إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شجاعة تائب وتوبة شجاع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شجاعة تائب وتوبة شجاع


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    شجاعة تائب وتوبة شجاع

    الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، وفق من شاء برحمته إلى طاعته، ويسر أسباب الهداية لمن أحب من خلقه واجتبى، فوفقهم برحمته إلى صراطه السوي وهدى، وجعل الخاتمة لهم الحسنى، ثم أكرمهم برحمته فأدخلهم جنة المأوى، قال الله تعالى:{وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [يونس:25].
    والصلاة والسلام على إمام المرسلين، وقائد الغر المحجلين، من جعله ربه هادياً مهدياً، بشيراً ونذيراً، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
    وبعدُ: فتأمل معي هذا الموقف لهذا الشجاع الذي بتَّ الجُبْنَ بطلاقٍ بائن بغير رجعة، كان هذا الشجاع في أرغد عيش وأهناه، كان في كفالة عمه، يتلذذ بعيشه.
    وفي تلك الأثناء سمع بخبر ذلك النبي العظيم محمد بن عبدالله الكريم صلى الله عليه وسلم ، وسمع عن أخلاقه وكرمه، وسماحته وشجاعته، وإحسانه وبذله، وبره وحكمته، فما تمالك هذا الشجاع أمره، حتى طار قلبه سروراً، وابتهجت نفسه سعادة وحبوراً ، فما زال يبحث عن أخباره، ويسأل عن أحواله، فما زال يتخيل شكل النبي صلى الله عليه وسلم في كل زاوية ومكان.
    فكانت أمنية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم رابطة على فؤاده، لا تفارق ناظريه، حتى تاقت تلك النفس الطيبة للهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ يحدث نفسه بالهجرة، ويفكر في .
    فكان رضي الله عنه بين أهله شارد الذهن، كثير السرحان، حتى أوجس بعض أهله خبره، وعلموا همه، فما إن علم عمه - الذي يقوم على رعايته، وينفق عليه - بهمه ومراده، غضب غضباً شديداً، بل أرغى وأزبد، وصرخ وهدد، ونهى هذا الشاب عن إسلامه وهجرته.
    حتى أن عمه هدده وهو صاحب النفقة واليد العليا عليه إن هو ذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجرده من كل شيء، نعم كل شيء، حتى ما أعطاه من الثياب.
    لكنه قابل عقيدة وثباتاً، وشجاعة ورباطة جأش، فكان في صلابته وثباته كالجبل الأشم، وفي وضوحه كالسيف الصقيل، فلم تصده تلك التهديدات، ولم يردعه ذلك الوعيد، بل زاده ذلك ثباتاً، وعزماً على السير إلى الله ورسوله.
    ولما جمع الشاب متاعه، وعزم على الهجرة، قامت الدنيا ولم تقعد، وحصل بعد ذلك ما يحصل بين باغي الخير والصاد عنه.

    فعزم الشجاع على الهجرة، ونفذ العم ما وعد به فجرده من كل شيءٍ حتى الثياب التي أنعم بها عليه.
    ثم طرده حتى يصبح لا مأوى، ولا مسكن، بل ولا ملبس.
    فأشفقت أمه عليه، لكن ما باليد حيلة، فتلمظت تبحث له عن شيء يستر سوأته، فلم تجد عندها إلا بجاداً صغيراً - قطعة قماش- فأعطته إياه فقسمه نصفين اتزر بأحدهما، وارتدى الآخر.

    ثم سار الشجاع الذي طلق الدنيا، وداس ذل الكفر، وهوان المعصية بقدميه الطاهرتين، يحدوه الشوق، ويسوقه الأمل.
    لكن صاحبنا كان ذا شجاعة عالية، ونفس أبية تواقة؛ ولسان حاله يقول:
    خذ كل شيء: الأموال، والطعام، والمسكن، بل حتى الثياب، بل حتى الجسد خذه، لكن دع فؤادي يطير إلى عشه ومسكنه، دع قلبي يرفرف بين يدي رسول رب العالمين ليهنأ بلقياه.
    فصح فيه قول القائل:

    ضَعْ فِيْ يَدَيَّ الْقَيْدَ أَلْهِبْ أَضْلُعِيْ *** بِالْسَّوْطِ ضَعْ عُنُقِيْ عَلَى الْسْكِّيْنِ
    لَنْ تَسْتَطِيْعَ حِصَارَ فِكْرِيَ سَاعَةً *** أَوْ نَزْعَ إِيْمَــــانِيْ وَنُوْرَ يَقِيْنـِيِ
    فَـالْنُّوْرُ فِيْ قَلْبِيْ وَقَـلْبِيْ فِيْ يَدَيْ *** رَبِيْ وَرَبِيْ حَــــافِظِيْ وَمُـعِـيْنِيِ




    لقد نادت الدنيا ذا البجادين, فأصم أذنيه عن سماع أصواتها,
    وأقبل على الأخره يطلبها من كل سبيل
    نال من الشرف ما ناله ونال من الفخر والعزة بالله ماناله
    الأواه التالي ، المتجرد من المعروض الخالي ، عبد الله ذو البجادين ،
    وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته ، وسفح عليه من عبرته .
    هذا الرجل استشعر نعمه الإسلام وعاش بل وتعايش معها قلباً وقالباً
    فترك الدنيا بزخرفها الفاني وخرج مهاجراً الى الله ورسوله

    أقبل* عبدالله إلى المدينة* وكان* بوَرِقان* [ جبل* من* رحمي* المدينة* ]
    فاضطجع* في* المسجد إلى السحر. ثمّ صلّى رسول*الله* صلّى *الله* عليه* وآله* وسلّم* الصبح* ،
    وكان* رسول* الله* صلّى* الله* عليه* وآله* وسلّم* يتصفّح* الناس* إذا انصرف* من* الصبح*،
    فنظر إليه*، فأنكره* ! فقال*: من* أنت* ؟ فانتسب* له* ، [ وقال*: اسمي* عبد العزّى]
    فقال* رسول*الله* صلّى *الله* عليه* وآله* وسلّم*: أنت* عَبْدُ اللَهِ ذُو البِجَادَيْنِ!
    ثمّ قال*: أنزل* منّي* قريباً. فجعله* من* أضيافه* ، وكان* يعلّمه* القرآن* حتّي* قرأ قرآناً كثيراً
    وكان* (ذُو البِجَادَيْن*) رجلاً صيّتاً ، فكان* يقوم* في* المسجد، فيرفع* صوته* بالقراءة*
    فقال* عمر: يا رسول* الله* ، ألا تسمع* إلي* هذا الاعرابي* يرفع* صوته* بالقرآن*
    حتى قد منع* الناس* القراءة* ؟
    فقال* النبي صلّى* الله* عليه* وآله* وسلّم*: دعه* يا عمر !
    فإنّه* خرج* مهاجراً إلى الله* ورسوله*

    لمّا كان* الناس* يتجهّـزون* إلى تبـوك*
    جـاء إلى النبي وقـال*: يارسول*الله* ادع* الله* لي* بالشهادة*
    قال* رسول* الله*: أبلغني* لِحاء سمُرَة* [ قشر شجرة* سمرة* ]
    فأبلغه* لحاءَ سَمُرة* ، فربطها رسول*الله* صلّى *الله* عليه* وآله* وسلّم* على عضده*،
    وقال*: اللَهُمَّ إِنِّي* أُحَرِّمُ دَمَهُ علي* الكُفَّار فقال*: يارسول*الله* ليس* أردت* هذا !
    قال* النبي صلّى الله* عليه* وآله* وسلّم*: [ يا ذا البجادين* ] إنّك* إذا خرجت* غازياً في* سبيل* الله*،
    فأخذتك* الحمّى* ، فقتلتك*، فأنت* شهيد ! وَوَقَصَتْك* دابّتك* فأنت* شهيد! لاتُبالِ بأيّهٍ كان* !


    يقول عبد الله بن مسعود: قمت من جوف الليل ،
    وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ،
    قال : فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر ، قال : فاتبعتها أنظر إليها ،
    فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ،
    وإذا عبد الله ذو البجادين المزني قد مات ، وإذا هم قد حفروا له ،
    ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته ، وأبو بكر وعمر يدليانه إليه ،
    وهو يقول : أدنيا إلي أخاكما ، فدلياه إليه ،
    فلما هيأه لشقه قال : [ اللهم إني أمسيت راضيا عنه ، فارض عنه ]



    نسأل الله ان يلحقنا بهم في جنه النعيم وليس هذا على الله بعسير !
    فتأمل يا أخي شجاعة هذا الصحابي، على ما لاقاه في طريقه إلى الله ورسوله من شدة والبلاء، ومن عسر وعناء، ومع هذا لم يصده ذلك كله.
    فهل تملك شيء من الشجاعة الإيمانية لتنطلق من قيود المعاصي والآثام، وأوحال الزلات والشهوات؟
    كن كعبدالله تكن من السعداء.
    كن كذي البجادين لتُكْسَى لباساً هو خير من الدنيا وما فيها، إنه لباس التقوى خير لباس:{وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف:26].
    واعلم أخي: أنك متى صدقت العزم، وأحسنت في الطلب، فإن الله معك ومؤيدك وحافظك، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } [النحل:128].
    وبعد صدق العزم والتوكل على الله سر على بركة الله يحدوك أمل التوبة والشوق إلى لقاء الله، ويلازمك الخوف منه ومحبته ورجاه، مع مجاهدة النفس على ذلك، قال الله تعالى:{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } [العنكبوت:69] .
    وفي الختام: اعلم أن الدنيا ساعة فاجعلها طاعة، وتذكر دائماً هادم اللذات ومفرق الجماعات

    فقد قال صلى الله عليه وسلم :« أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ»
    أخرجه أحمد(2/292)، والترمذي(2307)، والنسائي(1824)، وابن ماجه(4258).
    فالمؤمن الشجاع دائماً ذكَّاراً للموت، ولذا فهو يعمل لما بعده.
    وتذكر دائماً: أن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه؛ ومن ثمار طريق الخير خاتمة الخير، فلن ينطق بالشهادة عند الموت إلا من يسرها الله له، وكان عمله خيراً.
    أسأل الله لي ولك الهداية والتوفيق،
    وخاتمة الحسنى والسعادة إنه قريب مجيب،
    والحمد لله رب العالمين،
    والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.



    التعديل الأخير تم بواسطة أول شهيده فى الاسلام; الساعة 26-12-2014, 11:44 PM.

    الْحَافِـظُ الْمُتْقِـنُ قَـدْ سَــاوى الْمَـلَـكْ .....
    فَاسْتَعْمِـلِ الْـجِـدَّ فَـمَـنْ جَــدَّ مَـلَـكْ
    :rose::rose::rose:
    القرآن كلام الله ..... خطاب الملك....القرآن عزيز ...... مطلوب وليس طالب
    إذا تركته تركك ..... وإذا ذهبت عنه ذهب

    من تعاهدني ..... ويكون قلبـــــها القرآن ؟

  • #2
    رد: شجاعة تائب وتوبة شجاع

    جزاك الله خيرا
    ***قال عمرو بن الخطاب (رضي الله عنه)***
    أيها الناس احتسبوا أعمالكم ..فإن من أحتسب عمله .. كتب له أجر عمله وأجر حسبته
    هزعل جداا لو جيت يوم القيامه وملقيتش الطريق إلى الله فى ميزان حسناتى
    فاللهم تقبل أعمالنا
    واجعلها خالصه لوجهك الكريم يارب العالمين

    تعليق


    • #3
      رد: شجاعة تائب وتوبة شجاع

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      موضوع رائع أختي
      جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

      "وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ"

      تعليق


      • #4
        رد: شجاعة تائب وتوبة شجاع

        جزاك الله خيرا


        ربِّ خذ من حياتي حتى ترضى، واجعل كل سكنة وكل حركة وكل لحظة طَرْفٍ فيك ولك!

        تعليق


        • #5
          رد: شجاعة تائب وتوبة شجاع

          عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا ونفع بكم


          تعليق


          • #6
            جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

            تعليق

            يعمل...
            X