إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللقاء الرابع والعشرون | هل الله موجود (1) للدكتور محمد جودة | بصائر3

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللقاء الرابع والعشرون | هل الله موجود (1) للدكتور محمد جودة | بصائر3



    قضية وجود الله -سبحانه وتعالى- هي قضية فطريّة ضروريّة، يعني الأصل إنّ الإنسان أصلًا خُلِق على هيئة فطرية يعترف فيها بوجود الله -سبحانه وتعالى-، يعني إيه موضوع الفطرة دا قبل ما نتكلم على الأدلة وعلى الكلام دا كله؟
    الفطرة دي هي مُكَوّن موجود في الإنسان بأصل خِلْقَته، يعني الله -سبحانه وتعالى- فطر الناس على هذه الفطرة، مخلوقون على هذه الخِلْقَة، إيه هي الخلقة دي وإيه هي الفطرة دي؟ كما يقول ابن تيمية وكثير من العلماء أنّ "الله -عز وجل- خلق الإنسان على هيئةٍ يقبل بها وجود الله -سبحانه وتعالى- إذا طُرِح عليه"، يعني الإنسان أصلًا بطبيعته إذا طُرِح عليه قضية إثبات وجود الله -سبحانه وتعالى- فبالطبيعة إنّ هو بيقبلها؛ لإنها طبيعة بدهية فطرية لا تقبل النقاش أساسًا.




    اللقاء الرابع والعشرون | هل الله موجود (1) للدكتور محمد جودة | بصائر3



    تفضلوا معنا في تحميل الدرس بجميع الصيغ



    رابط الدرس على الموقع وبه جميع الجودات
    http://way2allah.com/khotab-item-136641.htm

    رابط صوت mp3

    http://way2allah.com/khotab-mirror-136641-217666.htm

    رابط الجودة hd

    http://way2allah.com/khotab-mirror-136641-217665.htm

    رابط يوتيوب



    رابط ساوند كلاود

    https://soundcloud.com/way2allahcom/hal-allah-mawgood


    رابط تفريغ بصيغة pdf

    http://way2allah.com/khotab-pdf-136641.htm


    رابط تفريغ بصيغة word


    https://archive.org/download/ahoo_1/...88%D8%AF-1.doc

    لمشاهدة جميع دروس الدورة وتحميلها على هذا الرابط:

    http://way2allah.com/category-585.htm


    | جدول دورة بصائر لإعداد المسلم الرباني | الجزء الثالث |


    موضوع مخصص للاستفسارات الخاصة بالدورة العلمية " بصائر3 "


    لقراءة التفريغ مكتوب
    تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله.
    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 30-10-2017, 08:12 PM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.


  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمةً لخلق الله، ثم أما بعد:

    فأهلًا بكم جميعًا في حلقة جديدة من سلسلة بصائر، الدورة اللي كل سنة بنعملها لتعليم المسلمين ما ينقصهم من أمور دينهم، السنة دي إن شاء الله بنتناول موضوع في غاية الخطورة، وهو سؤال يسأله كثير من الشباب يعني على السوشيال ميديا وعلى الفيسبوك، شباب كتير بيسألوا السؤال دا بعضهم مُتَشَكّك ويحتاج لجواب؛ ليزول هذا الشّكّ، وبعضهم مُسْتَيْقن بوجود الله -عز وجل- لكن يريد أن يزداد إيمانًا، فيقول السائل: هل الله موجود؟


    كل الناس مفطورون على وجود الله
    الحقيقة السؤال دا يعني كثير من الناس قد يرفضه بالفطرة، كتير من الناس كده أول ما يسمع السؤال دا يقول: إيه دا؟ معقول فيه حدّ بيسأل السؤال دا؟ و في الحقيقة إن قضية وجود الله -سبحانه وتعالى- هي قضية فطريّة ضروريّة، يعني الأصل إنّ الإنسان أصلًا خُلِق على هيئة فطرية يعترف فيها بوجود الله -سبحانه وتعالى-، يعني إيه موضوع الفطرة دا قبل ما نتكلم على الأدلة وعلى الكلام دا كله؟
    الفطرة دي هي مُكَوّن موجود في الإنسان بأصل خِلْقَته، يعني الله -سبحانه وتعالى- فطر الناس على هذه الفطرة، مخلوقون على هذه الخِلْقَة، إيه هي الخلقة دي وإيه هي الفطرة دي؟ كما يقول ابن تيمية وكثير من العلماء أنّ "الله -عز وجل- خلق الإنسان على هيئةٍ يقبل بها وجود الله -سبحانه وتعالى- إذا طُرِح عليه"، يعني الإنسان أصلًا بطبيعته إذا طُرِح عليه قضية إثبات وجود الله -سبحانه وتعالى- فبالطبيعة إنّ هو بيقبلها؛ لإنها طبيعة بدهية فطرية لا تقبل النقاش أساسًا.



    لماذا نتكلم عن أدلة وجود الله؟
    • لإزالة الشبهات عن المتشكك الذي تلوثت فطرته
    لكن قد يحتاج بعض الناس إليها إمَّا لتَلَوُّث الفطرة، يعني إنسان أصلًا كانت فطرته سليمة لما اتولد لكن تعرَّض لملوّثات كما قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: "كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفطرةِ، فأبواه يُهَوِّدانِه، أو يُنَصِّرانِه، أو يُمَجِّسانِه" صحيح البخاري، يعني إيه الكلام دا؟ يعني الإنسان لما بيتولد حتى لو أبوه يهودي أو نصراني أو مجوسي أو غير مسلم أو مشرك أو مُلْحِد أيًّا كان، الطفل دا أول ما بيتولد بيتولد على الفطرة السليمة التي فيها توحيد الله -عز وجل-، لكن أبواه يعني أبوه وأمه يُهَوِّدانِه يعني يبدؤوا يدخلوا عليه شبهات اليهودية، أو شبهات النصرانية، أو شبهات المجوسية، فيتشرَّب قلبه هذه الشبهات، في هذه الحالة هذا الإنسان في حاجةٍ إلى ردٍّ على هذه الشبهات، وإزالة لهذه الملوّثات؛ كي يعود إلى الفطرة السليمة، دا الإنسان الذي تلوَّث بالشبهات.

    • ليطمئن قلب المؤمن ويَزْدَد يقينًا
    الإنسان الثاني وهو الإنسان المؤمن المُسْتَيْقِن الطبيعي جدًّا لكنه يريد أنْ يسمع عن أدلة وجود الله -سبحانه وتعالى- كي يزداد إيمانًا، كما قال إبراهيم -عليه السلام- لله -عز وجل-: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ" البقرة:٢٦٠. فقال الله -عز وجل- له: "أَوَلَمْ تُؤْمِن" يعني يا إبراهيم إنت مش مُؤْمِن إنّ فيه إحياء للموتي؟ "قَالَ بَلَىٰ" أنا مُؤْمِن، "وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي"، يبقى دا شعار المؤمن المُوَحِّد المُسْتَيْقِن بالله -عز وجل- حينما يَسأل هذا السؤال، هو مش مُنْكِر، مش جاحد لوجود الله -عز وجل- لكن يريد أن يسمع عن هذه الأدلة، ويريد أن يتفهمها؛ حتى يطمئن قلبه بالإيمان أكثر، دا الإنسان المؤمن المُوَحِّد، والمُتَشَكِّك نُزِيل عنه إن شاء الله هذه الشبهات.

    الأدلة على أن الإنسان مفطور على وجود الله
    ببساطة فالأمر أوَّلًا هو أمرٌ فطريٌّ بدهيّ، إيه الكلام أو إيه الدليل على مسألة هذه الفطرة؟
    أوّلًا إنّ الأمر دا أصلًا موجود ومركوز في نفوس وحياة العامَّة، يعني أنت لو جيت تسأل أيّ واحد كده في الدنيا أو في الشارع كده قابلته قُلت له: هل الله موجود؟ هتلاقيه بكُلّ قوة وكُلّ جرأة يُجيب على هذا السؤال: قَطْعًا الله -عز وجل- موجود.

    حتى في الأمثلة الشعبية يقولون: "كل الناس ملحدون حتى تسقط الطائرة"، يعني إيه الكلام دا؟ يعني يقول لك الإنسان بطبيعته لما يتحطّ في مأزق بيتضرع بقلبه إلى الله -عزَّ وجل-.
    حتى برضو المَثَل الأجنبي يقول لك: "There is no atheists in foxholes" يعني إيه الكلام دا؟ يقولَّك إنّ مفيش أصلًا ناس ملحدين في خنادق الحرب، يعني إيه الكلام دا؟ يعني حتى في الغرب اللي هُمَّ أصلًا الغرب النصراني أو الملحدين أو غير كده بيقولوا إنّ ساعة وجود الإنسان في محكَّات المخاطر اللي هو قاعد في خندق حرب والقنابل نازلة و.. و.. ما بيقعدش يفكّر في مسألة الإلحاد، بل يجد في نفسه ضرورةً أنه يتضرع إلى الله -عز وجل-.

    وهذا مِصْدَاق قَوْل الله -عزَّ وجل-: "وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ" الزمر:٨.
    الإنسان بطبيعته فُطِر على هذه الخِلْقَة إنّ هو لَمَّا يأتي في الضُّرّ بيعمل إيه؟ بيتضرع إلى الله -عز وجل- حتى تنجلي هذه الفطرة الصحيحة في قلبه.
    والله -عز وجل- فطر عباده حُنَفَاء كما قال الله -عز وجل-: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا" الروم:٣٠. يعني إيه "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا"؟ إيه فطرة الله دي؟ هي الحنيفية، أَقِم وَجْهَكَ للدِّين حَنِيفًا، الإنسان بطبيعته خلقه الله -عز وجل- حنيفًا، يعني إيه حنيفًا؟ يعني مائلًا إلى الله، يريد بقلبه أن يتعبَّد إلى الله -عز وجل- وهذا من فطرة الله -عز وجل- التي فطر الناس عليها.

    يبقى عرفنا ما معنى الفطرة، وعرفنا إنّ مُكَوّن أو يعني مسألة الإقرار بوجود الله -عز وجل- هي قضية فطرية ضرورية في نفس كل إنسان، لكن إحنا برضو هنتكلم على مسألة ما هي الأدلة حتى نقطع الشَّكّ باليقين، وليزداد الذين آمنوا إيمانًا مع إيمانهم.

    وبرضو من هذه الأشياء أو من أدلة هذا المُكَوّن الفطري: المشاهدة، يعني إيه المشاهدة؟ يعني بطبيعة الناس إحنا زَيّ ما قُلنا فيه أمثلة زَيّ مثلًا موضوع "كل الناس ملحدون حتى تسقط الطائرة" إنّ ساعة الضر دا الإنسان بينكشف وينكشف إيمانه وفطرته السليمة في التَّوَجُّه إلى الله -عز وجل-، فهناك مشاهدات أيضًا لغير المسلمين حتى كما يقول المُؤَرِّخ الإغريقي بلوتارك، المؤرخ الإغريقي بلوتارك بيقول إيه؟ بيقول: "إننا قد نجد مُدُنًا بلا أسوار.." يعني إحنا بحثنا هو مُؤَرِّخ يعني بيبحث في التاريخ ويشوف إيه كان المُدُن عاملة إزَّاي، ويشوف الجبال كانت عاملة ازَّاي، ويشوف الأنهار كانت عاملة ازَّاي، وحياة الناس الاجتماعية والاقتصادية وغير ذلك، بيرصد، فبيقول إنّ احنا رصدنا في التاريخ فبيقول:
    "لقد وجدتُ في التاريخ مُدُنًا بلا أسوار، ومُدُنًا بلا ثروة، ومُدُنًا بلا ملوك، وبلا.. وبلا.." وقعد يعدِّد الحاجات اللي هي أصلًا مُشْتَركة في معظم المجتمعات، قالَّك فيه استثناءات إنّ احنا أحيانًا مانلاقيش أسوار، أحيانًا مانلاقيش ملوك، أحيانًا مانلاقيش ثروة، أحيانًا..، أحيانًا..، أحيانًا..، لكن لم نَجِد أبدًا مدينة بلا مَعْبَد يتعبَّد الناس فيه لله عز وجل.

    يعني إذن بيقول إنّ هذه القضية قضية الإنسان في حاجة إلى تعبُّد وتألُّه لإله هذه المسألة فطرية ضرورية وإنْ اختلف الإنسان في المعبودات.

    لذلك أصلًا من القضايا حتى اللي تُثبت مسألة الفطرية أو مسألة الحنيفية إن الإنسان مائل بقلبه إلى الله -عز وجل-، إنّ ليه أصلًا -السؤال البديهي- ليه أصلًا فيه ناس بتعبد حجر وشجر، وفيه ناس بتعبد بوذا، بوذا دا ما هو حجر، أو بيعبدوا الفئران زَيّ مثلًا في اليابان، أو بيعبدوا الصليب، أو بيعبد غيره أو غيره أو غيره، بيعبد أشياء من المخلوقات التي لا تضر ولا تنفع، كمَن يعبد البقر وغيره وغيره وما إلى ذلك، ليه أصلًا الناس التجأت إلى هذه الاختراعات من الآلهة التي لا تملك لا ضُرّ ولا نفع؟ لماذا فعل الإنسان ذلك؟

    قالوا هذا هو مقتضى مسألة الحنيفية والفطرة مع تلوُّث الهوى، يعني إيه الكلام دا؟
    يعني الإنسان بفطرته التي فطره الله -عز وجل- عليها يريد أن يتعبَّد، يريد أن يتألَّه، يريد أن يعبد، لكن الإنسان صاحب الهوى لا يريد أن يعبد الله، ليه بقى؟ لأنَّ الله -عز وجل- له تكاليف، هيقول له فيه حلال، فيه حرام، افعل ولا تفعل، فعمل إيه علشان يخرج من هذا المأزق؟ بدأ إنّ هو يبحث عن آلهة لا تنفع لا تضرّ، لا تأمر لا تنهى، فيسُدّ فاقته في التَّعَبُّد دون وجود تكاليف.
    فدا برضو دليل على مسألة فطرية معرفة الله -عَزَّ وجل-.

    كذلك يقول ابن القيم كلام جميل جدًّا، بيقول إيه، بيقول: "إن في القلب شَعْثٌ.." في القلب، القلب كده فيه شعث "لا يلمه إلا الإقبال على الله، وعليه وحشة.." يعني القلب بتاع أيّ إنسان كده عليه وحشة ".. لا يزيلها إلا الأُنْس بالله سبحانه وتعالى.." أيّ إنسان عنده فاقة وحاجة أن يتعبَّد إلى الله، عنده وحشة لا تأتي إزالتها إلا بالأُنْس بالله -عز وجل-، ".. وفيه حزنٌ لا يُذْهِبه إلا السرور بالله عز وجل.." كل دي أشياء تدلّ حقيقةً على أن الإنسان مفطور على أنه يريد أن يتعبَّد ويتألَّه لله -عز وجل-.
    ويعني بدأ بقى يتكلم وإن فيه يعني ".. وفيه اضطرابٌ لا يُسْكِنه إلا الفرار إلى الله -عز وجل-، وفيه نيرانٌ لا يطفئها إلا الرِّضا بأمره ونَهْيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك، وفيه طلبٌ شديد لا يقف دون أن يكون هو وحده -سبحانه وتعالى- المطلوب".
    كُلُّ ذلك يتكلم ابن القيم على مسألة أن الإنسان مفطور على التألُّه لله -عز وجل-، فهذا هو الأمر الأول وهي فطرية أن الإنسان يعرف وجود الله ضرورةً.


    الأدلة التي تُثْبِت وجود الله عز وجل

    الأمر الثاني بقى ننتقل إليه، وهو الأدلة التي نثبت بها وجود الله -عز وجل- وزي ما قلنا قبل كده وبنؤكد إن مسألة إن إحنا محتاجين أدلة على وجود الله هذا أمرٌ ليس يريده ولا يطلبه كل الناس، لا يطلبه إلا من كان عنده شبهة يريد إزالتها، أو إنسان مؤمن متيقن لكن يريد أن يزداد يقينًا، فما هي الأدلة على وجود الله عز وجل؟ فيه أدلة فطرية وأدلة عقلية، إيه الأدلة؟

    -المعارف الفطرية الضرورية
    أوّل حاجة إن فيه حاجة اسمها المعارف الفطرية الضرورية، يعني إيه المعارف الفطرية الضرورية، أو القضايا الفطرية الضروريَّة، أو العلوم الفطرية الضروريَّة، كل هذه أسماء، يقول لك أيّ حاجة في الدنيا بيبقى لها نظرية، النظرية دي بتستند على أدلة، هذه الأدلة بتستند إلى أدلة، إلى أن نَصِل إلى أدلَّة لا تحتاج إلى دليل، هذه اسمها المعارف الضرورية، يعني إيه الكلام دا؟

    يعني مثلًا هضرب لكم مثال بسيط جدًّا لأيّ إنسان مننا يقدر يفهمه ببساطة: أنت دلوقت مثلًا لو جبت طفل لسه صغير ما اتعلّمش حاجة خالص، ولا عمل إحصاء في الحياة، ولا قعد بقى يشوف الأسباب والمسببات والكلام دا، طفل لسه صغير كده، وجيت قُمت ضاربه على ضهره كده، بيعمل إيه؟ بيلتفت، هذه الالتفاتة دليل على أنَّ الله -عز وجل- غَرَس في الطفل منذ ولادته معنى وهو أنَّ الأثر لا بُدَّ له من مُؤَثِّر، يعني طالما فيه أثر حصل يبقى فيه إيه حدّ، طلاما انضربت يبقى فيه حدّ ضربني.

    كذلك لو طفل حتى لسَّه رضيع وحصل جنبه صوت بتلاقيه بيلتفت برأسه نحو الصوت، ليه برضو؟ لنفس هذه المعرفة الفطرية وهي أنّ الأثر لا بُدَّ له مِن مُؤثّر.

    دي قضية فطرية، قضايا أخرى كثيرة فطرية، أنا بضرب أمثلة يعني إيه قضية فطرية ضرورية أو معارف ضروريَّة، زَيّ مسألة مثلا لو جِبْت طفل صغير كده طفلين إخوات وادّيت لواحد منهم تمرة، وادّيت للتاني اتنين، تلاقي الطفل اللي أخد تمرة بيعمل إيه؟ بيبكي ويزعل وعاوز تمرتين زَيّ أخوه، دي معرفة إنّ الواحد أقل من الاتنين.

    إن إنت لو جِبْت مثلًا تفاحة وقسمت تفاحة، وادّيت رُبعها لطفل، وادّيت تفاحة كاملة لطفل، هتلاقي اللي أخد الأصغر بيعيّط ويقول أنا عاوز آخد زَيّ أخويا، ليه؟ لأنه عارف إنّ الجزء أصغر مِن الكُلّ.
    دي كلها اسمها قضايا فطرية ضروريّة، أو علوم ضروريَّة.

    كيف تدل المعارف الفطرية الضرورية على وجود الله؟
    وهذه العلوم الضروريَّة بتدلّ على وجود الله -عز وجل- بأمرين:

    -الأمر الأول: مَن الذي غرسَها في كُلِّ هؤلاء البشر منذ ولادتهم؟ أكيد فيه خالق لهؤلاء جميعًا وَحْدَه هو الذي غَرَس هذا المعنى في نفوس جميع البشر التي تقوم عليها جميع العلوم والحواسّ بعد ذلك، دا أمر.

    الأمر الثاني وهو مُهِمٌّ جدًّا أيضًا: وهو مسألة أنَّ الأثر لا بُدَّ له مِن مُؤَثِّر، هذه القضية هي مِن أعظم أدلة وجود الله -عزَّ وجل- اللي هو دليل بنسمّيه دليل الخلق والإيجاد، يعني ايه؟
    يعني هذا الكون لا بُدَّ له مِن خالِق، ما هو دلوقت مثلًا لو إحنا زَيّ ما بنقول فيه حاجة، الحاجة دي ليها إيه؟ ليها سبب، السبب دا ممكن يبقى له سبب قبله وسبب قبله، لا بُدَّ أنْ نَصِلَ أنَّ هناك سبب هو سببٌ لكُلِّ هذه الأشياء وليس له سبب، يعني فيه خالق ليس بمخلوق.
    يعني مثلًا نقول كذا مخلوق لماذا؟ لكذا لكذا، أنا وُجِدْتُ كيف ذلك؟ من أبي وأمي وأبي وأمي إلى أن نصل لآدم، آدم مِن أين؟ مِن تراب، طب التراب بييجي منين؟ وهكذا، لا بُدّ نصل إلى إنّ فيه حاجة اتخلقت واللي خلقها ليس بمخلوق، اللي هو لا بُدّ للسبب أو لا بُدّ للأثر مِن مُؤَثِّر. هذا الأمر الذي يُدَلِّل قَطْعًا على وجود الله -عز وجل-.



    لذلك لَمَّا سألوا الأعرابي فقالوا: "كيف علمت أنَّ الله موجود؟" قال: "الأثر يَدُلُّ على المسير" يعني إيه الكلام دا؟ أعرابي فماشي في الصحراء قال لهم والله لو أنا ماشي كده ولقيت أَثَر، أثر رجلين جمل، أثر رجلين إنسان، أثر رجلين قطيع من الإبل، قطيع من الغنم، حصان، أيّ حاجة، أثر، هعمل إيه؟ قال: "الأثر يدلّ على المسير"، يعني هعرف إنّ فيه حد مشى هنا، هعرف إنّ دا كان جمل، لا دا كان إنسان، لا دا كان حصان، لا دا كان كذا، هيعرف منين؟ "الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير"، البعرة اللي هي روث البعير، فبيقول لما بمشي كده وألاقي بعرة أعرف إنّ مشى من هنا بعير، تمام؟
    وبيستطرد ويقول: "فسماءٌ ذات أبراج، وأرضٌ ذات فجاج، وبحارٌ ذات أمواج، ألا تدلُّ على سميعٍ بصير؟" يعني بيقول لو احنا بقى تفكَّرنا كده، قعدنا السماء الجبال البحر الحاجات دي كلها معقول تُوجَد بلا خالِق يخلقها سبحانه وتعالى؟ لا بُدّ أن تدلّ على ذلك.

    هذه القضية التي تكلَّم فيها الأعرابي الجاهل بالعلوم الحديثة كلها، أعرابي كان في الصحراء ميعرفش حاجة، هذه القضية هي مسألة دليل الخَلق والإيجاد على وجود الله -عز وجل-، والله -عز وجل- قال ذلك في آياتٍ عظيمة جدًّا جدًّا سمعها صحابي جليل والنبي -صلى الله عليه وسلم- يتلوها فقال: "كاد قلبي أن يطير".
    ما هي هذه الآيات؟
    مَرَّ صحابيٌّ على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يُصَلِّي بالصحابة، فيقول النبي -صلى الله عليه وسلم- يتلو قَوْل الله -عز وجل-:
    "أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ" الطور:٣٦،٣٥.

    الآيات دي بتناقش مسألة إنّ لا بُدّ للأثَر مِن مُؤَثِّر بالسبر والتقسيم، يعني إيه السبر والتقسيم؟ يعني تعالوا نبصّ نفكّر كدا أنت الآن وُجِدْت، أنت مخلوق ووُجِدْت، أنت كنت موجود مثلًا قبل ما تتولد؟ لا طبعًا أنت كنت من العَدَم ووُجِدت، أنت لما اتوجدت أو جنس البشرية كله لما اتوجد هل أوجد نفسه؟ مستحيل، ليه؟ لأنَّ هذا -يعني إنّ إنت تقول أنَّ البشر هو الذي أوجد البشر- معناه إنّ العدم أوجد شيئًا ودا طبعًا مستحيل عقلًا، فــ"أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ" يعني طلعوا كده لوحدهم، "أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ" هُمَّ اللي خلقوا نفسهم وهُمَّ كانوا عَدَم إزّاي وهُمَّ عدم هيخلقوا نفسهم؟!
    "أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ" اللي هي أصلًا اتخلقنا لقيناها ودا طبعًا كُلّ هذه الأشياء تُنافي العقل فلَم يَبْقَ إلا احتمال واحد أنَّ الله -عزَّ وجلّ- هو الذي خلق ذلك كله.




    يعني لما نفكَّر كده يا ترى إحنا اللي خلقنا الكون؟ أكيد لا، يا ترى إحنا خلقنا نفسنا؟ أكيد لا، أومَّال مين اللي خلقنا وخلق الكون؟
    هنفكَّر كده لن نجد إجابة إلَّا أنَّ هناك خالِق هو الذي خَلَق هذا الكون، هذا بالسبر والتقسيم اللي هو نحُطّ الاحتمالات ونلاقي دي غلط غلط غلط فلا يُوجَد في الآخر إلّا لا بُدّ أنَّ هناك خالِق هو الَّذي خَلَق الكون كله.
    وزَيّ ما قُلنا دي مسألة كلام على إنّ الأثر لا بُدَّ له مِن مُؤَثِّر.
    كذلك أبو حنيفة استخدم هذه القاعدة في الرَّدّ على الملاحدة في عصره الذين أنكروا وجود الله -عز وجل-، إزّاي؟ الإمام أبو حنيفة معروف بالذكاء والفِطْنَة جلس يومًا في مجلسه فجاءه مجموعة من الملحدين أو المنكرين لوجود الله -عز وجل- وأرادوا أن يسألوه عن وجود الله -عز وجل-، فلمَّا سألوه قال لهم: "دَعُوني أُفَكِّر فإنَّ هناك أمرٌ يشغلني"، سيبوني أنا فيه حاجة كده بفكَّر فيها والحاجة دي شاغلاني قوي ومش لاقيلها حَلّ، فسابوه شويّة ورجعوله تاني، فقال: دعوني أفكر فهناك أمرٌ يشغلني، فلمَّا قال لهم الموضوع دا كذا مرَّة فقالوا له: يا إمام، ما الذي يشغلك؟ أنت يعني سايبنا واحنا عايزينك في موضوع مهم يتكلم عن أدلَّة وجود الله واللي بيها ممكن ندخل في الإسلام أو لا ندخل في الإسلام، موضوع خطير بالنسبة لنا وبالنسبة لك، وعمَّال تقول بفكَّر في موضوع، يا ترى إيه الموضوع دا يا إمام اللي يعني العظيم دا؟

    قال: أُفَكِّر في سفينة تقطَّعت أشجارها ورُكّبت وحدها حتى صارت سفينة، يعني إيه بيقول لك فيه شجر كده جه لوحده واتقطَّع واتلمّ على بعضه وعمل سفينة، ثم انتقلت هذه السفينة وحدها دون مُدَبِّر ولا صانع لها إلى البحر فصارت تنقل البضائع وتسير في نهر دجلة بلا رُبَّان من بلدٍ إلى بلد تتاجر وتضع وتنقل البضائع وتربح.
    فالناس اللي قاعدة قالت له يعني الكلام دا كلام إيه، دا كلام مجانين دا، لا يمكن لأحدٍ أن يُصَدّق ذلك، قالوا له لا يصدق أحدٌ ذلك يا إمام، لا يمكن، يستحيل وجود سفينة توجَد من الشجر مش مِن العدم من الشجر دون نجار، وتنقل البضائع دون ربان، وتبيع وتشتري دون تاجر، يعني الحاجات دي كلها عاوزة صانع اللي هو النجار، عاوزة تاجر اللي هيشتري ويبيع، عايزة رُبَّان هيسوقها، الحاجات دي كلها لو مش موجودة ازّاي السفينة هتتحرك؟ وإزاي السفينة ستُوجَد من البداية؟ وإزاي السفينة ستنتقل؟
    كل هذه الأمور تستحيل بدون صانع وبدون مُدَبِّر لهذه السفينة، قال لهم: أجبتم أنفسكم، إذا كانت هذه السفينة يستحيل أن تُوْجَد بلا صانع، وأن تسير بلا مُدَبِّر، وبلا رُبَّان، فكيف تعقلون أنَّ هذا الكون كله قد خُلِق بلا خالق وسار في هذه المنظومة العظيمة جدًّا عظيمة الإتقان بلا مُدَبِّرٍ خالِق -سبحانه وتعالى-؟ فكان هذا أيضًا استخدام لأبي حنيفة -رضي الله عنه- في مسألة إنّ لا بُدّ للأثر مِن مُؤَثِّر.



    أقسام الملاحدة
    • مَن يقولون أننا جئنا بدون سبب
    كذلك بعض الملاحدة لا ينكرون هذه المسألة، يعني الملاحدة نصفين: نصف بيقول آه لا مفيش احنا جينا بدون سبب، إحنا جينا بلا سبب أصلًا، ودول بينافوا العقل والفطرة والمنطق وكل شيء، بل سيهدمون العلم، ليه يهدمون العلم؟ لأن أصلًا مِن أُسُس العلم مبدأ السببيَّة.
    يعني عالم الفيزياء شُغلته إيه؟ إنه بيرصُد الطبيعة، ويشوف إيه اللي سبّب إيه، القمر دا بيمشي إزَّاي، والأرض دي بتمشي ازّاي، واللي بيحصل في الكون دا بيتحرك ازَّاي، وسرعة كذا مع كذا، ويقعد يقيس السرعات والعلوم، ودا بالنسبة لأيّ حاجة يعني في علوم الطبيعة كلها التجريبية، والكيمياء بيشوف التفاعلات ويقيس ويعمل ويشوف دا ودَّى دا لإيه، وأسباب كلها مبنيَّة على نظرية السببية، فإنكار نظرية السببية هو هدمٌ للعلم النظريّ التجريبي، دا ابتداءً يعني.
    فبعض الملاحدة استطردوا في هذا الأمر وقالوا: فعلا مفيش أسباب، ودول ناس يخالفوا العقل والفطرة والمنطق والعلم الذي هم يتشبثون به وهم أبعد ما يكونون عنه، دا رقم واحد.
    • مَن يقولون أن الخالق هو الطبيعة أو الصدفة
    فيه ناس تقولَّك لا فعلًا الكون لا بُدَّ له مِن خالق، لكن الخالق هو الصدفة أو الطبيعة، ده قسم تاني من الملاحدة بيقولوا إنّ الصدفة هي الخالق، الرَّدُّ عليهم ببساطة هضرب لكم مثال جميل جدًّا يعني، دلوقتي لو أنت عندك خزنة، والخزنة دي لها رقم سرّي، الرقم السرّي ده بيتكون من أربعة أرقام، يعني مثلًا أربع أربعات، أربع تلاتات، أيًّا كان الرقم، هي عدد من أربعة أرقام، زَيّ مثلًا الباسوورد بتاع الفيزا كارد والحاجات دي، جه حرامي عايز يسرق الخزنة بتاعتك، تتخيل المفروض يعمل كام محاولة بلا تكرار علشان يصل للرقم الصحيح في واحدة منهم؟
    العلماء لما قاسوا هذه المسألة بالرياضيات قالوا هنعمل ايه؟ هنجيب عشرة اللي هُمَّ عدد الأرقام من صفر لتسعة، عشرة أُسّ أربعة، عشرة أُسّ أربعة يعني واحد وقُدَّامه أربعة أصفار، واحد على عشرة آلاف، يعني هيعمل عشرة آلاف محاولة علشان يصل إلى محاولة صحيحة اللي هي بيها هيفتح القفل بتاع الخزنة بتاعك، تمام؟
    هو طبعًا ممكن يعملها تطلع الأولى، وممكن يعملها تطلع العشرة آلاف، لكن فيه عشرة آلاف محاولة، أو احتمال، واحدة منهم بس اللي هتفتح القفل بتاع الخزنة، ده لو ايه؟ لو هُمَّ أربعة أرقام، وكل رقم يعني احتماله واحد من عشرة، اللي هو من صفر لتسعة، محتاج يعمل عشرة آلاف محاولة.

    طب أنا عايز أقولَّك بس الكلام ده ليه؟ بضربه ليه؟ علشان تعرف إنّ الإنسان الخلية الواحدة مِن الإنسان فيها ستَّة مليار جينوم، الجينوم بتاع الإنسان فيه ستة مليار وحدة، هذه الوحدات كل وحدة تتكون من أربع قواعد نيتروجينية ال A وال T وال G والC ، فيه أربعة قواعد نيتروجينية في كل وحدة من هذه الوحدات من السّتّة مليار، يعني ايه الكلام ده؟
    يعني الإنسان علشان يعمل أو الصدفة بلاش الإنسان يعمل، الصدفة علشان تخلق جينوم بتاع خلية بشرية واحدة محتاجة أربعة اللي هي عدد النيوكليوتيدات ال A وال T وال G والC ، أربعة أُسّ ستَّة مليار، يعني هتضرب أربعة في نفسها ستة مليار مرة عشان تعمل عدد المحاولات اللي بالصدفة تطلَّع مرة جينوم خلية واحدة من جسم الإنسان، ده جسم الإنسان.
    شوف بقى بقية المخلوقات اللي على وجه الأرض، والشجر، والدواب، والنجوم، والسمك، والبحار، والكلام ده كله محتاج عشان يأتي بالصدفة محتاج قدّ إيه من المحاولات التي بالعقل يستحيل أن تحدث.

    يعني برضو من الأمثلة اللي بيقولوها الكثيرة جدًّا يقولّك مثلًا على سبيل المثال:
    لو جبنا يعني مثلًا وعاء بحجم الجبل مثلًا وحطّينا فيه قروش يعني Coins عملات يعني، كلهم لون واحد ما عدا واحدة بس عُملة واحدة لون تاني، يعني كله مثلًا أصفر وواحدة لونها أزرق مثلًا، وحطّينا الزرقا دي في الملايين أو أيًّا كان عدد العملات دي، في الوسط كده، ما هي احتمالية إنّ إنسان يحطّ إيده كده يقوم مطلَّع الواحدة المختلفة من أول مرة؟ ممكن تطلع مرة بالصدفة صح؟ طب تاني ممكن تطلع بالصدفة؟ طب ينفع يطلَّعها مثلًا عشرة آلاف مرة بالصدفة؟ هل ده يُعقل؟!
    احنا بنقول آه ممكن يطلَّعها مرة بالصدفة ده مُحتمل لكن مع كثرة هذه الاحتمالات ممكن تبقى صدفة؟ استحالة تكون صدفة، ده يستحيل عقلًا، كذلك -ولله المثل الأعلى- أن توجد كل هذه المخلوقات، كل هذه الجينات، كل هذه الشفرات الوراثية، كل هذه الأشياء، أنْ تُوْجَد صدفة هذا مُحال عقلًا، ومَن يقولون ذلك للأسف لا يعقلون ولا يتفكَّرون، لكنَّهم في الحقيقة إنْ يتبعون إلا أهواءهم "أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ" الجاثية:٢٣.

    الفرق بين ملاحدة الغرب وملاحدة الشرق

    في الحقيقة -ودي نقطة مهمة جدًّا برضو للتأصيل- إنّ ملاحدة الغرب قد يكون لهم مُسَوِّغ لإلحادهم، يعني إيه المسوغ بتاعهم؟ إن دينهم أصلًا دين باطل، دينهم نصراني أو يهودي أو بوذي أو أيًّا كان دين غير المسلمين هي أديان باطلة تدفعهم إلى الشّكّ في الدين، وإلى الطَّعْن في الدين، وإلى الإلحاد في النهاية من حيث أنهم يصفون الربّ بما لا ينبغي، ومن حيث أنهم يؤمنون بتشريعاتٍ وأمور باطلة.
    كل هذه الأشياء تدفعهم إلى الشَّكّ وإلى دفع الإيمان إلى الإلحاد.

    لكن المُلْحِدُون العرب أو الملحدون في بلاد الإسلام في الحقيقة ليس لهم أيّ مُسَوِّغ يُسَوِّغ لهم هذا الإلحاد، ليه؟ لإن احنا بفضل الله ديننا هو دين الحقّ، الحقّ المُطْلَق الذي لا يعتريه شكٌّ ولا نَقْص ولا شُبْهَة، لا توجد في الإسلام شبهة واحدة إلا وعندنا بفضل الله -عز وجل- عليها ألف رَدٍّ، بفضل الله -عز وجل- الإسلام دينٌ كامل، الله -عز وجل- قال عنه ذلك "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" المائدة:٣.



    الدليل الأول: دليل الأثر لا بُدَّ له مِن مُؤَثِّر

    فعرفنا مما سبق من الكلام اللي قُلناه ده كله مسألة إن الدليل الأول من أدلة العقل على وجود الله -عز وجل- هو دليل أنَّ الأثر لا بُدَّ له مِن مُؤَثِّر، إنّ أيّ حاجة لا بُدَّ لها مِن سبب هو الذي أحدثها، وهذا الكون بما فيه من يعني مخلوقات كثيرة جدًّا منها الإنسان ومنها الجبال والشجر والدواب والكلام ده كله لا بُدَّ لها مِن خالِق هو الله -سبحانه وتعالى-، يبقى ده هو الدليل الأول على وجود الله -عز وجل-.

    الدليل الثاني: دليل النَّظْم والإحكام
    الدليل الثاني هو: دليل النَّظْم والإحكام. يعني إيه دليل النظم والإحكام؟
    يعني ببساطة لو احنا جِبْنا طفل صغير كده وادّيناله ورقة وقلم، الطفل ده قعد يشخبط وفي الآخر بعد ما جبنا الشخبطة بتاعته دي وأخدناها بصّينا فيها لقيناه رسم لوحة جميلة جدًّا في غاية الإبداع، أو بلاش لوحة، رسم مخلوق من المخلوقات، رسم شجرة مثلًا، رسم وردة، رسم أيّ حاجة أيًّا كان اللي رسمه لكنه رسمه وهو يلعب ويعبث، هل يعني يُحتمل عقلًا أن هذه الرسمة وقعت بالصدفة؟ يعني ممكن نقول إنها صدفة؟ ممكن وإنْ كان صعب يعني.
    طيب إذا كانت هذه الرسمة أولًا تكررت منه مرات، يعني مش مرة واحدة عملها طلعت، لأ، ده ادّيناله ورقة تانية وقلم تاني وقُلناله اتفضل ارسم نفس الرسمة، وشيلنا الأولى بعيد عنه، رسمها تاني، ارسمها تالت رسمها تالت، رابع رسمها رابع، عاشر رسمها عاشر، رسم نفس الرسمة بنفس مستوى الإتقان مرات متعددة، يبقى ده مستحيل يكون صدفة، أكيد الولد ده اتعلّم الرسم.
    طَب الأعلى من كده بقى إنّ كُلَّما زاد التعقيد في هذه الرسمة مش مجرد وردة لأ وردة في جنينة، وفيها مثلًا مرجيحة، وفيه الشمس وراها، وفيه وراها مباني، وفيه ناس قاعدة، ورسمة متكاملة كبيرة جدًّا، هل ممكن كل هذا التعقيد وهذا الإحكام وهذا النَّظْم يقع صدفة؟ مستحيل، العقل بيقول كده بيقول مستحيل، أكيد الولد ده دخل مدرسة رسم، واتعلّم رسم الحاجات دي كلها، مش ممكن يكون بلا علم وبلا حكمة وفعل كل ذلك.

    ولله المثل الأعلى، هذا هو الدليل الثاني على وجود الله -عز وجل- وهو دليل النظم والإحكام، أنَّ الكون منظومٌ نظامًا محكمًا إحكامًا دقيقًا يجزم معه كل عاقل أنَّ لهذا الكون خالق، لا يمكن أبدًا أن يقع كل ذلك بلا تدبيرٍ من عليمٍ حكيم، احنا قُلنا بيدلّ على إيه النظم والإحكام؟ على العلم والحكمة، ليس فقط على الوجود، لأ يدل على وجود الله الخالق المتصف بالعلم والحكم، وده دليل أوسع من مجرد الدليل اللي فات اللي هو دليل لا بُدَّ للأثر من مُؤَثِّر، فبنقول ده معناه إنّ فيه إله خالق موجود، لا ده مش بس خالق موجود، لا وهذا الخالق يتَّصف بالعلم والحكمة، اللي هو دليل النظم والإحكام، والعلماء سمُّوا هذا الدليل بأسماء متنوعة، ودليل الإتقان، ودليل مش عارف ايه، هو في الآخر موضوع واحد وهو نَظْم وإحكام هذه المخلوقات.


    مثال ذلك أمثلة كثيرة جدًّا جدًّا، عندنا في الطب فيه حاجة اسمها الهرمونات، أكيد سمعتوا عنها قبل كده، الهرمونات دي بتبقى يمكن بالنانوجرام، يعني بتبقى مقياسها في الدم بيتقاس بالمللي ملليجرام، حاجات قليلة جدًّا، هرمون مثلا زَيّ هرمون الثايرويد بتاع الغدة الدرقية مثلًا على سبيل المثال ده هرمون زَيّ ما بقولُّكم نسبته يعني متقنة بشكل رهيب، الهرمون ده لو زاد شوية يعمل حاجات أضرار بشريَّة كبيرة جدًّا ولو قَلّ شوية يعمل أضرار تانية، وتلاقي الزيادة دي قليلة، نسبة طفيفة جدًّا لو تغيرت تخلّي الإنسان مريض، مش عارف يعيش، ولو زادت حاجة بسيطة جدًّا يعيش مريض مش عارف يعيش.
    أيّ هرمون في جسم الإنسان، وتلاقي مش عارف ده عنده تَعَمْلُق، وده عنده تَقَزُّم، وده عنده مش عارف ايه، ده في هرمون واحد من هرمونات الجسم، هرمونات تانية كتير في الجسم كلها تفعل مثل ذلك، ده هرمون واحد من هرمونات الجسم بنقول إن مقياسه بالنانوجرام.
    دي حاجة إحنا بنتكلم عليها في جسم الإنسان، إيه كمان في جسم الإنسان؟ تعالَ نشوف النواة والبروتونات والإلكترونات اللي في النواة.
    انتوا عارفين إن النواة كلنا درسنا علوم وفيزياء والكلام ده، عارفين إن فيه نواة فيها بروتونات موجبة وتدور حولها إلكترونات سالبة، طبعًا كلنا عارفين المعلومات دي، وعارفين منظر النواة وهي بتدور.

    يقول علماء الفيزياء: إن قوة الجذب بتاعة النواة للإلكترونات بتساوي بالضبط قوة الطرد المركزية بتاعة الإلكترونات وهي بتدور حول النواة.
    يعني إيه؟ الإلكترونات بتدور مفيش بينهم خيط، يعني النواة دي مفيش بينها وبين الإلكترونات اللي حواليها خيط، فيه قوة جذب اللي هي بتاعة السالب مع الموجب، وفيه قوة طرد ناتجة عن الدوران، هذه القوى متكافئة تمامًا، لو زادت قوة الطرد لحظة واحدة لو زادت بنسبة واحد في المليون تطير الإلكترونات بعيد عن النواة، ولو قلَّت هذه القوة أو زادت قوة الجذب بتاعة النواة، الإلكترونات تخشّ فين؟ تخشّ في النواة وتنعدم الخلية.
    فإذن الذَّرَّات هذه أو الذرات المكونة من إلكترونات وبروتونات وغيره فيها نَظْمٌ دقيقٌ مُحْكَم، مَن الذي نظم ذلك؟ مَن الذي خلق ذلك؟ مَن الذي خلق الإنسان بما فيه من نواة وبروتونات وهرمونات ونظم دقيق؟

    أنا عايزك بس تقرأ في أيّ كتاب في علم وظائف الأعضاء اللي هو الفسيولوجي تجد إبداعًا ما بعده إبداع، كما قال الله -عز وجل-: "وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ" الذاريات:٢١، كَمّ الميكانيزمات اللي موجودة في جسم الإنسان بتتحكم في كل وظيفة من وظائف الأعضاء، حرارتك لو علت الجسم يعمل إيه، لو نزلت الجسم يعمل إيه، طب لو تعرضت لبرودة، تعرضت لسخونة، دا مش جسمك اللي سخن، لا دا الجو اللي سخن، أو العكس، يحصل لجسمك إيه، وظائف فسيولوجية كثيرة.
    طيب لو تعرضت لــ stress بتجري مثلًا بتنهج، واحد بيجري وراك، جسمك يعمل إيه، وإيه الهرمونات اللي تتفرز، وتأثَّر إيه على وظائف الأعضاء.
    وفيه جهازين السمبثاتيك والباراسمبثاتيك اللي هو السيمبثاوي والباراسيمبثاوي أو جار السيمبثاوي بالعربي، الأجهزة دي بتعمل إيه، وفيه توافُق رهيب في كل حاجة بتحصل، وفي كل موقف الله -عز وجل- يهيّئك له، مَن الذي خلق ذلك؟
    أسألك بالله عليك أن تتدبَّر مَن الذي خلق كل ذلك؟ لا بُدَّ لهذا الكون مِن خالِق، وهذا الخالِق لا بُدَّ أن يكون عليمًا حكيمًا، احنا اتكلمنا عن الهرمونات، اتكلمنا عن الخلايا.



    أيضًا المجرَّات والكون نفس الكلام اللي قُلناه في الذَّرَّة كبَّره بقى خالص واطلع عند الشمس والمجموعة الشمسيَّة، الشمس والأرض نفس هذه القوى الجاذبة وهذه القوى الطاردة، كل المجرات والنجوم والكواكب مُحْكَمَة الصُّنْع بسرعة رهيبة، انتوا لو بتسمعوا وبتتابعوا الأخبار الفلكيين يقولوا لك مثلًا يقول الفلكيون أحيانًا إنّ مش عارف فيه عطارد هيحصل كذا، ومش عارف بلوتو هيحصل كذا، ومش عارف السنادي هيحصل حاجة ما بتحصلش إلا كُلّ مش عارف كام سنة، إيه دا عرفوا الكلام دا منين؟ عرفوه منين؟ مِن رَصْدِهم لهذه الأمور المُحْكَمَة المُتْقَنَة، فقاسوا السرعة دي وقاسوا السرعة دي وسرعات لا تتغير ولا تتبدل فيعرفوا إنّ في الوقت دا القمر هيظهر هنا، في الوقت دا الشمس هتظهر هنا، في الوقت دا الشروق كذا، في الوقت دا الغروب كذا.
    لو تغيَّر هذا النظم المحكم للحظةٍ واحدة لانهدم الكون كله، لتخبَّطت الكواكب وتخبَّطت النجوم، وزالت المجرَّات، وزال الكون بأكمله إذا حدث تخبُّط في هذه الأشياء.
    لذلك قال الله -عزَّ وجل-: "لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا" الأنبياء:٢٢.
    لو فيه إله مع الله أو غير ربنا معاه سيفسد الكون كله من التنازُع ومن أنَّ هذا الإتقان لا يقوم به إلا إله واحد وهو الله العليم الخبير -سبحانه وتعالى-.

    لذلك هذا أمر يدلُّ قَطْعًا على وجود الله، أنا عايزك تتأمل وهذه العبادة هي عبادة التَّفَكُّر اللي هو الدليل التاني بتاع النظم والإحكام دا يدفعك إلى التفكر والتأمل والتدبر في آيات الله الكونية والقرآنية، أنا عايزك تقرأ القرآن وتنظر إلى الآيات التي وجَّهت الإنسان إلى النَّظَر في المخلوقات، والنظر في نفسه، كما قُلنا "وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ" هات علم التشريح كده واقعد اقرأ عن عضلات الجسم، وبتنقبض ازاي، وتنبسط ازاي، والأكشن بتاعها لما تنقبض وتنبسط تعمل إيه، وإيدك تعمل كدا ازاي، وتعمل كدا ازاي، وتعمل كدا ازاي، كل هذه والله حركاتٌ متقنة بشكلٍ يعجز الإنسان عنه تمامًا، ليس فقط عن إيجاده، بل عن إدراكه بتفاصيله، أمر فعلًا صعب جدًّا علشان تذاكره مش سهل فما بالك علشان تعمله، يعني أمر مستحيل، ومَن الذي خلق ذلك؟ إنه الله -سبحانه وتعالى-.



    غير علم الفسيولوجي وظائف الأعضاء، هذه العلوم، علم الأنسجة، وكل نسيج يلائم المكان الذي فيه بشكلٍ مُبْهِر، تجد إنّ فيه أنسجة فيها شعر فيهاcilia اللي هي بتحرك زي مثلًا في الأنف فيه الشعب الهوائية علشان تطرد المخاط، تطرد الأجسام الغريبة، تطرد أشياء تانية.
    حاجة تانية زي مثلًا القرنية تلاقيها سموس أوي (smooth) علشان تلائم هذه النعومة، وهذه الرؤية الشفافة اللي إنت بتشوفها.
    حاجات تانية كتير وكتير، الجلد بيبقى فيه حاجة اسمها اسكويمس ابيسيليم، طبقات كده علشان تستحمل إنها ما تتخدشش مش أيّ حاجة تلمسها تعوّرك، أو تشعر بالألم بسهولة.

    خلايا مخصَّصة إنك تشعر بالحرارة، خلايا مخصصة تشعر بالبرودة، خلايا مخصصة أن تشعر بالضغط، يعني لما حد يضغط عليك كده تحسّ إن فيه ضغطة بتحصل على إيدك، دي خلايا انضغاطية عصبية كده لما تضغط تحسّ بهذا الأمر، خلايا للألم، الضغط غير الألم، كل هذه الخلايا، والأنسجة العصبية، والأنسجة العظمية، والأنسجة العضلية، والله أمرٌ مبهر غاية الإبهار، الإنسان لو قعد يتأمل فيه حياته كلها تنقضي حياته ولا ينقضي عَجَبه مِن صُنْع الله الذي أتقن كل شيء -سبحانه وتعالى-.
    دا في الإنسان، انظر في الكون كم عدد الأسماك، كَمْ كَمّ البحار، كمّ المحيطات، كمّ ما يوجد في الكون من معجزاتٍ مبهرة، لو الإنسان قعد بس يفكر في كيف الله -عز وجل- دبّر للحيوانات البرية رزقها، إنت بس تقعد تتفرج كده على قنوات زي البي بي سي مثلًا أو غيره، اللي بتجيب مثلًا حاجات عن حياة الكائنات أو ناشيونال جيوجرافي أو غيره حاجات عن حياة الحيوانات، شوف حيوان واحد الله -عز وجل- كيف خلقه ودبَّر له رزقه.

    ودا أمر ومكوّن آخر أو دليل آخر من أدلة وجود الله -سبحانه وتعالى- وهو المكون الغريزي، ودا برضو لا بُدَّ له من خالقٍ دا من النظم والإحكام، المكوّن الغريزي في الكائنات، ودا السؤال اللي فرعون سأله لموسى -عليه السلام- أو موسى -عليه السلام- قال لفرعون، قال له إيه بقى؟
    "قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ" طه:٥٠.
    يعني إيه الكلام دا؟ يعني سيدنا موسى -عليه السلام- يستدلُّ على وجود الله بدليل غاية في الروعة، بيقول له إيه؟ بيقول له انظر إلى الكائنات كل كائن له جسم مختلف، كل طائر له منقار غير الطائر الآخر، وله قدم وريش ورأس غير الطيور الأخرى، وكل مخلوق مختلف عن الآخر، دا زواحف بتمشي على بطنها، ودا إنسان بيمشي على رجليه، ودي دواب بتمشي على أربع، كل هذه المخلوقات الله -عز وجل- أعطاها خَلْقَها "الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ" اللي هو جسمه "ثُمَّ هَدَىٰ" يعني إيه ثم هدى؟
    أعطاه الغريزة الجبلّية التي بها يستطيع أن يتفاعل مع جسمه، يعرف ازّاي يطير، مَن الذي علَّم الطير الطيران؟ الطير اتولد بأجنحة ازّاي عرف يطير؟ كيف تعلَّم هذا الطيران الذي استخدمه الإنسان في صُنْع الطائرة بعد ذلك؟ كيف تعلَّم السمك الغَوْص في البحار، كيف تعلَّم كل حيوانٍ ما يعيش به في هذه الحياة؟

    مِن الغرائز المُهِمَّة جدًّا والعظيمة جدًّا واللي بتحتاج إلى تأمُّل وتدبُّر كبير جدًّا هجرة الكائنات، انتوا عارفين إنّ فيه حاجة في الكائنات اسمها الهجرة، فيه طيور مهاجرة، وفيه حيوانات مهاجرة، هذه الهجرة مَن الذي علَّمها ذلك؟ مَن الذي علَّمها هذه الأسراب التي تطير في الفضاء لا تُخْطِئ بوصلتها الوجهة أبدًا، بل تفوق كل المُعِدَّات الحديثة التي خلقها الإنسان؟

    مَن الذي خلق العين التي في كل المخلوقات التي تجاوزت كل الكاميرات اللي احنا بنصوَّر بيها وبنشوفها، وكام ميجا بكسل، وكام مش عارف إيه، والشَّاشات والموبايلات، كل هذه رؤية العين تفوقها بمراحل، مَن الذي خلق هذه العين؟ مَن الذي خلق كل هذه المخلوقات؟

    مسألة الغريزة إنّ أنت ربنا ادّاك عضو وعلّمك ازاي تستخدمه، هذه الغريزة هي مِن أدلّ الأمور على وجود خالق عليم حكيم -سبحانه وتعالى-، فالإنسان إذا تدبَّر إلى هذه المخلوقات وكيف علّمها الله -سبحانه وتعالى- "الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ".
    انظر إلى الوحوش كيف علِمت إنّ فيه حاجة اسمها بيات شتوى، كيف علمت إنّ فيه حاجة بتتاكل وحاجة ما تتاكلش، وفيه حاجة ضارّة ليها وحاجة تنفعها، مين اللي علّم كل هذه المخلوقات هذه الأشياء؟
    هذه دعوة للتدبُّر، تدبَّر في خَلْق الله -عز وجل- ستَعْلَم أنْ لا إله إلا الله.



    ملخص الحلقة

    نُجْمِل ما ذكرناه في هذه الحلقة إجمالًا: أولًا تكلمنا على فطرية معرفة الله -عز وجل- وأنَّه أمرٌ فطريّ خُلق الإنسان على هيئةٍ يقبل بها الأدلة التي تدلّ على وجود الله -عز وجل-، وأنَّ هذا أمر بدهيّ لا يحتاج إلى استدلال إلا لمن تلوَّثت فطرته بالشبهات، أو لمن يريد أن يزداد يقينًا بالنَّظَر في هذه الأدلة.

    الأمر الثاني أنَّ هناك أدلة عقلية تناولنا منها دليلين فقط والأدلة كثيرة جدًّا، الدليل الأول أنَّ الأثر يدلُّ على المُؤَثِّر، وأنَّ الله -عزَّ وجلّ- قال: "أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ" وهذا نوعٌ من السبر والتقسيم الذي يدلُّ قَطْعًا على أنَّ لهذا الكون خالق.

    الدليل الثاني هو دليل النظم والإحكام، وأنَّ هذه المخلوقات بما فيها من نَظْمٍ وإحكامٍ دقيق لا تنتهي عجائبه ولا غرائبه لا تدلُّ فقط على وجود الله بل أيضًا على أنَّ الله -عز وجل- عليم حكيم -سبحانه وتعالى-، فهو العليم الحكيم -سبحانه وتعالى- في خَلْقه وفي تدبيره.



    دعاء الخاتمة
    نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يثبّتنا وإياكم على اليقين في الله -عز وجل-، وأن نزداد يقينًا إلى يقين، وأن يجعلنا من الذين يدحضون الشبهات عن الإسلام، وأن يستعملنا وإياكم في طاعته، وأن يتقبل الله منا ومنكم ويجعلنا وإياكم مِن الذين يستمعون القَوْل فيتَّبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    تم بحمد الله


    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36


    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.


    ​​​​​​​​​​​​​​
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق


    • #3
      جزاكم الله خيرًا

      تعليق

      يعمل...
      X