Tweet
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم،
أبنائي الكرام الأفاضل.. حيَّاكم الله وبيَّاكم، وجعل الجنة مثوانا ومثواكم
أما بعد..
فها قد رحل عنا شهر رمضان وانقضى مسرعا -كما تعودنا دائما-، وتبقى الذكرى عالقة في أذهاننا؛
نعيش عليها أملًا ورجاءً في الله بأن يتقبل منا صالح أعمالنا، وأن يجعلنا من عتقائه من النار.
وتبقى الذكرى عالقة في أذهاننا وكلنا شوقٌ لبلوغ شهر رمضان أعوام عديدة بحول الله وقوته.
ومع ذكرياتنا بأيام الخير هذه ولياليها، وبعد قرائتنا المكثفة للقرآن الكريم؛
فهل تدبرنا آيته كما ينبغي؟
هل عقدنا العزم والنية على تغيير أنفسنا والتخلق بأخلاق القرآن؟!!
هل أخذنا العهد مع الله أن نمتثل لأوامره ونجتنب نواهيه؟!
هل أخذنا العهد مع الله أن نكون عبادًا صالحين ونتحرى التقوى قدر استطاعتنا؟!
كما قال تعالى:
{ فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } التغابن: 16
قال الإمام السعدي رحمه الله:
_____________
يأمر تعالى بتقواه، التي هي امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ويُقيِّدُ ذلك بالاستطاعة والقدرة.
فهذه الآية، تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد، أنَّه يسقط عنه، وأنه إذا قدر على بعض المأمور، وعجز عن بعضه، فإنه يأتي بما يقدِرُ عليه،
ويسقُطُ عنه ما يَعجَزُ عنه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" إذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعْتُم ". أ.هــ
ومع ذكرياتنا بأيام الخير؛ فلاشك أننا مازلنا نتذكر مداومتنا على قراءة القرآن ليل نهار
فماذا تدبرت من القرآن أيها الشاب المسلم الذكي الفطن؟!
هل ما زلتم تتذكرون أيات القرآن التي سمعتموها من أول جزء إلى آخر الأجزاء؟!
أو بالأحرى؛ هل ما زلتم تتذكرون الآيات التي أثّرت فيكم وهزّت جوارحكم؟!
وبالتحديد؛ هل ما زلتم تتذكرون سماعكم وقرائتكم لسورة يوسف؟!
وهل تقفون عند الجانب الهام للشباب من خلال قصته عليه السلام؟!
هل وقفتم عند كلمته الرنَّانة في قلوب المتقين: ( معاذ الله )؟!!
تلك الكلمة الصادقة التي خرجت من قلب طاهر نقي قبل أن ينطقها لسانه الشريف عليه السلام؛
.
إنَّه نبي الله، يوسف الصدِّيق، قال: ( مـعــــــاذ الله ) عندما واجه تلك الفتنة الشديدة!!
..
إنَّه نبي الله، يوسف الصدِّيق، الذي واجه تلك الفتنة الصعبة وهو شاب قوي ومكتمل الرجولة!!
واجه نبي الله يوسف فتنة امرأة عزيز مصر؛ وهي ذات المنصب والجمال التي لم تتحمل وسامته وجماله،
فدعته وراودته عن نفسها، وسهلت له الأمور، وهيأت له الظروف ليقع في الفاحشة!!
قال معاذ الله وهو في بيتها، في لحظة جموح النفس وطغيان الغريزة على العقل وعلى كل الإدراكات،
والظروف مهيأة، وأسباب الاطمئنان ألَّا يراهما أحد مُيسَّرة.
لكنه عليه السلام لم يغتَّر بأسباب الاطمئنان، وامتلأ قلبه بخشية ربه العزيز الرحمن؛ لأنَّه أيقن وأدرك حقيقة الأمر بكل مشاعر التقوى والإيمان،
أدرك عليه السلام بأن الله يسمع ويرى كائنًا من كان، في كل مكان حوته الأكوان؛ فكانت مراقبته لسيده ومولاه الحافظ والعاصم لكل أهل الإيمان،
ولا عاصم غيره للعباد من الفواحش والرذائل ومن شِراك الشيطان.
قال نبي الله يوسف لامرأة العزيز: ( معاذ الله ) ، قالها بيقين في الله وقلبه مطمئن بأن الله سيحفظه.
وأنت يا عبد الله، و يا كل شاب اكتملت رجولته وزادت قوته؛ ماذا تقول للفتن إذا راودتك؟!!
لااااا تقُل لي: سيدنا يوسف نبي ، وأنا شخص عادي !!
لا..لا تقُل ذلك أبدا
فالأنبياء والمرسلين لنا فيهم الأسوة الحسنة، كما لنا الأسوة الحسنة في سيد الأولين والآخرين، نبينا الهادي محمد صلى الله عليه وسلم
نتعلم منه صلى الله عليه وسلم ونتبعه ونتقتفي أثره ونسير على هديه، ونتعلم أيضًا من أنبياء الله ورسله ونقتدي بهم.
إذن .. فماذا تقول إذا تعرضت للفتن؟!! ، وما أكثر الفتن!! ؛ لكن رب العباد يعصم بفضله من اتقى الشبهات والفتن.
ماذا تقول إذا رأيت متبرجة بملابس ضيقه، مُلفتة ومُفتنة؟!
هل تقول معاذ الله وتغُضَّ بصرك؟!
ماذا تقول إذا هممت أو سمعت أغانى الحب والغرام؟!
هل تقول معاذ الله وتُعرِضَ عنها؟!
أيها الشاب القوي الفتي!!
هل تقول للأفلام الإباحية " معاذ الله " ؟!!
إنها كلمة من ذهب وأغلى من كل الكنوز؛
قالها يوسف بكل حرية العبد المؤمن، وبأعلى درجات الصبر، كلمة نابعة من قلب خاشع لربه مملوء بالخوف والرجاء.
فهلَّا قلتها وداومت على قولها
خشية لله وخوفًا منه سبحانه، وأملًا في رضاه ورجاءً في عفوه ورحمته.
فاعلم أيها الشاب الكريم الفاضل -وفقني الله وإياك- أن سلعة الله غالية، وأن مُجاهدة النفس سبب لحصول الهداية.
كما قال ربنا في كتابه الكريم:
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } العنكبوت: 69
واعلم أن الطاعة يذهب تعبها.. ويبقى أجرها، .كما أن المعصية تذهب لذتها ويبقى وزرها.
فجاهد نفسك وعوِّدها على الطاعات تَعْتَدْ ، وتذكر أن:
النَّفس كالطفلِ ؛ إن تُهمِلهُ شَبَّ على حُبِّ الرَضَاعِ ، وإن تفطِمهُ ينفَطِمِ
قال مجاهد رحمه الله ، في قول الله تعالى:
{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَ*بِّهِ جَنَّتَانِ }
[هو الرجل يخلو بمعصية الله فيذكر مقام الله فيدعها خوفاً من الله].
الفكرة منقولة، وكذا بعض الكلمات منقولة بتصرف شديد، وللفائدة يرجى قراءة هذا الموضوع:
في نصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبر للمؤمنين
تعليق