إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مادة العقيدة :: الدرس الرابع (شرح حديث جبريل 4) :: دورة بصائر العلمية 2

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مادة العقيدة :: الدرس الرابع (شرح حديث جبريل 4) :: دورة بصائر العلمية 2



    مرحبًا بكم أيها الإخوة والأخوات وهذا اللقاء هو لقاؤنا الرابع، مع الركن السادس من أركان الإيمان بالله –سبحانه وتعالى- وهو بعنوان: الإيمان بقضاء الله –عز وجل- وقدره وأثر ذلك في حياة المسلم فلاشك أن الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان العِظام، جاء منصوصًا عليه في الكتاب والسنة، وأجمع عليه أهل العلم قديمًا وحديثًا ولِما لهذا الركن من أهمية في حياة المسلم وأحببنا أن نفرده بلقاءٍ خاص، ندندن حوله ونبين جوانبه وأركانه، وما ينبغي للمسلم أن يتعامل من خلال أصول السير في هذا الباب وهو الإيمان بالقدر.

    وسنتطرق من خلاله الى عدة نقاط منها
    أقوال الأئمة والعلماء في القدر


    الأدلة على أن القدر ركن من أركان الإيمان

    أركان الإيمان بالقدر

    الرد على القدرية

    ثمرات الإيمان بالقدر

    تعالوا بنا لنتعرف على هذه المحاور مع الشيخ/ عبد المنعم مطاوع
    في درس بعنوان مادة العقيدة :: الدرس الرابع (شرح حديث جبريل 4) :: دورة بصائر العلمية 2





    لتحميل الدرس الرابع عقيدة ومشاهدته بجميع الصيغ
    من هنا

    الجودة العالية HD
    http://way2allah.com/khotab-mirror-127207-198558.htm

    الجودة المتوسطة
    http://way2allah.com/khotab-download-127207.htm

    الصوت
    http://way2allah.com/khotab-mirror-127207-198559.htm

    الساوند كلاود
    https://soundcloud.com/way2allahcom/4-2a

    اليوتيوب

    https://www.youtube.com/watch?v=y-oCpNIoWeI


    لتحميل تفريغ الدرس بصيغة pdf
    http://way2allah.com/khotab-pdf-127207.htm

    موضوع خاص باستقبال أسئلة مادة العقيدة:
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=311619


    فهرس مادة العقيدة
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=311618



    مثبــت: جدول الدورة العلمية بصائر 2

    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=311026

    مثبــت: موضوع مخصص لتلقي الاستفسارات والشكاوى الخاصة بالدورة العلمية بصائر 2

    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=310989


    ولمشاهدة وتحميل جميع دروس دورة بصائر العلمية 2 من خلال هذا الرابط
    http://way2allah.com/category-578.htm



    لقراءة التفريغ مكتوب على المنتدى تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله

    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 12-10-2016, 02:25 PM.

    اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

  • #2
    رد: مادة العقيدة :: الدرس الرابع (شرح حديث جبريل 4 ) :: دورة بصائر العلمية 2


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حياكم الله وبياكم
    الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات: يسر
    فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله
    أن يقدم لكم:
    تفريغ:
    مادة العقيدة :: الدرس الرابع (شرح حديث جبريل 4) :: دورة بصائر العلمية 2
    لفضيلة الشيخ/ عبد المنعم مطاوع

    سائلين الله -عز وجل- أن يجعله في ميزان حسنات كل من شارك فيه
    وأن يبارك في فريق عمل التفريغ



    إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله –تعالى- من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديرًا -سبحانه وتعالى-، لا إله غيره ولا رب سواه، ولا معبود غيره -سبحانه وتعالى- وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى وبعد:

    مرحبًا بكم أيها الإخوة والأخوات وهذا اللقاء هو لقاؤنا الرابع، مع الركن السادس من أركان الإيمان بالله –سبحانه وتعالى- وهو بعنوان:

    الإيمان بقضاء الله –عز وجل- وقدره وأثر ذلك في حياة المسلم

    فلاشك أن الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان العِظام، جاء منصوصًا عليه في الكتاب والسنة، وأجمع عليه أهل العلم قديمًا وحديثًا ولِما لهذا الركن من أهمية في حياة المسلم وأحببنا أن نفرده بلقاءٍ خاص،
    ندندن حوله ونبين جوانبه وأركانه، وما ينبغي للمسلم أن يتعامل من خلال أصول السير في هذا الباب وهو الإيمان بالقدر.


    أقوال الأئمة والعلماء في القدر
    يقول ابن عباس –رحمة الله عليه، ورضوان الله عليه-: "القدر نظام التوحيد فمن وحد الله وآمن بالقدر تم توحيده ومن وحد الله وكذب بالقدر نقض تكذيبه توحيده" وقال الإمام ابن القيم عن القدر: "والإيمان به قطب رحى التوحيد ونظامه ومبدأ الدين المبين وختامه، فهو أحد الأركان وقاعدة أساس الإحسان التي يرجع إليها ويدور في تصاريفه عليها"، ولما سُئل الإمام الشافعي عن القدر أجاب قائلًا:


    مَا شِئْتَ كَانَ وَإِنْ لَمْ أَشَأْ وَمَا شِئْتُ إِنْ لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ
    خَلَقْتَ الْعِبَادَ عَلَى مَا عَلِمْتَ فَفِي الْعِلْمِ يَجْرِي الْفَتَى وَالْمُسِنّ
    عَلَى ذَا مَنَنْتَ وَهَذَا خَذَلْتَ وَهَذَا أَعَنْتَ وَذَا لَمْ تُعِنْ
    فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ وَمِنْهُمْ قَبِيحٌ وَمِنْهُمْ حَسَنٌ

    وسُئل الإمام أحمد عن القدر فقال: "القدر قدرة الله" واستحسن الناس هذه الكلمة من الإمام أحمد حتى قال ابن عقيل: "وهذا يدل على دقة علم أحمد وتبحره في معرفة أصول الدين" ويقول الإمام إبراهيم الحربي –رحمة الله عليه- تلميذ الإمام أحمد: "اتفق العقلاء من كل أمة أن من لم يمشي مع القدر لم يتهنى بعيش" ويقول الإمام ابن القيم "فحقيقة القدر الذي حار الورى في شأنه هو قدرة الرحمن"

    الأدلة على أن القدر ركن من أركان الإيمان
    والأدلة على أنه ركنٌ من أركان الإيمان قوله –تعالى-: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" القمر:49، وعند الإمام مسلم من حديث أبي هريرة قال: "جاء مُشركو قريشٍ يخاصِمون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في القدَرِ . فنزلت : يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ* إِنَّاكُلَّ شَيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ 54 / [القمر / 48 ، و - 49]" صحيح مسلم، وقال الله تعالى: "وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا" الأحزاب:38،
    وقال سبحانه: "وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا" الفرقان:2، وقال –عز وجل- "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى* الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى" الأعلى 1: 3.
    وفي حديث عمر –رضي الله تعالى عنه- حديث جبريل مع النبي –صلى الله عليه وسلم- وفيه أنه سأل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "ما الإيمانُ قالَ أن تؤمنَ باللَّهِ وملائِكتِه وَكتبِه ورسلِه واليومِ الآخرِ والقدرِ خيرِه وشرِّهِ" صححه الألباني.

    ومن أوائل الأحاديث في صحيح الإمام مسلم يقول يحيى بن يعمر: " كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني . فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا: لو لقينا أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر . فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلًا المسجد" صحيح مسلم،
    وفيه أنهما سألاه عن حال هؤلاء ولما عرف أن هؤلاء ينفون القدر ولا يؤمنون بأن الله كتب مقادير الخلائق "قال : فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم ، وأنهم برآء مني. والذي يحلف به عبد الله بن عمر! لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه، ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر" صحيح مسلم، خيره وشره.

    -ولم يُعرف عن الصحابة –رضي الله عنهم- اختلاف في أصول العقائد عمومًا ومنها القدر
    وذلك لتمام علمهم وكمال تسليمهم لله –تعالى-، وتحريهم الوقوف حيث وقف الكتاب والسنة وإن كان حدث شيء من التنازع في حديثة فريدة في مسألة القدر في حياة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- رواها الإمام أحمد والترمذي، وابن ماجة، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن أبي هريرة أيضًا جاء الحديث "خرجَ رسولُ اللهِ ذاتَ يومٍ والنَّاسُ يتَكلَّمونَ في القَدَرِ قالَ:فكأنَّما تفقَّأَ في وجْهِهِ حبُّ الرُّمَّانِ.." صححه الألباني، يعني امتلأ وجه النبي –صلى الله عليه وسلم- بالدماء "..قالَ:فكأنَّما تفقَّأَ في وجْهِهِ حبُّ الرُّمَّانِ.." من شدة حمرته "..منَ الغضَبِ قالَ:فقالَ لَهم: ما لَكم تضرِبونَ كتابَ اللهِ بعضَهُ ببعضٍ؟ بِهذا هلَكَ من كانَ قبلَكم" صححه الألباني.

    وفي رواية "عزَمتُ عليكم ألَّا تتَنازَعوا فيه" حسنه الألباني، فسمعوا وأطاعوا وما عادوا إلى هذه المسألة ولم يعرف بعد ذلك عنهم في هذه المسألة شيء؛ إلا كلمة أخرى حدث فيها اختلاف في مسألة دخول عمر –رضي الله عنه- ومن معه الشام وكان بها طاعون يسمى طاعون عمواس وفيها أنه حدث سجال بين عمر وأبي عبيدة في هذه المسألة.



    أركان الإيمان بالقدر

    أما أركان الإيمان بالقدر فهي أربعة.

    الركن الأول: الإيمان بعلم الله الشامل المحيط
    هذا هو أول ركنٍ من أركان الإيمان بالقدر، وأن هذا العلم سابق قبل خلق الأشياء، لأن ذكرنا في الأسماء والصفات،
    صفة العلم وأنها من الصفات من الذاتية:


    أي التي لا تنفك عن الرب –سبحانه وتعالى- قال الله –عز وجل- "لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا" الطلاق:12، وقال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" العنكبوت:62.

    وقال –سبحانه-: "إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ" المائدة:7، وقال –تعالى-: "وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ" فاطر:11، وقال سبحانه: "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُمَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّايَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ" الأنعام:59،
    وقال –تعالى-: "إِنَّمَا إِلَٰهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا" طه:98، وقال تعالى: "رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا" غافر:7،وقال –سبحانه-: "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" الملك:14.


    علم الله يشمل أربعة أنواع
    وهذا العلم يشمل:
    1- ما كان في الماضي: أي ما كان وهو علم غيب بالنسبة إلينا.
    2- وما هو كائن: أي الآن وهو عالم الشهادة.
    3- وما هو آتٍ: في المستقبل وهو أيضًا من علم الغيب.
    4- وما لم يكن لو كان كيف يكون.

    فهذه أربعة أنواعٍ مما يشتمل عليها علم الله –عز وجل-الشامل المحيط، يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، كقوله –تعالى- عن أهل النفاق: "لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا" التوبة:47، هؤلاء أهل النفاق لو خرجوا في جيش النبي –صلى الله عليه وسلم- لأثاروا الفتن والهلع والخوف والشائعات فيؤثرون على معنويات الجيش، فأخبر الله أنهم لو خرجوا مع النبي –صلى الله عليه وسلم- لكان هذا حالهم، ومع ذلك فهم لم يخرجوا فهذا من باب "يعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون".

    مثال على النوع الرابع
    الغلام الذي قتله الخضر –عليه السلام- مات صغيرًا وأنه لو عاش لكان في علم الله كافرًا، هذا من علمه –سبحانه وتعالى- بما لم يكن لو كان كيف يكون، قوله سبحانه وتعالى عن الكفار: "وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ" الأنعام:28، فهذه أمثلة على أن الله يعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون.

    من ثمرات الإيمان بهذه المرتبة
    1- بيان عظمة الرب وسعة علمه –سبحانه وتعالى- فيخضع العبد لجلال مولاه
    2- وأيضًا تثمر هذه العقيدة أن الله يعلم كل شيء حتى ما تخفيه في نفسك، وما يوسوس به صدرك، دوام مراقبة العبد لربه –سبحانه وتعالى-.
    3. وكذلك أيضًا التجاء العبد دائمًا وأبدًا إلى اختياره ربه –سبحانه وتعالى- وذلك بالدعاء أن يرزقه الله ما فيه خيرًا لدينه ودنياه، والاستخارة بأن يستخير ربه يجعل ربه يختار له أفضل الأمور في دينه ودنياه.

    من رحمة الله بعباده.
    ومع علم الله الشامل المحيط؛ فإن الله من رحمته لا يحاسب عباده على مقتضى علمه السابق، وإنما يحاسبهم بما فعلوه في عالم الشهادة، وما اقترفته جوارحهم وبذلك يكون الحساب. فهذا هو الركن الأول من أركان القدر، أن نؤمن بأن الله –عز وجل- يعلم كل شيءٍ الماضي والحاضر والمستقبل، وما من شيءٍ لم يوجد لو وُجد كيف يكون.

    الركن الثاني من أركان الإيمان بالقدر: الكتابة
    وهي كتابة مقادير الخلائق، فالمؤمن بالقدر يؤمن أن الله –سبحانه وتعالى- قد كتب كل شيءٍ فيما سيفعل في خلقه وما يفعلونه هم أيضًا.

    -الكتابة في اللوح المحفوظ
    كُتب هذا كله في أم الكتاب، في اللوح المحفوظ الذي لايغادر شيئًا من أفعال العباد ولا أي شيءٍ مما يكون قد قدره سبحانه وتعالى- على خلقه.
    قال الله –عز وجل-: "إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ" يس:12، وقال تعالى: "مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ " الأنعام:38، وقال سبحانه: "مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا" الحديد:22، أي من قبل أن نخلقها، وقال تعالى: "وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ" الزخرف:4.

    وقال –صلى الله عليه وسلم- " كتَبَ اللهُ مقاديرَ الخلائقِ قبل أن يخلقَ السَّماواتِ والأرضَ بخمسينَ ألفَ سنةٍ" صحيح مسلم، ومن جملة ما كتب على العبد الشقاء والسعادة والآجال والأرزاق، وعن عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- قال: "سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنَّ أولَ ما خلق اللهُ القلمُ، فقال لهُ : اكتبْ، قال : ربِّ وماذا أكتبُ؟ قال : اكتُبْ مقاديرَ كلِّ شيءٍ حتى تقومَ الساعةُ" صححه الألباني، وفي رواية: "اكْتُب ماهوَ كائنٌ إلى يومِ القيامةِ" صححه ابن عثيمين.



    وفي لفظٍ عند الإمام أحمد لهذا الحديث عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال حدثني أبي قال: "دخلت على عبادة بن الصامت وهو مريض يتخيل فيه الموت - أو يتبين - فقلت : يا أبتاه، أوصني واجتهد لي ، فقال : أجلسوني. فلما أجلسوه قال : يابني ، إنك لن تطعم طعم الإيمان ، ولن تبلغ حق حقيقة العلم حتى تؤمن بالقدر خيره وشره ، قلت : يا أبتاه، وكيف لي أعلم ما خير القدر من شره؟قال : تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك . يابني ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أول ما خلق الله - عز وجل - القلم قال : اكتب . فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة . يابني ، إن مت ولست على ذلك دخلت النار" اسناده صحيح رجاله ثقات.


    ثم يتبع هذا الأصل وهو كتابة مقادير الخلائق وكل خلق الله –سبحانه وتعالى- وكل ما هو كائن في هذه الدنيا إلى قيام الساعة في اللوح المحفوظ وهو أم الكتاب



    -الكتابة قبل خلق آدم
    تبع ذلك تقديرات أخرى وكتابة أخرى منها التقدير والكتابة قبل خلق آدم وقبل أن يكون هو وذريته في الأرض قد كتب الله –عز وجل- التوراة قبل خلق آدم بأربعين سنة وكتب فيها: "وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ" طه:121.


    ففي حديث أبي هريرة في الصحيحين البخاري ومسلم، النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "احتجَّ آدمُ وموسى، فقالَ موسَى : ياآدمُ أنتَ أبونا خيَّبتَنا وأخرجتَنا منَ الجنَّةِ، فقالَ لَهُ آدمُ : أنتَ موسَى، اصطفاكَ اللَّهُ بِكَلامِهِ، وخطَّ لَكَ بيدِهِ ، أتلومُني على أمرٍ قدَّرَهُ اللَّهُ عليَّ قبلَ أن يخلقَني بأربعينَ سنةً ؟ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : فحجَّ آدمُ موسَى، فحجَّ آدمُ موسى" صحيح مسلم، ذكرها ثلاثًا أي غلبه وأقام عليه الحجة،


    قال: "فبِكَم وجدتِ اللَّهِ كتبَ التَّوراةَ قبلَ أن أُخلقَ قالَ موسَى بأربعينَ عامًا قالَ آدمُ فَهَل وجدتَ فيها؟ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى 20 / [طه / 121 . ] قالَ نعم قالَ أفتلومُني على أن عَمِلْتُ عملًا كتبَهُ اللَّهُ عليَّ أن أعملَهُ قبلَ أن يخلقَني بأربعينَ سنةً قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فَحجَّ آدمُ موسى" صحيح مسلم، فاحتج آدم بالقدر على المصيبة لا على الخطيئة فإن القدر يحتج به عند المصائب لا عند المعائب والمعاصي.


    -وكذلك الكتابة بعد خلق آدم
    آية أخذ الميثاق، "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ" الأعراف:172



    -ومنها أيضًا: الكتابة والإنسان في جنين في بطن أمه

    وفي ذلك ما رواه الإمام مسلم عن حذيفة بن أثير الغفاري قال: "سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ:"إذا مرَّ بالنطفةِ ثنتان وأربعون ليلةً، بعث اللهُ إليها ملَكًا . فصوَّرها وخلق سمعَها وبصرَها وجلدَها ولحمَها وعظامَها . ثم قال : يا ربِّ ! أذكرٌ أم أنثى؟ فيَقضي ربُّك ما شاء . ويكتبُ الملَكُ . ثم يقولُ: يا ربِّ! أَجلُه . فيقول ربُّك ما شاء ويكتبُ الملَكُ . ثم يقولُ: يا ربِّ ! رِزقُه. فيقضي ربُّك ما شاء. ويكتبُ الملَكُ. ثم يخرجُ الملَكُ بالصحيفةِ في يدِه. فلا يزيدُ على ما أُمِرَ ولا يَنقصُ " صحيح مسلم.


    فهذه الكتابة عند الثاني والأربعين يومًا من وضع النطفة في الرحم وسبحان الله فقد وصل الأطباء حديثًا إلى هذه الحقيقة وصوروها من داخل الأرحام وأن هناك حياة تكون أشبه بحياة النبات للجنين في بطن أمه.

    - وهناك الكتابة عند النفخ في الروح
    كما في حديث ابن مسعود "حدثني الصدق المصدوق –صلى الله عليه وسلم- "إنَّ أحدَكُم يُجمَعُ خلقُهُ في بطنِ أمِّهِ أربعينَ يومًا ثمَّ يَكونُ في ذلك عَلقةً مثلَ ذلِكَ،ثمَّ يَكونُ مضغةً مثلَ ذلِكَ، ثمَّ يرسلُ الملَكُ فينفخُ فيهِ الرُّوحَ ويؤمرُ بأربعٍ ، كلِماتٍ : بكَتبِ رزقِه وأجلِه وعملِه وشقيٌّ أو سعيدٌ ، فو الَّذي لا إلَهَ غيرُهُ إنَّ أحدَكُم ليَعمل بعملِ أَهْلِ الجنَّةِ حتَّى مايَكونُ بينَهُ وبينَها إلَّا ذِراعٌ فيسبقُ عليهِ الكتابُ فيعمل بعملِ أَهْلِ النَّارِ فيدخلُها، وإنَّ أحدَكُم ليعملُ بعملِ أَهْلِ النَّارِ حتَّى مايَكونَ بينَهُ وبينَها إلَّا ذراعٌ ثمَّ يسبِقُ عليهِ الكتابُ فيعمَل بعملِ أَهْلِ الجنَّةِ فيدخُلُها" صحيح مسلم.

    -ومنها أيضًا التقدير السنوي
    ويكون هذا في ليلة القدر، قال الله –تعالى-: "فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ" الدخان:4


    -ومنها التقدير اليومي

    قال الله تعالى: "يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ" الرحمن:29، فمن شأنه سبحانه في كل يومٍ أن يغفر ذنبًا ويفرج كربًا ويعز ذليلًا ويذل عزيزًا ويشفي مريضًا ويفك عانيًا ويجيب داعيًا ويعطي سائلًا ويسعد ويشقي ويعطي ويمنع ويخفض ويرفع ويحي ويميت ويخلق ويرزق ويفعل ما يشاء –سبحانه وتعالى- "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" آل عمران:26.


    والعباد إنما يحاسبون على ما كتبته الملائكة من أعمالهم فكتاب الأعمال الذي يوضع في موازينهم وإن كان نسخةً من الكتاب الأول "اللوح المحفوظ" إلا أنه هم الذين أملوه بأعمالهم، إنما يحاسبون على هذه الأعمال كما قال الله –سبحانه وتعالى-: "وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا" الإسراء 13: 14

    يبقى عندنا الركن الأول: الإيمان بعلم الله –سبحانه وتعالى- الشامل المحيط، والركن الثاني من أركان القدر: الإيمان بأن الله –عز وجل- كتب مقادير الخلائق.



    الركن الثالث من الإيمان بالقدر: الإيمان بمشيئة الله النافذة

    والركن الثالث بمشيئة الله النافذة، وقدرته الشاملة؛ فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يكون في هذا الكون حركة ولا سكون ولا خير ولا شر ولا إيمانٌ ولا كفر ولا طاعة ولا معصية إلا بمشيئته سبحانه، قال الله –تعالى-: "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ" يس:82.



    - المشيئة الكونية

    فدخل في مشيئته -سبحانه وتعالى- أفعال العباد الاضطرارية:
    - كجريان الدم في العروق، وحركة الأمعاء، وولادة الإنسان، وموته، ومرضه.. إلى آخره.

    ودخل كذلك الأفعال الاختيارية :

    -كالصلاة، والحج، وعموم الطاعات، وكذلك المعاصي :كشرب الخمر والزنا إلى آخره، فهذه المشيئة الكونية لله يدخل تحتها العباد وما هم عاملون.

    - وأما مشيئته الشرعية
    الأشياء التي يحبها –سبحانه وتعالى- فلا يدخل تحتها إلا المطيعون من عباد الله، وما قدره الله من الأمور التي يكرهها شرعًا بينما وجودها لحكمةٍ بالغة ومصلحةٍ راجحة، فالخير كله بيديه والشر ليس إليه -سبحانه وتعالى-.



    أما الركن الرابع فهو الإيمان بأن الله خالق كل شيء

    قال الله –تعالى-: "اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ" الزمر:62، وقال –سبحانه-: "إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ" الحجر:86.
    ومن جملة الإيمان بخلقه -سبحانه وتعالى- لكل شيء أن خلق أفعال العباد، وخلق لهم قدرةً على أفعالهم وأعطاهم مشيئةً يتصرفون بها في الخير والشر على السواء، والعباد ميسرون لما خلقوا له.


    وكان من دعائه –عليه الصلاة والسلام- "يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ" صححه الألباني، وكان يقول –عليه الصلاة والسلام- "إنَّ قلوبَ بني آدمَ كلَّها بينِ إصبَعينِ من أصابعِ الرَّحمنِ يقلِّبُ ويصرِّفُ كيف شاءَ" صححه الألباني، فالرب له مشيئتة النافذة وللعبد مشيئته بحسبه وقدرته

    قال الله –تعالى- "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ" الأنعام112،وقال "وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ"البقرة 253،وللعبد مشيئة اعملوا ما شئتم وقوله "لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ" التكوير 28.
    فهذه الأركان الأربعة للإيمان بقدَرِ الله -سبحانه وتعالى-،

    إذن
    · الإيمان بعلم الله الشامل المحيط،
    · الإيمان أن الله كتب مقادير كل شىء،
    · الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشامله.
    · الرابع: الإيمان بان الله خالق كل شىء "وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ"الصافات 96.

    وهذه أصول السير فى هذا الباب لأن الناس يخبطون فيه خبط عشواء ويدخلون عقولهم فيما لا ينبغى أن تدخل وبذلك ضلّ كثير من الناس فى هذا الباب. فسؤال مشهور عند الناس وكنا نُسأل عنه من قِبَل المدرسين ونحن صغار، يأتى المدرس فلا يجد شيئا يفيد به تلامذته إلا أن يسألهم الإنسان مخير أم مُسير، وهذا سؤال في الأصل خطأ، كأنك تقول 2+2=5 أم 3. والإجابة لا هذه ولا تلك وإنما الصواب أن 2+2=4.

    فهو الإنسان مخيّر أم مسيّر هذا سؤال فى الأصل خطأ لأن الله -سبحانه وتعالى- كتب مقادير الخلائق ولابد للعبد أن يعمل ما كُتِبُ له.

    ولكن هل العبد يفعل هذا وهو مُكرَه؟

    فإن الإكراه معروف وهو: أن يرفع الإصر و المؤاخذة عن العبد فى أن يُحاسب على تصرفاته أثناء الإكراه، والله -سبحانه وتعالى- أكرم من أن يكره عبدا على معصيته أو الكفر به –سبحانه- ثم يؤاخذه على هذا، كما قال بعض الضالين ألقاه فى اليم مكتوفا ثم قال إياك إياك أن تبتل بالماء، وهذا خطأ شديد، فنحن سنذكر أصول قطعية إذا استقام عليها العبد لم تحدث له مشكلة فى هذا الباب كما سائر الأبواب فى الإيمان بالله -سبحانه وتعالى- وما تبعه من الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الأخر التى مرّت علينا فى الحديث.

    الأصل الأول:

    أن القدر من صفات الله -سبحانه وتعالى-، هذا القدر من صفات المولى -سبحانه وتعالى-، فصفة العلم، والمشيئة، والإرادة، والقدرة، كل هذه الصفات لها اختصاص بسَوْق المقادير إلى العباد.فإذن الكلام فى القدر كلام فى صفات المولى -سبحانه وتعالى- وإذا كان العبد لا يصل إلى كنه صفات الله -عزّ وجلّ-، ولا يحل له أن يتكلم فى كيفية هذه الصفات فإنه لابد أن يجعل أن الأصل فى التعامل مع القدر هو أن يقول: أنا عبد أنا سامع مطيع أنا مسلّم لرب العالمين سبحانه وتعالى فى هذا الباب كما سلّمت في سائر الأبواب.



    الأمر الثانى
    أن الرب -سبحانه وتعالى- لا يُسأل عما يفعل -سبحانه وتعالى- وهم يُسألون، لأن من يسأل غيره سؤال اعتراض ومحاسبة إنما يسأله لكونه مشرفا على المسئول أو آمرا له، أو لكون المسئول جاهلا، أو مقصرا، أو متصرفا فيما لا حق له فيه، وكل ذلك منتفٍ عن المولى -سبحانه وتعالى- .

    قال الله -عزّ وجلّ- "لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ" الأنبياء23.

    الأمر الثالث:
    استحالة الظلم على الله –تعالى-.
    قال الله –سبحانه-"إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ" النساء 40، وقال تعالى "وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ"ق: 29وقال -سبحانه وتعالى-: "وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا" الكهف49، وقال "وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ"الزخرف76، وقال تعالى: "وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" البقرة 57، وقال الله -سبحانه تعالى- فى الحديث القدسى الذى رواه الإمام مسلم: "يا عبادى إنى حرّمتُ الظلم على نفسى، وجعلته بينكم محرما" إذن هذا أصلا ثالث.

    إذن أول أصل للسير فى هذا الباب:
    أن القدر من صفات الله –تعالى- فلا يحل للعبد أن يكيّف هذه الصفات، وأنه لن يصل إلى كنه القدر والى سره، ولن ينكشف له الغطاء إلا فى الأخرة.

    الأمر الثانى:
    أن الله -سبحانه وتعالى- هو الذى يسأل عباده وهم لا يحل لهم أن يسألوه سؤال اعتراض أو غير ذلك.

    الأمر الثالث:
    استحالة الظلم على المولى -سبحانه وتعالى-.

    الأمر الرابع:
    مسئولية الإنسان عن أفعاله، فبالرغم أن الله تعالى خلق الأشياء وفيها أفعال الإنسان وأن ماشاءه سبحانه وتعالى كان، وما لم يشأ لم يكن، فإن الإنسان مسئول عن أفعاله ويجزى عليها بالثواب والعقاب. وهذا أصل معلوم من الدين بالضرورة ومن أصول الإيمان بالبعث والحساب والجنة والنار، وإلا لو سقطت المؤاخذة عن الخلق لما كان هناك لا جنة ولا نار، ولا إيمان ولا كفر، ولا دخل إبليس وفرعون وأبو جهل وسائر الكفار النار إذا كانوا غير مسئولين عن هذه التصرفات وأنهم أكرهوا عليها، وأنها طالما مكتوبة عليهم فإذن هم لا يؤاخذون عليها، فهذا خطأ. ومن المعروف أن الإنسان العاقل البالغ مسئول عن تصرفاته، والله تعالى أعلم.

    فهذا هو الأصل الرابع
    مسئولية الإنسان عن أفعاله، وأنه لن يستطيع أن يحتج بالقدر على ما أتى من الكفر أو ما أتى من المعاصي أو الفجور أو ترك الواجبات التي أوجبها الله -سبحانه وتعالى- عليه.
    وإلا لبطل الأمر والنهي ولكان حجة للكفار أن يدخلوا الجنة ولا يعذبون في النار، وهذا باطل من القول وزورًا .
    وبعض الناس كان يعتقد أن الله –عزّ وجلّ- قدر على الإنسان الخير فقط ولم يقدر عليه الشر وهذا باطل أيضًا.
    فالذين قالوا إن الله لم يقدر شيئًا على العباد فهؤلاء ضلوا وهم القدرية،"نفاة القدر".
    والذين قالوا أن الله جبر العباد على كل شيء هؤلاء أيضا ضلوا في هذا الباب، وحتي الذين أرادوا أن يتوسطوا فيقولون أن الله كتب على الإنسان الخير ولم يكتب عليه الشر فهؤلاء أيضًا ضلوا.

    - مناظرة بين أبي إسحاق الإسفراييني والقاضي عبد الجبار الهمزاني

    قد حدثت مناظرة لطيفة بين أبي إسحاق الإسفراييني -رحمة الله عليه- والقاضي عبد الجبار الهمزاني المعتزلي أمام أحد الأمراء، فلما رأى القاضي عبد الجبار أبا إسحاق قال -على الفور-:
    سبحان من تنزه عن الفحشاء.
    - فقال الإمام أبي إسحاق علي فوره: سبحان من لا يكون في ملكه إلا ما شاء.
    - فقال له القاضي عبد الجبار : أيشاء ربنا أن يعصي ؟!، يعني إذا كان كتب علي الانسان المعصية يبقي ربنا دلوقتي شاء أن يعصي العبد ربه ومولاه.
    -فقال له أبو إسحاق: أفيُعصي ربنا قهرًا؟!!، يعني إذا لم يكن هذا في علم الله -سبحانه وتعالى- ولم يكتبه علي العبد يبقى إذًا العبد غلب المقدور وفعل شيئًا لم يقدره الله -سبحانه وتعالى- عليه، فقال القاضي وأتى بالنهاية: أرأيت إن منعني الهدى وقضى علي بالردى أحسن إلي أو أساء؟.
    - فقال: إن كان منعك ما هو حق لك فقد أساء، وإن كان منعك ما هو حق له فإنه يختص برحمته من يشاء، فانقطع القاضي ولم يستطع أن يواصل هذه المناظرة.



    - الرد على من ادعى أن الإنسان مُكره في كل أحواله
    والذين زعموا أن الإنسان مكره في كل أحواله فإذا قلت لهم: طيب إذا كان أنتم مُكرهين على المعصية ومجبورون عليها فخلاص مش هنآخذكم على هذا تنزلًا معهم في الخطاب والمناظرة، إذًا ما صليتم وما زكيتم وما حججتم وما صمتم وكل ما فعلتموه من حسنات ليس لكم عليه أجر.
    يقولك إزاي!!! ده احنا تعبنا في الصلاة وأخرجنا الزكاة وروحنا حجينا وصمنا وتعبنا، ازاي تضيع علينا هذا الكلام!!!، طيب ما هو كما هذا مقدر هذا مقدر فلم تطالب الآن بما لك؟ ولا تريد أن تآخذ بما عليك! فهذا لا يليق أبدًا.

    إنسان يأتي يقول الإنسان برده مجبور على كل ما يفعل من معاصي فجاء إنسان إليه وضربه علي رأسه فشجه نصفين والمخ بتاعه ظهر وحالته بقت خطيرة، نيجي نقوله الراجل ده كان مجبور إنه يعمل فيك كدا، يقولك أبدًا لابد من القصاص، ولابد أن آخذ حقي من هذا الذي أساء إليّ، فهذا القول ينافي الفطرة أصلًا.

    - الرد على القدرية
    وأما هؤلاء الذين نفوا القدر وأن الله -سبحانه وتعالى- لا يعلم ما سيقع من الإنسان ولم يكتبه عليه حتى يفعله العبد، فهؤلاء نفوا علم الله -سبحانه وتعالى-.

    لذلك كان ابن عباس -رضيَّ الله تعالى عنه- يقول: "ناظر القدرية بالعلم" ، يعني نقولهم هل ربنا -عزّ وجلّ- يعلم كل شيء ولا يعلم بعض شيء؟ إن قالوا بعض شيء يبقى كفروا وريحونا، وإن قالوا أنه يعلم كل شيء يبقى إيه أقاموا على أنفسهم الحجة أن الله -عزّ وجلّ- يعلم كل شيء على العموم ومنها مقادير العباد.



    الأصل الخامس
    أنه لا حجة لأحد في الاحتجاج بالقدر على الشرك والمعاصي.
    قال الله -تعالى-:"قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ" الأنعام:149، فلو كان القدر حجة لأحد لَمَا عذب الله أحدًا، وحيث أن الجزاء ثابت والعذاب حاصل للكافرين بناء على مسؤوليتهم على أفعالهم، فإن الاحتجاج بالقدر لدفع المسؤولية وبالتالي لرفع الجزاء احتجاج باطل وساقط.

    الأصل السادس
    كذلك أيضا من أصول السير في هذا الباب، ربط الأسباب بالمسببات وهذا من السنن الإلهية وهي قانون عام شامل وليس في الدنيا والآخرة شيء إلا بسبب.
    قال الله -تعالى-:"وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" الأعراف:43، فالعمل سبب لدخول جنة الله -تبارك وتعالى-.
    وقال الله –سبحانه-:"قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ" التوبة:14، فالقتال سبب لنزول العذاب عليهم.
    وقال الله -سبحانه وتعالى-:"وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا" البقرة:164، فإنزال الماء سبب لإحياء الأرض.


    - ضرورة مباشرة الأسباب
    وكذلك أيضًا ضرورة مباشرة الأسباب.
    الإيمان بالقدر لا يمنع من مباشرة الأسباب ولا يدعو إلى القعود والكسل، بل الإعراض عن الأسباب إعراض عن شرع الله وقدح فيه ومناقضة له، ولكن يجب أن يعلم هنا أن مباشرة الأسباب لا يعني تعلق القلب بها أو اعتقاد بأنها لابد أن تفضي قطعًا إلى نتائجها، فليس في المخلوقات كلها سبب يفضي إلى مسببه بصورة حتمية وقطعية، بل لابد من تضافر أسباب أخرى وإزالة موانع حتى يؤدي السبب إلى نتيجته؛ ولهذا كان الاعتماد القلبي في حصول النتيجة على الله وحده لا على مباشرة الأسباب.

    قد يقول قائل إذا شاء الله من الإنسان المعصية، ولم يشأ منه الطاعة فلم يحاسبه عليها، ولمَ لمْ يشأ منه الطاعة كما شاء من غيرها؟!
    أولًا نقول بأن الله -سبحانه وتعالى- قال:"هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ" التغابن:2.
    وهو -سبحانه وتعالى- يهدي من يشاء بفضله، ويضلّ من يشاء بعدله، فأمر ربك قائم بين الفضل والعدل، ليس في أفعاله -سبحانه وتعالى- ولا تقديراته ظلم كما مر علينا، قد سبق أن الهداية والضلال، والطاعة والمعصية بمشيئة الله، وهذا أصل قطعي وسبق أيضًا أن مسؤولية الإنسان عن أفعاله أصل قطعي آخر.

    والقطعيات لا تتناقض في نفسها وإن بدت متناقضة في أنظارنا، فحسبنا أن نقف عند هذه القطعيات ونؤمن بها جميعًا ولا نرد منها شيئًا، ويكفي أن نعلم أن القدر له تعلق بصفات الله -سبحانه وتعالى- كعلمه وحكمته وخلقه وإرادته وحيث أننا نعجز عن الإحاطة بصفات الله فكذلك نعجز عن الإحاطة بسر القدر،
    وسر القدر: هو أن الله -تعالى- أضل وهدى، وأسعد وأشقى، وأمات وأحيا.. ونحو ذلك.


    وهذا كله من مظاهر نفوذ مشيئته في الإنسان، وأن الإنسان مع هذا مسؤول عن أفعاله ما دامت صادرة عنه بتوسط إرادته وقدرته، ولا يضير الإنسان عجزه عن الإحاطة بسر القدر لتعلقه بصفة الله –تعالى- ولكن يضيره أن يرتب على عجزه رد بعض الأصول القطعية في القدر، فعليه أن يعتصم بهذه القطعيات، وألا يحيد عنها وسينكشف الغطاء للإنسان في الآخرة فيعلم من أمور القدر ما يجهله الآن.

    · نهاية الحديث
    - ثمرات الإيمان بالقدر:
    يعني أما تؤمن بهذا الركن السادس من أركان الايمان إيه هيا الثمرات والعطايا والهبات التي تحصلها؟

    1- أولًا: الإيمان بالقدر طريق الخلاص من الشرك،
    لأن الفلاسفة زعموا أن الخير من الله وأن الشر من صنع الآلهة وأنهم إنما قالوا ذلك فرارًا من نسبة الشر إلى الله –تعالى-، وأن المجوس زعموا أن النور خالق الخير وأن الظلمة خالقة للشر، وطائفة من هذه الأمة زعمت أن الله لم يخلق أفعال العباد أو لم يخلق الضال منها، فأثبتوا خالقين من دون الله ولا يتم التوحيد إلا بإثبات عقيدة القضاء والقدر.


    2- الأمر الثاني: الاستقامة على منهج سواء في السراء والضراء.

    قال الله –تعالى-: "مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَافِي أَنفُسِكُمْ إِلَّافِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا" الحديد:22.
    وقال -تعالى-:"الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ" البقرة:156.
    والله -سبحانه وتعالى- يقول:"إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا *وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْر ُمَنُوعًا*إِلَّا الْمُصَلِّينَ"المعارج:19:22، وقال الله –سبحانه وتعالى-: "وَمَابِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ" النحل:53.


    3- الأمر الثالث:
    أن الإنسان دائمًا المؤمن بقضاء الله -عزّ وجلّ- وقدره يبقى على حذر،
    "فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ" الأعراف:
    99، وأنه دائمًا على وجل أن تختم له بخاتمة السوء، ألا يعجب بعمله فيركن إلى الكسل والبطالة؛ بل يسعى بكل سبب مستطاع للأخذ بأسباب الهداية، والبعد عن أسباب الغواية؛ إذ كل ميسر لما خلق له.

    4- كذلك دوام التضرع إلى الله -سبحانه وتعالى-،
    الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو أكمل خلق الله وأعلمهم به كان يقول "...ولا تكلني إلي نفسي طرفة عين أبدًا" حسَّن إسناده الألباني.

    5- وكذلك ترك الأسى على ما يقع بالعبد من المصائب أو الحرمان مما يحب،
    لما يترتب على ذلك من الأجر أو البعد عن المهالك "وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ" البقرة:
    216.

    6- السلوك المستقيم مع الرب، ومع العباد، ومع نفس الإنسان
    7- الاستعانة بالله،"إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" الفاتحة:5.
    8- أن لا يركن الإنسان إلى حوله وقوته وذكائه، ويرد كل ذلك إلى الله -سبحانه وتعالى-.
    9- منازعة الأقدار بالأقدار.

    فالناس بتظن إن الرضا بكل مقدور هذا صعب، لأ يعني أنت دلوقت مريض هذا قدره الله -سبحانه وتعالى- وطلب منك أن تدفع هذا القدر بقدر، بأن تتداوى وتأخذ بأسباب العافية أما الاستسلام هكذا والرضا بكل مقدور فهذا ليس مراد، وأهل الإيمان كانوا يفعلون ذلك، ينازعون الأقدار بالأقدار فإذا وقعت المصيبة سلموا أمرهم لله -سبحانه وتعالى-.

    10- كذلك أيضًا الإيمان بعقيدة القضاء والقدر
    يباعد بين العبد وبين الحسد لعباد الله على ما أتاهم الله من فضله.

    قال الله علي اليهود:"أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ" النساء:54.
    وعند مسلم عن أبي هريرة -رضيَّ الله عنه- عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال:"انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله تعالى عليكم" وبذلك يسلم صدره من الأحقاد والحسد واحتقاره للغير وغير ذلك.



    فهذا مرور سريع على هذا الركن العظيم، ونرجو أن نكون قد طوفنا حوله ورددنا بعض الشبهات الباطلة في هذا الباب.

    وأن الأصل في هذا الباب كما هو الأصل في غيره من أبواب الإيمان التسليم والاستسلام لله -سبحانه وتعالى-
    وإدخال العقل في منطقةٍ لا ينبغي له أن يدخل فيها هذا يضر به غاية الضرر، فلسنا نقول كما يقول غيرنا دع عقلك مع حذائك، أو كن بين يدي شيخك كما هو حال الميت بين يدي المغسل لأ، إنت بتدخل بعقلك وقلبك لكن العقل له منطقة يتصرف فيها؛ فإذا وصل إلى أفعال الله وصفات الله؛ فليس له إلا الإذعان والتسليم والبراء من الحول والقوة واللجوء إلى الله -سبحانه وتعالى-، وألا يعجب الإنسان بعقله ولا بذكائه؛ فكم ضل أذكياء وأصحاب عقول في هذا الباب وحاروا وتاهوا ولم يهتدوا إلى الصواب، ووصل الناس دين العجائز والبسطاء الذين سلموا أمرهم لله أولًا وآخرًا إلى شاطيء الأمان فلقوا ربهم فرضيَّ عنهم ورضوا عنه -سبحانه وتعالى-.


    · الخاتمة
    نسأل الله -عز وجل- في نهاية حديثنا هذا أن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب ونسأله -سبحانه وتعالى- أن يمن علينا وعليكم بنعمة الإيمان وأن يحبب إلينا -سبحانه وتعالى- الإيمان وأن يزينه في قلوبنا إنه وليّ ذلك والقادر عليه -وصلّى اللهم وبارك علي نبينا محمد، وعلي آله، وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا-، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


    تم بحمد الله

    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:

    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36


    تم بحمد الله
    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول



    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 12-10-2016, 03:06 PM.

    اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

    تعليق


    • #3
      رد: مادة العقيدة :: الدرس الرابع (شرح حديث جبريل 4) :: دورة بصائر العلمية 2


      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

      "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
      وتولني فيمن توليت"

      "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

      تعليق


      • #4
        رد: مادة العقيدة :: الدرس الرابع (شرح حديث جبريل 4) :: دورة بصائر العلمية 2

        جزاكم الله خيرًا

        تعليق

        يعمل...
        X