إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

    يا هذا، كم لك على المعاصي مصر‏؟‏ متى يكون منك المتاب‏؟‏ جسمك باللهو عامر، وقلبك من التقوى خراب، ضيّعت الشباب في الغفلة، وعند الكبر تبكي على زمان الشباب‏.‏ في المجلس تبكي على الفائت، وإذا خرجت عدت للانتهاب‏.‏ لا حيلة لوعظي فيك وقد غلق في وجهك الباب‏

    لله درّ أقوام شاهدوا الآخرة بلا حجاب، فعاينوا ما أعدّ الله للمطيغين من الأجر والثواب‏.‏ ترى لماذا أضمروا أجسادهم وأظمؤوا أكبادهم، وشرّدوا رقادهم، وجعلوا ذكره بغيتهم ومرادهم‏؟‏‏!‏‏.‏

    لله در أقوام قلوبهم معمورة بذكر الحبيب، ليس فيها لغيره حظ ولا نصيب، إن نطقوا فبذكره، وإن تحرّكوا فبأمره، وإن فرحوا فبقربه، وإن ترحوا فبعتبته، أقواتهم ذكر الحبيب، وأوقاتهم بالمناجاة تطيب، لا يصبرون عنه لحظة، ولا يتكلمون في غير رضاه بلفظة‏.‏

    يا تائهًا في الضلال بلا دليل ولا زاد، متى يوقظك منادي الرحيل فترحل عن الأموال والأولاد‏؟‏ قل لي‏:‏ متى تتيقّظ وماضي الشباب لا يعاد، ويحك كيف تقدم على سفر الآخرة بلا راحلة ولا زاد‏.‏ ستندم إذ حان الرحيل، وأمسيت مريضًا تقاد، ومنعت التصرف فيما جمعت، وقطعت الحسرات منك الأكباد، فجاءتك السكرات، ومنع عنك العوّاد، وكفنت في أخصر الثياب، وحملت على الأعواد، وأودعت في ضيق لحد وغربة ما لها من نفاد، تغدو عليك الحسرات وتروح إلى يوم التناد، ثم بعده أهوال كثيرة، فيا ليتك لمعاينتها لا تعاد‏.‏

    يا من يذوب ولا يتوب، كم كتبت عليك الذنوب، ويحك خلّ الأمل الكذوب‏.‏ واأسفا، أين أرباب القلوب، تفرّقت بالهوى في شعوب، ندعوك إلى صلاحك ولا تؤوب، واعجبا لك، ما الناس إلا ضروب‏.‏


    يا غافلًا عن نصيره، يا واقفًا مع تقصيره، سبقك أهل العزائم، وأنت في بحر الغفلة عائم، قف على الباب وقوف نادم، ونكّس رأس الذل وقل‏:‏ أنا ظالم، وناد في الأسحار‏:‏ مذنب وراحم، وتشبّه بالقوم وإن لم تكن منهم وزاحم، وابعث بريح الزفرات سحاب دمع ساجم، وقم في الدجى نادبًا، وقف على الباب تائبًا، واستدرك من العمر ذاهبه، ودع اللهو جانبًا، وطلّق الدنيا إن كنت للآخرة طالبًا،

    يا أخي، لا يبيع الباقي بالفاني إلا خاسر، وإياك والأنس بمن ترحل عنه، فتبقى كالحائر، رفيق التقوى رفيق صادق، ورفيق المعاصي غادر، مهر الآخرة يسير، قلب مخلص، ولسان ذاكر، إذا شبت ولم تنتبه، فاعلم أنك سائر، فديت أهل التهجد بلسان باك وجفن ساهر، كم لهم على باب تتجافى جنوبهم من تلمق ودمع قاطر، إذا تنسّموا نسيم السحر أغناهم عن نسيم العذيب وحناجر، عصفت بهم رواشق الاستغفار البواكر، عمروا منازل الخدمة، ومنزل الغفلة خراب داثر‏.

    تعليق


    • #17
      رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

      جزاكى الله خيرا

      قال ابن الخطيب《 لو علم المؤمنون فضل الصلاة على النبي ﷺ لما كفّت ألسنتهم عنها كل حين》
      اللهمَّ صلِّ وسلم على نبينا محمد


      تعليق


      • #18
        رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

        فوائد من المدهش






        يا هذا دبر دينك كما دبرت دنياك لو علق بثوبك مسمار رجعت إلى وراء لتخلصه هذا مسمار الأضرار قد تشبث بقلبك فلو عدت إلى الندم خطوتين تخلصت

        يا هذا الدنيا هدية بلقيس فهل تقبلها أو تطلب ما هو أنفس ويحك أحسن ما في الدنيا قبيح لأنه يشغل عما هو أحسن منه أترى لو ابتليناك بترك عظيم كيف كنت تفعل إنما رددناك عن دنس ومنعناك من كدر ثم ما علمت أن الثواب على قدر المشقة

        الزمان أنصح المؤدبين وأفصح المؤذنين فانتبهوا بايقاظه واعتبروا بألفاظه

        كانوا إذا ضيق الخوف عليهم الخناق نفسوه بالرجاء فكان أبو سليمان يقول إلهي إن طالبتني بذنوبي طالبتك بكرمك وإن أسكنتني النار بين أعدائك لأخبرنهم إني كنت أحبك وكان يحيى ابن معاذ يقول إن قال لي يوم القيامة عبدي ما غرك بي قلت الهي برك بي

        يا هذا الدنيا وراءك والأخرى أمامك والطلب لما وراءك هزيمة إنما يعجب بالدنيا من لا فهم له كما أن أضغاث الأحلام تسر النائم لعب الخيال يحسبها الطفل حقيقة فأما العقل فيعلم ما وراء الستر



        يا من قد كثر تردده إلى المجلس ولم تزل قسوة قلبه لا تضجر فللدوام أثر جالس البكائين يتعد إليك حزنهم فتأثير الصحبة لا يخفى

        الدنيا دار المحن ودائرة الفتن ساكنها بلا وطن واللبيب قد فطن

        يا مؤخرا توبته بمطل التسويف ( لأي يوم أجلت ) كنت تقول إذا شئت تبت فهذي شهور الصيف عناقد انقضت قدر أن الموت لا يأتي إلا بغتة أليس مرض الموت يبغت

        يا أهل الذنوب والخطايا ألكم صبر على العقوبة ( كلا إنها لظى ) إذا شاهدت من اشترى لذة ساعة بعذاب سنين ( تكاد تميز من الغيظ ) من أراد أن ينجو منها فليتب ( من قبل أن يتماسا ) كيف أمن العصاة ( وإن منكم إلا واردها ) كيف نسوا غب الزلل ( ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )

        أخواني مثلوا أهل الجنة ( يوم نحشر المتقين ) ( ونورهم يسعى بين أيديهم ) ومعهم توقيع ( لا خوف عليهم ) فلما وصلوا إلى الجنان ( وفتحت أبوابها ) وبدأهم الخزنة ( سلام عليكم طبتم ) وبشروهم بالبقاء الدائم ( فادخلوها خالدين ) وقرأت الأملاك من سجل الأملاك مبلغ الثمن ( بما صبرتم ) وجميع المرادات داخلة في إقطاع ( ما تشتهي أنفسكم ) وقد استرجح في الميزان ( ولدينا مزيد ) وأتم التمام ( وما هم منها بمخرجين )

        يا من يذنب ولا يتوب كم قد كتبت عليك ذنوب خل الأمل الكذوب فرب شروق بلا غروب وآأسفي أين القلوب تفرقت بالهوى في شعوب ندعوك إلى صلاحك ولا تؤوب

        إن هممت فبادر وإن عزمت فثابر واعلم أنه لا يدرك المفاخر من رضي بالصف الآخر قال عمر بن عبد العزيز خلقت لي نفس تواقة لم تزل تتوق إلى الإمارة فلما نلتها تاقت إلى الخلافة فلما نلتها تاقت إلى الجنة

        إبتليت الهمم العالية بعشق الفضائل شجر المكاره يثمر المكارم متى لاحت الفريسة قذفت الغابة السبع إذا استقام للجواد الشوط لم يحوج راكبه إلى السوط من ضرب يوم الوغى وجه الهوى بسهم ضرب مع الشجعان يوم القسمة بسهم من اشتغل بالعمارة استغل الخراج إذا طلع نجم الهمة في ظلام ليل البطالة ثم ردفه قمر العزيمة ( أشرقت الأرض بنور ربها ) يا طالبا للبدعة أخطأت الطريق علة الراحة التعب إن لم تكن أسدا في العزم ولا غزالا في السبق فلا تتثعلب يا هذا الجد جناح النجاة وكسلك مزمن من كد كد العبيد تنعم تنعم الأحرار من امتطى راحلة الشوق لي يشق عليه بعد السفر

        يا أخي التوبة التوبة قبل أن تصل إليك النوبة الإنابة الإنابة قبل أن يغلق باب الإجابة الإفاقة الإفاقة فيا قرب وقت الفاقة

        يا غافلا عن مصيره يا واقفا في تقصيره سبقك أهل العزائم وأنت في اليقظة نائم قف على الباب وقوف نادم ونكس رأس الذل وقل أنا ظالم وناد في الأسحار مذنب وواجم وتشبه بالقوم وإن لم تكن منهم وزاحم وابعث بريح الزفرات سحاب دمع


        تعليق


        • #19
          رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

          كم ضيعت عمرا طويلا حملت فيه وزرا ثقيلا
          كم نصب لك الموت دليلا إذ ساق العزيز ذليلا
          لقد حمل إلى القبور جيلا جيلا ونادى في الباقين رحيلا رحيلا
          لكن الهوى أعاد الطرف كليلا


          كان محمد ابن المنكدر كثير البكاء فسئل عن ذلك
          فقال آية من القرآن أبكتني
          (وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ)


          كيف لا تذهب العيون من البكاء وما تدري ما قد أعد لها


          أخواني أيام العافية غنيمة باردة وأوقات السلامة لا تشبهها فائدة

          فتناول ما دامت لديك المائدة
          فليست الساعات الذاهبات بعائدة


          يا هذا إذا لم يتحقق قصد القلب لم يؤثر النطق باللفظ

          إن المكره على اليمين لا تنعقد يمينه
          إنما الأعمال بالنيات وقلبك كله مع الهوى
          إن في البدن مضغة إذا صلحت صلح البدن وإذا فسدت فسد البدن ألا وهي القلب
          أكثر الأمراض أمراض الهوى وأكثر القتلى بسيفه أرباب الهوى

          يا هذا متى تبت بلسانك وما حللت عقد الإصرار من قلبك لم تصح التوبة كما لو سكنت الأمراض بغتة من غير استفراغ فإن المرض على حاله

          قيل لعامر بن عبد قيس أما تسهو في صلاتك

          قال أو حديث أحب إلي من القرآن حتى أشتغل به
          هيهات مناجاة الحبيب تستغرق الإحساس

          تعليق


          • #20
            رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

            فوائد من ذم الهوى


            سئل ابن المبارك ما خير ما أعطى الرجل
            قال غريزة عقل قيل فإن لم يكن قال أدب حسن قيل فإن لم يكن قال أخ صالح يستشيره قيل فإن لم يكن قال صمت طويل قيل فإن لم يكن قال موت عاجل



            قال معاذ بن جبل لو أن العاقل أمسى وأصبح وله ذنوب بعدد الرمل كان وشيكا بالنجاة والسلامة والتخلص منها ولو أن الجاهل أمسى وأصبح وله من الحسنات وأعمال البر عدد الرمل لكان وشيكا ألا يسلم له منها مثقال ذرة قيل وكيف ذلك قال لأن العاقل إذا زل تدارك ذلك بالتوبة والعقل الذي قسم له والجاهل إنما هو بمنزله الذي يبني ويهدم فيأتيه من جهله ما يفسد صالح عمله


            عن صفوان بن سليم
            قال ليأتين على الناس زمان تكون همة أحدهم فيه بطنه ودينه هواه


            سمعت أعرابيا يقول
            إذا أشكل عليك أمران لا تدري أيهما أرشد فخالف أقربهما من هواك
            فإن أكثر ما يكون الخطأ مع متابعة الهوى



            قال ابن السماك
            إن شئت أخبرتك بدائك وإن شئت أخبرتك بدوائك داؤك هواك ودواؤك ترك هواك


            سمعت يحيى بن معاذ يقول
            حفت الجنة بالمكاره وأنت تكرهها وحفت النار بالشهوات وأنت تطلبها فما أنت إلا كالمريض الشديد الداء إن صبر نفسه على مضض الدواء اكتسب بالصبر عافية وإن جزعت نفسه مما يلقي طالت به علة الضنى

            تعليق


            • #21
              رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

              قال أحمد بن خضرويه
              لا نوم أثقل من الغفلة ولا رق أملك من الشهوة ولولا ثقل الغفلة لم تظفر بك الشهوة


              سمعت السرى يقول
              لن يكمل رجل حتى يؤثر دينه على شهوته ولن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه


              سمعت بشر بن الحارث يقول
              لا تجد حلاوة العبادة حتى تجعل بينك وبين الشهوات حائطا من حديد

              عن الحسن قال
              أيسر الناس حسابا يوم القيامة الذين يحاسبون أنفسهم لله عز و جل في الدنيا فوقفوا عند همومهم وأعمالهم فإن كان الذي هموا به لله عز و جل مضوا فيه وإن كان عليهم امسكوا قال وإنما يثقل الحساب يوم القيامة على الذين جازفوا الأمور في الدنيا اتخذوها على غير محاسبة فوجدوا الله عز و جل قد أحصى عليهم مثاقيل الذر ثم قرأ يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها


              عن الحسن قال
              إن المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه لله عز و جل وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حسابوا أنفسهم في الدنيا وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة إن المؤمن يفجؤه الشيء يعجبه فيقول والله إن لأشتهيك وإنك لمن حاجتي ولكن والله ما من صلة إليك هيهات هيهات حيل بيني وبينك ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول ما أردت إلى هذا ما لي ولهذا والله لا أعود إلى هذا ابدا إن شاء الله

              قال لقمان لابنه
              يا بني إن الإيمان قائد والعمل سائق والنفس حرون فإن فتر سائقها ضلت عن الطريق وإن فتر قائدها حرنت فإذا اجتمعا استقامت إن النفس إذا اطمعت طمعت وإذا فوضت إليها أساءت وإذا حملتها على أمر الله صلحت وإذا تركت الأمر إليها فسدت فاحذر نفسك واتهمها على دينك وأنزلها منزلة من لا حاجة له فيها ولا بد له منها وإن الحكيم يذل نفسه بالمكاره حتى تعترف بالحق وإن الأحمق يخير نفسه في الأخلاق فما أحبت منها أحب وما كرهت منها كره

              قال عمر بن عبد العزيز
              أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس


              تعليق


              • #22
                رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

                استعن على سيرك إلى الله بترك من شغلك عن الله عز و جل
                وليس بشاغل يشغلك عن الله عز وجل كنفسك التي هي بين جنبيك

                قال أبو بكر الوراق
                اصل غلبة الهوى مقاربة الشهوات فإذا غلب الهوى أظلم القلب وإذا أظلم القلب ضاق الصدر
                وإذا ضاق الصدر ساء الخُلُق وإذا ساء الخُلُق أبغضه الخَلْق وإذ أبغضه الخَلْق أبغضهم
                وإذا أبغضهم جفاهم وإذا جفاهم صار شيطانا رجيما


                سمعت السرى يقول
                اقوى الفتوة غلبتك نفسك ومن عجر عن أدب نفسه كان عن أدب غيره
                ومن علامة الاستدراج العمى عن عيوب النفس

                قال يحيى بن معاذ
                لا تربح على نفسك بشيء أجل من أن تشغلها في كل وقت بما هو أولى بها

                قال محمد بن احمد بن سالم البصري
                من صبر على مخالفة نفسه أوصله الله إلى مقام أنسه

                حكى أبو بكر بن الأنباري عن بعض العلماء أنه قال
                إنما سمى الصبر صبرا لأن تمرره في القلب وإزعاجه للنفس كتمرر الصبر في الفم واعلم وفقك الله أن الصبر مما يامر به العقل وإنما الهوى ينهى عنه فإذا فوضلت فوائد الصبر وما تجلب من الخير عاجلا وآجلا بانت حينئذ فضائل العقل وخساسة الهوى واعلم أن الصبر ينقسم قسمين صبر عن المحبوب وصبر على المكروه فالطاعة مفتقرة إلى الصبر عليها والمعصية مفتقرة إلى الصبر عنها

                سمعت سليمان بن القاسم يقول
                كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر
                قال الله عز و جل إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب

                قال الحارث المحاسبي
                لكل شيء جوهر وجوهر الإنسان العقل وجوهر العقل الصبر

                قال السلمي وسمعت أبا نصر الطوسي يقول سمعت محمد بن داود الدينوري يقول
                سئل عبد الخزاز عن علامة الصبر فقال
                ترك الشكوى وإخفاء الصبر والبلوى

                تعليق


                • #23
                  رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

                  قيل لبعض الحكماء ما سبب الذنب
                  قال الخطرة فإن تداركت الخطرة بالرجوع إلى الله ذهبت وإن لم تفعل تولدت عنها الفكرة فإن تداركتها بالرجوع إلى الله بطلت وإلا فعند ذلك تخالط الوسوسة الفكرة فتولد عنها الشهوة وكل ذلك بعد باطن في القلب لم يظهر على الجوارح فإن استدركت الشهوة وإلا تولد منها الطلب فإن تداركت الطلب وإلا تولد منه الفعل

                  سئل إبراهيم بن الحسن عن سلامة القلب فقال
                  العزلة والصمت وترك استماع خوض الناس ولا يعقد القلب على ذنب
                  ولا على حقد ويهب لمن ظلمه حقه

                  قال يحيى بن معاذ
                  سقم الجسد بالأوجاع وسقم القلوب بالذنوب فكما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقمه
                  فكذلك القلب لا يجد حلاوة العبادة مع الذنوب


                  كان بعض الحكماء يقول
                  إذا لم يستعمل القلب فيما خلق له من الفكر في اجتلاب المصالح في الدين والدنيا واجتناب المفاسد تعطل فاستترت جوهريته فإذا أضيف إلى ذلك فعل ما يزيده ظلمة كشرب الخمر وطول النوم وكثرة الغفلة صار كالحديد يغشاه الصدأ فيفسده

                  روى أن رجلا سأل عائشة ما دواء قسوة القلب فأمرته بعيادة المرضى وتشييع الجنائز وتوقع الموت وشكا ذلك رجل إلى مالك بن دينار فقال أدمن الصيام فإن وجدت قسوة فأطل القيام فإن وجدت قسوة فأقل الطعام وسئل ابن المبارك ما دواء القلب فقال قلة الملاقاة


                  سمعت إبراهيم الخاص يقول
                  دواء القلب خمسة أشياء قراءة القرآن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل
                  والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين

                  إعلم وفقك الله أنك إذا امتثلت المأمور به من غض البصر عند أول نظرة سلمت من آفات لا تحصى فإذا كررت النظر لم تأمن أن يزرع في قلبك زرعا يصعب قلعه فإن كان قد حصل ذلك فعلاجه الحمية بالغض فيما بعد وقطع مراد الفكر بسد باب النظر فحينئذ يسهل علاج الحاصل في القلب


                  عن سعيد بن المسيب قال
                  ما يئس الشيطان من ابن آدم قط إلا أتاه من قبل النساء

                  تعليق


                  • #24
                    رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

                    عن الأوزاعي قال سمعت بلال بن سعيد قال
                    لا تنظر في صغر الخطيئة ولكن انظر من عصيت

                    عن المعتمر بن سليمان عن ابيه قال
                    إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته

                    قال الفضل
                    بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله وبقدر ما يعظم عندك يصغر عنده

                    قال بشر
                    إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل

                    سمعت أبا الحسن المزين يقول
                    الذنب بعد الذنب عقوبة الذنب والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة

                    اعلم وفقك الله أن المعاصي قبيحة العواقب سيئة المنتهى
                    وهي وإن سر عاجلها ضر آجلها
                    ولربما تعجل ضرها
                    أراد طيب عيشه فليلزم التقوى

                    حدثنا الأصمعي عن أبيه قال
                    كان شيخ يدور على المجالس ويقول
                    من سره أن تدوم له العافية فليتق الله عز و جل

                    فمتى رأيت وفقك الله تكديرا في حال فتذكر ذنبا قد وقع فقد قال الفضيل بن عياض إني لأعصى الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي وقال أبو سليمان الداراني من صفى صفي له ومن كدر كدر عليه ومن أحسن في ليله كوفىء في نهاره ومن أحسن في نهاره كوفيء في ليله

                    كان سفيان الثوري كثيرا ما يتمثل تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الإثم والعار تبقى عواقب سوء في مغبتها ... لا خير في لذة من بعدها النار

                    تفكر وفقك الله فيما أكسبك الذنب من الخجل فقد قيل للأسود ابن يزيد عند موته
                    أبشر بالمغفرة فقال وأين الخجل مما المغفرة منه

                    كان بعض الحكماء يقول
                    إن استطعت أن لا تسيء إلى من تحب فافعل قيل له كيف يسيء الإنسان إلى من يحب
                    فقال إذا عصيت الله أسأت إلى نفسك وهي أكبر محبوباتك

                    قيل لبعض الحكماء
                    من أشد الناس اغترارا
                    فقال أشدهم تهاونا بالذنب
                    فقيل له علام تبكي
                    فقال على ساعات الذنوب
                    قيل علام تأسف
                    قال على ساعات الغفلة

                    تعليق


                    • #25
                      رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

                      قال أبو علي الروذباري
                      من الاغترار أن تسيء فيحسن إليك فتترك التوبة توهما أنك تسامح في الهفوات

                      عن عطاء الخراساني قال
                      إذا ظهر الزنا كثر الموت وإذا أكل الربا كان الخسف والزلزلة
                      وإذا جار الحكام قحط المطر وإذا منعت الزكاة هلكت الماشية

                      اعلم أن العقوبة تختلف فتارة تتعجل وتارة تتأخر وتارة يظهر أثرها وتارة يخفى وأطرف العقوبات مالا يحس بها المعاقب وأشدها العقوبة بسلب الايمان والمعرفة ودون ذلك موت القلوب ومحو لذة المناجاة منه وقوة الحرص على الذنب ونسيان القرآن وإهمال الإستغفار ونحو ذلك مما ضرره في الدين وربما دبت العقوبة في الباطن دبيب الظلمة إلى أن يمتلىء أفق القلب فتعمى البصيرة


                      أهون العقوبة ماكان واقعا بالبدن في الدنيا وربما كانت عقوبة النظر في البصر فمن عرف لنفسه من الذنوب ما يوجب العقاب فليبادر نزول العقوبة بالتوبة الصادقة عساه يرد ما يرد


                      عن ابن مسعود أنه قال
                      إني لأعلم آيتين لا يقرأهما عبد عند ذنب يصيبه
                      ويستغفر الله إلا غفر له
                      قوله ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه الآية
                      وقوله والذين إذا فعلوا فاحشة الاية

                      سمعت يحيى بن معاذ يقول
                      الذي حجب الناس عن التوبة طول الأمل وعلامة التائب إسبال الدمعة
                      وحب الخلوة والمحاسبة للنفس عند كل همة

                      عن مجاهد في قوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان قال
                      هو الذي إذا هم بمعصية ذكر مقام الله عليه فيها فانتهى



                      عن ميمون قال
                      الذكر ذكران فذكر الله عز و جل باللسان حسن
                      وأفضل منه أن يذكر الله عندما يشرف عليه من معاصيه


                      عن ابن مسعود أنه كان يقول
                      إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة والموت يأتي بغتة فمن زرع خيرا فيوشك أن يحصد رغبة ومن زرع شرا فيوشك أن يحصد ندامة ولكل زارع ما زرع


                      قال محمد بن علي الترمذي
                      اجعل مراقبتك لمن لا يغيب عن نظره إليك واجعل شكرك لمن لا تنقطع عنك نعمه
                      واجعل خضوعك لمن لا تخرج عن ملكه وسلطانه

                      كان بشرالحافي يقول
                      ما ظنكم بأقوام وقفوا بين يدي الله تعالى مقدار خمسين ألف سنة لم يأكلوا ولم يشربوا حتى تقطعت أكبادهم من العطش وأجوافهم من الجوع وأعناقهم من التطاول ورجوا الفرج فأمر بهم إلى النار

                      تعليق


                      • #26
                        رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

                        فوائد من كتاب رسالة الى ولدى


                        قال ابن الجوزى :اعلم يا بني وفَّقك الله أنه لم يميَّزِ الآدميُ بالعقلِ إلا ليعمل بمقتضاه، فاستحضر عقلك وأعمِلْ فِكرَك، واخلُ بنفسك، تعلمْ بالدليل أنك مخلوق مكلف وأن عليك فرائض أنت مطالب بها، وأن الملكين عليهما السلام يحصيان ألفاظك ونظراتك، وأن أنفاسَ الحي خطوات إلى أجله، ومقدارَ اللُّبث في الدنيا قليل، والحبسَ في القبور طويل، والعذابَ على موافقة الهوى وبيل، فأين لذة أمس؟ قد رحلَتْ وأبقَت ندمًا، وأين شهوة النفس؟ نكّسَت رأسًا وأزلّت قدمًا.


                        قال ابن الجوزى :وما سعِد مَن سعِد إلا بمخالفة هواه، ولا شقِي مَن شقي إلا بإيثار دنياه، فاعتبر بمن مضى من الملوك والزهاد، أين لذةُ هؤلاء وأين تعبُ أولئك ؟ بقي الثواب الجزيل والذكرُ الجميلُ للصالحين، والمقالةُ القبيحة والعقاب الوبيل للعاصين، وكأنه ما شبع مَن شبِع، ولا جاع مَن جاع. والكسلُ عن الفضائل بئس الرفيق، وحبُ الراحة يورث مِن الندم ما يربو على كل لذة، فانتبه وأتعِبْ نفسَك، واعلم أن أداء الفرائض واجتنابَ المحارم لازم، فمتى تعدّى الإنسانُ فالنار النار.


                        قال ابن الجوزى: اعلم أن طلبَ الفضائل نهايةُ مرادِ المجتهدين، ثم الفضائلُ تتفاوت، فمن الناس مَن يرى الفضائلَ الزهدَ في الدنيا، ومنهم مَن يراها التشاغلَ بالتعبد، وعلى الحقيقة فليست الفضائلُ الكاملةُ إلا الجمعُ بين العلم والعمل، فإذا حُصِّلا رفعا صاحبهما إلى تحقيق معرفة الخالق سبحانه وتعالى، وحرّكاه إلى محبته وخشيته والشوق إليه، فتلك الغاية القصوى، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، وليس كلُ مريدٍ مرادًا، ولا كلُ طالبٍ واجدًا، ولكن على العبد الاجتهاد، وكلٌ ميسَّرٌ لما خُلق له، والله المستعان.


                        قال ابن الجوزى :أول ما ينبغي النظر فيه معرفة الله تعالى بالدليل، ومعلومٌ أن من رأى السماء مرفوعة والأرضَ موضوعةًٌ، وشاهدَ الأبنية المحكمة، خصوصًا جسدَ نفسِه، علِمَ أن لا بد حينئذ للصَنعة مِن صانعٍ، وللمبني من بانٍ. ثم يتأمل دليل صدق الرسول صلى الله عليه وسلم إليه، وأكبرَ الدلائل القرءانَ الذي أعجز الخلق أن يأتوا بسورة من مثله. فإذا ثبت عنده وجودُ الخالق وصدقُ الرسول صلى الله عليه وسلم، وجب تسليمُ عِنانِه إلى الشرع، فمتى لم يفعل دل على خللٍ في اعتقاده.



                        قال ابن الجوزى : ينبغي له أن يعرف ما يجب عليه من الوضوء والصلاة، والزكاةِ إن كان له مال، والحج، وغير ذلك من الواجبات، فإذا عرف قدرَ الواجب وقام به فينبغي لذي الهمة أن يترقى إلى الفضائل، فيتشاغلَ بحفظ القرءان وتفسيره، وبحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبمعرفة سِيَرِه وسِيَر أصحابه والعلماء بعدهم، ليتخيّر مرتبةَ الأعلى فالأعلى. ولا بد من معرفة ما يقيمُ به لسانَه من النحو ومعرفةِ طرفٍ من اللغة مستعمَلٍ. والفقهُ أمُ العلوم، والوعظُ حَلواؤها وأعمها نفعاً.

                        تعليق


                        • #27
                          رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

                          قال ابن الجوزى :وما تقف همةٌ إلا لخساستِها، وإلا فمتى علتِ الهمةُ لم تقنع بدون. وقد عرفتُ بالدليل أن الهمةَ مولودةٌ معَ الآدمي، وإنما تقصُرُ بعضُ الهمم في بعض الأوقات، فإذا حُثَّتْ سارت. ومتى رأيتَ في نفسك عجزًا فسلِ المنعِمَ، أو كسلاً فالجأ إلى الموفق، فلن تنال خيرًا إلا بطاعته، ولا يفوتُك خيرٌ إلا بمعصيته، ومَنِ الذي أقبلَ عليه فلم يرَ كلَّ مرادٍ لديه ؟ ومَن الذي أعرض عنه فمضى بفائدة ؟ أو حظي بغرضٍ من أغراضه؟

                          قال ابن الجوزي:وانظر يا بني إلى نفسك عند الحدود، فتلمَّح كيف حِفظُكَ لها ؟ فإنه من راعى رُوعي، ومن أهملَ تُرِك، وإني لأذكر لك بعضَ أحوالي لعلك تنظر إلى اجتهادي، وتسألَ الموفقَ لي.


                          قال ابن الجوزى: كنت إذا عرض لي أمران أقدّم في أغلب الأحوال حقَ الحق، فأحسن اللهُ تدبيري وأجراني على ما هو الأصلح لي، ودفع عني الأعداء والحساد ومن يكيدني، وهيأ لي أسباب العلم، وبعث إلي الكسب من حيث لا أحتسب، ورزقني الفهمَ وسرعة الحفظ وجودة التصنيف، ولم يُعْوِزني شيئًا من الدنيا، بل ساق إلي مقدارَ الكفاية وأزيَد، ووضع لي في قلوب الخلق من القبول فوق الحد، وأوقع كلامي في نفوسهم فلا يرتابون بصحته. وقد أسلم على يدي نحو من مائتين من أهل الذمة، ولقد تاب في مجالسي أكثر من مائة ألف، وقد قطعتُ أكثر من عشرين ألف جُمّةٍ مما يتعاناه الجهال.

                          قال ابن الجوزى:ولقد كنت أدور على المشايخ لسماع الحديث فينقطع نفَسي من العَدْوِ لئلا اُسبَق، وكنت أصبح وليس لي ما آكل، وأمسي وليس لي شيء، وما أذلني الله لمخلوق، ولكنه ساق رزقي لصيانة عِرضي، ولو شرحتُ أحوالي لطال الشرح، وها أنا، ترى ما قد آلت الحال إليه، وأنا أجمعه لك في كلمة واحدة وهي قوله تعالى:{وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [سورة البقرة/الآية 282].

                          قال ابن الجوزى:فانتبه يا بني لنفسك واندم على ما مضى من تفريطك، واجتهد في لحاق الكاملين، ما دام في الوقت سَعةٌ، واسقِ غصنك ما دامت فيه رطوبة، واذكر ساعاتك التي ضاعت، فكفى بها عظة، ذهبَتْ لذةُ الكسل فيها، وفاتت مراتبُ الفضائل، وقد كان السلف رحمهم الله يحبون جمعَ كل فضيلة، ويبكون على فوات واحدة منها.

                          قال ابن الجوزى:واعلم يا بني أن الأيام تبسُطُ ساعاتٍ، والساعاتُ تبسُط أنفاسًا، وكلُ نفَسٍ خزانة، فاحذر أن تُذهِبَ نفسًا في غير شيء، فترى يوم القيامة خزانةً فارغة فتندم.

                          قعد قومٌ عند معروف [الكرخي] رحمه الله، فقال: أما تريدون أن تقوموا، فإن ملَكَ الشمس يجرُّها لا يفتُر. وفي الحديث: "من قَالَ سبحان الله وبحمده غُرسَت له نخلةٌ في الجنة"، فانظر إلى مضيِّعِ الساعات كم يفوته من النخل. وقد كان السلف يغتنمون اللحظات، فكان كَهْمَسُ [بن الحسن التميمي] يختم القرءان في كل يومٍ وليلةٍ ثلاث مرات، وكان أربعون رجلاً من السلف يصلون الفجر بوضوء العشاء، وكانت رابعةُ لا تنام الليل، فإذا طلع الفجر هجعَتْ هجعةً خفيفة وقامت فزِعَةً وقالت لنفسها: النوم في القبور طويل.

                          تعليق


                          • #28
                            رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

                            جزاكم الله خيرا وبارك فيكم أختي أماني يسري
                            نفع الله بكم
                            من أروع الكتب التي تحوي فوائد عديدة
                            واسلوب جذاب يحرك القلوب
                            كتب ابن الجوزي وابن القيم - رحمهما الله تعالى -


                            تعليق


                            • #29
                              رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

                              فوائد من بستان الواعظين



                              قال الله تبارك وتعالى{ وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم }الأعراف 200 وقال تعالى{ فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله }النحل 98
                              المعنى فاستعذ بالله إذا أردت أن تقرأ القرآن أعوذ بالله ملاذا وعياذا ويقال هذا عوذ لي مما أخاف منه أي مجيري والدافع عني وتسمى المرأة عائذا لأنها تعوذ بولدها والتعوذ بالقرآن هو الشفاء من آفات الشيطان





                              عباد الله تفكروا في إخراج أبيكم آدم من الجنة دار الأمان وهبوطه إلى دار الذل والهوان وكان سبب ذلك الملعون الشيطان وقد نهاكم مولاكم عن طاعته وأمركم بمعصيته فإن في طاعته سخط الرحمن ومعصيته توجب سكنى الجنان ونزول محل الرضوان قال الله سبحانه وتعالى{ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء }البقرة 268فمن أطاعه خذله وصده عن الهدى وفتح في قلبه أبواب الضلالة والردى قال الله تبارك وتعالى" وكان الشيطان للإنسان خذولا "




                              واعلموا عباد الله أن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبده خيرا أبعد عنه شيطانه وأعانه عليه ونشطه للطاعة وأزال عن بدنه الكسل فأقبل العبد عند ذلك على مولاه وأعرض عمن سواه وآثر رضاء سيده على هواه فعند ذلك يجعل الله الجنة العالية مأواه وإذا أراد بعبده شرا مكن منه شيطانه وسلطه عليه فأبعده عن طاعة الجبار وكسله عن عمل الأبرار وحبب إليه أعمال أهل النار وبغض إليه أعمال أهل دار القرار



                              فالله الله عباد الله لا تقبلوا وسواس الشيطان المخدوع واستعملوا قلوبكم وصدوركم بالآيات والخشوع وأسيلوا على ما فرطتم غزير الدموع أعوذ بالله من عواقب الخلاف أعوذ بالله من الجرأة والاستخفاف أعوذ بالله من العصيان وقلة الاعتراف



                              في قول الله عز وجل{ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا }البقرة 268 الآية أي يردك الشيطان إلى نفسك ولينسيك اشتغالك بربك وقيل يعدكم الفقر في طلب فوق الكفاف فيكون عندك ما يكفيك وأنت تحرص على جمع الزيادة وهو الفقر اللازم فيردك عن غني الكفاية إلى طلب المزيد وهو الفقر الحاضر الذي يؤدي صاحبه إلى العذاب الدائم الشديد وقيل يعدكم الفقر في البذل والعطاء في مرضاة الله عز وجل وهو الغني لأن الله تعالى يعدكم مغفرة وفضلا فينبغي للعبد أن يذكر منن الله تعالى عليه وإحسانه إليه وإفضاله لديه



                              واعلموا عباد الله أن الله تبارك وتعالى قال في محكم التنزيل على لسان محمد رسوله عليه السلام{ ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }الحشر 9ومن هو بخيل شحيح فليس بواق ولا مفلح واعلم أن البخل شجرة في النار وأغصانها مدلاة على الدنيا وهي شجرة الشيطان فمن تعلق بغصن منها قادته إلى النار وكذلك الكرم شجرة في الجنة وأغصانها مدلاة على الدنيا فمن تعلق بغصن منها جذبه إلى النعيم والكرم من صفات الملك الكريم فمن تعلق به فقد أسخط الشيطان الرجيم

                              تعليق


                              • #30
                                رد: فوائد من كتب ابن الجوزى....(متجددة)

                                ذكر عن أبي سعيد أنه قال في قول الله عز وجل
                                { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان } الحجر 42
                                كأنه يقول إن كان لك عليهم أن تلقيهم في معصية الله فليس لك عليهم أن تمنعهم من مغفرة الله وقول آخر إن كان للشيطان سلطان في إلقاء العبد في المعصية فأولى أن يكون لمغفرة الله سلطان في تطهير العبد من الخطية وليست قوة الشيطان بأكثر قوة من مغفرة الرحمن في قلوب أهل الإيمان


                                واعلموا عباد الله أن الله تبارك وتعالى سمى الإنسان ضعيفا
                                وقال في آية أخرى
                                { إن كيد الشيطان كان ضعيفا } النساء 76
                                والضعيفان إذا اقتتلا ولم يكن لواحد منهما معين لم يظفر بصاحبه فأمر الله الإنسان الضعيف أن يستعين بالرب اللطيف من كيد الشيطان الضعيف ليعصمه منه ويعينه عليه من كان في معونته الإله العظيم لم يضره كيد الشيطان الرجيم من كان في معونته الملك الوهاب لم يضره كيد الشيطان الكذاب من كان في معونته الملك القهار لم يضره كيد الشيطان الفرار من كان في معونته الملك الرحمن لم يضره كيد الشيطان


                                لطف الله بعباده فستر إبليس عنهم فقال
                                { إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم } الأعراف 27
                                فكأنه سبحانه وتعالى قال لعبده المؤمن أنا حبيبك الأعظم وإن إبليس عدوك الأعظم فلو رأيته وهو أعظم أعدائك عليك لشق ذلك عليك فسترته عنك ليكون حزن الدنيا ونصبها وترادف همومها وغمومها أهون عليك


                                واعلم يا أخي أن العبد المؤمن وإن أطاع الشيطان بنفسه فهو غير راض بقلبه وإنما مثله كمثل الواقع في نجاسة وبين يديه غدير ماء طاهر فيكون قلبه مع الماء وإن كانت نفسه في النجاسة فيكون سببا لطهارته كذلك نفس المؤمن وإن كانت في نجاسة المعصية فإن قلبه مع الله ومع محبته فيكون ذلك سببا لطهارته من المعصية


                                سئل بعض الحكماء ما الحكمة في أن لم يعط إبليس اثنان من ابن آدم وأعطى أربعة أعطي من بين يديه ومن خلفه وعن يمنيه وعن شماله من الجهات الأربع لم يعط إبليس أن يأتيه من فوق ولا من تحت قال لأن الأربع جهات تدخلها المشاركة في الأعمال وفوق موضع نظر الرب جل جلاله إلى قلوب عباده المؤمنين وتحت موضع سجود الساجدين بين يدي رب العالمين عصمنا الله وإياكم من فتنته عصمة يدخلنا بها في رحمته وتاب علينا وعلى جميع المذنبين إنه تواب رحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


                                قال الله تعالى { وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته } الأعراف 57
                                إلى قوله { كذلك نخرج الموتى } الأعراف 57
                                الآية كما أخرج النبات بالمطر كذلك يخرج الموتى بماء الحياة فتجتمع العظام والعروق واللحوم والأشعار فيرجع كل عضو إلى مكانه الذي كان فيه في دار الدنيا فتلتئم الأجساد بقدرة الجبار جل جلاله


                                {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا} الأنبياء 47
                                عباد الله ما لقلوبكم لا تخشع وما لآذانكم لا تسمع وما لدعائكم لا يسمع وما لعيونكم لا تدمع وما لبطونكم من السحت والحرام لا تشبع وما لعملكم المحمود لا يرفع إخواني من شغل نفسه بخدمة المعبود المحمود من خاف من ورود الناس وبئس الورد والمورود


                                من لم يقدم في الدنيا عملا صالحا حجب عن النظر إلى وجه الجبار وهوى في دار الندامة والبوار في دار عذابها سموم وشرابها حميم وظلها لا بارد ولا كريم وطعامها الزقوم يتردى والله في دار عذابها أليم ومسكنها جحيم وساكنها أبدا في العذاب مقيم يتردى والله في نار قعرها بعيد وعذابها شديد وشرابها صديد ومقامعها حديد وما هي من الظالمين ببعيد


                                فمثل لنفسك يا مسكين وقد جئت إلى الصراط وقد رأيت العاملين وقد جازوا وأنوارهم تسعى بين أيديهم وبأيمانهم ورأيت الباطلين في ظلمات البطالات وغمرات الجهالات فالله الله يا جماعة الضعفاء يا من قطع عمره في الخلاف والجفاء خذوا لانفسكم بالاحتياط واحذروا الأهوال الصعبة عند جواز الصراط

                                تعليق

                                يعمل...
                                X