إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مادة الحديث والمصطلح :: مصطلح حديث 2 ( إعادة بث دورة بصائر 1) :: دورة بصائر العلمية 2

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مادة الحديث والمصطلح :: مصطلح حديث 2 ( إعادة بث دورة بصائر 1) :: دورة بصائر العلمية 2




    هذا هو لقاؤنا الثاني حول علم مصطلح الحديث


    وكنا ذكرنا في لقائنا السابق بعضًا من المصطلحات المهمة والأولية لهذا العلم

    اليوم بإذن الله تعالى سوف نبسط القول في المراحل التي مر بها تدوين الحديث نفسه

    وليس علم المصطلح فقط

    بل تدوين الحديث

    ونتكلم أيضًا عن مسألة مهمة ألا وهي حجية السنة.




    ولمعرفة المزيد
    ندعوكم للتعرف على درس بعنوان
    مادة الحديث والمصطلح :: مصطلح حديث 2 ( إعادة بث دورة بصائر 1) :: دورة بصائر العلمية 2
    للدكتور محمد فرحات





    تفضلوا معنا في رابط تحميل الدرس بجميع الصيغ
    http://way2allah.com/khotab-item-113431.htm


    الجودة العالية :HD
    http://way2allah.com/khotab-mirror-113431-171682.htm


    الصوت : mp3

    http://way2allah.com/khotab-mirror-113431-171685.htm


    يوتيوب : youtube

    https://www.youtube.com/watch?v=Yk2WVdg_jcw


    رابط تفريغ بصيغة pdf
    http://way2allah.com/khotab-pdf-113431.htm



    فهرس مادة الحديث والمصطلح// دورة بصائر العلمية 2
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=312395


    مثبــت: جدول الدورة العلمية بصائر 2


    مثبــت: موضوع مخصص لتلقي الاستفسارات والشكاوى الخاصة بالدورة العلمية بصائر 2


    مثبــت: موضوع خاص باستقبال أسئلة مادة مصطلح الحديث



    دعوة للجميع | آرائكم تهمُّــنا |دورة بصائر 2



    ولمشاهدة وتحميل جميع دروس دورة بصائر العلمية 2 من خلال هذا الرابط
    http://way2allah.com/category-578.htm



    لقراءة التفريغ مكتوب على المنتدى تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله




    التعديل الأخير تم بواسطة منآيا أوصلك يارب; الساعة 28-10-2016, 01:09 AM.
    عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا

  • #2
    رد: مادة الحديث والمصطلح :: مصطلح حديث 2 ( إعادة بث دورة بصائر 1) :: دورة بصائر العلمية 2

    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله،ثم أما بعد:

    هذا هو لقاؤنا الثاني حول علم مصطلح الحديث، وكنا ذكرنا في لقائنا السابق بعضًا من المصطلحات المهمة والأولية لهذا العلم، اليوم بإذن الله تعالى سوف نبسط القول في المراحل التي مر بها تدوين الحديث نفسه وليس علم المصطلح فقط، بل تدوين الحديث ونتكلم أيضًا عن مسألة مهمة ألا وهي حجية السنة.

    المراحل التي مرت بها السُّنة من الناحية التدوينية:

    بداية إذا أردنا أن نتكلم عن المراحل التي مرت بها السنة من الناحية التدوينية نستطيع أن نلخصها في عدة مراحل:

    المرحلة الأولى: مرحلة القرن الأول الهجري..
    وهذه المرحلة انقسمت إلى مرحلتين

    1- النهي عن الكتابة

    إذا أردنا أن نتكلم عن القرن الأول الهجري لقلنا أن المرحلة الأولى فيه أيضًا في بدايات القرن الأول الهجري ألا وهي السنة في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين، في هذه المرحلة كان نقل الأحاديث ونقل السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعتمد في المقام الأول على الحفظ والتداول الشفهي.
    كان الصحابي يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينقل ما حفظه وما سمعه، فكان الصحابي يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينقل ما حفظه وما سمعه، والعامل الأساسي للاعتماد على النقل الشفهي هو أن جل الصحابة وأمة العرب أصلًا كانوا يتميزون بالأمية،كانوا لا يقرؤون ولا يكتبون، وبالتالي كان اعتمادهم أصلًا في نقلهم للأخبار والأشعار وغيرها على الرواية والاعتماد على حفظ الصدر عندهم.
    فهذا كان من الأمور المتكررة لديهم بصفة عامة، لم يكن فاشيًا فيهم مسألة التدوين والتوثيق عن طريق الكتابة وهكذا. ومن العوامل أيضًا التي جعلت الاعتماد على الرواية الشفهية هي الاعتماد الأول هو الخشية من مزج السنة بالقرآن إذا ما كتب الإنسان شيئًا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا يخافون أن يختلط هذا بما كتبوه من القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما هذا في الزمان الأول الذي لم تتمايز فيه النصوص الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لربما نقل بعضهم شيئًا من السنة واعتبره من القرآن الموحى به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
    لأجل هذا إذا أردنا أن ندقق القول في المسألة -مسألة تدوين السنة على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم- لوجدنا أنها مرت بمرحلتين أساسيتين: المرحلة الأولى مرحلة النهي عن الكتابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه ألا يكتبوا عنه شيئًا، بل ومن كتب عنه شيئًا عليه أن يمحُ ما كتبه، فعن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه وحدثوا عني ولا حرج ومن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" صحيح مسلم

    وهذا الحديث من الأحاديث المشهورة وهو في صحيح مسلم، ففيه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يكتب عنه أحدًا شيئًا.

    2- الإذن بالكتابة
    ثم جاءت المرحلة الثانية وهي مرحلة الإذن بالكتابة: وهذا نجده أيضًا في الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها الحديث المشهور عن عبد الله عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "كنت أكتب كل شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه فنهتني قريش وقالت: "أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتابة قال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ إلى فيه وقال اكتب فوالذي نفسي بيده لا يخرج منه إلا حق" صححه الألباني
    واشتهر عن هذا الصحابي رضي الله عنه أنه كان لديه صحيفة يجمع فيها ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تسمى الصادقة وكان يعتز جدًا بهذه الصحيفة، وهذا ما جعل هذا الصحابي من المكثرين من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وممن يعتمد عليهم في النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صرح بهذا أبو هريرة رضي الله عنه وقال: "ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثًا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب".
    وهناك أيضًا واقعة مشهورة حدثت أن رجلًا من أهل اليمن يقال له أبو شاه استمع إلى الخطبة التي خطبها النبي صلى الله عليه وسلم في عام الفتح فقال يا رسول الله اكتب لي هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:اكتبوا لأبي شاه، فهذا أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتابة.
    ثم ثبت أيضًا عن الصحابي الجليل على بن أبى طالب رضي الله عنه أنه كانت لديه صحيفة فيها بعضًا من ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. الشاهد أنه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هناك تدوين ولكن كان هذا التدوين كان تدوينا فرديًا، كل إنسان يريد أن يكتب شيئًا من السنة لنفسه هو فكان يكتبها لم يكن بصفة عامة ولا بصفة رسمية.

    المرحلة الثانية: مرحلة القرن الثاني الهجري

    ثم إذا ما انتقلنا إلى أواخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني انتقلنا إلى المرحلة الثانية، فنجد أن في هذه المرحلة بدأ تدوين السنة بطريقة أوسع بل وبشكل رسمي، حيث أمر خليفة المسلمين الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه بكتابة السنة وبتدوين السنة بأمر رسمي، حيث بعث بكتاب إلى الأفاق فقال انظروا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعوه، ومن هنا بدأ التدوين -تدوين السنة- بشكل منظم وبشكل ممنهج.
    فنجد في هذه الفترة شاعت المصنفات التي بدأ أصحابها يجمعون الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    فكان أول من جمع السنة على الصحيح من أقوال أهل العلم الإمام الزهري رحمة الله عليه، ثم تتابعت الكتابة من بعدها فكان مثلًا ابن إسحاق, الإمام مالك, وكذلك حماد بن سلمة, ومعمر، ثم تلا هؤلاء الإمام عبد الرزاق في اليمن، وكذلك ابن أبي شيبة -وهو من المكثرين في الكتابة في الكوفة- وكان رحمة الله عليه ممن لا يكتفي بالجمع ولكن كان أيضًا ممن يرتبون ويصنفون ويهذبون ما جمع.
    فهذه المرحلة الثانية مرحلة القرن الثاني الهجري. ثم نأتي إلى..


    المرحلة الثالثة: مرحلة القرن الثالث الهجري.. العصر الذهبي للتدوين
    وهذا العصر يعتبر العصر الذهبي للتدوين والتصنيف في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث بلغ التصنيف في السُّنة منتهاه، وبدأت تظهر لنا الكتب الأساسية في علم الحديث كما ذكرنا في لقائنا السابق مصطلح الكتب الستة.
    هذه الكتب كتبت في القرن الثالث الهجري وفي بدايات القرن الرابع الهجري، وبدأ تمييز الكتابة وتمييز التصنيف حتى ظهرت لنا المصنفات التي تعتمد على الأحاديث الصحيحة كصحيح الإمام البخاري والإمام مسلم، كما ظهرت لنا المصنفات التي تبين المرفوع من الموقوف، وبدأت تظهر لنا السنن وهكذا، فهذا هو العصر الذهبي في التصنيف وقمة التصنيف وذروة التصنيف في علم الحديث. ثم نأتي إلى:


    المرحلة الرابعة: من القرن الرابع الهجري إلى القرن العاشر الهجري
    ألا وهي مرحلة ما بعد القرن الرابع، في هذه المساحة الزمنية الطويلة زادت المصنفات الحديثية بل وطغى التدوين والكتابة في علم الحديث على الرواية الشفوية، كثرت المستخرجات منها مثلًا مستخرج أبي عوانة، وكذلك ظهرت الكتب التي جمعت أدلة المذاهب الفقهية.
    يعني كانت كتب حديثية الغرض منها خدمة مذهب معين من ذلك مثلًا كتاب "معالي الآثار" الذي ذكرناه في لقائنا السابق، أيضًا "شرح معالي الآثار" للإمام الطحاوي رحمة الله عليه وكان يخدم فيه مذهبه الحنفي.
    وكذلك "السنن الكبرى" للإمام البيهقي والذي كان أيضًا شافعيًا وكان يخدم مذهبه بهذا التصنيف وهكذا.
    ثم مع نهايات القرن السابع بدأ يدب الوهن في الحركة العلمية وفترت الهمم وقلت الإنتاجات العلمية في هذا الزمان، وحقيقة قل العلماء الجهابذة وقل الحفّاظ والنقاد ولم يظهر فيه إلا بعض الأسامي المتناثرة مثل الحافظ العراقي ومثل الحافظ بن حجر حتى أن الإمام الذهبي رحمة الله عليه كان يشتكي بمرارة من الوضع الذي وصل به الحال فقال: فأين علم الحديث وأين أهله كدت ألا أراهم إلا في كتاب أو تحت التراب، فالضعف العام الذي أصاب الأمة والوهن الذي دب في أوصالها كان له أثره على الحركة العلمية، لكن ازدهرت علوم السنة في بعض المراكز خاصة في مصر -يعنى من القرن السابع الهجري- حملت مصر مشاعل علم الحديث وظهرت فيه المدارس الحديثية، مما يحسب لدولة المماليك أنهم اهتموا جدًا بعلم الحديث وأنشأوا العديد من المدارس التي كانت مختصة في دراسة ورواية الحديث.
    وظلت هذه النهضة العلمية في مصر إلى أوائل القرن العاشر الهجري الذي دب فيه للأسف الضعف وفتر فيه النشاط العلمي.


    المرحلة الخامسة: من بداية القرن الحادي عشر حتى يومنا هذا
    وانتقل علم الحديث وحملت رايته إلى مكان بعيد في أقصى الشرق في بلاد الهند، فنجد أنه من بداية القرن الحادي عشر إلى يومنا هذا انتقلت رواية الحديث بل وعلوم الحديث بصفة عامة انتقلت إلى علماء الهند -جزاهم الله عن الإسلام خير الجزاء- فهم الذين حفظوا لنا هذا العلم.
    فلا زلنا إلى الآن نعيش على مصنفاتهم التي صنفوها في شروحات الحديث، وفي توثيق الأحاديث، وفي نقل الكتب، وفي تدعيم الأسانيد، يعني ليس في عصرنا هذا من يجاز في علم الحديث إلا وتجد في أسانيده سندًا يأتيه عن مشايخ الهند -فجزاهم الله عنا خير الجزاء- إلى الآن في العصر الحديث بدأت تظهر نهضة علمية جديدة خاصة في مرحلة التدقيق والتمحيص في علم الحديث، النهضة العلمية التي نشأت من حوالي نصف قرن بدأ الاتجاه نحو تنقيح السُّنة والاهتمام بتنقية السنة مما شابه من هذا التراث الطويل ونشأ علم التحقيق -يعني تحقيق المخطوطات- وهكذا، مما يعد حاليًا مرحلة جديدة من مراحل الازدهار في التوثيق والترتيب والتهذيب لعلوم السنة جزى الله خيرا كل من قام بهذا الجهد في هذا العصر وفي غيره من العصور.. هذا بالنسبة للمراحل التاريخية التي مرت بها السنة.


    حجية السنة ومنزلة السُّنة من التشريع
    الجزئية الأخرى التي سوف نتحدث عنها هو مبحث حجية السنة ومنزلة السنة من التشريع: للأسف لا زالت تنبت نابتة السوء بين المسلمين التي تتحدث عن السنة بشيء من الازدراء وتطعن في حجية السنة، بل وهناك من ينكر السنة أصلًا، فنحن بحاجة إلى أن نبرز هذا الباب وأن نلقي الضوء على حجية السنة.
    هل بالفعل السنة لها قوة تشريعية؟ وهل هي حجة في دين الله؟
    الحقيقية يجب أن يكون هذا الأمر بديهي ولكن كما ذكرنا نحن نحتاج إلى أن نشرح في الأمر البديهي وأن نعضده مع أنه لا يحتاج أصلًا إلى دليل، فنقول: العلماء استدلوا على حجية السنة بأدلة من القرآن، ومن السنة، ومن الإجماع، ومن المعقول.

    الأدلة من القرآن على حجية السُّنة:

    أما بالنسبة للقرآن فهناك الكثير من الآيات التي تحدثت عن هذا، منها مثلًا قوله تعالى: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى"النجم4:3
    فالحق تبارك وتعالى أخبرنا أن كل ما ينطق به النبي صلى الله عليه وسلم هو من الوحي طالما أنه يختص بالنقل والتشريع، والنبي صلى الله عليه وسلم قال هذا فما يقول هذا إلا حقًا، وكذلك من الأمور التي استدل بها العلماء على حجية السنة الأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم:وقد وردت في عدة مواضع يعني كما قال الإمام أحمد أكثر من ثلاثين موضعًا منها قول الحق سبحانه وتعالى:"يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ"النساء:59،بل جعل الحق سبحانه وتعالى طاعة الرسول من طاعة الله، قال سبحانه وتعالى:"مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ" النساء:80
    كذلك كان الأمر من الحق سبحانه وتعالى باتباع ما يأتينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،فقال جل وعلا: "وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" الحشر:7
    ثم جاء الأمر من الحق سبحانه وتعالى برد المتنازع فيه إلى الله أي إلى كتابه وإلى الرسول أي إلى سنته صلى الله عليه وسلم، فقال الله جل وعلا: "فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُول إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" النساء:59
    كذلك قال الحق سبحانه وتعالى: "فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيما"النساء:65 فهنا في هذه الآية جاء الأمر بوجوب التحكيم ورد المتنازع فيه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى الله جلا وعلا.
    ومن الأدلة أيضًا قول الحق تبارك وتعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ" الأحزاب:36،فلا خيار للمسلم فيما قضى به الله أو قضى به الرسول صلى الله عليه وسلم.


    وتوعد الحق سبحانه وتعالى هذا الذي أعرض عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" النور:63
    بل وأعطى الحق سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم سلطة بيان الأحكام، فقال الله جل وعلا: "وأنزلنا إليك"لا يستغنى من أراد فهم القرآن لا يستغنى عن السنة،هذه بالنسبة لبعض الأدلة التي وردت في كتاب الله والتي تعضد حجية السنة.

    الأدلة من السنة

    أما عن سنة النبي صلى الله عليه وسلمفلقد أخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أنه سيأتي بعده من ينكر السنة، فمن الأحاديث في هذا عن المقدام بن معدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا أني أوتيت الكتاب ومثله معه" فهذا نص على وحي السنة "لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه" صححه الألباني
    وعن أبى رافع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ألفين أحدكم متكأ على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت فيقول: لا أدرى ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه" صححه الألباني
    فحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الفرقة الضالة التي تنكر حجية السنة، بل وأخبر بها وهذا من إعجاز النبي صلى الله عليها وسلم.

    حجية الإجماع:

    ثم نأتي بعد ذلك لحجية الإجماع؛ فلقد أجمع الصحابة رضوان الله عليهم على حجية السنة في حياته وبعد مماته على وجوب اتباع سنته، فكانوا يتمثلون أحكامه وأوامره ونواهيه، ولا يتقدمون برأي على رأيه، ويثبتون هذه الأحكام -وهذا إجماع من الصحابة- والإجماع دليل شرعي معتبر، ثم بالدليل العقلي لا يجوز لإنسان أو لا يستطيع الإنسان أن يتعبد لربه بغير السنة، فكيف يتعبد الإنسان لربه بالقرآن وهو لا يدرى ما هي معاني هذا القرآن، ولا يعلم بعضًا من الأحكام التي وردت في القرآن مما ورد تفصيلها في السنة!
    فلا يستغني أبدًا من يريد التعبد إلا عن طريق السنة، ولا يستطيع أن يتعبد لله إلا بالسنة. وإلا فقل لي: الذي يريد أن يصلي كيف يستطيع أن يصلي؟ أتاه الأمر أقيموا الصلاة، كيف سيصلي إلا أن يأتي على تفاصيل الصلاة؛ يأتي بها بأوقاتها, وبأركانها, وشروطها, وحدودها, وعدد ركعاتها وغيرها، كيف سيأتي بها؟ لن يكون هذا إلا بالسنة. وبالتالى من أنكر السنة فهو سوف ينكر أصلًا كل هذه التفاصيل، ولم يستطع أن يتعبد أصلًا.
    لأجل هذا العلماء قالوا: من أنكر السنة بالكلية فهذا ملحد في دين الله، بالفعل هذا ينسلخ من الدين, هذا سوف يكون متعبدًا بديانة أخرى ولا يكون أبدًا متعبدًا بدين الله، بالدين الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم. لأجل هذا نقول أنه لا شك ولا مراء في حجية السنة، والعلماء جعلوا السنة مع القرآن في مرتبة: إما جمعوها مع القرآن في مرتبة واحدة، وإما جمعوها في مرتبة الوحي وقدموا القرآن على السنة، أو قالوا القرآن ثم السنة.
    أيما كان دليل حجية السنة دليل لا يحتاج منا مزيد من الاستدلال عليه، بل هو من الأمور اليقينية التي تكاد تكون بالفعل من المعلوم من الدين بالضرورة.

    أنواع الأحكام التي وردت في السُّنة:

    ثم إذا ما أردنا أن نتكلم عما ورد في السنة من الأحكام فنقول أن الأحكام التي وردت في السنة أنواع:
    النوع الأول: ما كان مطابق لما في القرآن
    أول نوع من الأحكام التي وردت في السنة: منها ماكان مطابق لما في القرآن: يعني الأمر يأتي في السنة مطابق لما ورد عن الحق سبحانه وتعالى في كتابه، فيكون هذا الأمر الوارد في السنة كنوع من التأكيد لما جاء في القرآن، منها مثلًا الأمر بالصلاة، فالحق سبحانه وتعالى قال: "وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ" البقرة:43
    كذلك جاء الأمر بها في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه الدرجة الأولى: المطابقة، أن يكون الحكم الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم مطابقًا لما جاء في الكتاب.

    النوع الثاني: أن تأتي السنة مبينة لما ورد في كتاب الله

    وبيان السنة للقرآن يأتي على التفاصيل الآتية:
    إما أن تكون مفصلة لما جاء في القرآن مجملًا: أمر يأتي على وجه الإجمال مثلًا يأتي في القرآن الأمر بالصلاة وإيتاء الزكاة، كيف أصلي وكيف أزكى؟ هذا أمر مجمل يحتاج إلى تفصيل، فهذا التفصيل يأتي بشكل مفصل في السنة، ولا يستغنى الإنسان الذي يريد أن ينفذ الأمر عن السنة حتى ينفذ هذا الأمر، فهنا تأتي السنة مفصلة لما جاء في القرآن مجملًا.


    النوع الثالث: أن تقيّد السنة ما أتى مطلقًا من القرآن
    كذلك من أنواع الأحكام التي أتت في السنة: أن تقيد السنة ما أتى مطلقًا من القرآن بعد الأوامر تأتي مطلقة في القرآن، ثم تأتي السنة وتقيد هذا الإطلاق، منها قول الحق سبحانه وتعالى: "مِنْ بَعْدَ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ" النساء:12، هذه الوصية وردت هكذا مطلقة في كتاب الله، ولكن هل هذه الوصية مطلقة بالفعل؟
    يعني هل يستطيع الإنسان أن يوصي بكل أمواله؟ تأتي لنا السنة وتقيد لنا هذا الإطلاقوتقول أن الإنسان لا يزيد في وصيته على الثلث من تركته.
    وكذلك في قول الحق سبحانه وتعالى: "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا" المائدة:38، فنجد هنا لفظة اليد جاءت مطلقة، فقطع اليد من أين يكون؟ هل كل اليد؟ من الكتف؟أي من أي وضع سوف يكون القطع؟
    فهنا نجد أن السنة قيدت هذا وقالتأن القطع يكون من مفصل الرسخ، هذه الدرجة أيضًا من درجات التعامل بين القرآن والسنة.

    النوع الرابع: السنة قد تأتي مخصصة لما ورد بشكل عام

    كذلك السنة قد تأتي مخصصة لما ورد بشكل عام: الشكل العام الذي يأتي في القرآن تأتي السنة أحيانًا وتخصصه، من ذلك مثلًا قول الحق سبحانه وتعالى: "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ"المائدة:3
    لفظة الميتة وردت هكذا لفظة عامة، هل بالفعل كل ميت يحرم تناولها؟ لا هنا تأتي السنة بالتخصيص فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن البحر: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"صحيح البخاري
    فالأسماك مثلًا التي تأتي على سطح البحر وقد ماتت هذه يحل لنا أكلها مادامت تصلح للطعام وهكذا.

    النوع الخامس: السنة قد تأتي بتوضيح بعض مما أشكل في القرآن

    يعني أشياء تأتي بشكل يحدث فيه لبس فهنا السنة تأتي توضح هذا الإشكال، منها مثلًا عندما نزل الحق سبحانه وتعالى: "الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ.." الأنعام:82،قال الصحابة رضوان الله عليهم: أينا لا يظلم نفسه؟ قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: ليس كما تقولون، ليس هذا الظلم الذي ورد في الآية، إنما قال الحق سبحانه وتعالى: "َلَم يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ.." الأنعام:82 أي بشرك.
    أو لا تسمعوا قول لقمان لابنه "يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" لقمان:13،فهنا وضح النبي صلى الله عليه وسلم هنا معنى الظلم وكانوا لا يعرفون معناه.

    النوع السادس: تأتي السنة بحكم مستقل لم يأتِ في القرآن

    كذلك الدرجة الأخيرة لتعامل القرآن مع السنة أن تأتي السنة بحكم مستقل لم يأتِ في القرآن، وهنا اختلف أهل العلم في هذه المسألة هل تستقل السنة بالتشريع؟ هل السنة تأتي فيها أحكام لم ترد في القرآن؟
    هنا اختلف أهل العلم في هذه المسألة، هناك من قال أن السنة لا تستقل بتشريع وأن كل ما ورد فيها من أحكام كل هذا ورد أصلًا في القرآن، وإنما السنة أتت بحكم مندرج تحت أصل كلي في القرآن.
    إنما هناك رأي أخر قال: السنة تستقل بالفعل، بالتشريع وتأتي بأحكام لم ترد في القرآن، وهذا لا بأس به؛ لأن السنة أصلًا وحي وله أمثلة عديدة منها مثلًا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها"صحيح البخاري
    وهذا الحكم لم يوجد في الآية التي حددت أصناف النساء المحرمات، فهنا أتت السنة بشيء لم يرد في القرآن، وهذا هو أرجح الأقوال أن السنة بالفعل تستقل بالتشريع. هذا بشكل مختصر عما ورد في الأحكام في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ونكتفي بهذا القدر في هذه المقدمة، ولعل يكون لنا إن شاء الله لقاء آخر نبسط فيه القول في علم مصطلح الحديث وعلوم السنة.

    الخاتمة

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا

    تعليق


    • #3
      رد: مادة الحديث والمصطلح :: مصطلح حديث 2 ( إعادة بث دورة بصائر 1) :: دورة بصائر العلمية 2

      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا وتقبل منكم

      "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
      وتولني فيمن توليت"

      "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

      تعليق


      • #4
        رد: مادة الحديث والمصطلح :: مصطلح حديث 2 ( إعادة بث دورة بصائر 1) :: دورة بصائر العلمية 2

        جزيتم خيرًا

        تعليق

        يعمل...
        X