إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فخلف من بعدهم خلف | الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فخلف من بعدهم خلف | الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم



    إضاعة الصلاة تصل بنا إلى اتباع الشهوات
    قال الله -سبحانه وتعالى- بعد هذه الآية "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ"، يعني من بعد هؤلاء الأنبياء الذين وصف الله -عز وجل- رحمته بهم،
    ووصف الله -عز وجل- بعضًا من عبادتهم، ووصف الله -عز وجل- شيئًا من تقواهم وخشيتهم لله -سبحانه وتعالى-.
    قال الله -عز وجل-
    "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ" إضاعة الصلاة بمعنى إضاعة العبادة. لماذا؟
    لأن الإنسان إذا كان محافظًا على الصلاة فهو لما سواها سيكون محافظًا، وإذا كان الإنسان مضيعًا لصلاته فهو لما سواها أضيع،
    فلذلك ذكر الله -عز وجل- هنا المحافظة على الصلاة، وذكر الله -عز وجل- هنا أن من صفات هؤلاء الخالفين
    أنهم أضاعوا الصلاة، فإضاعتهم للصلاة كان أمرًا عظيمًا وكان بداية الطريق إلى الهلاك.



    رابط اليوتيوب
    http://www.youtube.com/watch?v=Z1Y0AJvoM04
    رابط الدرس على الموقع
    http://way2allah.com/khotab-item-133794.htm
    رابط الجودة العالية
    http://way2allah.com/khotab-mirror-133794-211974.htm
    رابط الجودة المتوسطة
    http://way2allah.com/khotab-download-133794.htm
    رابط صوتي mp3
    http://way2allah.com/khotab-mirror-133794-211975.htm
    رابط ساوند كلاود

    https://soundcloud.com/way2allahcom/5alaf


    رابط تفريغ pdf
    http://way2allah.com/khotab-pdf-133794.htm
    رابط ملف التفريغ word
    https://archive.org/download/Khalaf_201706/Khalaf.doc

    موضوع مخصص لتلقي الاستفسارات الخاصة بالدورة
    موضوع مخصص لتلقي الأسئلة الخاصة بالتفسير والتدبر
    ღ:: فهرس دورة: تفسير ودراسة وتدبر سورة مريم ::ღ



  • #2
    رد: فخلف من بعدهم خلف | الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

    الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب، هدى وذكرى لأولي الألباب، وأودعه من العجائب العجب العجاب، وجعله حالِيًا بالأحرف السبعة وكمال الشِرعة وفصل الخطاب، والصلاة والسلام على النبي الأواب، مبلغ الكتاب وعلى الآل والأصحاب، صلاةً تدوم إلى يوم الحساب ويكون لنا بها عند الله زلفى وحسن مئاب، أما بعد،

    إضاعة الصلاة تصل بنا إلى اتباع الشهوات
    فإن الله -سبحانه وتعالى- بعدما ذكر قصص الأنبياء في هذه السورة الكريمة، أتبع ذلك بذكر من تنكب عن سبيل الأنبياء، فقال الله -سبحانه وتعالى- "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" مريم:59، ربنا -سبحانه وتعالى- حكى فيما سبق من السورة الكريمة قصة زكريا -عليه السلام-، وقصة يحيى -عليه السلام-، وقصة مريم -عليها السلام- وعيسى -عليه السلام-، وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وهارون وإسماعيل وإدريس، ثم ذكر الله -عز وجل- جملة الأنبياء فقال –سبحانه وتعالى-: "أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا" مريم:58، قال الله -سبحانه وتعالى- بعد هذه الآية "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ"،يعني من بعد هؤلاء الأنبياء الذين وصف الله -عز وجل- رحمته بهم، ووصف الله -عز وجل- بعضًا من عبادتهم، ووصف الله -عز وجل- شيئًا من تقواهم وخشيتهم لله -سبحانه وتعالى-. قال الله -عز وجل-"فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ" إضاعة الصلاة بمعنى إضاعة العبادة. لماذا؟ لأن الإنسان إذا كان محافظًا على الصلاة فهو لما سواها سيكون محافظًا، وإذا كان الإنسان مضيعًا لصلاته فهو لما سواها أضيع، فلذلك ذكر الله -عز وجل- هنا المحافظة على الصلاة، وذكر الله -عز وجل- هنا أن من صفات هؤلاء الخالفين أنهم أضاعوا الصلاة، فإضاعتهم للصلاة كان أمرًا عظيمًا وكان بداية الطريق إلى الهلاك.

    كلما أقبلت على صلاتك كلما ازداد قربك من الله
    ولذلك قال الله -عز وجل- "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ"، فالإنسان إذا أضاع الصلاة، والصلاة هي الصلة بين العبد وبين الله -تبارك وتعالى-، يعني الإنسان إذا أراد أن يكون موصولًا بالله -سبحانه وتعالى- فلابد أن يقف لله -سبحانه وتعالى-، ولذلك ربنا -سبحانه وتعالى- في أول القرآن العظيم أنزل الله -عز وجل-"يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ*قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا*نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا*أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا*إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا*إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا" المزمل3:1، لحد آخر السورة لما ربنا -سبحانه وتعالى- أنزل التخفيف، يعني ربنا - سبحانه وتعالى- فرض على النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى من معه قيام الليل مدة طويلة من الزمان لماذا؟ ليربيهم، لأن الصلاة هي التي تربي الإنسان، وهي التي تجعل الإنسان في أعلى درجات الصلة بالله -سبحانه وتعالى-، وكلما كان الإنسان مقبلًا على صلاته كان أقرب لله -سبحانه وتعالى-.

    آخر وصية لنبينا -صلَّى الله عليه وسلم- كانت الصلاة
    ولذلك ربنا -سبحانه وتعالى قال للنبي -عليه الصلاة والسلام-"وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب" العلق:19، والسجود ركن من أركان الصلاة، فلذلك الصلاة، الصلاة، الصلاة، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-"... الصلاةَ الصلاةَ وما ملكَتْ أيمانُكم ...."صححه الألباني، لذلك الرسول-عليه الصلاة والسلام- يقول: "وجعلت قرةُ عيني في الصلاةِ "صححه بن حجر، وإبراهيم -عليه الصلاة والسلام- يقول: "رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي" إبراهيم:40، وفي هذه السورة الكريمة ربنا -سبحانه وتعالى- يقول عن إسماعيل -عليه السلام- "وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ" مريم:55، وقال الله -عز وجل- للنبي -عليه الصلاة والسلام- "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى" طه:132،

    إذا إتبعت شهوتك الخفية ستنغمس فيها
    فربنا -سبحانه وتعالى- يقول: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ"، والشهوات هي الملذات سواء كانت هذه الشهوات شهوات ظاهرة أو شهوات خفية، لأن الشهوة قد تكون ظاهرة على الإنسان، إنسان مثلًا يشتهي عياذًا بالله الحرام فيما حرم الله -عز وجل- من الخمر والنساء، وقد تكون هذه الشهوة خفية، إن الإنسان بيتبع هواه أو يحب مثلًا أن يظهر، أو يحب أن يثني عليه الناس بالباطل، "يُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا" آل عمران:188. فهذه الشهوات الخفية، والإنسان إن اتبع الشهوات فسينغمس فيها ولذلك قال الله -سبحانه وتعالى "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا"، وسوف هذا الحرف –سوف- يفيد إن العملية متكررة، وإن الأجيال التي ستأتي بعد الأنبياء سينقسمون إلى قسمين: فريق صالح وفريق غير صالح، لذلك ربنا -سبحانه وتعالى- قال عن إبراهيم وإسحاق ويعقوب "وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ" الصافات:113، ولذلك إبراهيم -عليه السلام- لما ابتلاه الله -عز وجل- بكلمات قال: "فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّيۖوَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"إبراهيم:36.

    العذاب الشديد لمن أضاع الصلاة واتبع الشهوات
    فربنا -سبحانه وتعالى- يعلم أن الناس سينقسمون إلى فريقين: فريق سيتبع هذه الشهوات، وفريق سيتبع مراضي الله -سبحانه وتعالى-. ولذلك ربنا -سبحانه وتعالى- استثنى يقول: "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا"، والغي: هو أشد الإثم، وهو العذاب، وقال بعض أهل العلم: هو وادٍ في جهنم، وكل هذه الأقوال مؤداها إن الغي كما قلت لكم في بعض الحلقات السابقة، إن الإنسان لازم يفكر إن العلماء لما يذكروا أكثر من معنى، هل هذه المعاني تلتئم ولا لأ؟ يعني اللي قال الغي هو العذاب أو قال أنه وادٍ في جهنم، أو قال أنه أشد العذاب، كل هذه الأقوال تجتمع إن الغي نوع من أنواع العذاب الذي سيوليه الله -سبحانه وتعالى- لمن يضيع الصلاة ويتبع الشهوات.

    شدة فرح الله -عز وجل- بعبده التائب إليه
    قال الله -سبحانه وتعالى-: "إِلا"،وإلا هذه أداة استثناء، يعني هؤلاء الذين سيأتي ذكرهم مستثنون من هذه الأوصاف التي سبقت "إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا" مريم:60،يبقى احنا عندنا ثلاثة أوصاف: التوبة أولًا والإيمان، والعمل الصالح. لاحظوا يا إخواننا إن إحنا بنتكلم في هذه السورة إحنا ذكرنا أن موضوع هذه السورة الأساس هو الرحمة، فربنا -سبحانه وتعالى- بعد ما ذكر قصص بعض المرحومين، بدأ ربنا -سبحانه وتعالى- يبين لأهل الإيمان كيف يسعون لرحمة الله -سبحانه وتعالى-، فقال لك: أول شيء تسعى إليه لتطلب رحمة الله -سبحانه وتعالى- أن تتوب. والتوبة أن ترجع إلى الله، التوبة معناها الرجوع، وربنا -سبحانه وتعالى- كريم يقبل توبة العبد، لذلك يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث" إن اللهَ عز وجل يبسطُ يدَه بالليلِ ، ليتوبَ مسيءُ النهارِ. ويبسطُ يدَه بالنهارِ، ليتوبَ مسيءُ الليلِ. حتى تطلعَ الشمسُ من مغربِها "صحيح مسلم، ويقول النبي -عليه الصلاة والسلام- "لله أشد فرحًا بتوبة عبده من أحدكم، واحد كان ماشي في صحراء فضلّت راحلته فخلاص أيقن بالهلاك، نام تحت ظل شجرةٍ قام فوجد هذه الراحلة، فمن شدة فرحه بوجود هذه الراحلة سجد وقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك، قال النبي-صلَّى الله عليه وسلم-: أخطأ من شدة الفرح، الحديث" لَلَّهُ أشَدُّ فرَحًا بِتوبةِ عبدِهِ حِينَ يَتوبُ إليه ؛ من أحدِكمْ كان على راحلَتِه ، بأرضِ فلاةٍ ، فانْفلَتَتْ مِنهُ ، وعليْها طعامُهُ وشَرابُهُ ، فأيِسَ مِنْها ، فأتَى شجرَةً ، فاضْطجعَ في ظِلِّها ، قدْ أيِسَ من راحلَتِه ، فبيْنما هوَ كذلِكَ ، إذْ هوَ بِها قائمةٌ عِندَهُ ، فأخَذَ بِخطامِها ، ثمَّ قال – من شِدَّةِ الفرَحِ - : اللهُمَّ أنتَ عبدِي ، وأنا ربُّكَ ! أخْطَأَ من شِدَّةِ الفرَحِ" صححه الألباني، فالله -عز وجل- فرحه -سبحانه وتعالى- بتوبة عبده أشد من فرح هذا الذي لقي راحلته بمعنى أنه لقي حياته أصلًا، ولذلك أخطأ من شدة الفرح وقال هذا القول "اللهم أنت عبدي وأنا ربك".

    لابد لكل مؤمن أن يجدد توبته دائمًا
    فلذلك لابد أن المؤمن يجدد التوبة إلى الله -سبحانه وتعالى-، ولذلك ربنا -سبحانه وتعالى- سمى نفسه التواب "وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ" النساء:27، شوف هذه الإرادة، إرادة الله -سبحانه وتعالى- يقول "وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا"، يعني إرادة الله -سبحانه وتعالى- بأهل الإيمان إنهم يتوبوا، إنهم يكونوا صالحين "وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا"، هذه إرادة الذين يتبعون الشهوات "يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْۚوَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا" النساء:28.

    لا إيمان بدون عمل
    ولذلك يقول ربنا -سبحانه وتعالى- بيقول المستثنون من الغي أول صفة من صفاتهم "إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ"، حقق الإيمان بالله -سبحانه وتعالى-، الإيمان المطلوب بالله -سبحانه وتعالى- "وَعَمِلَ صَالِحًا"، لإن الإيمان لا يصح بدون العمل، الإيمان لا يصح بدون العمل، لذلك ربنا -سبحانه وتعالى- يقول في السورة التي لو لم يُنزل الله -عز وجل- في القرآن غيرها لكفتهم. يقول الله فيها "وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ" العصر 2:1، شوف ربنا -سبحانه وتعالى- بيقول إيه؟ إن الإنسان، الألف واللام دي يسميها العلماء أل الاستغراقية العموم والشمول، يعني مفيش أي إنسان يخرج من تحت هذا الوصف "إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ"، وبعدين ربنا -سبحانه وتعالى- يقول إيه؟ "إِلَّا" اللي هو الاستثناء بقى إلا مين؟ "إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" العصر:3، الأربع أركان دي: الإيمان، العمل الصالح، التواصي بالحق، التواصي بالصبر، اللي هي الدعوة والصبر عليها، وهذه السورة العظيمة سورة العصر من أعظم السور التي أنزلها الله -سبحانه وتعالى- كمنهاج للمؤمن، كمنهاج لطريقه.

    الجنة هي دار الإقامة الدائمة التى لا تزول
    فربنا -سبحانه وتعالى- بيقول "إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ" مريم:60، يبقى التانيين "يَلْقَوْنَ غَيًّا"، هؤلاء "يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا"، شيئا دي العلماء بيقولوا أنها نكرة في سياق النفي، يعني شَيْئًا، أي شيءٍ كان، وأتت في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم، أي نكرة عمومًا تأتي في سياق منفي تفيد العموم، لا تفعل شيئًا يعني أيَّ شيءٍ كان، ما تعملش حاجة خالص، فربنا -سبحانه وتعالى- شوف عشان ينبه على أنهم متمكنون من النعيم المقيم في الجنة؛ قال الله -عز وجل- "فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا"، يعني أيَّ شيءٍ كان. ثم ذكر الله -عز وجل- صفة هذه الجنة قال: "جَنَّاتِ عَدْنٍ" مريم:61، والعدن: يعني الإقامة الدائمة التي لا تزول ولا تحول ولا تتغير، فربنا -سبحانه وتعالى- يقول هذه الجنات لا تتغير ولا تتبدل، ولا النعيم الذي فيها ينقص، يعني مثلًا النهادرة نعيم بكرة شقاء بعده نعيم، لأ، الجنة مش كده نسأل الله أن نكون من أهلها، فالجنة قال الله -عز وجل- "جَنَّاتِ عَدْنٍ"، يعني دار إقامة دائمة لا تزول ولا تتغير ولا تتبدل ولا تتحول.

    لن يدخل الجنة أحد إلا برحمة الله -سبحانه وتعالى-
    "الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ"، يعني الرحمن -سبحانه وتعالى- وانظر إلى توظيف هذا الاسم الجميل في هذا السياق، شوف الاسم ده تكرر معنا كثيرًا، صفة الرحمة والرحمن، مريم بتقول له "أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا" مريم:18، وإبراهيم -عليه السلام- بيخاطب أبوه "يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَۖإِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا" مريم:44، ويجي هنا في سياقٍ جميل يقول الله -عز وجل- "جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ"، فالإنسان لا يستحق الجنة بعمله، الإنسان لا يستحق الجنة بعمله، " لو أنَّ رجلًا يُجَرُّ على وجهِه من يومِ وُلِدَ إلى يومِ يموتُ هرِمًا –يعني كبيرا في السن- في مَرْضاةِ اللهِ تعالى لحقَّرَه يومَ القيامَةِ" حسنه الألباني.

    درجات الجنة تكون بتفاضل الناس بأعمالهم
    ولذلك حتى في بعض الآثار، الرجل فضل يعمل 600 سنة وبعدين يأتي لله -سبحانه وتعالى- ويقول: يارب أنا أريد أن أجازى بعملي، فيقول: برحمتي. يقول: لا بعملي اللي أنا عملته ألاقيه. فربنا -سبحانه وتعالى- يأتي بنعمةٍ واحدة فقط من نعمه عليه اللي هي نعمة البصر، وتوضع في كفة ثم يؤتى بعبادة 600 سنة وتوضع في كفة، فتطيش عبادة 600 سنة، مقابل نعمة واحدة من نعم الله -عز وجل- عليك، فلذلك أصل دخول الجنة لا يكون إلا برحمة الله، ولذلك يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- : "سدِّدُوا وقارِبوا وأبشِروا واعلَموا أنه لن يُدخِلَ أحدَكم الجنةَ عملُهُ ؛ خلاص الموضوع انتهى ولا أنا ؛ إلَّا أنْ يتغمدَني اللهُ بمغفِرَةٍ ورحمةٍ" صححه الألباني،يبقى أصل دخول الجنة لا يكون إلا برحمة الله، طب أمال الأعمال؟ الأعمال تتفاضل فيها في الجنة، يعني التفاضل في الجنة يحصل بالأعمال "وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" الزخرف:72، تمام كده. يبقى ميراث الجنة والدرجات الجنة يتفاضل الناس فيها بأعمالهم، لكن أصل دخول الجنة لا يكون إلا برحمة الله.

    أعد الله لعبادة الصالحين جنات النعيم
    ولذلك ربنا -سبحانه وتعالى- يقول هنا "جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ"، يعني إحنا عباد الرحمن -سبحانه وتعالى- ونسأل الله أن يجعلنا منهم، لم يروا جنة الله -سبحانه وتعالى- ولكنهم يوقنون إيقانًا ويؤمنون إيمانًا بأن الله -عز وجل- أعد لهم الجنة، ولذلك ربنا -سبحانه وتعالى- بيقول: "جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ"، يعني هذا غيبٌ عنهم لم يروا جنة الله -سبحانه وتعالى- ولذلك ورد في بعض الآثار "إنَّ للَّهِ ملائِكَةً سيَّاحينَ في الأَرضِ فضلًا عن كتَّابِ النَّاسِ، فإذا وَجدوا أقوامًا يذكُرونَ اللَّهَ تَنادوا: هلمُّوا إلى بُغيتِكُم، فيَجيئونَ فيحفُّونَ بِهِم إلى السَّماءِ الدُّنيا، فيَقولُ اللَّهُ: أيَّ شيءٍ ترَكْتُمْ عِبادي يَصنعونَ، فيقولونَ: ترَكْناهم يحمَدونَكَ ويمجِّدونَكَ ويَذكرونَكَ، قالَ: فيَقولُ: هل رَأَوني، فيقولونَ: لا، قالَ: فيقولُ: كيفَ لو رَأَوني؟ ....."صححه الألباني، طبأمال لو شافوا الجنة بقى ونعيم الجنة وما أنعم الله -عز وجل- عليهم من الرضوان والنعيم المقيم في هذا الوقت العصيب.

    أدنى أهل الجنة منزلة عشر أمثال مُلك الدنيا
    يقول موسى -عليه السلام-: يارب أريد أن أعرف أدنى أهل الجنة منزلة، تخيل آخر واحد، آخر واحد هيطلع من النار والعياذ بالله ويدخل الجنة، يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- إن ده راجل خلاص يطلع من النار يبص لها كده ويقول: سبحان الذي نجاني منك" فيطلع يشوف شجرة فيقول يارب أدنني من هذه الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها، فربنا -سبحانه وتعالى- يقول له: يا ابن آدم ده آخر سؤال لك؟ يقول يارب خلاص آخر سؤال ليا يارب، ربنا -سبحانه وتعالى- يدنيه من الجنة تترفع جنة تانية يقول يارب الشجرة دي بس "وربه، شوف النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول ايه؟ وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه. ده لسه ما شافش الجنة أصلًا ده لسه بره، فلما ربنا -سبحانه وتعالى- يُدخله الجنة يرجع لله -عز وجل- ويقول: يارب وجدتها ملئ مفيش مكان أدخل فيه. فيقول الله -عز وجل- له ما يصريني منك يا ابن آدم؟ يعني ما الذي يقطع طلبك يا ابن آدم؟ أترضى أن يكون لك مثل مُلْك مَلِكٍ من ملوك الدنيا؟! طبعًا الراجل ده يعني مُلْك ملكٍ من ملوك الدنيا يعني إيه! ده شيء لا يخطر على باله أصلًا "فيقول يارب أتهزأ بي وأنت رب العالمين؟ فيقول الله-عز وجل- له فإن لك مثله ومثله ومثله وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك وقرت عينك وأنت فيها خالد. شوف ده آخر واحد هيخش الجنة، لذلك موسى -عليه السلام- يقول يارب طب أمال إذا كان ده آخر واحد هيخش الجنة أمال أعلى أهل الجنة منزلة إيه؟ فقال: أولئك الذين غرست كرامتهم بيدي فلم تر عينٌ ولم تسمع أذنٌ ولم يخطر على قلب بشر، الحديث "سأل موسى ربَّه: ما أدنى أهلِ الجنَّةِ مَنزلةً؟ قال: هو رجلٌ يجيءُ بعد ما أُدخِلَ أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ، فيقال له: ادخُلِ الجنَّة. فيقولُ: أيْ رَبِّ! كيف وقد نزل الناسُ منازِلَهم وأخذوا أخَذاتِهم؟ فيقال له: أترضى أن يكونَ لك مثلُ مُلْكِ مَلكٍ من ملوكِ الدنيا؟ فيقول: رضيتُ ربِّ! فيقول: لك ذلك ومِثلُه ومثلُه ومثلُه ومثلُه. فقال في الخامسة: رضيتُ ربِّ! فيقول: هذا لك وعشرةُ أمثالِه. ولك ما اشتَهَت نفسُك ولذَّت عينُك. فيقول: رضيتُ ربِّ! قال: ربِّ! فأعلاهم منزلةً؟ قال: أولئك الذين أردتُ؛ غَرَستُ كَرامَتَهم بيَدي. وخَتَمْتُ عليها. فلم تَرَ عَينٌ ولم تسمَعْ أذنٌ، ولم يخطُر على قلبِ بَشَرٍ. قال: ومصداقُه في كتابِ اللهِ عزَّ وجَلَّ: "فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ"32 / السجدة / الآية - 17 الآية. وفي رواية: سمعتُ الشعبيَّ يقول: سمعتُ المغيرة بنَ شعبةَ يقول على المنبر: إنَّ موسى عليه السلامُ سأل عزَّ وجل عن أخسِّ أهلِ الجنَّة منها حظًّا. وساق الحديثَ بنحوه"صحيح مسلم.

    الجنة ليس فيها بكور وعشي
    نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة. فربنا -سبحانه وتعالى- يقول إيه: "تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا" مريم:63، "جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِۚإِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا" مريم:61، يعني آتيًا لا محالة ولذلك ربنا -سبحانه وتعالى- لا يُخلِفُ الميعاد. إذا وعد الله -عز وجل- بشيءٍ فإنه لا يخلفه -سبحانه وتعالى-، قال: "لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا" مريم:62، يعني ضجيجًا ولا شيئًا سيئًا يصك آذانهم، مايسمعش شتيمة ولا يسمع كلام نميمة ولا يسمع غيبة، ولا يسمع ما يغضب الله -سبحانه وتعالى- "لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا"، طبعًا إلا سلامًا دي العلماء بيقولوا عنها استثناء منقطع لا صلة له بما قبله "إِلَّا سَلَامًا"، يعني لا يكون لهم في الجنة إلا السلام فقط، "وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا"، يعني بمقدار البكور وبمقدار العشي، لأن الجنة طبعًا ليس فيها ليلٌ ولا نهار طيب البكور والعشي ليه؟ البكور والعشي ده يعني كالدنيا، إن ربنا -سبحانه وتعالى- يرزقهم بكرةً وعشيًا وإنما يعرف أهل الجنة الليل من النهار بانسدال الستر وذهاب الولدان إلى غير ذلك مما ورد في بعض الأحاديث، فإذن "وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا"،يعني بمقدار البكور ومقدار العشي.

    التقوى هي أساس كل الخير
    قال الله تعالى"تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا" مريم:63، وفي القراءة الأخرى "تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُوَرِّثُ من عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا"، يعني من الذي يستحق هذه الجنة؟ التقي، الذي يستحق هذه الجنة؟ التقي، والتقوى هي جماع الخير، القرب من كل خير والبعد عن كل شر، هو دي التقوى، لذلك ربنا -سبحانه وتعالى- في سورة البقرة كان العنوان الرئيس التقوى، في الصيام العنوان الرئيس التقوى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" البقرة:183، فهذه الجنة " نُوَرِّثُ من عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا"، ثم قال الله -سبحانه وتعالى-"وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَۖلَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَۚوَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا" مريم:64. بعض العلماء يقول: هذه الآية ما مناسبتها للآيات التي قبلها والآيات التي بعدها؟ فيه علم في علوم القرآن اسمه علم المناسبات، المناسبات بين الآي بعضها وبعض وبين السور، يعني ترتيب السور مثلًا فيه مناسبات وترتيب الآيات أيضا فيه مناسبات، فالعلماء يقولوا طب إيه مناسبة الآية دي للآية اللي قبلها؟ يقولون: ورد في أسباب النزول إن جبريل -عليه السلام- تأخر على النبي -عليه الصلاة والسلام- عددًا من الليالي فلما نزل على النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له النبي -صلوات الله وسلامه عليه- " يا جبريلُ، ما يمنعُك أن تزورنا أكثرَ مما تزورنا. فنزلت: وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا. إلى آخرِ الآيةِ. قال: كان هذا الجوابُ لمحمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم" صحيح البخاري، يعني هو الآمر -سبحانه وتعالى- "وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَۚوَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا" مريم:64 يعني ربنا -سبحانه وتعالى- لا ينساك ولا يهجرك ولا يقليك. الرد على النصارى "رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ" مريم :65،وهذا وصف لله -سبحانه وتعالى- "رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ"، هذا أمرٌ بعبادته ولذلك سورة أصلًا سورة مريم -عليها السلام- من أعظم مقاصدها أيضًا الرد على النصارى أيضًا الذين يعبدون عيسى -عليه السلام-، لذلك ربنا يقول هنا "رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ"، واصطبر غير اصبر، والعلماء يقولون زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، يعني لما ربنا -سبحانه وتعالى- يقول اصبر غير لما يقول اصطبر، فربنا -سبحانه وتعالى- قال: "فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ" وهذا دليل أن عبادة الله -عز وجل- تحتاج إلى صبرٍ ومصابرة، لذلك ربنا -سبحانه وتعالى- في آخر سورة آل عمران يقول "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" آل عمران:200.

    أين كان الإنسان قبل أن يُخلق؟
    "هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا"، كنوع من أنواع الاستفهام الإنكاري، يعني هل تعلم لهذا الرب مكافيء له أو شبه أو نظير؟ "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ*اللَّهُ الصَّمَدُ*لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ*وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ" الإخلاص 4:1، ثم قال -الله تعالى- "وَيَقُولُ الْإِنسَانُ" ده مقطع جديد، ربنا -سبحانه وتعالى- بعد ما ذكر قصص الأنبياء بدأ يذكر نماذج للمخالفين للأنبياء والرسل، فذكر نموذج المضيع للصلاة المتبع للشهوات، وبعدين هيذكر هنا نموذج الذي ينكر البعث والدار الآخرة، يقول: "وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا" مريم:66،هو ده كلام؟! لما أنا أموت أخرج حيًّا مرةً أخرى؟! قال الله -عز وجل- وهو يرد عليه: "أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا" مريم:67، يعني الإنسان ده لم يكن شيئَا مذكورا، ربنا -سبحانه وتعالى- بيقول "هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا" الإنسان:1، خالص أصلًا، يعني الإنسان قبل آدم -عليه السلام- أين كان؟ "لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا"، ولا كانت المخلوقات أصلًا تعرفه، طيب الإنسان فينا قبل أن يولد قبل أن يخرج من بطن أمه أو قبل أن يقدر الله -عز وجل- أن يُخلق أصلًا أين كان هذا الإنسان ؟ "لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا"، إحنا لا نسميه إلا حين يولد، فهو الإنسان "لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا". صورة شديدة جدًا للعذاب يوم القيامة فربنا -سبحانه وتعالى- يقول: "أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا" مريم:67،يعني ما كانش فيه أصلًا إنسان ولا كان فيه ذكر للإنسان، ولا كان فيه مادة مكون منها الإنسان، فربنا -سبحانه وتعالى- بيقول: "أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا*فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ" مريم 68:67، يعنيهؤلاء المنكرين، هؤلاء المتبعين للشهوات المضيعين للصلاة الذين ينكرون البعث، "لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ" ، الذين يؤزونهم "ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا"، الجاثي: هو الذي والعياذ بالله يجثوا على ركبته أي يقف على ركبته وهذا إمعانٌ في عذابهم، مش كده وبس "ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ" مريم:69، يعني من كل أمة من الأمم، أو جماعة، متشايعين: متعاضضين على مبدأ معين أو على فكرة معينة، ولذلك يقال: الشيعة لأنهم شايعوا علي -رضي الله عنه وأرضاه-، شايعوه ،طبعاً الشيعة الذين شايعوا عليًا -رضي الله عنه- كانوا فرقتين: فرقة كانوا مشايعين لعلي -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- يعني لم يكن عندهم هذه العقائد المتأخرة عند الشيعة الإمامية ونحوهم، لكن الشيعة المتقدمين إنما سُموا شيعة اللي هما بس كانوا بس مجرد إنهم كانوا بيحبوا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه وأرضاه- أو مثلًا متجافين عن معاوية -رضي الله عنه وأرضاه-، فهؤلاء إنما سُموا شيعة ليه؟ لأنهم متشايعين، شايعوا وناصروا وقفوا بجانب علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.

    كل من عبد شيئًا في الدنيا يتبعه يوم القيامة
    فربنا -سبحانه وتعالى- يقول "ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ"، يعني من كل جماعةٍ متشايعة ومتناصرين على مبدأ معين "أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَٰنِ عِتِيًّا"، يعني أكثر واحد عتي؛ يابس في الحق، ربنا -سبحانه وتعالى- قال "ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ"، وانظروا إلى هذا الوصف النزع! ربنا -سبحانه وتعالى- يأخذه بشدة فيلقيه في النار فهذه الأمة التي تمشي وراءه تتبعه والعياذ بالله -تبارك وتعالى-. لذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر أن الله -عز وجل- يأتي بالمعبودات من دونه يوم القيامة، فربنا -سبحانه وتعالى- فيأتي الذين كانوا يعبدون الشمس يتبعون الشمس، والذين كانوا يعبدون القمر يتبعون القمر، والذين كانوا يعبدون الكواكب يتبعون الكواكب، والذين كانوا يتبعون الطغاة كفرعون وهامان والنمرود وهؤلاء الطغاة، ربنا -سبحانه وتعالى- يأمرهم إنه كل واحد يتبع من كان يعبده يوم القيامة، ثم يأمرهم الله -عز وجل- أن يلقوا بأنفسهم في النار فيلقوا بأنفسهم في النار، ثم تأتي أممهم الذين كانوا يعبدونهم من دون الله فيدخلون النار وراءهم، لذلك ربنا -سبحانه وتعالى- يقول عن فرعون "يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَۖوَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ" هود:98.

    الله -سبحانه وتعالى- يعلم من يستحق العذاب
    فربنا -سبحانه وتعالى- يقول: "ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَٰنِ عِتِيًّا*ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيًّا" مريم 70:69، في سورة الأنبياء ربنا -سبحانه وتعالى- حكى إن هو ربنا -سبحانه وتعالى- بيقول إيه؟ أنه سيُدخل النار قومًا اللي هما عتاة أهل الكفر، فجاء رجلٌ من المشركين قال طيب ما عيسى كان يُعبد من دون الله هيدخل النار؟ قام جه ربنا -سبحانه وتعالى- قال إيه "إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ*لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَاۖوَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ*لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ" الأنبياء 103:101، فربنا -سبحانه وتعالى- بيقول كده برضه بيقول :"ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيًّا" مريم:70، ، يعني الذين يدخلون النار، لايهلك على الله إلا هالك، فربنا -سبحانه وتعالى- يعلم من يستحق العذاب ممن لا يستحق.

    النجاة لأهل التقوى والنار لأهل المعصية يوم القيامة
    قال -الله تعالى- "وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا" مريم:71، يعني وارد النار والعياذ بالله، وكما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- ينصب الصراط على متن جهنم أو على جسر جهنم فيجوزه كل أحد، يعني كل الناس سيجوزون الصراط، فمن الناس من يجوز الصراط كالبرق ومن الناس كطرف العين ومنهم كأجاويد الخيل، ومنهم من يحبو مرة وتلفعه النار مرة، والعياذ بالله، ومنهم من يكب على وجهه في نار جهنم،الحديث" يا رسولَ اللهِ ! هل نرى ربَّنا يومَ القيامةِ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: هل تُضَارُّونَ في رؤيةِ القمرِ ليلةَ البَدْرِ ؟ قالوا : لا . يا رسولَ اللهِ ! قال : هل تُضَارُّونَ في الشمسِ ليس دونَها سَحَابٌ ؟ قالوا : لا . يا رسولَ اللهِ ! قال فإنكم تَرَوْنَه كذلك . يَجمعُ اللهُ الناسَ يومَ القيامةِ . فيقولُ : من كان يَعبدُ شيئَا فَلْيَتْبَعْهُ . فَيَتْبَعُ مَن كان يعبدُ الشمسَ الشمسَ . وَيَتْبَعُ مَن كان يعبدُ القمرَ القمرَ . وَيَتْبَعُ مَن كان يعبدُ الطَّواغِيتَ الطَّواغِيتَ . وتَبْقَى هذه الأمةُ فيها منافِقوها . فيأتيهِمُ اللهُ، تبارك وتعالى، في صورةٍ غيرِ صورتِه التي يَعْرِفون . فيقولُ : أنَا ربُّكم . فيقولونَ : نعوذُ باللهِ منك . هذا مكانُنا حتى يأتِيَنا ربُّنا . فإذا جاء ربُّنا عَرَفْناهُ . فيأتِيهِمُ اللهُ تعالى في صورتِه التي يَعْرِفون . فيقولُ : أنَا ربُّكم . فيقولونَ : أنت ربُّنا . فَيَتْبَعونَه . ويُضْرَبُ الصِّراطُ بين ظَهْرَيْ جهنمَ . فأكونُ أنَا وأمتي أولُ مَن يُجِيزُ . ولا يَتكلمُ يومَئِذٍ إلا الرسلُ . ودَعْوَى الرسلِ يومَئِذٍ : اللهم ! سَلِّمْ، سَلِّمْ ...." صحيح مسلم، فربنا -سبحانه وتعالى- يقول: "وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا"، قال كثير من أهل العلم: الورود هنا هو المرور على الصراط، فورود أهل الجنة مرور، وورود أهل النار دخول، والعياذ بالله، "كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا"،والحتم المقضيّ: هو القضاء، حتمًا يعني قضاءً مقضيًا يعني لا رجعة فيه، ثم طمأن الله -عز وجل- الرحمة هنا جت أهي "ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا" مريم:72، يعني ربنا -سبحانه وتعالى- يُجري القانون الذي عرّفه لعباده في الدنيا، أن النجاة لأهل التقوى وأن النار لأهل المعصية، أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا وإياكم من أهل النعيم المقيم وصلَّى الله على نبينا محمدٍ وآله والحمد لله رب العالمين.

    تعليق


    • #3
      رد: فخلف من بعدهم خلف | الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

      جزاكم الله خيرًا

      اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

      تعليق


      • #4
        رد: فخلف من بعدهم خلف | الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

        جزاكم الله خيرًا
        التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 15-06-2017, 09:04 PM.

        تعليق


        • #5
          رد: فخلف من بعدهم خلف | الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

          جزاكم الله خيرًا

          تعليق


          • #6
            رد: فخلف من بعدهم خلف | الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم



            جزاكم الله خيرا


            ربي اختر لي ولا تخيرني فأنت خير من يختار


            تعليق


            • #7
              رد: فخلف من بعدهم خلف | الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

              جزاكم الله خيراً ...

              تعليق


              • #8
                رد: فخلف من بعدهم خلف | الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

                جزاكم الله خيرًا


                تعليق


                • #9
                  رد: فخلف من بعدهم خلف | الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

                  جزاكم الله خيرا
                  رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين

                  تعليق


                  • #10
                    رد: فخلف من بعدهم خلف | الشيخ عمرو الشرقاوي | تفسير وتدبر سورة مريم

                    جزاكم الله عنا خيرا ونفعنا وإياكم بالقرآن العظيم

                    تعليق

                    يعمل...
                    X