إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حلقات شرح الأجرومية

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حلقات شرح الأجرومية

    ( 1 )
    الحمد لله على نعمائه،والشكر على آلائه ،وصلى اللهُ على سيدنا محمد واسطة عقد أنبيائه،وعلى آله وصحبه وأوليائه ، وبعد :

    النحو هو دعامة العلوم العربية ،وقانونها الأعلى ، ومنه تستمد العون وتستلهم القصد ،وترجع إليه في جليل مسائلها،وفروع تشريعها، ولن تجد علمًا منها يستقل بنفسه عن النحو،أو يستغني عن معونته،أو يسير بغير نوره وهداه

    قال أبو البركات الأنباري : " إن الأئمة من السلف والخلف أجمعوا قاطبة على أنه شرط في رتبة الاجتهاد، وأن المجتهد لو جمع كل العلوم لم يبلغ رتبة الاجتهاد حتى يعلم النحو،فيعرف به المعاني التي لا سبيل لمعرفتها بغيره،فرتبة الاجتها متوقفة عليه ، لا تتم إلا به "

    ** من أراد الاستزادة : كتاب الصعقة الغضبية في الرد على منكري العربية للطوفي،وفي الرسالة للشافعي ،،،،، وكثيرة الكتب التي تحدثت عن هذا

    أقول والله المستعان ، ومن بغيره استعان لا يُعان :

    لابُدَّ لكل شارع في فن من الفنون أن يتصوره قبل الشروع فيه؛ ليكون على بصيرة فيه؛ وإلا صار كمَن ركب متنَ عمياء، وخبَطَ خبْطَ ناقةٍ عشواء، ويحصل التصور المطلوب بالوقوف على المبادئ العشرة التي جمعها الناظم محمد بن علي الصبان عليه رحمة الله،في حاشيته على شرح السلم المنورق ، لشيخه الملّوي في قوله :

    إِنَّ مَبادِئ كُلِّ فَنٍّ عَشَرَه ** الحَدُّ وَالموضُوعُ ثُمَّ الثَّمَرَه
    وَنِسْـبَةٌ وَفَضْـلُهُ وَالوَاضِـعْ ** وَالاِسْمُ الِاسْتِمْدَادُ حُكْمُ الشَّارِعْ
    مَسَائِلٌ والبَعْضُ بِالبَعْضِ اكْتَفَى ** وَمَنْ دَرَى الجَمِيعَ حَازَ الشَّرَفَـا

    فنقول: النحو له معنيان معنىً لغوي، ومعنىً اصطلاحي، وهو من جهة اللفظ مصدرٌ على وزن فَعْلٍ بمعنى اسم المفعول أي المَنْحُوٌّ، من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول، وهذا مجازٌ مرسلٌ عندهم،

    والأصل في إطلاق النحو في لغة العرب بمعنى القصد، فسمي هذا العلم نحوًا لأنه مقصود، لأن النحو بمعنى القصد، ويأتي على ستِّ معاني وهي أشهرها :
    قَصْدٌ وَمِثْلٌ جِهَةٌ مِقْدَارُ ** قَسْمٌ وَبَعْضٌ قَالَهُ الأَخْيَارُ
    أما في الاصطلاح ( أي في عُرف علماء النحو ) : فهو علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعرابًا وبناءًا.

    موضوع علم النحو ( فيما يبحث هذا العلم ) : الكلمات العربية من حيث البناء والإعراب.

    ثمرة علم النحو وفائدته : أنه مفتاحٌ لفهم الشريعة، وأما صيانة اللسان عن الخطأ في الكلام فهذه ثمرة فرعية، ولا ينبغي لطالب العلم أن يجعل غايته صيانة اللسان عن الخطأ في الكلام، وإنما يكون هذا تبعًا، والأصل أن يكون علم النحو مفتاحًا للشريعة وينوي طالب العلم ذلك حتى يؤجر، لأن هذا العلم ليس من المقاصد وإنما هو علم آلة، ووسيلة والوسائل لها أحكام المقاصد.

    حكمه : فرضُ كفاية، وقيل: فرض عين على من أراد علم التفسير، ونقل السيوطيُّ رحمه الله الإجماعَ على أنه لا يجوز لأحدٍ أن يتكلم في التفسير إلا إذا كان مليًّا باللغة العربية، وليس النحو فحسب، ولذلك من شروط المفسر كما هو مذكور في موضعه أن يكون عالمًا بلغة العرب.

    نسبته إلى سائر الفنون ( علاقته ببقية العلوم الشرعية ) : التباين، فهو مخالف لعلم الأصول، ولعلم الحديث، ولسائر العلوم، وقد يشترك مع بعضها.

    مسائله ( أبوابه وفصوله ) : هي أبوابه التي ستذكر فيما بعد في ضمن النظم.

    والواضـع ( أول من وضعه ، وتكلم في قواعده ) : هو أبو الأسود الدؤلي، وقيل: علي رضي الله عنه. وقيل: أبو الأسود بأمر علي رضي الله عنه.

    بدأ المصنف – ابن آجرّوم - على عادة أهل العلم بما استقر في عرفهم بالبسملة وهي [بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ] وذلك لأمور :

    أولاً: اقتداءًا بالكتاب العزيز ؛حيث بدأ ببسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين.

    ثانيًا: اقتداءًا وتأسيًا بالسنة الفعلية؛ حيث كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا كتب كتابًا ما قال: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من محمد بن عبدالله إلى هرقل عظيم الروم،كما في صحيح البخاري رحمه الله تعالى.

    ثالثًا: التبرك بالبسملة؛ لأنَّ الباء هنا للاستعانة أو للمصاحبة على وجه التبرك، والمعنى بسم الله الرحمن الرحيم حالة كوني مستعينًا وطالبًا التوفيق والإعانة من الله عز وجل على ما جعل البسملة مبدءًا له.

    رابعًا : اقتداءًا بالأئمة المصنفين ، قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله -: وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على أن يفتتحوا كتبَ العلم بالتسمية وكذا معظم كتب الرسائل.
    وأما استدلال بعضهم بحديث «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر أو أجذم أو أقطع» فهذه الروايات كلها ضعيفة. ومثلها ما جاء في الحمدلة.

    [ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ] هنا المصنف - رحمه الله- بدأ كتابه بالبسملة، وإذا استقر عمل أئمة التصنيف على ابتداء كتبهم بالبسملة ،وهو مستحب
    >> والكلام في البسملة والتفصيل فيها طويل ، ونذكره في غير هذا الموضع إن شاء الله <<

    وابن آجرّوم التي نسبت له الأجرومية :
    هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن داود الصنهاجي، ويقال له ابن آجرّوم،بهمزة ممدودة،وجيم مخففه مضمومة، وراء مشددة مضمومة، قالوا : وهي كلمة أعجمية بلغة البربر معناها الفقير الصوفي، قلتُ : ، قال في الكواكب الدرية :" لكني لا أجد البرابرة يعرفون ذلك ،وإنما في قبائل البربر قبيلة تُسمّى بني أجروم " أ.هـ، ولد رحمه الله سنة : 672 هـ ، وتوفي في صفر 723 هـ ، بمدينة فاس بالمغرب

    وفي الدرس المقبل سنشرع ، في أول المتن، إن شاء الله
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، نسألكم الدعاء
    والله المستعان ، والسلام

    وإن شاء الله ، يكون هناك موضع للاستفسارات
    ( ليسَ شيءٌ أضرَّ على الأممِ ، وأسرعَ لسقوطِها من خِذلانِ أبنائِها للسانِها ، وإقبالِهم على ألسنةِ أعدائِها )
    أبو قصي
    =================
    منتديات قول الحق الدعوية، وحوار الفرق المخالفة

  • #2
    رد: حلقات شرح الأجرومية

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    حياكم الله وبارك في جهدكم

    انطلاقة موفقة بمشيئة الله

    ويا ليت إخواننا يعلمون أهمية ما أنتم بصدده
    ويكفينا ارتباط اللغة الوثيق بالدين الإسلامي و القرآن الكريم،
    فقد اصطفى الله هذه اللغة من بين لغات العالم لتكون لغة كتابه العظيم و لتنزل بها الرسالة الخاتمة قال الله تعالى:{إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}،
    و من هذا المنطلق ندرك عميق الصلة بين العربية و الإسلام، كما نجد تلك العلاقة على لسان العديد من العلماء ومنهم ابن تيمية حين قال: " معلوم أن تعلم العربية و تعليم العربية فرضٌ على الكفاية ".
    وقال أيضا " إن اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب و السنة فرضٌ، و لا يفهم إلا باللغة العربية، ومالا يتم الواجب إلا به، فهو واجب "،
    ويقول الإمام الشافعي في معرض حديثه عن الابتداع في الدين " ما جهل الناس، ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب "،
    وقال الحسن البصري - رحمه الله- في المبتدعة " أهلكتهم العجمة ".

    فنسأل الله أن يعينكم وان ييسر لكم أخي الحبيب

    وفقكم الله

    تعليق


    • #3
      رد: حلقات شرح الأجرومية

      جزاكم الله خيرا

      موضوع جيدٌٌ للغاية نتمى البدئ في الحلقات ونتابع باذن الله تعالى

      ولو كان من الممكن ان تذكروا لنا اسم الكتاب الشارح حتى يتم

      التدارس ونرجوا ان يكون هناك مساحة للأستفسارات والاسأله

      والله المستعان

      وفقكم الله وسدد خطاكم

      تعليق


      • #4
        رد: حلقات شرح الأجرومية

        جزاكم الله خيرا ونفع بكم
        في المتابعة إن شاء الله نسأل الله التيسير
        اللهم جبرا يليق بجلالك وعظمتك

        ثم تأتي لحظة يجبر الله فيها بخاطرك، لحظة يفزّ لها قلبك، تشفى كل جراحه، يعوضك عما كان، فاطمئن، لأن عوض الله إذا حلّ أنساك ما كنت فاقدًا
        ربي لو خيروني ألف مرة بين أي شيء في الدنيا وبين حسن ظني بك لأخذت من دم قلبي ورسمت به طريق حسن ظني بك وقلت لهم اتركوني وربي إنه لن يخذلني أبدا

        تعليق


        • #5
          رد: حلقات شرح الأجرومية

          بارك الله فيكم
          لدى سؤال إلى حين تخصيص موضوع للإستفسارات
          المشاركة الأصلية بواسطة أبو عبد الله محمد بن يحيى مشاهدة المشاركة
          ( 1 )
          المشاركة الأصلية بواسطة أبو عبد الله محمد بن يحيى مشاهدة المشاركة
          ويقال له ابن آجرّوم،بهمزة ممدودة،وجيم مخففه مضمومة

          أذكر أنى سمعت الشيخ بن عثيمين ينطق الاسم بكسر الجيم .
          فهل لهذا وجه , أم أن الذاكرة خانتنى ؟
          و جزاكم الله كل خير

          تعليق


          • #6
            رد: حلقات شرح الأجرومية

            الحمد لله ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد :
            قال ابن أجرّوم – رحمه الله - :
            " الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع "
            الكَلاَمِ : بفتح الكاف.وهي مثلثة،أي لها معنى بالضم ، ومعنى بالفتح ، ومعنى بالكسر ، فالكُلام بالضم - وهو مفرد - اسم للأرض الصعبة الغليظة، يقال: هذه أرضٌ كُلامٌ. وبالكسر – وهو جمع - ، كِلام جمعُ كَلْمٍ والمراد به الجراحات،يقال : فلان به كِلامٌ أو قلبي به كِلامٌ يعني جراحات. ولذلك ذكر ابن يعيش في شرح المفصل أن الكلام سُمي كلامًا لأنه يجرح القلب.
            جِرَاحَاتُ السِّنَانِ لهَا الِتئَامُ وَلا يَلْتَامُ مَا جَرَحَ اللِّسَانُ
            قال عبد العزيز المغربي ::
            أما الحــــديث فـالكَــــلام ** والجرح في المرء الكِلام
            والموضع الصلب الكُلام ** لليـبـــس والـتــصـــلـــــب
            [الكَلاَمِ] المشهور أنه اسم مصدر لكلَّم ؛لأن كلَّم يُكلِّم مصدره التكليم، وقيل: هو مصدر سماعي.
            الكلام لغةً: القول وما كان مكتفيًا بنفسه.
            والقول: هو اللفظ الدال على معنى كرجل وفرس وزيد.
            واللفظ قسمان: مهمل ومستعمل،
            فاللفظ المستعمل هو القول. فهو أخص مطلقًا من اللفظ، لأن اللفظ جنس تحته قسمان:
            مهملٌ، وهو الذي لم تضعه العرب قالوا: كديز مقلوب زيد، ورفعج مقلوب جعفر، فهو مهمل من الإهمال وهو الترك أي متروك.
            فالقول خاصٌ بالمستعمل أو بالموضوع. وهذا قد وضعته العرب، وما لم تضعه يسمى لفظًا ولا يسمى قولاً .
            وما كان مكتفيًا بنفسه {وما } : اسم موصول بمعنى الذي يصدق على شيء أَيْ شيء اكتفى بنفسه في الدلالة على ما يدل عليه القول.
            فكل ما أفاد فائدة للناظر أو للقارئ دون ضميمة قولٍ إليها نقول: هذا أفاد فائدةً واكتفى بنفسه دون لفظ.
            وهذه خمسة أشياء -التي تفيد بنفسها دون لفظ-: الكتابة والإشارة والعقد والنصب ولسان الحال.
            الكتابة : فلو كُتب (زيدٌ قائم) فقرأت دون أن تتكلم.هل أفادك فائدة أو لا؟ لا شك أنه أفادك فائدةً. هل هو كلام أو لا ؟ نقول: ليس بكلام، ولذلك تقرأ المجلد من أوله إلى آخره فتستفيد منه علمًا فالكتاب قد أفادك لكنها دون لفظٍ.
            والإشارة، لوأشار لصاحبه آمرًا له بالجلوس - أشار بيده من علو إلى سفل- فالإشارة أفادت معنى للناظر إليها دون ضميمة لفظ إليها.
            والعقد قالوا : هذه طريقة عند العرب كانوا يعقدون الأصابع للدلالة على عدد معين، فإذا عقدت الأصابع بهيئة معينة أفادت الناظر لكن أفادته دون ضميمة لفظ.
            والنُصُب وهو جمع نَصْبة ما ينصب للدلالة على شيء كأعلام الأرض فلو دخل إنسانٌ مسجدًا ما، يريد أن يعرف أين القبلة فنظر إلى المحراب، فعرف اتجاه القبلة، فالمحراب أفاده فائدة وهي كون القبلة في هذا الاتجاه دون أن يتكلم أو يضم إلى ذلك لفظًا.
            ولسان الحال كأن ترى الرجل ووجهه فيه نوع يأس وحزن تعرف أنه حزين أو تراه سرير وقرير العين فتقول: هذا فرح ، ما الذي دلك على أن هذا حزين وهذا فرح ؟ تقول : بلسان حاله ومثله المسكين.
            فنقول هذه الأمور الخمسة اكتفت بنفسها في الدلالة على المعنى دون ضميمة لفظٍ إليها.فحينئذٍ تأخذ قاعدة عامة: كل ما دل على معنى لا يشترط فيه أن يكون لفظًا بل قد تؤخذ المعاني من الألفاظ ومن غيرها كالدوال الأربع التي ذكرناها.
            هذا هو حد الكلام في اللغة: القول وما كان مكتفيًا بنفسه،
            وأما الكلام عند النحاة فهو أخص مطلقًا من الكلام عند أهل اللغة ، قال رحمه الله :
            الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع
            لأن الكلام يختلف باختلاف الفنون، فالكلام له معنى عند الأصوليين، وله معنى عند المتكلمين، ، وله معنى عند الفقهاء،كل فن إذا أطلق الكلام عندهم انصرف إلى ما اصطلح عليه بينهم ، وليس المراد به الذي اصطلح عليه النحاة.
            فائدة :
            ولذلك نقول: كلمة الاصطلاح تتكرر معنا كثيرًا في سائر الفنون ولابد أن يضبطها طالب العلم ويعرف ما المراد بهذه الكلمة إذا أطلقها النحاة أو الفقهاء أو غيرهم لذلك نقول :
            الاصطلاح أصله: اصتلح قلبت الفاء طاءً لأنه من باب افتعل كما هو معلوم عند الصرفيين، لأنها وقعت بعد حرف إطباق
            والاصطلاح في اللغة الاتفاق يقال: اصطلح زيدٌ وعمرٌو إذا اتفقا.
            والاصطلاح في الاصطلاح يعني عند أرباب الحقائق العرفية : اتفاق طائفة مخصوصة على أمر مخصوص بينهم متى أُطلق انصرف إليه.
            اتفاق طائفة مخصوصة سواءٌ كانوا نحاة أو أصوليين أو مناطقة أو مهندسين أو أطباء قل ما شئت، اتفاق طائفة مخصوصة على أمر مخصوص بينهم متى أطلق انصرف إليه،
            فمثلاً الفاعل عند النحاة له معنى خاص بهم، إذا أطلق لفظ الفاعل انصرف إلى المعنى الخاص الذي هو عند النحاة ولا ينصرف إلى الفاعل الذي هو عند أهل اللغة فإذا قال النحوي: هذا فاعل فليس المراد به من أحدث الفعل، بل المراد به الاسم المرفوع المذكور بعد الفعل

            ذكر هنا أن تعريف الكلام عند النحاة لابد أن يكون مشتملاً على أربعة أركان:
            الأول: أن يكون لفظًا. الثاني: أن يكون مركبًا. الثالث: أن يكون مفيدًا. الرابع: أن يكون موضوعًا بالوضع العربي.
            الركن الأول: لابد أن يكون لفظًا أي ملفوظًا به،فإذا لم يكن لفظًا لا يكون كلامًا نحويًا فقوله:لفظٌ أخرج خمسة أشياء: وهي الكتابة والإشارة والعقد والنصب ولسان الحال. هذه لا تسمى كلامًا عند النحاة لفقد الركن الأول وهو كونها ليست بلفظٍ. ولا يسمى الكلام كلامًا عند النحاة إلا إذا كان ملفوظًا به فالمقروء الذي تقرأه لا يسمى كلامًا عند النحاة وإن أفاد فائدة تامة.
            الركن الثاني: كونه مركبًا يعني مركبًا من كلمتين فأكثر حقيقة أو حكمًا.فنحو: زيد قائم وقام زيد،مركب من كلمتين.ونحو: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (المؤمنون:1) و ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾ (النساء:23) مركب من أكثر من كلمتين.وقولهم: حقيقة أو حكمًا، حقيقة بأن يلفظ بالكلمتين معًا كأن تقول: زيد قائمٌ. تلفظت بالكلمتين معًا.وحكما بأن تلفظ بإحدى الكلمتين دون الأخرى نحو: كيف زيدٌ ؟ تقول: مريضٌ ؟ فمريضٌ خبر لمبتدأ محذوف. فلم يُلفظ بالكلمتين، مع كونه مركبًا والملفوظ به كلمة واحدة،وقد دلت على المحذوف. فإذا لم يكن مركبًا انتفى التركيب فلا يسمى كلامًا، نحو: غلام زيدٍ، أو زيد، أوقام.
            الركن الثالث: أن يكون مفيدًا.والمقصود بالإفادة هنا أن يحسن السكوت عليه من المتكلم بحيث لا يصير السامع منتظرا لشيءٍ آخر. لو قال له: قد قام زيدٌ حصلت الفائدة التامة، فيحسن السكوت عليه من المتكلم لوجود التركيب الإسنادي، لكن لو قال: إن قام زيدٌ... لم تحصل الفائدة التامة، فحينئذٍ لا يسمى كلامًا لأن السامع صار منتظرًا لشيء آخر، فلم تحصل الفائدة التامة فإذا لم تحصل حينئذٍ انتفى حد الكلام فلا يصير كلامًا في عرف النحاة.
            الركن الرابع: أشار له بقوله : بالوضع وهنا اختُلف في تفسير الوضع هل المراد به القصد أو الوضع العربي ؟ الأصح أن المراد به الوضع العربي.وهو جعل اللفظ دليلاً على المعنى- هذا في المفردات- فأخرج كل لفظٍ ليس بعربي كلغة البربر والإنكليز والفرنسي ونحوها فهذه لا تسمى كلامًا في اصطلاح النحاة مع كونها لفظًا مركبًا مفيدًا ولكنها ليست موضوعةً بالوضع العربي. ودخل بهذا القيد كلام النائم والناسي والساهي والمجنون ومن جرى على لسانه ما لا يقصده لأنهم تكلموا بكلامٍ عربي. إذا تلفظ النائم فأتى بكلام مركب من جملة اسمية أو جملة فعلية.نقول:هو لفظٌ مركب مفيدٌ وموضوع بالوضع العربي لكنه ليس مقصودًا لأنه نائم مرفوع عنه التكليف فحينئذٍ نحكم على كلامه بأنه توفرت فيه القيود الأربعة التي وضعها النحاة.
            أما من فسر الوضع بالقصد قال:كلام النائم والساهي ونحوه لا يسمى كلامًا لاشتراط القصد في الكلام فلابد أن يكون مقصودًا من جهة المتكلم أي إرادة المتكلم إفادة السامع، لابد أن ينوي في قلبه أنه أراد إفادة السامع. والنائم إذا قام فتكلم لم يرد إفادة السامع ، فمن فسر الوضع بأنه القصد أخرج كلام النائم والمجنون والساهي ومن جرى على لسانه ما لا يقصده، ودخل معه كلام البربر والتكرور والفرنسي والإنجليزي ونحوه فيسمى كلامًا في اصطلاح النحاة ولو لم يكن موضوعًا بالوضع العربي، لكن الأصح أنه يفسر بالوضع العربي.
            والشرح :
            قال الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع
            اللفظ له معنيان: معنى لغوي ومعنى اصطلاحي.
            أما معناه في اللغة فهو: الطرح والرمي. يقال:أكلت التمرة و لفظت نواها بمعنى طرحتها ورميتها.
            أما في الاصطلاح فالمشهور عند النحاة أنه الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء مهملاً كان أو مستعملاً.
            قوله:( الصوت ) اللفظ لابد أن يكون صوتًا. فإذا لم يكن صوتًا لا يقال إنه لفظ.
            وحقيقة الصوت:هو صفة مسموعة أو عرض مسموع. فكل ما يدرك بالسمع فهو صوت. ثم هذا الصوت قد يكون خارجًا من الفم،وقد يكون من غير الفم.
            وما كان خارجًا من الفم إما أن يكون مشتملاً على حرفٍ، وإما أن لا يكون مشتملاً على حرفٍ,
            والذي معنا ويسمى لفظًا هو الصوت المشتمل على بعض الحروف.
            حينئذٍ نقول: أخرج الصوت الذي لم يشتمل على بعض الحروف كما لو حرك الإنسان بين أضراسه وظهر صوت غير مشتمل على بعض الحروف فلا يسمى لفظًا، لأنه وإن كان صوتًا فليس مشتملاً على بعض الحروف،
            فليس كل صوت خرج من الفم فهو لفظٌ بل لابد أن يكون مقيدًا بكونه مشتملاً على بعض الحروف الهجائية، والصوت الذي يخرج من الفم وليس معه حرف يسميه النحاة الصوت الساذَج الذي ليس معه حرف.
            المشتمل على بعض الحروف: على بعض: لأنه لا يمكن أن يوجد لفظ مشتمل على كل الحروف بل لابد وأن يكون مشتملاً على بعضها، ويتعذر أن يوجد لفظ قد اشتمل على الحروف كلها,
            والحروف الهجائية: نسبة إلى الهجاء وهو التقطيع، وهي إنما أخذت من الكلمات بتقطيعها, فإذا قيل: قطِّع كلمة زيد فقل: زَهْ، يهْ، دهْ بهاء السكت ، ولا تقول: الزاي والياء والدال، هذا غلط لأنها أسماء للحروف،وإنما تقول: زه، يه، ده، لأنه هو الذي أُلِّف منها كلمة زيد، ،فزه حرف هجاء واسمه الزاي، ويه حرف هجاء واسمه الياء،وده حرف هجاء واسمه الدال، أُلِّف من هذه الحروف الثلاثة كلمة زيد.
            ( مهملاً كان أو مستعملاً ) قسم لك اللفظ إلى قسمين:
            القسم الأول: اللفظ المهمل مأخوذ من الإهمال وهو الترك والهجر، وهو الذي لم تضعه العرب. كديز مقلوب زيد، ورفعج مقلوب جعفر.
            القسم الثاني: المستعمل، وهو ما وضعته العرب كزيد وجعفر. إذًا اللفظ جنس-وهو ما عمَّ شيئين فصاعدًا- فيشمل النوعين: المهمل و المستعمل . وسبق أن اللفظ أخرج به خمسة أشياء الكتابة والإشارة والنصب والعقد ولسان الحال. وأدخل المهمل والمستعمل. فهو للإدخال والإخراج.
            [المُـرَكَّبٌ] هذا نعت للفظ، على صيغة اسم المفعول وزنه مُفَعَّل ، وهو مشتق من التركيب
            والتركيب في اللغة: وضع شيء على شيء مطلقًا سواء كان على جهة الثبوت أو لا, وسواء كان بينهما مناسبة أو لا. فالتركيب أعم من البناء،وأعم من التأليف، فكل بناء تركيب ولا عكس؛لاشتراط الثبوت في البناء. وكل تأليف تركيب ولا عكس؛ لاشتراط المناسبة في التأليف.
            وأما المركب اصطلاحا: فهوما تركب من كلمتين فأكثر حقيقة أو حكمًا.وسبق بيان هذا الحد.
            [ اللَفْظٌ المُـرَكَّبٌ ] إذًا قيَّدنا اللفظ بأنه مركب،
            فأخرج من اللفظ أمرين: المفرد والأعداد المسرودة، فالمفرد كزيد وهو لفظٌ ؛ لكنه ليس بكلام،والأعداد المسرودة كواحد اثنين ثلاثة أربعة، هذه وإن أفادت إلا أنها ليست بكلام لانتفاء التركيب ،
            [ اللَفْظٌ ] أخرج خمسة أشياء
            [ المُـرَكَّبٌ ] أخرج شيئين اثنين لا ثالث لهما وهما المفرد والأعداد المسرودة.
            [ المُفِـيدٌ ] نعت لمركب، على صيغة اسم الفاعل أصله مُفْيِد وزنه مُفْعِل من أفاد الرباعي مثل أكرم يكرم فهو مكرم،استثقلت الكسرة على الياء فنقلت إلى ما قبلها وهذا يسمى إعلالاً بالنقل فصار مُفِيد- بإسكان الياء وكسر الفاء-.
            والفائدة لغةً: ما استفيد من خيرٍ أو مالٍ أو جاهٍ.
            واصطلاحا: ما أفاد فائدةً -التنوين هنا للكمال يعني فائدة تامة- يحسن السكوت عليها من المتكلم. وهذا الأصح وهو أن السكوت من المتكلم .وقيل: من السامع.وقيل: من السامع والمتكلم معا. فائدةً يحسن السكوت عليها وهذا إنما يحصل عند النحاة بوجود الفعل وفاعله، أو المبتدأ والخبر. إذا وجد المبتدأ والخبر مثلا نقول: حصلت الفائدة الكلامية،فهو مفيد فائدة تامة. لأن السامع إذا سمع هذا التركيب زيد قائم، استفاد منه فائدة يحسن السكوت عليها بحيث لا ينتظر شيئًا آخر انتظارًا تامًا
            [ المُفِـيدٌ ] أخرج أربعة أشياء:
            المركب الإضافي كغلام زيد.
            والمركب المزجي كبعلبك وحضرموت.
            والمركب التوصيفي- التقييدي- الذي هو الموصوف وصفته جاء زيد العالم، زيدٌ العالم صفة وموصوف، هذا يسمى مركبًا تقييديًا.
            والمركب الإسنادي الذي لم يفد فائدة تامة.
            والمركب الإسنادي من حيث هو ثلاثة أقسام:
            الأول:مركب إسنادي مسمى به،كالجملة الفعلية قد يسمي الشخص ولده بجملة فعلية مثل: شاب قرناها،و تأبط شرًّا، فتأبط شرًّا هذا اسم رجل تقول جاء تأبط شرًّا، ورأيت تأبط شرًّا، ومررت بتأبط شرًّا، هذا مفرد كما تقول: جاء زيد، ورأيت زيدًا، ومررت بزيدٍ. وهو مركب إسنادي باعتبار الأصل لأنه فعل وفاعل ومفعول به، تأبط فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو، وشرًّا مفعول به. فنقل التركيب الذي هو الجملة الفعلية وصار علمًا على شخصٍ بعينه فصار مفردًا حينئذٍ يعامل معاملة المفرد.
            الثاني:المركب الإسنادي غير التام نحو: إن قام زيدٌ... هذا مركب إسنادي لكنه لم تحصل به الفائدة التامة. الثالث: المركب الإسنادي المفيد فائدةً تامة.
            فقوله [المُفِـيدٌ] أخرج المركبات بأنواعها ماعدا المركب الإسنادي المفيد فائدة تامة.ودخل فيه ما علم ثبوته أو نفيه للسامع نحو: الضدان لا يجتمعان، والسماء فوقنا ، والأرض تحتنا.
            [ بالوضع ] المراد به الوضع، وهو مصدر أريد به اسم المفعول كاللفظ بمعنى الملفوظ كذلك الوضع بمعنى الموضوع.
            الوضع لغة: الولادة يقال: وضعت المرأة إذا ولدت.ويأتي بمعنى الإسقاط والحط يقال: وضعت عن زيد الدين بمعنى أسقطته وحططته.
            وأما في الاصطلاح فهو إما أن يفسر بالقصد،وهو قول مرجوح. وإما أن يفسر بالوضع العربي وهو الأرجح.
            إذًا عرفنا حد الكلام وأنه [ اللَفْظٌ المُـرَكَّبٌ المُفِـيدٌ بالوُضِعْ ] ما اشتمل على الأربعة الأركان إن انتفى واحدٌ منها انتفى الكلام،وإن انتفت الأربعة فمن باب أولى وأحرى.

            وعلى الله قصد السبيل ،،،،،،،
            ( ليسَ شيءٌ أضرَّ على الأممِ ، وأسرعَ لسقوطِها من خِذلانِ أبنائِها للسانِها ، وإقبالِهم على ألسنةِ أعدائِها )
            أبو قصي
            =================
            منتديات قول الحق الدعوية، وحوار الفرق المخالفة

            تعليق


            • #7
              رد: حلقات شرح الأجرومية

              قال المصنف رحمه الله :
              " وأقسامه ثلاثة : اسم ، وفعل ، وحرف جاء لمعنى ".

              [أَقْسَـامُهُ] الضمير يعود على الكلام، أي أقسام الكلام، فأراد أن يقسم لنا الكلام لأنه ذكر أنه مركب، فحينئذٍ لابد أن يتركب من أجزاء،فيأتي السؤال ممَّ يتركب الكلام؟ قال: [أَقْسَـامُهُ] ،كأن سائلاً قال له: ما هي الأجزاء التي يتركب منها الكلام؟ لأنك أخذت التركيب قيدًا في حد الكلام فقال: [أَقْسَـامُهُ الَّتِي عَـلَيْهَا يُبْنَى] بمعنى التي يتألف منها الكلام، من مجموعها لا من جميعها ثلاثة وقوله:[الَّتِي عَـلَيْهَا يُبْنَى] احترز به من نوعه الذي إليه ينقسم،[اِسْمٌ وَفِعْـلٌ ثُمَّ حَـرْفُ مَـعْنَى] ودليل هذا التقسيم الاستقراء والتتبع،يعني نظر النحاة في كلام العرب فوجدوا أنه لا يخلو عن ثلاثة أحوال: إما أن يكون اسمًا، وإما أن يكون فعلاً، وإما أن يكون حرفًا.
              و ذكر بعضهم دليلاً نقليًا عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال لما شكى له أبو الأسود الدؤلي العجمة قال له: انحُ لهم نحوًا واقسم الكلام ثلاثة أشياء: اسمًا وفعلاً وحرفًا جاء لمعنى ذكره السيوطي في الأشباه والنظائر. ومن الأدلة التي يثبت بها هذا التقسيم النظر بأن يقال: الكلمة إما أن تدل على معنى في نفسها أولا، الثاني: الحرف. والأول: إما أن يقترن بزمن أولا، الثاني: الاسم. والأول: الفعل.
              [اِسْمٌ وَفِعْلٌ وحرف جاء لمعنى] أي وضع ليدل على معنى، والمعنى هو ما يقصد من الشيء. قال كثير من الشراح أن الحرف هنا قُيِّد بالمعنى احترازًا عن حرف المبنى؛ لأن الحرف نوعان: حرف مبنى،وحرف معنى.- حروف معاني،وحروف مباني- حروف المباني:هي التي تتركب منها الكلمة- أجزاء الكلمة كزه، يه، ده- زه يسمى حرف مبنى لأنه لا يدل على معنى وليس قسيمًا للاسم ولا للفعل. النوع الثاني: حروف المعاني وهي ما كان كلمة مستقلة بذاته وله معنى، لكنه ليس بذاته وإنما يفيد معنى إذا ضم إلى غيره من اسم أو فعل. والمراد هنا الذي جُعل قسيمًا للاسم والفعل هو حرف المعنى

              [اِسْمٌ وَفِعْلٌ وحرف جاء لمعنى] اسم وما عطف عليه خبر المبتدأ أقسام، وقدم الاسم هنا لأنه مقدم على الفعل بالاتفاق قالوا: لأن الكلام لابد له من إسناد-وهو نسبة حكم إلى اسمٍ إيجابًا أو سلبًا- والمراد بالحكم هنا في اصطلاح النحاة: الفعل، والخبر، فهو محصورٌ في شيئين لا ثالث لهما. فالفعل محكوم به فنحو: قام زيد زيدٌ محكوم عليه بثبوت القيام في الزمن الماضي وهو فاعل وقام محكوم به.وزيد قائم زيدٌ محكوم عليه وهو مبتدأ، وقائم محكوم به وهو خبر. إذًا نسبة حكم، أي الفعل والخبر، إلى اسم أي المبتدأ و الفاعل ونائبه. إذا كان الإسناد بهذا المعنى فلابد له من مسند ومسند إليه، ، المسند إليه هو المحكوم عليه، والمسند هو المحكوم به، المسند إليه هو المبتدأ والفاعل ونائب الفاعل، والمسند هو الخبر و الفعل.
              هذا الإسناد قد يحصل من نوع الاسم يعني قد يكون المسند إليه والمسند في نفس التركيب قد يكونا اسمين. إذًا حصل الكلام من نوع واحد، وهو الاسم نحو: زيد قائم، زيدٌ محكوم عليه،مسند إليه،وهو اسم، وقائم محكوم به، مسند وهو اسم.إذًا حصل الكلام من النوع الأول وهو الاسم، لذلك علا وارتفع عن الفعل؛لأن الفعل لا يكون مسندًا إليه أبدًا.وإنما يكون مسندًا محكومًا به فقط ، إذًا نقص الفعل درجةً عن الاسم، وعلا الاسمُ درجةً على الفعل؛لوقوعه مسندًا ومسندًا إليه فعلا وارتفع على أخويه الفعل والحرف.ولكون الفعل بقي له ركنٌ من ركني الإسناد،وهو كونه مسندًا أُعطي الدرجة الثانية ،وأما الحرف فلا يكون مسندًا ولا مسندًا إليه.إذًا الكلام يتألف من اسمين، وكذلك من اسم وفعل، وهو أقل ما يتألف منه الكلام؛ لأنه بالإجماع لا يتألف الكلام من فعلين.ولا يتألف من حرفين. لماذا لا يتألف من فعلين؟ لأن الكلام لابد أن يكون فيه إسناد،والإسناد لابد فيه من مسند ومسند إليه،والفعل لا يكون مسندًا إليه. فلا يصح أن يقال: جاء قال! لأن (جاء) صفة في المعنى، ولذلك نص النحاة على أن الأفعال كلها الماضي والمضارع والأمر هي أوصاف في المعنى فإذا قلت: جاء زيدٌ. فقد وصفت زيدًا بالمجيء.وقام زيدٌ وصفت زيدًا بالقيام. وإذا كانت الأفعال صفاتٍ في المعنى فلابد من موصوفٍ، وأين الموصوف إذا قيل:جاء قام! فليس عندنا موصوف. فحينئذٍ لا يتألف الكلام من فعلين. ولا من حرفين من بابٍ أولى لأن الحرف لا يكون مسندًا ولا مسندًا إليه. لكن هل يتألف من حرف واسم،أو من حرف وفعلٍ؟ هذا فيه نزاع، ذهب أبو علي الفارسي إلى أنه يتألف من حرف واسم،و حصره في باب النداء نحو: يا زيد، قال: فقد حصلت الفائدة التامة وهي مستلزمة لصحة التركيب. والصحيح أنه ليس مؤلفا من حرف واسم؛ بل هذا التركيب فرع وليس بأصل؛لأن أصل قولك: يا زيدُ أدعو زيدًا، والدليل على ذلك أن زيدُ لو نُعت لجاز فيه النصب إتباعا للمحل. ثم نقول: هو مبني في محل نصب من أين ثبت له هذا المحل؟ لابد وأن يكون ثَمَّ عامل يعمل النصب في محل زيد، ويا حرف نداء لا تعمل النصب، والحاصل: أن هذا التركيب فرع وليس بأصل. كذلك لا يصح أن يتألف من حرف وفعلٍ خلافًا للشلوبين لأنه ذهب إلى أنَّ نحو: ما قام، مؤلف من حرف وفعلٍ، والضمير المستتر في الفعل لا يعد كلمة. والأصح أنه يُعد كلامًا فنحو: ما قام الأصل أن يعتبر الضمير المستتر أنه كلمة مستقلة بذاتها، فحينئذٍ نقول: ما حرف نفي، وقام فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو على حسب ما يعود إليه في الكلام. قال في نظم الورقات مشيرا إلى هذين المذهبين:
              أَقَـلُّ مَا مِنْهُ الكَـلَامَ رَكَّبُوا اسْمَانِ أَوِ اسْمٌ وَفِعْلٌ كَارْكَبُوا
              كَذَاكَ مِنْ فِعْلٍ وَحَرْفٍ وُجِدَا وَجَاءَ مِنْ إِسْمٍ وَحَرْفٍ فِي النِّدَا
              قوله:[ اِسْمٌ وَفِعْلٌ وحرف جاء لمعنى ] نأخذ منه أن أقل ما يتألف منه الكلام اسمان أو اسم وفعلٌ، و لا ينحصر الكلام في هذين النوعين، بل قد يتألف من أكثر، وابن هشام أوصلها إلى سبعٍ في شرح قطر الندى.
              ثم شرع المصنف- رحمه الله- في بيان حقيقة كل واحدٍ من هذه الأنواع الثلاثة،لأن الاسم والفعل والحرف هذه تشترك في كونها أنواعًا للكلمة، وهي قول مفرد. وتنقسم إلى اسم وفعلٍ وحرفٍ، وتمييز بعضها عن بعض يكون من جهتين:إما من جهة الحد، وإما من جهة العلامة والأثر. و الحد أضبط من العلامة لأنه مطّرد منعكس، والعلامة تطّرد ولا تنعكس. فالحد ينضبط بأنه كلما وجد الحد وجد المحدود وبالعكس كلما انتفى الحد انتفى المحدود، فالتلازم في الطرد أي في الثبوت، وفي العكس أي في الانتفاء. أما العلامة فهي ملازمة في الثبوت لا في الانعكاس. فكلما وجدت أل وجد الاسم بعدها،لكن هل كلما انتفت أل انتفى الاسم بعدها؟ يعني إذا قيل: الرجل -أل- وجدت وهي علامة على كون ما بعدها-رجل- اسمًا.إذًا وجدت أل فلابد أن يكون ما بعدها اسمًا، ولا يمكن أن يقع بعدها الفعل ولا الحرف، فهي مطّردة كلما وجدت وجد الاسم. لكن إذا انتفت فقيل رجلٌ هل انتفت الاسمية عن رجل لعدم وجود أل ؟ الجواب: لا، إذًا هي غير منعكسة.
              قال المصنف رحمه الله :
              فالاسم يعرف : بالخفض ، والتنوين ، ودخول الألف واللام ، وحروف الخفض وهي : من وإلى وعن وعلى وفي ورب والباء والكاف واللام وحروف القسم وهي : الواو والباء والتاء .
              [فَالاِسْمُ] هذه الفاء تُسمَّى فاء الفصيحة،لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، كأنه قال: إذا أردت تمييز ومعرفة كل نوع من هذه الأنواع الثلاثة مما يميزها عن غيرها فأقول لك الاسم.إذًا ثمَّ شرط مقدر والاسم هذا واقع في جواب الشرط،[الاِسْمُ] أل للعهد الذكري،لأن النكرة إذا أعيدت معرفة فهي عين الأولى. والاسم لغة: ما دل على مسمى.فكل ما دل على مسمى فهو اسم في اللغة.ولذلك الفعل اسم في اللغة،والحرف اسم في اللغة. أما الاسم اصطلاحا فهو أخص مطلقا من المعنى اللغوي فهو: كلمة دلت على معنى في نفسها ولم تقترن بأحد الأزمنة الثلاثة.قوله: (كلمة) جنس في الحد،لأن المقسوم إذا عُرِّفت أقسامه لابد أن يؤخذ جنسًا في الحد فنقول: الاسم هو كلمة لأن العلاقة بين جنس الحد والمحدود هي العموم والخصوص المطلق،فكل اسم كلمة وليس كل كلمة اسمًا. لأن الكلمة أعمُّ تشمل الاسم والفعل والحرف. (دلت على معنى في نفسها) يعني كلمة ذو دلالة على معنى يستفاد منها،(معنىً في نفسها) أخرج الحرف؛ لأن الحرف لا يدل على معنى في نفسه. وليس المراد أن الحرف مسلوب المعنى بالكلية؛ وإلا لما كان فرقًا بين الحرف وبين اللفظ المهمل.ولكن مراد النحاة أنه لا معنى له يُفهم بذاته دون ضميمة كلمة أخرى. فإذا قيل: (بيت) فُهم المراد منه دون أن يسند إليه شيء آخر، فبذاته أفاد معنى. وإذا قيل: (قام) مثلا فُهم منه معنى مستقل وهو ثبوت القيام في الزمن الماضي.لكن إذا قيل (في) لا تُفهم الظرفية منه إلا إذا كان هذا الحرف في جملة تامة. فحينئذٍ كون الحرف لا يدل على معنى مرادهم لا يدل على معنى بذاته بل لابدَّ من ضميمة كلمة أخرى تكشف وتُظهر هذا المعنى. (كلمة دلت على معنى) نقول: أخرج الحرف،وبقي معنا الفعل والاسم، واشتركا في الدلالة على معنى. (ولم تقترن بأحد الأزمنة الثلاثة) ولم تقترن أي الكلمة لم تقترن يعني لم يجعل في دلالتها على المعنى دلالتها على شيء آخر وهو الزمن، لأن اللفظ قد يدل على شيء واحد فقط، وقد يدل على شيئين.فمثلا دلالة لفظ بيت على المعنى المفهوم من اللفظ شيء واحد.ودلالة زيد على الذات المشخصة شيء واحد.ودلالة قام نقول على شيئين: المصدر وهو القيام، والزمن الماضي. إذًا قوله:(ولم تقترن) هذا احتراز عن الفعل،لأن الفعل دل على معنى واقترن بأحد الأزمنة الثلاثة التي هي الماضي أو الحال أو الاستقبال. ولا يمكن أن يقترن الفعل بزمانين أو ثلاثة ولذلك قال بأحد الأزمنة. وقولنا:(ولم تقترن بأحد الأزمنة الثلاثة).
              ثمَّ ميَّزه ببعض العلامات، وذكر له أربع علامات وقد أوصلها بعضهم إلى بضع وثلاثين علامة.

              كما ذكرنا أن هذا شروع منه في بيان ما يميِّز الاسم عن قسيمه الفعل والحرف،لأن هذه الأنواع الثلاثة بينها قدر مشترك، وهذا القدر المشترك هو القول المفرد،فقد قدّمنا الكلام على أن الكلمة هي : قول مفرد ، وهذه الكلمة لها ثلاثة أقسام ، اسم ، وفعل وحرف ؛ فحينئذٍ نحتاج أن نميز ما هو القول المفرد الذي يطلق عليه إنه اسم.وما هو القول المفرد الذي يطلق عليه إنه فعل. وما هو القول المفرد الذي يطلق عليه إنه حرف.
              ولتمييز الاسم عن الفعل وعن الحرف علامات وهي مطردة ولكونها أسهل للمبتدئ من الحد ( التعريف ) بدأ بها المصنف رحمه الله: [فَالاِسْمُ] الفاء تسمى فاء الفصيحة،
              فالاسم يعرف بالخفض و[بِالخَفْضِ] جار ومجرور متعلق بقوله:[يُعْرَفُ] أي يميز عن قسيميه الفعل والحرف بالخفض وما عطف عليه. أما العلامة الأولى فأشار إليها بقوله:[بِالخَفْضِ] أي مسمى الخفض وهو الكسرة،فالاسم يعرف بمسمى الخفض لا بلفظ الخفض.
              والخفض لغة: ضد الارتفاع،وهو التذلل والخضوع.
              واصطلاحًا: الكسرة التي يحدثها عامل الجر.
              ولذلك لابد في هذا الموضع من تقييدها بالكسرة التي يحدثها عامل الجر( أي الأشياء التي تجر )، لا مطلق الكسرة، لأن الكسر مطلقًا دون أن يكون مرتبطًا بعامل الجر ليس علامة للاسم، وإلا كلما وَجَد المبتدئ الكسر في لفظ حكم عليه بأنه اسم!
              نحو : ( أمسِ ) فأمسِ اسم مبني على الكسر وليست علامة على الاسمية ،
              ونحو: ( قمِ الليل )، الكسرة هنا دخلت على اللفظ و لا يجوز الحكم على مدخولها بكونه اسما من جهتين:
              أولاً: كون مدخول هذه الكسرة فعلا.
              والثاني: كون هذه الكسرة لم يحدثها عامل الجر.
              فليست العلامة مطلق الكسرة، وإنما الكسرة التي يحدثها العامل، وعامل الجر محصورٌ في عاملين لا ثالث لهما، وهما المضاف وحرف الجر كما سيأتي في موضعه.
              فإذا جاءت كلمة مكسورة وأحدثها عامل الجر؛كقولك: (مررت بغلام زيدٍ) نقول: بغلامِ اسم، لوجود الكسرة التي أحدثها عامل الجر، وهو الباء. وزيد من غلام زيدٍ اسم ،لوجود الكسرة التي أحدثها عامل الجر وهو المضاف على الأرجح.

              العلامة الثانية أشار إليها بقوله:[وَالتَّنْوِينِ] أي فالاسم يعرف بالخفض فيميز عن قسيميه الفعل والحرف بدخول مسمى الخفض،وكذلك يميز عن قسيميه الفعل والحرف بدخول التنوين يعني مسمى التنوين، وليس لفظ التنوين هو الذي يدخل على الاسم وإنما مسماه،فقولك: زيدٌ فيه ضمتان: الضمة الأولى علامة الرفع.والضمة الثانية عوض عن التنوين.
              والتنوين مصدر نوَّن ينون تنوينًا، وهو في اللغة التصويت،يقال: نون الطائر إذا صوَّت.
              وأما في الاصطلاح فقد عرفه السيوطي في همع الهوامع بقوله: هو نونٌ تثبت لفظًا لا خطًا.
              . فحينئذٍ إذا وجدت النون الزائدة الساكنة متصلة بآخر الكلمة وهي ثابتة خطا فلا نحكم على مدخولها بكونه اسماً ؛لأن التنوين الذي يكون علامة للاسم لا يكتب.
              والذي يختص بالاسم دون الفعل والحرف هي أربعة أنواع :

              الأول: تنوين التمكين : فتنوين التمكين أي تنوين دالٌ على تمكين الاسم في باب الاسمية. قالوا: الاسم الذي هو قسيم للفعل والحرف على ثلاثة أنواع:- لأنه شارك الفعل في كونه داخلا تحت جنس وهو القول المفرد وشارك الحرف كذلك- الاسم ثلاثة أنواع:
              اسم فيه شبه من الحرف ، واسم فيه شبه من الفعل، واسم ليس فيه شبه من الفعل ولا من الحرف.
              فالنوع الأول: بعض أفراد وآحاد الاسم أشبهت الحرف، والحرف مبني ، فإذا أشبه الاسم الحرف أخذ حكمه- بشرطه وسيأتي في موضعه- فحينئذٍ نحكم على بعض الأسماء بأنها مبنية لكونها أشبهت الحرف.
              قال ابن مالك:
              وَالِاسْمُ مِنْهُ مُعْرَبٌ وَمَبْنِي لِشَبَهٍ مِنَ الحُرُوفِ مُدْنِي
              إذًا علة بناء الأسماء محصورة عند ابن مالك بشبه من الحروف مدني، يعني قريب ليس مطلق الشبه.
              النوع الثاني: وبعض أفراد وآحاد الاسم أشبهت الفعل، وهو الممنوع من الصرف، لأن الفعل ممنوع من الجر، وممنوع من التنوين؛ فإذا أشبه الاسم الفعل أخذ حكمه،وهو المنع من الجر والمنع من التنوين.
              النوع الثالث: اسم خالص،لم يشبه الحرف فيبنى، ولم يشبه الفعل فيمنع من الصرف. لأن ما أشبه الحرف أخذ حكمه،وما أشبه الفعل أخذ حكمه. وهذا خالص من الشبهين فعلا وارتفع، فهو أعلى من الجميع،لأن الذي أشبه الحرف خرج من باب الإعراب بالكلية وصار مبنيًا،والأصل في الأسماء الإعراب. إذًا خرج عن حكمه أصالة فهو أدنى المراتب.
              وأعلى من ذلك مرتبة الاسم الذي أشبه الفعل لأنه لم يخرج عن الإعراب بالكلية،وإنما خرج عن بعض أنواع الإعراب،وهو الجر بالكسر والمنع من التنوين،إذًا بقي على إعرابه ولكنه سلب بعض الصفات التي أعطيت للأسماء،
              وأعلى من ذلك مرتبة ودرجة وهو يعلو الجميع: الاسم الخالص من شبه الحرف ومن شبه الاسم.
              قالوا: ما الذي يميز لنا هذا النوع؟ أعطوه تنوينا سموه تنوين التمكين يعني تنوين دالٌ على تمكين الاسم في باب الاسمية والإعراب بحيث لم يشبه الحرف فيبنى،ولا الفعل فيمنع من الصرف،وهو اللاحق للأسماء المعربة،ومختص بها.وإذا أطلق التنوين عند النحاة انصرف إليه لأنه هو الأصل.

              النوع الثاني: تنوين التنكير : وضابطه:أنه اللاحق لبعض الأسماء المبنية فرقًا بين معرفتها ونكرتها.
              وهو بابان:
              الأول :اسم الفعل،كصهٍ، وصه اسم فعل أمر قد يكون معرفة، وقد يكون نكرة.إذا أردت أن تميز النكرة عن المعرفة فأدخل التنوين واحكم عليه بكونه نكرة. ولذلك نقول: تنوين التنكير، تنوين دال على أن مدخوله نكرة لا معرفة. فإذا قلت صهٍ فهو نكرة ،وإذا قلت صهْ دون تنوين فهو معرفة.وثم فرق من جهة المعنى= إذا قلت: صهٍ فهو أمر بالسكوت مطلقًا.وإذا قلت: صه-من غير تنوين- صار معرفة، فهو أمر بالسكوت عن حديثٍ معين، يعني اسكت عن هذا الكلام ولك أن تتكلم في غيره.ومثله إيهٍ بمعنى زدني، إذا قلت: إيهٍ يعني زدني من كلامك مطلقا،وإذا قلت: إيه-من غير تنوين- يعني زدني من هذا الحديث المعين الذي تتكلم فيه.
              الثاني : الأعلام المختومة بويه،وأما الأعلام المختومة بويه فنحو:سيبويهٍ وسيبويهِ، سيبويهِ-من غير تنوين- معرفة، الذي هو سيبويه إمام النحاة.وسيبويهٍ-منونا- نكرة؛ لأن سيبويهٍ علم مختوم بويه،وهو مبني، فالتنوين إذا دخله فهو تنوين التنكير.

              النوع الثالث:تنوين المقابلة،وهو اللاحق لجمع المؤنث السالم، نحو:مسلماتٍ؛ لأنه لما جمع مسلم - جمع مذكر سالم - سلب عنه التنوين الدال على التمكين فقيل: مسلمو فحصل فيه قصور قالوا: إذًا لابد من تعويضه وجبر خاطره، لأنه سُلب أمرًا يدل على تمكنه في باب الاسمية والإعراب.فعوضوه نونًا،هذه النون عوض عن التنوين ولذلك يقال في إعرابها:عوض عن التنوين في الاسم المفرد، لأن الاسم المفرد الذي هو معرب وليس فيه شبه بالحرف ولا بالفعل فهو في أعلى الدرجات والذي يدل على هذه المكانة وهذه الرفعة والمرتبة هو التنوين، فإذا سلب يُخشى عليه من توهم الانحطاط فعوض عن هذا التنوين بنون تدل عليه.

              النوع الرابع: تنوين العوض. وهو ثلاثة أقسام:

              1- عوض عن حرف : كجوارٍ وغواشٍ. وهذا النوع قد فصلته في شرح الملحة.
              2- عوض عن كلمة : وهو اللاحق لكلٍ وبعض، فكل وبعض ملازم للإضافة للمفرد،لكن قد ينفك عنه ويحذف في اللفظ ويعوض عنه التنوين، نحو: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ (الإسراء:84) أي كلُّ إنسانٍ. ولذلك جاء مصرحًا به ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ﴾ (الإسراء:13)ونحو: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ (البقرة:253) أي على بعضهم.
              3- أن يكون عوضًا عن جملة أو جمل : وهو اللاحق لـ(إذ) ونحوها، وقد يكون عوضًا عن جملة واحدة، نحو: ﴿وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ﴾ (الواقعة:84)أي وأنتم حينئذ بلغت الروح الحلقوم.فحذفت هذه الجملة اختصارًا وعوض عنها التنوين. وقد يكون عوضًا عن جمل.نحو قوله تعالى: ( إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا، وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا، وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا، يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا)[الزلزلة].وأصل التركيب يومئذ زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان مالها. هذا أصل التركيب، فحذفت هذه الجمل الثلاثة وأُتي بالتنوين فقيل: (يومئذٍ).
              العلامة الثالثة: دُخُولُ أَلْألف واللام : يعني قبول الكلمة الألف واللام علامة عليها بكونها اسما؛لأن الألف واللام من خصائص الأسماء كما أن الخفض والتنوين من خصائص الأسماء. والأصل أن الشيء لا يميز إلا بما اختص به،وما كان مشتركًا لا يصلح أن يكون علامة تميزه عن غيره. وليس المراد بالدخول بالفعل يعني لابد أن نحكم على الكلمة بأنها اسمٌ لوجود الألف واللام،بل بمجرد قبوله الألف واللام فرجل من قولك: جاء رجلٌ اسمٌ بدليل قبوله الألاف واللام ، ولا يشترط أن توجد الألف واللام بالفعل بل كونه قابلاً لها يكفي في الحكم بالاسمية.
              قال المصنف رحمه الله : [الألف واللام] ولم يقل (أل ) وهذا مذهب الكوفيين، أما من قال ( أل )، فلأنه جرى على مذهب الخليل بن أحمد الفراهيدي وهو كون المعرِّف أل برمتها. لأن ثمَّ خلافًا إذا قيل أل المعرفة علامة من علامات الأسماء هل هي حرفان أم حرف واحد؟ فيه أربعة مذاهب،والمشهور قول الجمهور عند المتأخرين أن اللام وحدها هي المعرفة ولذلك قال الحريري:
              وَآلَـةُ التَّعْرِيفِ أَلْ فَمَنْ يُرِدْ تَعْرِيفَ كَبْدِ مُبْهَمِ قَالَ الكَبِدْ
              وَقَالَ قَوْمٌ إِنَّهَا الَّلامُ فَقَطْ ..... .....................
              يقصد به مذهب الأخفش وتبعه المتأخرون، لكن الأصح عند المحققين أن أل برمتها هي المعرفة، وأن الهمزة همزة قطع، و إنما سهلت في درج الكلام لكثرة استعمالها.وقيل: بل همزة وصل. والأصح مذهب الخليل أنها همزة قطع وليست همزة وصل.
              وثم ضابط للمذاهب عندهم،يقولون: اثنان ثنائيان،واثنان أحاديان. اثنان من العلماء قالوا: بأن المعرف ثنائيان وهما الخليل وسيبويه، واثنان أحاديان يعني اثنان من العلماء قالوا: بأن المعرف حرف واحد، الأخفش على أنها اللام فقط. والمبرد على أنها الهمزة فقط.

              [وَحُرُوفِ الخفض] يعني يعرف ويميز الاسم عن قسيميه بدخول حروف الخفض.
              وهل يشترط دخول حروف الخفض كلها أم واحد منها ؟
              نقول:بل واحد منها.
              فقوله [وَحُرُوفِ الخفض] أي يميز ويعرف الاسم عن قسيميه بدخول حرفٍ واحد من حروف الخفض.
              وليس المراد بالدخول الدخول العقلي وإنما الدخول النقلي-وهذا يقال أيضا في دخول أل والتنوين والكسر- يعني قبول اللفظ للخفض والتنوين ودخول أل وحروف الجر لابد أن يكون مما جَوَّز العرب دخوله عليه ، أما مجرد التجويز العقلي فهذا لا يكون مسوغًا له.
              إذًا [وَحُرُوفِ الخفض] يعني بواحد من حروف الخفض؛لأنه متى دخل حرف واحد ثبتت الاسمية وحُكم بها. المصنف كوفي المذهب عبارته على مذهب الكوفيين،
              والكوفيون يعبرون بالخفض،والبصريون بالجر؛حيث قال [فَالاِسْمُ بِالخَفْضِ]
              ( ليسَ شيءٌ أضرَّ على الأممِ ، وأسرعَ لسقوطِها من خِذلانِ أبنائِها للسانِها ، وإقبالِهم على ألسنةِ أعدائِها )
              أبو قصي
              =================
              منتديات قول الحق الدعوية، وحوار الفرق المخالفة

              تعليق


              • #8
                رد: حلقات شرح الأجرومية

                بوركتم
                نرجو ذكر الأمثلة أكثر مما تفضلتم به ونريد شرحا أكثر للأمثلة
                وذلك ضروري حتي أفهم أكثر لأني متابعة في دورة علمية لنفس المتن وأفهم قليلا

                بوركتم



                تعليق


                • #9
                  رد: حلقات شرح الأجرومية

                  جزاكم الله خيرا
                  نفع الله بنا وبكم


                  تعليق


                  • #10
                    رد: حلقات شرح الأجرومية

                    ( 4 )
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    الحمد لله ، والصلاة والسلام على المنتخب الأواه ، وبعد :

                    قال ابن آجرّوم رحمه الله :
                    فالاسميعرف : بالخفض ، والتنوين ، ودخول الألفواللام ، وحروف الخفض وهي : من وإلى وعن وعلى وفي ورب والباء والكاف واللام وحروفالقسم وهي : الواو والباء والتاء
                    .
                    [وَحُرُوفِ الخفض] يعني يعرف ويميز الاسم عن قسيميه بدخول حروف الجر.وهل يشترط دخول حروف الجر كلها أم واحد منها ؟نقول:بل واحد منها. فقوله [وَحُرُوفِ الخفضِ] أي يميز ويعرف الاسم عن قسيميه بدخول حرفٍ واحد من حروف الجر. يعني قبول اللفظ للخفض والتنوين ودخول أل وحروف الجر لابد أن يكون مما جَوَّز العرب دخوله عليه ، أما مجرد التجويز العقلي فهذا لا يكون مسوغًا له.
                    إذًا [وَحُرُوفِ الخفض] يعني بواحد من حروف الجر؛لأنه متى دخل حرف واحد ثبتت الاسمية وحُكم بها. والكوفيون يعبرون بالخفض،والبصريون بالجر؛حيث قال ابن آجروم : [فَالاِسْمُ بِالخَفْضِ]
                    ثم استطرد فأراد أن يبين للطالب المبتدئ بعض حروف الجر؛ليحكم بوجودها على أن ما بعدها يكون اسمًا،فأخذ يعدها وذكر منها ثلاثة عشر حرفًا.و ذكر ابن مالك عشرين حرفًا،وزيد عليه حرف واحد فالمجموع واحد وعشرون حرفًا.قال ابن مالك:
                    هَاكَ حُرُوفَ الجَرِّ وَهِيَ مِنْ إِلَى حَتَّى خَلاَ حَاشَا عَدَا فِي عَنْ عَلَى
                    مُذْ مُنْذُ رُبَّ الَّلامُ كَيْ وَاوٌ وَتَا وَالكَـافُ وَ البَـا وَلَعَـلَّ وَمَتَى
                    هذه عشرون حرفًا بالاستقراء،وزيد عليها لولا، واقتصر الناظم هنا على خمسة عشر حرفًا. [وَبِحُرُوفِ الجَرِّ وَهْيَ مِنْوإلى وعن وعلى وفي ورب والباء والكاف واللام وحروفالقسم وهي : الواو والباء والتاء
                    ] هذه الحروف تبحث في كتب خاصة،ومن أجودها مغني اللبيب لابن هشام،وعليه حاشية للدسوقي.
                    [وَهْيَ مِنْ] وقدمها لأنها أم الباب،لأنها تجر ما لا يجر غيرها كعند وبعد.وتدخل على الظاهر والمضمر ومنه قوله تعالى: ﴿ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ﴾ (الأحزاب: من الآية7). ولها معانٍ ومن معانيها :
                    الابتداء زمانًا أو مكانًا، نحو:قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ (الإسراء:1) نقول: ﴿من﴾ هنا للابتداء المكاني. ﴿مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾ (التوبة:108) ﴿من﴾ هنا للابتداء الزماني.
                    [إِلَى] وثنى بها لأنها في مقابلة مِنْ،
                    ومن معانيها الانتهاء مكانًا وزمانًا. ﴿إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ (الإسراء:1) إِلَى هنا للانتهاء المكاني.﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ (البقرة:187) إِلَى هنا للانتهاء الزماني.
                    [وَعَنْ] ومن معانيها المجاوزة،وهي لغة:البعد تقول: رميت السهم عن القوس. ولذلك يقولون في ضابط المجاوزة اصطلاحًا: بعد الشيء عن المجرور بها بواسطة إيجاد مصدر ذلك العامل. رميت السهم عن القوس أي باعدت السهم عن القوس بواسطة إيجاد الرمي.
                    [وَعَلَى] من حروف الجر أيضًا،ومن أشهر معانيها الاستعلاء،وهو لغة: العلو والارتفاع، والاستعلاء اصطلاحًا: تفوُّق الشيء على المجرور بها بواسطة إيجاد مصدر ذلك العامل. تقول: زيد على السطح. ومنه قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾(طـه:5) على معناه حقيقة يعني استوى استواءً يليق بجلاله،وهو علو خاص.

                    [وَفِي] ومن معانيها الظرفية، والظرف لغة:الوعاء.واصطلاحًا: كون الشيء في المجرور بها، وتكون ظرفية حقيقة وذلك أن يكون للظرف احتواء وللمظروف تحيز،نحو:الماء في الكوز. وتكون ظرفية مجازية وذلك إذا فقد الشرطان نحو: النجاة في الصدق، أو الأول نحو: زيد في الصحراء، أو الثاني ،نحو: العلم في الصدور.
                    [وَرُبَّ] حرف جر شبيه بالزائد،و اختلف في معناها فقيل:للتقليل. وقيل:للتكثير. والأصح أنها للتقليل قليل وللتكثير كثير. ولكنها لا تجر كل اسم وإنما تجر بخمسة شروط.
                    أولها: أن تكون في صدر الكلام يعني لا يجر بها إلا في أول الكلام. تقول: رُبَّ رجلٍ كريمٍ لقيته.
                    ثانيها: أن يكون مجرورها نكرة. فتختص بالنكرات ولذلك من علامات النكرة دخول رُبَّ عليها.
                    ثالثها: أن تكون النكرة موصوفة تقول: رب رجل كريم.
                    رابعها: أن يكون عاملها مؤخرا رب رجل كريم لقيته.
                    خامسها: أن يكون متعلَّق رب فعلاً ماضيًا.
                    وهذه الشروط مجتمعة في قولك: (رب رجل كريم لقيته) (رب) جاءت مصدرة،ورجل نكرة فمدخولها نكرة، ثم وصفت النكرة بكريم،والفعل متأخر وهو لقيته،وهو فعل ماض. وإعراب الجملة: رب: حرف جر شبيه بالزائد مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. رجل: مبتدأ مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد. كريم صفة.وجملة لقيته خبر المبتدأ. ولذلك لما كان المبتدأ في اللفظ مجرورًا ، وفي المحل مرفوعًا جاز في الصفة وجهان: رب رجل كريمٍ بالجر إتباعا للفظ، ورب رجل كريمٌ بالرفع إتباعا للمحل. يعني يجوز أن تراعي في الصفة المحل فترفع، ويجوز أن تراعي اللفظ فتجر.وتقول: ربَّ رجلٍ كريمٍ لقيتُ. رب: حرف جر شبيه بالزائد مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. رجل: مفعول به منصوب ونصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد. لماذا فرقنا هنا قلنا: مفعول به و في الأول قلنا: مبتدأ ، لأن الفعل لقيته قد استوفى مفعوله.وهنا رب رجلٍ كريم لقيت لم يستوف مفعوله فنصب رجلا مفعولاً به. وكريمٍ فيه وجهان: الجر إتباعا للفظ،والنصب إتباعا للمحل.
                    [وَالبَاء] يعني الباء من حروف الجر. قال: [البَاء] لأن ما كان على حرف واحد يحكى باسمه لا بمسماه،وما كان على حرفين فأكثر من الحروف يحكى باسمه،تقول: مِنْ صارت علمًا ومسماها مِنْ.
                    ومن أشهر معانيها التعدية نحو: ذهبت بزيد.والإلصاق نحو: مررت بزيد. وتأتي للقسم أي الحلف فتدخل على لفظ الجلالة-وهو الذي لا يجوز الحلف إلا به- فتعمل بلا شرط؛لأن القاعدة أن ما جاء على الأصل في الاستعمال يعمل بلا شرط، ولذلك نقول: الأصل في العمل للأفعال، فلا يشترط في الفعل لإعماله شروط ، لكن الاسم لا يعمل إلا بشروط وقيود لأنه فرعٌ،وكذلك الحروف لا تعمل إلا بشروط،فيشترط في الفروع ما لا يشترط في الأصول.
                    الباء أصل في القسم إذًا يعمل بلا شرط، ولذلك يذكر معه فعل القسم فتقول: أقسم بالله،﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ (فاطر:42) ويجوز حذف فعل القسم،وتستعمل مطلقا فتقول: بالله عليك إلا أخبرتني ، في قسم الإخبار وغيره. وتدخل على الظاهر والمضمر تقول: بالله وبه لأفعلن كذا.
                    [وَالكَافُ] من حروف الجر أيضًا ،أي مسمى الكاف،هنا حكاه بالاسم ولم يحكه بالمسمى؛ لأنه على حرف واحد. والقاعدة عند أهل اللغة أن ما كان على حرف واحد حكي باسمه،وما كان على حرفين حكي بالمسمى.
                    ومن أشهر معانيها التشبيه،وهو مشاركة أمر لأمر آخر في المعنى. نحو: ليلى كالبدر.
                    [والَّلاَمُ] أي مسمى اللام من حروف الجر.وهي تكسر مع الظاهر نحو: لِزيد، وتفتح مع غير ياء الضمير نحو: لَه ولَك ولَنا.
                    واللام تأتي للملك، وللاختصاص، والاستحقاق، وضابط اللام التي تدل على الملك أنها تقع بين ذاتين، وتدخل على من يملك، نحو: المال لزيد، فالمال ذات وزيد ذات، ودخلت اللام على زيد وهو يملك يعني يصح منه الملك،فحينئذٍ نحكم على اللام بأنها للملك.
                    واللام التي للاختصاص أن تقع بين ذاتين،وتدخل على ما لا يملك،نحو: اللجام للفرس،والحصير للمسجد. فالحصير ذات والمسجد ذات، إذًا وقعت بين ذاتين ودخلت على المسجد وهو لا يملك.
                    واللام التي للاستحقاق أن تقع بين ذات ومعنى، وتدخل على الذات نحو: الحمد لله نقول: هذه للاستحقاق،وعند بعضهم يجوز أن تكون للملك والاختصاص، مثل ( الحمد لله ) فالحمد معنى ولله ذات دخلت عليها اللام.
                    [الوَاوٌ] المراد بها واو القسم، فهي حرف جر إذا أراد بها القسم.[وَوَاوٌ] هي حرف قسم لكنها فرعٌ وليست أصلا، وحينئذٍ لا يجوز إعمالها الجر إلا بشروط ثلاثة
                    أولها: أنها تختص بالظاهر ولا تدخل على الضمير.
                    ثانيها: يجب حذف فعل القسم معها فيقال: والله،ولا يجوز أن يقال: أقسم والله.
                    ثالثها: أنها لا تستعمل في قسم الإخبار فلا يقال: والله أخبرني.
                    [وَالتَّاء] أي مسمى التاء، وهي حرف قسم أيضا، وهي فرع عن الواو-كما أن الواو فرع عن الباء- فيشترط فيها ما اشترط في الواو، ويزاد عليها أنها تختص بلفظ الجلالة،نحو قوله تعالى:﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ﴾ (الأنبياء:57) وقد سمع ترب الكعبة،وسمع تالرحمن لكنه قليل،والقياس المطرد (تالله).
                    ثم لما أنهى علامات الاسم-وقد ذكر لك أربعا منها- انتقل بعد ذلك لذكر الجزء الثاني مما يتألف الكلام منه، وهو الفعل
                    قال ابن آجرّوم – رحمه الله : " والفعل يعرف بقد والسين وسوف وتاء التأنيث الساكنة "

                    ذكر لك أربع علامات للفعل،كما ذكر للاسم أربع علامات.[وَالفِعْلُ] أل للعهد الذكري- وهي التي عهد مصحوبها ذكرًا- يعني والفعل الذي ذُكر آنفًا في أقسام أجزاء الكلام؛لأن النكرة إذا أعيدت معرفة فهي عينها.
                    [وَالفِعْلُ] بكسر الفاء،ويقال: الفَعْل عند النحاة والمراد به المصدر. الفِعل عند النحاة اسم، والفَعْل مصدر، هذا اصطلاح خاص عند النحاة، ولا مشاحة في الاصطلاح.
                    وعند أهل اللغة الفِعْل والفَعْل مصدران لفعَل يفعَل، أما فَعْل فهو القياس، والفِعْل سماعي.
                    الفعل لغة: نفس الحدث الذي يحدثه الفاعل من قيام أو قعود أو ضرب أو نوم أو أكل أو شرب إلى آخره.
                    واصطلاحًا: كلمة دلت على معنى في نفسها واقترنت بأحد الأزمنة الثلاثة.قوله:(كلمة) جنس يشمل الاسم والفعل والحرف. دلت على معنى في نفسها أخرج الحرف،لأن الحرف لا يدل على معنى في نفسه. واقترن بمعنى اتصل، بأحد الأزمنة الثلاثة أخرج الاسم لأن الاسم يدل على معنى ولا يقترن بأحد الأزمنة الثلاثة،وهو الحال والماضي والاستقبال.
                    [وَالفِعْلُ يُعرف].أي ويتميز الفعل عن قسيميه الاسم ، والحرف بعلامات، وهي :
                    .[بِقَدْ] أي والفعل يتميز بقد.وهنا دخلت الباء على قَدْ والباء حرف جر، ولا تدخل إلا على الأسماء. فنقول: قد هنا ليست بحرف،وإنما هي اسم بدليل دخول حرف الجر عليها،وإنما تكون حرفًا في التركيب نحو: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (المؤمنون:1) قد في هذا التركيب حرف، لأنه أفاد معنى التحقيق، فاستعمل مرادًا به اللفظ والمعنى .أما إذا قيل:قد حرف. أخبرت عنها بأنها حرف،فاستعمل مرادًا به اللفظ فقط دون المعنى.فحينئذٍ هي علم في هذا التركيب، لذلك يجوز إعرابها وتنوينها-كما سيأتي- [بِقَدْ] أي الحرفية،لأن قد تأتي اسمية،وتأتي حرفية. وقد التي تكون علامة الفعلية هي قدُ الحرفية،ولكنها لا تدخل على أيِّ فعل،وإنما تدخل على الماضي والمضارع، ولا تدخل على فعل الأمر. ولا يصح دخولها على كل فعل ماضٍ أو مضارع ،وإنما تدخل بشروط أربعة:
                    الأول: أن يكون الفعل مثبتًا لا منفيًا.فنحو: قد ما قام لا يصح؛ لأنه منفي، وقد تفيد التحقيق، والتحقيق إنما يكون لشيء موجود،والمنفي معدوم؛فكيف يحقق المعدوم؟!.
                    الثاني: أن يكون الفعل متصرفًا لا جامدًا، بمعنى أنه يأتي منه المضارع والأمر والمصدر واسم فاعل إلى آخره.فقد يكون التصرف تامًا، وقد يكون التصرف ناقصًا.فالجامد نحو: نِعْمَ وبِئْسَ، لا يصح دخول قد عليه -على الصحيح- ،فلا يقال: قد نِعْمَ زيدٌ الرجل.
                    الثالث: أن يكون خبريًا لا إنشائيًا. وهذان قسمان للكلام لا ثالث لهما على الأصح كما قال السيوطي:
                    مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالكِذْبِ الخَبَرْ وَغَيرُهُ الإنْشَا وَلاَ ثَالِثَ قَرْ
                    الكلام إما أن يكون خبرًا -وهو ما احتمل الصدق والكذب لذاته-.وإما أن يكون إنشاءا - وهو ما لا يحتمل الصدق والكذب لذاته - فإذا كان الفعل خبريًا صح دخول قد عليه.وإذا كان الفعل إنشائيًا لا يصح دخول قد عليه.والعلة هي العلة في عدم صحة دخولها على فعل الأمر.
                    فقد تدخل على الجملة الخبرية،نحو: قد بعت السيارة، وهذه من ألفاظ العقود فإن كان قد وقع البيع في الزمن الماضي صح دخول قد على بعت. وإن كان المقصود بها إنشاء البيع الآن يقول: تبيع السيارة. فيجيب: قد بعتك. فهذا لا يصح،لأن بعت ليس بفعل ماض من حيث المعنى،يعني لا يدل على شيء وقع وانتهى، إنما المراد إنشاء البيع الآن فدلالته على الحال.فحينئذٍ لا يصح دخول قد عليه.
                    الرابع : أن لا يفصل بين قد والفعل فاصل، فلا يصح: قد هو قال. وقد استثنى ابن هشام: القسم نحو: قد والله قام زيدٌ ، لوروده في الشعر.
                    قد تأتي لمعانٍ،فإذا دخلت على الفعل الماضي أفادت التحقيق أو التقريب، يعني تدل من جهة المعنى على التحقيق أو التقريب. فالتحقيق نحو قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (المؤمنون:1) وقولك: قد قام زيد.- وقد وقع القيام- يفيد التحقيق.و التقريب نحو قولك: قد قام زيد.-ولمَّا يقم- ومثله قول مقيم الصلاة: قد قامت الصلاة.
                    وإذا دخلت على الفعل المضارع أفادت التقليل أوالتكثير. فالتقليل كقولك: قد يصدق الكذوب.والتكثير كقولك: قد يجود الكريم. هذا ما يذكره النحاة أن قد إذا دخلت على الفعل الماضي أفادت التحقيق أو التقريب، وإذا دخلت على الفعل المضارع أفادت التكثير أو التقليل، هذا هو المشهور لكن الأصح أن يقال أن قد تدخل على الفعل المضارع و تفيد التحقيق، وبعضهم ينفي إفادتها للتحقيق عند دخولها على الفعل المضارع،وليس بصواب،بل تدخل على الفعل المضارع وتفيد التحقيق بدليل قوله تعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾ (الأحزاب:18) فقد هنا أفادت التحقيق.
                    [والسِّينِ] أي مسمى السين،والسين اسم،والذي يجعل علامة على الفعل هو المسمى.[والسِّينِ] أل للعهد الذهني- وهي الذي عهد مصحوبها ذهنًا- فحينئذٍ ليس المراد [والسِّينِ] سين التهجي كسين سالم، و ليس المراد بها سين الصيرورة كقولك: استحجر الطين أي صار حجرًا. بل المراد بها السين التي تدخل على الفعل المضارع سين الاستقبال، لأنها هي المعهودة ذهنا، فإذا أطلق السين انصرف إلى سين الاستقبال فقط ، وتسمى بسين التنفيس، والتنفيس هو الاستقبال، وتسمى حرف التوسع أو التوسيع.وهي تدل على تأخير زمن الفعل المضارع عن الحال إلى الاستقبال. الأفعال ثلاثة: ماضٍ ومضارع وأمر، فالفعل الماضي يدل على شيء وقع وانتهى في الزمن الماضي. والفعل المضارع يدل على وقوع الحدث في زمن الحال،وجمهور النحاة على أن الفعل المضارع من حيث الزمن مشترك بين الحال والاستقبال، فإذا قيل: زيد يصلي،فإنه يحتمل أنه يصلي الآن أو سيصلي في المستقبل. والأصح أن يقال: إن زمن فعل المضارع هو الحال فقط، ودلالته على الزمن المستقبل مجاز. والدليل على هذا أن دلالة الفعل المضارع على الاستقبال تحصل بدخول السين ونحوها، فدلت السين على تأخير زمن الفعل المضارع عن الحال إلى الاستقبال. فحينئذٍ ما احتاج إلى قرينة فرعٌ عما لا يحتاج إلى قرينة،فدلالة الفعل على الحال هي الحقيقة؛لأنه يدل على الحال بلا حرف.فإذا قيل:زيد يصلي فهو الآن، فإذا أردت به المستقبل فلابد من حرف تدخله ليدل على الاستقبال، وهذا ضابط المجاز عندهم. فدلالة المضارع على الاستقبال مجازية لا حقيقية.وهذا هو الأصح من حيث التحقيق، تقول: زيدٌ يصلي يعني الآن، زيدٌ سيصلي يعني سيوقع الحدث وهو الصلاة بعد زمن قريب.إذًا عرفنا السين تدل على التنفيس والاستقبال وهو تأخير زمن الفعل عن الحال.وبعضهم يقول: السين موضوعة للدلالة على الاستقبال للحدث القريب.ومثال السين قوله تعالى:(سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ)[البقرة:142] وقوله:( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ)[الفتح:11]
                    [وَسَوْفَ] أي والفعل يتميز بسوف، وسوف أخت السين،كل منهما يدل على التنفيس والاستقبال،إلا أن السين أقل استقبالا من سوف، يعني دلالة السين على الاستقبال إنما هو استقبال قريب، ودلالة سوف على الاستقبال إنما هو استقبال بعيد. إذا قيل: زيد سيصلي. يعني بعد وقت قريب، زيدٌ سوف يصلي إذًا تأخير الفعل عن الحال إلى زمن أبعد من دلالة السين على التأخير. وقوله:[وَسَوْفَ] حكاها كما هي لأنها على ثلاثة أحرف، فحكاها بمسماها لا كالسين حكاها باسمها لأنها على حرف واحد. هذا الذي ذكرنا من أن دلالة السين على التنفيس أقل من دلالة سوف عليه، على مذهب البصريين،خلافا للكوفيين بناءًا على خلاف عندهم= هل السين مقتطعة من سوف أم مستقلة ؟ يعني هل هما كلمتان كلٌّ منهما وُضع وضعا خاصا أم الوضع واحد لسوف والسين مقتطعة منها ؟
                    مذهب الكوفيين أن السين مقتطعة من سوف،يعني هي جزء من سوف، وحينئذٍ فهي فرع، وإذا كانت فرعا فجزءُ الشيء لا يمكن أن يدل على معنى مغاير لمعنى الأصل، فحينئذٍ عند الكوفيين= السين وسوف مترادفان،ليس أحدهما أقل ولا أكثر بل متساويان في المعنى،فدلالة السين على الاستقبال كدلالة سوف على الاستقبال. والذي اشتهر على الألسنة-كما هو معلوم- أن دلالة السين على الاستقبال أقل من دلالة سوف على الاستقبال، وهذا على مذهب البصريين= أن السين لها وضع خاص مستقل،وسوف لها وضع خاص مستقل.
                    إذًا السين لها معناها الخاص كوضعها الخاص،وسوف لها معناها الخاص كوضعها الخاص. فإذا استقل وضع كل منهما تعين أن يكون لكل حرف منهما معنى مغاير للآخر، إذًا وَضْعُ كل منهما بوضع خاص يستلزم أن يكون لكل منهما معنى مغاير للآخر؛فحملت السين على الأقل،وحملت سوف على الأكثر، ولم يعكس لسببين:
                    أولاً: أن سوف أكثر حروفا من السين،وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى. إذًا حَمْل سوف على معنى أكثر من السين أولى من العكس.
                    الثاني: كثرة اللغات في سوف؛لأنه قيل: سَوْفَ وسَفْ وسيف وسَي وسَوْ، وهذه اللغات تدل على كثرة المعاني.ومثال سوف قوله تعالى:( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)[الضحى:5] وقوله: (سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا )[النساء:56]،
                    السين وسوف هاتان العلامتان تدل على فعلية الكلمة،تحكم أوَّلا على الكلمة بأنها فعل بدخول السين أو سوف. ثم بعد ذلك ننظر في الفعل فإذا به فعل مضارع؛لأن السين وسوف لا يدخلان إلا على الفعل المضارع.ولا تدخل على الفعل الماضي ولا على فعل الأمر؛ لا تدخل على الماضي؛ لأنها تدل على تأخير الزمن من الحال إلى الاستقبال، وهذا المعنى لا يمكن أن يكون في الفعل الماضي،لأن الماضي قد وقع وانتهى.فإذا قيل: قام زيد.هذا في الزمن الماضي فليس عندنا حال حتى يؤخر إلى المستقبل. إذًا لا يصح دخول السين وسوف على الفعل الماضي. ولا تدخل على فعل الأمر لأنه هو نفسه دالٌ على الاستقبال لا يدل على الحال،فحينئذٍ كيف تدخل السين لتنقل الزمن من الحال إلى الاستقبال،وهو أصلاً لا يدل على الحال،لذلك اختصت بالفعل المضارع
                    [وَتَاء التَّأْنِيثِ الساكنة ] أي والفعل يتميز بتاء التأنيث أي بقبوله تاء التأنيث،فإذا قبلت الكلمة تاء التأنيث دلت على أن مدخولها فعلٌ، وهي من علامات الفعل فاتصالها يكون بالفعل،وتدل على أن المسند إليه مؤنث،نحو: قامت هندٌ. نقول: التاء تاء التأنيث اتصلت بالفعل الماضي ودلت على تأنيث المسند إليه وهو الفاعل. ومثله: ضُربت هندٌ ضُرِب فعل ماض مغير الصيغة،اتصلت به تاء التأنيث الساكنة،ودلت على تأنيث المسند إليه وهو نائب الفاعل. ومثله: ﴿وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ (التحريم:12) كان فعل ماض ناقص، اتصلت به تاء التأنيث، ودلت على تأنيث المسند إليه وهو اسم كان.
                    وحينئذٍ قول بعضهم: إن تاء التأنيث تدل على تأنيث الفاعل،فيه قصور. وإنما التعبير الأعم والأصح: أن تاء التأنيث تدل على تأنيث المسند إليه. والمسند إليه قد يكون فاعلاً أو نائب فاعل أو اسم كان.[وَتَا التَّأْنِيثِ الساكنة] أي التأنيث المعنوي.وأما التأنيث اللفظي= فهذا تفيده تاء تأنيث ساكنة،تدخل على الحرف مثل ربتْ وثمتْ. فرُبَّحرف جر شبيه بالزائد، يجوز في لغة العرب أن يتصل به تاء التأنيث الساكنة،فتقول: ربتْ.وثم حرف عطف، يجوز أن يتصل به تاء التأنيث الساكنة. فحينئذٍ كيف نقول: تاء التأنيث الساكنة علامة فعلية الكلمة،ثم نجد تاء التأنيث الساكنة قد اتصلت برب وثم وهما حرفان ؟ تقول: تاء التأنيث المراد بالتأنيث التأنيث المعنوي.والتاء في ربت وثمت هي تاء تأنيث؛لكنه تأنيث لفظي لا معنوي،فلا نقض ولا اعتراض.
                    [وَتَا التَّأْنِيثِ الساكنة] أصالة؛ احترازًا من تاء التأنيث المتحركة؛فإنها من خواص الأسماء إن كانت حركتها حركة إعراب كقائمة ومسلمة، نقول: هذه التاء تاء التأنيث،وهي متحركة وحركتها حركة الإعراب؛ نحو:جاءت فاطمةُ،ورأيت فاطمةَ،ومررت بفاطمةَ. صارت هذه التاء محلا لظهور حركة الإعراب رفعًا ونصبًا وجرًا. هذه التاء تاء التأنيث المتحركة بحركة الإعراب من خواص الأسماء. [وَتَاء التَّأْنِيثِ الساكنة ] أصالة،فلا يضر تحريكها لعارض كالتخلص من التقاء الساكنين نحو: ﴿قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ﴾ (يوسف:51) قال: فعل ماض مبني على الفتح الظاهر. وتاء التأنيث الساكنة أصالة المتحركة عرضًا حرف دال على تأنيث المسند إليه،مبني على سكون مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة التخلص من التقاء الساكنين، إذًا [وَتَا التَّأْنِيثِ الساكنة] أصالة قد تحرك بالكسر على الأصل في التخلص من التقاء الساكنين. وقد تحرك بالفتح نحو:﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ (فصلت:11) وقد تحرك بالضم نحو قوله تعالى:(( وَقَالَتُ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ))[يوسف:31] فيمن ضَمَّ التاء، وتمييز الفعل عن قسيميه الحرف و الاسم بواحدة من هذه العلامات الأربع.
                    ولكنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
                    قسم مشترك بين الفعل الماضي والمضارع وهو قد.
                    وقسم مختص بالفعل الماضي وهو تاء التأنيث الساكنة.
                    وقسم مختص بالفعل المضارع وهو السين وسوف.
                    ولم يذكر ابن آجروم- وهو كوفي- علامة للفعل الأمر ، والكوفيون عندهم القسمة ثنائية لا ثلاثية ماض ومضارع،والأمر عندهم معرب مقتطعٌ من المضارع فلذلك لا يحتاج أن يميز عن قسيميه وإنما هو جزء من الفعل المضارع. والأصح أنه قسم مستقل برأسه، والأصل في الأفعال أنها مبنية، فالفعل الماضي مبني بالاتفاق. والفعل المضارع له حالتان: قد يكون مبنيا إذا اتصلت به نون الإناث أو إحدى نوني التوكيد،وقد يكون معربًا إذا لم يتصل بآخره شيء ، وفعل الأمر مبني على الراجح.
                    وأما علامة فعل الأمر فهي مركبة من شيئين:
                    إحداهما: لفظية،والأخرى: معنوية.
                    أما المعنوية فهي دلالته على الطلب بصيغته،كون اللفظ يُفهِم طلبًا،وهذا معنى الأمر اللغوي ،لكن بشرط أن تكون دلالة الفعل على الطلب بالصيغة،يعني بذاته بدون واسطة تدخل عليه.
                    وأما اللفظية فهي أن يكون قابلا لياء الفاعلة أو إحدى نوني التوكيد.
                    فحينئذٍ إذا دلت الكلمة على طلب بالصيغة لا بواسطة.والمراد بالصيغة أي بوزنه بحروفه وحركاته وسكناته،بأن لا يزاد عليه حرف أو لفظ يدل على الأمر.فنحو: ينفق فعل مضارع لا يدل على الطلب،وإنما يدل على وقوع حدث في الزمن الحال أو الاستقبال وهو الإنفاق.لكن قوله: .﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ﴾ (الطلاق:7)ومثله: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ (الحج:29) ﴿لِيُنْفِقْ﴾ دل على الطلب.﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا ﴾ دل على الطلب.لكن من أين فُهم الطلب منهما ؟ هل دلا على الطلب بمفهومهما الخاص أي بذاتهما وبصيغتهما دون ضميمة أُخرى ؟ الجواب: لا، وإنما فهم الطلب بواسطة اللام لام الأمر نقول: هذا الفعل دالٌ على الطلب ولكن بواسطة اللام،فهل هو فعل أمر؟ نقول: لا، ليس فعل أمر،وإن دل على الطلب؛لأن فعل الأمر إنما يدل على الطلب ويحكم عليه بكونه دالاً على الطلب إذا دل على الطلب بالصيغة بنفسه بدون واسطة، احترازًا مما دل على الطلب بواسطة كالفعل المضارع إذا دخل عليه لام الأمر.
                    وقبوله ياء الفاعلة أو نوني التوكيد يعني إحدى نوني التوكيد أن يكون قابلاً لها بمعنى أنه يقبل أن تدخل عليه ياء الفاعلة مثاله: ﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً﴾ (مريم:26) هذه ثلاثة أفعال،فكلي دل على الطلب،وهو طلب إيجاد الأكل بالصيغة،ثم قَبِلَ ياء الفاعلة،فهو فعل أمر. واشربي أيضًا هو فعل أمر لوجود العلامتين دلالته على الطلب بدون واسطة مع قبوله ياء الفاعلة. وقري أيضًا يقال فيها ما قيل في كلي واشربي. إذا دل على الطلب بالصيغة فهو فعل أمر. إذا دل على الطلب لا بصيغته فهو إما أن يكون فعلاً مضارعًا كقوله: ﴿لِيُنْفِقْ﴾ وإما أن يكون مصدرًا كقوله: ضربًا زيدًا.فضربًا هذا ليس بفعل أمر وإن دل على الطلب؛لأنه ناب مناب الأمر أي اضرب زيدًا. وخرج كذلك الحرف فقد يدل على الطلب ولا يكون قابلاً لياء الفاعلة ولا نوني التوكيد مثل كلا بمعنى انتهِ.وإذا قبل ياء الفاعلة ولم يدل على الطلب فهو فعل مضارع نحو: تقومين،هذه الياء ياء الفاعلة،فالفعل قبل ياء الفاعلة ولم يكن فعل أمر؛لعدم دلالته على الطلب.
                    ثم شرع في بيان علامة الجزء الثالث من أجزاء الكلام وهو الحرف، فقال:
                    " والحرف ما لا يصلح معه دليل الاسم ، ولا دليل الفعل "
                    [وَالحَرْفُ] أي الذي تقدم لنا ذكره عند قوله: اسم وفعل وحرف معنى. أي الحرف الذي جاء لمعنى،فـ(أل) للعهد الذكري،لأنه أعاد النكرة معرفة فهي عين الأولى.
                    الحرف لغة:طرف الشيء كحرف الجبل، قيل: مشتق من التحرف.
                    وأما اصطلاحا: فهو كلمة دلت على معنى في غيرها. فالحرف ليس له معنى في ذاته، أي لا يدل على معنى في نفسه دون ضميمة كلمة أخرى.وليس المراد أنه مجرد عن المعنى مطلقا، وإلا لصار مهملاً كديز لا معنى له،لأنه لم تضعه العرب.فمثلا الحرف (في) وضعته العرب، فكيف يقال: لا معنى له وقد وضعته العرب.! هل تضع العرب حرفًا وليس له معنى؟ الجواب:لا، بل وضعته وله معنى يدل عليه،وهو الظرفية، لكن متى يظهر؟ إذا ضم إليه كلمة أخرى.
                    والحرف كلمة: هذا جنس يشمل الاسم والفعل والحرف. دلت على معنى في غيرها يعني لا في ذاتها لا في نفسها،والمراد أنها دلت على معنى لكن ينكشف هذا المعنى إذا ضم الحرف إلى غيره،وأما استقلالا فلا. وإلا لا معنى أن يقال: الحرف(في) للظرفية،والباء للتعدية...إلخ هذه كلها معاني للحروف،تظهر وتنكشف إذا ضمت هذه الكلمة إلى غيرها.
                    [وَالحَرْفُ] عرفنا حقيقته[ما لا يصلح معه دليل الاسم ولا دليل الفعل]. والدليل هنا العلامة، ودليل فعيل بمعنى فاعل، مأخوذ من الدلالة وهي الإرشاد،والمراد به علامة الاسم وعلامة الفعل، إذًا يميز الحرف عن قسيميه بأن لا يقبل علامة لاسم ولا علامة لفعلٍ.[ما لا يصلح معه] دليلٌ لاسم ولا لفعل فحينئذٍ نقول: دليلا نكرة في سياق النفي فيعم. فنقول: علامة الحرف أن لا يقبل أيَّ علامةٍ لاسم،ولا يقبل أيَّ علامةٍ لفعل. فعلامة الحرف عدم قبول علامة الاسم ولا علامة الفعل. قال في الملحة:
                    وَالحَرْفُ مَا لَيْسَتْ لَهُ عَلامَهْ فَقِسْ عَلَى قَوْلِي تَكُنْ عَلاَّمَهْ
                    والحرف ما ليست له علامة: ليست له علامة وجودية،وليس المراد نفي العلامة مطلقًا لا وجودية ولا عدمية نقول: ليس هذا المراد بل المراد ليست له علامة وجودية،وإنما علامته عدمية، وهي عدم قبول علامة الأسماء، وعدم قبول علامة الأفعال. قال الفاكهي في كشف النقاب: فإذا مرت بك كلمة ولا تدري هل هي اسم أو فعل أو حرف فاعرض عليها علامة الأسماء،فإن لم تقبل فاعرض عليها علامة الأفعال،فإن لم تقبل فاحكم عليها بأنها حرف؛لأن هذا شأن الحرف،وهو عدم قبول علامة الاسم ولا علامة الفعل. فحينئذٍ يرد الإشكال وهو:أن العدم جُعل علامة لوجود الحرف، فكيف يكون العدم دليلاً على الوجود، والحرف موجود؟ قالوا: العدم نوعان:عدم مطلق،وعدم مقيد.وهنا الذي جعل علامة على الحرفية-وهو موجود- العدم المقيد، فلم يُقل: الحرف هو ما لا يقبل شيئًا. لا بل ما لا يقبل علامة الاسم ولا علامة الفعل. فالعدم هنا مقيد، وإذا كان العدم مقيدًا صح جعله علامة على الموجود.
                    الحرف على ثلاثة أقسام:
                    حرف مشترك بين الأسماء والأفعال،نحو:هل وبل،تقول: هل زيدٌ قائم. هل قام زيدٌ.
                    وحرف مختص، وهذا نوعان: مختص بالأسماء،ومختص بالأفعال.
                    فالمختص بالأسماء مثل:(أل) المعرفة،والتنوين،وحروف الجر.
                    والمختص بالأفعال مثل:السين،وسوف،وتاء التأنيث الساكنة.
                    هذه ثلاثة أقسام ثم كل منها إما عاملٌ أو ليس بعامل،فهي ستة أنواع حاصلة من ضرب اثنين في ثلاثة.
                    الأول:مشترك بين الأسماء والأفعال ولا يعمل،كهل وبل.
                    والثاني: مشترك بين الأسماء والأفعال ويعمل كـ(ما) النافية،نحو: ما قام زيد،,ما زيدٌ قائمًا.قال في الملحة:
                    وَمَا الَّتِي تَنْفِي كَلَيْسَ النَّاصِبَهْ فِي قَوْلِ سُكَّانِ الحِجَازِ قَاطِبَهْ
                    إذًا تعمل وهي مشتركة ومنه: ﴿مَا هَذَا بَشَراً﴾ (يوسف:31).
                    الثالث: مختص بالأسماء ويعمل. مثل إنَّ زيدًا قائمٌ فـ(إن) خاصة بالدخول على الأسماء وعملت النصب.
                    الرابع: مختص بالأسماء ولا يعمل. مثل (أل)المعرفة. قالوا: لا يعمل لتنزيله منزلة الجزء من الكلمة،وجزء الشيء لا يعمل فيه،فـ(الرجل) مؤلف من كلمتين، (أل) حرف معنى وهي كلمة،و(رجل) كلمة. إذًا كلمتان،ما الدليل على أن (أل) لا تعمل؟ قالوا:لكونها نزلت منزلة الجزء من الكلمة، فصارت (أل) مثل الراء أو الجيم أو اللام من رجل،والدليل على هذا قالوا: تخطي العامل إلى ما بعدها. إذا قلت مررت بالرجل. الباء: حرف جر. وهل دخلت على (أل) أو على الرجل ؟ لو جعلت (أل) مستقلة ولم تنزل منزلة الجزء من الكلمة؛لدخل الحرف على الحرف،وهذا ممتنع. ولكن لما دخل حرف الجر على (أل) مع مدخولها، تخطى العامل (أل) يعني تجاوزها فأثر في رجل. ولذلك نقول: الرجل: اسم مجرور بالباء. و(أل) هذه كأنها غير موجودة. فلتنزيل (أل) من (الرجل) منزلة الجزء منه قالوا: تخطاها العامل فلم يؤثر فيها لأنها تعتبر كحرف من حروف كلمة رجل ؛لذلك لا تعمل. الخامس: مختص بالأفعال لا يعمل،مثل :السين،وسوف،أيضًا لتنزيلها منزلة الجزء من الكلمة، لأن ارتباط السين وسوف بالمعنى متعلق بالفعل المضارع.فحينئذٍ لو قيل: سوف يصلي زيد. سوف دلت على تأخير زمن الفعل من الحال إلى المستقبل البعيد. إذًا لها أثر في المعنى فنزلت منزلة الجزء من الفعل.
                    السادس: مختص بالأفعال ويعمل مثل أدوات الجزم،والنواصب نحو:﴿لَمْ يَلِدْ﴾ (الإخلاص:3).
                    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
                    ادعوا لأمي بالمغفرة، والرحمة

                    ( ليسَ شيءٌ أضرَّ على الأممِ ، وأسرعَ لسقوطِها من خِذلانِ أبنائِها للسانِها ، وإقبالِهم على ألسنةِ أعدائِها )
                    أبو قصي
                    =================
                    منتديات قول الحق الدعوية، وحوار الفرق المخالفة

                    تعليق


                    • #11
                      رد: حلقات شرح الأجرومية

                      ( 4 )
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      الحمد لله ، والصلاة والسلام على المنتخب الأواه ، وبعد :

                      قال ابن آجرّوم رحمه الله :
                      فالاسم يعرف : بالخفض ، والتنوين ، ودخول الألف واللام ، وحروف الخفض وهي : من وإلى وعن وعلى وفي ورب والباء والكاف واللام وحروف القسم وهي : الواو والباء والتاء
                      .
                      [وَحُرُوفِ الخفض] يعني يعرف ويميز الاسم عن قسيميه بدخول حروف الجر.وهل يشترط دخول حروف الجر كلها أم واحد منها ؟نقول:بل واحد منها. فقوله [وَحُرُوفِ الخفضِ] أي يميز ويعرف الاسم عن قسيميه بدخول حرفٍ واحد من حروف الجر. يعني قبول اللفظ للخفض والتنوين ودخول أل وحروف الجر لابد أن يكون مما جَوَّز العرب دخوله عليه ، أما مجرد التجويز العقلي فهذا لا يكون مسوغًا له.
                      إذًا [وَحُرُوفِ الخفض] يعني بواحد من حروف الجر؛لأنه متى دخل حرف واحد ثبتت الاسمية وحُكم بها. والكوفيون يعبرون بالخفض،والبصريون بالجر؛حيث قال ابن آجروم : [فَالاِسْمُ بِالخَفْضِ]
                      ثم استطرد فأراد أن يبين للطالب المبتدئ بعض حروف الجر؛ليحكم بوجودها على أن ما بعدها يكون اسمًا،فأخذ يعدها وذكر منها ثلاثة عشر حرفًا.و ذكر ابن مالك عشرين حرفًا،وزيد عليه حرف واحد فالمجموع واحد وعشرون حرفًا.قال ابن مالك:

                      هَاكَ حُرُوفَ الجَرِّ وَهِيَ مِنْ إِلَى حَتَّى خَلاَ حَاشَا عَدَا فِي عَنْ عَلَى


                      مُذْ مُنْذُ رُبَّ الَّلامُ كَيْ وَاوٌ وَتَا وَالكَـافُ وَ البَـا وَلَعَـلَّ وَمَتَى

                      هذه عشرون حرفًا بالاستقراء،وزيد عليها لولا، واقتصر الناظم هنا على خمسة عشر حرفًا. [وَبِحُرُوفِ الجَرِّ وَهْيَ مِنْوإلى وعن وعلى وفي ورب والباء والكاف واللام وحروفالقسم وهي : الواو والباء والتاء
                      ] هذه الحروف تبحث في كتب خاصة،ومن أجودها مغني اللبيب لابن هشام،وعليه حاشية للدسوقي.
                      [وَهْيَ مِنْ] وقدمها لأنها أم الباب،لأنها تجر ما لا يجر غيرها كعند وبعد.وتدخل على الظاهر والمضمر ومنه قوله تعالى: ﴿ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ﴾ (الأحزاب: من الآية7). ولها معانٍ ومن معانيها :
                      الابتداء زمانًا أو مكانًا، نحو:قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ (الإسراء:1) نقول: ﴿من﴾ هنا للابتداء المكاني. ﴿مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾ (التوبة:108) ﴿من﴾ هنا للابتداء الزماني.
                      [إِلَى] وثنى بها لأنها في مقابلة مِنْ،
                      ومن معانيها الانتهاء مكانًا وزمانًا. ﴿إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ (الإسراء:1) إِلَى هنا للانتهاء المكاني.﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ (البقرة:187) إِلَى هنا للانتهاء الزماني.
                      [وَعَنْ] ومن معانيها المجاوزة،وهي لغة:البعد تقول: رميت السهم عن القوس. ولذلك يقولون في ضابط المجاوزة اصطلاحًا: بعد الشيء عن المجرور بها بواسطة إيجاد مصدر ذلك العامل. رميت السهم عن القوس أي باعدت السهم عن القوس بواسطة إيجاد الرمي.
                      [وَعَلَى] من حروف الجر أيضًا،ومن أشهر معانيها الاستعلاء،وهو لغة: العلو والارتفاع، والاستعلاء اصطلاحًا: تفوُّق الشيء على المجرور بها بواسطة إيجاد مصدر ذلك العامل. تقول: زيد على السطح. ومنه قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾(طـه:5) على معناه حقيقة يعني استوى استواءً يليق بجلاله،وهو علو خاص.

                      [وَفِي] ومن معانيها الظرفية، والظرف لغة:الوعاء.واصطلاحًا: كون الشيء في المجرور بها، وتكون ظرفية حقيقة وذلك أن يكون للظرف احتواء وللمظروف تحيز،نحو:الماء في الكوز. وتكون ظرفية مجازية وذلك إذا فقد الشرطان نحو: النجاة في الصدق، أو الأول نحو: زيد في الصحراء، أو الثاني ،نحو: العلم في الصدور.
                      [وَرُبَّ] حرف جر شبيه بالزائد،و اختلف في معناها فقيل:للتقليل. وقيل:للتكثير. والأصح أنها للتقليل قليل وللتكثير كثير. ولكنها لا تجر كل اسم وإنما تجر بخمسة شروط.
                      أولها: أن تكون في صدر الكلام يعني لا يجر بها إلا في أول الكلام. تقول: رُبَّ رجلٍ كريمٍ لقيته.
                      ثانيها: أن يكون مجرورها نكرة. فتختص بالنكرات ولذلك من علامات النكرة دخول رُبَّ عليها.
                      ثالثها: أن تكون النكرة موصوفة تقول: رب رجل كريم.
                      رابعها: أن يكون عاملها مؤخرا رب رجل كريم لقيته.
                      خامسها: أن يكون متعلَّق رب فعلاً ماضيًا.
                      وهذه الشروط مجتمعة في قولك: (رب رجل كريم لقيته) (رب) جاءت مصدرة،ورجل نكرة فمدخولها نكرة، ثم وصفت النكرة بكريم،والفعل متأخر وهو لقيته،وهو فعل ماض. وإعراب الجملة: رب: حرف جر شبيه بالزائد مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. رجل: مبتدأ مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد. كريم صفة.وجملة لقيته خبر المبتدأ. ولذلك لما كان المبتدأ في اللفظ مجرورًا ، وفي المحل مرفوعًا جاز في الصفة وجهان: رب رجل كريمٍ بالجر إتباعا للفظ، ورب رجل كريمٌ بالرفع إتباعا للمحل. يعني يجوز أن تراعي في الصفة المحل فترفع، ويجوز أن تراعي اللفظ فتجر.وتقول: ربَّ رجلٍ كريمٍ لقيتُ. رب: حرف جر شبيه بالزائد مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. رجل: مفعول به منصوب ونصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد. لماذا فرقنا هنا قلنا: مفعول به و في الأول قلنا: مبتدأ ، لأن الفعل لقيته قد استوفى مفعوله.وهنا رب رجلٍ كريم لقيت لم يستوف مفعوله فنصب رجلا مفعولاً به. وكريمٍ فيه وجهان: الجر إتباعا للفظ،والنصب إتباعا للمحل.
                      [وَالبَاء] يعني الباء من حروف الجر. قال: [البَاء] لأن ما كان على حرف واحد يحكى باسمه لا بمسماه،وما كان على حرفين فأكثر من الحروف يحكى باسمه،تقول: مِنْ صارت علمًا ومسماها مِنْ.
                      ومن أشهر معانيها التعدية نحو: ذهبت بزيد.والإلصاق نحو: مررت بزيد. وتأتي للقسم أي الحلف فتدخل على لفظ الجلالة-وهو الذي لا يجوز الحلف إلا به- فتعمل بلا شرط؛لأن القاعدة أن ما جاء على الأصل في الاستعمال يعمل بلا شرط، ولذلك نقول: الأصل في العمل للأفعال، فلا يشترط في الفعل لإعماله شروط ، لكن الاسم لا يعمل إلا بشروط وقيود لأنه فرعٌ،وكذلك الحروف لا تعمل إلا بشروط،فيشترط في الفروع ما لا يشترط في الأصول.
                      الباء أصل في القسم إذًا يعمل بلا شرط، ولذلك يذكر معه فعل القسم فتقول: أقسم بالله،﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ (فاطر:42) ويجوز حذف فعل القسم،وتستعمل مطلقا فتقول: بالله عليك إلا أخبرتني ، في قسم الإخبار وغيره. وتدخل على الظاهر والمضمر تقول: بالله وبه لأفعلن كذا.
                      [وَالكَافُ] من حروف الجر أيضًا ،أي مسمى الكاف،هنا حكاه بالاسم ولم يحكه بالمسمى؛ لأنه على حرف واحد. والقاعدة عند أهل اللغة أن ما كان على حرف واحد حكي باسمه،وما كان على حرفين حكي بالمسمى.
                      ومن أشهر معانيها التشبيه،وهو مشاركة أمر لأمر آخر في المعنى. نحو: ليلى كالبدر.
                      [والَّلاَمُ] أي مسمى اللام من حروف الجر.وهي تكسر مع الظاهر نحو: لِزيد، وتفتح مع غير ياء الضمير نحو: لَه ولَك ولَنا.
                      واللام تأتي للملك، وللاختصاص، والاستحقاق، وضابط اللام التي تدل على الملك أنها تقع بين ذاتين، وتدخل على من يملك، نحو: المال لزيد، فالمال ذات وزيد ذات، ودخلت اللام على زيد وهو يملك يعني يصح منه الملك،فحينئذٍ نحكم على اللام بأنها للملك.
                      واللام التي للاختصاص أن تقع بين ذاتين،وتدخل على ما لا يملك،نحو: اللجام للفرس،والحصير للمسجد. فالحصير ذات والمسجد ذات، إذًا وقعت بين ذاتين ودخلت على المسجد وهو لا يملك.
                      واللام التي للاستحقاق أن تقع بين ذات ومعنى، وتدخل على الذات نحو: الحمد لله نقول: هذه للاستحقاق،وعند بعضهم يجوز أن تكون للملك والاختصاص، مثل ( الحمد لله ) فالحمد معنى ولله ذات دخلت عليها اللام.
                      [الوَاوٌ] المراد بها واو القسم، فهي حرف جر إذا أراد بها القسم.[وَوَاوٌ] هي حرف قسم لكنها فرعٌ وليست أصلا، وحينئذٍ لا يجوز إعمالها الجر إلا بشروط ثلاثة
                      أولها: أنها تختص بالظاهر ولا تدخل على الضمير.
                      ثانيها: يجب حذف فعل القسم معها فيقال: والله،ولا يجوز أن يقال: أقسم والله.
                      ثالثها: أنها لا تستعمل في قسم الإخبار فلا يقال: والله أخبرني.
                      [وَالتَّاء] أي مسمى التاء، وهي حرف قسم أيضا، وهي فرع عن الواو-كما أن الواو فرع عن الباء- فيشترط فيها ما اشترط في الواو، ويزاد عليها أنها تختص بلفظ الجلالة،نحو قوله تعالى:﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ﴾ (الأنبياء:57) وقد سمع ترب الكعبة،وسمع تالرحمن لكنه قليل،والقياس المطرد (تالله).
                      ثم لما أنهى علامات الاسم-وقد ذكر لك أربعا منها- انتقل بعد ذلك لذكر الجزء الثاني مما يتألف الكلام منه، وهو الفعل
                      قال ابن آجرّوم – رحمه الله : " والفعل يعرف بقد والسين وسوف وتاء التأنيث الساكنة "

                      ذكر لك أربع علامات للفعل،كما ذكر للاسم أربع علامات.[وَالفِعْلُ] أل للعهد الذكري- وهي التي عهد مصحوبها ذكرًا- يعني والفعل الذي ذُكر آنفًا في أقسام أجزاء الكلام؛لأن النكرة إذا أعيدت معرفة فهي عينها.
                      [وَالفِعْلُ] بكسر الفاء،ويقال: الفَعْل عند النحاة والمراد به المصدر. الفِعل عند النحاة اسم، والفَعْل مصدر، هذا اصطلاح خاص عند النحاة، ولا مشاحة في الاصطلاح.
                      وعند أهل اللغة الفِعْل والفَعْل مصدران لفعَل يفعَل، أما فَعْل فهو القياس، والفِعْل سماعي.
                      الفعل لغة: نفس الحدث الذي يحدثه الفاعل من قيام أو قعود أو ضرب أو نوم أو أكل أو شرب إلى آخره.
                      واصطلاحًا: كلمة دلت على معنى في نفسها واقترنت بأحد الأزمنة الثلاثة.قوله:(كلمة) جنس يشمل الاسم والفعل والحرف. دلت على معنى في نفسها أخرج الحرف،لأن الحرف لا يدل على معنى في نفسه. واقترن بمعنى اتصل، بأحد الأزمنة الثلاثة أخرج الاسم لأن الاسم يدل على معنى ولا يقترن بأحد الأزمنة الثلاثة،وهو الحال والماضي والاستقبال.
                      [وَالفِعْلُ يُعرف].أي ويتميز الفعل عن قسيميه الاسم ، والحرف بعلامات، وهي :
                      .[بِقَدْ] أي والفعل يتميز بقد.وهنا دخلت الباء على قَدْ والباء حرف جر، ولا تدخل إلا على الأسماء. فنقول: قد هنا ليست بحرف،وإنما هي اسم بدليل دخول حرف الجر عليها،وإنما تكون حرفًا في التركيب نحو: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (المؤمنون:1) قد في هذا التركيب حرف، لأنه أفاد معنى التحقيق، فاستعمل مرادًا به اللفظ والمعنى .أما إذا قيل:قد حرف. أخبرت عنها بأنها حرف،فاستعمل مرادًا به اللفظ فقط دون المعنى.فحينئذٍ هي علم في هذا التركيب، لذلك يجوز إعرابها وتنوينها-كما سيأتي- [بِقَدْ] أي الحرفية،لأن قد تأتي اسمية،وتأتي حرفية. وقد التي تكون علامة الفعلية هي قدُ الحرفية،ولكنها لا تدخل على أيِّ فعل،وإنما تدخل على الماضي والمضارع، ولا تدخل على فعل الأمر. ولا يصح دخولها على كل فعل ماضٍ أو مضارع ،وإنما تدخل بشروط أربعة:
                      الأول: أن يكون الفعل مثبتًا لا منفيًا.فنحو: قد ما قام لا يصح؛ لأنه منفي، وقد تفيد التحقيق، والتحقيق إنما يكون لشيء موجود،والمنفي معدوم؛فكيف يحقق المعدوم؟!.
                      الثاني: أن يكون الفعل متصرفًا لا جامدًا، بمعنى أنه يأتي منه المضارع والأمر والمصدر واسم فاعل إلى آخره.فقد يكون التصرف تامًا، وقد يكون التصرف ناقصًا.فالجامد نحو: نِعْمَ وبِئْسَ، لا يصح دخول قد عليه -على الصحيح- ،فلا يقال: قد نِعْمَ زيدٌ الرجل.
                      الثالث: أن يكون خبريًا لا إنشائيًا. وهذان قسمان للكلام لا ثالث لهما على الأصح كما قال السيوطي:

                      مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالكِذْبِ الخَبَرْ وَغَيرُهُ الإنْشَا وَلاَ ثَالِثَ قَرْ

                      الكلام إما أن يكون خبرًا -وهو ما احتمل الصدق والكذب لذاته-.وإما أن يكون إنشاءا - وهو ما لا يحتمل الصدق والكذب لذاته - فإذا كان الفعل خبريًا صح دخول قد عليه.وإذا كان الفعل إنشائيًا لا يصح دخول قد عليه.والعلة هي العلة في عدم صحة دخولها على فعل الأمر.
                      فقد تدخل على الجملة الخبرية،نحو: قد بعت السيارة، وهذه من ألفاظ العقود فإن كان قد وقع البيع في الزمن الماضي صح دخول قد على بعت. وإن كان المقصود بها إنشاء البيع الآن يقول: تبيع السيارة. فيجيب: قد بعتك. فهذا لا يصح،لأن بعت ليس بفعل ماض من حيث المعنى،يعني لا يدل على شيء وقع وانتهى، إنما المراد إنشاء البيع الآن فدلالته على الحال.فحينئذٍ لا يصح دخول قد عليه.
                      الرابع : أن لا يفصل بين قد والفعل فاصل، فلا يصح: قد هو قال. وقد استثنى ابن هشام: القسم نحو: قد والله قام زيدٌ ، لوروده في الشعر.
                      قد تأتي لمعانٍ،فإذا دخلت على الفعل الماضي أفادت التحقيق أو التقريب، يعني تدل من جهة المعنى على التحقيق أو التقريب. فالتحقيق نحو قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (المؤمنون:1) وقولك: قد قام زيد.- وقد وقع القيام- يفيد التحقيق.و التقريب نحو قولك: قد قام زيد.-ولمَّا يقم- ومثله قول مقيم الصلاة: قد قامت الصلاة.
                      وإذا دخلت على الفعل المضارع أفادت التقليل أوالتكثير. فالتقليل كقولك: قد يصدق الكذوب.والتكثير كقولك: قد يجود الكريم. هذا ما يذكره النحاة أن قد إذا دخلت على الفعل الماضي أفادت التحقيق أو التقريب، وإذا دخلت على الفعل المضارع أفادت التكثير أو التقليل، هذا هو المشهور لكن الأصح أن يقال أن قد تدخل على الفعل المضارع و تفيد التحقيق، وبعضهم ينفي إفادتها للتحقيق عند دخولها على الفعل المضارع،وليس بصواب،بل تدخل على الفعل المضارع وتفيد التحقيق بدليل قوله تعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾ (الأحزاب:18) فقد هنا أفادت التحقيق.

                      وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
                      نسألكم الدعاء لأمي بأن يغفر لها ويرحمها
                      ( ليسَ شيءٌ أضرَّ على الأممِ ، وأسرعَ لسقوطِها من خِذلانِ أبنائِها للسانِها ، وإقبالِهم على ألسنةِ أعدائِها )
                      أبو قصي
                      =================
                      منتديات قول الحق الدعوية، وحوار الفرق المخالفة

                      تعليق


                      • #12
                        رد: حلقات شرح الأجرومية

                        جزاكم الله خيرا


                        تعليق


                        • #13
                          رد: حلقات شرح الأجرومية


                          ويا ليت إخواننا يعلمون أهمية ما أنتم بصدده
                          ويكفينا ارتباط اللغة الوثيق بالدين الإسلامي و القرآن الكريم،
                          فقد اصطفى الله هذه اللغة من بين لغات العالم لتكون لغة كتابه العظيم و لتنزل بها الرسالة الخاتمة قال الله تعالى:{إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}،
                          جميع دول العالم بجميع لغاتهم يفتخرون بلغاتهم
                          إلا كثير من المُتخلفين العرب لا يفتخرون بالعربية
                          وهذه هي نقطة التخلف الذي بيننا وبينهم
                          واللهِ إننا في نعمةٍ أننا عربٌ والحمدُ للهِ ربِّ العالمين
                          أبُو سُفيَان سابقاً
                          قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

                          ( لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس )

                          تعليق

                          يعمل...
                          X