إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن




    الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

    مع مُدلهمَّات النوازِل النازلة، والمِحن التي تعصِف بالأمة، وتشتُّت الآراء، والنَّزيف الدمويّ الذي يُراق، يتساءَلُ الجميع: ما المخرَج، وما السبيلُ لإطفاء نار الفتن المُتأجِّجة، ووأد الشحناء المُتصاعِدة، والسَّير بمُكتسَبات الأمة إلى بَرِّ الأمان.
    قال الله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ[آل عمران: 103].الاعتصامُ بالكتاب والسنَّة أعظمُ فرائض الإسلام، وأجلُّ أركانه، وبهما تتحقَّقُ للأمة العصمةُ والنجاة، كما يستمسِكُ الغريقُ إذا وجدَ ذلك الحبلَ وهو يخشَى الغرق.

    الإسلامُ وحده هو الذي يجمعُ القلوبَ المُتنافِرة، ويُطفِئُ الشرارة المُلتهِبَة، ويُزيلُ شحناءَ النفوس، قال الله تعالى:
    وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ[الأنفال: 63].
    الاعتصامُ بحبل الله المتين أمانٌ من الزيغ والضلال، ويجمعُ الأمةَ تحت لواء “لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله”، يُقوِّي اللُّحْمة، ويقتلُ الأطماع، ويُسقطُ الرايات الزائِفة، وبه نُواجِهُ مكرَ وكيدَ الأعداء.
    عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يرضَى لكم ثلاثًا ويكرهُ لكم ثلاثًا، يرضَى لكم: أن تعبدوه ولا تُشرِكوا به شيئًا، وأن تعتصِموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا، وأن تُناصِحوا من ولاَّه الله أمرَكم. ويكرهُ لكم: قيل وقال، وكثرةَ السؤال، وإضاعةَ المال»؛ أخرجه مسلم.قال الله تعالى: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ [آل عمران: 103].

    ظلَّت الحربُ مُستعِرةً بين الأوس والخزرَج مائةً وعشرين عامًا، وأصلُ القبيلتين واحد، ولما جاء الإسلامُ هذَّب النفوس، وأزالَ لوثات الجاهلية ونعرَاتها، وأصبحَ الجميعُ بنعمة الإسلام إخوانًا.
    ولما خطبَ النبي – صلى الله عليه وسلم – في الأنصار بشأن غنائم حُنين، قال لهم: «يا معشر الأنصار! ألم أجِدكم ضُلاَّلاً فهداكم الله بي؟ وعالةً فأغناكم الله بي؟ ومُتفرِّقين فجمعَكم الله بي؟».
    كلما قال شيئًا قالوا: الله ورسولُه أمنُّ.
    ولهذا قال الله تعالى:
    وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ .
    قال ابن عباس – رضي الله عنهما -: “إن الرَّحِم لتُقطَع، وإن النعمةَ لتُكفَر، وإن الله إذا قاربَ بين القلوب لم يُزحزِحها شيءٌ أبدًا”، ثم قرأ: لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ [الأنفال: 63].
    قال رجلٌ لابن مسعود – رضي الله عنه -: كيف أصبَحتم؟ قال: “أصبَحنا بنعمة الله إخوانًا”.
    ولما لا يكونوا إخوانًا وربُّهم واحد، ونبيُّهم واحد، وقبلتُهم واحدة؟!

    وتأكيدًا لهذه القاعدة الكُبرى هيَّأ الشرعُ الأسبابَ التي تُقوِّي بُنيانَ الائتلاف، وتشُدُّ عضُدَ الاجتماع؛ فصلاةُ الجماعة يتحقَّقُ فيها الاجتماعُ خمسَ مرَّاتٍ، والتراصُّ في الصفوف وتقارُب الأجسام والأقدام والمناكِب، والاجتماعُ الأسبوعيُّ في يوم الجُمعة، واجتماعٌ سنويٌّ في صلاة العيد، والزكاة التي تُمثِّلُ التكافُل الاجتماعي، ومعاني التراحُم والتعاطُف، وصيامُ رمضان الذي يُوحِّدُ الأمةَ بأعماله في ليلِه ونهارِه، والحجُّ التقاءٌ سنويٌّ من بُلدان عدَّة وأجناسٍ شتَّى. يلقَى المسلمُ أخاه من أقصَى الدنيا وأدناها، فيُبادِرُه التحية ويعيشُ معه جلالَ الأُخوَّة وجلال المحبَّة.
    لكن مما يعصِرُ القلبَ ألمًا، ويَزيدُه همًّا: ما يشهَدُه المُتأمِّل من شِقاقٍ أليم، وتنازُعٍ عميقٍ في جسَد الأمة الكبير.
    عن جابرٍ – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إن الشيطانَ قد أيِسَ أن يعبُدَه المُصلُّون في جزيرَة العرب، ولكن في التحريشِ بينهم».
    ينشَأُ التفرُّق المقيت والاختلافُ المذموم من اتباع الأهواء والأطماع الشخصية، والسعي إلى تحقيق الذات.
    ومن الجهل والظلم: الفُرقة والشِّقاق والاختلاف المذموم، كلُّ ذلك يُعطِّل مسيرةَ الأمة، ويُعيقُ تنميَتها، ويُبدِّد طاقاتها، ويُبعِدُها عن تحقيق آمالها وبلوغ أهدافها. والمستقبلُ الذلُّ والتقهقُر وسوءُ المصير.
    لقد حذَّر القرآنُ الكريمُ المُسلمين من الفُرقة التي تُخلخِلُ الصفوف، وتُفضِي إلى زوال الأمم وانهِيارها، قال الله تعالى: وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ[الأنفال: 46].
    عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال: سمعتُ رجلاً قرأ آيةً وسمعتُ النبي – صلى الله عليه وسلم – يقرأُ خلافَها. فجئتُ به إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -، فأخبرتُه، فعرفتُ في وجهه الكراهية، وقال: «كلاكُما مُحسنٌ، ولا تختلِفوا؛ فإن من كان قبلَكم اختلفوا فهلَكوا»؛ رواه البخاري.
    قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ [الأنعام: 159].
    فالذي يُريدُ أن يُفرِّق المُسلمين ويُشتِّت جمعَهم، ويجعلَهم فِرقًا مُتنافِسة، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – بريءٌ منه.

    بسبب الاختلاف والتفرُّق اغتُصِبَت بلادُ المُسلمين، ونُهِبَت ثرواتُهم، ودُنِّسَت مُقدَّساتُهم.
    وبسبب الاختلاف والتفرُّق تباعَدَ المُسلمون وتناحَروا، وأحبَّ المُسلمُ وأبغضَ في غير ذات الله، وقد يؤُولُ الأمرُ إلى استباحَة قتال بعضِهم بعضًا؛ لاعتقاد كلِّ طرفٍ ببُطلان ما عند الطرف الآخر.
    ولذا نهى الإسلام عن الاقتتال بين الإخوة في الدين، قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «فإن دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرامٌ كُحرمة يومكم هذا، في شهرِكم هذا، في بلدكم هذا»؛ رواه البخاري ومسلم.
    قال ابن عباس – رضي الله عنهما -: والذي نفسي بيده؛ إنها لوصيَّةٌ لأمته: «لا ترجِعوا بعدي كُفَّارًا يضربُ بعضُهم رقابَ بعض»؛ رواه البخاري ومسلم.
    الدماءُ شأنُها عظيم؛ بل قطرةُ دمٍ زكيَّة تُراقُ تجرُّ إلى مآلٍ وخيم، قال الله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا[النساء: 93].وقال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «لن يزالَ المؤمنُ في فُسحةٍ من دينه ما لم يُصِب دمًا حرامًا»؛ رواه البخاري.

    وبهذا نعلم أن الاعتصامَ بحبل الله المتين هو الحِصنُ الحصين، والحِرزُ المتين لجمع كلمة المُسلمين، ولمِّ شملِهم، وقوَّتهم ومنَعَتهم، قال الله تعالى:
    أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ[الشورى: 13].

    ولا يخفَى أنه إذا ارتفعَت أصواتُ التنازُع، وبرزَت مظاهرُ الفُرقة في ديار المُسلمين وجبَ عليهم التحاكُمُ إلى كتاب ربِّهم وسُنَّة نبيِّهم – صلى الله عليه وسلم -، ووجبَ على علمائِهم وعُقلائِهم وأهل الرأي الالتجاءُ إلى المولى بصدقٍ وإخلاصٍ، والسعي لرأبِ الصدع، وجمع الكلمة، ونبذ الهوَى والتعصُّب. وهذا مقصدٌ أسمَى، ومسلكُ المُخلِصين وطريقُ الناصِحين.
    ومن الواجبُ أن تُذعِنَ الأمةُ لقول الحق وصوت العقل؛ لتعصِمَ نفسَها من فتنةٍ عمياء، وشرارةٍ دهماء تدَعُ الحليمَ حيرانًا، وقد تضربُ الأخضرَ باليابس.

    قال الله تعالى:
    إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف: 201]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا[النساء: 59].
    اللهم جبرا يليق بجلالك وعظمتك

    ثم تأتي لحظة يجبر الله فيها بخاطرك، لحظة يفزّ لها قلبك، تشفى كل جراحه، يعوضك عما كان، فاطمئن، لأن عوض الله إذا حلّ أنساك ما كنت فاقدًا
    ربي لو خيروني ألف مرة بين أي شيء في الدنيا وبين حسن ظني بك لأخذت من دم قلبي ورسمت به طريق حسن ظني بك وقلت لهم اتركوني وربي إنه لن يخذلني أبدا


  • #2
    رد: الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

    جزاك الله خيرا أختى

    وبارك الله فى علمك وفى عملك




    يارب ... أستودعك أبناء أخى فاحفظهم بحفظك وأعدهم لنا سالمين خلقاً وخُلقاً



    تعليق


    • #3
      رد: الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

      جزاك الرحمن خيرااا أختى وبارك فيك
      وثبتنا وإياكم على طاعته
      "أنت وليي في الدنيا والآخرة "
      إذا صحَّ مِنـكَ الوِدُّ فالكُلُّ هَيّـنٌ
      وكُـلُّ الذي فـوقَ التُّرابِ تُرابُ

      تعليق


      • #4
        رد: الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

        جزاكم الله خيرا
        ثبتنا الله واياكم على طاعته
        اللهم اغفر لابى وارحمه وعافه واعفُ عنه
        اللهم اجعله من اهل الفردوس الاعلى من الجنه


        تعليق


        • #5
          رد: الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

          جزاكم الله خيرا ونفع بكم

          تعليق


          • #6
            رد: الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

            اللهم اجمعنا واجمع شتات قلوبنا

            جزاك الله خيرا
            {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهاد}

            تعليق


            • #7
              رد: الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

              آمين وإياكن

              اللهم جبرا يليق بجلالك وعظمتك

              ثم تأتي لحظة يجبر الله فيها بخاطرك، لحظة يفزّ لها قلبك، تشفى كل جراحه، يعوضك عما كان، فاطمئن، لأن عوض الله إذا حلّ أنساك ما كنت فاقدًا
              ربي لو خيروني ألف مرة بين أي شيء في الدنيا وبين حسن ظني بك لأخذت من دم قلبي ورسمت به طريق حسن ظني بك وقلت لهم اتركوني وربي إنه لن يخذلني أبدا

              تعليق


              • #8
                رد: الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

                جزيتي الجنة نسأل الله ان يجنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن

                تعليق


                • #9
                  رد: الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

                  اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن
                  يارب سلم

                  تعليق


                  • #10
                    رد: الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

                    تسلمين وبارك الله فيج . .

                    تعليق


                    • #11
                      رد: الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

                      جزلك الله خيرا

                      تعليق


                      • #12
                        رد: الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

                        جزاكِ الله خيرا
                        وجعله الله فى موازين حسناتك

                        تعليق


                        • #13
                          رد: الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

                          وجزاكم الله خيرا

                          اللهم جبرا يليق بجلالك وعظمتك

                          ثم تأتي لحظة يجبر الله فيها بخاطرك، لحظة يفزّ لها قلبك، تشفى كل جراحه، يعوضك عما كان، فاطمئن، لأن عوض الله إذا حلّ أنساك ما كنت فاقدًا
                          ربي لو خيروني ألف مرة بين أي شيء في الدنيا وبين حسن ظني بك لأخذت من دم قلبي ورسمت به طريق حسن ظني بك وقلت لهم اتركوني وربي إنه لن يخذلني أبدا

                          تعليق


                          • #14
                            رد: الاعتصام بالكتاب والسنة وقاية من الفتن

                            تسلمي

                            تعليق


                            • #15
                              جزاكِ الله خيرا أختي الغالية
                              ما أحوجنا لمثل هذه الموضوعات
                              اللهم قنا الفتن ما ظهر منها وما بطن
                              وثبتنا على الكتاب والسنة بفهم صحيح أحينا عليه وأمتنا عليه

                              تعليق

                              يعمل...
                              X