إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التثبت في النقل/// محمد بن عبد السلام الأنصاري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التثبت في النقل/// محمد بن عبد السلام الأنصاري


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    التثبت في النقل التثبت في النقل

    :محمد بن عبد السلام الأنصاري 13/04/2012 05:42:00



    عندما تختلط الأمور؛ وتكثر الحوادث وتتنوع المشكلات تتطلع النفوس إلى استكشاف الحقائق والتطلع إلى مصادر الأخبار؛ وذلك أمر طبعي لملأ الفراغ النفسي وإشباعها من تلك الحاجة الفطرية.
    وهذه الحاجة كثيراً ما يستغلها أصحاب المطامع الدنيئة لتنفيذ مآربهم السيئة؛ فينشرون في وسائلهم الإعلامية أخباراً كاذبة؛ وتحليلات باطلة لكسب ما يرجون الوصول إليه؛ فيتلقف تلك الأخبار والتحليلات أناس لا حظ لهم في علم ولا فهم فيبنون عليها آراءهم؛ وينسجون عليها مواقفهم؛ بل قد يصل الحال بهم إلى أن يوالوا ويعادوا بناء على تلك الأخبار والتحليلات المغرضة.
    والوقوع في مثل هذه الانحرافات ناتج عن البعد عن الأمر الشرعي وامتثال توجيهاته في مثل هذه النوازل.
    والنصوص الشرعية واضحة في مدلولاتها فيما يجب العمل به في مثل هذه الظروف والأحوال؛ وفيما يلي نستعرض أبرز التوجيهات الشرعية حيال هذه الأمور:
    •فمن أبرز تلك التوجيهات الشرعية: التثبت والتحري عند نقل الأخبار؛ وخاصة عند اختلال الأمن؛ وتوقع المخاوف، ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } [الحجرات: 6].
    قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله عند تفسيره لهذه الآية: وهذا أيضًا من الآداب التي على أولي الألباب، التأدب بها واستعمالها، وهو أنه إذا أخبرهم فاسق بخبر أن يتثبتوا في خبره، ولا يأخذوه مجردًا، فإن في ذلك خطرًا كبيرًا، ووقوعًا في الإثم، فإن خبره إذا جعل بمنزلة خبر الصادق العدل، حكم بموجب ذلك ومقتضاه، فحصل من تلف النفوس والأموال، بغير حق، بسبب ذلك الخبر ما يكون سببًا للندامة، بل الواجب عند خبر الفاسق، التثبت والتبين، فإن دلت الدلائل والقرائن على صدقه، عمل به وصدق، وإن دلت على كذبه، كذب، ولم يعمل به، ففيه دليل، على أن خبر الصادق مقبول، وخبر الكاذب، مردود، وخبر الفاسق متوقف فيه كما ذكرنا، ولهذا كان السلف يقبلون روايات كثير من الخوارج، المعروفين بالصدق، ولو كانوا فساقًا.
    •ومن التوجيهات الشرعية أن لا يتحدث المسلم بكل خبر سمعه إلا بعد تحقق وقوعه وحصول النفع في نشره؛ ومما يؤكد ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذباً أن يحدّث بكل ما سمع".
    بل ورد النهي عن إذاعة كل خبر إلا بعد التحقق والتثبت كما هو مستفاد من قوله تعالى: {.. وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ..}.
    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/ 655): إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها فيخبر بها ويفشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة.
    وقال العلامة القاسمي في تفسيره "محاسن التأويل" ذاكراً مفاسد سرعة إذاعة الأخبار من غير رويّة:
    الأول : أن هذه الإرجافات لا تنفك عن الكذب الكثير .
    والثاني : أنه إن كان ذلك الخبر في جانب الأمن ، زادوا فيه زيادات كثيرة ، فإذا لم توجد تلك الزيادات ، أورث ذلك شبهة للضعفاء في صدق الرسول صَلّى اللهُ عليّه وسلّم ، لأن المنافقين كانوا يرون تلك الإرجافات عن الرسول ، وإن كان ذلك في جانب الخوف ، تشوش الأمر بسببه على ضعفاء المسلمين ، ووقعوا عنده في الحيرة والاضطراب ، فكانت تلك الإرجافات سبباً للفتنة من هذا الوجه .
    الثالث : أن الإرجاف سبب لتوفير الدواعي على البحث الشديد والاستقصاء التام ، وذلك سبب لظهور الأسرار ، وذلك مما لا يوافق مصلحة المدينة .
    والرابع : أن العداوة الشديدة كانت قائمة بين المسلمين والكفار ، فكل ما كان أمناً لأحد الفريقين كان خوفاً للفريق الثاني ، فإن وقع خبر الأمن للمسلمين وحصول العسكر وآلات الحرب لهم ، أرجف المنافقون بذلك ، فوصل الخبر في أسرع مدة إلى الكفار ، فأخذوا في التحصن من المسلمين ، وفي الاحتراز عن استيلائهم عليهم، وإن وقوع خبر الخوف للمسلمين بالغوا في ذلك وزادوا فيه ، وألقوا الرعب في قلوب الضعفة والمساكين ، فظهر من هذا أن ذلك الإرجاف كان منشئاً للفتن والآفات من كل الوجوه ، ولما كان الأمر كذلك ذم الله تعالى تلك الإذاعة وذلك التشهير ، ومنعهم منه.
    •ومن التوجيهات الشرعية أيضاً: البعد على الاعتماد على الظنون المتوهمة غير المتيقنة؛ والتخرصات الفارغة من الدليل الظاهر.
    والخبر المظنون هو الذي لا يعتمد على دليل وبرهان ، ولا قرائن أحوال صحيحة، وإنما يعتمد على التحليلات المتوهمة، والتخيلات الفارغة، والقرائن الضعيفة ، والتي تأتي من مصادر غير موثوقة ديناً وخلقاً ، ولا إسناداً تتوافر فيه شروط صفات القبول والاعتماد، والتي في مقدمتها العدل، والضبط، وغيره، وقد ذم الله عز وجل الذين يعتمدون على هذا المبدأ في اعتماد الخبر بقوله : { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } سورة الأنعام : 116 ، { إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ } [الأنعام : 148] . { مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } [الزخرف : 20].
    •ومن التوجيهات الشرعية أيضاً: رد الأخبار التي يتوقع الخطورة منها إلى أهلها المتخصصين فيها؛ لأنهم أهل الخبرة والدراية والعلم في ذلك؛ وذلك هو منطوق قوله تعالى: { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء : 83].
    قال العلامة السعدي رحمه الله: هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق. وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، أهلِ الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها.
    فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم وتحرزا من أعدائهم فعلوا ذلك. وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرته تزيد على مصلحته، لم يذيعوه، ولهذا قال: { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة.
    وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ. وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر فيه، هل هو مصلحة، فيُقْدِم عليه الإنسان؟ أم لافيحجم عنه.
    وهذه الآية تضع أمامنا التوجيه والإرشاد إلى مثل هذا النوع من أنواع الأخبار وهو خبر الإشاعات، والأخبار التي لها علاقة بأمن المجتمع، وخوفه، وفي ما يطلقه الأعداء من وسائل إعلامهم ، أو مما يشيع في مجتمع المسلمين من أخبار ناتجة عن سيره وحركته ، لها مساس بهذا الغرض قد تصدر عن حسن نية ، أو غير ذلك، فيضع لنا الميزان الدقيق في كيفية تلقيها ، وكيفية بثها ونشرها.
    والمرجع الذي نعود إليه في ما نأخذ منه وندع ، وهو أمر ذو بال ، يجب أن يلتزم به كل مسلم صادق مخلص حريص على الخير لنفسه، ولأمته، وقيادته، حتى في بعض الأخبار المتعلقة بالأفراد، والجماعات ، ومما يدل على ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق نساءه فجاء من منزله حتى دخل المسجد فوجد الناس يقولون ذلك فلم يصبر حتى استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فاستفهمه،أطلقت نساءك؟ فقال: لا. فقال: الله أكبر، وذكر الحديث بطوله. وفي مسلم فقلت: أطلقتهن ؟ فقال : لا.. ثم قال : فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق الرسول صلى الله عليه وسلم نساءه ، فنزلت هذه الآية: { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ }.
    ومن أجل أن لا يصيب المجتمع، والأفراد بسبب الأخبار المشاعة عنت ، ومشقة، وأضرار خطيرة ربى الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين على التثبت والتبين منه ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "نهى عن قيل ، وقال" ، أي الحديث عن ما يقول الناس من غير تثبت ، ولا تبين.
    ونخلص مما سبق ذكره بأن النصوص الشرعية قد وضعت توجيهات سديدة واضحة لا لبس فيها حين التعامل مع تدوال الأخبار الخاصة والعامة؛ ومتى ما التزم بها المسلمون في حياتهم سلموا من التخبط والتشرذم الذي يكون مرده إلى ضعف أمرهم وتسلط أعداءهم.






  • #2
    رد: التثبت في النقل/// محمد بن عبد السلام الأنصاري

    جزاك الله خيرا

    تعليق


    • #3
      رد: التثبت في النقل/// محمد بن عبد السلام الأنصاري

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      جزااااكم الله خيرا وبارك الله فيكم ونفع بكم

      تعليق

      يعمل...
      X