إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللقاء العشرون | النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد للدكتور عبدالرحمن الصاوي | بصائر3

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللقاء العشرون | النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد للدكتور عبدالرحمن الصاوي | بصائر3





    يا لها من سعادة حين نتكلم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يا لها من فرحة حين نسمع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يا لها من لذة حين نتعلم كيف عاش رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بأبي أنت وأمي ونفسي وروحي وولدي ودنياي يا رسول الله.
    والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا وحبك مقرونٌ بأنفاسي
    ولا هممت بشرب الماء من عطشٍ إلا رأيت خيالًا منك في الكاس
    ولا جلست إلا قومٍ أحدثهم إلا وأنت حديثي بين جُلّاسي

    إنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، خَيْرُ خَلْق الله، نعيش في هذه اللقاءات مع النبي صلى الله عليه وآله وصَحْبه وسلم، وهذا هو اللقاء الذي عَنْوَنْتُ له بعنوان: "النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد".






    اللقاء العشرون | النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد للدكتور عبدالرحمن الصاوي | بصائر3






    تفضلوا معنا في تحميل الدرس بجميع الصيغ



    رابط الدرس على الموقع وبه جميع الجودات

    http://way2allah.com/khotab-item-136610.htm

    رابط صوت mp3

    http://way2allah.com/khotab-mirror-136610-217601.htm

    رابط الجودة hd

    http://way2allah.com/khotab-mirror-136610-217600.htm

    رابط يوتيوب



    رابط ساوند كلاود


    https://soundcloud.com/way2allahcom/alnaby-3abd

    رابط تفريغ بصيغة pdf


    https://archive.org/download/yahoo_2...8%A8%D8%AF.pdf

    رابط تفريغ بصيغة word


    https://archive.org/download/yahoo_2...8%A8%D8%AF.doc

    لمشاهدة جميع دروس الدورة وتحميلها على هذا الرابط:
    http://way2allah.com/category-585.htm


    | جدول دورة بصائر لإعداد المسلم الرباني | الجزء الثالث |


    موضوع مخصص للاستفسارات الخاصة بالدورة العلمية " بصائر3 "


    لقراءة التفريغ مكتوب
    تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله.
    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 01-11-2017, 12:02 AM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.


  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له ومَن يُضْلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.


    "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" آل عمران:١٠٢.
    "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" النساء:١.
    "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" الأحزاب:٧٠،٧١.


    أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهَدْي هَدْيُ محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد:


    فمرحبًا بكم أيها الإخوة الكرام الأحباب في هذه السلسلة الكريمة الطيبة المباركة في الكلام عن نبينا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، أسأل الله -جل وعلا- أن يرزقني وإياكم الإخلاص والصدق في القول والعمل، وأن يجمعنا بحبيبنا ونبينا وقرة أعيننا محمد -صلى الله عليه وسلم- في أعلى جنات الخُلْد.

    يا لها من سعادة حين نتكلم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يا لها من فرحة حين نسمع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يا لها من لذة حين نتعلم كيف عاش رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بأبي أنت وأمي ونفسي وروحي وولدي ودنياي يا رسول الله.
    والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا وحبك مقرونٌ بأنفاسي
    ولا هممت بشرب الماء من عطشٍ إلا رأيت خيالًا منك في الكاس
    ولا جلست إلا قومٍ أحدثهم إلا وأنت حديثي بين جُلّاسي

    إنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، خَيْرُ خَلْق الله، نعيش في هذه اللقاءات مع النبي صلى الله عليه وآله وصَحْبه وسلم، وهذا هو اللقاء الذي عَنْوَنْتُ له بعنوان: "النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد".
    النبي صلى الله عليه وسلم عبد
    نعم هو رسول الله لكنه بشر، نعم هو سيد خلق الله لكنه عبد الله، بل كان مِن أحبّ أسمائه إليه صلى الله عليه وسلم أن يُقال له عبد الله. بل زكَّاه الله -جل وعلا- في أشرف المواطن في موطن النبوة والوحي والدعوة بهذه الكلمة، كما قال الله -جل وعلا-: "وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّـهِ يَدْعُوهُ" الجن:١٩. ففي هذا الشرف، في هذا المكان، في طريق الدعوة إلى الله -جل وعلا-، في طريق تبليغ الرسالة، يُشَرِّفه الله -جل وعلا- بالنَّسب إليه، هو عبد الله، صلى الله عليك وسلم يا رسول الله.



    فالنبي صلى الله عليبه وسلم عبد، نعم هو عبد ويعيش كما يعيش العبد، ويتكلم كما يتكلم العبد، يعيش وسط الناس وكأنه عبد مِن تواضُعه -صلى الله عليه وسلم-، ويعيش مع ربه -جل وعلا- عبدًا لله -جل وعلا-، أَذَلَّ نفسه لله، خفض الجباه ابتغاء مرضاة الله، يعيش وسط الناس متواضعًا، إنه عبد.
    عبد الله، رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما تتعبد أنت ربك حين تصلي وتأتي لتَشَهُّدك كما علَّمك رسول الله صلى الله عليه وسلم، "التَّحيَّاتُ للَّهِ، والصَّلواتُ والطَّيِّباتُ، السَّلامُ عليْكَ أيُّها النَّبيُّ، ورحمةُ اللهِ وبرَكاتُهُ، السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصَّالحينَ، أشْهدُ أن لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وأشْهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ" صححه الألباني. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيتشرَّف النبي -صلى الله عليه وسلم- بعبادته لربه.

    ويعيش كذلك في دنياه عيشة العبد الذي لا يرفع رأسه إلا بأمر سيده، العبد الذي لا يتعالى على أحد من خَلْق سيده -سبحانه وتعالى-، هو الذي كان يقول -صلى الله عليه وسلم-، رجاءً طلبًا لو سمحت لا تنسَ ونحن نتكلم عن رسول الله أن تُصَلِّي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
    اسمع لتتعلم كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعيش عبدًا كما روى أبو يعلى من حديث عائشة، وصححه الألباني في صحيح الجامع، أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "آكُلُ كما يأكلُ العبدُ، وأجلِسُ كما يجلِسُ العبدُ" صححه الألباني، هو النبي يقصد العبيد اللي هم يعني المَوالي اللي هم المساكين، يعيش النبي عيشهم، يأكل النبي مثلهم، يشرب النبي شربهم، يمشي النبي مشيتهم، يجلس النبي جلستهم.
    فيعيش النبي -صلى الله عليه وسلم- وسط الناس عبدًا لله؛ ليرفعه الله -جل وعلا- بتلك العبودية، ويعيش النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي ربه -جل وعلا- عبدًا ليرفعه الله -جل وعلا- بتلك العبودية.

    هو عبدٌ وسط الناس، متواضع، خافض للجناح بأمر ربه، كما قال الله -جل وعلا-: "وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" الشعراء:٢١٥. فيعيش النبي -صلى الله عليه وسلم- عبدًا يخفض الجناح لِمَن اتبعه من المؤمنين، يكون كما قال الله -جل وعلا-: "مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ" الفتح:٢٩.

    أولًا: حال النبي صلى الله عليه وسلم بين الناس ومعهم
    • طمأنة مَن يهابه بكل تواضع
    لما دخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلًا فارتعد، الرجل دا داخل على مين؟ على سيد الأولين والآخرين، على القائد الأعلى للقوات المسلحة الإسلامية، على رئيس الدولة الإسلامية، يدخل هذا الرجل على قائد الأمة المحمدية، محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يدخل الرجل فتأخذه رجفة، أنت لو دخلت على قاضي بتبقى قلقان، لو دخلت على أستاذ في الجامعة فبتبقى مرعوب، الراجل دا دخل أول مرة يقابل النبي -صلى الله عليه وسلم- فأول ما دخل ارتعش، ارتعد يعني من هيبة النبي -عليه الصلاة والسلام-.
    فقال له رسول الله: "هوِّنْ عليكَ.." أنت قلقان ليه؟ أنت خايف ليه؟ أنت فاكرني..، "هوِّنْ عليكَ، فإِنَّي لستُ بمَلِكٍ، إِنَّما أنا ابنُ امرأةٍ من قريشٍ، كانتْ تأكُلُ القَديدَ" صححه الألباني، أنت قلقان مني ليه دا أنا زَيّي زَيَّك، دا أنا عبد، دا أنا على قَدّ حالي خالص، دا أنا مسكين، أنا بحاول أعيّشك الكلام بس لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "إنما أنا عبد، أنا ابن امرأةٍ من قريش كانت تأكل القديد"، دا أنا أنت فاكرني مين، أنت فاكرني يعني ابن الأكابر؟ دا أنا أمي كانت بتأكل اللحمة اللي منشورة متنشّفة في الشمس، يعني على قَدّ حالنا خالص.
    يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- يتواضع له ليُهَوِّن عليه، هذا هو النبي العبد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يرفعه الله بذلك، يرفعه الله -جل وعلا- بذلك.


    • طلبه صلى الله عليه وسلم من أصحابه ألا يُطْروه
    بل لما دخلوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- ورفعوا قَدْره وأخذوا يتكلمون فيه مَدْحًا ورِفْعَةً، وهو أحقُّ بذلك صلى الله عليه وسلم، قال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- كما عند البخاري من حديث ابن عباس قال سيد الناس صلى الله عليه وسلم، سيد الناس يقول: "لا تطروني.." يعني لا ترفعوني فوق قدري، لا تُعَظِّموني "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد".
    هو اللي قال كده، هو اللي علمنا كده يعني عنوان لقائنا النبي صلى الله عليه وسلم عبد هو النبي اللي قال ذلك "لا تُطْرُوني كما أَطْرَتِ النصارى ابنَ مريمَ، فإنما أنا عبدٌ، فقولوا.." مش بقول لك أحب كلام النبي كده، ".. فقولوا، عبدُ اللهِ ورسولُه" صححه الألباني.
    شوف النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل ما يقول لهم "أنا رسول الله" قال لهم "أنا عبد"، عشان اللي خايف من كلمة رسول الله، اللي قلقان من هذا الشرف العظيم، فممكن يبقى قلقان وهو بيكلم النبي -عليه الصلاة والسلام- يعرف الأول إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله.

    • دعاؤه صلى الله عليه وسلم بأن يكون مع المساكين
    بأبي أنت وأمي يا رسول الله يدعو ونحن ندعو كما دعا -صلى الله عليه وسلم- كما روى الترمذي وابن ماجة من حديث أبي سعيد وحسنه الألباني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا: "اللَّهمَّ أحيني مسْكينًا، وأمتني مسْكينًا، واحشرني في زمرةِ المساكين" صححه الألباني،
    يُعَلِّق الشيخ الألباني على هذا الحديث الذي حسَّنه: لم يقصد النبي -صلى الله عليه وسبلم- أن يدعو الله أن يكون فقيرًا، يعني مش معنى مسكين هنا فقير، إنما معنى مسكين يعني يعيش عيشة المساكين من التواضع والزهد وخفض الجناح للمؤمنين، هذا فحوى كلام الألباني -رحمه الله تعالى-.
    الشاهد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا أن يكون عيشه كما قال: "آكُلُ كما يأكلُ العبدُ" صححه الألباني. يعني يعيش بسيط.
    • مشيه صلى الله عليه وسلم وسط الناس وركوبه الحمار
    يمشي النبي -صلى الله عليه وسلم- وسط الناس، لا يجلس في قصر أو في فيلا أو يركب مركبًا فخمًا، إنما يمشي وسط الناس، يركب الحمار، "كان يُرْدِفُ خلْفَهُ .. ويركَبُ الحمارَ" صححه الألباني.
    الحمار دا بالنسبة لنا يعني زمان كان فيه ناقة وفيه فرس، الحمار دا زي العجلة دلوقت، النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يركب الحمار ويُرْدِف خلفه غيره.
    • تلبية الدعوة ولو من ضعيف فقير
    النبي -صلى الله عليه وسلم- العبد كان إذا دعاه عبدٌ ضعيف أجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأكل عنده، يدعوه أنس بن مالك يقول: "أنَّ جدَّتَه مليكةُ دعت رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لطعامٍ صنعتْه.." فيأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- عند أم أنس، ومعها أنس، ومعه اليتيم.
    ".. فأكل منهُ ثم قال: قوموا فأصلي لكم، قال أنسُ بنُ مالكٍ: فقمتُ إلى حصيرٍ لنا قد اسودَّ من طولِ ما لبس. فنضحتْه بماءٍ. فقام عليهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وصففتُ أنا واليتيمُ وراءَه. والعجوزُ من ورائنا. فصلى لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ركعتينِ. ثم انصرف" صحيح مسلم.

    ليصلي النبي صلى الله عليه وسلم -كما يقول أنس- على حصيرٍ بالٍ لنا من كثرة الحركة عليه، يعني حصيرة قدمت اسودّت كما قال أنس، حصير اسوَدّ، عارف الحصيرة لما يمشوا عليها عشر سنين بتسودّ وتتلزق وتتقطع، النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل وصلَّى عليها -عليه الصلاة والسلام-.

    • الأكل بتواضع وسكينه
    النبي ما كان يأكل مُتَّكِئًا، ما ياكلش وهو ساند كده، إنما يجلس ويأكل بتواضع وسكينة، هذا هو النبي العبد.
    • السلام على الأطفال في الطرقات
    النبي كان إذا مشى في الطريق يُسَلِّم على الأطفال، حد بيعملها مننا دلوقت؟ النبي كان إذا مشى يسلّم على الأطفال.
    • كان صلى الله عليه وسلم يخصف نعله ويرقّع ثوبه
    النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخصف بيده نعله أعزك الله الجزمة الحذاء اللي معكوك من الأرض النبي بيمسكه ويدخل إيده والإبرة تعمل في إيده ويحاول يزقّها ويخيّط بنفسه الجزمة، مش لما تتقطع يرميها، النبي يخيطها بإيده "يخصِفُ النَّعلَ، ويَرْقَعُ الثَّوبَ، ويَخِيطُ" صححه الألباني. ويرقع ثوبه يعني لابس ثوب مرقع وهو اللي يرقعه بإيده عليه الصلاة والسلام، النبي هكذا عبد.
    • كان صلى الله عليه وسلم يحلب الشاة بنفسه
    النبي -صلى الله عليه وسلم- يحلب الشاة بيده، يا الله، أنا متخيل الشاة اللي هي قريبة من الأرض النبي يقعد لها تحت -عليه الصلاة والسلام- ويوطّي النبي -عليه الصلاة والسلام- ويحُطّ إيده تحتها ويوطّي رأسه ويحلبها وهي رفيعة كده -عليه الصلاة والسلام-، بأبي أنت وأمي ونفسي يا رسول الله، مدرسة في الأدب والعبودية لله -جل وعلا- مدرسة في التواضع، النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد.


    تواضع لله فرفع الله ذكره وأعلى شأنه

    النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد، يعيش عيشة العبيد لله -جل وعلا-، لكن الله -جل وعلا- رفعه ورفع ذِكْره، ورفع شأنه فوق العالمين، فلا يُذْكَر اسم الله -جل وعلا- في أذان إلا ويُعقب بذِكْر اسم النبي -صلى الله عليه وسلم- وعدًا من الله -جل علا-، ووعدًا من رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
    "مَنْ تواضعَ للهِ رفَعَهُ اللهُ" صححه الألباني. فعاش النبي -صلى الله عليه وسلم- عبدًا متواضعًا فرفعه الله -جل وعلا- ورفع ذكره دون أن يسأل.
    خلّي بالك سيدنا إبراهيم دعا الله -جل وعلا- قال: "وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ" الشعراء:٨٤. يعني يا رب ارفع ذِكْري في اللي جايين ورايا، النبي ما دعاش، الله -جل وعلا- هو الذي أعطاه دون أن يسأل "أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ" الشرح:١:٤، ورفعنا بنون العظمة، فرفع الله -جل وعلا- ذِكْرَه دون أن يسأل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- عاش عيشة العبد.
    هذه عبودية النبي -صلى الله عليه وسلم- عبودية التواضع وسط الناس.


    ثانيًا: حال النبي صلى الله عليه وسلم مع ربه

    - عاش عبدًا لله قبل أن يدعو الناس لذلك
    أما عبوديته مع الله -جل وعلا- فشيءٌ آخر يكاد لا يخطر بالبال ولا يدور بالخيال، النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد، عبد لله. فلو سألت عن المصلين هو أول الداعي إلى الصلاة، وقبل أن يدعو بلسانه يرى الناس صلاته بأعينهم، النبي -صلى الله عليه وسلم- أول الخاشعين، وقبل أن يُعَلِّم الناس الخشوع تسبق عَبَرَاته عِبَاراته، وتسبق دموعُه كلماته، وتسبق أفعالُه أقوالَه، بأبي أنت وأمي ونفسي يا رسول الله.
    النبي -صلى الله عليه وسلم- يحثّ الناس على الصيام وهو يتابع الصيام، النبي يدعو الناس للحج وهو في مقدمة الحج، النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو الناس للصلاة وهو أول المُصَلّين، يحثّ الناس على قيام الليل وهو أول القائمين، يُذَكِّر الناس بذِكْر الله وهو أكثر الذَّاكرين، يأمر الناس بالاستغفار وهو أول وأكثر المستغفرين -صلى الله عليه وسلم-، النبي يأمر الناس بقيام الليل وهو أول القائمين حتى تتفطر قدماه.
    أنا عارف أنا عاوزك بس تعرف يعني إيه عبد، عبد لله بقى، وشوف النبي -عليه الصلاة والسلام- بيرسم لك العبودية عمليًّا أمام عينك، عاش النبي -صلى الله عليه وسلم- عبدًا لله -جل علا- قبل أن يُذَكِّر الناس بتلك العبودية، بأبي أنت وأمي ونفسي يا رسول الله.


    كان صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تتفطر قدماه وتسيل منها الدماء

    كلكم يحفظ كما ثبت في الصحيحين حديث عائشة حين رأت النبي -صلى الله عليه وسلم- "يقومُ منَ الليلِ حتى تتفَطَّرَ قدَماه" صحيح البخاري، هل تعلمون أنه ثبت اسمع دي ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قام الليل حتى سال الدم من رجليه، بأبي أنت وأمي ونفسي يا رسول الله.
    هو دا النبي العبد، يعني مش رجله ورمت بس، مين فينا صلى لغاية ما رجله ورمت؟ مين فيكم قام الليل مرة أقصى واحد يقول أنا صليت وضهري وجعني شويَّة، أنا صليت ورجلي وجعتني شويَّة، إنما صلّيت ورجلك ورمت انتفخت؟ دا النبي -عليه الصلاة والسلام- رجله من كثرة الوقوف انتفخت بالدم، بل والشعيرات فرقعت حتى سال الدم من رجليه، اللي بيقف شوية كده مُدَرِّس ولّا حلّاق ولّا حاجة يلاقي شويّة دوالي في رجله، النبي -عليه الصلاة والسلام- فرقعت، سال الدم من رجليه، ولم يتوقف عن صلاته.



    كان يحب أن يخلو بربه

    واستغربت عائشة من أعجب ما تسمع، علشان تتعلم العبادة من النبي -صلى الله عليه وسلم- العبد، ما ثبت عند ابن حبان وغيره بإسنادٍ صحيح صحَّحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وتَبِعَه ابن القيّم، وصححه الألباني -رحمه الله تعالى-، أن عطاء بن أبي رباح، وعبيد الله بن عمير، وعبد الله بن عمر، دخلوا على أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بزمن، وطبعًا ابن عمر كان حديث السن زمان النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعطاء بن أبي رباح وعبيد الله بن عمير ما رأوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا لها زوجة النبي عليه الصلاة والسلام، رضي الله عنها الصّدّيقة عائشة، قالوا لها:
    "أخبِرينا بأعجَبِ شيءٍ رأَيْتِه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم" تدبَّر الكلمة، حدّثينا بأعجب شيء رأيتِه مش سمعتِه، حدثينا بأعجب شيء رأيتِه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبكت -رضي الله عنها-، افتكرت عبادة النبي -عليه الصلاة والسلام-، افتكرت النبي العبد، فبكت. ثم قالت قام النبي -صلى الله عليه وسلم- في ليلةٍ فقمتُ في إثره، خَلِّي بالك دي أَحَبّ زوجاته إليه، تقول: قام النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة وهو عندها في البيت، فقمتُ في إثره يعني قامت تشوفه رايح فين.
    قالت: فإذا النبي يتوضأ ولا يُكْثِر صَبّ الماء، تقول: ثم أتى وعائشة وراءه، فقال لها: "يا عائشةُ ذَرِيني أتعبَّدِ اللَّيلةَ لربِّي"، شوف النبي العبد، بيقول لها سيبيني شويَّة مع ربنا.

    احنا اتكلمنا في الأول النبي عبد مع الناس التواضُع والبَذْل وخَفْض الجناح، دلوقت عبد مع ربه، يترك محابّه لأجل ربه حبيبه الأعظم، يترك فراش أحبّ زوجاته إليه، وهي تنتظره وتناديه، يقول لها: "ذَرِيني أتعبَّدِ اللَّيلةَ لربِّي".
    اسمع بقى تقول له إيه، تقول له عائشة: "واللهِ إنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَك وأُحِبُّ ما سرَّك.." صحيح ابن حبّان.
    هي عارفة إنّ اللي يفرّح النبي إنه يكون عبد الله، إن اللي يفرّح النبي إنه يخلو بربه، إنّ اللي يفرّح النبي إنه يبعد عن الدنيا كلها ويخلو بربه.

    خلّي بالك ثبت عند ابن سعد في الطبقات -دي على الهامش- ثبت عند ابن سعد في الطبقات بإسنادٍ جيّد، أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا وَلَدَته أمه شخص ببصره إلى السماء، في أول ما اتولد، كأنه يقول للدنيا أنا بتاع ربنا، أنا عبد للي فوق، أنا عاوز أخلو بربي.

    وقبل أن ينزل عليه الوحي -عليه الصلاة والسلام- وهو مع زوجته خديجة التي ما وُجِد في قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- امرأةٌ من زوجاته أحبّ إلى قلبه منها، حتى عائشة؟ حتى عائشة، يتركها النبي -عليه الصلاة والسلام- ليالي، مش مسافر علشان يجيب فلوس، ولا رايح علشان رحلة سياحيّة، ولا ماشي يلعب مع الشباب، لا، لا، يتركها النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى قمّة غار حِرَاء، حُبب إليه التَّحَنُّث أيْ التَّعَبُّد، كما ثبت عن البخاري من حديث عائشة "ثم حُبِّب إليه الخلاءُ، وكان يخلو بغارِ حِراءَ، فيتحنَّثُ فيه" صحيح البخاري. وتفسّر عائشة الكلمة دي تقول حُبِّب إليه التَّحَنُّث، قال: أيْ التَّعَبُّد في الحديث، غير قَوْل عائشة، بيفسّروها أيْ التَّعَبُّد.
    فالنبي صلى الله عليه وسلم قبل النبوَّة قبل الرسالة قبل ما يتعرّف على ربنا بيجري علشان يتعرّف على ربنا، بيحب التَّعَبُّد لله، يعلم أنَّ للكون إلهًا أعلى من الجميع، فيعلو النبيّ، يريد أن يقترب منه، يتعبَّد لربه، حُبِّب إليه هذا التَّعَبُّد.

    فالسيدة عائشة نرجع لحديثنا، تقول: قام النبي عليه الصلاة والسلام؛ فقمت في إثره، فقال: "يا عائشةُ ذَرِيني أتعبَّدِ اللَّيلةَ لربِّي" قُلْتُ: واللهِ إنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَك وأُحِبُّ ما سرَّك قالت: فقام فتطهَّر ثمَّ قام يُصَلِّي..".

    لما كنت بجيب أتكلم عن السيدة عائشة وهي تصلي الضحى، وتقرأ قَوْل الله -جلَّ وعلا-: "فَمَنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ" الطور:٢٧. وييجي ابن أخيها القاسم بن محمد ييجي يريد حاجة منها، فيراها تصلي وتبكي وتقرأ هذه الآية، يروح يقضي حاجته ويمشي ويشتري ويرجع، حتى إذا قرب الظهر يرجع لعمّته عائشة فإذا هي لا زالت تُصَلِّي على هيئتها وتقرأ نفس الآية، لا تفارقها وتبكي، كنت بقول لنفسي السيدة عائشة عملت الكلام دا ليه؟ شافته في النبي -عليه الصلاة والسلام- عمليًّا.
    "ذريني أتعبَّد لربي"، ووقف النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي، تقول عائشة:
    "فلم يزَلْ يبكي حتَّى بَلَّ حجرَه، قالت: ثمَّ بكى فلم يزَلْ يبكي حتَّى بَلَّ لِحيتَه قالت: ثمَّ بكى فلم يزَلْ يبكي حتَّى بَلَّ الأرضَ، فجاء بلالٌ يُؤذِنُه بالصَّلاةِ، فلمَّا رآه يبكي قال: يا رسولَ اللهِ لِمَ تَبكي وقد غفَر اللهُ لك ما تقدَّم وما تأخَّر؟ قال: أفلا أكونُ عبدًا شكورًا، لقد نزَلَتْ علَيَّ اللَّيلةَ آيةٌ، ويلٌ لِمَن قرَأها ولم يتفكَّرْ فيها "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ" الآيةَ كلَّها" صحيح ابن حبّان.

    قالت فرجع إليّ، فقالت: يا رسول الله أتفعل هذا وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ السيدة عائشة بتقول له شايفاه وهو عبد لله بيبكي "أتفعل هذا وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟" قال: يا عائشة أفلا أُحِبُّ أن أكون عبدًا شكورًا؟ يا عائشة لقد نزلت عليَّ الليلة آيات من القرآن ويلٌ لِمَن قرأها ولم يتفكَّر فيها "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ" آل عمران:١٩٠،١٩١.


    والله هذه الآيات تحكي فِعْل النبي -صلى الله عليه وسلم- وعبوديته لربه، "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا" النبي كان بيقرأ الآيات دي وهو بيبُصّ في السماوات والأرض، "رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"، والله أنا مُسْتَحْضِر وأنا أقول هذه الآيات مُسْتَحْضِر النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يتعبَّد ربه، وهو يقرؤها قبل أن يقوم الليل، يقرؤها وهو يتوضأ.
    "رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ * رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ" آل عمران:١٩١:١٩٤.

    ثم يسأله بلال نفس السؤال: يا رسول الله تصنع هذا، رجلك تورم، يسيل الدم من رجليك، تتعبد ربك، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيعيد النبي على بلال، يعيد النبي -صلى الله عليه وسلم- على بلال -رضي الله عنه- قائلًا: "يا بلال أفلا أحب أن أكون عبدًا شكورًا".
    هذا هو النبي العبد -صلى الله عليه وسلم-.


    النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في تدبر القرآن والتفاعل معه

    يسأله أبو بكر ويسأله عمر كما عند الترمذي بإسنادٍ صحيح في عدَّة رواياتٍ ثابتةٍ صحَّحها وحسَّنها الألباني في صحيح الجامع، مش رواية واحدة، حوالي تلات أحاديث ورا بعض، لما رأى أبو بكر ورأى عمر أنَّ الشَّيْب قد خَطَّ في شَعْر النبي ولحيته، فقالوا: "يا رسول الله نرى الشَّيْب قد أسرع إليك"، أنت شِبْت بدري، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "شيَّبتني هودٌ وأخوَاتُها قبل المشيبِ" صححه الألباني.
    قبل أن يُعلّم النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة قراءة القرآن، وقبل أن يُدَرِّبهم على الخشوع مع قراءة القرآن، وقبل أن يقول لهم: لا خير في عين لا تبكي، قبل أن يعلّمهم ذلك يعلّمهم ذلك عمليًّا، فيشيب شعر النبي، وتنزل دموعه على وجنتيه حين يقرأ القرآن، لا سيّما سورة هود وأخواتها من المُفَصّل، وأخواتها مِن "إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ" و "وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا" و "عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ" و "إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ".
    قبل أن يُعَلِّم النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الصحابةَ الخشوعَ يَرَوا دموعه في عينه، ويروا الخشوع قد ملأ بدنه وجسده، ويحسّون بما في قلبه.
    فكان النبي إذا صلى يُسمع لصوته نشيج، "لِجوفِهِ أزيزٌ كأزيزِ المِرجلِ منَ البُكاءِ" صححه الألباني، تلك هي عبادة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

    النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في قيام الليل

    فهذا هو النبي -صلى الله عليه وسلم- العبد، بأبي أنت وأمي ونفسي يا رسول الله، قبل أن يدُلَّ الناس على قيام الليل، قبل أن يقول للناس قوموا الليل، إذا بحذيفة بن اليمان -كما ثبت في صحيح مسلم- يرى نبيه -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي، يتعبَّد ربه لوحده -عليه الصلاة والسلام-، فيريد حذيفة أن يُصَاحِب النبي في قيامه، يقول حذيفة: "فوقفتُ بجوار النبي -عليه الصلاة والسلام-.."
    شوف بقى النبي العبد، لوحده، حذيفة يقف جنب النبي يصلي، النبي بدأ يرفع صوته، يقرأ الفاتحة، ثم استفتح بالبقرة، يقول حذيفة: "صلَّيتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ ليلةٍ. فافتتح البقرةَ. فقلتُ: يركع عند المائةِ.." قال حذيفة، شوف بقى شوف ظَنّ الصحابي بعبادة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، قال حذيفة: ".. فقلتُ يركع عند المائة.."، حذيفة ظنّه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مش هيعدّي الركعة إلا لو قرأ مائة آية في ركعة، قال حذيفة: "ثم مضى.." عدَّى على الميّة، كمّل بعد الميّة، فقلتُ، حذيفة بيقول في نفسه وهو بيصلي، "فقلتُ: يصلي بها في ركعةٍ"، يعني النبي هيصلّي في ركعة بسورة البقرة كلها، قال: "فمضى. فقلتُ: يركع بها. ثم افتتح النساءَ فقرأها. ثم افتتح آلَ عمرانَ فقرأها. يقرأ مُترسِّلًا.."

    يعني ممكن تقول هحاول أعمل زَيّ النبي -عليه الصلاة والسلام- صَحّ؟ أقرأ خمس أجزاء، البقرة، وآل عمران، والنساء، أقرأها في ركعة، ممكن تحاول تعمل زَيّ النبي -عليه الصلاة والسلام-، بس أنت قاعد تقرأ بسُرْعَة، وكُلّ شويّة تقلّب في الصفحات عاوز تخلّص بسرعة علشان تركع، ضهرك وجعك، النبي لا، يقول حذيفة: يقرأ النبي مسترسلًا، بالرّاحة، دا مش بالرّاحة بس، حذيفة بيقول:

    "إذا مرَّ بآيةٍ فيها تسبيحٌ سبَّحَ. وإذا مرَّ بسؤالٍ سأل. وإذا مرَّ بتعوُّذٍ تعوَّذَ.." كده يعني الآية اللي تتكلم عن الجنة يقعد النبي يقول: أسألك الجنة، أسألك الفردوس الأعلى من الجنة، آية فيها نار، اللهم أجرني من النار، اللهم باعد بيني وبين النار، اللهم قِنِي عذابك يوم تبعث عبادك.
    يعني ما يعدّيش على آية فيها سؤال إلا يسأل، آية فيها رجاء إلا يرجو، آية فيها استعاذة إلا يستعيذ.

    قال حذيفة: "ثم ركع.."، يعني بعد كل دا ركع، ".. فجعل يقول: سبحانَ ربيَ العظيمِ، فكان ركوعُه نحوًا من قيامِه. ثم قال: سمع اللهُ لمن حمدَه، ثم قام طويلًا. قريبًا مما ركع. ثم سجد فقال: سبحان ربيَ الأعلى، فكان سجودُه قريبًا من قيامِه" صحيح مسلم، دي ركعة واحدة صلّاها حُذَيفة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ليرسم النبي -صلى الله عليه وسلم- لنا عمليًّا العبودية، هذا هو النبي العبد في قيامه لليل صلى الله عليه وآله وسلم.




    النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في الاستغفار

    النبي مغفور له صح؟ وهل تعلم أنت للنبي ذَنْبًا أصلًا؟ يعني النبي مغفور له، طب أنت تعرف للنبي ذنب؟ تعرف النبي سهر سهرة غلط؟ تعرف النبي قال كلمة غلط؟ حاشاه -صلى الله عليه وسلم-، تعرف النبي نظر نظرة غلط؟ حاشاه -صلى الله عليه وسلم-، فلقد زكّاه الله في سمعه وبصره وفؤاده وقلبه وصدره وعمله وجليسه -عليه الصلاة والسلام-، زَكَّاه يعني طَهَّره، طهره من كل ذلك.
    وأنزل عليه قَوْله تعالى "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّـهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ" الفتح:١،٢. وإنْ لم نَعْلَم له ذنبًا، فالله قال: "وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ" المائدة:٦٧. وشيطان النبي أعانه الله عليه فأسلم.

    لكنه قبل أن يحثّ الصحابة على الاستغفار من الذنب يستغفر هو مِن ذَنْبِه وإنْ لم نَعْلَم له ذَنْبًا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين وهذه رواية مسلم من حديث أبي هريرة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، شوف عبادة النبي: "يا أيها الناسُ! توبوا إلى اللهِ.." اسمع، ".. فإني أتوبُ في اليومِ إليه مائةَ مرةٍ" صحيح مسلم.
    قبل ما يقول لهم توبوا يقول لهم أنا قبلكم بتوب في اليوم الواحد مية مَرَّة، النبي له كل يوم مية توبة، مية توبة علشان لما أقول لك توب تقول لي هو أنا عملت حاجة؟ هو ربنا قال: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّـهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" النور:٣١. يعني مش معنى إني بقول لك توب يبقى أنت وحش، أبدًا، النبي -عليه الصلاة والسلام- بيتوب كل يوم مية مرة.

    دا ابن عمر بيقول كما رواه أصحاب السنن بإسناد صححه الألباني، قال: كنا نعدّ للنبي في المجلس الواحد، في القعدة الواحدة، شوف بقى عبادة النبي في المجلس الواحد أن يقول، مين اللي بيقول؟ دا النبي، هو قاعد، قاعد يعمل إيه؟ قاعد بيذكّر الناس، بيحدّث الناس، بيعلّم الناس، بياخد بقلوب الناس إلى الله، مش قاعد في معصية، ولا في فسحة، ولا على بلاچ، أبدًا، دا قاعد في الطاعة والعبادة والدعوة وتبليغ الرسالة، والنبوة.
    ومع ذلك يقول ابن عمر:
    "إن كنَّا لنعدُّ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في المَجلِسِ الواحدِ مائةَ مرَّةٍ: ربِّ اغفر لي، وتُب عليَّ، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ" صححه الألباني، ربّ اغفر لي وتُب عليّ إنك أنت التَّوَّاب الرحيم مائة مرة.
    أنت حضرتك يا صاحب الذَّنب العظيم، يا اللي ما تعرفش تعدّ أذنبت النهارده كام مرة، يا اللي ما تعرفش تعدّ نظرت كام نظرة مُحَرَّمة في الشارع، ولا في التليفزيون، ولا على النت، ولا على الفيس، ولا في المحمول، ولا في رسائل الواتس، ما تعرفش تعدّ، قُلْت الاستغفار دا النهارده ربّ اغفر لي وتُب عليّ إنك أنت التَّوَّاب الرحيم مية مرة؟ النبي قاله مية مرة في جلسة واحدة، تبقى أنت تقول كام؟ هذا هو النبي العبد.

    النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في الصوم

    النبي قبل أن يحثّ الناس على الصيام تقول عائشة: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يصوم حتى نقول: لا يُفطرُ" صحيح مسلم، من كثرة مواصلة النبي للصيام نقول لا يفطر.

    النبي -عليه الصلاة والسلام- يأتي وقت الإفطار فيُفطر الصحابة ويواصل النبي الصيام، يواصل النبي الصيام، فالصحابة حاولوا يعملوا زَيّ النبي، قال لهم: "إني لستُ مثلَكم، إني.." أواصل الصيام ليه؟ ".. إني أَبِيتُ يُطعِمُني ربي ويَسقيني" صحيح البخاري، قبل ما يقول لهم صوموا هو اللي يصوم -عليه الصلاة والسلام-، بل تقول: "يصوم حتى نقول لا يُفطر".

    يسافر النبي مع الصحابة سفر، والنبي قال: "السفرُ قِطعةٌ من العذابِ" صحيح البخاري ومسلم. وسفر في الصحراء وفي رمضاء وفي الحر وشيل وتعب والصحابة يفطرون، ".. وما منا أحدٌ صائمٌ، إلا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعبدُ اللهِ بنُ رَواحةَ" صحيح مسلم، يعلّمهم درسًا في الصيام، هو دا النبي العبد.



    النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في الحج

    النبي -صلى الله عليه وسلم- يحجّ، يقول للصحابة حجّوا وهو معهم، أيّ حركة هو معهم، النبي -عليه الصلاة والسلام- بيحج وهو عنده كام سنة يا إخواننا؟ تلاتة وستين سنة، اللي بيحجّ وهو عنده تلاتة وستين سنة بيدوّر على رُخَص، وعاوز ينفر في آخر الليل علشان يروح يرمي الجمرات قبل الناس، وعاوز يقدّم ويؤخر، ويدوّر على الأعذار، ومش قادر يبات في مزدلفة، وعاوز يفدي ومش قادر يروح يوم التروية عاوز يروح على عرفة علطول، ومش قادر يروح يطوف، يؤجّل الطواف، وبيدوَّر على حد يزقّه وهو بيسعى، النبي تلاتة وستين سنة ويفعل كل شيء يفعله الحاج في أشدّ قُوَّته، بل ويقول للصحابة: "خُذُوا عَنِّي مناسكَكم" صححه الألباني، هذا هو النبي العبد.

    النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في الإسراع إلى الصلاة
    النبي -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّم الصحابة الصلاة، فيقول: "جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيني في الصلاةِ" صححه الألباني. أيّ موقف النبي علطول بسرعة على الصلاة، "كانَ إذا حزبَهُ أمرٌ فزعَ إلى الصَّلاةِ" أشار إلى صحته العلامة أحمد شاكر. النبي وسط أهله ومع عائشة وحبيبته ومع أولاده حتى إذا سمع الأذان قام إلى الصلاة كأنَّا لا نعرفه ولا يعرفنا.


    ​​​​​​​
    الخاتمة

    النبي -صلى الله عليه وسلم- الداعية الأول وقبل أن يدعو يعبد الله ليُعلّم الناس بدعوته عمليًّا كما قلت لكم تسبق عَبَراته عباراته، وتسبق عبادته تعليمه، وتسبق أفعاله أقواله، هكذا عاش النبي وسط الناس عبدًا متواضعًا ومع ربه -جل وعلا- عبدًا ذليلًا بين يديه -سبحانه وتعالى- ليعزّه الله -جل وعلا- في الدنيا، وليرفعه الله -جل وعلا- في الدنيا والآخرة، إنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النبي العبد.

    نسأل الله -جل وعلا- أن يعيننا وإياكم على التأسِّي به، وعلى الاقتداء به، وعلى السَّيْر وراءه، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه، ونسأله -جل وعلا- بحبّنا له وإن قَصَّر بنا عملنا أن يجمعنا به في أعلى جنات الخُلْد إنه ولي ذلك والقادر عليه.
    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


    تم بحمد الله

    ​​​​​​​
    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36

    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.


    ​​​​​​​
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق


    • #3
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      لقاء رائع
      اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد
      جزاكِ الله خيرًا وبارك فيكِ.


      رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

      اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


      ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة آمــال الأقصى مشاهدة المشاركة
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        لقاء رائع
        اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد
        جزاكِ الله خيرًا وبارك فيكِ.
        اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت. اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون.

        الداعية مهمته الأساسية أن يربح نفسه أولا.. ويحسن إلى نفسه أولا
        بقية المقال هنا

        تعليق


        • #5
          جزاكم الله خيرا
          اللهم صّلِ وسَلّمْ عَلۓِ نَبِيْنَا مُحَمد ﷺ
          يا الله
          علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة

          تعليق


          • #6
            جزاكم الله خيرًا -- رابط التفريغ Word لايعمل

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة *أمة الرحيم* مشاهدة المشاركة
              جزاكم الله خيرًا -- رابط التفريغ Word لايعمل
              وخيرا جزاكم
              تم تعديل الرابط
              اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

              تعليق


              • #8
                جزاكم الله خيرًا

                تعليق

                يعمل...
                X