إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

    المشاركة الأصلية بواسطة عطر الفجر مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرًا
    وجعله الله في ميزان حسناتكم

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


    حزانا واياكم

    وتقبل الله دعائكم

    ودعواتكم بأن ييسر الله جمعه من التفاسير وان يصلح الله نيتى

    تعليق


    • #32
      رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

      المشاركة الأصلية بواسطة الشيخ بن الإسلام مشاهدة المشاركة
      جزاكم الله خيرا

      ادعو لى أن يوفقنى الله لجمعه وأن يصلح نيتى فى هذا الموضوع وأن يرزقنى واياكم تدبر القرآن والعمل به وتبليغه

      اللهم آمين
      محمود خليل الحصري حفص ورش قالون مجود معلم مرتل هنا
      أقرأ القرآن أون لاين
      هنا
      لحفظ القرآن هذا أفضل برنامج محفظ للقرآن أون لاين هنا
      و نرجوا الدخول هنا


      تعليق


      • #33
        رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

        ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ( 28 ) )

        يقول تعالى محتجا على وجوده وقدرته ، وأنه الخالق المتصرف في عباده : ( كيف تكفرون بالله ) أي : كيف تجحدون وجوده أو تعبدون معه غيره ! ( وكنتم أمواتا فأحياكم ) أي : قد كنتم عدما فأخرجكم إلى الوجود ، كما قال تعالى : ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون ) [ الطور : 35 ، 36 ] ، وقال ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ) [ الإنسان : 1 ] والآيات في هذا كثيرة .

        تفسير بن كثير

        --------------

        كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(28)

        سورة البقرة
        كيف في اللغة للسؤال عن الحال. والحق سبحانه وتعالى أوردها في هذه الآية الكريمة ليس بغرض الاستفهام، ولكن لطلب تفسير أمر عجيب ما كان يجب أن يحدث. وبعد كل ما رواه الحق سبحانه وتعالى في آيات سابقة من أدلة دامغة عن خلق السماوات والأرض وخلق الناس .. أدلة لا يستطيع أحد أن ينكرها أو يخطئها .. فكيف بعد هذه الأدلة الواضحة تكفرون بالله؟ .. كفركم لا حجة لكم فيه ولا منطق
        تفسير الشعراوى
        ---------------
        فهذا الاستفهام استفهام توبيخي، واستفهام إنكاري

        جاء بكم إلى الدنيا، ثم أماتكم بعد انتهاء الحياة، ثم يحييكم يوم القيامة لتلقوا نتائج أعمالكم، إذاً أولاً موت العدم، ثم إحياء الدخول في الدنيا، ثم موت الخروج من الدنيا، ثم إحياء يوم القيامة للحساب والعقاب والجزاء.
        أيها الأخوة الكرام، حياة الإنسان بيد الله، الله عزَّ وجل مُتَحَكِّمٌ بإيجاده، متحكمٌ بحياته، الله عزَّ وجل هو الذي منحه نعمة الحياة، أنت كائن حي تتحرك، ترى، تسمع، تتحسس، تأكل، تشرب، تذهب إلى بيتك، هذه الحياة التي تنعُم بها إنما هي من الله عزَّ وجل، هو الذي منحك الحياة.

        ﴿ فَأَحْيَاكُمْ (28) ﴾
        منحك نعمة الإيجاد، ومنحك نعمة الإمداد، ومنحك نعمة الهدى والرشاد، وهذه هي النعم الكبرى.
        ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1) ﴾

        ( سورة الإنسان )
        منحك نعمة الحياة، منحك نعمة الإمداد، منحك نعمة الهُدى والرشاد.
        ﴿ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ (28) ﴾
        أنت بين قَوْسين قوس الحياة وقوس الممات، الله عزَّ وجل هو المتحَكِّم بالحياة، واهب الحياة، الله عزَّ وجل هو المميت، هو الذي ينهي حياة الإنسان، فإذا كانت البداية من خلق الله والنهاية من خلق الله لم لا تكون الحياة لله ؟ " الدنيا ساعة اجعلها طاعة

        موسوعة النابلسى .. وللمزيد :


        موسوعة النابلسى

        ----------

        والى لقاء آخر إن شاء الله

        تعليق


        • #34
          رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

          ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً (29) ﴾

          دقق


          ﴿خلق لكم﴾


          فأنت أحياناً تقيم مأدبة أو وليمة، هناك ضيف شرف هو الأساس، تدعو معه صديقه، جاره، ابنه،
          الأساس هذا الضيف الأول، صُنِع هذا الطعام خصيصاً لهذا الضيف،
          وهو يأكل الطعام يُطرق الباب، يأتي طارق، تقول له: أدخل وكل معنا، هذا دخل وأكل،
          لكن هذا الطعام صنع خصيصاً للضيف الأول وليس للطارق، هذا المعنى المستفاد من كلمة

          ﴿لكم﴾ .


          ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً (29) ﴾


          كم معدن موجود في الأرض ؟
          معادن تصدأ تصبح أملاحاً، معادن لا تصدأ،
          معادن ثمينة تصلح لأن تكون قِيَماً كالذهب والفضة،
          معادن مُشِعَّة، معادن خفيفة،
          الفلذات والمعادن لا يعلم خصائصها ودقائقها وأنواعها وعددها إلا الله، وأشباه المعادن، والمواد العضوية،
          وأنواع النباتات،
          يوجد في البحر مليون نوع من السمك، من حوتٍ يزيد وزنه عن مئة وخمسين طناً إلى سمكة زينة في أحواض السمك لا يزد طولها عن سنتيمتر واحد،
          فسفورية، سوداء، تكون شفافة أحياناً، تُرى أحشاؤها،
          شيء لا يصدق، هناك أسماك للزينة، حيتان كبيرة جداً، مليون نوع من السمك،
          كم نوع من الطيور ؟ كم نوع من النباتات ؟

          أذكر أنني اطلعت على كتاب مؤلف من ثمانية عشر جزءاً، كل صفحة فيها نوع من الأبصال،
          هذا الكتاب كله أبصال فقط غير الورود،
          والكتاب تحت يدي، والورود، والنباتات، وأزهار الزينة،
          شيء لا يصدق، هذه كلها ليست للأكل وإنما لمتعة العين فقط.



          ﴿ خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً (29) ﴾


          أنواع النباتات، والحيوانات، والأطيار، والأسماك، والخضراوات، والفواكه، وأشجار الزينة لا تعَدُّ ولا تحصى.

          موسوعة النابلسى

          ----------------------------------

          والى اللقاء مع رحلة جديدة

          تعليق


          • #35
            رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

            ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) ﴾

            أيها الأخوة الكرام،

            بادئ ذي بدء هناك معرفة حسية تتم عن طريق الحواس، الأشياء المادية تعرفها عن طريق الحواس، وهناك معرفةٌ عقلية تحتاج إلى آثارٍ مادية يستنبط العقل منها حقائق هذه الأشياء، هذه هي المعرفةٌ العقلية، فالشيء إذا ظهرت عينه، وظهرت آثاره سبيل معرفته الحواسُّ الخمس هذا هو اليقين الحسي، أما إذا غابت عينه، ذاته، وبقيت آثاره سبيل معرفته العقل، وهذا هو البصير العقلي، أما إذا كان الشيء مغيَّباً عنا أصلاً، ولا آثار له فالحواسُّ لا يمكن أن تعرفه ؛ لعدم وجود آثار له، ولا يمكن أن يعرفه العقل، لأنه ليس له آثار، هذا هو اليقين الإخباري، هذا التمييز دقيق، الأشياء التي تجسَّدت لها جُرْم، لها وزن، لها شكل، لها لون، لها رائحة، لها مَلْمَس، لها حَيِّز، لها طول، لها عرض، لها ارتفاع، هذه أشياء حسية، سبيل معرفتها الحواسُّ الخمس، أما جدار وراءه دخان، والعقل يقول: لا دخان بلا نار، فالعقل رأى آثار النار وهو الدُخان فحكم بوجود النار من آثار النار فقال: لا دخان بلا نار.
            إذاً وراء هذا الجدار نار، الكهرباء لا تُرى بالعين لكن تألُّق المصابيح، تكبير الصوت، حركة المراوح تبيِّن أن هناك قوة كهربائية موجودة، فهذه المعرفة معرفة عقلية، والمعرفة العقلية لا بدَّ من أن تعتمد على حِسِّيات، على آثار حِسِّية، أما إذا لم تكن هناك آثار حسية فلا توجد معرفة عقلية، لأن العقل يعتمد على الأثر ويحكم منه على المؤثِّر، أي أنه يرى النظام فيكتشف المنظِّم، يرى التسيير فيعرف المسَيِّر، يرى الحكمة فيعرف الحكيم، يرى آثار العلم فيعرف العليم، يرى آثار القُدرة فيعرف القدير، هذا هو العقل.


            المعرفة الإخبارية هي النوع الثالث من أنواع المعارف:


            لو تخيَّلت شيئاً غابت عنا ذاته وغابت عنا آثاره، لا يستطيع العقل أن يعرفه إطلاقاً، نقول: هذه الأشياء التي غابت عنا ذاتاً وآثاراً لا سبيل إلى معرفتها إلا بالخبر الصادق،

            الآن ما الموضوعات التي يمكن أن تكون من المرتبة الثالثة ؟

            الماضي السحيق، قصة خلق الإنسان، قصة خلق العالم، المستقبل البعيد، ماذا بعد الموت ؟ الجنة، النار، الحوض، الصراط كلها خبر صادق، المستقبل، الماضي السحيق خبر صادق، كائنات ليس لها آثار ؛ الجن خبر صادق، الملائكة خبر صادق، هذا هو المنهج الإسلامي، المعرفة حسية أو عقلية أو إخبارية، قصة خلق الإنسان من النوع الثالث، لا تستطيع الحواس أن تعرفها، ولا يستطيع العقل أن يثبتها، الحواس معطلة والعقل معطَّل، ليس عندنا إلا الخبر الصادق، وقيمة هذا الخبر من قيمة قائله، فالصادق خبره صادق.


            ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً (87) ﴾
            ( سورة النساء )


            ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) ﴾


            أنا سأخلق مخلوقات، أعطيها حرية الاختيار، أعطيها عقلاً، أسخِّر لها الكون تسخير تعريفٍ وتكريم، أعطيها شهوات، أعطيها منهجاً:


            ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا (46) ﴾
            ( سورة فصلت: آية " 46 " )


            أنت مسؤول، هذا الدرس مصيري يحدد مصير الإنسان، افعل ما تشاء، الله عزَّ وجل ينبِّهك، يُسمِعُك الحق، يضيِّق عليك لكنك في النهاية مخير، وعملك بسبب اختيارك، وأنت وحدك المسؤول، ولن يُحاسب إنسان عن إنسان:


            ﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ (84) ﴾
            ( سورة الإسراء)


            وقال:


            ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (164) ﴾
            ( سورة الأنعام: آية " 164 " )


            هذه الآية تبين أنك المخلوق الأول، والمكرَّم، والمكلَّف، وأنت خليفة الله في الأرض، خليفته على مستوى أب، خليفته على مستوى معلِّم، خليفته على مستوى طبيب، خليفته على مستوى مهندس، خليفته على مستوى مدير دائرة ، أنت خليفته في الأرض.

            للمزيد :

            موسوعة النابلسى

            تعليق


            • #36
              رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

              ﴿ وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33) ﴾


              أيها الأخوة الكرام، محور هذه الآيات أن آدم عليه السلام وذُرِّيّته مخلوقاتٌ متميِّزة قبلت حمل الأمانة، وحينما قبلت حمل الأمانة فُتِحت لها أبواب المعارف،

              فسيدنا آدم علَّمه الله، وحينما يعلّم الله الإنسان فإن هذا الشيء يصعب تصوره، الله عزَّ وجل علَّم النبي قال تعالى:


              ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ﴾

              ( سورة النجم )



              فضل علم النبي على علم أعلم علماء الأرض كفضل الله على خلقه،

              يتباهى الطالب أحياناً أنَّه تلميذ فلان، علَّمني فلان، علَّمني هذا الأستاذ الكبير، فكلَّما كان قدر المُعَلِّم كبيراً كان افتخار الطالب بمعلِّمه أكثر،

              فإذا كان المعلّم هو الله، فهذا الشيء يكاد لا يُصدَّق، لأن الله يعلّم الإنسان بطريقةٍ تعطيه كل شيء في أقلّ زمن، الطالب الآن يأتي ببعض الأحاديث الشريفة، يضبطها، ويشرحها، ويستنبط منها بعض الأحكام، ويقدِّم هذا البحث رسالة دكتوراه، تُناقش هذه الرسالة ويُعطى لقب دكتور، لماذا ؟ لأنه فهم بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين مقام النبي عليه الصلاة والسلام ؟


              يا أيها الأمي حسبك رتبةٌ في العلم أن دانت لك العلماء


              ****************


              ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا(32)﴾


              لنا هنا وقفة متأنّية،

              أخواننا الكرام كما قال الإمام الشافعي: " كلّما ازددت علماً ازددت علماً بجهلي " ، والإنسان المتعلّم أو طالب العلم الشرعي يجب أن يكون متواضعاً جداً وأن يُجْري على لسانه كلمة لا أدري، لا أدري نصف العلم،
              جاء وفد من المغرب إلى المشرق معهم أسئلة عديدة جداً، فالتقوا الإمام مالك ـ إمام دار الهجرة ـ عرضوا عليه مجموعة أسئلة فأجاب عن ثلثها، وأما الأسئلة الباقية فقال عنها: لا أدري، قالوا: يا الله الإمام مالك إمام دار الهجرة لا يدري ؟! قال لهم: قولوا لأهل المغرب الإمام مالك لا يدري.

              عوّد نفسك أن تقول عن شيء لا تعلمه: واللهِ لا أعلم، إن قلت: لا أعلم فأنت عالم،
              أما هذا الذي يعلم كل شيء فهو لا يعلم شيئاً إنه كذَّاب،
              عَوِّد تلاميذك، عود أخوانك كلمة لا أعلم طبيعية جداً، وأنت في مكانك العلي لا تستحي أن تقول: لا أعلم، لأنك إذا قلت ما لا تعلم فقد اقترفت إثماً مبيناً، وردت المعاصي في كتاب الله بشكل تصاعدي ؛ الفحشاء، والمنكر، والإثم، والعدوان، والشرك، والكفر، وأعلى معصية هي:


              ﴿ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)﴾

              ( سورة البقرة )


              ---------------------



              ﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا (32) ﴾


              كن طبيعياً، سؤال فقهي، والله سأُراجعه، فتوى، دعني أُفكِّر فيها، هل تعلم ما معنى هذه الآية ؟ لا والله لا أعلم، لا أعلم أنت عالم، أما كلَّما سئِلت أجبت إجابة طائشة، فمعنى ذلك أنك لا تعلم، عوّد نفسك أن تقول:


              ﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا (32) ﴾


              ( أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي البلاد شر ؟ فقال: لا أدري، فلما أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا جبريل، أي البلاد شر ؟ قال: لا أدري حتى أسأل ربي تبارك وتعالى، فانطلق جبريل، فمكث ما شاء الله ثم جاء، فقال: يا محمد، إنك سألتني أي البلاد شر، قلت: لا أدري، وإني سألت ربي تبارك وتعالى، فقلت: أي البلاد شر ؟ فقال: أسواقها.)
              [الحارث بن أبي أسامة وأبو يعلى والإمام أحمد عن جبير بن مطعم]


              خيرها مساجدها، ففيها علم، ومعرفة، ووجهة إلى الله عزَّ وجل، وشرُّها أسواقها.

              تطبيقاً لهذا الدرس

              الذي يرفعك عند الله هو العلم، الآية الأولى:


              ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (9) ﴾

              ( سورة الزمر: آية " 9 " )



              هذا استفهام إنكاري، أي لا يستوون،

              فالناس رجلان ؛ يعلم ولا يعلم، وشتَّان بين من يعلم وبين من لا يعلم:



              (( الناس رجلان عالمٌ ومتعلم ولا خير فيما سواهما.))

              [الطبراني وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود]


              يقول سيدنا علي: " الناس ثلاثة ؛ عالمٌ ربَّاني، ومتعلمٌ على سبيل نجاة، وهمجٌ رعاع، أتباع كل ناعق، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركنه الوثيق فاحذر يا كميل أن تكون منهم" ، ويقول سيدنا علي: " العلم خيرٌ من المال، لأن العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق ".


              ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (9) ﴾

              ( سورة الزمر: آية " 9 " )



              2ـ إن كنت طموحاً فاطلب العلم لا تطلب المال ولا الجاه:


              إذا كنت طموحاً فاقرأ هذه الآية:


              ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (114) ﴾

              ( سورة طه )


              لم يقل: زدني مالاً، لم يقل: زدني جاهاً:


              ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (114) ﴾

              ( سورة طه )


              3ـ النقطة الثالثة يتفاوت العلماء في علمهم:


              الشيء الثالث: يتفاوت العلماء في علمهم:


              ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) ﴾
              ( سورة المجادلة )


              4ـ النقطة الرابعة من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة:


              الشيء الرابع:


              (( من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله له طريقا إلى الجنة.))

              [الترمذي عن أبي هريرة]


              حينما يأتي الإنسان من بيته ليتعلَّم كتاب الله، ليفهم تفسير آيات الله، هذا الطريق من بيتك إلى المسجد هو الطريق إلى الجنة،

              وطالب العلم يؤْثِر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً، والجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاً، " والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً "، و" يظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهِل "،

              وحينما تتعلم اقرأ قوله تعالى:


              ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76) ﴾

              ( سورة يوسف )


              حينما تتوسَّع في معرفة اختصاصٍ ما فاقرأ قوله تعالى:


              ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً (85) ﴾

              ( سورة الإسراء: آية " 85 " )


              العالم الحقيقي متواضع لأنه كلَّما ازداد علماً ازداد شعوراً بعظمة الله فتضاءل في نفسه:


              أبيّن من حين لآخر عظمة الله عزَّ وجل من خلال خلقه، أقول:

              طول لسان لهيب الشمس ستمئة ألف كيلو متر إلى مليون، مليون كيلو متر لسان اللهب ؟ ثم اطلعت على بحثٍ في الفلك فإذا هناك شمسٌ تزيد بحجمها عن شمسنا اثنين واثنين بالعشرة بليون مرَّة، ولسان لهبها مئة وخمسون سنة ضوئية:


              ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً (85) ﴾

              ( سورة الإسراء: آية " 85 " )



              اجتمع الناس حول عالم شاب مرة وانتفعوا بعلمه، فجاء رجل ليُصَغِّرَهُ، قال له: يا هذا هَذا الذي تقوله ما سمعناه، فقال له: وهل حصَّلت العلم كلَّه ؟ فأسقط في يده، قال له: لا، قال له: كم حصَّلت منه ؟ قال: بعض العلم، قال: هذا من الشطر الذي لا تعرفه.

              " كلَّما ازددت علماً ازددت علماً بجهلي "،
              العالم الحقيقي متواضع، لأنه كلَّما ازداد علماً ازداد شعوراً بعظمة الله عزَّ وجل، فتضاءل في نفسه.

              أيها الأخوة، هذا درس لنا:


              ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33) ﴾


              الدكتور محمد راتب النابلسى

              تعليق


              • #37
                رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ(35)

                سورة البقرة



                بعد أن خلق الله سبحانه وتعالى آدم وأمر الملائكة أن تسجد له وحدث كفر إبليس ومعصيته أراد الله جل جلاله أن يمارس آدم مهمته على الأرض.

                ولكنه قبل أن يمارس مهمته أدخله الله في تجربة عملية عن المنهج الذي سيتبعه الإنسان في الأرض، وعن الغواية التي سيتعرض لها من إبليس. فالله سبحانه وتعالى رحمة منه لم يشأ أن يبدأ آدم مهمته في الوجود على أساس نظري، لأن هناك فرقا بين الكلام النظري والتجربة.


                قد يقال لك شيء وتوافق عليه من الناحية النظرية ولكن عندما يأتي الفعل فأنك لا تفعل شيئا.

                إذن فالفترة التي عاش فيها آدم في الجنة كانت تطبيقا عمليا لمنهج العبودية، حتى إذا ما خرج إلي مهمته لم يخرج بمبدأ نظري، بل خرج بمنهج عملي تعرض فيه لإفعل ولا تفعل. والحلال والحرام، وإغواء الشيطان والمعصية.

                ثم بعد ذلك يتعلم كيف يتوب ويستغفر ويعود إلي الله. وليعرف بنو آدم أن الله لا يغلق بابه في وجه العاصي، وإنما يفتح له باب التوبة.

                والله سبحانه وتعالى أسكن آدم الجنة. وبعض الناس يقول: أنها جنة الخلد التي سيدخل فيها المؤمنون في الآخرة. وبعضهم قال: لولا أن آدم عصى لكنا نعيش في الجنة. نقول لهم لا .. جنة الآخرة هي للآخرة ولا يعيش فيها إنسان فترة من الوقت ثم بعد ذلك يطرد منها بل هي كما أخبرنا الله تعالى جنة الخلد .. كل من دخلها عاش في نعيم أبدي.


                إذن فما هي الجنة التي عاش فيها آدم وحواء؟ هذه الجنة هي جنة التجربة أو المكان الذي تمت فيه تجربة تطبيق المنهج.


                ونحن إذا قرأنا القرآن الكريم نجد أن الحق سبحانه وتعالى قد أطلق لفظ الجنة على جنات الأرض. والجنة تأتي من لفظ "جن" وهو الستر، ذلك أن فيها أشجارا كثيفة تستر من يعيش فيها فلا يراه أحد. وفيها ثمرات تعطيه استمرار الحياة فلا يحتاج إلي أن يخرج منها.


                تفسير الشعراوى
                --------


                أدلة من القرآن الكريم تُظهر أن (الجنة) في الآية التالية ليست جنة الآخرة:


                هناك الآن تجربة عملية:


                ﴿ وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (35) ﴾


                الأرجح، والأقوى، والأكثر رجحاً أن هذه الجنة ليست جنة الآخرة، لأن جنة الآخرة:


                ﴿ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48) ﴾

                ( سورة الحجر )


                في آياتٍ كثيرة سَمَّى الله البساتين جنة:


                ﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ (17)﴾

                ( سورة القلم: آية " 17 " )



                وقال:


                ﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ (35) ﴾
                ( سورة الكهف: آية " 35 " )



                آيات ثلاثة في القرآن وصفت جنات الأرض بالجنة، فالله هَيَّأ له مكاناً فيه كل حاجاته، فيه كل متطلباته.


                ﴿ وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (35) ﴾


                كل حاجاته فيها ؛ الطعام، والشراب، والمأوى، كل شيء يتمنَّاه أمامه،
                هناك إشارات، هو الآن في الجنة في طور التكليف،

                ما هو التكليف ؟

                قال:


                ﴿ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا (35) ﴾


                مسموح أن يأكل مليار نوع.


                من لوازم التكليف الأمر والنهي:


                قال تعالى:


                ﴿ وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ (35) ﴾


                لا يوجد تكليف من دون نهي، لم يعد تكليفاً، أي قرار لا يوجد فيه منع لم يعد هذا قراراً، قانون السير: ممنوع أن تقف في المكان الفلاني، ممنوع أن تقود مركبة من دون شهادة، لولا المنع لما كان تكليف، ولما كان هناك أمر، ولم يعد للأمر أي معنى، فمن لوازم التكليف الأمر والنهي، لكن من رحمة الله:


                ﴿ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا (35) ﴾


                عُدَّ لي كم شراباً يمكنك شربه ؟

                يمكن أن يبلغوا ألفاً،

                كم فاكهة تستطيع أن تأكلها؟

                كم طعاماً مسموح لك أن تأكل ؟

                الخمر والخنزير محرمان فقط،

                المباح والحلال يفوق المنهي عنه بآلاف،
                بل بمئات ألوف المرات:


                ﴿ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ (35) ﴾


                من لوازم العبودية لله، من لوازم التكليف، من لوازم حَمْل الأمانة أن يكون هناك أمرٌ، وهناك نهيٌ،

                ولكن رحمة الله تقتضي أن الأشياء المباحة لا تعدُّ ولا تُحصى،

                وأن يكون الشيء المحرم قليلاً جداً.


                ﴿ وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) ﴾


                من لوازم العبودية وجود أمر ونهي لديك، وأنت مخير،

                موسوعة النابلسى

                -------------------------------------------

                والى اللقاء فى رحلة جديدة مع القرآن

                تعليق


                • #38
                  رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                  قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ(38)
                  سورة البقرة


                  الهدى هنا في الآية الكريمة .. بمعنى الدلالة على طريق الخير.


                  ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى: "فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون".


                  ما هو الخوف وما هو الحزن؟

                  الخوف أن تتوقع شرا مقبلا لا قدرة لك على دفعه فتخاف منه ..


                  والحزن أن يفوتك شيء تحبه وتتمناه.


                  والحق سبحانه وتعالى يقول في هذه الآية: من مشى في طريق الإيمان الذي دللته عليه. وأنزلته في منهجي. فلا خوف عليهم. أي أنه لا خير سيفوتهم فيحزنوا عليه. لأن كل الخير في منهج الله. فالذي يتبع المنهج لا يخاف حدوث شيء أبدا.


                  وهذه تعطينا قضية مهمة في المجتمع. الذي لم يرتكب أية مخالفة .. هل يناله خوف؟ أبدا .. ولكن من يرتكب مخالفة تجده دائما خائفا خشية أن ينكشف أمره ويفاجأ بشر لا قدرة له على دفعه.

                  إن الإنسان المستقيم لا يعيش الخوف. لأن الخوف أمران.


                  إما ذنب أنا سبب فيه. والسائر على الطريق المستقيم لم يفعل شيئا يخاف انكشافه.

                  وإما أمر لا دخل لي فيه. يجريه على خالقي. وهذا لابد أن يكون لحكمة. قد أدركها. وقد لا أدركها ولكني أتقبلها.


                  فالذي يتبع هدى الله. لا يخاف ولا يحزن. لأنه لم يذنب. ولم يخرق قانونا. ولم يغش بشرا. أو يخفي جريمة. فلا يخاف شيئا، ولو قابله حدث مفاجئ، فقلبه مطمئن.

                  والذين يتبعون الله. لا يخافون. ولا يخاف عليهم ..


                  وقوله تعالى: "ولا هم يحزنون" لأن الذي يعيش طائعا لمنهج الله .. ليس هناك شيء يجعله يحزن.


                  ذلك أن إرادته في هذه الحالة تخضع لإرادة خالقه.


                  فكل ما يحدث له من الله هو خير.

                  حتى ولو كان يبدو على السطح غير ذلك.

                  ملكاته منسجمة وهو في سلام مع الكون ومع نفسه.

                  والكون لا يسمع منه إلا التسبيح والطاعة الصلاة وكلها رحمة. فهو في سلام مع نفسه. وفي سلام مع ربه. وفي سلام مع المجتمع.




                  إن المجتمع دائما يسعد بالإنسان المؤمن الذي لا يفسد في الأرض. بل يفعل كل خير.

                  فالمؤمن نفحة جمال تشع في الكون. ونعم حسن ورضا مع كل الناس

                  ومادام الإنسان كذلك. فلن يفقد ما يسره أبدا.


                  فإن أصابته أحداث .. أجراها الله عليه .. لا يقابلها إلا بالشكر.


                  وإن كان لا يعرف حكمتها ..


                  وإياك أن تعترض على الله في حكم.

                  ولذلك يقول: أحمدك ربي على كل قضائك وجميع قدرك. حمد الرضا بحكمك واليقين بحكمتك ..


                  والإنسان ينفعل للأحداث. ولكن هناك فرق بين الانفعال للأحداث وحدها وبين الانفعال للأحداث مع حكمة مجريها.

                  ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الدقة حينما قال: ("إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) رواه البخارى ومسلم وابن ماجه واحمد وهذا لفظ البخارى

                  انظر إلي الإيمان وهو يستقبل الأحداث ..

                  العين تدمع. ولا يكون القلب قاسيا مثل الحجر، لكن فيه حنان. والقلب يخشع لله. مقدرا حكمته وإرادته ..


                  والله سبحانه وتعالى لا يريدنا أن نستقبل الأحداث بالحزن وحده. ولكن بالحزن مع الإيمان.

                  فالله لا يمنعك أن تحزن.

                  ولكن عليك ألا تفصل الحدث عن مجريه وحكمته فيه ..


                  ولذلك حين تذهب إلي طبيب العظام .. فيكسر لك عظامك لكي يصلحها. هل يفعل لك خيرا أو شرا؟ طبعا يفعل لك خيرا. وإن كان ذلك يؤلمك.
                  ------------

                  تفسير الشعراوى


                  ---------------


                  والى اللقاء مع رحلة جديدة مع القرآن

                  تعليق


                  • #39
                    رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                    ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) ﴾

                    أيها الأخوة الكرام، بادئَ ذي بدء،
                    ما الحكمة أن تَرِد قصَّة بني إسرائيل في القرآن الكريم مرَّاتٍ عديدة، مع أن القرآن للمسلمين ؟

                    هناك من تَلَمَّسَ الحكمة في ذلك فقال: "

                    الخطاب المُباشر أقلُّ تأثيراً من الخطاب غير المباشر "،

                    فأنت إذا أردت أن تنصح إنساناً، وأن تُلْقِي عليه بعض الحقائق ربما دافع عن نفسه، أو ربما رأى ذلك انتقاصاً من قدره، فهناك خطوط دفاعٍ عند كل إنسان تمنع أن تدخل إلى أعماقه،

                    أما إذا كان المُخَاطَبُ ليس معنياً في الموضوع، إنما المعنيٌّ جهةٌ ثالثة، فهذه الطريقة في الخطاب أكثر فاعليَّةً، وأكثر تأثيراً.

                    لو أن ابنك مثلاً مبتلى بشيءٍ لا يُرْضي الله، ربما لا يستجيب إذا ألقيت عليه نصائح ومواعظ وخطابات،
                    أما إذا حدّثته عن شابٍ وقع في شيءٍ مشابهٍ لما وقع فيه الابن ودفع الثمن باهظاً فلعلَّ تأثير هذا الكلام يكون أكبر،

                    لذلك دائماً وأبداً الطريقة المباشرة أقلُّ فاعليَّةً من الطريقة غير المباشرة، فمن الأمراض التي يمكن أن نقع بها، والنفاق الذي يمكن أن نقع فيه، والتقصير الذي يمكن أن نقع فيه، هذا كلُّه عُولِجَ في قصص بني إسرائيل،
                    فصار الحديث عن بني إسرائيل حديثاً غير مباشر عن قضايانا،

                    هذه بعض الحكم التي تلمَّسها بعض العلماء من كثرة إيراد قصَّة بني إسرائيل في القرآن الكريم لأن الأمراض التي يمكن أن نقع فيها وقعوا فيها، نقاط الضعف التي يمكن أن نعانيها وقعوا فيها، فمعالجتها معالجةٌ لنا.

                    موسوعة النابلسى

                    تعليق


                    • #40
                      رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                      ما شاء الله
                      جزاك الله خيراً أخي الكريم

                      تعليق


                      • #41
                        رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                        قصص بني إسرائيل فيها أسلوبٌ تربويٌّ فعَّالٌ لنا:

                        مثلاً قال تعالى:


                        ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾
                        ( سورة المائدة: آية " 66 " )


                        قياساً على ذلك لو أننا أقمنا القرآن الكريم لأكلنا من فوقنا ومن تحتنا، ولجاءت الخيرات كثيرةً:


                        ﴿ وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً(16)لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾
                        ( سورة الجن)


                        وقال:


                        ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾
                        ( سورة الأعراف: آية " 96 " )


                        أول نقطة في هذا الموضوع

                        أن قصص بني إسرائيل فيها أسلوبٌ تربويٌّ فعَّالٌ لنا لأن القرآن الكريم لا يخاطب المسلمين بشكلٍ مباشر بل يحدِّثهم عن أممٍ انحرفت فدفعت ثمن انحرافها باهظاً،

                        يكون عند الواحد منا تقصير من جهة، فإذا رأى إنساناً قصَّر التقصير نفسه ودفع الثمن باهظاً يبادر إلى تلافي الأمر.

                        تعليق


                        • #42
                          رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                          أصل تسمية بني إسرائيل بهذا الاسم:


                          الشيء الآخر: إذا أراد الله جلَّ جلاله أن يخاطب الناس جميعاً قال:


                          ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾
                          ( سورة الأعراف: آية " 31 " )


                          الخطاب هنا لبني إسرائيل،

                          من هو إسرائيل ؟

                          هو سيدنا يعقوب عليه السلام،

                          وما معنى هذا الاسم ؟

                          قال بعض العلماء: " في العبرية (إسِرا) تعني عبد و(إيل) تعني إله، هو عبد الله، أو صفي الله،

                          هذا أصل التسمية في اللغة العبرية، فربنا عزَّ وجل يقول:


                          ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (40) ﴾


                          أي أنتم انحدرتم من إسرائيل وهو صفي الله عزَّ وجل،

                          فَلِمَ أنتم كذلك ؟

                          تماماً كما لو تثير نخوةَ شاب، أنت ابن فلان، وأبوك إنسانٌ كبير، وإنسانٌ عالِم، وإنسانٌ كريم، وإنسانٌ محترم فَلِمَ أنت تفعل ذلك ؟

                          هذه هي العلَّة في قوله تعالى:


                          ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (40) ﴾


                          أي أنتم من نسل يعقوب، ويعقوب من نسل إبراهيم، وإبراهيم هو أبو الأنبياء عليهم السلام، إذاً :


                          ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (40) ﴾


                          يوجد شيءٌ ثالث: إذا كان الأنبياء الذين جاؤوا إلى بني إسرائيل كُثراً فهذا لا يعني أنَّهم أمةٌ مختارة،

                          أي إذا كان الأساتذة الذين يعلِّمون طالباً كثيرين جداً فهذا دليل على كسله، وليس معنى ذلك أنه متفوِّق،

                          أكثر الشعوب معصيةً وتمرُّداً على الله عزَّ وجل هم بنو إسرائيل.

                          موسوعة النابلسى

                          تعليق


                          • #43
                            رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                            ﴿( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (40) )﴾


                            الآن الخطاب يعنينا:


                            (﴿ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) ﴾)


                            هناك أيها الأخوة نعمةٌ وهناك مُنْعِم، الكافر مع النعمة، أما المؤمن مع المُنعم،

                            وما لم تنتقل من النعمة إلى المنعم فلست مؤمناً،

                            الكفَّار في كل مكان يستمتعون بنعم الله أَيَّما استمتاع، بل إن الكفَّار أكثر من المؤمنين استمتاعاً بالنعم لأنها نصيبهم الوحيد من الله عزَّ وجل، بلادهم جميلة، وأموالهم طائلة، وقوَّتهم مسيطرة ومع ذلك هم غارقون في المعاصي والآثام:



                            ( لو كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ)



                            [ الترمذي عن سهل بن سعد ]



                            الفرق بين أن تكون عبداً للنعمة وبين أن تكون عبداً للمنعم:

                            في الفاتحة


                            ﴿ الْحَمْدُ﴾


                            لا خلاف على النعم التي بين أيدينا ولكن من هو المنعم ؟


                            ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(2) ﴾


                            (سورة الفاتحة)


                            هم يرون الحمد لهم فهم الذين اكتشفوا هذه الثروات،
                            الذين صنَّعوها واستغلُّوها، وهم يرون أنفسهم آلهة الأرض،

                            ولكن المؤمن يرى الله عزَّ وجل،

                            إذاً الخلاف بين أن تكون عبداً للنعمة، وبين أن تكون عبداً للمنعم،
                            بين أن تشكر ما آتاك الله من قدراتٍ على استغلال النِعَمْ، وبين أن تشكر الله عزَّ وجل الذي منحك هذه النعم،

                            الذي يمدحك يمدح الذي منحك ولا يمدحك أنت:


                            (﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ (40) )﴾


                            قال بعض المفسِّرين، وهي لفتةٌ طريفة: " حينما خاطب الله عزَّ وجل المؤمنين قال:


                            (﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ﴾)


                            ( سورة الأحزاب: )


                            أما حينما خاطب بني إسرائيل قال :


                            ﴿( اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ (40) )﴾


                            لأنهم ماديُّون فمفتاحُهُم النعمة ".


                            المؤمن بالذَّات يحب الله على كماله


                            نرجو من الله عزَّ وجل أن نكون نحن أرقى منهم، ونكون مع المُنْعِمْ:


                            (﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ﴾)


                            أما هم :
                            ﴿ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) ﴾


                            قد يُحبّ الإنسان الله على نعمه،

                            ولكن المؤمن بالذَّات يحب الله على كماله، فلو أعطاه أو منعه حبُّه هوَ



                            والله وإن فتَّتوا في حبهم كبدي باقٍ على حبهم راضٍ بما فعلوا


                            ***


                            أساساً لا يُمْتَحَنُ المؤمن إلا في الشدَّة،

                            قد يُنعم الله عليه في الدنيا فإذا ربط محبَّته لله بهذه النِعَم فهو عبد النِعْمَة،

                            أما إذا كانت محبَّته لله خالصةً ولا علاقة لها بالنعم فهذه مرتبةٌ أعلى


                            موسوعة النابلسى

                            تعليق


                            • #44
                              رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                              أيها الأخوة، استنباطاً من هذه الآية الكريمة :


                              ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) ﴾


                              قال تعالى:


                              ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا (40) ﴾

                              (سورة إبراهيم: آية " 34 " )


                              توجد في الآية لفتة لطيفة:

                              هل يمكن أن أعطيك ليرةً واحدة وأقول لك: عدَّها ؟ الواحد لا يُعَد، أما لو أعطيتك مجموعة من الليرات فيمكن أن أقول لك: عُدَّها، أما ليرة واحدة وأقول لك: عُدَّها، إنها لا تُعَدْ،

                              فهذا معنى قوله تعالى :

                              ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا (40) ﴾

                              (سورة إبراهيم: آية "34 " )


                              قال العلماء: " بركات النعمة الواحدة لا تُعَدُّ ولا تحصى "، نعمة البصر، ونعمة السمع، ونعمة الحركة، ونعمة النوم وغير ذلك من النعم.

                              أخٌ كريم شفاه الله عزَّ وجل، كان مصاباً بمرض عدم النوم، والله الذي لا إله إلا هو أنا أتصوَّر لو طالبته بمئة ألف ليرة يملكها لدفعها لك مقابل أن ينام ليلةً واحدة، نعمـة النوم، نعمة الصحَّة،

                              كان عليه الصلاة والسلام إذا استيقظ يقول:

                              ((الحمد لله الذي عافاني في جسدي و رد على روحي و أذن لي بذكره))


                              [السيوطي عن أبي هريرة]


                              إن أردت أن تعد النعم فلن تحصى، بل إنك إن أردت أن تعد بركات نعمةٍ واحدة لن تحصيها.

                              ----------

                              موسوعة النابلسى

                              تعليق


                              • #45
                                رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                                بعض من نعم الله الدالة على عظمته :

                                نعمة الأمن :


                                ﴿ أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ(4) ﴾
                                (سورة قريش)


                                أحد أسباب الأمن ثبات خصائص المواد، أنت عمَّرت بيتاً الإسمنت يبقى إسمنتاً، والحديد يبقى حديداً، لو أن خصائص المواد تتبدَّل إنك لا تنام الليل، لعلَّ هذا الحديد أصبح ماءً فانهار البيت، ثبات خصائص الأشياء هذه من نعم الله العُظمَى،

                                استقرار الأرض :


                                ﴿ أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً ﴾

                                ( سورة النمل: آية " 61 " )


                                لو أنها تهتزُّ دائماً، أرقى طائرة تهتز في أثناء طيرانها، لا توجد أرض، ولا يوجد احتكاك ومع ذلك تهتز دائماً، لو أن الأرض تهتز قليلاً لما رأيت بناءً قائماً على وجه الأرض،

                                نعمة قرار الأرض،
                                ونعمة الجاذبيَّة


                                ﴿ أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً ﴾



                                من جعل هذه الأشياء مرتبطة بالأرض ؟ رائد الفضاء في منطقة انعدام الجاذبيَّة يفقد الوزن، يستيقظ فإذا هو في سقف المَرْكَبَة، ليس له وزن، يُمسك الحاجة بيده فإذا هي تتفلَّت منه، أصبحت في السقف، أما نحن فنضع هذا الكأس على الطاولة ويبقى على الطاولة لأن له وزناً، نعمة الجاذبيَّة قد لا ننتبه إليها، ونعمة الاستقرار قد لا ننتبه إليها، ونعمة ثبات خصائص الأشياء لا ننتبه إليها، هناك في الجسم نِعَمٌ لا تعدُّ ولا تُحصى،

                                إذا حمل الإنسان ابنه يجد فيه صنعة متقنة، الأربطة التي تربط اليد بالجسم تتحمَّل وزن الطفل، وتتحمَّل ضعف وزنه،
                                لو كان الأب غاضباً وأمسك ابنه بعُنف وحمله، لو كانت الأربطة متناسبة مع وزن الجسم فقط لَخُلِعَت يده، لكن هناك دقَّة بالغة.

                                نعمة أن هذا الشَعر بلا أعصاب حس،

                                لو كان في كل شعرة عصب حسّي، يوجد في كل شعر عصب ولكنه عصب محرِّك،
                                لكل شعرةٌ وريدٌ، وشريانٌ، وعضلةٌ، وعصبٌ، وغدَّةٌ دهنيَّةٌ، وغدَّةٌ صبغيَّة، ولكن العصب محرّك وليس عصباً حسيَّاً،

                                لو كان هناك عصب حسي لاحتجت إلى عمليةٍ جراحيَّةٍ عند كل حلاقة، عملية تخدير لأن الآلام لا تُحْتَمَل.


                                جسم الإنسان بما فيه من نعم الله الدالة على عظمته:


                                نعمة المثانة نعمة كبيرة جداً،

                                لولا أن فيها عضلات لما كان هناك طريقة أخرى لإفراغ البول إلا بأنبوب من أجل الضغط، أنبوب تنفيس،
                                نعمة الإفراغ السريع بالعضلات، نعمة وجود المثانة، لو أنه لا توجد مثانة، أي من الكليتين إلى الخروج مباشرةً لكان هناك في كل عشرين ثانية نقطة بول، من كل كلية نقطة، فصارت نقطتين، فما هو الحل ؟

                                نعمة الهضم،

                                الإنسان يأكل، ويتولَّى الله عنه عمليَّة الهضم، وهي عمليَّة معقَّدة تتم في ثلاث ساعات،

                                لو أن الله عزَّ وجل أوكل الهضم إلينا، يأكل، ومعه أربع ساعات هضم، والله مشغول، لأنني أهضم الطعام،

                                أما كلْ وكلُّ شيء على الله، البنكرياس، والمرارة، وحركة الأمعاء، وامتصاص الطعام، وانتقال الطعام إلى مواد سكَّريَّة تخزَّن في الكبد وفي العضلات، وتحويل الطعام إلى مواد مختلفة وإلى مواد شحميَّة تُخَزَّن في مكانٍ آخر،

                                هذا كلَّه يتولاه الله عنك.

                                نعمة أن التنفّس يتمُّ آلياً في الليل،

                                لولا هذه النعمة لما أمكنك أن تنام،
                                لو كان التنفس إرادياً، لو أن الله عزَّ وجل جعل التنفس إراديَّاً ينام فيموت،
                                هناك مركز في البصلة السيسائية اسمه مركز التنبيه الآلي للرئتين، لو تعطَّل لأصبحت حياة الإنسان جحيماً، بمجرَّد أن ينام يموت،

                                اخترع قبل سنوات عدَّة دواء غالٍ جداً يجب أن تأخذه كل ساعةٍ في الليل من أجل أن تبقى حيَّاً، الساعة التاسعة حبَّة، العاشرة، الحادية عشر، الثانية عشر، الواحدة، الثانية، الثالثة، الرابعة، الخامسة وهكذا،

                                تصوَّر نفسك أنك مكلَّف أن تستيقظ كل ساعة لتأخذ الحبَّة وتنام، ما الذي يحدث ؟
                                هناك شخص أعرفه أُصيب بهذا المرض أصبحت حياته جحيماً لا يُطاق، كان يضع أربع منبِّهات لكي يستيقظ ويأخذ الحبَّة، له ابن مسافر عاد من سفره فسهر معه سهرة طويلة، الأربع منبِّهات نبِّهت ولم يستيقظ فوجدوه ميتاً في الصباح،

                                فنعمة أن التنفُّس عمليّةٌ آليَّة هذه نعمةٌ لا تُقَدَّر بثمن.

                                نعمة أن الدماغ ضمن صندوق،

                                والصندوق له مفاصل متحرِّكة،

                                يمكن أن يسمع الواحد صوت رأس ابنه يرتطم على الأرض مرات عديدة جداً،
                                تسمع صوتاً قوياً، لماذا لم ينكسر رأسه ؟
                                لأن الجمجمة فيها مفاصل متحركة، فهذه الضربة الشديدة تمتصُّها الفراغات بين المفاصل،

                                ثم إن الدماغ محاط بسائل، هذا السائل يوزِّع، فأي ضربة على الرأس تتوزع على كل الدماغ فتغدو بسيطة جداً،

                                فالدماغ في الجمجمة،

                                والنخاع الشوكي في العمود الفقري،

                                والعينان بالمحجرين،

                                والرحِم بالحوض،

                                وأخطر معمل في الإنسان معامل كريات الدم الحمراء في نقي العظام،

                                الأجهزة النبيلة الخطيرة جداً ضمن صناديق،

                                ضمن حصون،

                                هذه من نعم الله الكُبرى،

                                لو كانت عين الإنسان على جبينه، كم إنسان يسلم له بصره ؟!

                                لا تجد سوى عشرة بالمئة فقط،

                                لأنه أي وقوع على الأرض لفقئت عينه وانتهت،

                                لو فكر الإنسان بجسمه،

                                لو أنه لا يوجد مفصل في يده كيف يأكل ؟

                                مثل الهرَّة ينبطح، ويلحس الطعام بلسانه، لا توجد طريقة ثانية،

                                لو أنه لا يوجد مفصل فإن اليد لا تصل إلى الفم،

                                ولكن بهذا المفصل صار شيئاً آخر.


                                الأرض وما فيها من بحار ونباتات وصحارى من آيات الله الدالة على عظمته :

                                قال تعالى:

                                ﴿ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) ﴾


                                دورة الأرض وحجم الأرض جعل وزنك ستين كيلو غراماً،

                                لو كان حجمها أقل لكان وزنك خمسة كيلو غرامات،

                                وزن الإنسان على القمر ستة كيلو غرامات،
                                الحياة لا تُطاق،

                                حجم الأرض جعل لك وزناً مناسباً،

                                الآن سرعة الأرض حول نفسها جعلت لك نهاراً مناسباً،

                                اثنتي عشرة ساعة، ثماني ساعات للعمل، وساعة للأكل، وساعتين أو ثلاثاً مع أهلك صار وقت النوم،

                                لو كان النهار مئة ساعة، هذا يعمل، وهذا نائم، لا أحداً يرتاح، أما النوم فموحَّد، والنهار موحَّد .

                                لولا أن محور الأرض مائل لما وجدت فصولاً أربعة أبداً،
                                إمّا صيف أبدي، أو شتاء أبدي، ربيع أبدي، خريف أبدي،

                                مع ميل المحور صار هناك تبدُّل فصول،

                                لو أن الأرض تدور على محور موازٍ لمستوى دورانها حول الشمس لكانت درجة الحرارة هنا ثلاثمئة وخمسين فوق الصفر، وفي الطرف الآخر مئتين وسبعين تحت الصفر، ولانتهت الحياة، كم نعمة نحن محاطون بها ؟

                                الآن النباتات لو أنه لا توجد بذور، وجدنا مثلاً مليار طن من القمح، وبعد أن انتهت هذه الكمية فإننا نموت من الجوع،
                                ولكن الله عزَّ وجل خلق لك نظام البذور، يوجد مع كل إنتاج نباتي وسائل استمراره بالبذور، نظام النبات وحده من الأنظمة الصارخة في الإشارة إلى عظمة الله عزَّ وجل.

                                لو كانت البحار بقدر اليابسة لما وجدنا أمطاراً،
                                اسكب كأس الماء هذا على أرض الغرفة تجده قد جف بعد ساعتين،
                                أما لو أبقيته في الكأس فلا يتبخَّر ولا بسنتين، إنه ينقص سانتي واحد فقط،
                                فكلَّما كان السطح ضيقاً يكون التبخُّر قليلاً،
                                وجعل الله أربع أخماس الأرض مسطَّحات مائيَّة من أجل أن يكون التبخُّر كافياً لأمطار اليابسة .

                                لو لم تكن هناك صحارى، ولم تكن هناك مناطق حارَّة لم يعد هناك رياح،
                                هواء المنطقة الحارَّة مخلخل، هواء المنطقة الباردة مضغوط كثيف، ينشأ من تباين الضغطين حركة رياح، حركة الرياح تسوق السحاب،

                                هذه رؤوس موضوعات.


                                بعضٌ من نعم الله علينا:


                                قال تعالى:
                                ﴿ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) ﴾


                                لك طفل، وهذا الطفل صفاته صفات محبَّبة،
                                لو كانت صفات الطفل صفات غير محبَّبة من يربي ابنه ؟

                                الطفل بريء ذاتي لا يحقد أبداً، سريع الرضا، لو كان بطيء الرضا لاستحالت تربيته،
                                تكلم الكبير مثلاً كلمة يخاصمك سنتين، إذا غلطت معه غلطة يخاصمك سنتين، لو كل واحد ربَّى ابنه فخاصمه سنتين فلن تستمر الحياة أساساً،
                                لكن الله صمَّم الطفل بريئاً، فهذه نعمة الطفل، هناك أشياء دقيقة جداً في الحياة.

                                المواد ؛ جعل الله لك معادن وأشباه معادن،

                                معادن ثمينة جداً ومعادن رخيصة،
                                معادن قاسية ومعادن خفيفة،
                                معادن تنصهر بسهولة،
                                الرصاص ينصهر بالدرجة مئة،
                                أما الحديد فبالألف وخمسمئة،

                                لو كان الحديد ينصهر بالمئة درجة لانتهى، ولانتهت كل فوائده،

                                تحاول أن تطبخ بوعاء من حديد ينصهر مع الطعام، انتهى،

                                أما الحديد فيصمد للألف وخمسمئة درجة، فالطعام ينضج داخل الوعاء،

                                توجد أشياء دقيقة جداً،

                                يتبخر الماء عند أربع عشرة درجة ،
                                لو تبخَّر بدرجة مئة انتهى، لانتهت وظيفة الماء،

                                الماء لا ينضغط، الماء يتمدَّد،
                                لولا تمدُّد الماء مع التبريد فلا توجد حياة على وجه الأرض .

                                ماذا أقول لكم ؟!!


                                ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ (40) ﴾


                                نعمة الذكر والأنثى:


                                ﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى(45)مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى(46) ﴾


                                ( سورة النجم )


                                يوجد في مبيض المرأة عدد من البويضات ينتهي في سن اليأس، في الخامسة والأربعين، ثمانية وأربعين، اثنين وأربعين،

                                لو كانت كالرجل مهيأة للولادة بشكل دائم، تصور واحدة تلد وهي في التسعين، شيء لا يُحتمل،
                                فالبويضات تنتهي لدى المرأة في سن معيَّن،
                                أما الرجل فيبقى قادراً على الإنجاب في التسعين،

                                هناك تصميم إلهي رائع،

                                الرجل قد يفقد شَعْرَه كلَّه لكن المرأة لا تفقد شعرها كله

                                وهذه نعمةٌ كُبرى من نِعَمْ الله عليها.
                                -------------
                                موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية

                                -------------------------------------

                                سبحان الله الخالق البارىء المصور


                                (( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) ﴾. (سورة الفرقان).


                                (( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )) 49 سورة القمر


                                (( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) )) السجدة

                                ----------------------

                                سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم

                                -------

                                والى لقاء آخر إن شاء الله

                                تعليق

                                يعمل...
                                X