إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم




    يقول الله –سبحانه وتعالى- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:
    "كهيعص*ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا*إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا*قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا*وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا*يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَۖوَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا"
    الكهف 6:1،
    هذه السورة المباركة افتتحها الله -عز وجل- كعادة كثيرٍ من السور المكية، افتتحها الله -عز وجل- بالأحرف المقطعة أو الحروف المقطعة

    وللتعرف على
    - معنى الحروف المقطعة في القرآن
    - ذكر الله تعالى لقصة سيدنا زكريا
    - دعاء سيدنا زكريا وثقته فيما عند الله
    - الحرص على أن تستمر دعوته حتى بعد مماته
    - كرامة لله -عز وجل- له وتبشيره بيحيى -عليه السلام-


    ندعوكم لمتابعة درس بعنوان
    تفسير وتدبر سورة مريم | الشيخ عمرو الشرقاوي | اللقاء الثاني - ذكر رحمت ربك عبده زكريا





    رابط المشاهدة على اليوتيوب
    https://www.youtube.com/watch?v=gwrgAvQlAOY



    رابط الدرس على الموقع


    http://way2allah.com/khotab-item-133065.htm

    رابط الجودة العالية
    http://way2allah.com/khotab-mirror-133065-210527.htm

    رابط صوتي mp3
    http://way2allah.com/khotab-mirror-133065-210518.htm


    رابط الساوند كلاود
    https://soundcloud.com/way2allahcom/zakaria



    رابط تفريغ pdf
    http://way2allah.com/khotab-pdf-133065.htm


    رابط ملف التفريغ word
    https://archive.org/download/2Zakaria/2-zakaria.doc



    موضوع مخصص لتلقي الاستفسارات الخاصة بالدورة

    موضوع مخصص لتلقي الأسئلة الخاصة بالتفسير والتدبر

    ღ:: فهرس دورة: تفسير ودراسة وتدبر سورة مريم ::ღ

    لقراءة التفريع مكتوب على المنتدى تابعونا في المشاركة الثانية



    التعديل الأخير تم بواسطة آمــال الأقصى; الساعة 05-06-2017, 04:29 AM.

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36


  • #2
    رد: تفسير وتدبر سورة مريم | الشيخ عمرو الشرقاوي | اللقاء الثاني_ ذكر رحمت ربك عبده زكريا


    حياكم الله وبياكم الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات: يسر
    فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله
    أن يقدم لكم: تفريغ:
    تفسير وتدبر سورة مريم | الشيخ عمرو الشرقاوي | اللقاء الثاني - ذكر رحمت ربك عبده زكريا
    سائلين الله -عز وجل- أن يجعله في ميزان حسنات كل من شارك فيه
    وأن يبارك في فريق عمل التفريغ


    الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على إمام الأتقياء وسيد المرسلين نبينا محمدٍ -صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه- أجمعين وبعد،

    الحروف التي افتتح الله بها بعض سور القرآن
    يقول الله –سبحانه وتعالى- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: "كهيعص*ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا*إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا*قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا*وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا*يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَۖوَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا" الكهف 6:1،
    هذه السورة المباركة افتتحها الله -عز وجل- كعادة كثيرٍ من السور المكية، افتتحها الله -عز وجل- بالأحرف المقطعة أو الحروف المقطعة، الله -عز وجل- افتتح بعض السور بحرفٍ واحد "ن"، وافتتح بعض السور بحرفين، وافتتح بعض السور بثلاثة أحرف "ألم" "طس"، يبقى حرف واحد زي "ن"و"ص"و"ق"، وحرفين زي "طس"، وافتتح الله -عز وجل- بعض السور بثلاثة أحرف "ألم"، وافتتح الله -عز وجل- بعض السور بأكثر من ذلك "ألمر"، وافتتح الله -عز وجل- بعض السور بخمسة أحرف قال الله تعالى:"كهيعص" "حم*عسق"، ولم تُفتتح سورة من القرآن بأكثر من خمسة أحرف، يعني الأحرف المقطعة.
    الأحرف المقطعة دي هي أحرف لا معنى لها، لماذا؟ لأن العرب لا يعرفون معنى للحرف الهجائي، يعني هذه الأحرف تنطق هكذا"كاف"ده حرف هجائي،"أ"حرف هجائي،"ن"حرف هجائي، فالعرب لا تعرف في لغتها معنى للحرف الهجائي، إنما الحرف ده لابد أن تركب منه كلمة عشان نعرف معناه.

    ما معنى الحروف المقطعة في القرآن؟
    طب أمال الحروف دي ربنا -سبحانه وتعالى- ذكرها في القرآن العظيم ليه؟ لماذا ذكر الله -عز وجل- هذه الأحرف في القرآن العظيم؟ انتبهوا يا إخوة، الآن في الفترات الأخيرة انتشر جهل وكذب وتخريف باسم العلم بالآرامية واللغات القديمة أو السريانية أو نحو ذلك، فادعى بعض الجهلة أن هذه الحروف لها تفسير في الآرامية، وأن العلماء لم يعرفوا هذا التفسير، وأنه جاء بعد هذه القرون المتطاولة يعني هذا الدعي الغِر الجاهل جاء بعد هذه القرون المتطاولة لكي يعلم الأمة الإسلامية ما جهلته عبر هذه القرون، وقد أظهر الله -عز وجل- زيفه. وظهرت ردود أهل العلم حقًا وصدقًا، أهل الرسوخ في العلم، ظهرت ردودهم بحمد الله -سبحانه وتعالى- عليه. فإحنا نقول أولًا لماذا ذكر الله -عز وجل- هذه الأحرف؟ يبقى هذه الأحرف إذن ليس لها معنى لا في الآرامية ولا في السريانية، هذا جهل وتخبط وحتى إن الدكتور سامي عامري -حفظه الله تعالى- نشر عدة مقاطع في الرد على هذا الغلام الذي يدعي إن هذه الأحرف المقطعة هي لها معنى سرياني ولها معنى آرامي ونحو ذلك من تخرصاته وأباطيله.
    لكن المقصود نحن من جهة التفسير، ما معنى هذه الأحرف "كهيعص" عندنا حرف الكاف وحرف الهاء وحرف الياء وحرف العين وحرف الصاد، قلنا أن هذه الحروف لا معنى لها في لغة العرب، إذن لماذا ذكرها الله -عز وجل-؟ ذكرها الله -عز وجل- لمغزى، يبقى إذن الحروف المقطعة ليس لها معنى، ولها مغزى. ماهو المغزى؟ المغزى الذي ذكر الله -عز وجل- هذه الحروف من أجله كما يقول أهل العلم؛ التنبيه والإثارة والتشويق لما يأتي بعد هذا الحرف.

    جاءت هذه الحروف في أوائل السور للإثارة والتشويق
    يبقى هو لما يقول "ألم" يعني انتبهوا أيها الذين نزل عليكم القرآن، هذا القرآن الذي تستنكرونه وتستغربون منه مؤلفٌ من جنس هذه الحروف، فإذا كان القرآن مؤلفًا من جنس هذه الحروف فلم لم تستطيعوا أن تأتوا بمثله؟ لذلك ربنا -سبحانه وتعالى- تحداهم يقول هاتوا مثل القرآن مش قادرين، هاتوا عشر سور مثله مفتريات لا نستطيع، هاتوا سورة واحدة من القرآن، فأظهر الله -عز وجل- عجزهم وهم أهل الفصاحة وأرباب البيان، ومع ذلك أظهر الله -عز وجل- عجزهم وعوارهم ونقصهم عن الإتيان بمثل هذا القرآن العظيم.
    فلما ربنا -سبحانه وتعالى- يقول:"كهيعص" إذن هذه الحروف لا معنى لها في الأصل، وإنما لها مغزى وهي الإثارة والتشويق والبيان، واحد يقول طيب ما إحنا لما نيجي نطالع كتب المفسرين الكبار زي كتاب الإمام ابن جرير الطبري جامع البيان أو مثل هذه الكتب الكبيرة نجد إن بعض المفسرين يذكرون لها معنى، انتبهوا هؤلاء العلماء -رحمهم الله تعالى- ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة وابن جرير الطبري وابن أبي حاتم وابن كثير، هؤلاء العلماء الكبار إنما يذكرون كلام مؤلَف من جنس هذه الحروف، يعني ابن عباس تجد عنه في الحرف الواحد أكثر من قول، الألف مثلًا الله، باء مثلًا جبريل، ميم محمد-عليه الصلاة والسلام- وبعدين في قول تاني يأتي يقول غير هذه الحروف، اللام لفظ الجلالة، والباء بهاء الله، إلى غير ذلك يعني.

    لم يذكر بن عباس للحروف المقطعة في القرآن معنى معين
    طيب لماذا لا تفكر هل ابن عباس -رضي الله عنهما- متناقض؟ لأ، إنما هو بيقول إن الحروف دي مكون منها هذا الكلام، يبقى هذا الكلام مكونٌ من جنس هذه الحروف، فهو يمثل لك، جنس الكلام الذي أُلِفت منه هذه الحروف، يبقى مش معنى كده إن ابن عباس بيذكر معنى لهذه الحروف، لأ، وإنما هو يذكر كلام يؤلَف من مثل هذه الحروف، يبقى لو انت عايز تقول كلام تاني مفيش مشكلة إنك تقول كلام تاني، لكن هو بيقول ابن عباس -رضي الله عنه وأرضاه-، أن مثلًا الألف من الله والباء من جبريل والميم من محمدٍ-عليه الصلاة والسلام- ليدلك أن هذه الأسماء تؤلَف من هذه الحروف وأن هذه الحروف هي حروف الهجاء التي يؤلَف كلام العرب منها.


    ذكر الله رحمته بعبده زكريا عليه السلام
    يقول الله -سبحانه وتعالى-: بسم الله الرحمن الرحيم "كهيعص" يبقى عندنا خمس حروف الكاف والهاء والياء والعين والصاد."ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا"، ذِكْرُ يقول العلماء أنه خبرٌ لمبتدأ محذوف يعني هذا الذي سأقصه عليكم ذكر رحمة الله -عز وجل- بعبده زكرياء عليه السلام، وقدم الله -عز وجل- هنا ذكر الرحمة، يعني تخيل إن ترتيب الآيات إن سيدنا زكريا -عليه السلام- دعا الله -عز وجل- أن يرزقه يحيى فاستجابة الله له الرحمة، يعني رحمة الله ماذا؟ "ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ" رحمة الله -عز وجل- هنا ما معناها؟ معناها إعطاء الولد (اللي هو يحيى) لزكريا -عليه السلام-، فقدم الله -عز وجل- ذكر الرحمة لكي يوقن العبد أن رجاءه من الله -عز وجل- لا يخيب. ولذلك قدم الله -عز وجل- ذكر الرحمة، قال هذا ذكر رحمة الله -عز وجل- بعبده، شوف ربنا -سبحانه وتعالى- يقول: "ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ"، والعبودية هي أشرف شيء، أشرف وصف للإنسان العبودية، يعني الإنسان إنما يشرف بانتسابه للرب العظيم -سبحانه وتعالى-، فكلما كان الإنسان عبدًا لله كان أقرب إليه، كلما كان الإنسان عبدًا لله كان أقرب إليه، لذلك ربنا -سبحانه وتعالى- يقول للنبي -عليه الصلاة والسلام-: "اسْجُدْ وَاقْتَرِب" يعني كلما انخفض الإنسان أكثر وذل لله -سبحانه وتعالى- كلما ارتفع مقامه عند الله -سبحانه وتعالى-.

    مقام الأنس بالله أعلى المقامات
    ولذلك في مقام الأنس أعلى المقامات، ربنا -سبحانه وتعالى- يقول عن النبي-صلَّى الله عليه وسلم-:"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ" الإسراء:1،ويقول الله -سبحانه وتعالى-: "فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ" النجم 10،فذكره الله -عز وجل- في أشرف المواطن بأشرف الأوصاف.
    ده المنطقي إن ربنا -سبحانه وتعالى- جعله في مكانٍ لم يصل إليه نبيٌ مرسل ولا ملكٌ مقرب، يسمع صريف الأقلام "إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ" النجم:16، ومع ذلك ربنا -سبحانه وتعالى- يصفه بوصف إيه؟ وصف العبودية، يقول: "فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ"، "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ"، لذلك ربنا -سبحانه وتعالى- يقول:"ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا"، يعني رحمة الله -عز وجل- بعبده زكريا -عليه السلام-.
    "إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ"، يعني وقت ندائه لله، ودعائه لله -سبحانه وتعالى- وتضرعه لله -عز وجل-، طبعًا لماذا نادى ربه؟ ربنا -سبحانه وتعالى- ذكر ذلك في سورةٍ أخرى، ربنا-سبحانه وتعالى- لما ذكر قصة ولادة مريم يقول: " دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًاۖقَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا" يعني من أين لك هذا؟ "قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِۖإِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" آل عمران:37، سيدنا زكريا -عليه السلام- تذكر مباشرةً إن كان له طلب من الله "هُنَالِكَ"، يعني في ذلك الوقت، "هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُۖقَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةًۖإِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ*فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ" آل عمران 39:38، مباشرةً، فربنا- سبحانه وتعالى- يقول "إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ"، يعني بعد اللي حصل بينه وبين مريم -عليها السلام- توجه مباشرةً لله -عز وجل- ليطرح حاجته وسؤله وتضرعه لله -سبحانه وتعالى-.


    دعاء زكريا عليه السلام ربه خفية ليكون أقرب للإجابة
    طيب يقول إيه؟ يقول:"إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا"،"ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً" الأعراف:55،يعني الإنسان أحيانًا يحتاج إلى الابتهال في الدعاء، وأحيانًا يحتاج إلى الاستكانة والخضوع في الدعاء، وكلما كان الدعاء أخفى كلما كان أدعى للقبول والإخلاص والبعد عن الرياء. يعني سيدنا زكريا -عليه السلام- جلس في مكانٍ خفيٍ لا يراه فيه أحد يدعو الله -سبحانه وتعالى- "إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا*قَالَ رَبِّ"، ودائمًا الأنبياء في القرآن كده؛ ربنا -سبحانه وتعالى- يدعون الله -عز وجل- بلفظ الربوبية، ليه؟ لأن الرب هو المالك الخالق المدبر. لذلك ربنا –سبحانه وتعالى- قال: "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" الفاتحة:1، كل العالمين مربوبون لله -عز وجل-، كلهم لا يخرج أحدٌ عن سلطان الله -سبحانه وتعالى-، لذلك الأنبياء دائمًا في القرآن يدعون الله –عز وجل- بلفظ الربوبية "ربنا، ربِّ"،هكذا دائمًا "إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا"، عشان يكون أدعى للقبول والإخلاص والبعد عن الرياء، ينفرد الإنسان بالله -سبحانه وتعالى- وباللجوء له وبالاعتصام بحبله -سبحانه وتعالى-: "إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا *قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي"، -سبحان الله- شوف سيدنا زكريا يتذلل لله -سبحانه وتعالى- ويذكر صفات الضعف اللي عنده، يقول: يارب أنا وهن العظم مني، طبعًا ليه مش قال مثلًا وهنت يا رب، ضعفت، بيقول "وَهَنَ الْعَظْمُ" ليه؟ لأن العظم هو أصلب شيء في الإنسان، هو قوام البدن، الإنسان عظم وبعدين يكسى لحمًا كما قال الله -عز وجل- في سورة البقرة، فإذا وهن العظم فمن باب أولى وهن جميع البدن. الإنسان ينحني ويضعف لما يكبر مثلًا كده الإنسان ويهن العظم يعني يكبر ويدب إليه الضعف، فبيقول له يارب وهن العظم، مش وهن عظمي، لا بيقول العظم، يعني كل عظمة في بدنه أصيبت بهذا الوهن، كل عظمة في بدني تعبت يارب

    نتعلم حينما ندعو الله أن نثني عليه
    "قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا"،ما قالش اشتعل الشعر، لأن الأصل أو الأغلب في الناس أن تبيض لحاهم ثم تبيض الرؤوس، يعني الإنسان الأول لحيته تبيض وبعدين رأسه يبيض، فلما هو يقول: "وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ"، يعني خلاص ماعدش فيه ولا شعراية سوداء، فمن باب أولى أن لحيته أصبحت بيضاء أيضًا، وهذا كناية عن الكبر والضعف، يعني هو خلاص وصل إلى مرحلة كبيرة جدًا في الضعف، ومثل هذه المرحلة يحتاج فيها الإنسان إلى من يعينه، يعني يحتاج الإنسان إلى من يعينه في مثل تلك المرحلة، فيقول يارب "وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا"، الله أكبر، انظر إلى هذا الثناء على الله.

    الثقه في استجابة الله عز وجل
    لما حاتم الأصم أو معن بن زائدة ذكرَّه بإحسانه القديم، يقول له أنت في اليوم الفلاني أحسنت إلي فأحسن إلي، فقال: مرحبًا بمن توسل بنا إلينا، شوف سيدنا زكريا يقول إيه: "وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا" يعني يارب أنا عمري يارب ما دعيتك قط ورددتني ولا شقيت بدعائك قط يارب، ولا رددتني خائبًا من سؤلك يارب. فيقول يارب أنت عودتني على الإجابة "وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا". إذن هو كبير في السن وعاوز حد يعينه "وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي" يعني عصبته وقومه وقبيلته والناس اللي حواليه لا يستطيعون أن يقوموا بما يقوم به زكريا، وكان زكريا -عليه السلام- هو الحبر الأعظم في اليهود، وكان هو الذي يلي شئون المسجد وهو الذي يصلي بهم، يعني شيخهم الكبير، فمفيش حد من اللي حواليه ينفع يكون وريث لهذا المقام، والإنسان-سبحان الله- لو واحد ربنا –سبحانه وتعالى- رزقه العلم وكان عنده مكتبة كبيرة ويفضل يتفكر، ياترى المكتبة مين اللي هياخدها بعده ولا الكتب دي إيه اللي هيحصل لها، هتروح كما تذهب بعض المكتبات وتتفرق أوصالها يمينًا وشمالًا. -سبحان الله- الواحد الآن يتفكر في مثل هذا، لو ربنا رزقه مثلًا مكتبة أو عنده كتب ولا ولا ولا، فما بالك بوراثة النبوة، ده قائم بشأن الدين في قومه، فيقول يارب: "وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا".


    حرص سيدنا زكريا على الدعوة حتى بعد موته
    بعض المفسرين يذكرون إن كان عندهم اعتقاد إن العقم أو عدم الإنجاب "وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا"، يعني لا تلد، بسبب المرأة، يعني إذا كان الرجل سليمًا يبقى المشكلة في المرأة، فهو بيقول له "وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا"، ما عنديش مشكلة بس هي اللي عندها مشكلة "وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا"، يعني يلي أمري من بعدي إذا أنا مت، هو اللي يتحمل مسؤولية الدين، شوف حرص زكريا -عليه السلام- على الدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى-، وحرص زكريا -عليه السلام- أن يصل الدين إلى الناس، يعني لما يموت هو أدى ما عليه، لأ، هو لازم يطمن على دين ربنا -سبحانه وتعالى-، لابد أن يترك بعده من يقوم بالدين كقيامه -عليه السلام-، يقول:"يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ" بعض المفسرين قال: إن الأنبياء قبل نبينا -عليه الصلاة والسلام- كان عادي المال يتوارث، فقال: "يَرِثُنِي"، يعني يرث مالي "وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ"، يعني الحكمة والنبوة، وقال بعضهم وهو الصحيح: لأ، إن مقصود زكريا -عليه السلام- "يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ"،يعني يرث الحكمة والنبوة والقيام بشأن الدين "وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ"،اللي هو جده، لأن سيدنا زكريا -عليه السلام- من أبناء يعقوب من أبناء إسرائيل.

    إذا دعوت الله وتأخرت الإجابة فاعلم أن هذا بحكمة الله
    "وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا"، يعني هو مش بيطلب مجرد ولد كده وخلاص، أي ولد وخلاص لأ، إنما يطلب ولد صالح يكون مرضيًا عند الله ومرضيًا عند عباد الله، لازم كده. لذلك ربنا في سورة الكهف، ربنا -سبحانه وتعالى- ذكر قصة ولد برضه لكنه كان ولد عاق، فاستبدله الله -عز وجل- بولدٍ صالح، فالمشكلة إن الإنسان إذا طلب من الله أن يطلب الخير له، أحيانًا ربنا -سبحانه وتعالى- يمنع عن الإنسان شيء يكون فيه الفساد والشر، فإذا ما طلبت من الله ولم يعطك الله -عز وجل- سؤلك فتوقف، ربنا -سبحانه وتعالى- حكيم، يعني إيه حكيم؟ يعني يضع الأمور في مواضعها. فهو شوف بيقول له يارب أنا مش عايز ولد وخلاص، ما ممكن ييجي ولد فاسد، أو ييجي ولد يكفرهم في عيشتهم، وأهو ربنا –سبحانه وتعالى- بيقول كده بيقول عن الولد الأولاني "يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا" الكهف: 80، فيقول يارب أنا أريد ولد صالح، مرضيّ الدين ومرضيّ الخلُق، ومرضيّ الخلْق أيضًا، يعني يكون ولد صالح وولد أخلاقه حسنه ويكون أيضًا دَيِّن.

    كرامة سيدنا زكريا على الله
    شوف ربنا -سبحانه وتعالى- يقول ايه بقا؟ هو يقول في الآية الثانية ايه "فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ" آل عمران39، والفاء دي كما يقول العلماء غير ثم، يعني أنا لما أقول لك جاء خالد ثم أحمد، غير لما أقول لك جاء خالد فأحمد، غير لما أقول لك جاء خالد وأحمد، كل واحدة مختلفة، "ثم" دي تفيد الترتيب والتراخي، يعني جاء بعده بشوية، "والفاء" تفيد السرعة، ودائمًا في دعاء القرآن، في سورة الأنبياء "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ" الأنبياء: 88، الفاء تفيد السرعة، إن ربنا استجاب الدعاء مباشرةً قال: "يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا" مريم:7،واحد يقول فيه بعض المفسرين يقول هو استجاب له بعدين، أقول أيوه ربنا -سبحانه وتعالى- فرق بين الاستجابة وبين التعجيل، هنا في الموضع ده، يعني آه هو استجاب له، لكن إمتى هيديه الولد؟ لأن بعض المفسرين ذكر إن سيدنا زكريا تأخر شوية على لما جاله الولد، وسيأتي معنا إن شاء الله تعالى، ففرق بين الاستجابة والتعجيل على هذا القول، فيقول "يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا"،شوف ربنا -سبحانه وتعالى- بشره بسؤله، قال له خلاص هنديك غلام، اسمه يحيى وكمان هذا الغلام صاحب كرامة، يبقى دي الكرامة لزكريا إنه هيجي له ولد وامرأته عاقر ولا بتولد ولا حاجة، مش كده وبس "لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا".

    سماه الله –عز وجل- يحيى ليه؟ قال العلماء: لأن الله أحيا به الدين، الله -عز وجل- يحيي به الدين، وقال بعض العلماء: لأن قلبه حي بالإيمان، وقال بعض العلماء: لأنه مات شهيدًا والشهداء أحياءٌ عند ربهم يرزقون، يعني الشهيد صاحب حياةٍ مستمرة على طول، هو مش بيموت وبعدين يحيى، لأ، هو خلاص حياته مستمرة دائمة، فلذلك سماه يحيى من الحياة الدائمة، لأنه أصلًا سيدنا زكريا -عليه السلام- نشر بالمنشار، وسيدنا يحيى قطعت رأسه، صلوات الله وسلامه عليهما جميعًا، فيقول له يحيى لأنه هيموت شهيد، وكل هذه الأقوال حق.


    يجب أن تتعلم كيف تتعامل مع كتب التفاسير
    ولازم يا إخوانا نفهم إزاي المفسرين بيتعاملوا مع الأقوال، مش لما أنت تيجي تفتح كتاب من كتب التفسير، القول الأول، القول الثاني، القول الثالث، القول الرابع.. القول 12، أربعين قول في الآية، مش مشكلة، مش مشكلة المفسرين إن يكون فيه 40 قول في الآية، لكن مشكلتك أنت إنك لازم تتعلم كيف تتعامل مع كتب التفسير، لو أنت طبيب لازم تتعلم إزاي تتعامل مع المريض، إزاي تشخصه، لو أنت مهندس لازم تتعلم إزاى تتعامل مع المبنى، لو أنت في أي صنعة مما خلق الله -سبحانه وتعالى- لازم تتعرف على أصولها، زي التفسير بالضبط، ما تفتحش كتاب تفسير وتقول والله ده المفسرين مختلفين، وإيه الاختلاف ده في كلام الله الكثير ده.

    من الممكن أن تُفسَر الآية بأكثر من معنى
    لذلك الإمام ابن عطية ينبه فيقول: أن العلماء يذكرون مثالًا فيجعلها المتأخرون أقوالًا، المتأخرون اللي مش عارفين حاجة واللي مش بيعرفوا يفكروا في العلم، وغير المحررين في العلم يفتح كتاب التفسير، قال الله تعالى: "يَا يَحْيَىٰ"،وفي يحيى خمسة أقوال: ويقعد يرص الأقوال، عادي الأقوال دي كلها في النهاية صح، والأقوال دي في النهاية لا تختلف "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" الفاتحة:6، ده فيها يا عم الشيخ 40 قول، فعلًا فيها 40 قول وممكن يكونوا 50 قول "ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ" التكاثر:8، ده النعيم ده فيه 60 قول، عادي وفيه 100 قول، 300 قول يا عم مش مشكلة، لأن كل الأمثلة اللي بيذكروها دي من النعيم الذي ذكره الله -سبحانه وتعالى-، فأنت ليه عندك مشكلة إن فيه أقوال، فأنت لابد أن تفهم، إذن كل الأقوال التي ذكرتها لكم في يحيى هي أقوالٌ صحيحة، وهيجي معانا إن شاء الله مثال للأقوال المختلفة، والأقوال كلها صح والآية تُحمل على الأقوال جميعًا. وفيه آية تانية فيها قولين لازم نرجح قول على قول، وفيه قولين متضادين والاتنين صح في الآية برضه، أضرب لكم مثال سريع، الله -عز وجل- يقول "وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ" التكوير:17،فعسعس؛ العلماء اختلفوا في تفسيرها فبعضهم يقول أقبل وبعضهم يقول أدبر، طيب واحد يقول أقبل ضد أدبر، طب النعيم لو واحد قال مثلا الأمن، لو واحد قال الماء البارد، لو واحد قال الزوجة، ماشي دي أمثلة، طب أقبل غير أدبر، ازاي نتعامل مع القول ده؟ أقول له آه ما الآية ممكن تُحمل على المعنيين جميعًا، ليه؟ لأن الله أقسم بالليل حال إقباله وحال إدباره، إنما فيه أقوال متنافية لازم نرجح؛ القُرء "ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ" البقرة:228، القرء: ياإما الحيض يا إما الطهر، ما ينفعش المرأة يا إما تعتد بالحيض يا إما تعتد بالأطهار، يبقى لازم هنا الترجيح خلاص، وسيأتي معانا مثال إن شاء الله في قول الله تعالى:"فَنَادَاهَا مَن تَحْتِهَا" "فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا"مريم:24.

    خزائن الله لا تنفذ أبدًا
    فيقول له "يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ"، شهيد ويحيي الله به قلوب عباده، وقلبه حيٌ بالإيمان "لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا"، يعني لم يسم أحد بيحيى قبل يحيى -عليه السلام-، أول واحد ربنا -سبحانه وتعالى- سماه يحيى، والله -عز وجل- هو الذي سماه، سيدنا زكريا استغرب "قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا" مريم:8،العتي :اليُبس، يعني خلاص أنا أصبحت يابسًا، كبيرًا في السن، فمن أين يأتي هذا الولد يارب، وده تعجب يعني، يقوم ربنا -سبحانه وتعالى- يقول: "قَالَ كَذَٰلِكَ" مريم:9، يعني الأمر ما قلته لك، يعني خلاص طالما ربنا -سبحانه وتعالى- قال أنه هيديك ولد يبقى هيديك ولد "قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ"، الله قادر -سبحانه وتعالى-، ولذلك أنت لاتقس رغباتك على قدرتك، لما تيجي تطلب من ربنا تقول ياه أطلب من ربنا- سبحانه وتعالى- كذا وكذا، لا تقس هذه الرغبات على قدرك أنت، اعلم أنك تطلب من الذي بيده مقاليد كل شيء -سبحانه وتعالى-، أنت تطلب من الكريم -سبحانه وتعالى-، ربنا يقول:"قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنفَاقِۚوَكَانَ الْإِنسَانُ قَتُورًا" الإسراء: 100، لكن ربنا -سبحانه وتعالى- خزائنه ملئ لا تنفذ " .... يا عبادي ! لو أنَّ أولَكم وآخرَكم ، وإنسَكم وجنَّكم ، كانوا على أتقى قلبِ عبدٍ منكم ؛ لم يزدْ ذلك في ملكي شيئًا ، ولو كانوا على أفجرِ قلبِ رجلٍ ؛ لم ينقُصْ ذلك من ملكي شيئًا ، ولو اجتمعوا في صعيدٍ واحدٍ ، فسألوني فأعطيتُ كلَّ إنسانٍ منهم ما سأل ؛ لم ينقُصْ ذلك من ملكي شيئًا ؛ ..."صححه الألباني.


    آية سيدنا زكريا عليه السلام
    سيدنا الخضر -عليه السلام-، لما العصفور وقف على البحر ونقر، أخد إيه يعني من البحر! فيقول لموسى: اعلم أن علمي وعلمك وعلم العالمين جميعًا إلى علم الله -عز وجل- إلا كما أخذ هذا العصفور من هذا القطر، الله -عز وجل- لا يعجزه شيءٌ –سبحانه وتعالى-. لا يعجزه شئ في السماوات ولا في الأرض، شوف؛ قادر، إدى زكريا ولد وامرأته عاقر، وهتيجي الأعجب، إنه يدي مريم ولد وهي أصلًا لم تتزوج، لم يمسسها بشر. وهذه القصة مقدمةٌ لهذه القصة كما سننبه عليه إن شاء الله تعالى "وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا"، طب اللي خلق من قبل ولم يك شيئًا، هل إنه يديه ولد يعني صعبة عليه؟! ولذلك ربنا -سبحانه وتعالى- دائمًا يضرب المثال العقلي ده، يقول "وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ" الروم:27،يعني هل الواحد يبدأ ويبتكر أصعب ولا إنه يعيد؟ الإعادة دي شيء هين، لكن البدء هو اللي صعب، فإذا كان الله -عز وجل- هو الذي بدأ الخلق، فهو القادر على أن يحييهم يوم القيامة، يقول "وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا*قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً" مريم 9 : 10، طب يارب أنا أريد أن أعرف متى تحمل المرأة "قَالَ آيَتُكَ"، يعني العلامة، الآية طبعًا تستخدم بمعنى العلامة "قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا"، يعني أنت لسانك سيتوقف عن الكلام لمدة ثلاث ليال "ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا" آل عمران:41، يعني إلا مدةً يسيرًا، يقول له: أنت هتطلع لسانك سليم وأنت مش تعبان وتمام التمام لكن هتفضل ثلاث أيام متعرفش تتكلم.


    أن ينطلق لسانك بذكر الله هذا أمرٌ عظيم
    طب زكريا -عليه السلام-، يقول الله -عز وجل-: "فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ" مريم:11، محراب الصلاة اللي هو بيصلي فيه يعني، لأن زكريا كما قلت لكم هو الحبر الأعظم في يهود آنذاك، هو أكبر واحد من علماء اليهود، فربنا -سبحانه وتعالى- يقول: "فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ"، من خلوته التي يتعبد فيها لربه -سبحانه وتعالى-، فوجد لسانه لا يتكلم، عرف خلاص إن المرأة إيه؟ إن المرأة حملت "فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ"، يعني أشار، والوحي هو الإشارة بخفاءٍ وسرعة، ده معنى الوحي، "فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا"،ده أهمية الذكر، أهمية إن اللسان ينطلق بذكر الله -عز وجل-. قال بعض أهل التفسير إن زكريا -عليه السلام- لم يتكلم إلا بذكر الله، لسانه توقف عن النطق إلا من ذكر الله -عز وجل-، وذكر الله -عز وجل- أمرٌ عظيم، أمرٌ عظيم إن الإنسان ينطلق لسانه وينطلق قلبه بذكر الله -سبحانه وتعالى-.

    رسالة هامة لكل من يبلغ دين الله -سبحانه وتعالى-
    والإنسان إذا كان ذاكرًا لله -عز وجل- فهي نعمةٌ كبرى ومنةٌ عظمى. والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: " ... سبقَ المُفرِّدونَ قالوا : وما المُفَرِّدونَ ؟ يا رسولَ اللهِ ! قال الذَّاكرون اللهَ كثيرًا ، والذَّاكراتُ" صحيح مسلم،وربنا -سبحانه وتعالى- لم يذكر عبادة في القرآن مقرونة بوصف الكثرة إلا الذكر، ربنا يقول "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ" البقرة:43،"وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ" آل عمران :97، لكن شوف الذكر يقول الله -عز وجل-: "اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا" الأحزاب 42:41، "إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا" الأنفال:45، "وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ" الأحزاب:35، فيقول لهم كده برضه "سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا"، وبعدين بدأ يتكلم على يحيى "يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ" مريم:12، وهذه إشارة وهذا تنبيه وعبرة لأي واحد ربنا -سبحانه وتعالى- آتاه القرآن، أو آتاه شرف التبليغ عن الله -سبحانه وتعالى- إنه لازم يكون قوي في دين الله -سبحانه وتعالى-. يعني إيه "يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ"؟ يعني بعزيمةٍ وثبات، إنه يكون ثابت على دين الله -سبحانه وتعالى- في زمان تقلبات الفتن، واحد يطلع يقول مش عارف اليهود والنصارى مش كفار، واحد يصحح الأديان جميعًا، لازم الداعي إلى دين الله -سبحانه وتعالى- لا تستفزه هذه الأقوال لأنه معتصم بالله -عز وجل-. فلابد أن يكون ذا عزيمة وثبات أن يبلغ دين الله -سبحانه وتعالى،-.


    استجاب الله دعوة زكريا عليه السلام
    زي ما الأولين بلغوا دين الله وتحملوا على رقابهم، فلابد أيضًا أن تبلغ دين الله -عز وجل- كما أراد الله "إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚوَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا* وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَۖ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا* وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا" النساء 107:105، يبقى لازم الإنسان يبلغ دين الله -سبحانه وتعالى-، فيقول له: "يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ"، يعني الحكمة وميزان الأمور "صَبِيًّا"، يعني وهو صغير، شوف ربنا -سبحانه وتعالى- يقول: "وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا" مريم:13، الله أكبر وحنان من الله -عز وجل- على يحيى ومحبة من الله عليه، ورحمة من الله إليه -سبحانه وتعالى-."وَزَكَاةً" يعني تزكية لنفسه "قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا" الشمس 10:9، "وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ" فاطر:18، "وَزَكَاةًۖ وَكَانَ تَقِيًّا" كان يتقي الله -سبحانه وتعالى-، مش كده وبس "وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ" مريم:14، زكريا وأمه (زوجة زكريا وأم يحيى) لذلك سيدنا زكريا قال: "وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا"،فربنا استجاب الدعاء وقال لنا إن يحيى كان بارًا بوالديه "وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا"، متجبر، زي ما إحنا بنقول كده؛ ما بيهموش حد، لا يهمه أحد ولا يرعى لله حقًا ولا يرعى لعباد الله حقًا "وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا"، ثم سلم الله عليه، والسلام من الله -عز وجل- الرحمة له "وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا" مريم:19، إلى هنا انتهت قصة زكريا -عليه السلام- وانتهت قصة يحيى صلوات الله وسلامه عليه لتبدأ قصةٌ أخرى، القصة دي كانت تمهيد للقصة التالية التي سنعرفها إن شاء الله تعالى فيما يلي، أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يرزقنا وإياكم فهم القرآن وصلى الله على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.

    تم بحمد الله
    شاهدوا الدرس للنشر على النت
    في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36

    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.
    في أمان الله



    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

    تعليق


    • #3
      رد: ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم


      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      بارك الله فيكِ وتقبل منكِ.


      رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

      اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


      ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

      تعليق


      • #4
        رد: ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

        جزاكم الله كل خير

        تعليق


        • #5
          رد: ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

          جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم
          وتقبل منكم صالح الأعمال

          تعليق


          • #6
            رد: ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

            جزاكم الله خيرًا


            تعليق


            • #7
              رد: ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

              جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

              تعليق


              • #8
                رد: ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

                جزاكم الله خيرًا وأحسن الله إليكم

                تعليق


                • #9
                  رد: ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

                  وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                  جزاكم الله خيرا


                  ربي اختر لي ولا تخيرني فأنت خير من يختار


                  تعليق


                  • #10
                    رد: ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

                    جزاكم الله عنا خيرا


                    ​الْعِلْمُ زَيْنٌ وَالسُّكُوتُ سَلَامَةٌ فَإِذَا نَطَقْتَ فَلَا تَكُنْ مِكْثَارًا

                    مَا إِنْ نَدِمْتُ عَلَى سُكُوتِي مَرَّةَ وَلَقَدْ نَدِمْتُ عَلَى الْكَلَامِ مِرَارًا

                    تعليق


                    • #11
                      رد: ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

                      جزاكم الله خيراً ..ً

                      تعليق


                      • #12
                        رد: ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

                        جزاكم الله خيراً


                        ربِّ خذ من حياتي حتى ترضى، واجعل كل سكنة وكل حركة وكل لحظة طَرْفٍ فيك ولك!

                        تعليق


                        • #13
                          رد: ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

                          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                          جزاكِ الله خيرًا وبارك فيكِ.

                          اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

                          تعليق


                          • #14
                            رد: ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

                            جزاكم الله عنا خيرا وبارك فيكم
                            ونفعنا وإياكم


                            تعليق


                            • #15
                              رد: ذكر رحمت ربك عبده زكريا| الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

                              جزاكم الله خير الجزاء

                              تعليق

                              يعمل...
                              X