إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مادة العقيدة :: الدرس الثالث (شرح حديث جبريل 3 ) :: دورة بصائر العلمية 2

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مادة العقيدة :: الدرس الثالث (شرح حديث جبريل 3 ) :: دورة بصائر العلمية 2





    اليوم لقائنا الثالث في الحديث عن أركان الإيمان.
    وقد انتهى بنا الحديث إلي بقية من الحديث عن الركن الرابع وهو الإيمان برسل الله –سبحانه وتعالى-. وذكرنا أنه أحد أركان الإيمان كما هو الشأن في الإيمان بالله والملائكة والكتب.


    وسنتناول اليوم
    حق الصلاة والتسليم على رسل الله –جلّ وعلا-

    أولي العزم من الرسل


    خصائص النبي –صلى الله عليه وسلم-

    حقوق النبي على أمته

    الركن الخامس: الإيمان باليوم الآخر

    فتعالوا بنا نتعرف على هذه الأمور مع الشيخ / عبد المنعم مطاوع
    في درس بعنوان :

    مادة العقيدة :: الدرس الثالث (شرح حديث جبريل 3 ) :: دورة بصائر العلمية 2





    تفضلوا معنا تحميل الدرس الثالث من العقيدة بجمع الجودات
    من هنا



    الجودة العالية HD
    http://way2allah.com/khotab-mirror-127206-198555.htm

    الجودة المتوسطة
    http://way2allah.com/khotab-download-127206.htm

    الصوت
    http://way2allah.com/khotab-mirror-127206-198556.htm

    الساوند كلاود
    https://soundcloud.com/way2allahcom/3-2a

    اليوتيوب
    https://www.youtube.com/watch?v=Lt3ejhpzcSE

    لتحميل تفريغ الدرس بصيغة pdf
    http://way2allah.com/khotab-pdf-127206.htm


    موضوع خاص باستقبال أسئلة مادة العقيدة:
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=311619


    فهرس مادة العقيدة
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=311618



    مثبــت: جدول الدورة العلمية بصائر 2

    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=311026

    مثبــت: موضوع مخصص لتلقي الاستفسارات والشكاوى الخاصة بالدورة العلمية بصائر 2

    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=310989


    ولمشاهدة وتحميل جميع دروس دورة بصائر العلمية 2 من خلال هذا الرابط
    http://way2allah.com/category-578.htm



    لقراءة التفريغ مكتوب على المنتدى تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله


    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 11-10-2016, 04:59 PM.

    اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

  • #2
    رد: مادة العقيدة :: الدرس الثالث (شرح حديث جبريل 3 ) :: دورة بصائر العلمية 2


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حياكم الله وبياكم
    الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات: يسر
    فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله
    أن يقدم لكم:
    تفريغ:
    مادة العقيدة :: الدرس الثالث (شرح حديث جبريل 3) :: دورة بصائر العلمية 2
    لفضيلة الشيخ/ عبد المنعم مطاوع

    سائلين الله -عز وجل- أن يجعله في ميزان حسنات كل من شارك فيه
    وأن يبارك في فريق عمل التفريغ





    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله –تعالى- من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه من يهديه الله -تعالى- فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته واتبع هداه إلى يوم الدين، أما بعد:

    هذا بمشيئة الله –عزّوجلّ - هو لقائنا الثالث في الحديث عن أركان الإيمان. وقد انتهى بنا الحديث إلي بقية من الحديث عن الركن الرابع وهو الإيمان برسل الله –سبحانه وتعالى-. وذكرنا أنه أحد أركان الإيمان كما هو الشأن في الإيمان بالله والملائكة والكتب.

    حق الصلاة والتسليم على رسل الله –جلّ وعلا-
    ومما تبقى لنا في الحديث عن هذا الركن من الحقوق التي يُلزَم بها أهل الإيمان لرسل الله –عز وجلّ-:
    الصلاة والسلام عليهم، فقد أمر الله الناس بذلك وأخبر الله بإبقائه الثناء الحسن على رسله، وتسليم الأمم عليهم من بعدهم.

    قال –تعالى- عن نوح –عليه السلام-: "وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ*سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ" الصافات:78:79.
    وقال عن إبراهيم: "وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ*سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ" الصافات:108:109.
    وقال عن موسى وهاررون: "وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ*سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ" الصافات:119:120.
    قال –تعالى-: "وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ" الصافات:181
    وقد نقل الإمام النووي -رحمة الله عليه- إجماع العلماء على جواز الصلاة على سائر الأنبياء واستحبابها، قال: "أجمعوا على الصلاة على نبينا محمد –صلّى الله عليه وسلم-، وكذلك أجمع من يُعتَد به على جوازها على سائر الأنبياء والملائكة استقلالًا" وأما غير الأنبياء فالجمهور على أنهم لا يُصلى عليهم ابتداءً.


    - أولي العزم من الرسل
    وكذلك أيضًا مما يلحق بهذا الحديث أولو العزم من الرسل، قال الله –تعالى-: "فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ" الأحقاف:35.

    اختلاف العلماء في تعيين أولي العزم من الرسل على قولين

    وقد اختلف العلماء في تعيين أولي العزم من الرسل:
    1- والجمهور على أنهم خمسة وهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد –صلي الله عليه وسلم-. قال ابن عباس: "أولي العزم من الرسل: النبي –صلى الله عليه وسلم- ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى" وبهذا القول قال مجاهد وعطاء الخُرساني وعليه أكثر متأخري أهل العلم.
    وقد ذكر الله سبحانه وتعالى هؤلاء الخمسة مجتمعين في موطنين من كتابه، وبه استُدل لهذا القول:

    الأول في سورة الأحزاب قال –تعالى-: "وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا" الأحزاب:7.
    والثاني في سورة الشورى قال –تعالى-: "شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ" الشورى: 13.

    2- وإن كان هناك قول آخر أن المراد بأولي العزم من الرسل هم جميع الرسل وأن مِنْ في قوله من الرسل للبيان الجنس
    لا للتبعيض، وهذا قول ابن زيدٍ قال: "كل الرسل كانوا أولي عزم لم يبعث الله نبيًا إلا كان ذا عزمٍ، وحزمٍ، ورأيٍ، وكمال عقلٍ".




    خصائص النبي –صلى الله عليه وسلم-
    وهناك أيضًا نتمم الحديث في هذا الركن العظيم الإيمان بالرسل بخصائص نبينا –صلى الله عليه وسلم-.


    1- عموم رسالته.
    فمن خصائصه –عليه الصلاة والسلام- عموم رسالته لكافة الثقلين من الجن والإنس، فلا يسع أحدٍ منهم إلا اتباعه والإيمان برسالته –عليه الصلاة والسلام-، قال –تعالى-: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا" سبأ:28.
    وقال –تعالى-: "تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا" الفرقان: 1والعالمين: الجن والإنس.

    وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "فضلت على الأنبياء بست: أُعطيت جوامع الكلم، ونُصرت بالرعب، وأُحلت لي الغنائم، وجُعلت لي الأرض طهورًا ومسجدًا، وأُرسلت إلى الخلق كافة، وخُتم بي النبيون" صححه ابن حبان.

    2- ختمه للأنبياء والمرسلين.
    وكذلك أيضًا من خصائصه –عليه الصلاة والسلام- أنه خاتم الأنبياء والمرسلين كما دلت على ذلك النصوص:


    قال تعالى: "مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ" الأحزاب:40.
    وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنا بيت فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلّا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين" صحيح البخاري.

    3- تأييد الله –عزوجلّ- له بأعظم معجزة وهي القرآن.
    كذلك أيضًا من خصائصه أن الله أيده بأعظم معجزة وأظهر آية وهو القرآن العظيم، كلام الله المحفوظ من التغيير والتبديل، الباقي في الأمة إلى أن يأذن الله برفعه إليه، قال تعالى: "قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" الإسراء:88.

    4- خيرية أمته وأنها أكثر أهل الجنة
    وأيضًا من خصائصه أن أمته خير الأمم وأكثر أهل الجنة قال الله –تعالى-: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" آل عمران:110.

    وعن معاوية بن حيدة القشيري –رضيّ الله عنه- أنه سمع رسول الله –صلّى الله عليه وسلم- يقول في قوله –تعالى-: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" قال: "إنكم تتمون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله" حسنه الألباني.

    5- سيادته على ولد آدم.
    وأيضًا أنه سيّد ولد آدم -عليه الصلاة والسلام-كما قال: "أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافعٍ، وأول مشفعٍ" صحيح مسلم.

    6- أنه صاحب الشفاعة العظمى.
    7- أنه صاحب لواء الحمد.
    8- أنه صاحب الوسيلة.
    وهي درجة عالية في الجنة لا تكون إلا لعبدٍ واحد وهو هذا العبد –عليه الصلاة والسلام-.




    حقوق النبي على أمته
    وأيضًا من حقوق النبي –صلّى الله عليه وسلم- على أمته فمنها:
    1- الإيمان المُفَصل بنبوته ورسالته، واعتقاد نسخ رسالته لجميع الرسالات السابقة.
    ومقتضى ذلك: تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع.
    قال الله -تعالى-: "فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا" التغابن:8.
    وقال -تعالى-: "فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" الأعراف:158.
    وقال –سبحانه-: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا" الممتحنة:7.

    2- الإيمان بإنه –صلّى الله عليه وسلم- أدى الأمانة، وبلّغ الرسالة، ونصح للأمة.
    وكذلك أيضًا وجوب الإيمان بأن الرسول –صلّى الله عليه وسلم- بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح للأمة فما من خير إلا ودلّ الأمة عليه ورغبها فيه، وما من شر إلا ونهى الأمة عنه وحذرها منه.

    قال الله –تعالى-: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا" المائدة:3
    وعن أبي الدرداء عن النبي –صلّى الله عليه وسلم- أنه قال: "وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء" حسنه الألباني.

    وقد شهد للنبي –صلّى الله عليه وسلم- بالبلاغ أصحابه في أكبر مجمعٍ لهم يوم أن خطبهم في حجة الوداع خطبته البليغة، فبيّن لهم ما أوجب الله عليهم، وما حرّم عليهم، وأوصاهم بكتاب الله إلى أن قال لهم: "...وأنتم مسئولون عنيّ، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت، وأديت، ونصحت، ثم قال: بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد... " صححه الألباني.

    وعن أبي ذرٍ قال: "لقد تركنا محمد –صلّى الله عليه وسلم- وما يحرك طائرٌ جناحيه في السماء إلا أذكرنا منه علمًا".

    3- وجوب محبته –صلّى الله عليه وسلم- أكثر من النفس وسائر الخلق.
    وكذلك أيضًا وجوب محبته –عليه الصلاة والسلام- وتقديم هذه المحبة على النفس وسائر الخلق.

    والمحبة وإن كانت واجبة لعموم الأنبياء والرسل إلا أن لنبينا –صلّى الله عليه وسلم- مزيد اختصاصٍ بها ولذا وجب أن تكون محبته مقدمة على محبة الناس كلهم من الأبناء والآباء وسائر الأقارب، بل مقدمة على محبة المرء لنفسه التي بين جنبيه.
    قال الله –تعالى-: "قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" التوبة:24.
    وفي الصحيحين من حديث أنس –رضيّ الله عنه- قال: قال رسول الله –صلّى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده، وولده، والناس أجمعين" صحيح البخاري.


    وقال لعمر –عليه الصلاة والسلام- حينما قال عمر: لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسي، فقال له –عليه الصلاة والسلام-: "لا، والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال عمر: فإنه الآن، والله لأنت أحب إليّ من نفسي، فقال النبي –صلّى الله عليه وسلم-: الآن يا عمر" صحيح البخاري.

    4- تعظيمه –صلّى الله عليه وسلم-.
    وكذلك تعظيم النبي –صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- كما أمر الله –عز وجلّ- في كتابه فقال: "لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ" الفتح:9.


    وقال –تعالى-: "فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" الأعراف:157.
    وأيضًا الصحابة ضربوا أروع الأمثال في تعظيم النبي –صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-.

    5- حق الصلاة والتسليم عليه.
    كذلك حق الصلاة والتسليم على النبي –صلّى الله عليه وسلم- والإكثار من ذلك كما أمر الله في كتابه: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" الأحزاب:56.

    عن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضيّ الله عنهما- عن النبي –صلّى الله عليه وسلم- أنه قال: "...من صلّى عليّ صلاة صلّى الله عليه بها عشرًا..." صححه الألباني.
    وعن عليّ –رضيّ الله عنه- عن النبي –صلّى الله عليه وسلم- أنه قال: "البخيل من ذكرت عنده فلم يصلِّ عليّ" حسنه ابن حجر العسقلاني.

    6- تجنب الغلوّ في حقه –عليه الصلاة والسلام-
    وكذلك أمر النبي –صلّى الله عليه وسلم- تجنب الغلوّ في حقه –عليه الصلاة والسلام- وحذّر من ذلك.
    قال الله –سبحانه وتعالى-: "قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا" الكهف:110.

    وقال النبي –صلّى الله عليه وسلم-: "لا تُطرُوني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله" صححه الألباني.


    الإطراء: هو زيادة المديح والغلوّ في شخصه –عليه الصلاة والسلام-، ولذلك حينما جاء رجل فقال للنبي –صلّى الله عليه وسلم-: ما شاء الله وشئت، فقال الرسول –صلّى الله عليه وسلم-: "أجعلتني لله ندًا؟ قل: ما شاء الله وحده " صححه ابن القيم.
    صور الغلوّ

    ومن صور الغلوّ التي تصل إلى حد الشرك:

    - التوجه له بالدعاء فيقول القائل أمام قبر النبي –صلّى الله عليه وسلم- يا رسول الله افعل لي كذا وكذا.
    - ومن صور الغلوّ أيضًا: الذبح له، أو النذر له، أو الطواف بقبره –عليه الصلاة والسلام-، أو استقبال قبره بصلاة أو عبادة، فكل ذلك مُحَرّم لإنه عبادة والعبادة لا تكون إلا لله –سبحانه وتعالى-.

    7- محبة أصحابه وأهل بيته وموالاتهم جميعًا.
    ومن حقوق النبي –صلّى الله عليه وسلم- على أمته محبة أصحابه وأهل بيته وزوجاته وموالاتهم جميعًا.

    قال الله -سبحانه وتعالى- بعد ذكره للمهاجرين والأنصار: "وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" الحشر:10.

    وقال الله –تعالى- في حق قرابة رسوله –صلّى الله عليه وسلم- وأهل بيته: "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى" الشورى:23.
    جاء في تفسير الآية: قل لمن اتبعك من المؤمنين لا أسألكم على ما جئتكم به أجرًا إلا أن تودوا قرابتي: أي تحبوهم.
    وقال –عليه الصلاة والسلام-: "...أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي" صححه الألباني.
    وقال: "لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهبًا ما بلغ مُدّ أحدهم ولا نصيفه" صحيح البخاري.
    - وكذلك من هذه الأمور التي ينبغي العلم بها أن من رأى النبي –صلّى الله عليه وسلم- في المنام فإنه قد رآه حقًا بشرط أن يصفه على الوصف الذي وُجد في كتب السنة والسير، لقوله –عليه الصلاة والسلام-: "من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي" صحيح مسلم.
    هذا تعريج سريع لحق النبي –صلّى الله عليه وسلم- على أمته، أو بعض الحقوق على أمته –عليه الصلاة والسلام-.


    8- الإيمان بإسرائه –صلّى الله عليه وسلم- والعُروج به إلى السماء.
    وينبغي أن يُوقن العبد المؤمن بالنبي –صلّى الله عليه وسلم- أن الله أسرى به كما نطق بذلك كتابه وأنه قد عُرج به إلى السماء وعاد في نفس الليلة كما هو معروف في كتب السنة.




    ·
    الركن الخامس: الإيمان باليوم الآخر.

    وننتقل الآن إلى الركن الخامس من أركان الإيمان وهو الإيمان باليوم الآخر.


    - تعريف الإيمان باليوم الآخر.
    والإيمان باليوم الآخر: أن يعتقد العبد جازمًا أن هناك بعث بعد الموت، وأن الناس يُحاسبون، وأن هناك جنة ونار، ومن قبل هناك قبور يُقبر فيها الناس فمنهم مُنعمون ومنهم مُعذبون، وأن للساعة أشراط وعلامات لا تقوم إلا بعد أن تقع هذه العلامات.





    - أشراط الساعة.
    فنبدأ أولًا بأشراط الساعة وأنواعها:
    أشراط الساعة: هي علاماتها، وأماراتها التي تقع قبل قيامها.
    قال الله –تعالى-: "فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا"محمد:18.

    أقسام أشراط الساعة

    أما أقسام أشراط الساعة، فأشراط الساعة وأماراتها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
    القسم الأول:
    الأمارات البعيدة: وهي التي ظهرت وانقضت.
    - منها بعثة الرسول –عليه الصلاة والسلام- كما جاء في الصحيحين في حديث أنس بن مالك –رضيّ الله عنه- قال: "بُعثت أنا والساعة كهاتين" صحيح البخاري، وضمّ السبابة والوسطى من أصابعه -عليه الصلاة والسلام-.
    - ومنها انشقاق القمر على ما أخبر الله في كتابه، قال –تعالى-: "اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ" القمر:1.
    - ومنها خروج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببُصرة في بلاد الشام وقد جاءت الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم بهذه العلامة، وقد أثبت أهل العلم وقوع هذه العلامة وانقضائها.

    أما القسم الثاني:
    هي الأشراط المتوسطة: وهي التي ظهرت ولم تنقضي بل تتزايد وتكثر، وهي كثيرة جدًا

    - منها أن تلد الأمة ربتها أي سيدتها.
    - وتتطاول الحفاة، العراة، رعاع الشاء في البنيان، وهذا واضح في كثير من البلدان التي كان أهلها في فقر شديد ثم وسع الله عليهم وكانوا أهل بادية فصاروا يتفاخرون بمن يكون أعلى وأكثر بناءً وأوسعهم.

    - ومنها أيضًا خروج دجّالين ثلاثين يدّعون النبوة كما جاء في الحديث: " لا تقوم الساعة حتى يُبعث دجالون كذابون، قريب من ثلاثين، كلهم يزعُم أنه رسول الله" صحيح مسلم.

    - ومنها أيضًا انحسار الفرات على جبل من ذهب يقتتل الناس عليه، على ما جاء في حديث أبو هريرة: "لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، يقتتل الناس عليه فيُقتل من كل مئة تسعةُ وتسعون، ويقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أنجو" صحيح مسلم، وهذه العلامة لم تقع بعد.

    أما القسم الثالث:
    فهي العلامات الكبرى: وهي التي تعقُبها الساعة إذا ظهرت، وهي عشر علامات ولم يظهر منها شيء إلى يومنا هذا.
    - روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث حذيفة بن أسيد –رضيّ الله عنه- قال: "اطّلع النبي –صلّى الله عليه وسلم- علينا ونحن نتذاكر، فقال: ما تذاكرون؟ قالوا: نذكر الساعة، قال: إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات، فذكر الدخان، والدّجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم –عليهما السلام-، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم"



    أيضًا هذه العلامات جاءت مفصلة في أحاديث أُخَر وهناك علامات لأخرى لم تذكر في هذا الحديث:
    - منها خروج المهديّ: وهو رجل من أهل البيت، من ولد الحسن بن عليّ يخرج وقد مُلئت الأرض جورًا وظلمًا فيملؤها قسطًا وعدلًا يوافق اسمه اسم النبي –صلّى الله عليه وسلم- واسم أبيه، اسم أبي النبي –صلّى الله عليه وسلم-.


    قال رسول الله –صلّى الله عليه وسلم-: "لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت ظلمًا وجورًا" صححه الألباني.

    - وكذلك أيضًا علامة ظهور المسيح الدّجال: وهو رجل من بني آدم يخرج في آخر الزمان يُفتن به كثيرًا من الخلق، يُجري الله علي يديه بعض الأعمال الخارقة، ويدّعي الربوبية، ولا يروج باطله على المؤمن، ويدخل الأمصار كلها إلا مكة والمدينة، ومعه نار وجنة فناره جنة وجنته نار.

    وقد أخبر النبي –صلّى الله عليه وسلم- أنه يمكث في الأرض أربعين، ولم يدري الصحابي راوي الحديث، قال: أربعين يومًا، أو أربعين شهرًا، أو أربعين عامًا فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود الثقفي صاحب النبي –صلّى الله عليه وسلم- فيطلبه فيهلكه.

    وأيضًا في الصحيح من حديث عبد الله بن عمر: قال: "قام رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال: إني أنذركموه، وما من نبي إلا قد أنذره قومه فقد أنذره نوحٌ قومه، ولكن سأقول لكم فيه قولًا لم يقله نبي لقومه، تعلمون أنه أعور، وأن الله ليس بأعور" وهناك

    -العلامة الثالثة
    أيضًا و هي نزول عيسى ابن مريم- عليهما السلام- من السماء إلى الأرض؛ لأن عقيدتنا في عيسى أن الله-عز وجل- رفعه، وأنه لم يُقتل على الصليب كما يعتقد طوائف من الناس، ولا أنه قتل كما يعتقد اليهود، وأنه-عليه السلام- حيٌ عند ربه في السماء فينزل إلى الأرض فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويقضي على الدجال كما دلت بذلك النصوص الصحيحة قال:-عليه الصلاة والسلام-" والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلًا فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها" الصحيحين

    -العلامة الرابعة
    خروج يأجوج، ومأجوج، وهم خلق كثير لا يدان لأحدٍ بقتالهم، أي لا طاقة قال: الله تعالى" حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ* وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ"الأنبياء:96 وأخرج الشيخان عن زينب بنت جحشٍ-رضي الله عنها- زوج النبي-صلى الله عليه وسلم-" أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- دخل عليها يومًا فزعت يقول: لا إله إلا الله ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب فتح من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها"الصحيحين وعمل علامة خمسة هذه.
    -العلامة الخامسة
    هدم الكعبة وسل حليها على ذي السويقتين من الحبشة كما صحت بذلك السنة أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال:" يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة"

    -العلامة السادسة
    الدخان وهو انبعاث دخان عظيم من السماء يغشى الناس ويعمهم وقد دل على ذلك الكتاب والسنة" فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ ۖ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ" الدخان:10-11 ومن السنة قوله:-عليه الصلاة والسلام-" إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات فذكر الدخان والدجال والدابة"

    -العلامة السابعة
    رفع القرءان من الأرض إلى السماء فلا يبقى منه آية في سطرٍ ولا صدرٍ إلا رفعت قال:-عليه الصلاة والسلام-" يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب" يعني يذهب وتذهب علاماته، وحدوده وتغيب أكثر عباداته كما يذهب يعني نقش الثوب من كثرة الاستعمال والغسل حتى لا يُدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك، ولا يسر على كتاب الله-عز وجل- في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية.

    -العلامة الثامنة
    طلوع الشمس من مغربها
    -العلامة التاسعة
    خروج الدابة وهي مخلوق عظيم، يعني كما قال: الله -سبحانه-: "وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ"النمل:82.
    -العلامة العاشرة
    خروج نار عظيمة تخرج من عدن تحشر الناس إلى محشرهم، و هي آخر العلامات العِظام، وقد دلت على هذه العلامة السنة كما في حديث حذيفة بن أسيد المتقدم والذي أخرجه مسلم قال:" وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم" وفي رواية " نار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس أو تجبرهم على الرحيل" فهذه الأمارات أعظم أشراط الساعة التي تقع قبل قيامها، فإذا انقضت قامت الساعة بإذن الله –تعالى-، وقد ورد أن هذه الأمارات متتابعة كتتابع الخرز في النِظام، فإذا ظهرت إحداها تبعتها الأخرى روى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال:" خروج الآيات بعضها على إثر بعضٍ يتتابعن كما تتابع الخرز في النِظام".




    أمّا المبحث الثّاني في هذا الرّكن العظيم وهو الإيمان باليوم الآخر فهو بعنوان:


    نعيم القبر وعذابه
    -جعلنا الله وإيّاكم من المنعّمين في القبور، وجنّبنا الله وإياكم، وأهل الإسلام عذاب القبر- فالإيمان بنعيم القبر وعذابه قد دلّ عليه الكتاب والسنّة وجماهير أهل العلم قديما وحديثا. فمن أدلّة الكتاب على نعيم القبر قول الله تعالى: "يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ " إبراهيم:27، فدلّت الآية على تثبيت الله –تعالى- للمؤمنين عند السؤال في القبر وما يتبع ذلك من النّعيم. وأخرج البخاري من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما عن النّبي -صلى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "إذَا أُقعد المُؤمِنُ فِي قَبْرِهِ أُتِيَ ثمُّ شَهِدَ أَن لَا إِلَاهَ إِلَّا الله وأنّ محمدّا رسول الله فَذَلِكَ قَوْلُهُ:" يُثَبِّتُ الله الذِّينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ" صحيح البخاري.

    ودليل عذاب القبر من القرآن قول الله –تعالى-: "وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ" سورة غافر:45-46، قال الإمام القرطبي:" الجمهور على أنّ هذا العرض يكون في البرزخ وهو حجّة في تثبيت عذاب القبر"، وقال الحافظ بن الكثير:" وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنّة على عذاب البرزخ في القبور". كما دلّ على عذاب القبر من القرآن أيضا قوله –تعالى-: "سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ" التوبة:101.

    وأمّا ما جاء في السنّة من الأدلّة على نعيم القبر وعذابه فكثير جدّا. من ذلك ما جاء في الصحيحين في حديث عبد الله بن عمر أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- قال:" إنأحدَكمإذامات،عُرِضَ عليه مقعدُه بالغداةِ والعشيِّ، إنكان من أهلِ الجنةِ فمن أهلِ الجنةِ، وإن كان من أهلِ النارِ فمن أهلِ النارِ، فَيُقالُ: هذا مقعدُك حتى يبعثَك اللهُ يومَ القيامة".وفي صحيح مسلم من حديث أنس عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال:"لَولاأنلا تَدَافَنوالدعوتُ اللَّهَأنيُسمِعَكم من عذابَ القبرِ".
    ووقوع نعيم القبر وعذابه على الرّوح و الجسد معا فهذا هو قول جماهير أهل السّنة رحمة الله عليهم جميعا.

    واستدلوا على ذلك بحديث البراء بن عازب الطويل، وفيه:" فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ وما تقول في الرّجل الذي بُعث فيكم؟ .. إلى نهاية الحديث وفيها أيضا:" يسمع قرع نعالهم فيقعدانه ويُضرب بمطارق من حديد فيصيح صيحة." وأيضا كما في حديث عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-:"لمّا أُصيب إخوانكم.."يعني يوم أُحد "..جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنّة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظلّ العرش" فتلخّص من هذا أنّ النّعيم والعذاب يقع على الرّوح والجسد جميعا في القبر. وقد تنفرد الرّوح بهذا أحيانا كما قال بعض الأئمّة من أئمّة السُّنة فقالوا:" والعذاب والنعيم على النّفس والبدن جميعا" باتفاق أهل السُّنة والجماعة تُنعّم النفس وتُعذّب منفردة عن البدن وتُعذّب متصلة بالبدن، والبدن متّصل بها فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعتين كما تكون الرّوح منفردة عن البدن.



    وكذلك أيضا يلحق بهذا الإيمان بالملكين منكر ونكير على ما هو مقرّر في حديث أبي هريرة في عذاب القبر، وكذلك أيضا الأحاديث الأُخرى.




    وأمّا المبحث الثالث فهو

    الإيمان بالبعث
    والإيمان بالبعث هو من أعظم أصول الإيمان في هذا الدّين وهو مشتمل على جوانب متعدّدة ممّا دلّت عليه النّصوص في هذا الباب.

    أوّلا معنى البعث في الشّرع:
    - هو إحياء الله للموتى وإخراجهم من قبورهم. وحقيقة البعث أنّ الله –تعالى- يجمع أجساد المقبورين التي تحلّلت ويُعيدها بقدرته كما كانت. ثمّ يُعيد الأرواح إليها ويسوقهم إلى محشرهم لفصل القضاء. قال الله –تعالى-: "وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ" سورة يس:78:79، وعن حذيفة -رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "إنَّ رجلًا حضَره الموتُ، لمَّا أيِسَ مِنَ الحياةِ أوصى أهلَه :إذا مِتُّ فاجمَعوا لي حَطَبًاكثيرًا، ثمَّ أَوْرُوا نارًا، حتَّ ىإذا أكَلَتْ لَحْمي، وخلَصَتْ إلى عَظْمي، فخُذوها فاطحَنوها فذُرُّوني في اليَمِّ في يومٍ حارٍّ، أو راحٍ، فجمَعه اللهُ فقال: لِمَ فعَلْتَ ؟ قال: مِن خشيتِك، فغفَرَ له"صحيح البخاري.


    وأدلّة البعث من الكتاب والسُّنة كثيرة جدّا.
    قال الله -سبحانه وتعالى-: "ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" البقرة:56


    وقال تعالى:"مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ " لقمان:28
    وقال الله تعالى:"
    زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ" التغابن:7



    ومن السُّنة قوله عليه الصّلاة والسّلام:" "لاتُفضِّلوا بين أنبياءِ اللهِ. فإنه يُنفخُ في الصورِ فيُصعَقُ من في السماواتِ ومن في الأرضِ إلا من شاء اللهُ قال ثم يُنفخ فيه أخرى. فأكون أولَ من بُعِثَ. أو في أولِ من بُعِثَ. فإذا موسى عليه السلامُ آخذٌ بالعرشِ"صحيح مسلم،وفي حديث أبي سعيد الخذري -رضي الله عنه- في الصحيحين: "فأكون أوّل من تنشق عنه الأرض".
    فكذلك قوله سبحانه وتعالى: "وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" الروم:27، وهذا دليل شرعيّ عقليّ من كتاب الله للردّ على كلّ معاند مكذّب بالبعث، وهو دليل لا يستطيع أن يردّه إن كان منصفا. لأنّ من المعروف عند العقلاء أنّ إعادة الشيء بعد فنائه أهون من إيجاده من عدم. فهذا مقرّر عقليّ غير منازع فيه. فالذي أنشأ من عدم أهون عليه –سبحانه- والكلّ عليه هيّن أن يُعيد ما كان خلقه -سبحانه وتعالى- من عدم.


    كذلك أيضا "الحشر" دلّت النصوص على حشر العباد بعد بعثهم إلى أرض المحشر حفاة عراة غرلا أي غير مختونين. قال الله –تعالى-:"وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا" الكهف:47،وقال –تعالى-: "يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ" إبراهيم،48وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- يقول:"يُحشرُ الناسُ يومَ القيامةِ حُفاةً عُراةً غُرلًا. قلتُ: يا رسولَ اللهِ! النساءُ والرجالُ جميعًا، يَنظرُ بعضُهُمْ إلى بعضٍ ؟.." يعني انظر إلى ما ذهب ذهن السيدة عائشة وذلك لعفافها وحياءها -رضي الله عنها- "..فقال عليه الصّلاة والسّلام : يا عائشةُ ! الأمرُ أشدُّ مِنْ أنْ ينظرَ بعضُهمْ إلى بعض"صحيح مسلم،
    وهذا الحشر عام لجميع الخلائق، قد دلّت النّصوص على أنّ هناك حشرا آخر إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار. فيُحشر المؤمنون إلى الجنّة وفدا، والوفد هم القائمون الرّكبان قال –تعالى-: "يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا" مريم:85، وأمّا الكفّار فإنّهم يُحشرون إلى النّار على وجوههم عميا وبكما وصمّا قال الله –تعالى-: "الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا" الفرقان:34، وقال –تعالى-: "وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا " الإسراء:97.





    الحوض مورد عظيم

    كذلك من الإيمان باليوم الآخر "الحوض". والحوض مورد عظيم أعطاه الله -عزّ وجلّ- لنبيّنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- في المحشر يرده هو وأمّته. جاء وصفه في النّصوص أنّه أشدّ بياضا من اللّبن وأبرد من الثّلج وأحلى من العسل وأطيب ريحا من المسك وهو في غاية الاتساع. عرضه وطوله سواء. كلّ زاوية من زواياه مسيرة شهر. يُمدّ ماءه من الجنّة، فيه ميزابان يمُدّانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من فضّة، وآنيته كعدد نجوم السّماء.

    وقد دلّ على ثبوت الحوض و أنّه حقّ، كثير من الأحاديث الصّحيحة ذكر بعض المحققين أنّها تبلغ حدّ التواتر وقد رواها عن النّبي -صلى الله عليه وسلّم- بضع وثلاثون صحابيا منها حديث أنس أنّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال:" إنَّ قدرَ حوضي كما بين أَيلَةَ وصنعاءَ من اليمنِ ، وإنَّ فيه من الأباريقِ كعدَدِ نجومِ السَّماءِ" صححه الألباني، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "حوضي مسيرةُ شهرٍ، وزواياه سواء" صحيح مسلم. والحوض يكون في أرض المحشر ويُمدّ ماءه من الكوثر وهو نهر آخر أعطاه الله –تعالى- لنبيّنا -صلّى الله عليه وسلّم- في الجنّة, قال –تعالى-: "إنّا أعطيناك الكوثر فصلّ لربّك وانحر " الكوثر1:2.





    الميزان..

    وكذلك ممّا ينبغي الإيمان به في هذا الباب الميزان:
    -وهو ميزان حقيقيّ له لسان وكفّتان, تُوزن فيه أعمال العباد فيرجح مثقال ذرّة من خير أو شرّ. وقد دلّت الأدلّة من الكتاب و السّنّة على ثُبوت الميزان. قال الله -تعالى-: "وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا " الأنبياء: 47وقال تعالى:"فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ " القارعة 9:6.
    وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "كلمتانِ حبيبتانِ إلى الرّحمنِ، خفيفتانِ على الِّلسانِ، ثقيلتانِ في الميزانِ: سبحان اللهِ وبحمدِه، سبحان اللهِ العظيمِ"صحيح البخاري.وروى الإمام أحمد وغيره عَنِ ابنِ مسعودٍ ، أنَّهُ كانَ يجتَني سواكًا منَ الأراكِ ، وَكانَ دَقيقَ السَّاقينِ ، فجَعَلتِ الرِّيحُ تَكْفؤُهُ،- أي تُحرّكه - فضَحِكَ القومُ منهُ ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : مِمَّ تضحَكونَ؟ قالوا : يا نبيَّ اللَّهِ ، مِن دقَّةِ ساقيهِ ، فقالَ : والَّذي نَفسي بيدِهِ ، لَهُما أثقلُ في الميزانِ مِن أُحُدٍ" إسناده صحيح.


    والذي يُوزن في الميزان ثلاثة. وقد دلّت على ذلك النّصوص.

    أوّلا الأعمال:
    فقد ثبت أنّها تُجسم وتُوزن في الميزان ودلّ عليه حديث أبو هريرة الماضي: كلمتان حبيبتان إلى الرّحمن ...وكذلك صحف الأعمال،
    الصّحف
    التي كُتبت فيها الأعمال نفسها. وقد دلّ على ذلك حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "إن الله عز وجل سيُستخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مدّ البصر ثم يقول: أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمتك كتبتي الحافظون ؟فيقول: لا يارب. فيقول: ألك عذر أو حسنة؟ فيبهت الرجل فيقول: لا يا رب. فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة واحدة، لا ظلم اليوم عليك فتُخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فيقول أحضروه فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقال إنك لا تظلم قال فتوضع السجلات في كفة. قال فطاشت السّجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل شيء بسم الله الرحمن الرحيم" مسند أحمد.


    وكذلك الأمر الثالث:
    الذي يُوزن هو العامل نفسه
    وقد دلّ على وزنه قوله تعالى:"
    فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا " الكهف 105 وحديث بن مسعود:" و أنّ ساقيه في الميزان أثقل من أحد".




    الشفاعة

    أيضا ممّا ينبغي الإيمان به في هذا الباب "الشّفاعة".


    والشّفاعة في اللّغة:
    الوسيلة و الطّلب وفي العرف سُؤال الخير للغير. والشفاعة عند الله سُؤال الله -سبحانه وتعالى- التجاوز عن الذّنوب والآثام للغير . وحقيقتها أنّ الله –تعالى- بلطفه وكرمه يأذن يوم القيامة لبعض الصّالحين من خلقه من الملائكة والمرسلين والمؤمنين ّأن يشفعوا عنده في بعض أصحاب الذّنوب من أهل التوحيد إظهارا لكرامة الشّافعين عنده ورحمة بالمشفوع فيه. ولا تصحّ الشّفاعة عند الله –تعالى- إلاّ بشرطين:


    - أحدهما إذن -الله تعالى- للشّافع أن يشفع
    ودلّ على هذا قوله –تعالى-: "مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ " البقرة:255 وقوله -تعالى-: "وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ " سبأ:23.



    - والثاني رضا الله عن المشفوع له أن يُشفع فيه.
    وقد دلّ على هذا الشّرط قوله –تعالى- : "وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى " الأنبياء:28، وقول النّبي -صلّى الله عليه وسلّم-: "
    لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ مستجابةٌ . فتعَجَّلَ كلُّ نبيٍّ دعوتَه . وإنِّي اخْتَبأْتُ دَعوتي شفاعةً لأُمَّتي يومَ القيامةِ . فهي نائلةٌ - أي كائنة- إن شاءَ اللهُ، من مات من أُمَّتي لا يُشركُ باللهِ شيئًا" صحيح مسلم.



    وأمّا قوله –تعالى- في الكفّار:" فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ" المدّثّر:48 فهذا أمر مقطوع به أنّهم ليسوا بأهل لهذه الشّفاعة. وأيضا في السّنّة الكثير من هذا في حديث الشّفاعة يقول النّبي -صلّى الله عليه وسلّم-: فيقول الله -تبارك وتعالى-: شَفَعَتِ الملائكةُ وشَفَعَ النَّبِيُّونَ وشَفَعَ المؤمِنونَ . ولم يَبْقَ إلا أَرْحَمُ الراحِمِينَ . فَيَقْبِضُ قَبْضَةً من النارِ فيُخْرِجُ منها قومًا لم يَعْمَلُوا خيرًا قَطُّ". صحيح مسلم


    وأقسام الشّفاعة
    تنقسم من حيث القبول والرّدّ إلى قسمين :


    مردودة وهي ما فقدت أحد شروط الشّفاعة السّابقة ومقبولة وهي ما تحققت فيها شروط الشّفاعة.
    وقد ثبت لنبيّنا -صلى الله عليه و سلّم- منها ثمانية أنواع وهي:


    1- الشّفاعة العظمى: وهي شفاعته لأهل الموقف وهي المقام المحمود وهو ممّا اختصّ به عليه الصّلاة والسّلام
    2- وشفاعته صلى الله عليه و سلّم في قوم تساوت حسناتهم وسيّئاتهم فيشفع فيهم أن يدخلوا الجنّة.
    3- وشفاعته في أقوام استحقوا النّار أن لا يدخلوها.
    4- وشفاعته في رفع درجات في أهل الجنّة في الجنّة.
    5- وشفاعته في أقوام أن يدخلوا الجنّة بغير حساب.
    6- وشفاعته في تخفيف العذاب عمن كان يستحقه كشفاعته في عمّه أبي طالب.
    7- وشفاعته -صلى الله عليه و سلّم- في أهل الجنّة أن يُؤذن لهم بدخول الجنة.
    8- وشفاعته -صلى الله عليه وسلّم- في أهل الكبائر من أمّته ممن دخل النّار أن يخرج منها.


    وهناك الصّراط وهو جسر ممدود على متن جهنم يرده الأوّلون والآخرون وهو طريق أهل المحشر لدخول الجنّة. قال الله تعالى:" وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا مريم 71:72، وقال -صلى الله عليه و سلم-: "ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم" صحيح البخاري أعاذنا الله و إيّاكم منها.





    والمطلب الثامن وهو "الجنّة و النّار" فممّا يجب اعتقاده والإيمان به الجنّة والنّار.
    و الجنّة:

    - هي دار الثّواب لمن أطاع الله وموضعها هو في السّماء السّابعة عند سدرة المنتهى. قال الله –تعالى-:" وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى" النجم 31:15،والجنّة مئة درجة بين كلّ درجة والأخرى كما بين السّماء والأرض كما جاء في صحيح الإمام البُخاري :"إنّ الجنّة مئة درجة أعدّها الله للمجاهدين في سبيل الله بين السّماء والأرض وأعلى الجنّة الفردوس الأعلى فوقه عرش الرّحمن ومنه تتفجّر أنهار الجنّة" وأمر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إذا سألنا الله الجنة أن نسأله الفردوس الأعلى. وقد أعدّ الله لأهل الجنّة من النّعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.


    وأمّا النّار
    - فهي دار العقاب الأبدي للكافرين والمشركين والمنافقين النفاق الاعتقادي، ولمن شاء الله من عصاة الموحدين بقدر ذنوبهم ثمّ مآلهم إلى الجنّة.


    قال الله –تعالى-: " إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء " النّساء:48والنّار دركات بعضها أسفل من بعض كما قال عبد الرحمن بن اسن: "درجات الجنة تذهب علوّا ودرجات النّار تذهب سُفولا وأسفل الدّركات هي دار المنافقين". قال –تعالى-: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ" النّساء:145،وللجنة ثمانية أبواب وللنّار سبعة أبواب.

    والإيمان بالجنّة والنّار يتحقق بثلاثة أمور
    -الأولّ: الاعتقاد الجازم بأنّها حقّ وأنّ الجنّة دار المتقين وأنّ النّار دار الكافرين والمنافقين
    قال الله –تعالى-: " ِإنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا،وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا " النّساء 57:56 .



    والثاني: اعتقاد وجودهما الآن.
    قال –تعالى- في الجنة أعدّت للمتقين وقال –تعالى- في النّار أعدّت للكافرين. وفي حديث عمران بن حصين عن النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال:" اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء واطلعت في النّار فوجدت أكثر أهلها النّساء" لإنّ بعض النّاس يرون أنّ خلق الجنّة و النّار قبل دخول أهلهما إليهما نوع من العبث والله منزّه عن ذلك، فنفوا وجودهما الآن وهذا باطل من القول وزورا.



    الأمر الثالث: اعتقاد دوامهما وبقائهما وأنّهما لا تفنيان ولا يفنى من فيهما.
    قال الله –تعالى-:"خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" النّساء:13،" وقال –تعالى-:" وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا "سورة الجنّ(23) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:" يدخُلُ اللَّهُ أَهلَ الجنَّةِ الجنَّةَ ويدخُلُ أَهلَ النَّارِ النَّارَ ثمَّ يقومُ مؤذِّنٌ بينَهم فيقولُ يا أَهلَ الجنَّةِ لا موتَ ويا أَهلَ النَّارِ لا موتَ كلٌّ خالِدٌ فيما هوَ فيهِ " صحيح مسلم.





    أمّا نهاية مطاف حديثنا في هذا الرّكن العظيم فهو

    الثّمرات للإيمان باليوم الآخر
    فهناك ثمرات كثيرة عظيمة لمن يُؤمن باليوم الآخر، منها:
    - الحرص على طاعة الله؛ رغبة في ثواب الله ذلك اليوم.
    - والبعد عن معصيته خوفا من عقابه -سبحانه وتعالى- في ذلك اليوم.
    - وكذلك تسلية المؤمن والتسرية عنه وإدخال الاطمئنان عليه عمّا يفوته من نعيم الذّنيا و متاعها ممّا يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها.


    - وكذلك استشعار كمال عدل الله -سبحانه و تعالى- حيث يجازي كلاّ بعمله مع رحمته بعباده -سبحانه وتعالى- وبذلك يكون قد تم لنا هذا المرور السّريع على هذا الرّكن العظيم وهو الإيمان باليوم الآخر وهو فصل بين من يُؤمنون بالله –تعالى- ومن لا يُؤمنون به -سبحانه وتعالى-. فكثير من الكفّار لا يُؤمنون بالقيامة ولا يُؤمنون بالبعث، وضرب لهم الله عز وجل الأمثال والعبر من الأمم المتقدمة وكيف أنّه لمّا أنكروا هذا الرّكن العظيم الجليل كانت العقوبة من الله –تعالى- في الدّنيا قبل الآخرة.


    نسأل الله عزّ وجلّ أن يُتمّ علينا وعليكم نعمة الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، ويبقى معنا الحديث عن الرّكن السّادس من أركان الإيمان وهو الإيمان بالقضاء والقدر.


    أقول قولي هذا، وأستغفر الله –عزَّ وجل- لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



    تم بحمد الله
    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36

    تم بحمد الله
    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول



    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 11-10-2016, 05:44 PM.

    اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

    تعليق


    • #3
      رد: مادة العقيدة :: الدرس الثالث (شرح حديث جبريل 3 ) :: دورة بصائر العلمية 2


      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم

      "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
      وتولني فيمن توليت"

      "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

      تعليق


      • #4
        رد: مادة العقيدة :: الدرس الثالث (شرح حديث جبريل 3 ) :: دورة بصائر العلمية 2

        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        جزاك الله خيرا اخيتي وبارك الله فيك
        عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

        تعليق


        • #5
          رد: مادة العقيدة :: الدرس الثالث (شرح حديث جبريل 3 ) :: دورة بصائر العلمية 2

          جزاكم الله خيرًا ... وأحسن الله إليكم

          تعليق

          يعمل...
          X