إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

آداب يجب ان يتحلى بها طالب العلم كلنا طلاب // مفهرس

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آداب يجب ان يتحلى بها طالب العلم كلنا طلاب // مفهرس




    آداب يجب أن يتحلى بها طالب العلم كلنا طلاب



    " آداب يجب أن يتحلى بها كل طالب علم "





    آدابٍ يجب على طالب العلم أن يُراعيها:

    - وبين أسسٍ يجب على طالب العلم أن يسير عليها.

    إنَّ طالب العلم يجب أن يكون مُتميزًا عن غيره، وهذا التَّميز ليس لأجل أمرٍ من أمور الدنيا لديه، ولكن صيانةً للعلم الذي شرَّفه الله -عز وجل- به، فيجب عليه أن يصون هذا العلمَ وأن يحفظه.

    وكما ذكر ابنُ مسعودٍ -رضي الله عنه- حينما قال: "ينبغي لحامل القرآن أن يُعرَف بليله إذا الناسُ نِيام، وبنهاره إذا الناس مُفطِرون".

    أمَّا إذا أصبحت بين الناس لا تُميز طالب العلم ولا العالم عن غيره، فإنَّ العلم لم يكن ولم يعد له أثرٌ في حياة طالب العلم.
    ذكرنا لكم مجموعةً من الآداب، والآن نتواصل في بقية هذه الآداب:

    من هذه الآداب: ظهور أثر العلم:

    فلابُدَّ أن يكون للعلم أثرٌ، فأنت حفظتَ القرآن؛ فأين خشوعك؟ وأين حضور قلبك؟ وأين خوفك من الله؟ وحينما تقرأ آيات الوعيد، أين بكاؤك؟ وأين رجاؤك؟
    إذن لابُدَّ أن تختلف عن غيرك، يقولون أنَّ أم سفيان الثوري -رحمها الله، ورحم سفيان الثَّوري- قالت له: "يا بني، اذهب فتعلم العلم وأَعُولُك بمغزلي هذا، فإن وجدتَ في نفسك أثرًا فأكمل، وإلا فلا تتعنَّى". فإذا لم تجد فائدةً ولم تجد ثمرةً؛ فلا تتعنَّى في طلب العلم.

    يقولون: أتى القاسمُ بن منيع إلى الإمام أحمد -رحمه الله- فقال: "يا إمام، أريد أن أطلب العلم على يد سُويد بن سعيد، فأُريدك أن تكتب لي كتابًا". وهذا مثل التَّزكية في زمننا، فكتب الإمامُ أحمد: "حاملها رجلٌ يكتب الحديث". فقال: "يا إمام، أُريدك أن تكتب: هو من أصحاب الحديث". فقال: "صاحب الحديث الذي يستعمله، وأنا لا أعرف هذا الأمر عنك".
    إذن لابُدَّ أن يكون للعلم أثرٌ في حياة طالب العلم.


    يقول الحسن -رحمه الله: "قد كان الرجلُ يطلب العلمَ فلا يلبث أن يُرى أثر العلم في سَمْته، وفي خشوعه، وفي لسانه، وفي هديه، وفي خوفه من الله -سبحانه وتعالى". وهذا معنى قولهم :"طلبنا العلمَ لغير الله فأبى العلمُ إلا أن يكون لله".
    فالعلم الصحيح والعلم النافع هو الذي يدلُّ صاحبه على تقوى الله وطاعته.

    أيضًا من الآداب: أن يكون طالبُ العلم صادقًا:

    والصدق أعني به هنا: الصِّدق في القول، فهو لابُدَّ أن يكون صادقًا في عمله، وفي حياته، وفي معاني الصِّدق المختلفة. لكن المراد بالصدق هنا: الصِّدق في القول؛ لأنَّه إذا طلب العلمَ يريد بعد هذا الطلب أن يُبلِّغه للناس، وحينما يُعرَف طالبُ العلم بالصدق؛ فإنَّ ذلك يكون له الأثر في القبول عند الناس.

    والنبيُّ -عليه الصلاة والسلام- حينما دعا الناس؛ لم يكن لأحدٍ من المُشركين مَطْعَنٌ فيه؛ بل كانوا يقولون عنه: الصَّادق الأمين -عليه أفضل الصلاة وأتمُّ السلام.


    من الآداب أيضًا: التواضع:

    يقول الله تعالى في كتابه: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: 63]، فيجب على طالب العلم أن يكون من أكثر الناس تواضُعًا، وإلا فإنَّه يستجلب سخطَ الله، يقول -صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، وَلَا يَبْغِي أَحَدُكُمْ عَلَى أَحَدٍ».

    وكما قال الأول:

    تَوَاضَعْ تَكُنْ كَالنَّجْمِ لَاحَ لِنَاظِرٍ *** عَلَى طَبَقَاتِ المَاءِ وَهْوَ رَفِيعُ
    وَلَا تَكُ كَالدُّخَانِ يَعْلُـو بِنَفْسِهِ *** عَلَى طَبَقَاتِ الجَـوِّ وَهْـوَ وَضِيعُ


    فطالب العلم يجب أن يحمل هذا الخُلقَ العظيم، وهو خُلُق التَّواضُع.
    فأولًا يجب على طالب العلم أن يتواضع لله، وأن يذلَّ وينكسِر بين يدي ربِّه ومولاه -سبحانه وتعالى- لأنَّه:

    إِذَا لَمْ يَكُنْ عَوْنٌ مِنَ اللهِ لِلْفَتَى *** فَأَوَّلُ مَا يَقْضِي عَلَيْهِ اجْتِهَادُهُ

    والإمام ابن تيمية -رحمه الله- كان يذهب في بعض القُرى فيُعَفِّر جبينه ووجهه في التُّراب؛ ليكسر الكبرَ والتَّعالي الذي قد يأتي إلى النفس، ويقول:

    أَنَا المُكَدِّي وَابْنُ المُكَدِّي *** وَكَذَا كَانَ أَبِي وَجَدِّي

    وكان يقول: "ما لي شيءٌ، ولا مني شيءٌ، ولا فيَّ شيءٌ"، وهذا التَّواضُع أكسبه الله -عز وجل- به رفعةً إلى يومنا هذا، فمَن منَّا لا يعرف ابن تيمية؟ ومَن منَّا ليس عيالًا على كتب ابن تيمية -رحمه الله تعالى؟ فما أجمل أن تتواضع لله، وأن تنكسر بين يدي ربك ومولاك.

    فإذا استشعر طالبُ العلم هذا الذُّلَّ وهذا الفقرَ وهذه الحاجة في نفسه؛ فسيكون ذلك -بإذن الله عز وجل- عونًا له على وصوله لغايته وبغيته.

    وابن القيم -رحمه الله- له كتابٌ نفيسٌ جدًّا اسمه "طريق الهِجرتين" تحدَّث فيه عن هذه المعاني العظيمة التي يجب على طالب العلم أن يسكبها في قلبه.



    أيضًا من الآداب: التواضع للحقِّ:

    فإذا قلت قولًا وتبيَّن لك خطؤُه؛ فليس عيبًا أن تخرج للناس وتقول: إنَّ هذا خطأ. بل هذا من تفوق العالم، ومن خوفه من الله -سبحانه وتعالى.

    والفُضَيل بن عِياض قيل له: ما هو التَّواضع؟ قال: "يخضع للحقِّ، وينقاد إليه، ويقبله ممن كان".
    ترى بعض الناس يقول: أنا لا أقبل إلا من فلان. لا، أقبل الحقَّ ممن كان.
    وإذا كان أبو هريرة -رضي الله عنه- استفاد الحقَّ من إبليس حينما أخبره بآية الكرسي، فكيف لا تستفيد الحقَّ من مسلمٍ قد يكون أقلّ شأنًا منك؟!

    وابن شُبْرُمَة قال في مسألةٍ بقولٍ جانبٍ فيه الصواب، فقال له نوح بن درَّاجٍ: لقد جانبت الصواب، الحقُّ فيها كذا. فقال: صدقت. ثم قال:

    كَادَتْ تَزِلّ بِنَا مِنْ حَالِقٍ قَدَمٌ *** لَولَا تَدَارَكَهَا نُوحُ بْنُ دَرَّاجِ

    الحالق: هو الجبل الشامخ.

    أيضًا من الآداب: نقاء السَّريرة:

    أن يكون قلبُ العبد صافيًا، ليس فيه غلٌّ ولا حقدٌ ولا حسدٌ، فالقلب الذي يتآمر على الله، ويتآمر على رسوله، ويتآمر على المسلمين؛ لا يستحقُّ أن يكون طالبَ علمٍ.

    ولهذا يقول أحد العلماء وهو سهل بن عبد الله -رحمه الله: "حرامٌ على قلبٍ أن يدخله النورُ وفيه شيءٌ مما يكرهه الله".

    "وفيه شيءٌ مما يكرهه الله" أي فيه حسدٌ، أو فيه حقدٌ، أو فيه خَبِيئة سُوءٍ، وهي المعاصي التي تحدث في الخَلَوات، والتي يفضحها الله -عز وجل- على رؤوس الأشهاد.

    وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ *** وَإِنْ خَالَها تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ

    إذن حرامٌ على قلبٍ أن يدخله النورُ؛ وفيه شيءٌ مما يكرهه الله.

    وقديمًا قالوا: "إذا عَلِقَ القلبُ فهو كالرَّهْنِ إذا أُغْلِقَ".

    فإذا علِقَ القلبُ بالذُّنوب والمعاصي أُغْلِقَ، مثل الرَّهن الذي يُغلَق على صاحبه.

    ومن أعظم الأشياء التي يجب على طالب العلم أن يتجنَّبها: الحسد.

    أيُعْقَل أن نتحدث عن الحسد ونحن نتحدث عن طلب العلم؟!

    نعم؛ لأنَّ التنافس أحيانًا إذا لم يكن لله -عز وجل- يُولِّد العداوة، ويُولِّد الحسد، وحينما يتنافس اثنان تجد أنَّ بينهما من العداوة والحسد ما لا يعلم به إلا الله، وسيأتي معنا -بإذن الله عز وجل- حديثٌ عن هذا الأمر.
    إذن يجب على طالب أن يُجنِّب قلبَه الحسد، قال معاوية -رضي الله عنه: "كلُّ الناس أقدر على إرضائه؛ إلا صاحب حسدٍ لا يُرضيه إلا زوال النِّعمة".
    وقديمًا قالوا:

    كُلُّ الْعَدَاوَاتِ قَدْ تُرْجَى إِمَاتَتُهَا *** إِلا عَدَاوَةُ مَنْ عَادَاكَ بِالحَسَدِ

    وابن تيمية -رحمه الله- يقول: "ما يخلو جسدٌ من حسدٍ، لكن الكريم يُخْفِيه، واللَّئِيم يُظهره".



    تجنُّب مجالس السُّفهاء:

    فاعلم يا طالب العلم أنَّ الناس ينظرون إليك وأنت تحمل القرآن والسُّنة، فيجب أن تترفع عن مجالس السُّفهاء، وألا تكون في مجالس السُّفهاء، ولهذا كان العلماءُ ينهون عن أن يكون طالبُ العلم في "الهُوشات"، وهي الأماكن التي يحدث فيها خلافٌ وقيل وقال.

    ومن هذا ما وقع لنصر بن علي الجَهْضَمِي، فكان له جارٌ طُفيلي، فإذا دُعِيَ نصر بن علي الجهضمي إلى مناسبةٍ أو إلى وليمةٍ ركب لركوبه، فالناس تُكرمه لإكرام الجَهْضَمي، فيومًا دعاه والي البصرة جعفر بن سليمان، فقال الجَهْضَمي: والله لئن أتى معي لأفضحنَّه هذه المرة. فلما ركب ليذهب لجعفر بن سليمان؛ ركب الطُّفيلي، فدخل إلى دار الأمير، وأُكرِمَ لإكرام الجهضمي، فقال وهو يجلس مع الأمير على مائدة الطَّعام: أيُّها الأمير، حدَّثنا دُرُسْت بن زياد قال: أخبرنا أبان قال: أخبرنا نافع عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَشَى إِلَى طَعَامٍ لَمْ يُدْعَ إِلَيهِ دَخَلَ سَارِقًا، وَخَرَجَ مُغِيرًا».

    هو يقصد مَنْ؟ يقصد الطُّفيلي، لكن الطُّفيلي -وهو طفيلي تجد لديه من العلم ما ليس لدى البعض الآن- نظر إلى الجهضمي وقال: والله لقد استحييتُ من كلامك يا أبا عمرو، والله ما في هذا المجلس أحدٌ إلا ويظنّك تعنيه بهذا الكلام -فأخرج نفسه من القضية.

    قال: لا يوجد أحدٌ في هذا المجلس إلا ويظنّك تعنيه بهذا الكلام، ولكن أين أنت من هذا الحديث: حدَّثنا فلان عن فلان قال -صلى الله عليه وسلم: «طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَينِ، وَطَعَامُ الِاثْنَينِ يَكْفِي الأَرْبَعَةَ». قال: فطأطأتُ برأسي واستحييتُ، فلمَّا خرجنا التفتُّ إليه فقال: أوتظنني أتركها؟!

    وَمَن ظَنَّ مِمَّن يُلَاقِي الحُرُوبَ *** بِأَلا يُصَابَ فَقَدْ ظَنَّ عَجْزًا

    فنصر بن علي الجهضمي أوقع نفسَه في هذا المأزق مع هذا الطُّفيلي السَّفيه الذي أحرجه أمام الأمير وأمام الناس.
    إذن يجب على طالب العلم أن يتجنَّب مجالسة السُّفهاء، وليبتعد عنهم قدر الإمكان، وأن يُصاحِب مَن يستزيد منه علمًا وأدبًا وخُلُقًا، وأن يكون في أخلاقه وفي حياته على وَفْقِ سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم.




    من الآداب كذلك:التَّوازُن:

    والتَّوازن في حياة طالب العلم مُهمٌّ جدًّا، كالتَّوازن في تلقِّيك للعلم، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِبَدَنِكَ عَلَيكَ حَقًّا، وَلِرَبِّكَ عَلَيكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ».

    فتحتاج إلى التوازن في الطلب، وتحتاج إلى التوازن في التَّعامل، وتحتاج إلى التوازن في المشاعر. فهذه ثلاثة أشياء:

    - توازن في طلب العلم، فلا تطلب العلمَ وتُهمِل نفسَك، أو تُهْمِل أهل بيتك، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- هو إمام الأوَّلين والآخرين، وكان مُتزوِّجًا، وله أسرةٌ، وله بناتٌ، وكان -عليه الصلاة والسلام- قادرًا على أن يجمع بين هذه الأمور جميعًا.
    - والتَّوازن في التَّعامل مع الناس.
    - وكذلك التَّوازن في المشاعر، وقد جاء في الأثر: "إذا أحببتَ حَبيبَك يومًا ما فأَحْببه هونًا ما؛ عسى أن يكون بَغِيضَك يومًا ما، وإذا أَبْغَضتَ بغيضَك يومًا ما فأبغِضْه هونًا ما؛ عسى أن يكون حبيبك يومًا ما".



    أيضًا من الآداب: ألا تتعجَّل الفُتيا:

    فبعض الناس لديه حرصٌ على الفُتيا بشكلٍ غير طبيعيٍّ، مع أنَّ الصحابة -رضوان الله عليهم- وهم أعلم الناس بهذا الدين لم يكونوا يتدافعون على الفُتيا.

    يقول عُمَير بن سعيد -رحمه الله: "أتيتُ إلى علقمة فسألته عن مسألةٍ فقال: ائتِ عبيدة. فذهبت إلى عبيدة وقلت: ما حكم كذا؟ قال: ائتِ علقمة. قلت: هو أرسلني إليك. قال: ائت مسروقًا. فذهبت إلى مسروقٍ فقلت: ما رأيك في المسألة؟ قال: ائت علقمة. قلت: ذهبتُ إلى علقمة، وعلقمة أرسلني إلى عبيدة، وعبيدة أرسلني إليك. قال: اذهب إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى. فذهبت إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى فكأنَّه كره المسألةَ أيضًا، فعدتُ إلى علقمة فقلت: ما لكم؟ قال: كانوا يقولون: أجرؤكم على الفُتيا أقلُّكم علمًا".

    والإنسان حينما يستشعر عظمة الفُتيا، وأنَّه قد يُوقِع الناسَ في خطأ -لا قدَّر الله- يعرف عند ذلك عظمة هذا الأمر، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾ [النحل: 116]، فحينما يُسأل الإنسانُ عن مسألةٍ لا بأسَ أن يُجيب إذا كان يعرف، وإن وجد غيرَه فالأفضل أن يدفع بها إلى غيره.

    يقول العلماء: "سرعة الجواب على السؤال أشدّ من فتنة المال".
    فبعض الناس عنده شغفٌ ويُحبُّ أن يكون سريعًا في الإجابة، وسريعًا في تقبُّل السؤال، ويرى أنَّ هذا دليلٌ على فهمٍ وحفظٍ وعلمٍ، لكن هذا فتنة للإنسان؛ لأنَّه قد يقع في الزَّلل وهو لا يشعر، وحينما تُوقِع الناسَ في الزَّلل وتُوقِّع عن ربِّ العالمين فقد اقترفت خطأً كبيرًا، وابن القيم له كتاب "إعلام المُوقِّعين عن ربِّ العالمين"، يقول فيه: "إذا كان مَن يُوقِّع عن الملوك بالمحل الكبير، فكيف بمَن يُوقِّع عن ربِّ العالمين؟!". فأنت تقول للناس: هذا حكم الله، وهذا حكم رسوله -صلى الله عليه وسلم.

    ذكر العلماءُ قصَّةً تدلُّ على تسارع البعض إلى الجواب عن المسألة دون تَرَوٍّ، يقولون: رجلٌ عاش في باديةٍ، فقال له والده: كلما سُئِلتَ عن مسألةٍ فقل: فيها قولان، وبالفعل فيها قولان: حلال وحرام، وفيها قولان: يجوز ولا يجوز. فجعل الناسُ يشكُّون في أمره، فقال له أحد الناس سريعًا: يا شيخ، أفي الله شكٌّ؟ قال: فيها قولان! لماذا؟ لأنَّه اعتاد على هذه المسألة دون علمٍ ودون رويَّةٍ.

    ويذكرون أنَّ رجلًا كان يجلس للناس يُعلِّمهم اللغة العربية، وكلما سُئل عن كلمةٍ قال: نعم، والعرب يعرفون هذه الكلمة، ويبدأ يستدلُّ بأبياتٍ من الشعر.
    فقال بعضُ الناس: نُريد أن نجمع كلمةً لا نعرفها نحن. وكانوا ستةً، فقال كلُّ واحدٍ منهم حرفًا واحدًا.
    فقال الأول: خاء. وقال الثاني: نون. وقال الثالث: فاء. وقال الرابع: شين. وقال الخامس: ألف. وقال السادس: راء.

    فأصبحت "خُنْفُشَار"، فذهبوا إلى هذا الرجل وقالوا له: ما معنى كلمة "خُنفشار"؟ فقال ولم يتروَّ: الخُنْفُشَار هو: نباتٌ طيبٌ بأرض اليمن، إذا وُضِعَ على الحليب راب، والعرب تعرف هذا. ثم قال:

    لَقَدْ عَقَدَتْ مَحَبَّتُكُمْ فُؤَادِي *** كَمَا عَقَدَ الحَلِيبَ الخُنْفُشَارُ

    فاكتشفوا أنَّه يكذب، وأنَّه يقول ما لا يعلم. ولهذا يقولون: لا تكن خُنْفُشَارِيًّا.

    من الآداب كذلك -وهو الأدب الأخير: التَّهيُّؤ للعلم بالعبادة:

    أن نتهيَّأ للعلم بالعبادة، فالعلم عبادةٌ تتقرب بها إلى الله، فإذا أردت ثمرةَ العلم، وإذا أردت أن تشعر بلذته؛ فتهيَّأ له بالعبادة، واجعل له قلبًا صافيًا، واجعل له لسانًا ذاكرًا، واجعل له سمعًا لا يسمع إلا إلى ما أباح الله، واجعل له نظرًا لا تستخدمه إلا في طاعة الله، وهيِّئ حياتك للعلم الشرعي بشكلٍ إيجابي.
    ولهذا يقول العلماءُ: "كانوا يتهيَّؤون للعلم بالعبادة، وكان أحدُهم قبل أن يكتب الحديثَ يتعبَّد الله -عز وجل- عشرين سنةً".

    للعبادة أثرٌ عظيمٌ في حياة طالب العلم. لماذا؟
    لأنَّ الله -عز وجل- يقول: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ [محمد: 17]، فبقدر قُربك من الله بقدر ما يفتح الله -عز وجل- عليك من أنواع العلم، ومن أنواع المعارف.

    هذه جملةٌ من الآداب التي يجب على طالب العلم أن يُراعيها، وكما ذكرتُ لكم سابقًا أنَّ طالب العلم بحاجةٍ إلى أن يقرأ كثيرًا، خاصَّةً في آداب الطلب؛ ليُقدِّم صورةً ونموذجًا حسنًا عن العلم وأهله، ويكون كما كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فقد كان خلقُه القرآن، فطالب العلم أيضًا بحاجةٍ إلى أن يكون خلقُه القرآن.





    التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 29-01-2018, 06:39 PM.

    قال ابن الخطيب《 لو علم المؤمنون فضل الصلاة على النبي ﷺ لما كفّت ألسنتهم عنها كل حين》
    اللهمَّ صلِّ وسلم على نبينا محمد



  • #2
    رد: آداب يجب ان يتحلى بها طالب العلم كلنا طلاب

    جزاكم الله خيرًا وأحسن الله إليكم

    تعليق


    • #3
      رد: آداب يجب ان يتحلى بها طالب العلم كلنا طلاب

      جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم
      يا الله
      علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة

      تعليق


      • #4
        رد: آداب يجب ان يتحلى بها طالب العلم كلنا طلاب


        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا .


        رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

        اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


        ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

        تعليق


        • #5
          رد: آداب يجب ان يتحلى بها طالب العلم كلنا طلاب

          عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا، وبارك فيكم


          تعليق

          يعمل...
          X