إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللقاء الثامن والعشرون | تفسير سورة المجادلة (1) للدكتور أحمد عبدالمنعم | بصائر3

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللقاء الثامن والعشرون | تفسير سورة المجادلة (1) للدكتور أحمد عبدالمنعم | بصائر3



    وقفات مع سورة المجادَلة أو المجادِلة، هذه السورة العظيمة، السورة المدنية التي نزلت؛ لتنظيم أحوال المسلمين في مجتمع المدينة.





    اللقاء الثامن والعشرون | تفسير سورة المجادلة (1) للدكتور أحمد عبدالمنعم | بصائر3




    تفضلوا معنا في تحميل الدرس بجميع الصيغ



    رابط الدرس على الموقع وبه جميع الجودات

    http://way2allah.com/khotab-item-136645.htm


    رابط صوت mp3

    http://way2allah.com/khotab-mirror-136645-217678.htm

    رابط الجودة hd

    http://way2allah.com/khotab-mirror-136645-217677.htm

    رابط يوتيوب



    رابط ساوند كلاود

    https://soundcloud.com/way2allahcom/tafseer-mogadala-1


    رابط تفريغ بصيغة pdf

    http://way2allah.com/khotab-pdf-136645.htm


    رابط تفريغ بصيغة word

    https://archive.org/download/mojadal...84%D8%A9-1.doc


    لمشاهدة جميع دروس الدورة وتحميلها على هذا الرابط:

    http://way2allah.com/category-585.htm


    | جدول دورة بصائر لإعداد المسلم الرباني | الجزء الثالث |


    موضوع مخصص للاستفسارات الخاصة بالدورة العلمية " بصائر3 "


    لقراءة التفريغ مكتوب
    تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله.
    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 03-11-2017, 09:13 PM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.


  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أهلًا بكم في هذه الحلقات من تفسير أو وقفات مع سورة المجادَلة أو المجادِلة، هذه السورة العظيمة، السورة المدنية التي نزلت؛ لتنظيم أحوال المسلمين في مجتمع المدينة.
    هذه السورة سنحاول بإذن الله -عز وجل- أن نقف معها وقفات في هذه الحلقات الثلاث بإذن الله -سبحانه وتعالى-.

    طبعًا نظرًا إن السورة قد يطول التعامل معها والوقفات مع آياتها بالتفصيل فإحنا هنحاول إنّ احنا نقسّم السورة لتلات أجزاء أو تلات مقاطع، طبعًا التقسيم دا اجتهادي مش توقيفي يعني هنحاول بس إنّ احنا نعيش مع كل مقطع كموضوعات أكتر منها كوقفات مع الآيات. الوقفات مع الآيات قد تكون وقفات بلاغية، وقفات في أسباب النزول بالتفصيل، دا موجود بفضل الله -سبحانه وتعالى- بجهد العلماء المفسرين، تفسير الطبري، ابن كثير، وغيره من التفاسير اللي إن شاء الله هنحيل عليها بإذن الله -عز وجل- أثناء الشرح، إحنا هنحاول إنّ احنا نخرج بمواضيع نعيشها مع هذه السورة، هنقسّم السورة لتلات مقاطع.

    وقفات مع موضع سورة المجادلة
    قبل ما نتكلم على المقطع الأول اللي هنبدأ فيه النهارده بإذن الله -سبحانه وتعالى- عايز الأول بس موضع سورة المجادلة، هذه السورة في الجزء التمانية وعشرين استفتاح الجزء التمانية وعشرين، بل قد يُسَمَّى بجزء "قد سمع" اللي هي بداية السورة "قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا" المجادلة:١. فممكن حتى السورة نفسها تُسَمَّى سورة "قد سمع"، أو الجزء يُسَمَّى بهذا المطلع المهيب اللي هنتكلم عنه إن شاء الله.
    • لن يتكون المجتمع المسلم بدون تضحية وبذل
    موقع السورة أول الجزء التمانية وعشرين، وبعد سورة الحديد. سورة الحديد سورة قتال، بَذْل، فيها إنفاق، فيها جهاد، فيها كلمة النور تكرَّرت كتير، فبعد دايمًا المجاهدة والبذل لنشر الدين بيتكوّن عندنا المجتمع المؤمن، ففيه هنا إشارة إنّ هذا المجتمع المؤمن لن يتكون بدون بذل بدون جهاد بدون تضحية بدون إنفاق. لن يتكون مجتمع بدون بَذْل، فلو احنا عاوزين نقيم المجتمعات المؤمنة لا بُدّ أنْ نَبْذُل.
    • وقفات مع القضايا التي يعالجها هذا الجزء
    الوقفة التانية مع ترتيب سورة المجادلة أو الجزء كله التمانية وعشرين مع سورة الحديد إنّ أحيانًا إحنا بنبذل وأحيانًا فعلًا بتُقام المجتمعات لكن بنضيّع الفتح، بنضيّع بناء هذه المجتمعات بأخلاقنا سويًّا.

    لذلك لما ربنا -سبحانه وتعالى- أيضًا في ترتيب المصحف سورة محمد اللي هي اسمها سورة القتال، بعد كده سورة الفتح يعني القتال بيؤدّي إلى الفتح، بعد كده سورة الحجرات اللي فيها الكلام عن الأخلاق، فلو حبّينا نحطّ عنوان لسورة الحجرات ممكن نسمّيها "حتى لا يضيع الفتح"، الفتح اللي جِه بفضل الله بعد محمد بعد القتال ممكن نضيّعه بسوء أخلاقنا.
    فكذلك جُهْد سورة الحديد حتى لا يضيع تأتي هذه السورة بل الجزء كاملًا بيتكلم عن تنظيم المجتمع المسلم وترتيبه.

    فيه قضايا معيّنة منتشرة في الجزء دا، منها مثلًا:
    -التركيز على الأسرة المسلمة، السورة بدأت بقضية تبع الأسرة المسلمة وخُتِمَت بالأسرة، قضية أهمية اللبنة الأولى لبناء المجتمع اللي للأسف انهارت في الغرب، وأصبح انتشار -والعياذ بالله- الزنا والفواحش وعدم وجود هذه اللبنة متماسكة بيؤدي لانهيار المجتمعات، التركيز على قضية الأسرة.

    -نجد إن المرأة ذُكرت كثيرًا في هذا الجزء، بداية القصة مع امرأة، خِتام الجزء سورة التحريم "ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا.." التحريم:١٠. "لِّلَّذِينَ آمَنُوا.." التحريم:١١. امرأة، سورة المجادلة، سورة الممتحنة، سورة التحريم، سورة الطلاق، كلها قضايا بتتكلم على حاجات مع النساء، سواء انفصال غير شرعي زَيّ الظهار، أو انفصال شرعي زَيّ الطلاق، أو امتحان المرأة، بالرغم من إنّ البيعة اللي جات في سورة الممتحنة كان ممكن تتمّ مع الرجال دون شرط الزنا، يعني دون شرط خاص بالنساء، إلا أنها اتسمّت سورة الممتحنة والتركيز على قضية الامتحان للمؤمنات. فإذن الاهتمام بالنساء في هذا الجزء.

    -أيضًا ذِكْر المنافقين، وفيه كام ملاحظة موجودة في القرآن إنّ غالبًا ذِكْر النفاق بيكون مع ذِكْر النساء، زَيّ سورة النساء، سورة النور، الجزء التمانية وعشرين، كان فيه كلام عن حقوق النساء، كان فيه كلام عن قضايا تخصّ النساء، وفيه كلام عن المنافقين. لماذا؟
    لأن دائمًا وأبدًا المنافقون يستغلّون القضايا التي تخصّ المرأة، سواء قضايا الشهوات، سواء قضايا الحقوق، بيستغلّوا لهدم المجتمع هذه القضايا، فإحنا نكون على بيّنة.


    نجد إنّ لو حبينا نبصّ نظرة سريعة على الجزء قبل ما نبدأ في سورة المجادلة نجد إنّ سورة المجادلة زي ما هنتكلم عن تنظيم المجتمع المسلم، تربية المجتمع المسلم، الاحتراز من قضايا معينة هنذكرها بالتفصيل بفضل الله سبحانه وتعالى.
    فالمجتمع المسلم بادئ ينشأ لكن لسه فيه يهود، لسه فيه منافقين، لسه المجتمع مش خالص، مش متميّز تمامًا مجتمع مسلم، لذلك آخر سورة المجادلة:
    "لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ" المجادلة:٢٢. التميُّز التام.

    بعد كده ندخل في سورة الحشر بدأت المجتمعات تتلاقى، إنّ المجتمع حتى السابق المهاجرين بينضمّوا للأنصار "اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ" الحشر:١٠. يعني كَسْر حواجز المكان بين مكة والمدينة، كَسْر حواجز الزمان، فالأخوة الإيمانية تكسر حواجز المكان، تكسر حواجز الزمان. بدأ المجتمع المسلم يتكون في سورة الحشر، بدأ يحصل إنّ هم مع بعض فئة واحدة أمام المنافقين واليهود.

    تيجي سورة الممتحنة أيّ حد داخل للمجتمع دا لا بُدَّ إنه يُمْتَحَن، لا بُدّ إن هو يُنَقَّى.
    بعد كده تيجي سورة الصَّفّ، خلاص احنا بفضل الله بعد سورة المجادلة، وسورة الحشر، وسورة الممتحنة، أصبحنا صفًّا واحدًا.
    سورة الجمعة لا بُدّ إنّ احنا نجتمع على الطاعة، لا بُدّ إنّ احنا نجتمع على الخير، هذا الصَّفّ لا بُدّ أن يجتمع على الطاعة.
    ييجي بقى اللي بيحاول يخلخل الصف، سورة المنافقون، إنّ هم بيحاولوا يزعزعوا هذا الصَّفّ المؤمن.
    تيجي سورة التغابُن إنّ هذا المجتمع لا بُدَّ أن يترابط على طاعة، لا يكون هذا التجمُّع مجرد في لَغْو أو يؤدي إلى الغُبْن. لذلك بالرغم إنّ الجزء بيتكلم عن أهمية الأسرة، وبناء الأسرة المسلمة، والتماسُك بين الأسرة المسلمة، إلَّا إنّ في سورة التغابن من أسباب نزول بعض الآيات إنّ فيه ناس كانوا في مكة رفضوا الهجرة بسبب الأسرة، قعد مع زوجته قعد مع أولاده، أولاده وزوجته قالوا له هتسيبنا لمين؟ هتهاجر للنبي -صلى الله عليه وسلم- وتتركنا، وهم الزوجة رفضت إنّ هي تهاجر معاه؛ فقعد مع الزوجة، ومع الأولاد، ورفض الهجرة، وهاجر مُتأخِّرًا؛ فعُوْتِب، ونزلت آيات في القرآن لعتابه أنَّه تأخَّر في الهجرة؛ فلمَّا هاجر وجد أنَّ المؤمنين قد سبقوه في العلم وسبقوه في الإيمان، كاد أن يفتك بزوجته وأولاده، فنزلت الآيات أن يعفو ويصفح ويغفر لهم.


    الشاهد إنّ ماينفعش العلاقة بيننا يكون فيها تغابُن، لذلك إنّ لو حبينا كتجميعة كده "اجتمعا عليه وافترقا عليه" إنّ إحنا الاجتماع على الطاعة، وأيضًا لو حسّينا إنّ هذا الاجتماع يؤدي إلى مفاسد، لذلك جاءت بعد سورة التغابن مباشرةً سورة الطلاق يعني لو الاجتماع هيؤدّي إلى غُبْن في الطاعة، لا، يحصل هنا الانفصال، بس انفصال شرعي مش انفصال زَيّ اللي في أول الجزء اللي هو بالظهار.
    بعد كده خُتِمَ الجزء بسورة التحريم.

    دي نظرة سريعة طبعًا الأمر يحتاج إلى وقفات أطول. نبدأ في هذه السورة العظيمة حتى لا أطيل عليكم.


    مميزات سورة المجادلة
    السورة لها مميّزات، البداية بتاعتها متميّزة جدًّا، حرف "قد" للتحقيق، ويفيد أيضًا التَّوَقُّع زَيّ ما هنتكلّم.
    مما يميّز هذه السورة إنّ كل آية فيها فيها لفظ الجلالة، ودا مما يُلْغَز به، ويتقال في الألغاز إنّ إيه السورة اللي في كل آية فيها ذُكر فيها لفظ الجلالة، اسم الله، فيه سُوَر فيها الضمير "هو"، لكن هنا لفظ الجلالة كاسم ظاهر "الله" ذُكِر في كل آية، لماذا؟ لما تشوف هنا مضمون وموضوع السورة بإذن الله سبحانه وتعالى.

    وقفات مع بعض معاني سورة المجادلة
    لا بد أن نعلم أن الله عز وجل معنا في كل حدث وكل مكان
    نجد إنّ من المعاني الأساسية، طبعًا السورة فيها معاني كتير، من المعاني اللي موجودة في سورة المجادِلة أو المجادَلة، يُفَضَّل المجادِلة؛ لإنّ اللي كانت بتجادل النبي -صلى الله عليه وسلم- المرأة، نجد إنّ ربنا -سبحانه وتعالى- بيعلّم المجتمع دا في أول لحظة من إنشائه أنَّ الله -عز وجل- معكم في كل حَدَث، فكما أنَّ لفظ الجلالة ذُكِر في كل آية فإنَّ الله -عز وجل- معنا في كل حدث، الله -عز وجل- معنا بمعيته وبعلمه -سبحانه وتعالى-، معنا في كل حدث، في كل مكان، كما قال ربنا -سبحانه وتعالى-: "أَيْنَ مَا كَانُوا" المجادلة:٧. هو مُسْتَوٍ على عرشه -سبحانه وتعالى- لكن معنا بعلمه -سبحانه وتعالى-. أيّ حدث سواء تَنَاجي المنافقين، سواء تناجي اليهود، سواء تناجي المؤمنين، رجل مع زوجته سِرًّا لا يراهما أحدٌ أبدًا، يتكلم بكلمة، يقول لها: "أنتِ عليَّ كظهر أمي"، هذه الكلمة يعلمها الله.


    تُعَلِّمنا السورة مدى خطورة الكلمة
    وتعلِّمنا هذه السورة أن نحترس حتى مع الكلمة التي قد تُقال، ممكن رجل كبير السِّنّ لزوجته في موضع لا يراهما أحد وبالرغم من ذلك هذه الكلمة عظيمة عند الله -سبحانه وتعالى-، وتنزل أوائل هذه السورة كيف نتعامل مع كلمة تكلَّم بها رجل في لحظة غضب، كيف نتعامل مع هذه الكلمة.

    كل كلمةٍ تُقال سرًّا أو جهرًا يسمعها الله عز وجل
    فبدأت السورة بجملة مُهِمّ إن هي تستقر في قلوبنا، بقَوْله -سبحانه وتعالى-: "قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ" يبقى أوّل لحظة "قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ" اعرف إنّ كُلّ كلمة إنت قُلتها قد سمعها الله، كل حَدَث بيحصل قد سمعه الله، التَّنَاجي بين اليهود والمنافقين لهدم المسلمين وهدم الإسلام -ولن يستطيعوا ذلك بإذن الله سبحانه وتعالى- قد سمعه الله، كل الخطط والمكايد اللي بيعملها الأعداء قد سمعها الله. يبقى عايزين نطلع أيضًا من السورة بشعارات قرآنيَّة.

    "قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ" يبقى البداية "قد" حرف تحقيق، هذا قد حدث بالفعل، وحرف يفيد التَّوَقُّع أنَّ المرأة أثناء مجادلتها للنبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تتوقَّع أنه سيحدث شيء، مرحلة عجيبة جدًّا، مرحلة ارتباط الأرض بالسماء في دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، تخيَّل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الصحابة، ويحصل حَدَث، وبعدين ينتظروا الوحي، مشهد عجيب أنْ تنتظر بماذا سيحكم الله -عز وجل- في هذه القضية، مشهد عجيب جدًّا، تخيَّل لو احنا بنتعامل بالتَّعامُل دا، حصل حدث ومش عارفين حُكْم ربنا -سبحانه وتعالى-، فبنسأل أهل العلم، وننتظر ماذا يريد الله -عز وجل- مِنَّا في هذه القضية.

    فالبداية "قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ قَوْلَ" كلمة، "قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ قَوْلَ" كلمة عابرة، "قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا" التي، هي امرأة، بعض المجتمعات الجاهليَّة كانت لا تأبه بالنساء، لا تُوَرِّث النساء، لا تتعامل مع النساء، لكن انظر كيف بدأت هذه السورة بتعظيم هذه المشكلة التي وقعت فيها المرأة وذهبت للنبي -صلى الله عليه وسلم- تجادله في موضع خاص، لدرجة إنّ أُمّنا عائشة بتقول تعجَّبَتْ لما نزلت هذه الآيات، قالت: "تبارك الذي وَسِع سَمْعُه الأصوات"، وفي رواية: "الحمد لله الذي وَسِع سَمْعُه الأصوات".


    المرأة كانت تجادل النبي -صلى الله عليه وسلم- في جانب البيت وأمّنا عائشة لا تسمع قَوْل المرأة، والله -عز وجل- يسمع قَوْلها، انظر كيف إنّ أمّنا عائشة قاعدة والمرأة بتكلّم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي مش سامعة، هي واقفة بس بجانب البيت، سامعة بس إيه؟ زَيّ ما بيقولوا طراطيش كلام، مش سامعة إيه الموضوع، الله -عز وجل- سمع ما حدث، وأنزل حُكْمًا فيما حدث، فنزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم-.


    مَن هي المرأة، وفيمَ كانت تجادل النبي؟
    "قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ قَوْلَ الَّتِي" المرأة "تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا" قيل المرأة دي خولة بنت ثعلبة، وتُسَمَّى أيضًا خويلة، وفيه خلاف كتير مَن هي المرأة، لكن أغلب المفسرين أنها خولة -رضي الله عنها-، وكانت متزوجة من أوس بن الصامت، وظاهَر منها، وقال لها: "أنتِ عليَّ كظهر أمي". دي كانت كلمة موجودة في الجاهلية، الظهار، كانوا يعتقدون إنّ ممكن بكلمة يُغيّر حُكْم المرأة من الزوجة إلى الأمّ، فتصبح كالأم، مُعَلَّقة، لا يستطيع أن يُجَامِعَها، لا يستطيع أن يفعل معها ما يفعل الرجل مع النساء، ولا يطلقها، ولا تذهب لتتزوج غيره، فتصبح معلَّقة بكلمة واحدة يتكلم بها الرجل.

    قال: "أنتِ عليَّ كظهر أمي"، قال لها هذه الكلمة بعدما كبرت وبعدما نثرت له بطنها، وبعدما تعبت معه، فذهبت تشتكي للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وقالت: زوجي ظاهَر مني.
    فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس عنده حُكْم، ودا دليل إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يتكلَّم إلا بوَحْي من الله -سبحانه وتعالى-، "إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ" النجم:٤. قال: لا أجد عندي شيء، حتى نزل الوحي من الله -سبحانه وتعالى- على النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذه الآيات.

    تَعَلُّق القلب بالله وحده والشكوى والتضرع إليه
    "تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا" لاحِظ "وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّـهِ" يعني هي بتتكلم مع النبي -صلى الله عليه وسلم- لكن في قلبها هي تتضرع إلى الله، هي تشتكي إلى الله لحظة المجادلة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، يعني بالرغم من قُرْبها ومحادثتها مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلَّا أنَّ القلب مُتَعَلِّقٌ بالله، ولذلك نزل الحلّ، هكذا يكون الإنسان، قد يشكو إلى غيره، قد يتحاور مع غيره، قد يناقش غيره، لكن لا بُدّ أن يكون القلب مُتَعَلِّقًا بالله -سبحانه وتعالى-، لا بُدّ، فكانت تشتكي إلى الله.


    التأكيد على قضية أنَّ الله معنا دائمًا
    ثم قال ربنا -سبحانه وتعالى-: "وَاللَّـهُ يَسْمَعُ" تكرار السماع في الآية مرتين، مرة بصيغة الماضي، ومرة بصيغة المضارع، "وَاللَّـهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا" لا يسمع أحدٌ من الناس هذا التحاوُر، ولكن الله -سبحانه وتعالى- يسمع، "وَاللَّـهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ" بالتأكيد "إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ" المجادلة:١.
    هذه الآية العجيبة، عندنا قاعدة في اللغة إنّ لو الاسم ذُكِر مرَّة ظاهر لما هيكرّر الاسم تاني ييجي ضمير، بمعنى يعني "قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ" اسم الجلالة اسم ظاهر هنا، "قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا" كان المُتَوَقَّع في غير القرآن وتشتكي "إليه"، ييجي ضمير، مش "إلى الله"، وبعدين "وهو" يسمع تحاوركما، مش "والله"، "إنه" سميع بصير، كان متوقَّع إن التلات مرات التانيين بدل ما يُذكر اسم الجلالة ييجي ضمير؛ لإنّ اللغة في الأصل فيها الإيجاز، وإنّ الإطناب بيكون لغرض، فدي حاجة في البلاغة بيسمّوها الإظهار في موضع الإضمار، يعني اللغة هنا تعمَّدت إنّ ييجي الاسم ظاهر بدل ما ييجي ضمير، طيب ليه؟
    ليه ربنا ما قالش قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إليه، بدل إلى الله، وهو يسمع، ربنا قال: والله يسمع، إنه، لماذا تكرَّر لفظ الجلالة أربع مرات في أوّل آية؟

    كما قُلنا ليتأكَّد الإنسان ويتحقق ويوقن أنّ الله -عز وجل- معنا في كل حَدَث، وأنَّ الله -عز وجل- لا يغيب عنه شيء -سبحانه وتعالى- في الأرض ولا في السماء، وهو -سبحانه وتعالى- يحكم لا مُعَقِّبَ لحُكْمِه، وإنّ أيّ مشكلة بتقع فيها لو أنك تشتكي إلى الله -سبحانه وتعالى- وتتضرع إليه الحلّ ينزل منه -سبحانه وتعالى-، هو سميعٌ بصير، والتأكيد، فظهور اسم الجلالة في هذه السورة ليظهر عند المؤمنين أن الله -عز وجل- معهم.


    تخيَّل المؤمن اللي بيتربّى إنّ ربنا -عز وجل- معاه في كل كلمة، هو في بيته لا يراه أحد لكن مُوْقِن أنَّ الله معه، هو بيتناجى مع أصدقائه موقن أن الله معه، هو الأعداء يدبِّرون ويخططون موقن أنَّ الله -عز وجل- معه عليهم، هذه من أهمّ المعاني التي تبُثّها السورة في نفوس المؤمنين، والمسلمون هنا ما بين الاستضعاف والتمكين، لسه فيه منافقين، لسه فيه يهود في المدينة، لسَّه المجتمع المؤمن بينشأ، فيحتاج إلى يقين، يحتاج إلى أنْ يوقن بمعية الله -عز وجل-، يبقى إذن السورة بتربّينا إنّ ربنا -سبحانه وتعالى- معنا في كُلّ حَدَث، صَغُر أو كَبُر، أينما كانوا، في كل مكان، عموم وشمول للأزمنة وللأمكنة، "إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ" صيغ المبالغة، والتأكيد، "إن" تأكيد "سميع بصير" صيغة مبالغة.
    لا بُدّ من وجود عقيدة سليمة ليُطَبِّق الإنسان الأحكام الفقهية
    بعد كده الحُكْم، يعني المقدمة ما بدأتش السورة بحُكْم فقهي، "الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم" دا الحُكْم الفقهي، لكن بدأت السورة بالأمر العَقَدي، هكذا أيضًا القرآن يخلط القضايا العقدية بالقضايا الفقهية؛ لإنّ إحنا عندنا العقيدة فيها فقه، والفقه فيه عقيدة، عندنا بتتداخل الشريعة مع العقيدة، عندنا الدين متكامل.
    الأحكام الفقهيَّة مش مجرَّد أحكام بنعملها بصورة باردة، لا، إحنا بنعمل الحُكْم دا.. تكلَّم بكلمة هو مسؤول عن هذه الكلمة، بينه وبين امرأته قال لها: "أنتِ طالق" ولم يسمع أحدٌ هذه الكلمة، هو مسؤول عن هذه الكلمة، هذه الكلمة لها توابع، انظر إلى توابع كلمة واحدة قالها الرجل لزوجته، "أنتِ عليَّ كظهر أمي" هذه الكلمة لها تَبِعَات، انظر ما هي التَّبِعات الفقهية.
    لكن حتى يستطيع أهل الإيمان أن يُطَبِّقوا هذه الأحكام التكليفية لا بُدّ أن يكون عندهم عقيدة أنّ الله -عز وجل- يسمع ذلك، وأن الله -عز وجل- يريد بنا اليُسْر ولا يريد بنا العُسْر.


    خطورة الكلمة وتغيير المصطلحات
    "الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ" أيْ الظهار "لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ" المجادلة:٢، لو قمتم بالكفارة.
    مُنْكَرًا مِن القَوْل وزورًا، هنا خطورة الكلمة، المؤمن اللي في الجاهلية كان بيحوّل المرأة من زوجة لأمّ بكلمة واحدة، يقول لها: "أنتِ عليَّ كظهر أمي".
    لما جاء الإيمان وجاءت الشريعة عايز يلغي الظهار، لكن هذه الكلمة مينفعش كلمة زَيّ دي تمرّ كده، لازم يكون فيه كفَّارة، فكذلك المؤمن حينما يقول لزوجته أنتِ طالق هذه كلمة لها تَبِعات، يُفصل بين الأول تظلّ العدة في بيتها، لكن لها تبعات قضية الطلاق، فالكلمة المؤمن مُحاسَب عنها، لذلك هنا خطورة الكلمة.

    وخطورة زَيّ ما هنتكلّم بعد كده "إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ" المجادلة:٥. خطورة المصطلحات، إنّ هي اسمها أُمّ ودي اسمها زوجة مينفعش تغيَّر، مش بمزاجك تخلِّي الزوجة أمّ والأم زوجة، دا مش بمزاجك، ربنا -سبحانه وتعالى- خلق الأم لها حقوق، وضع حدود وضوابط للتعامُل مع الأم، كذلك ضوابط وحدود للتعامل مع الزوجة، لا يحدث خَلْط، فكذلك فيه تعامُل مع المؤمن، تعامُل مع المنافق، تعامُل مع الفاسق، تعامُل مع الكافر، تعامُل مع العشيرة، مع النَّسَب، مع القبيلة لما يكونوا مؤمنين، لما يكونوا كفَّار، تعاملات واضحات، حدود نزل بها القرآن، ونزلت بها السُّنَّة، لا ينبغي أبدًا أن نتجاوزها.

    دي حدود وضعها الله -عز وجل- للتعامُل مع الناس، فمش بمزاجك تغيَّر زي ما هو مش بمزاجك تخلِّي الأُمّ زوجة دا مُنْكَر مِن القَوْل وزورًا، مش بمزاجك تخلّي الكافر مؤمن والمؤمن كافر، دا مش بمزاجك، دا أمر نزل من السَّماء، فيه ضوابط وفيه حدود للتعامُل مع الناس، مش معنى إنّ هو قريب مني بالنَّسَب إنّ أنا أتعامل معاه بكُلّ أنواع التعامُلات، لا، فيه تعامُلات مشروعة وفيه تعاملات ممنوعة، المؤمن ينتظر التشريعات التي تضبط له هذه الأقوال وهذه المعاملات.

    "مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ" طيب الذي يقع في هذه الورطة يعمل إيه؟ من رحمة الله -سبحانه وتعالى- إنه جعل كفارات للذي يقع في هذه الورطة والذي يقع في هذا الخطأ.
    كلمة واحدة لها كُلّ هذه التَّبِعَات؟ نعم الكلمة سَمِعها الله، والكلمة عظيمة، المؤمن بيستحلّ المرأة بكلمة، أخذنا العقود في الزواج بكلمة الله -سبحانه وتعالى-، بكلمة، البَيْع بيتمّ بكلمة، الطلاق بيتمّ بكلمة، العِتْق بيتمّ بكلمة، هذه الكلمات عظيمة في الشَّرْع، لا بُدّ للمؤمن أن يحترم هذه الكلمة، "إنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من سخطِ اللهِ، لا يُلقي لها بالًا، يهوي بها في جهنَّمَ" صحيح البخاري. خطورة إنَّك لا تُلْقِي بالًا للكلمات.


    ما معنى "ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا"؟
    فقال ربنا -سبحانه وتعالى- كيف يتخلَّص من أثر هذه الكلمة؟
    "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ" قال لها: أنتِ عليَّ كظهر أمي، "ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا" فيه خلاف بين المذاهب الأربعة ما معنى يعودون لما قالوا؟ هل يعود يريد الجماع؟ ولا مجرد الإبقاء عليها دون أن يطلّقها دا يلزم الكفارة؟ ولا يعود مرةً أخرى ودا القَوْل الأضعف لأهل الظاهر إنه يعود مرة أخرى للظهار؟
    فسواء العودة إلى الجِمَاع أو مجرد الإبقاء على قَوْل الشافعيَّة، مجرد الإبقاء عليها، لو قال لها: "أنتِ عليَّ كظهر أمي"، ثم لم يُطَلِّقها ولم تفارقه، هنا يريد أن تبقى زوجته، عليه الكفارة.
    أو مجرد إن يريد الجماع مرةً أخرى إذن عليه الكفارة.


    كفارة الظهار وأثرها في المجتمع
    طب يعمل إيه؟ "ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا"، يعمل إيه؟ "فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا" شوف الشرع العظيم وهو يتشوَّف لعِتْق الرِّقَاب، تخيَّل معايا المشهد:
    واحد مع زوجته لا يراهما أحد، وقال لها: "أنتِ عليَّ كظهر أمي"، المرأة تأبى أن تستمر بينهما العلاقة، وتذهب للنبي -صلى الله عليه وسلم-، تعلم أن الله مُطَّلِعٌ عليهما، وأنه سمع هذه الكلمة، وتجادل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتنتظر الأمر مِن الله -سبحانه وتعالى-، ثم يأتي أمر مِن الله -عز وجل- بالعِتْق.
    تخيَّل لما واحد يروح لعبد من العبيد ويقول له أريد أن أعتقك، فتخيل معايا مثلًا لو العبد سأله طب وتعتقني ليه؟ يعني تعمل دا ليه؟ فيقول: لإني أنا تكلَّمت بكلمة واحدة، وهذا أثر هذه الكلمة، أنا أُكفِّر عن الكلمة.
    انظر كيف ممكن أن ينتشر الدين في المجتمع عن طريق تطبيق هذه الكفَّارات، انظر كيف ينتشر الدين ومعرفة الدين عن طريق الكفارات.
    تخيَّل لما تروح لستّين مسكين وتطعمهم، وبعدين المساكين يسألوا هو بيطعمنا ليه؟ ممكن إنّ هو بيكفّر عن يمينه، يكفّر عن قضية الظهار، فتخيَّل ممكن الناس تفهم الدين وتعرف الدين لو احنا علّمناهم لماذا يعتق رقبة، لماذا يُطْعِم هذا المسكين، كيف ينتشر الدين، وكيف أنَّ أثر هذه الكلمة إذا أراد أن يخرج منها يعمّ الخير على الناس، حتى يمنّ الله -عز وجل- عليه بالخير، إنه يفكّ هذه الرقبة، ويطعم هؤلاء المساكين، على الترتيب طبعًا، الأول "فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا"، لكن إنْ لم يستطع ينتقل إلى الصيام، ثم إنْ لم يستطع إلى الإطعام.

    لماذا هذه الكفارات؟
    • للردع وعدم العودة للظهار مرة أخرى
    "مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ" لإنّ لو الكلمة مرّت عابرة هو مجرّد بس بلسانه استغفار، أستغفر الله وخلاص، لا، هيعود لها مرة أخرى، لكن حينما يتعب ويذهب إلى رقبة وينفق المال ويعتقها أو لا يستطيع فيصوم شهرين متتالين يتعلّم ألَّا يتكلم بالكلمة ولا ينهي هذه العلاقة بهذه الطريقة الجاهليَّة أبدًا، لا يعود إليها مرةً أخرى.

    "ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚوَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" المجادلة:٣، لإنّ المطلوب إنّك قبل أن يتماسا، الله خبير، دايمًا اسم الله الخبير في الشيء اللي فيه خفايا، الله أعلم هل ستعود إلى الجماع مرة أخرى قبل أن تكفِّر ولا بعد أن تُكفِّر.

    "فَمَن لَّمْ يَجِدْ" دايمًا الشرع فيه سعة، "فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا" طبعًا اللي يعوز الرجوع للأحكام الفقهية بالتفصيل يعود لكتب الفقه، أو الكتب الخاصة بأحكام القرآن زَيّ الإمام القرطبي، مسألة صيام الشهرين والتتابُع ولو حصل إنه أفطر في صيام التتابُع لمرض أو لغير ذلك، التفاصيل موجودة في كتب الفقه.
    • حتى يتحقق الإيمان
    "فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۖ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ" أيضًا يُسْر الشريعة "فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ۚ ذَٰلِكَ" هذه الكفارات "لِتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ" طب ما الخطاب أصلًا لمؤمنين، أيْ ليكتمل الإيمان، ليتحقق الإيمان، ليتحقق الإيمان أن الله سميع، ليتحقق الإيمان أن الكلمة عظيمة، ليتحقق الإيمان أنَّ المؤمن لا يستطيع أن يغير ما وضعه الله عز وجل من حدود، ليتحقق الإيمان أن المؤمن إذا أذنب يُكَفِّر عن ذنبه، لتتحقق هذه الطاعات وهذه العقيدة لتتحقق فُرِضَت هذه الكفارة.

    "ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ" مش مسموح لك إنك تقول لزوجتك: "أنتِ عليَّ كظهر أمي".
    هذه حدود.
    أيضًا هناك حدود كثيرة أنزلها الله -عز وجل- كما أنَّ هذه من حدود الله فكذلك هناك حدود "وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ ۗوَلِلْكَافِرِينَ" الذين يتعدّون حدود الله، "وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" المجادلة:٤.
    لماذا خُتِمَت الآية بالوعيد للكافرين رغم أنها في أهل الإيمان؟
    العلماء هنا استغربوا إيه علاقة إنّ الآية في أهل الإيمان وربنا بيقول في الختام آية أربعة "وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ"؟
    هل دي زَيّ آية الحج إن "وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ" آل عمران:٩٧. أيْ أنكر، فبالتالي اللي هيُنكر هذه الكفَّارات ويُنْكر هذا الحُكم من الشريعة فهو كافر؛ لإنّ إنكار حُكْم من الشريعة إنْ كان عالم به ويعني انتفت عنه الموانع فهو كافر؛ لأنَّه أنكر حُكْم معلوم من الدين بالضرورة، فهو كافر.
    أَمْ "وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" إنّ فيه نوعين بيتعدّوا الحدود:
    نوع من الناس يُخطئ، يقع غَصْبًا عنه وهو مؤمن؛ فيتوب ويتضرَّع ويبحث عن الكفارة.
    ونوع لا يبالي، هذا الذي يتعدَّى الحدود.


    هذا كأنّ ربنا -سبحانه وتعالى- بيقول فيه صنف نزلت له الكفارة ليُؤْمن، أما الصنف الآخر الذي لا يبالي بالحدود بل لا يتوقف فقط إن هو بيتعدَّى الحدود لا اقرأ الآية التي تليها "وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ" أيْ هؤلاء الكافرين "إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۚ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ" المجادلة:٥. يعني إيه يُحَادُّون الله ورسوله؟ القَوْل الأشهر أيْ يقفون في حدٍّ غير الحدّ الذي فيه الله ورسوله، يعني القرآن والسُّنَّة في مكان هو واقف دائمًا في الحدّ المقابل، هو يعارض دائمًا، هو لا يقبل أبدًا بالقرآن والسُّنَّة، ويقف في الحدّ المقابل.

    فيه قَوْل رائع ذكره الإمام الطبري، وأظنّ الإمام البقاعي أيضًا من المتأخرين، ذكر قال: "يجعلون حدودًا غير حدوده"، يعني مش بس بيتعدَّى الحدود، دا هو بيغيَّر التقسيمة، يعني ربنا جعل في أول سورة البقرة فيه مؤمنين وفيه كفار وفيه منافقين، هو بيغير التقسيمة، بيقول لا لا التقسيمات لا تكون على طريق العقيدة، احنا مش محتاجين العقيدة، مفيش حاجة اسمها مؤمن وكافر، هو بيغيّر العلاقات، زَيّ ما هنا بيجعل الزوجة أُمّ، فيه واحد عاوز يغير كُلّ الحدود، يتعامل مع الناس بمعاملات كما يحبّ، يغير الحدود التي أنزلها الله، فيه حدود في المال، فيه حدود في العلاقات الاجتماعية، فيه حدود داخل الأسرة، فيه حدود للإنسان في التعامُل في كل شيء أنزله الله سبحانه وتعالى، وانظر إلى تدخُّل الدين حتى في الأسرة، حتى في الكلمة، انظر إلى شوف الرَّدّ على العلمانيين ازّاي الدين هنا بيتغلغل داخل الحياة، داخل الأسرة، داخل المجتمعات.


    الكبت الذي يحدث لهؤلاء الذين يغيّرون حدود الله
    فيه ناس عايزة تضع حدود أخرى غير التي وضعها الله -سبحانه وتعالى-، هؤلاء الذين يتخطَّون الحدود ويضعون حدودًا غير التي وضعها الله "إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا" إما بالسيف، إما قهرًا، أو كُبِتوا معاندة الفطرة، أنه مهما فعل لن يستطيع أن يتغلب على جسده، عايش مكبوت، كُبِت فيه مهانة وفيه ذلة، ويسقط على وجهه، أنه يعيش منتكس، يعني لا يجد السعادة، بالرغم من إن هو بيُفسح المجال لشهواته، يضع الحدود التي تناسبه، هو نظر لحدود القرآن والسُّنَّة قال لك الحدود دي تُضَيِّق عليّ، أنا هغيَّر الحدود، أنا عايز حدود أعمل فيها اللي أنا عايزه، وبالرغم من ذلك قال ربنا -سبحانه وتعالى-: "وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ" النجم:٤٣، الذي يملك السعادة هو الله -سبحانه وتعالى-، فهو يُكْبَت.
    "كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ" الحدود واضحة، ليس لأحدٍ عُذْر أن يتحدَّاها "وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ" وقيل وقد أنزلنا للسابقين آيات بينات "وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ" جاءت متناسبة مع كُبِت زَيّ ما أليم جاءت متناسبة لتخطِّي الحدود، "وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ".

    ملخص ما نخرج به من المقطع الأول من السورة
    هكذا كان المقطع الأول من سورة المجادلة يبثّ فينا هذا الشعار "قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ" لو احنا عايزين نطلع بشعار من المقطع الأول من سورة المجادلة "قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ" خلِّي دا شعار في حياتك، اكتبه واعرف إنّ أي كلمة أنت بتقولها قد سمعها الله، اعرف إنّ الكلام له تَبِعات، اعرف إنّ الذي يريد أن يفرّ من تبعات الكلام فيه خصلة من خصال الكافرين، إنه يتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالًا، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، والعياذ بالله، من سخط الله تهوي به في النار سبعين خريفًا.
    مِن رحمة الشريعة المسلك والسبيل للخروج مِن تَبِعات الكلام، كما هنا الخروج من تبعات كلمة الظهار.
    خطورة وَضْع حدود غير التي أنزلها الله -سبحانه وتعالى-، كما قال ربنا -سبحانه وتعالى-: "الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ" التوبة:٩٧.
    خطورة المصطلحات، خطورة تغيير الكلام الذي وضعه الله -سبحانه وتعالى-، خطورة تغيير الألقاب التي وضعها الله -سبحانه وتعالى-، المؤمن يظل عندنا مؤمن، الكافر اسمه كافر، شارب الخمر فاسق، هذه مصطلحات نزل بها القرآن، خطورة تغيير المصطلحات، قال ربنا -سبحانه وتعالى-: "لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا" البقرة:١٠٤. مجرد مصطلح مستورَد جاء من عند اليهود لا نريده، في ديننا غنية لهذه المصطلحات.


    دعاء الخاتمة
    أسأل الله -عز وجل- أن يُفَقِّهنا في دينه، وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هُمْ أهله وخاصَّته.
    أقول قَوْلي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    تم بحمد الله

    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36

    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.


    ​​​​​​​
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق


    • #3
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا وتقبل منكم.


      رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

      اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


      ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

      تعليق


      • #4
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا


        اللهم بارك لى فى اولادى وارزقنى برهم وأحسن لنا الختام وارزقنا الفردوس الأعلى

        تعليق

        يعمل...
        X