إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشّدات في القرآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: الشّدات في القرآن

    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
    يَـهْـدِي ... يَهَدِّي.. يَــهِـــدِّي... يهْتَدِي

    قال الله تعالى:"
    قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ( 35 ) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ( 36 ) . [سورة يونس].

    وبما أن القصد ليس هو تفسير الآيات الكريمات، وإنما الغرض هو الوقوف على دلالة التشديد في القراءة، فإننا لا نُفَسِّر إلا بقدر الضرورة أو لإفادة فائدة لطيفة..

    فقوله تعالى:"
    قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ؟" فــ"ينزل كتاباً، ويرسل رسولاً، ويضع نظاماً، ويشرع شريعة، وينذر ويوجه إلى الخير ويكشف عن آيات الله في الكون والنفس ويوقظ القلوب الغافلة، ويحرك المدارك المعطلة. كما هو معهود لكم من الله ومن رسوله الذي جاءكم بهذا كله وعرضه عليكم لتهتدوا إلى الحق؟(1 ).

    قل يا نبي الله- ومن اقتدى به- للمشركين والمنحرفين-على مرِّ العصور والدهور-هل أحدٌ من شركائكم الذين تعبدونهم وتطيعونهم في غير طاعة الله مَن يرشدكم للحق، ويدلكم على طريقه المستقيم ومنهجه القويم؟

    وهو سؤال استنكاري توبيخي.. وإلا فقل :"
    قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ"، وهي الحقيق الوحيد بالهداية.
    وقصارى ما ملك المشركون قولَه أن هؤلاء الشركاء يعبدونهم ليقربوهم إلى الله زلفى.. "أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)"[الزمر].

    أي إنهم مُقِرُّون- في نفوسهم- أن الذي يملك ويقدر أن يهدي للحق وإلى الحق حقيقة هو الله-سبحانه-..
    و" إذ قد كانت العقول عرضة للاضطراب والخطأ احتاجت النفوس إلى هدي يتلقى من الجانب المعصوم عن الخطأ وهو جانب الله تعالى، فلذلك كان الذي يهدي إلى الحق أحق أن يتبع لأنه مصلح النفوس ومصلح نظام العالم البشري، فاتِّباعه واجب عقلا واتباع غيره لا مصحح له، إذ لا غاية ترجى من اتِّباعه. وأفعال العقلاء تصان عن العبث"(2).

    فما دام ذلك كذلك، يأتي السؤال المنطقي الحِجاجي الاستنكاري التوبيخي التقريري:"
    أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى"؟!
    وهنا مربط الفرس ومرمى السهم:".. لا يـهـدي..." بالتخفيف والتشديد.
    "لا يـهـدى" فهاءُ هذه الكلمة ودالُها وردت بأشكال مختلفة، لخَّصها لنا الإمام البغوي كالتالي، قال:( قرأ حمزة والكسائي : ساكنة الهاء، خفيفة الدال ، وقرأ الآخرون: بتشديد الدال، ثم قرأ أبو جعفر، وقالون : بسكون الهاء، وأبو عمرو برَوْم الهاء بين الفتح والسكون، وقرأ حفص : بفتح الياء وكسر الهاء، وأبو بكر بكسرهما، والباقون بفتحهما)( 3) ثم ذكر توجيهات الاختلاف.
    وتركيزنا هنا-ابتداءً- على تخفيف الدال بقراءتها:" يــهْـدي" وبتشديد الدال:" يـهَـدِّي"، " يـهِدِّي" بفتح الهاء وكسرها.
    فعلى قراءة التخفيف تكون:"أفمن لا يَهْدِي أحق أن يُتَّبع أم لا يَهْدِي إلا أن يُهْدَى"؟!
    والأقرب في معناها على هذا التشكيل أن تُحمل على ظاهرها، فهناك من يهْدِي( وهو الله) كما قال تعالى قبلها:"أفمن يهدي"، وهناك من لا يَهْدِي( وهم الشركاء)، فتفسيرها : كيف تطلبون شيئا ممن لا يملكه، ولا يقدر عليه..

    وهذا يعقله كل الناس، حتى في أمور دنياهم.. فلا يتطبَّبُون عند غير طبيب، ولا يستقرضون من غير مليءٍ، ولا يستشفعون غير ذي جاهٍ، ولا يسترضعون غير ذات لبن!!
    فكيف يستهدون غير هادٍ؟!

    هذا على قراءة تخفيف الدال" يَــهْــدِي"، ويشهد لهذا الحَمل قوله تعالى في الآية نفسها:"
    أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ.." فالفعل نفسه أو الصفة نفسها مثبتة ومنفيه؛ مثبتة لله تعالى، ومنفيه عن غيره، يهدي ولا يهدي، يعني بالمقابلة.

    * * * * * * * * * *

    أمــا على قراءة تشديد الدال:"لا يَــهــدِّي.." فهي أبلغ، لأنَّ فيها زيادة معنى بزيادة المبنى.

    فعلى قول من أدغم التاء في الدال لتقارب المخرج، والإدغام يستدعي التشديد، فشُدِّدت الدال، لأن الإدغام هو:" إدخال حرف في حرف حتى يصرا حرفا واحدا مُشدَّدًا، حركتُه من جنس حركة الحرف الثاني"؛ فعلى هذا كان أصل الكلمة :" كمن لا يَهْـتَـدِي.."، فهو لا يهتدي ولو لنفسه، فكيف يُنَصِّبُ نفسَه لهداية الخلق، أو كيف يُنَصِّبُه الناس لهدايتهم، ففاقد الشيء لا يُعطيه! فهو لا يملك الهداية أصلا.
    ومعني " يهتدي" المستفاد من قراءة التشديد، يؤكِّدُه ما بعده من قول الله تعالى:" إلا أن يُهدَى"، فهو يحتاج إلى الهداية، فكيف يهدي وهو لا يهتدي..
    فتلخَّص من قراءة التشديد المعنيين:" لا يهدي ولا يهتدي"، "
    أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي " أي الذي لا يهتدي فضلا عن أن يهدي غيره ، أي لا يقبل الهداية فكيف يهدي غيره فلا يحق له أن يُتَّبَع، حتى عقلا لا يصوغ هذا! .والله أعلم
    وفي الآية لطائف رائعة.. نذكر ها فيما بعد إن شاء الله
    -----------------
    1- سيد قطب، في ظلال القرآن، 3/1783.
    2- الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، 11/162.
    3- انظر، البغوي، معالم التنزيل في تفسير القرآن، 4/133.

    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 14-05-2014, 10:12 PM. سبب آخر: تشكيل بعض الآيات

    تعليق


    • #17
      رد: الشّدات في القرآن

      جزاكم الله خيرًا
      وجعله الله في موازين أعمالكم
      متابعون معكم بأذن الله

      تعليق


      • #18
        رد: الشّدات في القرآن

        المشاركة الأصلية بواسطة عطر الفجر مشاهدة المشاركة
        جزاكم الله خيرًا
        وجعله الله في موازين أعمالكم
        متابعون معكم بأذن الله
        شكر الله لكم وبارك فيكم ونفعنا الله بما نكتب ونقرأ

        تعليق


        • #19
          رد: الشّدات في القرآن

          ومن لطائف الآية:
          اللطيفة الأولى:

          هذه الآية؛ خاطبَ اللهُ-سبحانه- بها العربَ بما كانوا يعبدون مِن أصنام وأوثان من أحجار وأشجار، وهي مما لا يَسمع ولا يُبصر ولا يعقل، ولا يُتَصَوَّر من الصنم أن يهدي أو يهتدي، فكيف قيل: إلا أن يُهدَى"؟! فهو حتى وإن جاءته الهداية وحيًا أو أمرًا أو نهيًا فليس محلًّا قابلا للخطاب؛ فكيف يَردُّ الجواب؟! هذا تساؤل طرحه بعض المفسرين، وهو وجيه، حقيق بالإثارة!
          أجابَنَا بعضُ المفسرين-رحهمهم الله- بقولهم:(قيل: معنى الهداية في حق الأصنام الانتقال، أي : أنها لا تنتقل من مكان إلى مكان إلا أن تُحمل وتُنقل، يتبين به عجز الأصنام)([1]).
          قلتُ: وظاهره صحيح، لكنه ليس تامًّا. أو قل: هذا جزء من المعنى.
          وقال:( وجواب آخر وهو : أن ذِكر الهداية على وجه المجاز، وذلك أن المشركين لما اتخذوا الأصنام آلهة وأنزلوها منزلة من يسمع ويعقل عبر عنها بما يعبر عمن يعلم ويعقل، ووصفت بصفة من يعقل"([2]).
          وقال ابن عاشور:" وأريدَ بالهدي النقل من موضع إلى موضع أي لا تهتدي إلى مكان إلا إذا نقلها الناس ووضعوها في المكان الذي يريدونه لها، فيكون النقل من مكان إلى آخر شبه بالسير فشبه المنقول بالسائر على طريقة المكنية، ورمز إلى ذلك بما هو من لوازم السير وهو الهداية في" لا يهدي إلا أن يهدى".
          وجوز بعض المفسرين أن يكون فعل" إلا أن يهدى" بمعنى إهداء العروس، أي نقلها من بيت أهلها إلى بيت زوجها، فيقال: هديت إلى زوجها."([3]).
          قلتُ: الأمر أبعد من تلك الأجوبة، بل الأمر أبــلغ من ذلك، وأوسع من ذلك الحصر، وأَطْلَق من ذلك التقييد، مع أن الآيات ذكرت الشركاء ولم تذكر الأصنام ولا الأوثان؛ فتنبَّه!.
          نعم كانت الأصنام كذلك، أي في الأغلب أنها مما لا يَعقل، أو قل: تلك أصنام الأوضاع الشعبية!
          وكون الله- تعالى- يتكلم عنها بموصول العاقل "مــــن" وليس "مــــا"، فقال:" أفمــــن يهدي.. أمَّــــن لا يهدِّي.." ولم يقل:"مـــا يهـدي.. مــا لا يهدِّي"، فلا بد إذن من وجود الصنم (العاقل!) الذي يدخل في الخطاب، ولا ينفي دخول الصنم الأصم فيه دخول التابع، فإن مِن أساليب اللغة العربية أسلوبُ التغليب، كما يدخل النساء مثلا في خطاب الرجال إذا اجتمعوا.
          نعم كان هناك صنم "الطوطم" وكانت الأصنام والأوثان من الشجر والحجر والتمر.. يعبدونها، ثم إذا جاعوا أكلوها، تبول عليها الثعالب، فقد كان راشد بن عبد ربه السلمي يعبد صنما فرآه يوما وثعلبان يبولان عليه فأنشد يقول:
          أربٌّ يبول الثعلبان برأسه * لقد ذل من بالت عليه الثعالب.
          ثم شد عليه فكسره ثم جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأسلم وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسمك؟ قال غاوي بن عبد العزى، فقال: بل أنت راشد بن عبد ربه([4]). فقد عَلِم أنه"رب ذليل" لا ينفع نفسه، ولا يهتدي لطريقة ينجو بها من بول الثعلبان، فكيف يغني عنه نفعًا أو ضرًّا أو هدايةً؟!
          وكمناف صنم عمر بن الجموح - رضي الله عنه-، وكان سيداً في قومه وكان له قصة غريبة إذ كان يعبد صنماً يسمى "مناف" وكان يحتفظ به في بيته ويوقره ويعظمه. فكان معاذ بن عمرو بن الجموح بعد إسلامه ومعاذ بن جبل يدخلان ليلاً إلى الدار فيأخذان هذا الصنم ويلقيانه في مكان مخلفاتهم منكساً على رأسه, فلما يصبح عمرو يذهب فيأتي به ويغسله ويعطره, وهو يتوعد من فعل به ذلك, وكل ليلة يحدث هذا المشهد. وذات يوم وضع عمرو سيفاً في رقبة صنمه الذي يعبده، وقال له:" لأني لا أعلم من يفعل بك هذا, فإن كنت تستطيع الدفاع عن نفسك فهذا السيف معك فافعل". وبالليل جاء الفَتَيان فأخذا السيف من عنقه ثم أحضرا كلباً ميتاً فقرنوه به بحبل وألقوه في بئر من الآبار فيها يقضي الناس حاجتهم؛ حيث لم يكن الناس قد اتخذوا مكانا لقضاء الحاجة في بيوتهم. وفي الصباح قام عمرو يبحث عنه فلما فلما نظر إليه نهارًا اغتاظ منه وعلم أنه إله زائف، وأنشد يقول:
          والله لو كنت إلها لم تكن **** أنت وكلب وسط بئر في قرن
          أف لملقاك إلها مستدن **** الآن فتشناك عن سوء الغبن
          الحمد لله العلي ذي المنن **** الواهب الرزاق ديان الدِّيَن
          هو الذي أنقذني من قبل أن **** أكون في ظلمة قبر مرتهن
          ثم كسره وأسلم فحسن إسلامه واستشهد يوم أحد رضي الله عنه وأرضاه)([5]).
          نعم كانت هذه الأصنام غير العاقلة، ومع ذلك ذكرها الله تبارك وتعالى بموصول العاقل" مـــن"!!.
          لقد رأينا توجيه بعض المفسرين لهذا سابقا، بين الحمل على المجاز، أو أن معنى هداية الأصنام تنَقُّلها من مكان إلى مكان!
          وأقول: لقد علم الله –سبحانه- سلفا أن أصنامًا وأوثانًا عاقلة، هي التي تحرك الأصنام الحجرية، وتعمل مِن ورائها في الكواليس والدَّهاليز؛ فأصنام قريش لم تكن هي التي تكلمهم، ولا هي التي تكلم لهم الجماهير! وإنما كان يكلمهم مِن ورائها أحد العاقلَين: إما الجن والشيطان، وهو عاقل مكلف.. وإما الكُهان والسَّدَنة الذين يدخلون تحت ستائرها وينطقون باسمها، فيأمرون وينهون ويحللون ويحرمون، من ورائها، وتُقدَّم للعُباد على أنها مطالب الآلهة ومراضيها ومراميها!!
          فيظن البسطاء أن الآلهة هي التي تتكلم، وأن الأصنام (هم) الذين يريدون، وأن المخالف فإنما يخالف عن أمر الصنم والوثن.. الآلهة!
          ومن هنا كان الخطاب بموصل العاقل"مـــن" ليشمل الحجر الأصم، ومن يحركه من العقلاء، والوثن ومن ينطق باسمه، فتوجه الكلام إلى الفاعل الحقيقي، متجاوزًا (القراقوزات).
          هذه واحدة، وبه يتبين أنه لا حاجة بنا إلى أن نقول بالمجاز، وإنما هي الحقيقة، بل البلاغة.



          [1] - البغوي، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء، (المتوفى : 510هـ)، معالم التنزيل في تفسير القرآن، 2/419. وانظر: انظر تفسير الطبري/ 15/86. والسمعاني، المظفر، منصور بن محمد بن عبد الجبار ابن أحمد المروزى(المتوفى: 489هـ)، تفسير القرآن، 2/382.

          [2] - المرجع السابق.

          [3] - ابن عاشور، التحرير والتنوير، 11/163.

          [4] - انظر قصته مثلا في : ابن كثير، البداية والنهاية، 5 / 107.

          [5] - انظر قصته في: ابن كثير، البداية والنهاية، 3/ 202.

          تعليق


          • #20
            رد: الشّدات في القرآن

            اللطيفة الثانية: أصنام بلا أجسام!
            هي أن قد بلغت البلاغة منتهاها والإعجاز مبلغه، أن في علم الله السابق، أنه يتقلب الليل والنهار، وتذهب الأصنام والأوثان الخشبية والحجرية وغيرها من غير العاقلات.. ويقوم أشخاص يدَّعون الألوهية صراحة كما قال فرعون من قبل:"أنا ربكم الأعلى"، ورغم ذلك: {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} [طه: 79] لم يهدهم رغم أنه عاقل، لأنه لا يملك الهداية لنفسه، حتى أكله البحر ثم النار!. لأنه :"لا يَهـدِّي"
            أو أناس يمارسون فعل الله-سبحانه- بادِّعاء الغيب، أو ادِّعاء امتلاك الضر والنفع كالمشعوذين والبطَّالين من الكهنة والسَّحَّارين! وكلهم آلهة، لا يملكون أن يهتدوا فضلا عن أن يهدوا غيرهم.. (لا يَهـدُّون!)، يمرضون ويموتون ويبأسون وتفاجئهم حوادث الزمان؛ فما يعلمون غيبها حتى ترهقهم أو تقهرهم.. أهؤلاء آلهة؟!
            يقال: إن الشيطان قرع الباب على فرعون، فقال فرعون: مَن بالباب؟! فقال إبليس: تَدَّعي أنك إلهٌ، ولا تعلم مَن بالباب؟! وسواء صحّت أو لم تصح، فالعبرة منها واضحة.
            فالناس يعرفون هذا (الآلهة) أنه فلان بن فلان، وأنه عاجز عن نفع نفسه أو دفع الضر عنها.. وأنه"لا يَهـدِّي"، ومع ذلك يشركون!

            ثم في علم الله أيضاً، أنه يتعاقب الليل والنهار.. وتتوالى السُّنون والقرون؛ وتأتي (أصنام) عاقلة حقيقة؛ تكون أرباباً على الناس، يتربَّبون عليهم طوعا وكرها.. وإن لم تكن ظاهرة للناس في زمان ما أو مكان ما، فالعيب في الناس..

            فيمكن أن يتخذ الناس أناساً شركاء لله-سبحانه-؛ أرباب يعبدونهم معه-سبحانه- أو مِن دونه، وقد قال الله-تعالى:" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)"[آل عمران]، وقال:" وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80)"[آل عمران]، واتِّخاذ الأحبار والرهبان أرباباً، كما يأتي في التالي:
            الأحبار والرهبان عقلاء من أصحاب " مــــن" وليسوا أحجارًا من أصحاب "مــــا"، واتخذهم الناس أربابا من دون الله-سبحانه-، ألم يقل ربنا سبحانه-:"اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) "[التوبة]!! أما المسيح بن مريم-عليه الصلاة والسلام- فبريء، ولا يتحمل مسؤولية مشرك، فقد تبرأ وأعلن عبوديته لله تعالى من أول يوم لما أنطقه الله-سبحانه- في المهد:" فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)"[مريم].
            أما الأحبار والرهبان فكلٌّ بِحسبه، فمنهم من تبرأ فبرئ، ومنهم من استزله الشيطان، فرضي بتأليه الناس له، فهَوى بهم ومعهم!!!
            وينطبق عليهم موصول العاقل وموصوفه:"أفمن يهدي للحق أحق أن يتبع أمَّن لا يهدِّي..."
            ثم يتضح الأمر أكثر في زماننا هذا، وأن التعبير بموصول العاقل"مـــن" مقصود مِن أول يوم، وأنه حقيقة وليس مجازا، وأنه لا يقتصر على أصنام الحجر والشجر.. بل يشمل البشر المتألهين والمُأَلَّهين أيضاً، بل بالدرجة الأُولى والأَوْلى! وأن القرآن كتاب الحياة الدنيا كلها إلى أن تنتهي بقيام الساعة!

            لقد جاءت أصنامٌ جديدة وأوثان عديدة، يجلس البشر وراءها، فيشرعون للناس ديناً تُمليه أهواؤهم، ثم يقولون هذا مراد الآلة، أو دين الآلة، كما كان سلفهم الطالح من المشركين القدامى يجلسون وراء الصنم، أو يُجْلِسون وراءه كاهنا أو سادناً يتمتم حولها بالتعاويذ والرقى، وينطق بمرادهم على (لسان) الآلة والصنم وباسمها لتعبيد الجماهير وتذليلها!

            ومن تلك الأصنام؛ الأصنام المعنوية، من أمثال القومية والديمقراطية والوطن والوطنية والمواطنة والدستور والقانون... حين تأتي بما لم يأذن بالله-سبحانه- ولا رسوله-صلى الله عليه وسلم-، بل حين تقوم على أنقاض الدين وفي مناقضته!

            يُقيمون كهنتهم فيشرعون من القوانين ما شاءوا.. ثم يقيمون لها قداسة الآلة.. ثم يقولون : الدستور يقول ويأمر وينهى ويبيح ويمنع ويمنح ويرتضي، ويفرض ويرفض!
            والديمقراطية لا تقبل هذا ولا تجيز ذاك، وتقتضي هؤلاء، وتفرض ذلك!
            والمواطنة تقتضي هذا وتتناقض مع ذاك، وترفض ذلك!
            وطبعا الديمقراطية والوطنية والمواطنة والدستور من موصول غير العاقل"مـــا"، لكن الذي ينطق من ورائها من موصولات العاقل"مـــن" إنهم كهنة الحكم ومجالس التشريع.. وكلهم " أمَّــن لا يهدِّي إلا أن يُهدى".
            وإنك لتعجب حين ترى هذا الأمر واضحاً عند باحثين غير مسلمين، في حين يغيب عن بعض دعاة المسلمين، فضلا عن عوامهم! يقول المؤرخ اليهودي، الذي لا يمكن أن يتطرف للإسلام:" كل باحث في التاريخ الإسلامي يعرف قصة الإسلام الرائعة في محاربته لعبادة الأوثان منذ بدء دعوة النبي وكيف انتصر النبي، وأقاموا عبادة الإله الواحد التي حلت محل الديانات الوثنية لعرب الجاهلية، وفي أيامنا هذه تقوم معركة مماثلة أخرى، ولكنها ليست ضد اللات والعزى وبقية آلهة الجاهليين، بل ضد مجموعة جديدة من الأصنام اسمها: الدولة والعنصر والقومية، وفي هذه المرة يظهر أن النصر حتى الآن هو حليف الأصنام؛ فإدخال هرطقة القومية العَلمانية أو عبادة الذات الجماعية كان أرسخ المظالم التي أوقعها الغرب على الشرق الأوسط، ولكنها مع كل ذلك كانت أقل المظالم ذكراً وإعلاناً..".(1)، ويقصد بالغرب أوروبا، ويقصد بالشرق أهل الإسلام وأرضه! ولا تنسوْا حكاية" الشرق الأوسط!"

            وأذكر هنا أن أهل اللغة قالوا: الصنم ما تخذوه من آلهة؛ وأن الصنم ما كان له جسم وصورة، أما ما لا صورة له فهو وثن، وأما من الناحية الشرعية فلا فرق في تشريك من ألَّه صنمًا أو وثنًا بلا جسم ولا صورة، ولو كان شيئا معنويًّا كالهوى، وقد جعل الله الهوى إله يُعبد من دون الله، كما قال تعالى:" أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43)"[الفرقان]، وقال:" أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)"[الجاثية]، وهل هذه الأفكار الآلة، والمذاهب الأرضية الآلة إلا أهواء آلهة؟!
            ويتبع إن شاء الله


            تعليق


            • #21
              رد: الشّدات في القرآن

              واللطيفة الثالثة: أوثان آخر الزمان!
              لقد تبيَّن لنا مما سبق أن الله-تعالى- لم يذكر في تلك الآيات الأصنام أو الأوثان بخصوصها، وإنما ذكر الشركاء، فقال:" قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35)"[يونس]، ولم يقل هل من أصنامكم أو أوثانكم، أو أحجاركم أو أشجاركم! وإنما قال " من شركائكم".
              فهل نقول إن الأمر لا يقتصر على عبادة الأصنام والأوثان الميتة الجامدة القديمة؛ أم نقول: إن الأصنام والأوثان نفسها لا يقتصر أمرها على تلك الصور الجاهلية الأولى، كما قال إبراهيم-عليه السلام-:"وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35)"[إبراهيم].
              و" إن عبادة الأصنام التي دعا إبراهيم- عليه السلام- ربه أن يجنبه هو وبنيه إياها، لا تتمثل فقط في تلك الصورة الساذجة التي كان يزاولها العرب في جاهليتهم، أو التي كانت تزاولها شتى الوثنيات في صور شتى، مجسمة في أحجار أو أشجار، أو حيوان أو طير، أو نجم أو نار، أو أرواح أو أشباح ...
              إن هذه الصور الساذجة كلها لا تستغرق كل صور الشرك بالله، ولا تستغرق كل صور العبادة للأصنام من دون الله. والوقوف بمدلول الشرك عند هذه الصور الساذجة يمنعنا من رؤية صور الشرك الأخرى التي لا نهاية لها ويمنعنا من الرؤية الصحيحة لحقيقة ما يعتور البشرية من صور الشرك والجاهلية الجديدة! ولا بد من التعمق في إدراك طبيعة الشرك وعلاقة الأصنام بها كما أنه لا بد من التعمق في معنى الأصنام، وتمثل صورها المتجددة مع الجاهليات المستحدثة! إن الشرك بالله- المخالف لشهادة أن لا إله إلا الله- يتمثل في كل وضع وفي كل حالة لا تكون فيها الدينونة في كل شأن من شؤون الحياة خالصة لله وحده. ويكفي أن يدين العبد لله في جوانب من حياته، بينما هو يدين في جوانب أخرى لغير الله، حتى تتحقق صورة الشرك وحقيقته.."( سيد قطب، في ظلال القرآن، 4/ 2114.).
              ويتبع إن شاء الله برابعة

              تعليق


              • #22
                رد: الشّدات في القرآن

                اللطيفة الرابعة: العبادة والاتِّباع

                إضافة إلى كل ما سبق؛ فإن في الآية لفظة ذات دلالة بليغة، تشمل كل "من لا يَهْدِي ولا يهتَدِي"، إلا بإذن الله-تعالى- ثم يُنصِّب نفسه هاديًا... سبحانك ربي ما أعلمك.. ما أحكمك!
                فمن يهدي إلى الحق أحق أن يُتبعَ أمن لا يهدِّي؟" فما قال- سبحانه-" أحق أن يُعبَد" وهو يتكلم عن الشركاء الذين يُعبَدون من دون الله! وإنما قال:"يُتَّبَع".
                فهناك شركٌ يُسمَّى "شرك الاتِّباع"، ليس مَن شرطه أن يركع المشركون لشركائهم ويسجدون، أو يذبحون لهم، أو يطوفون بهم! وإنما هو شرك الطاعة والاتِّباع فيما يخالف شريعة الله ويناقضها!
                فليست من عندي، الله الذي قال عن الإله:"أحق أن يُتَّبع" ولم يقل:"أحق أن يُعبَد".
                ويكفينا هنا أن نعود إلى قوله تعالى:" اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)"[براءة]، والأحبار والرهبان بشر يعقلون، وليسوا أصنامًا من حجر أو شجر أو تمر!
                اتّخذوهم أرباباً، فوقعوا في الشرك بعبادتهم من دون الله-تعالى- أو معه، ولذلك الآية ذُكر فيها الربوبيةُ والعبادة، وخُتِمت بتنزيه الله عن شرك الشركاء:"... سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ"
                ولم يكونوا يسجدون لهم أو يركعون أو يصلون أو يدعونهم من دون الله-سبحانه-... ففيم تمثلت هذه الروبوية؟! وفيما تمثلت العبودية لهم؟! وفيما تمثل هذا الشرك بهم إذن؟!
                قلنا: تمثل في شرك"الطاعة والاتِّباع".
                ومــا أنا بالذي يفسرها بغير مستنَد، بل الذي فسَّرها بهذا هو النبي-صلى الله عليه وسلم- فقد جاء عدي بن حاتم إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- وكان قد دان بالنصرانية قبل الإسلام؛ فلما سمع النبيَّ–صلى الله عليه وسلم- يقرا هذه الآية :"اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون"؛ قال: يا رسول الله؛ إنهم لم يعبدوهم! فقال: بلى؛ إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم"( انظر: الألباني، غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام، ص 19، حديث: 6.).
                ففسر النبي-صلى الله عليه وسلم- عبادتهم وشركهم بالاتِّباع في شرائعهم وقوانينهم المناقضة لشريعة الله تعالى.
                وعن أبي البختري، في قوله تعالى: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله" قال: أطاعوهم فيما أمروهم به من تحريم حلال وتحليل حرام, فعبدوهم بذلك"(انظر: أبو بكر بن أبي شيبة، مصنف ابن أبي شيبة، 7/156. وتلاحظ في الحديث وفي آثار السلف، لم يربطوها باستحلال ولا جحود كما يصرُّ عليه أهل الإرجاء؛ مخالفين بذلك إجماع المسلمين! )، وورد تفسيرها بالطاعة والاتِّباع عن حذيفة وغيره من السلف-رحمهم الله تعالى-.
                فالآية "أحق أن يُتبع" لا تقتصر على الأصنام القديمة، وإنما تشمل أيضًا الذين يضعون للناش شرائعَ تُتَّبع، يريدون بها هداية الناس، وهم لا يهتدون بها لخير الدنيا ولا لخير الآخرة، فكيف يهدون بها غيرهم، كحال فرعون الأول الذي قال:" ما أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)"[غافر]، و"وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79)"[طه]، "يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98)"[هود].
                وعلى سنن فرعون الأول سارت الفراعنة التوالي! ومن الكأس الذي شَرِبَ يشرون، وغلى النهاية التي ورد يردون!

                قال الشيخ الألباني-رحمه الله-" الطائفة الثالثة: وهم الذين يطيعون ولاة الأمور فيما يشرعونه للناس من نظم وقرارات مخالفة للشرع كالشيوعية وما شابهها، وشرهم من يحاول أن يظهر أن ذلك موافق للشرع غير مخالف له. وهذه مصيبة شملت كثيرا ممن يدعي العلم والإصلاح في هذا الزمان، حتى اغتر بذلك كثير من العوام، فصح فيهم وفي متبوعيهم الآية السابقة " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله " نسأل الله الحماية والسلامة"( الألباني، السلسلة الصحيحة، 1/354 حديث : 182.).

                فهذا توحيد الطاعة والاتِّباع، من خصَّه بالله تعالى وأخلص له فيه؛ فقد استكمل التوحيد، ومن اتبع فيه غيره فقد خاب وخسر، قال ابن أبي العز–رحمه الله- :" فهما توحيدان، لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بهما: توحيد المُرْسِل، وتوحيد متابعة الرسول، فلا نحاكم إلى غيره، ولا نرضى بحكم غيره"( ابن أبي العز، شرح العقيدة الطحاوية، ص: 200.).

                وقال ابن باز –رحمه الله-: (فلا يتم إيمان العبد إلا إذا آمن بالله، ورضي حكمه في القليل والكثير، وتحاكم إلى شريعته وحدها في كل شأن من شئونه، في الأنفس والأموال والأعراض، وإلا كان عابدًا لغيره، كما قال تعالى :" وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ " فمن خضع لله سبحانه وأطاعه وتحاكم إلى وحيه، فهو العابد له، ومن خضع لغيره، وتحاكم إلى غير شرعه، فقد عبد الطاغوت، وانقاد له)( عبد العزيز بن باز، وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه، 4.).

                ويتبع إن شاء الله مع لطيفتها الخامس.

                تعليق

                يعمل...
                X