إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللقاء السادس و الثلاثون | خصائص الشريعة والرد على الشبهات للدكتور/ عبد المنعم مطاوع | بصائر3

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللقاء السادس و الثلاثون | خصائص الشريعة والرد على الشبهات للدكتور/ عبد المنعم مطاوع | بصائر3


    يقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله
    في رسالته منظومته في القواعد:


    "ومِن قواعد الشريعة التيسير في كُلِّ أَمْرٍ نابه تعسير".
    ويتفرَّع عنها قواعد أخرى مثل:
    الواجبات تسقط بالتَّعَذُّر، والضرورات تُبِيْح المحظورات، والضرورة تُقَدَّر بقدرها، وهناك أمثلة كثيرة على استخدام هذه القاعدة العظيمة، فمَن كان في مخمصة أو خشي على نفسه الهلاك وليس ثَمَّ طعام حلال فإنَّ الله -سبحانه وتعالى- أَحَلَّ له أنْ يأكل الميتة، وكذلك أيضًا المسافر وما أعطاه الله -عزَّ وجلّ- مِن التخفيف، وكذلك المَرْضَى وما إليه.



    اللقاء السادس و الثلاثون | خصائص الشريعة والرد على الشبهات للدكتور/ عبد المنعم مطاوع | بصائر3





    تفضلوا معنا في تحميل الدرس بجميع الصيغ



    رابط الدرس على الموقع بجميع الجودات:
    http://way2allah.com/khotab-item-136809.htm



    رابط الجودة العالية HD:
    http://way2allah.com/khotab-mirror-136809-218018.htm




    رابط صوت mp3 :
    http://way2allah.com/khotab-mirror-136809-218019.htm



    رابط ساوند كلاود:
    https://soundcloud.com/way2allahcom/rd-3ala-shobohat



    رابط المشاهدة على اليوتيوب:



    رابط تفريغ بصيغة PDF:
    http://way2allah.com/khotab-pdf-136809.htm




    رابط التفريغ بصيغة Word:
    https://archive.org/download/shoboha...8%A7%D8%AA.doc



    | جدول دورة بصائر لإعداد المسلم الرباني | الجزء الثالث |


    موضوع مخصص للاستفسارات الخاصة بالدورة العلمية " بصائر3 "


    فوائد من لقاءات دورة بصائر || متجدد بإذن الله



    ||: فهرس دورة بصائر الجزء الثالث:||


    لقراءة التفريغ مكتوب
    تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله.



    رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

    اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


    ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

  • #2
    حياكم الله وبياكم الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات:
    يسر
    فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله
    أن يقدم لكم تفريغ: خصائص الشريعة والرد على الشبهات
    مع الدكتور/ عبدالمنعم مطاوع



    الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا، وتبارك الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله إقرارًا به وتوحيدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أَرْسَلَه الله -عزَّ وجلّ- شاهِدًا وبشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.

    مرحبًا بكم أيُّها الإخوة والأخوات الكِرَام، وهذا لقاءٌ تابِعٌ لِمَا سَبَق مِن اللقاءين الماضيين
    ونحن نتحدَّث حول خصائص الشريعة والرَّدّ على الشُّبُهات التي تُوَجَّه إليها، وكذلك أيضًا سنختم هذه اللقاءات بمشيئة الله -عزَّ وجلّ- بلقاءٍ رابع حول محاسن الدين الإسلامي عامّة، نسأل الله التوفيق والتيسير والسَّداد.


    إجمال ما ذُكِر في اللقاء الماضي مِن خصائص الشريعة الإسلامية
    تحدّثنا في لقائنا الماضي حول بعض خصائص الشريعة وذَكَرْنا منها ثلاثة:-
    منها أنَّها شريعةٌ إلهيَّة ربَّانيَّة
    وهذا يعطيها العَظَمَة والقَدَاسَة والعِصْمَة، وينبغي للمؤمنين بها أن يحبُّوها وأنْ ينصروها وأن يوقّروها وأن يعظّموها وأن يجعلوها تُهَيْمِن على مناحي حياتهم، وتقوم هذه الدواعي جميعًا إذا كانت القلوب مُرْتَبِطَةً بالله -سبحانه وتعالى- وصَحَّ للناس إيمانهم وتنافسوا في كمالهم.

    والخصيصة الثانية التي ذكرناها أنها شريعةٌ عالميَّة
    ليست لأُمَّةٍ دون أُمَّة، أو لزمانٍ دون زمان، أو مكانٍ دون آخَر، بل إنَّها منذ أنزلها الله -سبحانه وتعالى- على نبيّه -صلى الله عليه وسلم- فهي دائمة إلى قيام الساعة بإذنه تعالى، ولذلك فإنَّ فيها ما ليس في غيرها مِن الشَّرائع التي كانت لأقوامٍ دون آخرين، فكان النبي يُبْعَثُ إلى قومه خاصَّة وبُعِث نبيّنا -صلى الله عليه وسلّم- إلى النَّاس عامَّة.

    والخصيصة الثالثة التي ذكرناها أنها شريعة ثابتة مستقرة مستمرة
    لأنها بعيدة عن أيدي التحريف ولا يستطيع أحدٌ أن يُحَرِّفها أو يزيد فيها أو يُنْقِص.



    نستكمل خصائص الشريعة الإسلاميّة
    ونستكمل في هذا اللقاء ما تيسَّر من هذه الخصائص للشريعة
    ونُتَمِّم اللقاء بالرَّدِّ على بعض الشُّبُهات المشهورة في هذا الباب.


    الخاصيّة الرابعة: شريعة اليُسْر ورَفْع الحَرَج
    4- فمِن هذه الخصائص الخصيصة الرابعة أنها شريعة اليُسْر ورَفْع الحَرَج،
    قال الله -تعالى-: "يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" البقرة:١٨٥.

    وقال تعالى: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" الشرح:٦،٥.
    وقال تعالى: "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ" الحج:٧٨.
    وقال سبحانه: "يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا" النساء:٢٨.
    وقال -عليه الصلاة والسلام- حينما أرسل صاحبيه إلى بلاد اليمن معاذ وأبي موسى الأشعري:
    "يَسِّرا ولا تُعَسِّرا، وبَشِّرا ولا تُنَفِّرا، وتَطَاوَعَا ولا تَخْتَلِفَا"
    صحيح البخاري ومسلم رحمهما الله.

    وقال -عليه الصلاة والسلام-: "إنَّ اللهَ لم يبعثني معنِّتًا ولا متعنِّتًا. ولكن بعثني معلِّمًا ميسِّرًا"
    صحيح مسلم رحمه الله.
    وقال -عليه الصلاة والسلام- لأصحابه: "فإنما بُعِثتُم مُيَسِّرينَ، ولم تُبعَثُوا مُعَسِّرينَ"
    صحيح البخاري رحمه الله.
    وقال أيضًا -صلى الله عليه وسلم-:"بُعثتُ بالحنيفيةِ السمحةِ" صححه ابن حجر العسقلاني.
    إنما بُعِثْتُ بالحنيفيَّة اللي هي مِلَّة إبراهيم -عليه السلام-
    وكذلك أيضًا هي سمحة فيها السهولة وفيها اليُسْر وفيها التخفيف وفيها رَفْع الحَرَج.

    مع قَوْله -عليه الصَّلاة والسلام-: "إن الدينَ يُسرٌ، ولن يُشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبَه"
    صحيح البخاري رحمه الله.


    وهي قاعدة عظيمة تعتبر مِن أوسع قواعد الشريعة وأكثرها استخدامًا، فثبتت بالكتاب والسُّنَّة والإجماع
    ويقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في رسالته منظومته في القواعد:

    "ومِن قواعد الشريعة التيسير في كُلِّ أَمْرٍ نابه تعسير".
    ويتفرَّع عنها قواعد أخرى مثل:
    الواجبات تسقط بالتَّعَذُّر، والضرورات تُبِيْح المحظورات، والضرورة تُقَدَّر بقدرها
    وهناك أمثلة كثيرة على استخدام هذه القاعدة العظيمة، فمَن كان في مخمصة أو خشي على نفسه الهلاك وليس ثَمَّ طعام حلال
    فإنَّ الله -سبحانه وتعالى- أَحَلَّ له أنْ يأكل الميتة، وكذلك أيضًا المسافر وما أعطاه الله -عزَّ وجلّ- مِن التخفيف، وكذلك المَرْضَى وما إليه.


    وقد حاول أهل العلم أن يجتهدوا في جَمْع الأسباب التي إنْ وقعت للمُكَلَّف
    حصل له التخفيف والتيسير ورَفْع الحرج في الشريعة:

    1- فالأمر الأول هو السَّفَر، له تخفيفات تخصّ في الصلاة، في الصوم، في الجَمْع، وما إليه.

    2- وكذلك أيضًا المرض، قال -عليه الصلاة والسلام-:
    "صَلِّ قائمًا، فإن لم تستَطِع فقاعدًا، فإن لم تستَطِعْ فعلى جَنبٍ"
    صحيح البخاري رحمه الله.

    3- وكذلك أيضًا الإكراه، فيُمْكِن للمسلم أن يتعرَّض أن يُكْرَه على أمر لا يريده كأنْ يُطَلِّق امرأته،
    فإنَّه إنْ نَطَق بكلمة الطَّلاق في هذا الأمر فإنَّ طلاقه غير صحيح لأنَّه مُكْرَه ولم يُوْقِعُه بإرادته واختياره،
    وكذلك حتى إنْ أُلْجِئ إلى النُّطْق بكلمة الكُفْر فقد الله -عزَّ وجلّ-:

    "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا" النحل:١٠٦.
    4- وكذلك الخطأ، إذا أخطأ الإنسان في أمر فإنَّه لا يُؤَاخَذ عليه.
    5- وهكذا النّسيان
    "رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا" البقرة:٢٨٦،
    وقال -عليه الصلاة والسَّلام-: "إنَّ اللهَ تجاوزَ عَن أمَّتي الخطأَ والنِّسيانِ وما استُكرِهوا علَيهِ"
    صححه الألباني رحمه الله.

    6- وهكذا عَرَض الجهل،إذا جهل المُكَلَّف حُكْمًا مِن أحكام الشَّريعة فإنَّه لا يُؤَاخَذ بجهله، ويعدّ هذا عُذْرًا له فيما أتاه من الأمر المُحَرَّم المُخَالِف للشَّريعة،
    كأنْ يجهل أيّ شيء مِن أحكام الشريعة أن هذه المعاملة مثلًا حرام، فمثلًا التَّأمين، أنواع من البيوع قد تكون مُحَرَّمة فيها الغرر، فيها أيّ شيء،
    فكان لا يدري حُكْم هذه المعاملة، فإذا تبيَّن له الصواب فإنه لا يُؤاخَذ عمَّا مَضَى، وإنَّما من وقت بلوغه الحُجّة والعلم.

    7- وهكذا النَّقْص الذي يدخل على الناس،فالصَّغير مثلًا له تخفيف بحسبه لأنَّه لم يَجْرِ عليه قلم التكليف، وكذلك المجنون الذي رُفِعَت آلة التكليف عنه،
    وهكذا النائم له تخفيفٌ بحسبه، دا بيُسَمَّى كله نَقْص بيدخل على المُكَلَّف، وخففت الشريعة الأحكام عن هؤلاء.

    8- والأمر الثامن والأخير في هذا الباب هو ما يُسَمَّى بعموم البَلْوَى، فإذا عمَّت البلوى بشيء فإنَّ الشريعة تُخَفِّف منه؛ رعايةً ورحمةً ورِفْقًا بأهل التكليف.
    ولولا ضيق المقام لأفسحنا المجال لبيان هذه الأشياء بأدلّتها.

    وننظر في هذه القاعدة للدعاء العظيم الذي ختم الله -عزّ وجلّ- به السورة الكريمة المباركة العظيمة سورة البقرة واستجابة الله -سبحانه وتعالى- لأهل الإيمان،
    مِن أوَّل قَوْله -تبارك وتعالى-:
    "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ
    كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ "البقرة:٢٨٦،٢٨٥.
    قال الله: "قد فعلت"،
    "رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ
    "
    قال الله تعالى: "قد فعلت"،
    "رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖوَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ
    أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"البقرة:٢٨٦،
    قال الله تعالى: "قد فعلت".

    وهَدْيه الدائم المستمر -عليه الصلاة والسلام- في سائر أمره -عليه الصلاة والسلام-
    حتى قال القائل:

    "ما خُيِّرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بين أمريْن قطُّ إلا أخذَ أيْسرَهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعدَ الناسِ منه"
    صحيح البخاري رحمه الله.
    صلَّى الله عليه وسلم.


    الخاصيّة الخامسة: العَدْل
    5- أما الخصّيصة الخامسة مِن خصائص الشَّريعة فهي العدل
    لأنَّه -سبحانه وتعالى- مِن صفاته العدل، وهو مُنَزَّه جَلَّ في عُلاه عن الظُّلْم، قال الله -تعالى-:
    "وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا" الكهف:٤٩.
    وقال -تعالى-: "إِنَّ اللَّـهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ" النساء:٤٠.
    وقال -جل في عُلاه-: "وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا" الأنعام:١١٥،
    قال قتادة رحمه الله: "صِدْقًا فيما قال، عَدْلًا فيما حَكَم سبحانه".


    ولذا أمَر الله -عزَّ وجلّ- الناس أن يُقيموا هذا العَدْل:
    "إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ" النحل:٩٠.

    ومِن عدل الشريعة أنه لا يُؤاخَذ أحدٌ بذَنْب أحد، قال الله تعالى:
    "أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ
    * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ * وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ"
    النجم:٣٩:٣٦.
    وقال -عليه الصلاة والسلام-:
    "ولا يجني والدٌ على ولدِهِ، ولا مولودٌ على والدِهِ"
    صحَّحه الألباني رحمه الله.

    وقد أمرنا الله -سبحانه وتعالى- بالعَدْل حتى مع مَن نُبْغِضُه،
    وهذا أَمْرٌ غير كائن أبدًا في شرائع الناس ولا في أعرافهم،
    معروف أنَّ عواطف الإنسان وما حواه قلبه نحو أيّ إنسان يُؤَثِّر في تصرُّفاته
    ويؤدّي هذا إلى أنَّ مَن يُبْغِضُه الإنسان يعامله بفظاظة وشِدَّة غير مُعْتَادة مع الآخرين،
    وقد يَصِل الأمر إلى ظُلْمِه، والافتراء عليه، وإيصال الضَّرَر إليه،
    لكن الله -سبحانه وتعالى- قال لأهل الإيمان والمؤمنين بهذه الشريعة:
    "وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ
    اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ" المائدة:٨،
    فلا يَحْمِلَنَّكُم بُغْض أقوامٍ على أن تظلموهم أو تجوروا عليهم أو تنقصوا مِن حقوقهم.
    فلذلك أَمَر الله -سبحانه وتعالى- بالعدل في الحُكْم بين الناس:
    "وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ"النساء:٥٨.
    وقال الله -عز وجل-:
    "وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ
    وَبِعَهْدِ اللَّـهِ أَوْفُوا" الأنعام:١٥٢.

    وقد أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- ليخرص على اليهود تمرهم،
    لإنّ كان حصل صُلْح بين الرسول -عليه الصلاة والسلام- وبين أهل خيبر حينما فتحها، إنّ هُمّ هيعملوا في ثمارهم في النخل على أنْ يأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- نصف ما يخرج تمرًا، فكان بيُرسل الرسول -عليه الصلاة والسلام- أحد الصحابة علشان يقدّر التمر وهو رُطَب لَمّا يجفّ ناخد قيمة قَدّ إيه.

    فعادة اليهود أنّهم لا يوفون بالعهود ولا بالمواثيق، فأحبَّوا أنْ يقوموا برشوة عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- فعرضوا عليه مالًا علشان يخفّف عليهم القيمة بدل ما هي عشرة طِنّ يخلّيها خمسة يخلّيها تمانية.

    فقال رضي الله عنه: "أتُطعموني السُّحْت يا معشر يهود؟ والله إنكم لأبغض إليّ من عِدَّتِكم مِن القِرَدَة والخنازير، ولا يمنعني حُبِّي إيَّاه -أيْ النبي صلى الله عليه وسلم- ولا بُغْضِي إيَّاكم على أنْ أُقِيْم أَمْر الله تعالى فيكم".
    فقالوا وقد أنطقهم الله بالحَقّ: "بهذا قامت السماوات والأرض".
    أنت لا سبيل لنا عليك وسنرضى يعني إيه؟
    اخرج عنا اللي إنت هتقوله خلاص احنا قد سلّمنا به. فهذا مِن عدل الشريعة وتأثيرها في أصحابها.


    وحينما جاء وافد دولة الرُّوم فسأل عن أمير المؤمنين، فقال:
    "التمسوه"
    يعني مالوش مكان معتاد بقى وحرس والدخول بنظام وكذا إنّما كان عنده حُجَّاب بس يدخّلوا الناس بنظام يعني،
    فالتمسه في طُرُق المدينة، فين أمير المؤمنين؟
    فدُلّ على رَجُلٍ قد نام تحت الشجرة، فعَجِبَ جدًّا،

    بيقارن طبعًا بين هذه الصورة التي ليس فيها كُلْفَة وفيها أَمَان بين الرَّاعي والرَّعية وبين هناك الروم بقى وعلشان تدخل لأحد الأمراء فضلًا عن الملك المُعَظَّم عندهم دا دون ذلك أهوالٌ وأهوال،
    فقال: "حكمت فعدلت فأمنت فنمت تحت الشجرة يا عمر".


    ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
    "جِماع الحسنات العدل، وجِماع السيئات الظلم".
    وقال العلَّامة الشيخ الطاهر بن عاشور -رحمة الله عليه-:
    "والعدل مما تواطأت على حُسنه الشرائع الإلهيّة والعقول الحكيمة".


    الخاصيّة السادسة: التوازُن والوسطيَّة في الشريعة
    6- أما الخصّيصة السادسة -ولعلَّنا بها نختم-: التوازُن أو الوسطيَّة في الشريعة.
    قال الله -سبحانه وتعالى-:
    "وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا" البقرة:١٤٣
    ما ذاك هذا الوصف إلا لأن الشريعة كذلك، فالشريعة وسط في كل أحكامها.


    فلو ضربنا مثالًا لتقريب المعنى عندنا نموذجان معاصران لمسألة كيفية التَّصَرُّف في الأموال:
    فهناك المعسكر الشيوعي والاشتراكي الذي يأخذ بمذهب نَفْي الملكية الفردية إلّا في أضيق الحدود التي اضطُروا إليها.

    وهناك المذهب الرأسمالي الذي يفتح المسائل على مصاريعها.

    ففي النظام الاشتراكي:
    الدولة هي الأصل، والأفراد هؤلاء الذين يعيشون فيها كلهم يعملون لصالح هذه الدولة، فيعملون ويتعبون ويكِدُّون ثم يُصَبّ الإنتاج والناتج والأرباح كلها عند الدولة، وهي التي يصرفون منها الطعام، والشراب، والدواء، والتعليم، والسكن وما إليه. فهذا المذهب فيه مخالفة للفطرة؛ لإنّ الإنسان يحب أن يتملَّك وأن يرى أثر تعبه ونَصَبه أمامه هو الذي يتحكم فيه.
    فلمَّا كان المذهب عنيفًا وماكانش فيه أي شيء يمكن أن يتملَّكه الإنسان فوجدوا إنّ الأمر ده في منتهى الصعوبة جدًّا فاضطروا إلى أن يُعدِّلوا الأمور وأن يسمحوا للناس باقتناء مثلًا سيَّارة، إنّ ممكن يقتني بيت، لكنه أيضًا بعد التعديل لا يجوز له أن يتصرَّف إلا بالرجوع إلى الدولة، ما يعرفش يبيع ولا يرهن ولا يقايض ولا أيّ شيء إلَّا أن يعود مرةً أخرى إلى الدولة.
    وعلى العَكْس المذهب الرأسمالي:
    فإنَّه يفتح المسائل، اللي عاوز يكتسب يكتسب وعلى حسب ما يريد، وخُفِّفت القوانين جدًّا فلا تؤاخَذ الناس حتَّى بالتَّصَرُّفات التي تضرّ عموم المجتمع في كثيرٍ مِن الأحيان، فأباحوا لهم الرِّبَا والقمار، وأحيانًا بعض الدُّوَل تُبيح تجارة المخدرات والخمور، بل وتُبيح التجارة في النساء والأعضاء البشرية.

    كل ده من فساد هذا المذهب وأنهم أطلقوا العَنان للكسب دون أن يضعوا له الضوابط التي راعتها شريعتنا المطهَّرة، فهي وازنت وتوسَّطت بين فطرة الإنسان وجِبِلَّته أنه يريد أن يتملَّك وأن يرى أثر سعيه، ثم هي وضعت الضوابط؛ لتحافظ على المجتمع؛ لإنّ الفرد ده جزء من هذا المجتمع، فحرَّمت كل شيء يعود على دينه بالضرر أو يعود على إخوانه بالمضرَّة في المجتمع، فأعطت لكل ذي حقٍّ حقه، وهذا من التوازن الذي تميَّزت واختُصَّت به شريعتنا كأحسن ما يكون الاختصاص.

    لذلك قال الله -سبحانه وتعالى-:
    "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا" القصص:٧٧،
    ومع أنَّ الله -سبحانه وتعالى- دعا الناس إلى أن يُنفقوا وأن يتنافسوا في الإنفاق في سبيله فإنه -سبحانه وتعالى- وصَّى الناس أيضًا ألَّا يُخرجوا كل ما في أيديهم فلعلَّهم يندمون ويحتاجون بعد ذلك،
    "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا" الإسراء:٢٩،
    وقال الله -عزَّ وجلّ- في وصف عباد الرحمن:
    "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا" الفرقان:٦٧.


    ولَمَّا زار سَلمان -رضي الله عنه- أخاه أبا الدرداء
    وكان النبي
    -صلى الله عليه وسلم- آخى بينهما، فوجد امرأته أم الدرداء متبذِّلة فسألها عن حالها وحال زوجها فأخبرت أنه يصوم النهار ويقوم الليل ويعني ترك ما اعتاده الناس من التمتُّع بما أحلَّه الله -سبحانه وتعالى- له، فلَمَّا جاء أبو الدرداء كان في عملٍ فيعني وُضع الطعام لسَلمان فقال له أبو الدرداء: كُل، قال: لا آكل حتى تأكل، قال: إني صائم، فلم يدَعه حتى أكل معه، ثم لَمَّا دخل الليل أراد أبو الدرداء على عادته بعد العشاء أن يُقيم طوال الليل: فقال: نَم، وبعدين كل شويَّة يستيقظ سَلمان يقول له: نَم، حتى إذا كان قبل الفجر بيسير قال له: قُم الآن، فقاما فصلّيا، ثم قال له: "إنَّ لنفسك عليك حقًّا، ولربك عليك حقًّا، ولزوجك عليك حقًّا، ولزورك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حقٍّ حقه"، فلما ذهب أبو الدرداء وقَصَّ على النبي -صلى الله عليه وسلم- ما حدث قال: "سَلمانُ أفقَهُ مِنكَ" مرسل،
    يعني وافق الرسول
    -عليه الصلاة والسلام- بل ومدح ما قاله سَلمان لأخيه أبي الدرداء -رضي الله عنهما وأرضاهما-.

    الحديث
    "آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال: كل. قال: فإني صائم. قال: ما أنا بآكل حتى تأكل. قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال: نم فنام، ثم ذهب يقوم فقال: نم، فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن؛ فصليا فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه. فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صدق سلمان"

    صحيح البخاري رحمه الله.


    ومِن التَّوَازُن العجيب في الشريعة
    أنَّها وازنت بين مطالب الروح وبين مطالب الجسد، فهناك شرائع أطلقت الغرائز لأصحابها، وفتحت لهم أبوابها على مصاريعها يتلذذون ويتمتَّعون إلى المنتهى، وأدَّى هذا إلى أن ينحسر مطالب النفس

    والروح في مكانٍ ضيق لم يُغنِ عنهم شيئًا.

    وعلى الجانب الآخر العكس في شرائع كشِرعة النصارى
    فضَّلوا الرهبانية، وترك الحلال والأكل الطيب، وأن يخرجوا إلى الجبال فيعتكفون فيها ويتعبَّدون، وأضرُّوا بأنفسهم غاية الضَّرَر، وحرَّموا على أنفسهم طيّباتٍ أحلَّها الله
    -عزَّ وجلّ- لهم.
    فلم توافق الشريعة هؤلاء ولا أولئك بل وازنت بين مطالب الروح وبين مطالب الجسد، ووازنت بينهم كأحسن ما تكون الموازنة.

    مع سموّ شريعتنا كيف تردَّت أحوالنا؟!
    وختامًا نقول: إذا كان ديننا بهذه العظمة، وشريعتنا بهذا السموّ والرقي فما بال أحوال الناس متردِّية، وأمرهم غير مجتمع، وخيراتنا منهوبة، وأعداؤنا مسلَّطون علينا، فالجواب كما قال الله -تعالى-:
    "قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ" آل عمران:١٦٥.
    فما أصابنا من الهزائم، وهَوانُنا على الناس إنما هو بتَرْك عُرَى الدين، وترك التَّمَسُّك بحبل الله المتين، وعدم تعظيم هذه الشريعة، وعدم تحكيمها في كل أمورنا، ولا زلنا نركض ونلهث وراء الغرب تارةً والشرق تارةً أخرى حَذو القُذَّة بالقُذَّة، ولئن دخلوا جُحر ضَبٍّ فقد دخلناه وراءهم.

    وكذلك أيضًا عمليات التجريف وتجفيف المنابع والمحاضن الدعوية والعلمية على قِلَّتها ونُدرتها التي تحاول أن تقوم ببعض الواجبات التي تخلَّت عنها الدول الحديثة الآن، وتريد أن تنفخ الروح وتوقظ النيام مرةً أخرى؛ حتى ترتفع هذه الغفلة عن الناس ويعود الوَعْي المفقود وهذا التذويب الذي قامت به جهاتٌ متعددة في الداخل والخارج لشخصيَّة المسلمين حتى زال منها كثير مما كان يُمَيِّزها.

    وإنْ أنسى فلن أنسى قَوْل هذا الرجل الحاقد على الإسلام والمسلمين اللورد كرومر الذي كان المندوب الثاني البريطاني أيام احتلالهم لبلدنا مصر، قال في مذكراته هذا الرجل: "إنَّ الشَّباب المصريّ الذي دخل طاحونة التعليم الغربي.."، أرجو أن تُرَكِّزوا في كلمات هذا الرجل، والله كلما ذكرتها كأنَّ أحدًا يطعنني في صدري بخنجر، إن الكلام دا موجود اعتراف ما بعده اعتراف ومع ذلك لا زال الناس مستمرون ومستمرئون هذا الطريق، تغريب المسلمين، وجعلهم أتباع لهؤلاء الغربيين بزعم إن عندهم من الحضارة ما ليس عندنا، يقول: "إن الشباب المصري الذي دخل طاحونة التعليم الغربيّ ومرَّ بعملية الطَّحْن إنه يفقد إسلاميّته أو على الأقل يفقد أقوى عناصرها وأهمّ أجزائها إنه يفقد عقيدة دينه الأساسيّة".
    فهذا الرجل هو الذي كلَّف القسّ دانلوب بأن يضع مناهج التعليم التي لا زلنا نسير على خُطاها إلى يومنا هذا، لم يُحْدِث الناس حتى بعد زوال الاحتلال؛ يعني شوف هذه المدّة الطويلة ثلاثة أرباع القرن لم نُغَيّر ساكنًا ذا بالٍ في نُظُم التعليم التي وضعها لنا دانلوب، آه ممكن التغيير يبقى في الحواشي؛ نلغي سنة سادسة، نحطّ كذا، ما تبقاش شهادة، لكن الأصل موجود كما وضعه هذا الرَّجُل.

    ونقول أيضًا بأنَّه مرَّت أطوارٌ كثيرة، وقامت دولٌ كثيرة، وسقطت، وقامت مكانها دولٌ أخرى، وحدثت أحداث عِظَام للأُمَّة، واجتياح أُمَمٍ لها قبل ذلك كالمغول والتتار وغيرهم، لكن لم نرَ دولةً فيما سبق من دول المسلمين حتى في أوقات ضعفها تُحَكِّم غير شريعة الله -عز وجل- في شؤونها وإنَّما هذا الأمر حدث أخيرًا منذ قرنين من الزمان أو أقلّ، فالذي كان يهيمن على حياة الناس والمسلمين مع ما كانوا يصابون به من ابتلاءاتٍ فيما سبق كان يهيمن على حياتهم ويفزعون إليه هو شريعة ربّ العالمين -سبحانه وتعالى-، وكانت المصدر الأساسي والوحيد للحُكْم في ديار المسلمين قَوْلًا وفِعْلًا حتى حدثت هذه الحادثة التي ليس للمسلمين بها سابق عهد ونُحيت الشريعة وزُويت في مكانٍ صغير، لأنهم لم جدوا في الشرائع التي استمدوا منها قوانينهم بديلًا إلّا أن يعودوا إلى شرع الله -سبحانه وتعالى- كمسائل النّكاح والطلاق والميراث وما إليه.


    الرَّدّ على بعض الشُّبُهات المُثَارَة حول الإسلام
    الشبهة الأولى: الاحتجاج بالاختلاف لعدم تطبيق الشريعة
    وهذا طبعًا أورد شبهات أوردها أصحابها ويردّدها بعض مَن لا يعقلون، فمِن هذه الشبهات التي نريد أن ندندن حولها قَوْلهم:
    أنتم تطالبون بتحكيم الشريعة في أمورنا
    نقول: نعم، وهذا واجبٌ علينا وعلى كل مسلم،
    يقولون: أيّ شريعة نُطَبّق إنّ شريعتكم مُخْتَلَف فيها، هنطبّق المذهب الشافعي، ولّا الحنبلي، ولّا المالكي، ولّا الظاهري، ولّا المعتزلي، ولّا الصوفي؟
    يا جماعة اتّفقوا مع بعض وشوفوا الشريعة اللي انتوا عاوزين نطبّقها وبعدين نبقى نقعد نتفاهم في هذا الأمر.


    طيب فنقول:
    هل كُلَّما اختلف الناس في أمرٍ يُترك؟ هذا غير وارد، فإذا اختلف الناس في قيمة عظيمة زَيّ قيمة الصِّدْق المُتَّفَق عليها بين أهل الشرائع وبين العقلاء عمومًا، إنّ الصدق دا قيمة ما ينبغي أن تُترك، فإذا كان فيه مفردات في الصدق مثلًا الناس اختلفوا فيها:

    المعاريض؛ واحد يسألك إنت رايح فين فتُعَرِّض له في الكلام لإنّ إنت مش عاوزه يعرف إنت هتروح فين، خايف مِن مَضَرَّة مُعَيَّنَة، فاختلفوا هل دا مِن الصِّدْق ولَّا هو مندوح عن الكذب.
    أو راجل ظالم جِه يسألك فلان عندك في البيت؟
    فأنت دلوقت خايف عارف إنّ هو هيظلمه بقتلٍ أو حبسٍ أو ضربٍ أو أخْذ مالٍ أو هتك عِرْض، فتقول له: لا، فيختلف الناس كان الواجب تبقى صادق ولّا لا؟

    أُناس بينهم مشكلة واختلفوا وحصلت مشكلة ممكن تُزْهَق فيها نفوس ويُصابون بإصاباتٍ بالغة، فأنت انتُدِبت لتُصْلِح بين هؤلاء فلا يَحِلُّ لك كمُصْلِح أن تنقل كلام هؤلاء لأولئك لا سيَّما إذا كان فيه كلام يضرّ بمسألة الصُّلْح، فيُرَخَّص لك أنْ تكذب في مثل هذه الحالة.
    طيب مثل هذه الأمور معناها ييجي واحد في الآخر ويقول يا جماعة طلاما انتوا اختلفتوا في أشياء في الصِّدْق بلاها الصدق دا خالص، شيل الصدق دا، ما عدتش تعتبره فضيلة، وينتهي الأمر؟!
    فهذا لا يقوله عاقلٌ فَضْلًا عن رجلٍ ينتسب إلى دينٍ فَضْلًا عَمَّن ينتسب إلى هذه الشريعة المباركة.
    ثم إنَّ الخِلاف أَمْر سُنَّة كونية بثَّها الله -عزَّ وجلّ- في خَلْقِه، فقال سبحانه:
    "وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ" هود:١١٩،١١٨.
    فأَمْرٌ قدَّره الله -عزَّ وجلّ- ومع تقديره -سبحانه وتعالى- على خَلْقه قال -جلَّ في علاه-:

    "إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّـهُ" النساء:١٠٥.
    وقال جَلَّ في عُلاه:
    "فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ
    ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا"
    النساء:٥٩.
    فلا يقول عاقل أبدًا أنَّه كُلَّما اختلف الناس في شيءٍ نحَّيْناه وذَهَبْنا إلى غيره.

    ثم نقول لهذا القائل:
    الذين اختلفوا مِمَّن ذكرت يعني أهل المذاهب مثلًا الفقهية لم يختلفوا قطّ في وجوب تحكيم الشريعة، لكنهم اختلفوا في أمورٍ اجتهاديّة، والمجتهد قد أصاب أجرًا واحدًا إنْ أخطأ، ويصيب أجرين إنْ أصاب، فهو فاضلٌ على كل أحواله، فكيف تسحب هذا إلى مثل هذا الأمر العظيم؟

    فالصوابُ والرشاد في مثل هذا الأمر أنْ يُحصر الخلِاف؛ المسائل المُخْتَلَف فيها، والمُتَّفق عليه من أمور الشريعة المعلوم من الدين بالضرورة والمقطوع ثبوته والمُجْمَع عليه كثير جدًّا في الشريعة، والخلاف أغلبه في الفروعيَّات وليس في الأصول، فالصَّواب والرشاد في هذه المسألة ليس أن نُنحّي الشريعة وإنما أن نحصر الخلاف.
    ثم أيضًا يوضع في نصابه الصحيح، إنّ دا قَوْل شاذ يُنفى، وهذه أقوالٌ اجتهاديّة فكل مجتهد له مورده.
    وأن يُجعل هذا الخلاف بين أهله ومَن يُحسنون الخِلاف؛ لإنّ اللي بيزوّد الخِلاف أصلًا دخول مَن لا يُحسن ومَن لا عِلْم له،
    ورحم الله الإمام الشافعيّ محمد بن إدريس حينما قال:
    "لو سكت مَن لا يعلم لقلّ الخلاف"،
    لإنّ الخلاف هيبقى بين أهله المُعْتَبَرين.


    فهذه هي الشبهة الأولى وترون أنها شبهة واهية لا تستحق أن نتوقف عندها
    لكن طالما النَّاس قد قالوها فاضطررنا إلى الحديث عنها بمنتهى الاختصار.


    الشبهة الثانية: توظيف الشريعة لأصحاب المآرب الخبيثة
    أمَّا الشبهة الثانية فأصحابها يدَّعون أنهم من أصحاب المثاليّة والورع، فيقولون:
    الشريعة الموظفَّة،
    إيه يا جماعة الشريعة الموظفة؟
    يقولون إذا حكّمنا الشريعة في أمورنا جميعًا فسيجعل هذا الأمر الشريعة عُرْضَة لأنْ تُوَظَّف لأصحاب المآرب الخبيثة، فيقتلون باسم الشريعة ويحبسون باسم الشريعة ظُلْمًا وعدوانًا، وينهبون أموال الناس، ويفعلون سائر المنكرات، ويقيّدون الحريَّات، ويُكَمِّمون الأفواه، بزَعْم أنهم يُطبّقون هذه الشريعة، فينبغي أن نُنَزّه الشريعة وألّا نجعلها غَرَضًا لأرباب المآرب الخبيثة فنُنَحِّي الشريعة ونُطَهِّرها ونعليها عن هؤلاء.


    وهذا كلامٌ وإنْ كان ظاهره أنه يقتنع به العاقل لكنَّه إذا فتَّش فيه لم يجده شيئًا ووجده سرابًا، بمعنى؛
    سؤال أوَّلًا هل مسألة توظيف الشريعة هذه خاصٌّ بها أم أنه ينسحب إلى كل قيمةٍ يرفعها الناس؟
    ما احنا بنشوف ناس بيقتلوا باسم الحريّة، وبيظلموا باسم العدالة، وبسائر ما يرفعه الناس من القِيَم التي يُعظّمونها يُفعل أضدادها، ولم يأتِ أحدٌ فيقول لأ طالما الناس بتظلم باسم الحرّيّة شيل الحريّة، بيظلموا باسم العدالة بناقص العدالة، فهذا لم يَقُل به عاقل فَضْلًا عن إنسانٍ يتديَّن بدين، ولا باسم الإنسانيّة ولا بغيرها، نزِّهوا هذه الفضائل فنّحوها وشيلوها مِن القِيَم التي يُعَظِّمُها الناس ويتحاكمون إليها.

    وبنقول:
    أيوا إنّ الشريعة كشأنها من القِيَم اللي هينفّذها بشر، والبشر دول لهم أهواء ولهم جهالات ولهم مآرب خبيثة وهكذا، لكن كُلَّما يستعلي الناس بإيمانهم يطبّقون الشريعة كما أمر الله. واحنا لسه ذاكرين حديثِ عهدٍ بقصة عمر وكيف كان عدله في الخلق شهدت به الدنيا بأسرها أحبابًا وأعداء، ولا زال هذا الأمر في الخلافة الراشدة وكثير من الدول التي كانت تُعظّم شرع الله كانت تجتهد في إقامة العدل والشريعة، وأنها لا تستخدم الشريعة مآرب لنفسها فتأتي بعكس ما ترفع.


    الشبهة الثالثة: زَعْم أن هذه الشريعة لا تواكب الحياة المعاصرة
    أما الشبهة الثالثة فيقول أصحابها:
    والله الشريعة دي شيء عظيم جدًّا، ونحن لا نختلف فيها أبدًا، لكن المشكلة إنّ الشريعة دي نزلت في زمن معين ومكان معين وانقضى الزمان والمكان، واحنا أولاد النهارده زَيّ ما بنقول، فلا بُدَّ إذن أنْ نأخذ مِمَّن حولنا، وأصبحت هذه الشريعة لا تواكب الحياة المعاصرة، ولا تفي بحاجات الناس، الناس طلعت القمر، والناس كذا، والتقدم كل يوم، والتقنيات، والتكنولوجيا، وما إليه، فالشريعة أصبحت متخلّفة عن أنْ تستوعب حاجات الناس.


    وهذا القائل على أحد رجلين:
    إمَّا أنه أصلًا رجل غير مؤمن بالشريعة فهذا ليس حديثنا معه، وإمَّا رجل يؤمن بالشريعة لكن قامت له الشبهة، فاللي بيؤمن بالشريعة نقول له:

    راجِع إيمانك يا عبد الله، لأنَّ الذي أنزل هذه الشريعة هو الذي قال -سبحانه-:
    "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ
    وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ" المائدة:٥٠.
    وهو -سبحانه وتعالى- الذي قال:
    "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ" النحل:٨٩.


    وهو أعلم -سبحانه وتعالى- بالزمان الذي ستستمرّ فيه الشريعة حتى يَرِثَ الأرض ومَن عليها،
    فأودع فيها مِن الحِكَم والأسرار والصلاحيَّات ما يجعلها صالحةً لكل زمانٍ ومكان، ومُصْلِحة لكل زمان ومكان،
    فلا بُدّ أن تُراجِع إيمانك
    "فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا"
    ضِيْقًا في أنفسهم حتى بعد الحُكْم، ويُسَلِّموا تَسْلِيمًا،
    "ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" النساء:٦٥.


    فإذا كان القائل
    لا يؤمن بهذه الشريعة فما لنا معه حديث، وإنْ كان مؤمن بالشريعة فينبغي أنْ يراجع إيمانه لأنَّه لا خِلاف في أنَّ هذه الشريعة فيها من الحُسْن ما لا يُتَصَوَّر أبدًا أن يأتي به قانونٌ من القوانين مهما اجتهدت عقول البشر في صياغته لا بُدّ أن يكون فيه العطب والسّمّ الرعاف ولا يكون واحد على المليار مما حوته الشريعة من المحاسن والفضائل.


    الشبهة الرابعة: زَعْم أنَّ الشريعة مُطَبَّقَة بالفعل
    الشبهة الرابعة يقول أصحابها:
    إيه يا جماعة اللي انتوا فيه دا؟
    تحكيم الشريعة إيه اللي انتوا عاوزينه، ما الشريعة أصلًا مُطَبَّقَة أهي، تقول له مطبقة إزاي؟
    أصحاب الورع يقول لك دي مطبقة بنسبة تسعين في الميّة يا راجل، والراجل بقى اللي هو المُجازف يقول لك دا تسعة وتسعين وطابور التّسعات المعروف، يا عَمّ الشريعة مطبقة فين؟ يقول لك ما الناس بتصلِّي، والأذان بيترفع، والناس كويّسة، ومفيش أيّ مشكلة خالص، وأهو الدنيا كلها ما شاء الله والتليفزيون بيذيع القرآن، وإذاعة القرآن موجودة، وصفحة الفتاوى الدينية موجودة في كل الجرائد والمجلّات، أومَّال هو الدين والشريعة إيه غير هذا؟


    أقول لك:
    يا عبد الله أعظم النَّاس كُفْرًا وإلحادًا يرضى مِن المسلم أن تكون الصِّلَة بينه وبين ربّه في بيته حينما يُغْلِق عليه بابه، أو أن تكون في المسجد، لكن هذا المسلم إذا خرج في نُظُم التعليم والثقافة والإعلام والاقتصاد والسياسة وهَلُمّ جرًّا على أيّ مذهب كائن فلن يتعرَّض هذا الملحد ولا هذا الكافر مهما كان يبغض الإسلام وأهله، لكن الشريعة تستوعب هذا الأمر جميعًا، كل أمر وكل نهي وكل منحى من مناحي الحياة إذا حُكِّمَت فيه الشريعة لا بُدّ أنْ يكون لها فيه تفصيل، فإذن هذا الكلام ليس بصوابٍ مِمَّن قاله.


    الشبهة الخامسة: النماذج المُطَبِّقَة للشريعة مشَوَّهة
    الشبهة الخامسة يقول لك:
    الشريعة مشوهة، يا جماعة مشوهة ازّاي؟
    يقول لك مش الشريعة نفسها إنما النماذج المعاصرة التي رأيناها شوّهوا الشريعة، ناس تجار دين، ناس لهم مآرب، ناس لهم كذا، فحاولوا أن يطبّقوا الشريعة فلم يفلحوا وفشلوا فشلًا ذريعًا، إذن لا نأتي بهذه الشريعة؛ لأن النماذج الموجودة المعاصرة قد شُوّهت.


    فنقول لهذا القائل:
    افصل بين الشريعة ووجوب تحكيمها وبين التجربة، فالتجربة دي عنصر بشري داخل فيها ممكن يصيب وممكن يخطيء، ممكن يفلح وممكن لا يُفلح، ممكن ينجح وممكن يفشل، فاتكلّم على وجوب تحكيم الشريعة ونتّفق عليه وبعدين نشوف بقى يا سيدي.

    وإذا كان الناس دول تجار دين أو لهم مآرب تعالَ أنت يا رجل يا فاضل وما تبقاش تاجر دين واعمل لله وخلّيك مُخْلِص وطبَّق الشَّرْع على الأقلّ في نفسك وأهل بيتك ومَن هم تحت سلطانك.

    يقول لك دا هتطلع لنا ناس كهنوت الحُكْم الثيوقراطي بقى ونرجع للعصور الوسطى اللي كانوا بيحكموا باسم الرّبّ وباسم الإله ويقتلوا العلماء ويصادموا العلم.
    هذا ليس عندنا بحمد الله، مفيش شيخ أبدًا مهما يقول إنّ أنا بأحكم باسم الرّبّ أو بأحكم باسم الإله أو أنا معصوم، هذا ليس عندنا بحمد الله معاشر المسلمين، شوف بقى إنت خصومتك مع مين القرون الوسطى بتوعك دول وروح اتفاهم معاهم لإنّ المشكلة دي ليست عندنا في قليلٍ ولا في كثير.


    الشبهة السادسة: تطبيق الشريعة سيُوَلّد منافقين
    الشبهة السادسة -وبها نختم-:
    يقول لك:
    الشريعة دي هتعمل لنا ناس منافقين، هتنتج نفاق في المجتمع، الناس هتعمل الغلط في السّرّ وبعدين خايفين مِن أحكام الشريعة الظاهرة فيقوموا يتوقّفوا عن هذا الفعل، وهذا ليس بصوابٍ على إطلاقه، فالشريعة نعم تريد مِن أهلها أن يلتزموا بها ظاهرًا وباطنًا، لكن عمومًا لو الناس فعلوا هذا
    "إنَّ اللهَ يزَعُ بالسلطانِ ما لا يزَعُ بالقرآنِ".
    والناس إذا عملوا الذنوب والمعاصي والمخالفات وقد ستروا أنفسهم فهذا مُرْضٍ للشريعة في الجُمْلة، لكن لما بيجاهروا بالمعاصي ويفعلوها جهارًا نهارًا بيجرّؤوا الناس على التسوُّر على أحكام الله وتعدِّي حدود الله -سبحانه وتعالى-.

    فهو بيقول لك إنّ هذا انتهاك صريح لقَوْله -عزَّ وجلّ-:
    "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" البقرة:٢٥٦.

    هذا خطأ وَوَضْع للآية في غير مَوْضِعها
    "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"
    لا نُكْرِه أحدًا غير مسلمٍ على الإسلام أن يدخل فيه تحت السلاح أو غير ذلك، لكن المسلم اللي أسلم واجب علينا إنّ احنا نأطره على أحكام الإسلام، وليس في هذا ما ينافي الحرية ولا هذه القِيَم التي يتغنَّى بها أصحابها وإنْ كانوا لا يُطَبِّقُون كثيرًا منها.


    مرجع للاستزادة
    ونصيحتي للإخوة والأخوات أن يراجعوا كتاب سؤالات تحكيم الشريعة للشيخ فهد العجلان بالاشتراك مع الشيخ مشاري الشثري
    ففيه الرَّدّ على هذه الشبهات، وقد أخذتُ أغلب هذه الردود من هذا الكتاب بنوعٍ من الاختصار.




    الخاتمة
    نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقنا وإياكم إلى ما يحبّ ويرضى
    ويبقى لنا اللقاء الرابع بمشيئة الله حول محاسن الدين الإسلاميّ
    نسأل الله لنا ولكم التوفيق، وأن يوفّقنا الله -سبحانه وتعالى- وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح.

    وصلّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع

    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا

    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.



    رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

    اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


    ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

    تعليق

    يعمل...
    X