إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مادة العقيدة :: الدرس الخامس (ضوابط تعامل السلف مع آيات وأحاديث العقيدة) :: دورة بصائر العلمية 2

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مادة العقيدة :: الدرس الخامس (ضوابط تعامل السلف مع آيات وأحاديث العقيدة) :: دورة بصائر العلمية 2



    مرحبًا بكم أيها الأخوة والأخوات وهذا هو لقاؤنا الخامس والأخير في هذه الدورة المباركة، وهذه الحلقة بعنوان: "مجمل اعتقاد السلف وضوابطهم في باب الاعتقاد"،
    والسلف هم الصحابة ومن تبعهم بإحسانٍ في أمور الاعتقاد واتّباع الهدي والتزام السنة
    ، ويقال لهم السلف وهم أهل الحديث، وهم أهل السنة والجماعة، وهم الطائفة الناجية، وهم الطائفة المنصورة، وغير ذلك من هذه التسميات


    تعالوا بنا لنتعرف على هذه الضوابط مع الشيخ/ عبد المنعم مطاوع
    في درس بعنوان
    مادة العقيدة :: الدرس الخامس (ضوابط تعامل السلف مع آيات وأحاديث العقيدة) :: دورة بصائر العلمية 2





    لتحميل الدرس الخامس عقيدة ومشاهدته بجميع الصيغ
    من هنا

    الجودة العالية HD
    http://way2allah.com/khotab-mirror-127240-198634.htm

    الجودة المتوسطة
    http://way2allah.com/khotab-download-127240.htm

    الصوت
    http://way2allah.com/khotab-mirror-127240-198626.htm

    الساوند كلاود
    https://soundcloud.com/way2allahcom/2a-1

    اليوتيوب
    https://www.youtube.com/watch?v=7GxGIEowig4

    لتحميل تفريغ الدرس بصيغة pdf
    http://way2allah.com/khotab-pdf-127240.htm



    موضوع خاص باستقبال أسئلة مادة العقيدة:

    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=311619


    فهرس مادة العقيدة
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=311618



    مثبــت: جدول الدورة العلمية بصائر 2

    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=311026

    مثبــت: موضوع مخصص لتلقي الاستفسارات والشكاوى الخاصة بالدورة العلمية بصائر 2
    https://forums.way2allah.com/showthread.php?t=310989


    ولمشاهدة وتحميل جميع دروس دورة بصائر العلمية 2 من خلال هذا الرابط
    http://way2allah.com/category-578.htm



    لقراءة التفريغ مكتوب على المنتدى تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله


    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 13-10-2016, 06:01 PM.

    اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

  • #2
    رد: مادة العقيدة :: الدرس الخامس (ضوابط تعامل السلف مع آيات وأحاديث العقيدة) :: دورة بصائر العلمية 2

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حياكم الله وبياكم
    الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات: يسر
    فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله
    أن يقدم لكم:
    تفريغ:
    مادة العقيدة :: الدرس الخامس ( ضوابط تعامل السلف مع آيات وأحاديث العقيدة) :: دورة بصائر العلمية 2
    لفضيلة الشيخ/ عبد المنعم مطاوع

    سائلين الله -عز وجل- أن يجعله في ميزان حسنات كل من شارك فيه
    وأن يبارك في فريق عمل التفريغ



    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح للأمة فكشف الله به الغمة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته واتبع هداه إلى يوم الدين أما بعد،



    من هم السلف

    مرحبًا بكم أيها الأخوة والأخوات وهذا هو لقاؤنا الخامس والأخير في هذه الدورة المباركة، وهذه الحلقة بعنوان: "مجمل اعتقاد السلف وضوابطهم في باب الاعتقاد"، والسلف هم الصحابة ومن تبعهم بإحسانٍ في أمور الاعتقاد واتّباع الهدي والتزام السنة، ويقال لهم السلف وهم أهل الحديث، وهم أهل السنة والجماعة، وهم الطائفة الناجية، وهم الطائفة المنصورة، وغير ذلك من هذه التسميات وإن اختلفت لفظًا فهي متفقةٌ في المعنى فهم كل أولئك، ويُميَّز بينهم وبين غيرهم ممن لم يلتزم هذا الهدي سِيَما في باب الاعتقاد والاتباع، وهذا مجمل للاعتقاد وبه بعض الضوابط العقدية وما ينبغي اعتقاده عند السلف.



    مجمل اعتقاد السلف

    - الأمر الأول: فالأمر الأول عندهم أن الطريق الوحيد الذي يُستقى منه الاعتقاد هو كتاب الله، وسنة رسوله -صلَّى الله عليه وسلم، والآثار الصحيحة المروية عن الصحابة، واجماع السلف.

    قال الإمام اللالكائي -رحمة الله عليه-: "وكان من أعظم مَقُول وأوضح حجة ومعقول كتاب الله الحق المبين، ثم قول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ثم صحابته الأخيار المتقين، ثم ما أجمع عليه السلف الصالحون، ثم التمسك بمجموعها والمُقام عليها إلى يوم الدين".


    - الأمر الثاني: اجتناب البدع في الدين وذم المبتدعين، قال الإمام اللالكائي: "ثم الاجتناب عن البدع والاستماع إليها مما أحدثها المضلون".

    - الأمر الثالث: أن العقل لا يحكم في باب الاعتقاد ولا يُعوَّل عليه في إدراك العقائد، وإن كانوا لا يرفضون دلالته

    عليها ولا ينفون إمكان إدراكه لمجملاتها، ومع ذلك فهم في غنى عنه بما لديهم من نصوص الوحيين وما أُثر عن القرون الثلاثة المفضلة.

    - الأمر الرابع: الإيمان بكل ما دلت عليه النصوص والآثار جملةً وتفصيلاً، فما فصَّلته حقه الإيمان على التفصيل، وما أجملته فحقه الإيمان به كما ورد وإرجاع علم تفصيله إلى الله -سبحانه وتعالى-، لا يتعدون ما دلت عليه النصوص والآثار كما قال -سبحانه وتعالى-: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" النساء:65.

    يقول الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-: "ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كفى ذلك وأَحكم له فعليه الإيمان به والتسليم له"

    - الأمر الخامس: الإيمان بالقضاء والقدر؛ وذلك لكثرة من ضل فيه من الفرق المخالفة.
    - الأمر السادس: من مجمل اعتقادهم أن القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.
    - الأمر السابع: الإيمان برؤية المؤمنين لربهم في الجنة عيانًا.

    - الأمر الثامن: ترك الخصومة والمراء في الدين وذم ذلك والنهي عنه؛ وذلك لأن الخصومة والمراء في الدين سِيَما في مسائل الاعتقاد تؤدي إلى فساد عريض، وأن يصير أمر الاعتقاد بابًا للشك والحيرة وعدم الاطمئنان وعدم الوصول إلى اليقين، وكان بعض السلف يقول: "من جعل دينه غرضًا للخصومات أكثر التنقل"، كل يوم يبقى بمذهب، وكل يوم يبقى بطريقة، وهذا ليس هو سبيل السلف -رحمة الله عليهم-.

    - الأمر التاسع: ترك الجدل في الدين وذمه والنهي عنه وهو ما يسمى بعلم الكلام.
    - الأمر العاشر: الإيمان بعلو الله على عرشه سبحانه.
    - الأمر الحادي عشر: الإيمان باستواء الله على عرشه.
    - الأمر الثاني عشر: الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله من غير تمثيلٍ ولا تعطيلٍ ولا تحريفٍ ولا تكييف، كالسمع والبصر، والعلم والمشيئة، والإرادة والفرح والعجب والضحك والنزول ونحوها.
    - الأمر الثالث عشر: أن الله متكلمٌ بصوت وحرف متى شاء وكيفما شاء سبحانه.
    - الأمر الرابع عشر: الإيمان بالميزان يوم القيامة، وإن له كِفّتان ولسان كما وردت بذلك الأحاديث والآثار.
    - الأمر الخامس عشر: الإيمان بعذاب القبر وإنه روضةٌ من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.
    - الأمر السادس عشر: الإيمان بفتنة القبر وهو سؤال منكر ونكير عن الأصول الثلاثة: مَن ربك؟ وما دينك؟ ومن
    نبيك؟
    - الأمر السابع عشر: الإيمان بحوض النبي -صلَّى الله عليه وصحبه وسلم-.
    - الأمر الثامن عشر: الإيمان بالشفاعة بأنواعها كما ذكرنا.
    - الأمر التاسع عشر: الإيمان بالصراط المنصوب على متن جهنم، وقد جاء في وصفه أنه أدق من الشعر وأحَدّ من السيف.
    - الأمر العشرون: إن الجنة حق وإن النار حق، وإنهما مخلوقتان باقيتان دائمتان.
    - الأمر الحادي والعشرون: الإيمان بجميع علامات الساعة الصغرى والكبرى مما وردت به الآيات والأحاديث الصحيحة.
    - الأمر الثاني والعشرون: إنَّ الإيمان قول وعمل ونية يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
    - الأمر الثالث والعشرون: أنهم لا يُكَفّرون أحدًا من أهل القبلة بذنبٍ ما لم يكن كفرًا.
    - الأمر الرابع والعشرون: الإيمان بالأنبياء والملائكة، وأنَّ النبوة اصطفاء واختيار من الله -سبحانه وتعالى-.
    - الأمر الخامس والعشرون: إن الموحدين لا يخلدون في نار جهنم إذا ماتوا على التوحيد بل هم تحت مشيئة الله إن شاء عذبهم بعدله وإن شاء غفر لهم بفضله.
    - الأمر السادس والعشرون: إن أفعال العباد مخلوقةٌ لله وهي كسبهم كما قال سبحانه: "وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ" الصافات:96، وقال تعالى: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا" الروم:41، وإنها واقعةٌ بمشيئة الله وهم الفاعلون لها بقدرتهم.
    - الأمر السابع والعشرون: جواز الاستثناء في الإيمان، أن يقول الرجل أنا مؤمنٌ إن شاء الله، ليس على سبيل الشك وما هو خطر وإنما لأنه لا يدري بما يُختَم له.



    - الأمر الثامن والعشرون: إن الخلافة في قريش لا ينازَعون فيها إلى قيام الساعة.
    - الأمر التاسع والعشرون: وجوب السمع والطاعة للأئمة وإن جاروا، وحرمة الخروج عليهم وإن فسقوا، إلا أن يأتوا كفرًا بواحًا، لنا عليه من الله برهان، وإنَّ طاعتهم بالمعروف مع وجوب الكف عن مساوئهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.



    ومن وظائف الأئمة الذين يُنصَبون حكامًا للناس:
    الأمر الأول: أن يقيموا الدين.
    الأمر الثاني: أن يسوسوا دنيا الناس على وفق الشرع الحنيف.

    - الأمر الثلاثون: ذكر محاسن أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم أجمعين-، والكف عن الذي شجر بينهم إلا على سبيل التعلم، وأما على سبيل الحديث وفقط ولا يترتب عليه مصلحة فهذا قد يُدخل في قلوب المتحدثين والخائضين في ذلك بعض البغض لطائفة من الصحابة لحساب بعض وهذا فيه خطر عظيم.

    فأهل السنة يذكرون محاسن أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم أجمعين- ويكفون عما شجر بينهم، والدعاء للصحابة قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة، وخير هذه الأمة بعد نبيها -صلَّى الله عليه وسلم- أبو بكر، وخيرهم بعد أبي بكرٍ عمر، وخيرهم بعد عمر عثمان، وخيرهم بعد عثمان علي -رضوان الله عليهم- خلفاء راشدون مهديون، ثم بقية العشرة المبشرون بالجنة، ثم بقية أصحابه -رضيَ الله عنهم أجمعين-.

    - الأمر الحادي والثلاثون: ولا يشهدون -أي أهل السنة- لأحدٍ بجنة أو نار إلا من شهد له الشرع.
    - الأمر الثاني والثلاثون: الإيمان بالصور والنفخ فيه وإن النافخ إسرافيل -عليه السلام-.
    - الأمر الثالث والثلاثون: الإيمان بالبعث بعد الموت والقيامة وما فيها.
    - الأمر الرابع والثلاثون: الإيمان بالقلم والعرش والكرسي واللوح المحفوظ والبيت المعمور وغيره مما وردت به النصوص، هذا وقد يَذكر بعض السلف في معتقداتهم بعض ما يدخل في مُسمَّى فقه الفروع عند المتأخرين مثل: المسح على الخفين، وتحريم نكاح المتعة ونحو ذلك مما ثبت بالدليل المتواتر عند أهل الحديث والنقل؛ لإفادة النصوص القطعية في ثبوته، ولأن هذه الأمور مما يفارق فيها أهل السنة والجماعة غيرهم من أهل البدع والأهواء.
    فهذا مجملٌ مختصرٌ معتصر لاعتقاد السلف.



    ضوابط السلف في باب الاعتقاد

    وأما الضوابط التي وضعوها لهذا الباب باب الاعتقاد، فهذه بعض الضوابط والمنهج العام للسلف في تقرير العقيدة.
    - الأمر الأول: بيان الحقائق العقدية بيانًا واضحًا خاليًا من التعقيد اللفظي أو المعنوي؛ لأن مشكلة التعقيد تُحدِث أمور يحدث فيها اللبس، والعقيدة ما ينبغي أن يكون فيها أمر فيه لبس أو محل ريبةٍ أو غموضٍ، فالعقيدة مفترض أنها واضحة لكل ذي عينين.

    فالتعقيد في الألفاظ كاستعمال لفظ في غير معناه، أو استعمال ألفاظ مشتركة ولا يُدرى أي الأسماء نريد منها، واستعمال ألفاظٍ مجملة إما بسبب الوضع أو بسبب تعدد المصطلحات عن المعنى الواحد في السياق الواحد، كل هذا منافٍ لعقيدة السلف، أما بيان العقيدة عند السلف فهي ألفاظ واضحة لا تثير اللبس ولا تدخل الشك.


    - الأمر الثاني: مذهب السلف في النقل

    أولًا: في مسألة النقل يستدلون بكل نقلٍ صحيحٍ صريح، يبقى صفة الاعتقاد عندهم مبنية على النقل من الكتاب والسنة وآثار الصحابة والإجماع كما سبق، ولابد لهذا النقل أن يكون صحيحًا، طبعًا القرآن خلاص لا نتحدث في الصحة، وأما في السنة فقد يرد الشيء الضعيف أو الموضوع أو المرسل أو غير ذلك، فهم يستدلون بالنقل الصحيح من الكتاب ومن السنة، والصريح الذي دل على هذا الاعتقاد، ولا يُقدِّمون عليه -أي على النقل الصحيح الصريح- قول كائنٍ من كان، ولا يعارضونه بأي شيءٍ مهما كان؛ امتثالًا لقوله سبحانه: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" الحشر:7، وقوله -جلّ جلاله-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" الحجرات:1، والنقل يشمل القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة وإجماع السلف الصالح.


    ثانيًا: ولا يَقصرون -أي السلف- دلالة الوحي على الدلالة الخبرية، بل يؤمنون بنوعي الدلالة، ويستدلون بهما وهما:

    1. الدلالة الخبرية: كقوله -سبحانه وتعالى-: "اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ" البقرة:255، وقوله سبحانه: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" الإخلاص:1، فهذا خبر لابد أن نؤمن بدلالته على وحدانية الله -سبحانه وتعالى-، ونثبت أن من أسمائه الحي، ومن أسمائه القيوم، ومن أسمائه الأحد ولفظ الجلالة، فهذه دلالة خبرية.



    2. الدلالة العقلية: حيث يُثبتون كذلك الدلالة العقلية كقوله سبحانه:"فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ" الحشر:2، وقوله -عز وجل-: "لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا" الأنبياء:22، فهذا معروف أنه في حالة تعدد الآلهة لابد أن يحدث النزاع بينها كما يحدث النزاع بين ملوك الدنيا، فالأقوى هو الذي سيهزم الأضعف وهو الذي قوله سينفذ عند غلبته، وبذلك لا يصح لهذا المغلوب أن يَدَّعي الإلهية وسيبقى الإله هو الذي غلب الآخر.

    فربنا -سبحانه وتعالى- يُثبت لنفسه الوحدانية، وأنه -عز وجل- ليس معه إله آخر جل في علاه تنزه عن الشريك -سبحانه وتعالى-، "وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا" الإسراء:111.

    فمعظم الناس حتى الناس أصحاب المناصب العالية يحتاجون من يحرسهم، وإلا فيمكن لأي إنسان معادٍ لهم أو لا يعجبه حالهم أن يأتي فيقتل هذا الرئيس أو هذا الملك أو كذا، فرغم أن هؤلاء الحراس في خدمة هذا الملك أو هذا الرئيس لكنه في حقيقة الأمر مدينٌ بحياته لهؤلاء، وأن أحدهم لو خان ائتمان هذا الرئيس أو الملك فإنه يقتله بمنتهى السهولة كما رأينا في أحداث التاريخ.



    فالله -سبحانه وتعالى- يُثبت أنه واحدٌ أحد، وأنه لو كان هناك آلهةٌ معه -عز وجل- لفسد أمر السماوات والأرض، وقوله -سبحانه وتعالى-: "أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ" الطور:65، أي أَم خُلقوا من غير رب أم هم خلقوا أنفسهم؟ وهذا أعجز في الخطاب.

    يقول الإمام البربهاري -رحمة الله عليه-: "واعلم أن من قال في دين الله برأيه وقياسه، وتأوَّله من غير حجةٍ من السنة والجماعة فقد قال على الله ما لا يعلم، ومن قال على الله ما لا يعلم فهو من المتكلفين، والحق ما جاء من عند الله -عز وجل-، والسنة ما سنَّه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، والجماعة ما اجتمع عليها أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- في خلافة أبي بكرٍ وعمر وعثمان، ومن اقتصر على سنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فلَجَ على أهل البدعة كلهم، واستراح بدنه، وسلم له دينه إن شاء الله؛ لأن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "وستفترقُ أمتي"، وبيَّن لنا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- الفرقة الناجية منها، فقال: "ما أنا عليه وأصحابي"، فهذا هو الشفاء والبيان، والأمر الواضح، والمنار المستقيم".



    ثالثًا: كما أنهم لا يتبعون المتشابه، بل يؤمنون بمحكم الكتاب والسنة، ويردون ما تشابه مما لا يعلمه إلا الله، أو ما خفي المراد به على بعض الناس إلى المحكم البين الواضح؛ لأن تتبع المتشابه من التكلف، والله يقول عن رسوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ" ص:86، ولأن اتباع المتشابه من صفات أهل الزيغ والضلال كما قال جل شأنه: "فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ"آل عمران:7.


    رابعًا: كما أنهم يعتقدون أن دلالة النصوص القرآنية والنبوية نصٌّ في معناها والمراد منها، فإذا أتى البيان من الرسول -صلَّى الله عليه وسلم- وأصحابه لم يُطلب من غيرهما، لقوله تعالى: "لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" النحل:44.


    خامسًا: وهم أيضًا لا يجادلون ولا يخاصمون في آيات الله وأحاديث الرسول -صلَّى الله عليه وسلم- بل هو التسليم، والإيمان، والتصديق، والسكوت عما سكت عنه الله ورسوله.


    وأيضًا يقول الإمام البربهاري -رحمة الله عليه-: "وإذا سمعت الرجل تأتيه بالأثر فلا يريده ويريد القرآن، فلا شك أنه رجل قد احتوى على الزندقة فقم عنه ودعه"، الذين يفصلون بين الكتاب وبين السنة ويزعمون أنهم قرآنيون ولا يقبلون السنة، فهؤلاء لا شك أنهم لم يشهدوا للرسول -صلَّى الله عليه وسلم- بالرسالة الذي قال: "ألَا إنِّي أوتيتُ القرآنَ ومثلَهُ معه..." صححه الألباني.

    فهذا في النقل مذهب السلف.


    - الأمر الثالث: مذهب السلف في العقل:
    أولاً: إن عمل العقل هو الفهم عن الله سبحانه وتعالى ورسوله -صلَّى الله عليه وسلم-، ثم بعد ذلك التسليم لما دلت عليه نصوص الوحي، يقول الإمام الشافعي -رحمه الله-: "إذا رأيتموني أقول قولًا وقد صح عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- خلافه؛ فاعلموا أن عقلي قد ذهب".

    يقول الإمام البربهاري: وكل ما سمعت من الآثار مما لم يبلغه عقلك؛ فعليك بالتسليم والتصديق والتفويض والرضا.



    ثانيًا: إنه لا عبرة بالأقيسة العقلية في مقابل النصوص المنزلة من عند الله كتابًا وسنة، فمما يؤثر عن إياس بن معاوية أنه كان أحد أذكياء الدنيا والعالم، جاءه رجل فقال : ما تقول في الماء؟ قال حلال، قال: ما تقول: في التمر، قال: حلال، قال: فإذا وضعنا الحلال على الحلال قلتم: حرام، فهذه شبه عقليه عند هذا الرجل قاس بعقله ما يُخالف الناس، مثل الناس اللي قالوا "إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا" البقرة:275، ده مكسب وده مكسب، لكن الفرق العظيم أن الله أحل البيع وحرم الربا، فشتان بين الحلال والحرام، فلذلك قال له تعالى يعني عرف أن الشيطان يستهويه وأنه يُدخل العقل فيما لا ينبغي أن يدخل فيه، قال أرأيت إن ضربتك بكفٍ من ماء ما يكون عليك؟ قال لا شيء، قال فإذا ضربتك بكفٍ من تراب؟، قال لا شيء، قال فإذا ضربتك بكفٍ من تبن؟ قال لا شيء، قال فإذا أنا وضعت الماء على التراب على التبن وتركته حتى صار حجرًا قويًا ثم ضربتك في أم رأسك، قال: لابد أن تُصيبني وأن تشج رأسي، قال فكذلك، إذن لا عبرة بالأقيسه العقلية في مقابل النصوص المنزلة من عند الله كتابًا وسنة.

    الأمر الثالث: ما يتعلق بالديانة من عقائد وأعمال مما لا دخل للعقل فيه، يقول الإمام البربهاري: اعلم رحمك الله أن دين إنما جاء من قبل الله تبارك وتعالى لم يُوضع على عقول الرجال وأرائهم، وكذلك لا عبرة للعقل فيما يتعلق بالله، جاء الحديث الذي حسنه أهل العلم قول الرسول عليه الصلاة والسلام "تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله" فيه زيادة فتهلكوا هذه غير صحيحة، لكن الثابت تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله، اللي هو تكيف الصفات وتكيف الذات وهذا لا تستطيعه العقول ولا تصل إليه ولا يحل لها أن تدخل فيه.



    خامسًا: من المعروف أن العقول متفاوتة المدارك فلا يمكن الرجوع إليها في مسائل الاعتقاد، لإن كل إنسان هيبقى له عقيدة، فلا تستطيع العقول أن تصل لأمر الاعتقاد وأن تتفق عليه، لكن إذا سلمت جميع العقول لنصوص الوحي خلاص تظل العقيدة بمنأى عن التشكيك وعن الحيرة وعن الخصومات والجدل وغير ذلك، أيضًا لا حكم للعقل بعد أن جاء الشرع، وإن تحكيم العقل من أعظم أسباب البدع في الدين، فإذا ورد كما يقول أهل العلم: إذا ورد نهر الله بطل نهر معقل، معتش تقول كيف ولما وغير ذلك من الأمثلة العقلية.



    ومن الأمثلة في هذا ما رواه الإمام البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين يُقتل في بطن أمه بغُره عبد أو أمه دي الدية بتاعته، فقال الذي قُضي عليه: كيف أغرمُ ما لا أكلَ ولا شرِبَ ولا نطِقَ ولا استهل، يعني ده كان مجرد لسه حمل لا أكل ولا شرب ولا نطق ولا نزل بقى مولود، ومثل ذلك يُطن بمعني ده هدر ليس له دية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هذا من إخوان الكُهان، الذي وقع فيه هذا الرجل أنه اعترض بعد حكم النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، وحكم عقله على قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان خليقًا بهذا الوصف إنما هذا من إخوان الكُهان،



    كذلك أيضًا حرمة التكلم في باب الاعتقاد بالرأي بل يجب الوقوف مع النص حيث دار والسكوت عما سكت عنه، فليس كل ما قبله العقل يُقال به، يقول ابن مسعود رضي الله عنه يا أيها الناس من علم شيئًا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل الله أعلم، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم، وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول لابن عباس يا ابن أخي إذا حدثتك بالحديث فلا تضرب لي الأمثال، يعني اللي هي الأمثله العقلية، أرأيت كذا أرأيت كذا... لا تضرب الأمثال لسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، كذلك أن ميزان صحة المعقولات هي الموافقة للكتاب والسنة.




    معرفة الله والرسل بالسمع


    ثانيًا:إن معرفة الله ومعرفة الرسل وجبت بالسمع دون العقل، يقول الإمام اللالكائي: "فدل على أن معرفة الله والرسل بالسمع كما أخبر الله –عز وجل-، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة".

    ثالثًا: إن العقل لا مجال له في إدراك الدين إذا كان منفردًا عن قرينة، ولو كان للعقل مجال في الدين أن يدرك به الدين لكان العقلاء من الكفار لا يُصرون على الكفر ويبصرون الدين القويم، لاسِيّما كفار قريش الذين كانوا معروفين بوفور العقل وأصالة الرأي حتى وصفهم الله تعالى في كتابه فقال: "أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَٰذَا" الطور:32،أي عقولهم، فدل أن العقل لا يهدي إلى الدين أي مستقلًّا.




    - الأمر الثالث: موقف السلف مع الفطرة


    فمن الأصول التي اتكأوا عليها في تقرير مسائل الاعتقاد الفطرة.



    من الأصول المنهجية عندهم في هذا الباب:

    أولًا: الإيمان أن الإنسان مولود على الفطرة، أنهم يؤمنون بأن الإنسان مولودٌ على الفطرة وفقًا لقوله -صلَّى الله عليه وسلم-:"كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفطرةِ..."صحيح البخاري.



    ثانيًا: الفطرة هي دين الإسلام الذي جاء به محمد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فكما قال تعالى: "فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ" الروم:30، فبيَّن سبحانه أن الفطرة هي الدين القويم وهو الإسلام.



    ثالثًا: إن هذه الفطرة مرجِّحة للحق على الباطل والهدى على الضلال، فإذا عُرض عليها الحق أحبته ومالت إليه، قال -صلَّى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: "..وإني خلقتُ عبادي حنفاءَ كلهم. وإنهم أتتهم الشياطينُ فاجتالتهم عن دينهم..." صحيح مسلم، وقال -صلَّى الله عليه وسلم-: "..فأبواه يُهَوِّدانِه أو يُنَصِّرانِه أو يُمَجِّسانِه..." صحيح البخاري.



    رابعًا: أن الحجة على الحق تقوم بإرسال الرسل لا بالفطرة، قال تعالى:
    "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا" الإسراء:15، وقال سبحانه: "لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ" النساء:165، فلا تكليف بناءً على الفطرة، قال تعالى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"الحشر:7.




    خامسًا: إن إثبات كون الإسلام هو الفطرة لا يقتضي خلق علمٍ ضروري في نفسه يجعله عالمًا بالعقيدة، قال الله تعالى: "وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا"النحل:78، فهو يُولد ولا علم لديه بشيء.

    سادسًا: أن معرفة الصانع فطرية، وقد تكون نظرية بالنسبة لبعض الناس التي تعتريهم بعض الشبهات.

    سابعًا: أن المعرفة التامة للصانع لا تكون إلا بالسمع من جهة الرسول -صلى الله عليه السلام-، فتفاصيل الإيمان بالله وعبادته وأسمائه وصفاته إنما تُعلَّم بالنقل لا بالفطرة.



    ثامنًا: معنى خلق المولود على الفطرة هو أن الطفل خُلق سليمًا من الكفر
    على الميثاق الذي أخذه الله على ذرية آدم حين أخرجهم من صلبه في عالم الذر.


    تاسعًا: لا تعارض ولا تناقض بين الفطرة وبين عقيدة القضاء والقدر؛
    لأن الله وإن خَلَقه مولودًا سليمًا فقد قدَّر عليه ما سيكون بعد ذلك من تغييره وعلم ذلك سبحانه.




    عاشرًا: إن التربية الفاسدة من أهم الأسباب في صرف الإنسان عن فطرته،
    كما قال -صلَّى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة: "..فأبواه يُهَوِّدانِه أو يُنَصِّرانِه أو يُمَجِّسانِه..."، جرى ذلك على الوالدين على الغالب وإلا فإن غير الوالدين من أولياء الطفل يكون لهم نفس الأثر، واحنا عارفين وسائل الإعلام الآن ومواقع التواصل الاجتماعية ما أكثر ما تُغيّر فِطَر ليس الصغار وحدهم للأسف، وإنما طالت كل من درج وهب وإن بلغ من الكبر عتيًّا، نسأل الله لنا ولكم ولأولادنا وأزواجنا وإخواننا وأرحامنا السلامة والعافية اللهم آمين.




    الحادي عشر: أن موجبات الفطرة ومقتضياتها تحصل شيئًا بعد شيء بحسب كمال الفطرة إذا سلمت عن المعارض
    ، كما قال سبحانه: "رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ" طه:50، وقوله -سبحانه وتعالى-: "الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى *وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى" الأعلى 3:2.


    الثاني عشر: لا فرق بين حال الولادة وسائر أحوال الجنين،
    فإنه من حين كان جنينًا إلى ما لا نهاية له من أحواله على ما سبق في علم الله، وليس إذا كان الله قد كتبه كافرًا يقتضي أنه حين الولادة كافرٌ، بل يقتضي أنه لابد أن يكفر وذلك الكفر هو التغيير.




    - الأمر الرابع: موقف السلف مع الحس

    ضرب أمثلة محسوسة في القرآن

    احنا قلنا في مسألة النقل والعقل والفطرة والأمر الرابع الحس، لقد جاءت آيات القرآن الكريم آمرةً بالنظر إلى الأمور المحسوسة كما في قوله تعالى: "أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ" الغاشية 20:17،وقال جل شأنه: "وَفِي أَنْفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ"الذاريات:21، وقوله –عز وجل-: "فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ" الحشر:2، ونوَّه بأهمية السمع والبصر في سياق الامتنان بهما، فقال: "وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" النحل:78.

    ضرب أمثلة محسوسة في السنة النبوية

    وجرت السنة النبوية على ما جرى عليه القرآن الكريم من ضرب الأمثلة المحسوسة؛ لما فيها من سهولة التصوير وتقريب الفهم، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "كُنْ في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابرُ سبيلٍ" صحيح البخاري، وقال -صلَّى الله عليه وسلم-: "المسلمون كرجُلٍ واحدٍ. إن اشتكَى عينَه، اشتكَى كلُّه. وإن اشتكَى رأسَه، اشتكَى كلُّه" صحيح مسلم.

    وعلى ما في الكتاب والسنة جرى عمل السلف الصالح، فذكرنا في اللقاء الأول قصة الإمام أبي حنيفة مع طائفة السُمَنية وأنه ضرب لهم مثل بهذه السفينة وأقام عليهم الحجة، وسُئل الإمام الشافعي -رحمه الله- عن الدليل على وجود الرب أو الصانع فقال: "ورقة الفرصاد -وهي ورقة التوت- طعمها ولونها وريحها وطبعها واحد، تأكلها دودة القز فيخرج منها الإبريسم وهو الحرير، والنحل فيخرج منها العسل، والشاه فيخرج منها البعر، ويأكلها الظباء فينعقد في نوافجها المسك -وهو مكان في السرة بيظهر فيه تجمع دموي في بطن الغزال، فإذا امتلأ بالدماء مرض وظل يحك بطنه بالأرض فتخرج صرة المسك الطبيعي- فمن الذي جعل هذه الأشياء كذلك مع أن الطبع واحد؟"، قال الرازي: "فاستحسنوا منه ذلك وأسلموا على يده وهم سبعة عشر".



    آثار الاعتقاد الصحيح

    وأيضًا يترتب على هذا الاعتقاد الصحيح آثار، فهم في هذا أسوة بالكتاب العزيز والسنة النبوية حيث أظهر أثر الاعتقادات الصحيحة في عدد من النصوص
    كما قال سبحانه: "وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ"
    محمد:17، وقال سبحانه: "وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا" الأنفال:2، وقال تعالى: "فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ" الأنعام:125، وقال تعالى: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ" الأعراف:96،
    وقال -صلَّى الله عليه وسلم-: "..ألا وإن في الجسدِ مُضغَةً: إذا صلَحَتْ صلَح الجسدُ كلُّه..."صحيح البخاري، وقال: "لا إيمانَ لِمَن لا أمانةَ له..." صححه الألباني،وقال:"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمنٌ، ولا يسرقُ السارقُ حين يسرقُ وهو مؤمنٌ" صحيح البخاري.




    فمما ذكره السلف من آثار الاعتقاد الصحيح:

    - التسليم بما جاءت به نصوص الوحيين: الكتاب والسنة
    والسلف عندهم من قوة اليقين ما عندهم بحيث لا يمكن أن تزحزح رَجل وصل له الاعتقاد الفطري بالدليل النقلي العقلي، وملأ قلبه به فلا مكان للشُبَه ولا تستطيع أن تزحزحه، وقد جاء رجل إلى الحسن البصري وقيل للإمام مالك: تعالَ ناظرني، قال: فإذا غلبتني؟ قال: اتبعتني، قال: فإذا جاء رجل فغلبنا أنا وأنت؟ قال: نتبعه، قال: يا هذا إن كنت قد ضللت دينك فالتمسه فأنا على يقينٍ مما عندي".

    - الترفع عن البدع في الدين والبعد عنها
    هذا مذهب السلف قاطبةً، وكذلك بسبب وبركة هذا الاعتقاد الصحيح فهم بحمد الله ناجون من الانحراف عن سبيل الله تبارك وتعالى، قال الله -عز وجل-: "وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ" الأنعام:153.

    - سلامة القلب من الغل والبغض لأهل السنة والجماعة
    فقد زين الله -سبحانه وتعالى- قلوب أهل السنة ونوّرها بحب علماء السنة فضلًا منه -سبحانه وتعالى-.


    - الاجتماع وعدم الفرقة في الدين

    وهذا هو ما دعا إليه ربنا -سبحانه وتعالى-: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ" آل عمران:103، وقال سبحانه: "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" آل عمران:105.

    - بُغض أهل البدع والأهواء
    كذلك يترتب على هذا الاعتقاد الصحيح بُغض أهل البدع والأهواء وذمهم؛ لأن ذلك مقتضى الولاء والبراء.



    - إيضاح الفروق بين معاني الألفاظ العقدية
    كذلك أيضًا إيضاح الفروق بين معاني الألفاظ العَقَدية وما يترتب على الخلط بينها من فساد عَقَدي وانحراف فكري عن جادة الحق، لأن الله -سبحانه وتعالى- قال: "فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ" يونس:32،
    وقال -سبحانه وتعالى-: "أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ"
    القلم:53، فيه ناس دلوقتي مفيش فرق عندهم يعني يقولَّك أهم حاجة أخلاقك كويسة خلاص، مسلم مش مسلم دي مش فارقة معاه، وهذا طبعًا منتهى الضلال، وبين المعروف والمنكر في قوله: "وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ" لقمان:17.


    - بيان الأصول العلمية لفهم الكتاب والسنة

    سواءً كانت أصولًا لفظية أو أصولًا معنوية، وبناء هذا الفهم على التسليم لِما يأتي من الوحيين من الأخبار، وأنه لا تعارض بين الكتاب والسنة وبين العقل الصحيح المهتدي بهما، وإنما يحصل التعارض بين النصوص والعقل الفاسد المملوء بالشبهات والعقائد المريضة.


    وكذلك الرجوع في بيان نصوص الوحيين إليهما؛ لأن ذلك بيان للوحي بالوحي وهما معصومان.
    وكذلك نصوص الوحيين قد اشتملت على كل ما يصح أن يُطلق عليه مسمى العقيدة وبناءً على ذلك فلا يكون عقيدة إلا إذا نُص عليه فيهما أو أحدهما أو ثبت بإجماع من الأمة على وجوب اعتقاده.



    - الأمر الخامس: لا تُحمل معاني نصوص الوحيين على رأيٍ مبتدَع مخترع
    فلا يُجعل الرأي أصلًا والنصوص فرعًا بل نجعل النصوص هي الأصل وبها توزن الآراء وتُقبل أو تُرد.


    - الأمر السادس: لا يقول في كتاب الله ولا في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلا علم
    أن لا يقول في كتاب الله ولا في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلا علم ولا يتعدون ما تشابه عليهم بل يَكِلون علمه إلى الله -سبحانه وتعالى-، ولا يضربون كتاب الله وسنة رسوله بعضهما ببعض بل يؤمنون بكل ما ورد فيهما مع علمهم يقينًا أن كتاب الله لا ينقض بعضه بعضًا، وأن سنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- كذلك، وأن الكتاب والسنة لا يتعارضان ولا يتناقضان لأنهما وحيٌ مُنزل.



    - الأمر السابع: الاستدلال بالقرآن يكون على لغة العرب
    إن الاستدلال بالقرآن إنما يكون على لغة العرب التي أُنزل بها، بل قد نزل بلغة قريش كما قال تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ" إبراهيم:4،وقال: "بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ" الشعراء:195.



    - الأمر الثامن: دلالة القرآن على ما أراده الله من العقائد دلالةٌ لا احتمال فيها
    أيضًا دلالة القرآن على ما أراده الله من العقائد دلالةٌ لا احتمال فيها، بل هي نصٌ فيما سيقت فيه، لو لم يكن كذلك لما صح الرد إليه عند التنازع كما قال تعالى: "فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ"النساء:59.



    - الأمر التاسع: وجوب الالتزام بالكتاب والسنة لفظًا ومعنى وأسلوبًا
    وهو ما يعبَّر عنه بالتوقيفي، وقد تكاثرت الآثار عن السلف في وجوب الالتزام بالكتاب والسنة؛ لفظًا ومعنى وأسلوبًا وسياقًا وطريقةً واستدلالًا.



    أيضًا يقول الإمام الأجرِّي: "ينبغي لأهل العلم والعقل إذا سمعوا قائلًا يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شيءٍ قد ثبت عند العلماء فعارض إنسانٌ جاهل فقال لا أقبل إلا ما كان في كتاب الله -عز وجل-، قيل له: أنت رجل سوء، وأنت ممن حذرنا منك النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وحذر منك العلماء".

    وبناءً على ذلك يكون استعمال أي لفظ خارج عن ألفاظ الكتاب والسنة واستعمالهما فهو لفظٌ مبتدع، ويكون الابتداع في الألفاظ على أنواع.



    هذا ما تيسر لنا في ذكر بعض الضوابط وليس كل الضوابط، وطريقة السلف، ومجمل لاعتقادهم في ختام هذه الحلقة وهذا اللقاء.
    ونسأل الله -سبحانه وتعالى- في نهاية كلامنا عن أصول الإيمان ومجمل اعتقاد السلف وضوابطهم في باب الاعتقاد أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يرزقنا الله -عز وجل- وإياكم علمًا نافعًا، وعملًا صالحًا متقبَّلًا، وأن يصحح سبحانه ويجدد الإيمان في قلوبنا، وأن يحبب إلينا الإيمان وأن يزينه في قلوبنا.



    نسأله -تبارك وتعالى- أن يغفر لنا ما قدمنا وما أخَّرنا، وما أسررنا وما أعلنّا، وما هو أعلم به منا -سبحانه وتعالى-، وما كان من صواب فمن الله -سبحانه وتعالى-، وما كان من خطأٍ أو نسيانٍ فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء، وصلى اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وتسليمًا كثيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



    تم بحمد الله

    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36

    تم بحمد الله
    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول







    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 13-10-2016, 06:18 PM.

    اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

    تعليق


    • #3
      رد: مادة العقيدة :: الدرس الخامس (ضوابط تعامل السلف مع آيات وأحاديث العقيدة) :: دورة بصائر العلمية 2

      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم

      "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
      وتولني فيمن توليت"

      "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

      تعليق


      • #4
        رد: مادة العقيدة :: الدرس الخامس (ضوابط تعامل السلف مع آيات وأحاديث العقيدة) :: دورة بصائر العلمية 2

        جزاكم الله خيرًا

        تعليق

        يعمل...
        X