إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(31) كن مبادرًا ( محاضرة 1 ) أ/ أحمد الإمام دورة بصائر العلمية 1

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (31) كن مبادرًا ( محاضرة 1 ) أ/ أحمد الإمام دورة بصائر العلمية 1





    إمتــى هنتـغيـــر

    ؟؟؟


    كام مرة فكرت إنك تعمل حاجة بس انت ماعملتهاش؟!

    كام مرة جربت إنك تقرأ كتاب بس انشغلت على الفيس أو تويتر؟

    عايش كل يوم كربونة

    امبارح زي النهارده زي بكره زي بعده

    مافيش تغيير

    خوفك الوهمي كام مرة منعك إنك تعمل شيء مفيد؟

    كتــيــر جدًا اختلقنا أعذار، وبرّرنا أخطائنا..

    إمتــى بقــى هنتـغيـــر؟



    تابعوا معنـــــــا








    كن مبادرا ( محاضرة 1 )
    ا/ احمد الامام دورة بصائر


    رابط تحميل الدرس بجميع الصيغ
    الجودة العالية :HD
    الصوت : mp3
    يوتيوب : youtube
    مادة مفرغة:
    PDF

    http://way2allah.com/khotab-item-113823.htm



    رابط التفريغ
    http://way2allah.com/khotab-pdf-113823.htm





    رابط يوتيوب

    https://www.youtube.com/watch?v=JyGvVzwh3Ec







    ولمشاهدة وتحميل جميع دروس دورة بصائر من خلال هذا الرابط

    http://way2allah.com/category-559.htm




    فهرس مادة (( كن مبادرًا - أ/ أحمد الإمام )) - دورة بصائر العلمية



    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 25-06-2019, 12:03 AM.

  • #2
    رد: كن مبادرا ( محاضرة 1 ) ا/ احمد الامام دورة بصائر

    التفريغ





    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    أهلًا بحضراتكم في دورة بصائر لإعداد المسلم الرباني، على غرفة الهداية الدعوية، على شبكة الطريق إلى الله.
    إمتــى هنتـغيـــر؟
    كام مرة فكرت إنك تعمل حاجة بس انت ماعملتهاش؟! كام مرة جربت إنك تقرأ كتاب بس انشغلت على الفيس أو تويتر؟ عايش كل يوم كربونة، امبارح زي النهارده زي بكره زي بعده، مافيش تغيير، خوفك الوهمي كام مرة منعك إنك تعمل شيء مفيد؟ كتــيــر جدًا اختلقنا أعذار، وبرّرنا أخطائنا.. إمتــى بقــى هنتـغيـــر؟
    كام مرة كلام الناس أثر فيك؟ قالوا لنا كتير كلام الناس لا بيقدم ولا بيأخر، أبدًا كلام الناس بيقدم وبيأخر، بيثبطنا بيخذلنا كلام الناس، قالوا لك كتير انت فاشل انت مش هتقدر، انت كان غيرك أشطر، مش واقفة عليك، كلام الناس هيمنعنا إن إحنا نكون مبادرين، نكون إيجابيين، نكون فعاليين، نفعل شيء لديننا ولوطننا وقبل كدا لنفسنا.
    حتى المشاكل الزوجية كتير أوي من أسبابها إن إحنا مش فاهمين بعض، إن الزوج والزوجة مش فاهمين بعض، مش فاهمين إن فيه فروقات كتير جدًا عقلية، نفسية، فسيولوجية، في العلاقات، في العاطفة.
    قررت مرة إنك تقرأ؟ جربت مرة إنك تحضر دورة في الإرشاد الأسري؟ قررنا إن إحنا نكون ايجابيين علشان نكون سعداء ولّا لأ؟دينك وأمتك ووطنك قدمت شيء ليهم؟طيب قدمت شيء لنفسك حتى لو كنت لوحدك؟ طيب هو أنا أقدر؟ لو لوحدي حتى أنا اقدر؟تقدر.. تقدر تعمل كتيــر، طيب ازاي؟
    لحظة واحدة، ممكن نستأذن حضراتكم نسافر بالزمن لورا 1436 سنــة نروح هناك نشوف بعض المشاهد الإيجابية، المبادرة اللي كان فيها جدية، اللي كان فيها نصرةً لله، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أن تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"محمد :7، نصروا الله فنصرهم الله.
    مشاهد من الإيجابية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
    نروح بينا ونرجع تاني، في ليلة من الليالي في المدينة سمعوا ضجة، صوت عالي، قلقوا، كلهم جريوا وخلاص بيجمعوا بعض عشان يشوفوا إيه الصوت ده، فلقوا جاي من بعيد أوي فرس لأبي طلحة، فرس جاي وراكب عليه فارس، الفارس دا مش قاعد على سرج بالعكس ماسك الحصان من شعره ومعلق في رقبته سيف وقال لهم :
    "لن تراعوا لن تراعوا".
    إيجابية أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
    أيضًا كان خليفته أبو بكر رضي الله عنه، في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم الأمة صُعقت بخبر الوفاة، المعظم مكلوم والآخرون يجلسون ولا يستطيعون، نعمل إيه؟ المعظم مكلوم والآخرون يجلسون لا طاقة لهم، وعُمَر شاهرًا سيفه يُحذِّر الناس "اللي هيقول محمد مات هطير رقبته، هأقطع عنقه".
    في نفس الوقت مجموعة من الأنصار مجتمعين في سقيفة بني سعادة هينصَّبوا أميـر، في نفس الوقت فيه منافقين، فيه ضعاف الإيمان، فيه مرتدين، خلف المدينة الروم وفارس ينتظرون ينقضوا على المدينة، ينقضوا على الدولة الإسلامية، فكان لابد من مبادرة..
    فخرج لها المبادر أبو بكر فأتى على فَرَس له، ثم دخل وقبَّل النبي بين عينيه ثم قال له: "طِبت حيًا وميتًا يا رسول الله"، وخرج على الناس.. مافيش أي حد يقدر يكلم سيدنا عمر، ثم صعد المنبر أبو بكر رضي الله عنه وقال كلمات عندها هدأ عمر.
    عمر في هذا الموقف كان مبادرًا أيضًا ولكن في موقف آخر، عند وفاة عمر، لحظة مقتله وقبل وفاته، شعر أن الأمة ممكن تختلف؛ فجمَّعهم على ستة من الصحابة سماهم لهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم مات وهو عنهم راضٍ "علي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن" وكان معهم "عبد الله بن عمر" كهيئة التعزية ولم يكن من الستة الذين سوف يكون عليهم الخلافة.
    عُمر في هذا الموقف الذي كان فيه صلب، سيدنا عمر لحظة وفاته كان صلب وكان مبادر..
    في الموقف الأول عندما صعد أبي بكر رضي الله عنه على المنبروقال:"يا أيها الناس! من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومَن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت"،ثم قرأ الآية "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ"آل عمران:144،وكأن عُمَر أول مرة يسمع الآية فَخَرَّ على عقبيه ولم تستطع قدمه أن تحمله.
    إيجابية عثمان بن عفان رضي الله عنه
    في لحظة شدة، غزوة، فقر شديد، مفيش أي أموال، مفيش أي موارد نستطيع إن إحنا نجهز الجيش، فجهز جيش مؤتة عثمان رضي الله عنه؛ لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما ضرَّ عثمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ مرَّتينِ" حسنه الألباني،وافعل كذا أبدًا تقدم حتى اشترى بئر روما والنبي صلى الله عليه وسلم كان قد وعد بالجنة لمن حفر لبئر روما.
    إيجابية علي بن أبى طالب:
    لما في غزوة الخندق عمرو بن عبدود وكان فارس مغوار شديد البأس من قريش عبر خندق مَن يبارز؟ فخرج علي
    "أنا يا رسول الله"، النبي صلى الله عليه وسلم بهيئة التحفيز السلبي قال له: "اجلس يا علي إنه عمرو" إنت مش عارف والّا إيه؟ ثم نادى الثانية فقال على: "أنا يا رسول الله" ففي الثالثة خرج إليه علي وقد استصغره عمر لصغر سنه ولكنه قتله.
    وفي غزوة أُحُد نفس الموقف، مقاتل آخر وفارس آخر خرج يتباهى ويقول: "أنا الذي سمتني أمي مِرحب شاكي السلاح، بطل مجرب إذ الحروب أقبلت تلهب"،سيدنا علي موجود مبادر قوى شجاع، يعلم ما يستطيع فعله، يثق بالله تبارك وتعالى، ويُقَدِّر ذاته، ويثق فيما وهبه الله تبارك وتعالى له من إمكانيات وقدرات ومؤهلات، فأقبل عليه وهو يقول:"أنا الذي سمتني أمي حيدرة، كَلَيْثِ غاباتٍ كريه المنظرا"ثم انقض عليه فقتله.
    مِن المبادرين الصغار:
    طيب دول كانوا كبار وكانوا شباب طيب فيه مبادرين صغار؟ أيــوه، معاذ بن عمرو بن الجموح وعوض بن عفراء، سيدنا عبد الرحمن بن عوف يقف في الصف يوم بدر يبص على يمينه، يبص على شماله طفلين، كان يتمنى أن يكون جنبه اثنين أشداء أقوياء، فقال له الأول "يا عمي أين أبو جهل؟" وقال الآخر: "يا عمي أين أبو جهل؟" فأجابهم: "لماذا تريدون أبو جهل؟" قالوا: "سمعنا أنه سَبَّ رسول الله" كان عندهم روح إيجابية، كانوا مبادرين لتقديم شيء للدين، أي شيء يستطيعونه..
    فأشار إلى أبي جهل، الاثنين انطلقوا عليه كالسهمين، كل واحد أخرج سيفه وضربوه، وسابوه ومشوا ظنًا منهم أنهم قتلوه، فكانت هذه روح مبادرة، روح إيجابية، روح فيها جدية، فيها تقديم شيء للنفس أولًا ثم لدين الله تبارك وتعالى.
    تكلمنا كثير عن المبادرة، وعن هذا الزمن الجميل، نرجع مع بعض تاني المبــادرة.
    ما معنى المبادرة؟
    هي إيه المبادرة؟ هي لفظ-كلمة- تُشْعِر بعلو الهمة، تُشْعِر بالعزيمة، تُشْعِر بالعجلة والاندفاع، ولكــن المنضبط نحو نمط معين من الأقوال أو الأفعال اللي هيخليك إنت ترتفع نموًا في ذاتك عقليًا قلبيًا، عبادات مع الله تبارك وتعالى، معاملات مع الناس، أو إنك تدفع عن نفسك شر، أو إنك تحسن استخدام قدراتك ومهاراتك ويكون عندك رغبة قوية في تحقيق أهدافك، وتخطي كامل العقبات حتى لو كانت وقفت قدامك كتير جدًا؛ لإن في بعد العقبات في أحلام، وفي طموحات، فإنت مستعين بالله تبارك وتعالى ومتوكل عليه تنطلق ليها.
    أصل المبادرة في القرآن والسنة:
    طــيب المبادرة دي ليها أصل عندنا في القرآن؟ وليها أصل عندنا في السنة؟ أيــوه، بس بلفظ إيه؟ بلفظ المسارعة، قال ربنا تبارك وتعالى: "سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ"
    الحديد :21، بادر، سارع هل فيه مسارعة؟ الآية"سابقوا إلى مغفرة من ربكم".
    وفي آل عمران "وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ"آل عمران :133
    وفي البقرة: "وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا أن اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "البقرة:148
    وقال تعالى عندما جمع الكلمتين -المسابقة والمسارعة- في سورة المؤمنون: "أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِيالْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ"المؤمنون:61.
    لذلك أمرنا ربنا تبارك وتعالى أن نتنافس في هذه الخيرات فقال: "وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ"المطففين:26.
    بس فيه حاجة قالوا لنا دايمًا:"في العجلة الندامة" وقالوا برضو: "من تعجل شيء قبل أوانه عوقب بحرمانه".
    هذه الأمور في الدنيا، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "التُؤْدَةُ في كلِّ شيءٍ، إلا في عملِ الآخرةِ"صححه الألباني،ذكر ربنا تبارك وتعالى: "وسارعوا" "وسابقوا"أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِيالْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ"المؤمنون:61، "وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ".
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بادروا" لفظة المبادرة لفظ في السنة: "بادروا بالأعمالِ سِتًّا"صحيح مسلم.
    لذلك كانت للمبادرة أهمية كبيرة، أهميتها إيه؟
    في الوقت اللي إحنا فيه، وقت انحطاط الأمة، وقت الضعف الموجود في هذه الأمة، الأمة محتاجة مننا، من أبنائها إن همَّا يشعروا بالمسئولية ويتحلوا بالإيجابية، لذلك لا بد إن إحنا نأخذ بعض كدا ونركب في سفينة المبادرة؛ لأنها سفينة النجاة.
    أمر آخر.. ناس كثيرة جدًا بتحب الخير، ناس كثير جدًا عايزة تُقْدِم على الخير، بس بيفتقدوا للعزيمة والقوة، لأن أركان الجدية اللي هتكون معانا إن شاء الله..
    وأول خطوة للبدء في المبادرة: إنك تكون عندك قوة وعزيمة..
    أديسون مخترع المصباح، بعضهم ذكر إنه حاول ثلاث آلاف محاولة، ثلاث آلاف محاولة فاشلة؟ لا، ثلاث آلاف تجربة يتعلم منها الأخطاء، حتى وصل في النهاية إلى المصباح، فكان هذا مبادرًا لأجل العالم، لأجل البشرية.
    والإنسان المبادر عنده قدر كبير جدًا، وقدرة على اتخاذ القرار، عنده قدرة على اتخاذ القرار، والعطاء والبذل والتضحية، بخلاف الآخر، الشخص الآخر شخص سلبي، فيعيش في حالة تردد وفي روح انهزامية، وفي حالة ضعف، وفي حالة وَهَن شديد؛ لذلك لا بد أن نتحلى بروح المبادرة.
    شروط المبادرة:
    هذه المبادرة هل لها شروط؟ نعم، فيه مثلث المبادرة..
    الشرط الأول:أن تكون هذه المبادرة إيجابية فعَّالة.
    الشرط الثاني:أن تكون المبادرة ممنهجة.
    الشرط الثالث:أن تكون الأرض ممهدة.
    نُفَصِّل الأمر:
    أولًا: إيجابية فعالة تحقق نمو لك
    تكون ترجع عليك بفائدة، عليك شخصك أو بعقلك أو بإيمانك بعبادتك مع ربنا سبحانه وتعالى وطاعتك مع الله تبارك وتعالى، ده أول شيء.
    طيب هو أصلًا في مبادرة سلبية؟ أيوة، نحذر من الحماس الفوَّار، أحيانًا الواحد بيدخل خلاص هبقى مبادر هبقى مسارع، هتنافس، هيكون بالظبط عمل زي هيئة الزجاجة، زجاجة الحاجة الساقعة، مياه غازية، حماس فوار، هزيته جامد جدًا فبدأ يفور، ففار! إيه الفوران ده عمل إيه؟
    في النهاية عاد عليه وعلى من حوله بالخسران، فأذى مَن حوله، فنحذر من الحماس الزائد؛ لأنه يضر أكثر مما ينفع.
    المبادرة السلبية زي إيه مثلًا؟
    لما ربنا سبحانه وتعالى في القرآن أمَر الملائكة في أكثر من موضع إنهم يسجدوا لسيدنا آدم، فكان هناك مبادر في هذا الموقف ألا وهو الشيطان، إبليس عمل إيه؟ بادر، أبى واستكبر، فكان مبادرًا بالشر، فكانت هذه مبادرة سلبية.
    ثانيًا: أن تكون ممنهجة
    يعني إيه ممنهجة؟ اللي هي آليات استراتيجية مرسومة على بصيرة وطريق واضح كمان لا تخالف أبدًا الذوق العام ولا تخالف الشرع أو العُرف.
    واحد عايز يطلب علم شرعي، أنا مؤهلاتي إيه علشان أطلب علم شرعي؟ هل أنا أصلح للحديث ولا للتفسير ولا للفقه ولا للأصول ولا للعقيدة؟ أنا داعية لله تبارك وتعالى، أنا عايز آخذ سبق في هذا الأمر، أريد أن أكون مبادرًا. اعلم أولًا إمكانياتك، استخرج قدراتك واعرف ما هي مهاراتك حتى تستطيع أن تكمل في هذا الطريق إلى النهاية وتفيد نفسك وتفيد مجتمعك.
    اللي عايز يتعلم رياضة.. أنا إيه اللي ينفع مع جسمي يلعب رياضة؟ ألعب حديد والّا ألعب ألعاب قتالية، والّا ألعب سويدي، والّا أروح ألعب كرة قدم؟ ألعب إيه بالضبط؟
    لا بد أن تدرس المبادرة وتكون ممنهجة حتى لا تكون الخسائر فيها أكبر من الإيجابيات.
    طيب فيه مبادرة ممنهجة.. مبادرة إيجابية جدية ممنهجة؟
    نعم، النبي صلى الله عله وسلم في غزوة بدر نزل هو والمسلمين في مكان، فكان هناك رأي آخر، رجل متحمل المسئولية، محرك للأحداث، فاعل في الأحداث، قال للنبي صلى الله عله وسلم: يا رسول الله المكان اللي نزلنا فيه ده شرع؟ هل المكان هذا المكان اللي نزلنا فيه حكم الله تبارك وتعالى؟ ولا الرأي والحرب والمشورة؟ فقال النبي: بل هو الرأي والحرب والمشورة، فقال له: يا رسول الله إذًا المكان ده ليس مكان جيد للحرب، أومال نعمل إيه؟
    نقف قدام بئر بدر ونردم كل الآبار الأخرى، فنشرب من هذا البئر ولا يشرب المشركون..
    فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذًا فلننزل، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم على رأي هذا الصحابي فكان عنده روح إيجابية وإحساس بالمسئولية ويشعر بأنه لا بد أن يكون محرك للأحداث آخذًا بزمام الأمور.
    ثالثًا: أن تكون الأرض ممهدة
    لا بد أن تكون الأرض ممهدة لاستقبال هذه المبادرات، مثال إيجابي لأرض ممهدة:
    سيدنا أبو بكر كان مثال كبير لتلك الأرض، النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الصحابة: "مَن منكم أصبح اليوم صائمًا؟ من تَبِع جنازة؟ من عاد مريضًا؟ من تصدق؟" وكان أبو بكر يقول في كل هذا: "أنا، أنا، أنا يا رسول الله" كل ده ولسه اليوم ما انتهاش، ده بوقت قصير من يومه، فكانت هذه الأرض -أرض أبو بكر رضي الله عنه- ممهده للانطلاق والمبادرة.
    عندما نقول: إن الأرض لا بد أن تكون ممهدة، مش الأرض اللي ماشيين عليها، الأرض اللي هتكون فيها المبادرة، سواء أشخاص، إنت نفسك بذاتك نفسك أولًا، ثم الأشخاص أو المجتمع الذي هيقوم به، ثم المجتمع الذي سيكون فيه أو ستقوم فيه هذه المبادرة.
    مثال: النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة إلى مدين كان لا بد أن يمهد الأرض لذلك، عمل إيه؟ أرسل سيدنا مصعب يدعو الناس إلى الإسلام فما ترك بيت إلا ودخل الإسلام، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يا رسول الله خلاص الأرض ممهدة مستعدين لهذه المبادرة، إنهم يتقبلوك يا رسول الله ويستقبلونك، وبعد كده هيعملوا إيه؟ هيحاربوا الدنيا كلها عشان هذا الدين.
    وأبدًا المبادرة لا ينفي أنها تأخرت شوية حتى نعد الأرض ليها، ولا ينفي عن هذا العمل صفة المبادرة إن تأخر حتى يستوفي جميع الشروط.
    ماذا لو لم تكن الأرض ممهدة؟
    طيب فيه هناك أمثلة عن مبادرات قوية جدًا ولكن الأرض كانت غير ممهدة فلم تكن النتائج إيجابية:
    سيدنا موسى عليه السلام.. عندما حكى ربنا عن موسى عليه السلام إنه يقول: "وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى"طه:84
    تعجَّل لقاء الله تبارك وتعالى لِنَيْل رضوان الله تبارك وتعالى، طيب قومك يا موسى؟ قوم سيدنا موسى هل هم ثابتون؟ هل هم راسخون؟
    فقال موسى عليه السلام عندما سأله ربه "وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى"طه:83 قال: "قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي" ثابتين على الموقف اللي همَّا عليه، جايين ورائي، "وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى"طه:84
    ولكن هل كان سيدنا موسى متأكد من ذلك؟
    فلما ذهب إلى لقاء ربه، قال له ربنا تبارك وتعالى: "قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ"طه:85. لم تكن الأرض ممهدة، مكانوش ثابتين، مكانوش راسخين؛ لذلك رجع إليهم موسى "فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا"طه:86
    لأنه لم يكن ممهد الأرض، ولم يكن ممهد هؤلاء الناس باستقبال مثل هذه المبادرة.
    مبادئ وأفكار المبادرة الذاتية:
    المبادرة الذاتية لها مبدئين وثلاث أفكار:
    - المبدأ الأول: مبدأ الاختيار. - المبدأ الثاني: دائرة التأثير والاهتمام.
    وثلاث أفكار:
    - الفكرة الأولى أو المعنى الأول: بإمكانك أن تختار ردة الفعل المناسبة تجاه المؤثرات الخارجية.
    - المعنى الثاني: أنت مسؤول عن حياتك مسئولية كاملة وعما يحدث لك فيها.
    - المعنى الثالث: بادر بالتغيير.
    المبدأ الأول: مبدأ الاختيار
    إنك تختار إنك تفعل هذه الأمور، تختار ردة الفعل المناسبة، مثلًا فيه سرنجة قلت لحضرتك: إن السن ده ربنا يحفظكم يا رب واحد مريض بفيروس "C" أخذ حقنة بالسن ده، وبعدين حاولت أقرب السن ده لإيد حضرتك، حيكون رد الفعل بتاع حضرتك إنك تبعد إيدك والّا تسيبها في مكانها؟
    دي المؤثرات الخارجية، ودي الاستجابة، فالنص هنا اللي هي السرنجة ده مبدأ الاختيار، إنت تختار تبعد إيدك أو تتحمل الألم، تتحمل العواقب، فاختيار الإنسان لردود فعله موجودة.
    هناك بعض الأمور بتساعدنا على اختيار ردة الفعل المناسبة؟
    نعم، قال كاتب كتاب "العادات السبع" ستيفن كوبي: كان مرة بيقرأ بكتاب فقرأ كلمة استوقفته الكلمة بتقول "هناك فجوة بين المؤثر ورد الفعل"، فقال: "بدأت أحاول أقف في تلك الفجوة بين المؤثر ورد الفعل، عندما أتعرض إلى هذه المؤثرات الخارجية فأنظر إلى المؤثر، وأختار ردة الفعل".
    بيبص للحاجة اللي جاية، الفعل الجاي ده ويختار ردة الفعل المناسب، فالشخص المبادر هو الذي يتحكم في ردود أفعال لما يحدث له، ويستطيع إن هو يملك السيطرة على نفسه،ويتعامل بمبادئ وبأهداف لا بعواطف وبمشاعر.
    النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يغضب إلا إذا انتهكت حرمات الله تبارك وتعالى، فلا بد أن تكون ردود الأفعال مبنية على مبادئ وأهداف لا على عواطف ومشاعر.
    قال أحدهم، قال غاندي: "إنهم لن يستطيعوا أن يأخذوا منا عزتنا إلا إذا أعطيناهم إياها"، فاعلم إن مفيش أي أحد
    يغضبك إلا إذا إنت سمحت له بكده، أو حد يشعرك داخليًا بالإهانة إلا إذا إنت سمحت له إن هو يشعرك بالإهانة وشعرت أنت بها.
    المبادر.. الشخص المبادر ده دائمًا بيكون كلامه "أحاول، أنا أستطيع، إيه اللي ممكن أعمله بخلاف الأمر ده" لو إنت حطيته بين خيارين يقولك إيه الاختيار الثالث اللي ممكن أستطيع إن أنا أقدمه؟ فهو عنده روح إيجابية فعَّالة، وعنده تحمل للمسئولية ومحاولة دائمة ومستمرة.
    أما الشخص السلبي فدائمًا عنده روح انهزامية وتردد، ودائمًا يرمي اللوم على الآخرين، يقول سقراط بهذا الأمر: "الرجل الذي يريد أن يغير العالم لا بد أن يبدأ بنفسه".
    المبدأ الثاني: دائرة التأثير ودائرة الاهتمام
    دائرة التأثير اللي هي المحيطة بنا إحنا، اللي إحنا نستطيع إنّ إحنا نؤثر بها تأثيرًا مباشرًا، زي "نفسك، عقلك، إيمانك،
    عباداتك، تطوير مهاراتك، إمكانياتك، قدراتك، مسئولياتك الاجتماعية، عملك المهني.." فدي دائرة التأثير اللي إنت حضرتك تستطيع التأثير فيها تأثير مباشر.
    أما دائرة الاهتمام اللي هي واسعة شوية، وليس لك أي قدرة على التأثير فيها، "السياسات العالمية، المشكلات الاقتصادية، تغيرات المناخ، المعاملات التجارية بين الدول، الأخبار العالمية، والمشكلات السياسية.." هذه الأمور كلها والأزمات حضرتك لا تستطيع أبدًا أن تتدخل بها بأي أمر، لكن هل المطلوب إن إحنا نلغيه؟
    أبدًا ولكن نبدل دائرة التأثير نسلط عليها الضوء أكثر، نوسعها أكثر نهتم بها أكثر، ونقلل من دائرة الاهتمام، لإن دائرة الاهتمام لو إحنا زودناها زيادة عن اللزوم إيه اللي هيحصل؟ هيصيبك بعض الوهن، والفتور، والإحباط، والسخط، لإنك مش قادر تعمل أي شيء، وحضرتك هتقعد، هتحس إنك لا تستطيع أن تفعل أي شيء، تفقد الثقة بذاتك تمامًا..
    أما دائرة التأثير لو كبرت شوية بشوية، إيه اللي هيحصل؟ حضرتك هتهتم بنفسك، بأسرتك، ثم بعملك، بالمحيطين من حولك، فتزيد من قدرات ومن طاقاتك حتى يتعدى تأثيرك قدرات لم تتخيل يوم من الأيام إن هي قدراتك ممكن تصل إلى هذا الأمر، فابدأ بنفسك، اشتغل عليها، أهِّلْهَا، تم تحول إلى المحيطين بك، قال أحدهم وهو ستيف بولن: "إن تغير طريقة تفكيرك ربما لن يغير العالم كله لكنه بالتأكيد سيغير عالمك أنت".
    أما الشخص الآخر اللي إحنا تكلمنا عليه في الأول كلما زاد انشغاله بدائرة الاهتمامات كلما صغرت دائرة التأثير اللي هو أساسًا لابد إنه لازم يستغلها حتى لا يكاد يبقى وجود أبدًا ليها فعند هذا الوقت يصبح شخص منزوع الإرادة كالريشة بمهب الريح وقد أصابه الوَهَن والضعف والشلل في كل جزء من أجزاء حياته.
    المعاني الثلاثة للمبادرة:
    انتهينا من الدائرتين الأساسيتين من المبادرة وهي: مبدأ الاختيار، مبدأ دائرة التأثير ودائرة الاهتمام.
    نتطرق إن شاء الله للأفكار الثلاثة أو المعاني الثلاثة للمبادرة.
    المعنى الأول: اختيار ردود الأفعال على المؤثرات الخارجية..
    لا بد إن إحنا يكون عندنا جوانا في قلبنا في اعتقدنا في قناعتنا، أمور راسخة ثابتة منها هتنطلق ردود أفعالنا، قال الله تعالى: "وَعَسَى أَنْتَكْرَهُواشَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ"البقرة:216، فأي شيء هيجيلك تظنه شر، ولكن هذه الكلمة حضرتك عارف إن ربنا تبارك الله وتعالى يعلم من فوق سبع سموات ما يصلحك، فربنا ابتلاك أو أعطاك هذا الأمر أو أنزل عليك هذا الأمر..
    فحضرتك بتنطلق من مبدأ قناعاتك واعتقاداتك أن هذا الأمر ممكن يكون خير، فتقول: الحمد لله، هو أنا قلت الحمد الله، هآخذ ثواب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء
    شكر فكان خيرًا له، وأن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له"صحيح مسلم.
    فهنا الإنسان يتعامل بخلاف الطبيعة البشرية، بخلاف الهوى، النفس بتجزع عند المصيبة ويصيبها البطر والخيلاء عند الفرح، وعند الفوز، ولكن في الموقف ده هو عمل إيه؟ هو صبر عند الضراء، صبر ليه؟ لأن الأمر ده كله خير له، يعلم ذلك ويقتنع بذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
    وعند الفرح يبطر يتكبر يختال يقول هذا من صنع نفسه؟؟ أبدًا، إنما يقول: الحمد لله، الشكر لله، ولو شكر زاده الله تبارك وتعالى.
    طيب في المصيبة أيضًا إيه اللي ممكن يحصل؟ النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث قال: "حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله عنه خطاياه"صحيح البخاري، حضرتك ممكن تأخذ عليَّ إنما مش بكامل الحديث أو مش بكامل الآية، نأخذ الشاهد لا غير حتى لا تطيل بنا الحلقة، لكن بنأخذ ما نريد من الآية أو الحديث، ما يناسب الموقع الذي نتكلم فيه.
    بذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم دائمًا يُذَكِّر المريض بالأثر الإيجابي للمصيبة، فكان يذهب إليه ويقول: لا بأس طهور إن شاء الله، هذه طهرة وغفران للذنوب وتكفير للخطايا ورفعة للأجر، "اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها".
    علمنا النبي صلى الله عليه وسلم إن إحنا نقول هذه الكلمة دائمًا في الأمور إذا أصابتنا أي مصائب، وربنا سبحانه وتعالى امتدح المؤمنين الصالحين، "الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْإِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعون"البقرة:156
    في الوقت ده إيه اللي بيحصل؟ المؤمنين بيُذكِّروا أنفسهم إنهم عبيد لله، تحت تصرف الله تبارك وتعالى، ومشيئته، وأنهم إلى الله تبارك وتعالى راجعون، وأن قلوبهم وأرواحهم وكل ما أصابهم من مصيبة، وأنهم إليه راجعون؛ تسليةً لقلوبهم وأرواحهم عمَّا أصابهم من مصيبة، فاستحقوا بذلك صلوات من الله ورحمات منه عليهم "أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ" البقرة:157.
    اعقلها وتوكل في أي أمر من الأمور، لا بد من فعل أمر"اعقلها وتوكل" مش معنى اعقلها وتوكل إنك تقعد في البيت، إنك تنتظر حدث، أو تنتظر تغيير وحضرتك قاعد مبتتحركش.
    كلنا، كثير جدًا من الناس فاهمين "اعقلها وتوكل" خطأ، اعقلها وتوكل فيها أمرين: فيها أخذ بالأسباب، أخذ كامل بالأسباب، وتوكل على الله تبارك وتعالى، زي الطائر بالضبط، حضرتك تذكرها بالطائر، له جناحين: جناح أخذ بالأسباب، وجناح فيه توكل على الله سبحانه وتعالى.
    وربنا تبارك وتعالى أيضًا يقذف في قلوبنا أمر لابد أن نعتقده وأن نعتنقه وأن نشعر براحة، "أنا عند ظن عبدي بي"صحيح البخاري
    بم تظن بربك؟ هل تظن بربك خيرًا أم شرًا؟ أحسِن الظن بالله تبارك وتعالى.
    الأمور دي كلها بتساعد الإنسان على التحمل وتساعده في تخفيف أثر المصيبة وتدفعه إلى ردة فعل إيجابية في هذه اللحظة، وردة فعل إيجابية في لحظات المصيبة.
    خلي بالك واحذر إنك تدمر نفسك.. ليه؟
    لإنك أكثر واحد، أكثر إنسان يعلم عيوب نفسك ومواطن ضعفك؛ولذلك عندما تحطم نفسك بنفسك سيكون الدمار أكثر مما يستطيع أن يفعله الآخرين.
    لذلك كان على الإنسان المسلم أن يكون عنده سيطرة كاملة على أمور حياته، وربَّانا الإسلام وربانا النبي محمد صلى الله عليه وسلم وربانا الله تعالى في القرآن على أن نُحسن التصرفات وأن نُحسن ردود الأفعال وأن تكون هذه الردود مستقرة، هادئة، صابرة، راضية، لذلك بعد ده كله نتعلم شيء: أن ردود أفعالنا ليست ردود آلية لظروف قاهرة لذات الإنسان، فحضرتك المسؤول مسئولية كاملة عن أفعالك.
    لذلك ربنا سبحانه وتعالى يقرر يوضوح أن الإنسان "بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ*وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ" القيامة:15،14وأعتقد أن الآية القصيرة هذه معجزة في الفارق بين الشخصية السلبية والشخصية الإيجابية، وأن عقيدة القضاء والقدر والتوكل على الله تبارك وتعالى وإحسان الظن بالله هي من تؤثر فينا وفي ردود أفعالنا، ومش زي ما قالوا قبل كده في الرياضة وفي الفيزياء:
    أن لكل فعل رد فعل مضاد له في الاتجاه ومساوي له في القوة، أبدًا إحنا عندنا أمور أخرى، زي ما قلنا من شوية موضوع السرنجة، حضرتك بتقول مضاد له بالاتجاه؟ أبدًا! ده مخالف له بالاتجاه، "وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أو رُدُّوهَا" النساء:86.
    أمثلة من الواقع:
    فهذه الأمثلة كلها لا بد أن نتمثل بها، طيب عايزين أمثلة، عايزين حاجات واقعية نتمثل بها..
    النبي صلى الله عليه وسلم ماشي مع سيدنا أنس في يوم من الأيام، جاء رجل من الأعراب غليظ القلب والنبي كان يلبس بُرد، كان يرتدي بُردٌ من نجراني غليظ الحاشي فجذب هذا الرجل النبي صلى الله عليه وسلم حتى أثَّرت في رقبته هذه الجذبة فقال له: "مر لي من مال الله الذي عندك" فالتفت ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء.
    وحضراتكم عارفين قصة النبي صلى الله عليه وسلم في الطائف ثم خرج فآذوه فسُلِّط عليه الصبيان والغلمان يقذفونه، النبي صلى الله عليه وسلم بعد ثلاثون كيلو استفاق فأتى عليه ملك من السماء وهو ملك الجبال وقال له: "مر لي إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين" فكان رد فعل النبي صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة: "بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا" صحيح البخاري
    وفي الغار في هذا الموقف العصيب، الكفار واقفين لو نظر أحدهم تحت قدميه لأبصرنا، يخاف أبو بكر على نفسه ويخاف على النبي صلى الله عليه وسلم ويخاف على الدعوة ولكن الواثق من ربه المبادر صاحب الروح الإيجابية، صاحب القلب الراسخ قال: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟" صحيح البخاري
    وعندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة بعدما آذوه وطردوه، خلاص إيه اللي ممكن يحصل؟ هيقتلنا؟ هيذبحنا؟ أبدًا، "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
    وابن تيمية شيخ الإسلام عندما سجنوه قال: "ما يصنع أعدائي بي؟.."،هيعملوا إيه؟"..أنا جنتي وبستاني في صدري، حبسي خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة"،وكان يقول: "المحبوس مَن حبس قلبه عن ربه والمأسور مَن أسره هواه".
    واعلم أن الإيجابية والفاعلية مُعدية.
    المعنى الثاني: أنت مسؤول عن حياتك مسئولية شاملة
    ومسئولية دقيقة ومسؤولية متعدية، الإسلام أعطى الفردية مكانة كبيرة،فالإنسان مسؤول عن تصرفاته، قال تعالى: "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ" المدثر:28، وقال تعالى: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ" الصافات:24.
    والمسئولية تشمل كل حركاتك وسكناتك، قال تعالى: "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" ق:18
    وقال تعالى في سورة الإسراء: "إن السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا" الإسراء:36
    والنبي أخبرنا: "لا تزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسئلَ عنْ أربع" صححه الألبانيعمره وعلمه وماله وجسده
    ومسئولية الفرد أيضًا لا تختص بذاته فقط، إنما تصب بمصلحة الجماعة، أو في ضرر الجماعة "أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إن اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" آل عمران:165.
    في غزوة أُحُد حدثت هذه المصيبة وقال تعالى:
    "وَلَوْ أن أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" الأعراف:97
    وقال: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا" نوح:12:10.
    أيضًا أفعالنا تصب في البيئة قال تعالى: "ظهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ"بماذا يا ربنا؟ "بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ"لماذا؟ "لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"الروم:41.
    وهناك مسئولية دقيقة لا يلتفت الإنسان إليها: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" الزلزلة:7،8
    "إن الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جهنم" صحيح البخاري.
    وأيضًا هناك تطبيقات عملية لذلك:
    آدم قال: "رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" الأعراف:23، قال ذلك هو وزوجته.
    موسى قال "رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي" القصص:16.
    والنبي صلى الله عليه وسلم عندما كانت عنده تحمل المسئولية وكان مبالغًا في تحمل المسئولية قال له ربنا سبحانه وتعالى: "فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ" يلومه على إهلاكه لنفسه من شدة حزنه وألمه على هؤلاء الذين لم يسلموا فقال: "فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ أن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا" الكهف:6..
    ثم قال: "فَذَكِّرْ إنما أنت مُذَكِّرٌ" الغاشية:21، وفي موطن آخر وصبَّره بأن قال ربنا سبحانه وتعالى: "إنك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء"القصص:56.
    وابن حنيفة رحمه الله كان إذا استشكلت عليه مسألة قال: "ما هذا إلا بذنب أذنبته"
    وكان الشافعي كما تعلمون كان يقول:
    شَكَوْتُ إلى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي فَأرْشَدَنِي إلى تَرْكِ المعَاصي
    وَقــــال بـــــــأَنَّ العِلْــــمَ نُــــــــــورٌ ونورُ الله لا يُهدى لعاصي
    المعنى الثالث: بادر بالتغير
    قال تعالى: "إن اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" الرعد:11
    وفي آية أخرى "ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ"الأنفال:53
    "فكن في نفسك التغير الذي تريده أن تراه بالعالم"، نيلسون مانديلا.
    المبادرة بالتغيير، نأخذ خطوات عملية إيجابية ففي القرآن الكريم عبارات جميلة جدًا تدل على هذه الإيجابية
    المغَذِّية لروح العمل والإنتاج والمبادرة.
    قال تعالى: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ"الملك: 15، وقال: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُ"، التوبة:105
    وقال: "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ"الجمعة:10.
    لذا يقرر القرآن بأن هذا الدين لا بد أن يؤخذ بجدية، ولا بد أن يكون عندك إيجابية، فيقول آمرًا نبيه يحيى: "يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ "مريم:12.
    القوة والعزم في شروط الجدية، هنأخذها إن شاء الله؛ لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم"صحيح مسلم، وقال: "استعن بالله ولا تعجز"صحيح مسلم،يُحذرنا من العجز ويعلم بأننا ضعفاء فيقوينا بالاستعانة بالله تبارك وتعالى، فالإيجابية بادرنا.
    انتهينا الآن من المعاني الثلاثة للمبادرة:
    أولاً: إنك مسئول تمامًا عن ردة فعلك تجاه المؤثرات الخارجية.
    المعنى الثاني، أو الفكرة الثانية: إنك مسئول عن حياتك، مسئولية كاملة وعن ما يحدث لك بها.
    المعنى الثالث: بادر في التغير.
    وسوف نكمل مع بعض إن شاء الله في الحلقات القادمة عن الإيجابية..
    وما معنى الإيجابية والجدية وشروط الجدية ومعوقات المبادرة.. سواء أكانت معوقات ذاتية أو معوقات خارجية.
    ثم ننتهي بنصائح حتى تكن مبادرًا.
    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، جزاكم الله خيرًا.
    السلام عليكم.
    تم بحمد الله


    تعليق


    • #3
      رد: كن مبادرا ( محاضرة 1 ) ا/ احمد الامام دورة بصائر

      جزاكم الله خيرا
      مشروع حفظ للجنة بطريقة الحصون الخمسة
      ما أشقاك أيها المسكين عندما تجعل هذا الجهد والتعب والنصب لغير
      ملك الملوك .. ما أشقاك !

      دخولي متقطع بسبب الدراسة

      تعليق


      • #4
        رد: كن مبادرا ( محاضرة 1 ) أ/ احمد الامام دورة بصائر

        سياتى يوما لن اكون بينكم بل اكون فى التراب بالله عليكم لاتنسوا العبد الفقير من الدعاء

        تعليق

        يعمل...
        X