، هذا خطأ، الخطأ الثاني اختار مكانا فيه شباب غير منضبطين فأزعجوه كثيراً في أثناء الرحلة، الخطأ الثالث جلس في مقعد بعكس اتجاه القطار فأصيب بالدوار، هذا خطأ ثالث، تلوّى من الجوع، وفي القطار مكان فيه مطعم، ولا يعلم ذلك، هذا خطأ رابع، يمكن أن يرتكب أخطاء كثيرة، لكن القطار في طريقه إلى حلب، وسوف يصل بالموعد المحدد، وسوف يقبض المبلغ، هذه الأخطاء كلها تنتهي مع وصول القطار، ركب في الدرجة الثالثة مع شباب غير منضبطين، بعكس اتجاه القطار، وهو يتلوى من الجوع، هذه كلها أخطاء، لكن هذه لا تعيق هدفه، أما الخطأ الذي لا يغتفر هو أن يركب قطار مدينة درعا، ليس له فيها شيء.
      أنت مع كل ذنوبك لو توجهت إلى الله فالله عز وجل يقبلك، ويتوب عليك، ويغفر لك، أما لو توجهت إلى إنسان ضعيف مثلك، فقير مثلك، جاهل مثلك، الخطأ الذي لا يغتفر ؛ أن تتجه لغير الله.
      لذلك الإمام الشافعي له دعاء، يقول: " يا رب لقد أطعتك في أحب الأشياء إليك، أطعتك في التوحيد، ولم أعصِك في أبغض الأشياء لك، الشرك، فاغفر لي فيما بين ذلك، اغفر لي ما بينهما ".
      الآن:
      ﴿ لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾
      ( سورة المائدة الآية: 120 )
      الله مليك.
      ﴿ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
      ( سورة المائدة )
      تعلقت قدرته بكل ممكن.
      والله أيها الإخوة، أمراض وبيلة، أورام من الدرجة الخامسة، شرايين مسدودة، حالات كثيرة يعجب لها الأطباء، صنفوها تحت باب الشفاء الذاتي، كلية توقفت عن العمل، موعد استئصالها بعد 8 أيام، خطر في بال الطبيب قبل أن يستأصلها أن يعيد التصوير، فإذا هي تعمل.
      والله لي صديق أصيب بورم خبيث في رئتيه، والقصة من عشرين سنة، أُخذت منه خزعة وأُرسلت إلى بريطانيا، أبداً ورم خبيث من الدرجة الخامسة، والأطباء الذين تولوا معالجته قمم في البلد، والقرار قطعي ما في أمل أبداً، ثم شفي شفاء تاماً، ولا يزال حيا يرزق من عشرين سنة.
      ﴿ لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
      يمكن أن يتحقق شيء ولا يقع في الخيال أبدا.
      5 ـ من لوازم ( المليك ) الالتجاء إليه وحده:
      حينما تعرف أن الله بيده كل شيء تتجه إليه وحده، تعلق الأمل عليه، لا تعلق أملاً على غيره، لا تضعضع إلا في أعتابه.
      (( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))
      [ رواه الطبراني عن أبي الدرداء ]
      لا تتضعضع أمام قوي، عزيز النفس.
      (( اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس ؛ فإن الأمور تجري بالمقادير ))
      [ أخرجه تمام وابن عساكر عن عبد الله بن بسر ]
      ((الإيمان بالقدر يذهب الهم والحزن ))
      [ أخرجه الحاكم، والقضاعي عن أبي هريرة ]
      الإيمان بالقدر نظام التوحيد، كل شيء وقع أراده الله، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
      (( لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةٌ، وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ ))
      [ رواه أحمد ]
      6 ـ الدعاء باسم ( المليك ):
      فلذلك: حينما تتعرف إلى اسم ( المليك ) تتجه إليه وحده، فعَنْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ:
      (( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانِي، وَآوَانِي، وَأَطْعَمَنِي، وَسَقَانِي، وَالَّذِي مَنَّ عَلَيَّ فَأَفْضَلَ، وَالَّذِي أَعْطَانِي فَأَجْزَلَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، اللَّهُمَّ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، وَإِلَهَ كُلِّ شَيْءٍ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ ))
      [ أبو داود ]
      قال لي أحدُهم: دخلي يغطي نفقاتي، قلت له: إذاً أصابتك دعوة رسول الله، قال: ماذا دعوته ؟ دعوته:
      (( اللهم من أحبني فاجعل رزقه كفافاً ))
      ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانِي، وَآوَانِي، وَأَطْعَمَنِي ))
      لك بيت.
      (( وأطْعَمَنِي وَسَقَانِي، وَالَّذِي مَنَّ عَليَّ فأفْضَلَ، وَالَّذي أعطانِي فأجْزَل الحَمْدُ لِلَّهِ على كُلّ حالٍ ؛ اللَّهُمَّ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، وَإِلهَ كُلِّ شَيْءٍ، أعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ ))
      [ رواه أبو داود عن ابن عمر رضي اللّه عنهما ]
      إذا عرفت ( المليك ) تتوجه إليه، وقد كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد أن ينام دعا بهذا الدعاء.
      الآن من أدعية النبي التي كان يكثرها في ضوء اسم ( المليك ):
      (( سبحان الملك القدوس، سبحان الملك القدوس، سبحان الله وبحمده ))
      [ رواه أبو داود عن عائشة رضي اللّه عنها ]
      والحمد لله رب العالمين






      من قال سبحان اللهِ وبحمدِه في يومٍ مائةَ مرةٍ، حُطَّتْ خطاياه ولو كانتْ مثلَ زبدِ البحرِ
      موسوعة الكلم الطيب

      سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر استغفرالله

      تعليق


      • #48
        رد: مـــــــع اللـــــــــه-أسماء الله الحسنى ...للدكتور محمد راتب النابلسي

        اسم الله الأحد 1
        بسم الله الرحمن الرحيم
        الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
        من أسماء الله الحسنى: ( الأَحَد ):
        أيها الإخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم ( الأحد ).
        1 ـ ورود اسم ( الأَحَد ) في القرآن الكريم والسنة النبوية:
        هذا الاسم ورد في القرآن الكريم في سورة الإخلاص:
        ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ * ﴾
        ( سورة الإخلاص )
        وقد ورد أيضاً في السنة الشريفة الصحيحة، فعن ابن ماجة، أخرج ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول:
        (( اللَّهمَّ إِني أسألُكَ بأني أَشْهَدُ أنَّكَ أنْتَ اللهُ، لا إلهَ إلا أنتَ، الأحَدُ الصَّمَدُ، الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ، ولم يكن له كُفُوا أحَدٌ، فقال عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده لقد سأل اللهَ باسمه الأَعظَمِ، الذي إِذا دُعِيَ به أجابَ، وإِذَا سُئِلَ بِهِ أعْطَى ))
        ( الأحَد ) اسم من أسماء الله الحسنى، ورد في سورة الإخلاص في قوله تعالى:
        ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ * ﴾
        وورد أيضاً في السنة الشريفة الصحيحة.
        وقفة متأنية مع اسم الله الأعظم:
        ولكن لا بد من وقفة عند اسم الله الأعظم:
        اختلف العلماء في اسم الله الأعظم، فبعضهم قال: الرحمن، وبعضهم قال: الله، هذا الاختلاف يحسم بحقيقة رائعة، وهي أن اسم الله الأعظم هو الاسم الذي أنت بحاجة إليه في ظرف معين، فإذا كنت فقيراً فاسم الله الأعظم بالنسبة إليك هو اسم الغني، وإذا كنت ضعيفاً فاسم الله الأعظم بالنسبة إليك هو اسم القادر، وإذا كنت تائهاً فاسم الله الأعظم هو اسم الهادي، وكل هذه الأسماء تدور مع الإنسان، فتارةً التواب، وتارةً المغني، تارةً الرحيم، تارةً القوي، تارةً الناصر، فكل حالة أنت فيها هناك اسم من أسماء الله الحسنى هو بالنسبة إليك اسم الله الأعظم.
        والذي يلفت النظر أنه ورد في القرآن الكريم في آية هي أصل في هذه الدروس:
        ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾
        ( سورة الأعراف الآية: 180 )
        إذا كنت مظلوماً فادعُ الله باسمه الناصر، وإذا كنت مضطراً فادعُ الله باسمه المجيب، وفي كل حال أنت فيه هناك اسم من أسماء الله الحسنى شفاء لك، وحصن لك، وأساس في حلّ مشكلتك.
        المؤمن الصادقُ خاضع لله، متواضع مع خَلق الله:
        أيها الإخوة، المؤمن الصادق يتعامل مع الله تعاملا يوميا، يتعامل مع الله تعاملا ساعيًا، المؤمن الصادق يناجي ربه، يستعين به، يستغفره، يتوب إليه، يتوكل عليه، يعبر لربه عن محبته، يا رب، إني أحبك، وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقي ؟
        ورد في بعض الآثار القدسية:
        (( ذكرهم بآلائي، ونعمائي، وبلائي ))
        [ ورد في الأثر ]
        المؤمن الصادق له مناجاة مع الله، المؤمن الصادق يمرغ جبهته في أعتاب الله، المؤمن الصادق عزيز عزة لا توصف، لكن أمام الله فهو في منتهى الذل، في منتهى الانكسار، في منتهى الخضوع.
        وهناك حقيقة تلفت النظر: كلما مرغت وجهك في أعتاب الله عز وجل رفعك الله، وزادك عزاً وقوةً وحكمةً، فبقدر ما تخضع له فيما بينك وبينه يرفع شأنك.
        أنا لا أتصور أن في الأرض من آدم إلى يوم القيامة إنسانًا رفع الله ذكره كرسول الله عليه الصلاة والسلام، وأتصور أيضاً أنه من إنسان خضع لله، وكان عبداً، وفي أعلى درجات القرب في سدرت المنتهى كرسول الله عليه الصلاة والسلام، قال تعالى:
        ﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾
        ( سورة النجم )
        الإنسان من شانه العبودية، والله من شأنه الربوبية، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
        (( الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ ))
        [ أخرجه الترمذي وابن ماجه ]
        الله عز وجل يغفر لك آلاف الذنوب:
        (( يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ))
        [ الترمذي عن أنس ]
        لكن ذرة واحدة من كبر تحجبك عن الله.
        للتقريب: جاءك ضيوف كثر، وما عندك شيء تقدمه لهم، إلا كأس لبن أضفت خمسة أضعافه ماء، وجعلته شراباً سائغاً، الكأس من اللبن قبِل خمسة أضعافه ماء، لكن لا يقبل قطرة نفط واحدة، لأن هذه القطرة تفسده.
        لذلك: " رُبَّ معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً ".
        (( لو لم تذنبوا، لخفت عليكم ما هو أكبر ))
        يا الله ! ما الذي هو أكبر من الذنب ؟ قال:
        (( العجب ))
        [ الجامع الصغير بإسناد حسن عن أنس ]
        فشأن العبد أن يتذلل لمولاه، لكن المشكلة أن الذين شردوا عن الله يستكبرون على الله، وهو يتذللون، وينبطحون أمام عبد لئيم، فإن لم تكن عبداً لله فأنت عبد لعبد لئيم، والعبد اللئيم لا يرحم، ولا يسترضى، ولا يؤمَن جانبه، فإن لم تكن عبداً لله فأنت عبد لعبد لئيم.
        2 ـ بين اسم ( الأَحَد ) والواحد:
        أيها الإخوة، ( الأحد ) من مشتقات الواحد، الواحد ( الأحد )، فالواحد مفتتح العدد، أول عدد واحد، أما ( الأحد ) فهذه للنفي، ما جاء من أحد، أما الواحد فللإثبات، جاء واحد من القوم، في الإثبات تستخدم لفظ ( واحد )، وفي النفي تستخدم لفظ ( أحد )، ما أطلّ علي أحد من الخلق، ودعوت قوماً فجاءني منهم واحد، الواحد لا شريك له، لكن ( الأحد ) لا مثل له، وهناك فرق بينهما، الواحد من حيث الكم، أما الأحد فمن حيث النوع، فالواحد لا شريك له، أما ( الأحد ) فلا مثل له.
        لذلك قال تعالى:
        ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾
        ( سورة مريم )
        السمِيّ المشابه، هل تعلم مشابها لله عز وجل ؟ كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك.
        أما الأحدية فقالوا: هي الانفراد ونفي المثلية، والانفراد لذاته، وصفاته، وأفعاله.
        3 ـ من معاني ( الأحد ):
        من معاني ( الأحد ) أنه يحتاجه كل شيء في كل شيء، وليس محتاجاً إلى شيء، يحتاجه كل شيء في الكون في كل شيء، وليس محتاجاً إلى شيء، أحد صمد، وجوده ذاتي، أما الإنسان فعبد لله، وجوده معتمد على إمداد الله له.
        بين العبيد والعباد:
        لذلك ورد في القرآن عبيد وعباد، والفرق بينهما كبير، العبيد جمع عبد القهر أما العباد جمع عبد الشكر، فأيّ إنسان ولو كان ملحداً، ولو كان كافراً، ولو كان فاجراً هو عبد لله، بمعنى أن حياته متوقفة على إمداد الله له، لو توقف القلب فأملاكه بالمليارات تنتقل إلى غيره، كان رجلاً فأصبح خبراً، قال تعالى:
        ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ﴾
        ( سورة المؤمنون الآية: 44 )
        حتى العتاة، الطغاة، المستكبرون، الملحدون، الكافرون هم عبيد لله قهراً، وكل مكانتك الاجتماعية مبنية على ذاكرتك، وهناك حالات فقدِ الذاكرة، كل مكانتك الاجتماعية مبنية على حركتك، وأقل خثرة من الدم في أحد شرايين الدماغ تنتهي الحركة، كل مكانتك الاجتماعية، من عقلك، والعقل قد يذهب فجأة.
        فلذلك أي إنسان مهما كان قوياً، ومهما كان متجبراً فهو عبد لله قهراً، هذه عبودية القهر، لكن المؤمن حينما عرف الله، وأحبه، وأقبل عليه، وأطاعه، وتقرب إليه فهذا عبد لله أيضاً من نوع آخر، هذا عبد الشكر، لذلك عبد القهر تجمع على عبيد.
        ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾
        ( سورة فصلت )
        بينما عبد الشكر تجمع على عباد.
        ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
        ( سورة الإسراء الآية: 65 )
        فرق كبير بين عبيد وعباد.
        أيها الإخوة الكرام، ( الأحد ) الفرد، الذي يحتاجه كل شيء في كل شيء، وليس محتاجاً إلى شيء، ويستحيل أن تحيط به.
        ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾
        ( سورة البقرة الآية: 255 )
        علم ما كان، وعلم ما يكون، وعلم ما سيكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
        النفي المجمَل والإثبات المفصَّل في أسماء الله وصفاته:
        أيها الإخوة، من خصائص أسماء الله الحسنى أن الصفات الفضلى لله عز وجل أثبتتها النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة، لكن هناك خصيصة دقيقة، النفي المجمل والإثبات المفصل.
        يمكن أن تمدح إنسانا، وأن تقول: هذا ليس لئيماً، ولا بخيلاً، ولا مجرماً، أعوذ بالله، هذا مدح، من كمال الأدب مع الله عز وجل أن تنفي عنه النقص إجمالاً، ومن كمال الأدب مع الله عز وجل أن تثبت كماله تفصيلاً، هو رحيم، ودود، غني، لطيف، من كمال الأدب مع الله أن تنفي عنه النقص إجمالاً، ومن كمال الأدب مع الله أن تثبت صفاته الفضلى تفصيلاً، بعضهم قال في قوله تعالى:
        ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾
        ( سورة الأنعام الآية: 115 )
        ﴿ كَلِمَةُ رَبِّكَ ﴾
        هي القرآن الكريم، والقرآن الكريم بين دفتيه كل ما في القرآن الكريم لا يزيد على شيئين، أمر وخبر، فالله أمرَك أو أخبرَك، فأمره عدل، وخبره صدق، ما بين دفتي كتاب الله أمرٌ وخبرٌ، أمره عدل، وإخباره صدق، هذا معنى قوله تعالى:
        ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾
        بعضهم قال: القرآن حمّال أوجه، يعني: يا عبادي منكم الصدق ومني العدل، تتفاوتون عندي بصدقكم، الصدق له معانٍ عميقة جداً، المعنى الساذج البسيط الذي يتبادر إلى ذهن كل الناس أن الإنسان إذا حدثك فهو صادق، هذا المعنى صحيح، لكن هناك صدق الأقوال، وهناك صدق الأفعال، أن تأتي أفعالك وفق أقولك.
        مَن هم الأنبياء ؟ الذين ما رأى الناس مسافة إطلاقاً بين أقوالهم وأفعالهم، مَن هم المنافقون ؟ الذين رأى الناس بوناً شاسعاً بين أقالهم وأفعالهم.
        فيا عبادي منكم الصدق، ومني العدل.
        أو:
        ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾
        هذا تمهيد، بعضهم قال: لا، ما بين دفتي القرآن وصف للواحد الديان، وأمر وخبر، فسورة الإخلاص تعريف بالله، فهي ثلث القرآن، هذه السورة تعدّ عند بعض العلماء ثلث القرآن الكريم.
        معرفة الله والطريق إليها:
        أيها الإخوة، السبب أن أصل الدين معرفة الله عز وجل، هذه كلمة للإمام علي رضي الله عنه: أصل الدين معرفته، وشرف العلم من شرف المعلوم، فمن الممكن أن تكتب دراسة مطولة على قصيدة الإلياذة لهوميروس، قصيدة قيلت في عصور قديمة جداً، وكلها ضلالات وآلهة وشرك، فإذا درس الإنسان هذه القصيدة دراسة مفصلة، وإنسان درس أسماء الله الحسنى، فشرف العلم من شرف المعلوم، وفضل العلم بالله على العلم بخلقه كفضل الله على خلقه، فكلما ارتفع مضمون العلم ارتفع المتعلم، وكلما ارتفع موضوع العلم ارتفع المتكلم.
        لكن أيها الإخوة، طرقُ معرفة الله عز وجل ثلاث، يمكن أن نعرفه من آياته الكونية من الكون، خلقه، ويمكن أن نعرفه من آياته التكوينية أفعاله، ويمكن أن نعرفه من كلامه قرآنه، آياته الكونية عن طريق التفكر، وآياته التكوينية عن طريق النظر، وآياته القرآنية عن طريق التدبر.
        آياته الكونية عن طريق التفكر:
        ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
        ( سورة آل عمران )
        أما آياته التكوينية أفعاله:
        ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾
        ( سورة الأنعام )
        مستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر، مستحيل وألف ألف ألْف مستحيل أن تعصيه وتربح، مستحيل وألف أَلف ألف مستحيل أن تقبل عليه وتُذل، ومستحيل وألف ألف أَلف مستحيل أن تُعرض عنه وتعز، سبحانك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت.
        أما آياته القرآنية:
        ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾
        ( سورة محمد )
        إذاً: هناك طرق ثلاثة لمعرفة الله: خلقه عن طريق التفكر، وأفعاله عن طريق النظر، وقرآنه عن طريق التدبر.
        العلمُ بخَلق الله والعلمُ بأمر الله والعلمُ بالله:
        أما العلوم فتقسم إلى أقسام ثلاثة علم بخلقه، هذا اختصاص الجامعات في الأرض، علم الفلك، الفيزياء، الكيمياء، الرياضيات، علم الذرة، علم النفس، علم الاجتماع، علم النفس التربوي، الجغرافيا، التاريخ، علم بخلقه، والعلم بخلقه أصل في صلاح الدنيا.
        والمسلمون إذا أهملوا اختصاصاً هم في أمس الحاجة إليه، وتفوق بالاختصاص عدوهم، أثموا جميعاً، وعلم بأمره، هذا اختصاصات كليات الشريعة في العالم الإسلامي افعل ولا تفعل، الحلال، والحرام، والقرض، والوكالة، والحوالة، والكفالة، أحكام الزواج، أحكام الطلاق هذا علم بأمره.
        النقطة الدقيقة: أن العلم بخلقه، وأن العلم بأمره يحتاجان إلى مدارسة، كلمة مدارسة تعني أستاذا، طالبا، كتابا، محاضرة، مراجعة، حفظا، تلخيصا، امتحانا، شهادة، هذه مدارسة، فالعلم بخلقه يحتاج إلى مدارسة، والعلم بأمره يحتاج إلى مدارسة، لكن نتائج العلم بخلقه، ونتائج العلم بأمره هذه المعلومات تستقر في الدماغ، قد يكون الإنسان أمهر طبيب في الأرض، وهو لئيم لؤماً لا يوصف، قد يكون بأعلى اختصاص، ويسلك سلوكاً لا يرضي.
        فالعلم بأمره وبخلقه معلومات دقيقة جداً تحتاج إلى ذاكرة، إلى متابعة، إلى دراسة، إلى انتباه... والنتيجة معلومات تستقر في الدماغ، ولا علاقة لها بالسلوك.
        العلم بالله وثمراته في الإنسان:
        إن العلم به يحتاج إلى مجاهدة، قال بعض علماء القلوب: جاهد تشاهد، العلم به يحتاج إلى ضبط الجوارح، ضبط اللسان، ضبط الدخل، ضبط الإنفاق، ضبط البيت، يحتاج إلى بذل، إلى عطاء، إلى خضوع لله عز وجل، إلى عمل صالح، إلى تضحية، إلى إنجاز للوعد، تحقيق للعهد، يحتاج إلى أخلاق، من ثمار العلم به أن الله يلقي في قلبك الآمن، والأمن أثمن نعمة على الإطلاق.
        ﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾
        ( سورة الأنعام )
        والله أيها الإخوة، في قلب المؤمن أمنٌ لو وُزِّع على أهل بلد لكفاهم.
        ومن ثمار معرفة الله عز وجل الرضى، السكينة تسعد بها ولو فقدتَ كل شيء، وتشقى بفقدها، ولو ملكت كل شيء، الحكمة، السكينة، الرضى، الرحمة، النور يقذف في قلبك، ترى الحق حقاً والباطل باطلاً.
        ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾
        ( سورة الحديد الآية: 28 )
        من ثمار العلم به: أن العقل يهتدي، وأن النفس لا تشقى.
        ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾
        ( سورة طه )
        لا يضل عقله، ولا تشقى نفسه، من ثمار معرفة الله عز وجل: أنه لا خوف على هذا المؤمن، ولا هو يحزن، هاتان الكلمتان غطتا الماضي، والحاضر، والمستقبل.
        ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
        ( سورة البقرة )
        لا يضلك عقلك، ولا تشقى نفسك، ولا تندم على ما فات، ولا تخشى مما هو آت، كل الخير، كل السعادة، كل الرضى، كل السلامة، كل الذكاء في معرفة الله، وطاعته:
        ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾
        والحمد لله رب العالمين






        من قال سبحان اللهِ وبحمدِه في يومٍ مائةَ مرةٍ، حُطَّتْ خطاياه ولو كانتْ مثلَ زبدِ البحرِ
        موسوعة الكلم الطيب

        سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر استغفرالله

        تعليق


        • #49
          رد: مـــــــع اللـــــــــه-أسماء الله الحسنى ...للدكتور محمد راتب النابلسي

          بارك الله فيكم أختنا الفاضلة
          وبرجاء عند اضافة مشاركة تمييز الآيات عن باقي الكلمات بلون مختلف
          وكذلك الآحاديث بلون مختلف عن الآيات مع التأكد من صحتها
          وأيضا ما ورد في الاثر.
          نفع الله بكم


          تعليق


          • #50
            رد: مـــــــع اللـــــــــه-أسماء الله الحسنى ...للدكتور محمد راتب النابلسي

            اسم الله الأحد 2
            بسم الله الرحمن الرحيم
            الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
            من أسماء الله الحسنى: ( الأحد ):
            1 – بين ( الأحد ) والواحد:
            أيها الإخوة الكرام، لا زلنا في اسم ( الأحد )، وقد بينت في اللقاء السابق أن الواحد الذي لا شريك له، والذي لا ند له، ولا مثيل له، ولا مشابه له.
            لا يغيب عن بالكم أن الأعداد على نوعين، أعداد كمية، وأعداد نوعية، فقد تقول: التقيت بأربعة طلاب، هذا عدد كمي، وقد تقول: هذا الطالب ترتيبه في النجاح الرابع، الرابع نوعي، الأربعة كمي.
            لذلك الله واحد لا شريك له، لكن الله أحد أي لا ند له، ولا شبيه له، ولا مماثل له.
            2 – الكون يشهد أن الله ( الأحد ) الفرد الصمد:
            أيها الإخوة، هذا الكون العظيم، كلمة كون عبر عنها القرآن الكريم بالسماوات والأرض، والكون أو السماوات والأرض ما سوى الله، في هذا الكون حقيقية واحدة، أحدية هي الله، الحق كل ما يؤكد وجود الله، ووحدانيته، وكماله، هو الحق، والحق كل عمل تتقرب به إلى هذه الحقيقة الوحيدة الأحدية، اعتقادًا: كل ما يؤكد وجود الله ووحدانيته، وكماله هو الحق، وسلوكاً كل عمل يقرب إليه هو الحق، هذا كلام شمولي، وأما الباطل فكل ما يغفل هذه الحقيقة العظمى الأحدية أن الله موجود، وأن الله واحد، وأن الله كامل، فهو الباطل، أي توجه إلى غير الله، أيّ تشريع صادر عن غير منهج الله، أي تقييم لعمل بعيد عن منهج الله، أي شيء يبتعد عن الله، فهو الباطل، بل أي عمل يبعدك عن الله أو يجعل حجاباً بينك وبين الله فهو باطل، هذا كلام شمولي.
            الله عز وجل أحد، واحد أحد، فرد صمد، لم يلد، ولم يولد، هو الحقيقة الأحدية، ولا شيء سواه، ما سواه خاضع له، فأيّ فكر، أيّ كتاب، أي تأليف، أية قصة أي عمل، أي طرح، أي تفسير، أي تعليق يؤكد وجود الله، ويؤكد وحدانيته، ويؤكد كماله فهو الحق، وأي إغفال، أو إبعاد عن هذه الحقيقة فهو الباطل، وأي عمل يقرّب إليه فهو السلوك الحق، وأي عمل يحجب عنه فهو السلوك الباطل، هذا تعريف جامع مانع للحق والباطل.
            الخير كله في اتباع منهج الواحد الأحد:
            كلُّ عمل، أو كل تصور ينطلق من منهج الله فهو الخير، وكل عمل، أو كل تصور يناقض منهج الله عز وجل فهو الشر، وإذا بدا على شبكية العين أنه ممتع، أو أنه نافع، لكن في المآل يعد هذا شراً.
            إذاً: الخير ما جاء به وحي السماء، وما ناقضه فهو شر، وإن بدا للناس ممتعاً أو مريحاً، أو يعد كسباً لهم.
            الجمال الحقيقي كل ما اشتق من الله عز وجل، من تصور، أو من موقف، أو من عمل فهو الجمال الحق، وهناك جمال الأخلاق، وجمال التواضع، وجمال الوفاء، وجمال الرحمة، فأيّ سلوك، وأيّ تصور لم يؤخذ من منهج الله عز وجل، بل أيّ سلوك تفلت من منهج الله فهو القبح بعينه، هذه الحقيقة الأحدية هي ميزان الحق، والخير، والجمال.
            الحق والباطل واللعب:
            ولكن لا بد من وقفة متأنية: ما هو الحق ؟ الحقيقة أن الحق لابس خلق السماوات والأرض، فكل شيء خلقه الله عز وجل هو حق، كيف ؟ الآية الكريمة:
            ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ﴾
            ( سورة التغابن الآية: 3 )
            قال علماء التفسير: لابس الحق، فالحق مشى مع كل شيء خلقه الله، ولابس خلق السماوات والأرض.
            أيها الإخوة، ما تعريف الحق ؟ أحياناً الله عز وجل وصف آيات القرآن الكريم بأنها مثاني، قال بعض العلماء: إن كل آية تنثني على أختها فتفسرها.
            مثلاً: الله عز وجل قال:
            ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ﴾
            ( سورة ص الآية: 27 )
            الآية الثانية:
            ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ﴾
            ما هو الحق ؟ نقيض الباطل، ما هو الباطل ؟ الشيء الزائل، فأي شيء باقٍ على الدوام إلى أبد الآبدين هو الحق، وأي شيء زائل هو الباطل، وقد قال الله عز وجل:
            ﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ﴾
            ( سورة الإسراء )
            وزهوق على وزن فعول، وفعول من صيغ المبالغة، وإذا بالغنا في الشيء فالمبالغة تتجه إلى الكم والنوع، يعني أكبر باطل بالمئة السنة الماضية، الباطل الذي شغل نصف العالم الشرقي، والذي رفع شعار: ( لا إله )، ألم ينتهِ ؟
            ﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ﴾
            هذا الباطل عنده من القنابل النووية ما يدمر به القارات الخمس خمس مرات، ومع ذلك:
            ﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ﴾
            يعني مليون نوع من الباطل زاهق، وأكبر باطل زاهق، فصيغة المبالغة تنصب على الكم أو النوع.
            فلذلك:
            ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ﴾
            تعريف الحق:
            ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ﴾
            فالحق نقيض الباطل، والباطل هو الشيء الزائل، إذاً: الحق هو الباقي، فكم من مذهب وضعي ظهر في الأرض ؟ كم من إيديولوجيات مِن صنع الإنسان ظهرت، ثم انتهت، بل ثم أصبحت في الوحل ؟ لأنها باطلة، أما هذا الدين العظيم، مع أن العالم كله في قاراته الخمس يحاربه، بل إن حرباً عالمية ثالثة أُعلنت على هذا الدين وهو شامخ كالطود، وهو يزداد نمواً، بل هو الدين الأول نمواً.
            هذا الذي دعا بعض العلماء الغربيين الذين هداهم الله إلى الإسلام، وقد زاروا جالية إسلامية في بريطانيا، وزارنا عالم كبير في دمشق، وذكرت له هذا القول، فقال: أنا سمعت هذا القول من فمه، وقاله أمامي، قال: أنا لا أصدق أن يستطيع العالم الإسلامي اللحاق بالغرب على الأقل في المدى المنظور، لاتساع الهوة بينهما، ولكنني مؤمن أشد الإيمان أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين، لا لأنهم أقوياء، ولكن لأن خلاص العالم في الإسلام، بشرط أن يحسنوا فهم دينهم، وأن يحسنوا تطبيقه، وأن يحسنوا عرضه على الطرف الآخر.
            هناك معنى آخر: الله عز وجل قال:
            ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴾
            ( سورة الأنبياء )
            ما هو اللعب ؟ هو العبث، عمل بلا هدف، كاثنين جلسا ليلعبا النرد إلى الساعة الثالثة ليلا، ماذا ينتج عن هذا ؟ عمل بلا هدف، تضييع للوقت، بتعبير آخر قتل للوقت، أما لو قرأت كتابا، لو التحقت بجامعة، وقرأت الكتاب المقرر، وفيه امتحان، ونجحت أخذت شهادة، الشهادة فيها تعيين، والتعيين فيه دخل، الدخل معه زواج، الزواج معه بيت، وعمل، أي أثر مستقبلي، هذا الباطل تضييع للوقت.
            بالمناسبة أيها الإخوة، الإنسان وقت، الإنسان بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، وما من يوم ينشق فجره، إلا وينادي: يا ابن آدم ! أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
            إذاً: الحق نقيض الباطل، والباطل الشيء الزائل، الحق إذاً الشيء الثابت والباقي والدائم.
            الحق نقيض اللعب، واللعب هو العبث، والعبث عمل بلا أثر مستقبلي.
            من صفات اللعب: لما يشتري الأب سيارة صغيرة لابنه، ويمضي وقتاً طويلاً في تحريكها فوق أثاث البيت، يرافق هذا التحريك صوت منه يدل على صعوبة الطريق، هذه السيارة الصغيرة تملأ عالمه كله، فلو أخذتها منه يكاد يموت من البكاء، حينما يصبح طبيباً، ويُذكر بأعماله ألا يضحك على نفسه ؟
            من صفات اللعب أنك إذا تجاوزته رأيته صغيراً، هذا لعب، وقت ضائع، عمل لا طائل منه، عمل لا هدف له، عمل لا جدوى منه.
            فلذلك ورد في بعض الأحاديث:
            (( إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفسافها ودنيها ))
            [ أخرجه الطبراني عن حسين بن علي ]
            قال تعالى:
            ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ﴾
            ( سورة النجم )
            هناك إنسان في الأفق الأعلى، و إنسان في الأفق الأدنى، إنسان تشغله معالي الأمور، وإنسان يعيش في سفسافها ودنيها، فلذلك الحق هو الشيء الثابت والهادف، ليس باطلاً فهو ثابت، وليس عبثاً فهو هادف.
            الإنسان أين بطولته ؟ أين ذكاءه ؟ أين عقله ؟ في أن يربط نفسه مع الحق، فإذا ربط نفسه مع الحق فله مستقبل في الدنيا والآخرة، أما إذا ربط نفسه مع الباطل، ما دام هذا الباطل قائماً ينعم به، فإذا أزيح الباطل انتهى معه، فكل الذكاء، وكل البطولة، وكل النجاح، وكل الفلاح، وكل التوفيق، أن تربط نفسك مع الحق الأزلي الأبدي، الثابت الباقي في الدنيا والآخرة.
            هؤلاء الذين وقفوا مع النبي الكريم في محنته، في أقسى أيام الدعوة، أين هم الآن ؟ في أعلى عليين، أسماءهم في لوحة الشرف، وهؤلاء الذين انضموا للباطل القوي الغني، قريش بقدرتها، وغناها، وأسلحتها، وحقدها، وفتكها، أين هم الآن ؟ في مزبلة التاريخ.
            أيها الإخوة، هذا كلام دقيق، الله عز وجل واحد أحد، فرد صمد، الحقيقة الإلهية حقيقة أحدية، وأيّ تصور، وأيّ فكر، وأيّ طرح يؤكد وجود الله ووحدانيته وكماله فهو الحق، وأي سلوك يقرب إليه فهو الحق، وأي إغفال لهذه الحقيقة الأحدية فهو الباطل، وأي سلوك يبعد عنها فهو الباطل، من هنا كانت البطولة أن تكون مع الحق، وأن تكون مع الشيء الثابت.
            يروى أن أحد خصوم أبي حنيفة النعمان التقى به عند جعفر المنصور، أراد هذا الخصم أن يوقع أبا حنيفة في حرج كبير، قال له: إذا أمرني الخليفة ـ هو في حضرة الخليفة ـ أن أقتل إنساناً، أأقتله أم أتريث ؟ فلعله مظلوم ؟ فسأله: هل الخليفة على الحق أم على الباطل ؟ قال له: على الحق، قال له: كن مع الحق، سؤال محرج جداً في حضرة الخليفة، وكان شديداً قاسياً جداً، فسأله أبي حنيفة: الخليفة على الحق أم على الباطل ؟ لا يتجرأ أن يقول: على الباطل، قال له: على الحق، قال له: كن مع الحق، فلما خرج قال: أراد أن يقيدني فربطته.
            إخواننا الكرام، مرة ثانية النجاح كل النجاح، الفلاح كل الفلاح، الفوز كل الفوز التفوق كل التفوق، البطولة كل البطولة، أن تكون مع الحق، مع الثابت، أن تكون مع الله، سبحانك إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت.
            كل متاع الدنيا إلى مللٍ وفناء:
            عندنا حقيقة دقيقة جداً في هذا الدرس، لأنك مخلوق لمعرفة الله، لأنك مخلوق لجنة عرضها السماوات والأرض، أنت في أصل التصميم لا نهائي، فلا شيء يملؤك إلا الله، وقد تختار وظيفة، بعد أن تصل إليها تمل منها، تختار المال بعد أن تحوزه تمل منه، قد تختار المرأة، الشيء الأول الذي يمتعك بعد حين تمله، كل شيء ما سوى الله يمل، وكل شيء ما سوى الله يخبو لمعانه، وكل شيء ما سوى الله لا يمكن أن يمدك بسعادة مستمرة، بل متناقصة، هكذا شاءت حكمة الله.
            هؤلاء الذين بلغوا كل أهدافهم المادية، يعيشون بحالة ملل، وسقم، لأن نفسه مصممة بأن تعرف الله.
            بشكل أو بآخر حينما تختار هدفاً أرضياً، وأنت مصمم لمعرفة الله، هذا الهدف ما دام بعيداً عنك لعلك تحلم به، فإذا وصلت إليه انتهى، هذه مشكلة الناجحين في الحياة.
            لذلك هناك جسر بين قارتين، يعد ثاني جسر في العالم، في أثناء افتتاحه افتتحه رئيس الجمهورية، وإلى جانبه المهندس من بلد يعد أحد خمسة مهندسين في العالم، بعد أن قص الشريط الحريري ألقى بنفسه في البحر، فنزل ميت، فذهبوا إلى غرفته في الفندق فرأوا ورقة كتب عليها: ذقتُ كل شيء في الحياة، فلم أجد لها طعماً، فأردت أن أذوق طعم الموت.
            ليس ثمة أصعب من إنسان يعيش بلا هدف، إن ربطت نفسك مع الحق فأنت مع الله، أنت مع الباقي، الأزلي، الأبدي، الذي كل شيء بيده، وإن لم تصل لهذه الحقيقة فقد تستمتع بالمال أحياناً، بالمرأة أحياناً، بقصر، ببيت، بمركز، بمنصب، هذه الأشياء بعد أن تصل إليها تفقد لمعانها، ويخبو بريقها، وتشعر أنها أصغر بكثير بما كنت تتوقع.
            ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾
            ( سورة الكهف )
            مستحيل وألف ألف أَلف مستحيل أن تسعد بغير الله، والدليل:
            ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
            ( سورة الرعد )
            هناك فراغ في النفس لا يملؤه المال، لا يملؤه المنصب، لا تملؤه الزوجة الجميلة، لا يملؤه إلا معرفة الله.
            أنت في أصل التصميم مصمم لمعرفة الله، فأي شيء ما سوى الله صغير جداً أمامك، قبل أن تصل إليه تتوقع أنه سيسعدك، لكن بعد أن تصل إليه تكتشف الحقيقة المرة ؛ أنه ليس بشيء.
            أحياناً في البدايات يكون المال كل شيء، وفي منتصف الحياة المال شيء، أما على فراش الموت المال ليس بشيء، لهذا مرة عليه الصلاة والسلام قال:
            (( صاحب هذا القبر، إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم ))
            [ ورد في الأثر ]
            خاتمة:
            إذاً: معنى أن الله ( الأَحَد ) يعني حقيقة أحدية، وأيّ شيء يؤكد وجوده وكماله، ووحدانيته فهو الحق، وأي سلوك يقرب إليه فهو الحق، وأي تصور يغفل ذاته العلية فهو باطل، وأي حركة تبعدك عنه فهي الباطل، فلذلك كن مع الحق، ولا تخشَ أحداً، كن مع الحق فالمستقبل لك، كن مع الحق فخطك البياني في صعود مستمر.
            ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾
            ( سورة فصلت )
            والحمد لله رب العالمين






            من قال سبحان اللهِ وبحمدِه في يومٍ مائةَ مرةٍ، حُطَّتْ خطاياه ولو كانتْ مثلَ زبدِ البحرِ
            موسوعة الكلم الطيب

            سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر استغفرالله

            تعليق


            • #51
              رد: مـــــــع اللـــــــــه-أسماء الله الحسنى ...للدكتور محمد راتب النابلسي

              جزاكم الله خيرًا
              وينقل للقسم المناسب له

              تعليق

              يعمل...
              X