إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شبهات أهل الكلام على الفطرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شبهات أهل الكلام على الفطرة





    ومن أعظم الشبهات التي دخلت في علم الكلام، وأفسد بها علماء الكلام دين الْمُسْلِمِينَ قولهم بأن التدين إنما يكون تقليداً، وممن ذكره وفصله أبو حامد الغزالي في الإحياء وذكره غيره، وهو أن النَّاس إنما يتعبدون بحسب البيئة التي يولدون عليها، ولهذا يصبح الإِنسَان الذي ينشأ بين النَّصارَى نصرانياً والذي ينشأ بين اليهود يهودياً.

    وقد أدخل علماء الكلام -وأصلهم زنادقة براهمية- هذا على المسلمين، ولبسوا عليهم ذلك، فَقَالُوا: إذا كان من يولد بين الهنود يصبح هندوسياً، والذين يولد بين المسلمين يصبح مسلماً، أي: أن الأمر كله تقليد، ولا أصل للفطرة.

    إذاً لا بد أن نقول للناس -حسب انحرافهم-: لا تؤمنوا إلاّ إيماناً عقلياً لا تقليد فيه، ولذا نجد في كتب أهل الكلام وكتب الأشاعرة، وكتب أخرى كثيرة كما في شرح المواقف وشرح اليقينات الكبرى، وشرح السنوسية، والجوهرة، وغيرها من كتبهم نجد مسائل منها: حكم المؤمن المقلد.






    حكم المؤمن المقلد عند أهل الكلام


    يقولون في كلامه عَلَى حكم المؤمن المقلد، وقد اختلف فيه، فَقَالَ بعضهم: إنه كافر لا يقبل إيمانه، وقَالَ بعضهم: إنه عاصي، وقال بعضهم: يقبل لأن الإِنسَان ضعيف وجاهل لا يملك إلا التقليد.
    وهذه الأقوال كلها مبنية عَلَى أصل فاسد؛ لأن المسلم ليس مقلداً في الفطرة، بل الأصل في جميع بني آدم منذ أن خلقهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى أن يرث الله الأرض ومن عليها أنهم يولدون عَلَى هذه الفطرة وعلى هذا الدين، فمن كَانَ مؤمناً من الْمُسْلِمِينَ فقد بقي عَلَى الأصل الذي ولد عليه

    ولهذا تأتينا مسائل لها علاقة بهذا الموضوع ونعرف بطلانها وفسادها:
    المسألة الأولى: وهو قول علماء الكلام إنه يجب عَلَى كل عاقل مكلف أن يخرج من هذا الخلاف ويتخلص منه بأن ينظر ويتفكر في دليل عقلي يدله عَلَى وجود الله وعلى الإيمان بالله، ولو مرة واحدة، يجلس ويقول: العالمَ متغير، وكل متغير حادث، والحادث لا بد له من محدث، فالعالم محدَث، والله هو المحدِث، ويقولون: بهذا يخرج إيمانك عن كونه تقليداً، وعلى هذا تكون قد آمنت عَلَى عقل لا عَلَى تقليد، مع أن الحقيقة أن هذا هو عين التقليد، وأصبح هذا الدليل يلقن للناس؛ بل وللعامة، وهو مقرر ومكتوب في كتب راقية تدرس كمناهج التعليم.










    وهناك مسائل بنيت عَلَى الأصل الفاسد الذي بناه علماء الكلام في حقيقة الفطرة ومن هذه المسائل: أنه يجب عَلَى الإِنسَان إذا وصل إِلَى مرحلة البلوغ أن يقول: (أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أن محمداً رَسُول الله) ويكون بذلك قد دخل في الإسلام، ثُمَّ ينظر في إيمانه عَلَى ذلك الدليل الذي سبق، لأنه في البداية لم يكن مسلماً، وأما الآن فهو يدرك ويعي، فالآن عليه أن يسلم!! سُبْحانَ اللَّه!! كيف يُسلم وهو إنما وُلد عَلَى الفطرة من أبوين مسلمين في دار الإسلام.
    فنسألهم ما حكم هذا الإِنسَان قبل ذلك؟ ثُمَّ نقول لهم: لو أنه مثلاً حينما رأى علامة البلوغ ذهب فتوضأ فصلى وَالمفترض أنه يصلي قبل ذلك، لأن المسلم لا يمكن أن يصل إِلَى هذا السن ولم يصل ماذا تعتبرون هذه الصلاة هل هي باطلة لأنه لم يتشهد حين البلوغ؟
    هذا كلام لا دليل عليه، فيتناقضون في أمثال هذه المسائل، وهكذا! وكم تترتب من مسائل باطلة، لا نريد أن نستطرد فيها، وليس المقام مقام إيضاحها،
    وإنما هو مقام توضيحٍ لأهمية اتباع ما دل عليه الكتاب والسنة في مسألة الإيمان، وفي مسألة الفطرة، وهو: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد فطر العباد جميعاً عَلَى معرفته وعلى ربوبيته، وقد أشهدهم عَلَى ذلك.


    • إعتراف الذين أسلموا بأن الإسلام هو دين الفطرة


      عندما ندعو يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً؛ فإنما ندعوه إِلَى أمر يعلمه في نفسه ولا ندعوه لأن يصرف فطرته إِلَى أمر لم يخلق عليه،
      ويشهد لذلك من دخل في الإسلام من غير الْمُسْلِمِينَ، فكثير منهم يصرح ويقول: إنني لم أذهب إِلَى الكنيسةِ في حياتي قط منذ أن وعيت وأدركت إلا وأنا أشعر بفطرتي أن هذا الدين باطل.
      وبعد أن أسلم بعض القساوسة يقول: كنت أحس بنفسي أن هذا ليس هو دين الله عَزَّ وَجَلَّ، فلمّا قرأت عن الإسلام كتاب كذا وكتاب كذا وترجمة معاني القرآن، وجدت أن هذا هو الذي أشعر به في فطرتي.
      وهكذا نفهم ونستنتج منه أيضاً دليلاً حسياً حقيقياً عَلَى أننا عندما ندعو أي إنسان إِلَى دينِ الإسلام، فإننا ندعوه إِلَى ما هو في فطرته التي خلقه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليها لا ندعوه إِلَى أمر يخالف ذلك، ومن هنا دخل أقوام كثيرون في دين الله مع أن كثيراً منهم يجهل كثيراً مما جَاءَ به الإسلام، لكنهم يدركون أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حق وأنه إله واحد، وأنه رب السماوات والأرض.
      ولهذا كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إذا أرسل جيشاً يَقَولُ: [[إذا حاصرتم قلعةً أو حصناً أو قوماً فأخرج أحدهم يده وأشار إِلَى السماء فاقبلوا منه]] وهذا يستدل به عَلَى إثبات العلو، وأنه فطري، وأن الإيمان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فطري، فمن عبر بالإشارة حيث لا يستطيع أن يعبر باللسان فتعبيره مقبول، ومن هنا كَانَ أول واجب عَلَى الإِنسَان هو شهادة أن لا إله إلا الله وهو توحيد الله.


    د. سفر الحوالي

    وعجلت إليك ربِّ لترضى

يعمل...
X