إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللقاء الحادي والعشرون | النبي - صلى الله عليه وسلم - قائد للدكتور عبدالرحمن الصاوي | بصائر3

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللقاء الحادي والعشرون | النبي - صلى الله عليه وسلم - قائد للدكتور عبدالرحمن الصاوي | بصائر3




    النبي -صلى الله عليه وسلم- قائد، يا لها من سعادة حين نتكلم عن رسول الله، يا لها من فرحة حين نسمع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يا لها من لذة حين نرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أفعاله وأقواله وحياته، يا لها -والله- من حياةٍ حين نعيش حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأبي أنت وأمي ونفسي وروحي ودنياي يا رسول الله.
    والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا وحبك مقرونٌ بأنفاسي
    ولا هممتُ بشرب الماء من عطشٍ إلا رأيت خيالًا منك في الكاس
    ولا جلست إلا قومٍ أحدثهم إلا وأنت حديثي بين جُلّاسي

    اللهم صلِّ وسلم وبارك على هذا النبي العربي الأُمّي وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.



    اللقاء الحادي والعشرون | النبي - صلى الله عليه وسلم - قائد للدكتور عبدالرحمن الصاوي | بصائر3


    تفضلوا معنا في تحميل الدرس بجميع الصيغ



    رابط الدرس على الموقع وبه جميع الجودات

    http://way2allah.com/khotab-item-136611.htm

    رابط صوت mp3
    http://way2allah.com/khotab-mirror-136611-217604.htm


    رابط الجودة hd
    http://way2allah.com/khotab-mirror-136611-217603.htm


    رابط يوتيوب



    رابط ساوند كلاود

    https://soundcloud.com/way2allahcom/alnaby-qa2ed


    رابط تفريغ بصيغة pdf

    http://way2allah.com/khotab-pdf-136611.htm


    رابط تفريغ بصيغة word

    https://archive.org/download/qa2ed/%...8%A6%D8%AF.doc

    لمشاهدة جميع دروس الدورة وتحميلها على هذا الرابط:
    http://way2allah.com/category-585.htm


    | جدول دورة بصائر لإعداد المسلم الرباني | الجزء الثالث |


    موضوع مخصص للاستفسارات الخاصة بالدورة العلمية " بصائر3 "


    لقراءة التفريغ مكتوب
    تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله.

    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 01-11-2017, 12:06 AM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.


  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.


    "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" آل عمران:١٠٢.
    "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" النساء:١.
    "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" الأحزاب:٧٠،٧١.


    أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهَدْي هَدْيُ محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد:


    مرحبًا بكم أيها الإخوة الكرام الأحباب، وأسأل الله -جل وعلا- الذي جمعنا سويًّا في هذا اللقاء أن يجمعنا بنبيِّنا -صلى الله عليه وسلم- في أعلى جنات الخُلْد بفضلك وكرمك إنك نِعْم المولى ونعم النصير، ثم أما بعد أيها الكرام الأحباب مع هذه السلسلة الميمونة الفاضلة المباركة التي نتشرف فيها جميعًا بالكلام عن حبيبنا ونبينا وقرة أعيننا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ومعنا بأمر الله -جل وعلا- النبي -صلى الله عليه وسلم- قائد.

    النبي -صلى الله عليه وسلم- قائد، يا لها من سعادة حين نتكلم عن رسول الله، يا لها من فرحة حين نسمع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يا لها من لذة حين نرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أفعاله وأقواله وحياته، يا لها -والله- من حياةٍ حين نعيش حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأبي أنت وأمي ونفسي وروحي ودنياي يا رسول الله.
    والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا وحبك مقرونٌ بأنفاسي
    ولا هممتُ بشرب الماء من عطشٍ إلا رأيت خيالًا منك في الكاس
    ولا جلست إلا قومٍ أحدثهم إلا وأنت حديثي بين جُلّاسي

    اللهم صلِّ وسلم وبارك على هذا النبي العربي الأُمّي وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.




    النبي صلى الله عليه وسلم إمام الأنبياء

    أيها الكرام الأحباب النبي -صلى الله عليه وسلم- قائد، نعم هو قائد الدنيا، هو إمام الدنيا، هو إمام الأنبياء شرَّفه الله -جل وعلا- بذلك، يقول -صلى الله عليه وسلم- وهو المتواضع كما ثبت في صحيح مسلم وهذه رواية الترمذي وغيره، الترمذي وابن ماجة، من حديث أبي سعيد الخدري، وصححها الألباني، وكما قلتُ لكم أصل الحديث في صحيح مسلم، أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
    "أَنا سيِّدُ ولدِ آدمَ يومَ القيامةِ ولا فَخرَ، وبيدي لواءُ الحمدِ ولا فخرَ، وما من نبيٍّ يومئذٍ آدمَ فمن سواهُ إلَّا تحتَ لوائي، وأَنا أوَّلُ من تَنشقُّ عنهُ الأرضُ ولا فخرَ" ".. وأنا أوَّلُ شافعٍ، وأوَّلُ مُشفَّعٍ ولا فخْرَ..".
    هكذا نبينا -صلى الله عليه وسلم- هو المتواضع لكن الله -جل وعلا- أوحى له ذلك أنه قائد الأنبياء، قائد الأنبياء كما قال. وقائد الأنبياء عمليًّا، ففي تلك الرحلة العظيمة التي خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها من مكة إلى بيت المقدس، ثم رقى إلى السماء، يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- بفضل الله -جل وعلا- قائدًا لكل الأنبياء والمرسلين، فيُصَلِّي النبي -صلى الله عليه وسلم- بهم إمامًا.




    النبي صلى الله عليه وسلم قائد الأمة

    لكني سأعيش في هذه الليلة مع قيادة النبي -صلى الله عليه وسلم- للأمة المحمدية، للصحابة الكرام ولِمَن جاء وراءهم، ليُعَلِّمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- ويُعَلِّم كل القادة وكل الزعماء وكل الرؤساء وكل الأُمَراء وكل الملوك كيف تكون القيادة.
    قاد النبي -صلى الله عليه وسلم- الجيوش، وقاد النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمة، وقاد النبي -صلى الله عليه وسلم- الكبير والصغير، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- علَّمنا كيف تكون القيادة في أعلى درجاتها.

    قاد وهو يُوحَى إليه ومع ذلك شاور الصحابة، بل وشاور النساء، تلك هي القيادة.

    قاد النبي -صلى الله عليه وسلم- والحرص كُلّ الحرص على عمره وعلى حياته إذ لو مات رسول الله ماتت الدعوة وماتت الرسالة، ومع ذلك قاد النبي من وسط المعارك، قاد النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في مقدمة الصفوف؛ ليُعَلِّم القُوَّاد كيف تكون القيادة.
    قاد النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة والمفترض أن يكون مُتَفَرِّغًا للتفكير، هو القائد، أن يكون مُتَفَرِّغًا للإعداد، هو القائد، أن يكون مُتَفَرِّغًا للتخطيط، هو القائد، ومع ذلك قاد وهو جائع، قاد وعلى بطنه قد رُبِط الحجر، قاد وهو لم يأكل ثلاثة أيام، لتكون رسالةً لكل القُوَّاد.
    قاد النبي -صلى الله عليه وسلم- وقاتل مع المقاتلين فلم يجلس في برجٍ عاجيّ، ولم يَقُدْها من أعالي الجبال، ولا من وسط البحار، ولم يَكُن مُتَخَفِّيًا، بل كان وسط المشركين يُقَاتِل، بل وأقرب الناس إلى المشركين هو رسول الله -صلى
    الله عليه وسلم-.
    قاد فَمَا فَرّ، ليُرْسِل رسالةً إلى الشُجْعان، قاد النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أشجع الناس.

    قائد لا يغدر بل يُوْفِي بالعهود.

    قاد النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد خطّط وعَمِلَ بالأسباب، رغم أنه يعتمد على مَن سَبَّب الأسباب؛ ليُرْسِل رسالةً لكُلِّ القُوَّاد "وَأَعِدُّوا".
    قاد النبي -صلى الله عليه وسلم- وقلبه مُتَعَلِّقٌ بالله، وعَلَّق قلوب أصحابه بربه لا به.
    قاد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ووفَّى، وزرع الأمل في قلوب أصحابه، قاد وحارب عدوَّه حربًا نفسيًّا، وأنشأ هو عمليًّا زَيّ ما بيقولوا في كل الجيوش فيه حاجة اسمها القسم المعنوي ولا بيسمُّوها إيه الشؤون المعنوية، قاد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وقد قدَّم وقد أعدَّ وقد أنشأ الشؤون المعنوية في أصحابه، فزرع الأمل في قلوبهم، ورفع شأنهم.



    هذا هو القائد، ليُرْسِل النبي -صلى الله عليه وسلم- رسالةً إلى كُلِّ مَن يقود؛ ليُعَلِّمَه كيف تكون القيادة.

    قاد النبي -صلى الله عليه وسلم- فما وضع على صدره النياشين ولا على أكتافه النسور ولا السيوف، إنما حملها في يده، والنيشان الذي وُضِع على صدره من ربه جل وعلا هو سيد الأولين والأخرين، بأبي أنت وأمي يا رسول الله.
    قاد وهو كبير السِّنِّ -صلى الله عليه وسلم- فما ترفَّع عن أحد، بل تساوى مع كُلِّ الشباب، بأبي أنت وأمي ونفسي يا رسول الله. قاد بتواضُع، وقاد بقُوَّة، جاهَد بشِدَّة، وجاهَد بحُسْن خُلُق بأبي أنت وأمي يا رسول الله.
    مُحَالٌ أن ترى في البشر مَن يجمع بين تلك الصفات المُتَضَادَّة إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنَّه تربية ربّه -جَلَّ وعَلا-. النبي -صلى الله عليه وسلم- القائد.

    القائد العادل المُنْصِف المتواضِع

    تخيَّل أربعٌ وخمسون سنة، النبي عنده كام سنة؟ أربعة وخمسين سنة في غزوة بدر، تعلَّموا القيادة، في غزوة بدر النبي عنده أربعة وخمسين سنة، احسبوها كده، أنا حسبتها، أربعين سنة بقى نبي، ١٣ سنة في مكة، يبقى كام؟ تلاتة وخمسين سنة، وغزوة بدر سنة واحد هجرية، يبقى كام سنة؟ أربعة وخمسين سنة، يقود النبي وهو أربعة وخمسين سنة ويمشي النبي من المدينة لغاية بدر، من المدينة لبدر كام كيلو؟ ٢٠٠ كيلو، اسألوا أهل المدينة يعرفوا من المدينة لبدر ٢٠٠ كيلو، يخرج النبي -عليه الصلاة والسلام- معه ٣١٥ صحابي تقريبًا، ومعهم سبعون بعيرًا، سبعين جمل، فبيسألوهم كيف كنتم تركبون؟



    والحديث ثابت في مُسْنَد أحمد من حديث ابن مسعود، وكذلك عند الحاكم في المُسْتَدْرَك، وهو إسناد صحيح، أنَّ ابن مسعود قال: "كنا نتناوب ثلاثة على بعير.." تعلموا القيادة، كنا نتناوب ثلاثة على بعير، يعني إيه؟ يعني تلاتة من الصحابة على جمل، يعملوا إيه؟ تعلَّم، واحد يركب الجمل بمقدار قراءة جزء من القرآن، ما عندهمش ساعات، وبعدين ينزل والتاني يركب، واللي كان راكب ينزل ويمشي بمقدار جزء، والتالت يركب والاتنين يمشوا بمقدار جزء، والرابع يمشي الجمل فاضي علشان يستريح بمقدار جزء، يقول ابن مسعود: "كنا نتناوب أو نتعاقب ثلاثة على بعير" طب والنبي؟ أكيد طبعًا في جمل والهودج والجمل يتهوَّى عليه ومريّح وهو في النُّصّ وحماية وحراسة وقُدَّام وورا، خالص، خالص، كان النبي -صلى الله عليه وسلم-، كان رفيقَي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على البعير علي بن أبي طالب، وأبو لبابة، يعني النبي زَيّ الناس؟ زَيّ الناس، تلك هي القيادة.

    أنت متخيل يا أخي أنت متخيل النبي -عليه الصلاة والسلام- يمشي جنب البعير هنا، وعلي بن أبي طالب هنا، وأبو لبابة راكب والنبي ماشي على رجله في التراب في الصحراء وهو أربعة وخمسين سنة، هي دي القيادة.
    "كنَّا يومَ بدرٍ، كلَّ ثلاثةٍ علَى بعيرٍ -أي يَتعاقَبونَ-. وَكانَ أبو لبابةَ وعليُّ بنُ أبي طالبٍ زميلَي رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قالَ فَكانَت عُقبةُ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالا لهُ نَحنُ نمشي عَنكَ -ليظلَّ راكِبًا-..".
    فقال علي بن أبي طالب وأبو لبابة: "يا رسول الله، اركب أنت ونحن نمشي عنك"، علي بن أبي طالب عارف كان عنده كام سنة؟ كان عنده ١٩ سنة، في أوج قوّته، شاب، فقال له: يا رسول الله، أولًا أنا قريبك، وأنا متنازل عن نصيبي، وأنا يعني أنت رسول الله، وأنت ابن عمي، وأنت حبيبي، وأنت سيدي، وأنا شاب وأنت أربعة وخمسين سنة، وأبو لبابة كذلك: "يا رسول الله، اركب أنت ونحن نمشي عنك".
    فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ليُرْسِل الرِّسَالة لكُلِّ القادة يُعَلِّمُهم كيف تكون القيادة، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "ما أنتُما بأقوى منى علَى المشيِ ولا أَنا بأَغنى عنِ الأجرِ منكُما" حسَّن الألباني إسناده، فمشى رسول الله وغبر قدمه في التراب؛ ليُعَلِّم الناس كيف تكون القيادة بتواضُع، كيف تكون القيادة بالعدل، كيف تكون القيادة مع المساواة، كيف تكون القيادة مع الإنصاف، هذا هو رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

    القائد يُعَلِّق قلبه وقلوب أصحابه بالله

    يُعَلِّم النبي -صلى الله عليه وسلم- القادة كيف تكون القيادة عمليًّا، فالقائد لا يعتمد على قُوَّته وإنْ أعَدّ، والقائد يُلْقِي حِمْلَه وهَمَّه كله بساحة القَوي وإن جهّز نفسه، بين يدي غزوة بدر الصحابة عندهم معركة الصبح، قتال الصبح، فناموا بالليل يتجهزون هياخدوا قسط من الرَّاحة، النبي ما نام، قام النبي الليل يتضرع ربه، يسأل ربه طول الليل مع إنّ فيه معركة الصُّبح، ليُعَلِّم القادة التَّعَلُّق بالله، سؤال الله -جل وعلا- وحده.
    إيَّاك أنْ تَنْظُر إلى قوَّتك، لَمَّا نظر الصحابة إلى قوَّتهم يوم حُنين وأُعْجِبوا بأنفسهم خسروا، فرّوا، لكنّ القائد ما فرّ صلى الله عليه وآله وسلم.

    النبي -صلى الله عليه وسلم- في معركة بدر يقوم في جوف الليل داعيًا مُتَضَرِّعًا ربه، سائلًا ربه -جل وعلا- أنْ ينصره، وبين يدي المعركة خلاص وجد المشركين بِخَيْلِهم ورَجْلِهم وعتادهم وقوَّتهم ومعهم ألف جندي ومعهم فوارس ومعهم خمر ومعهم كل العدَّة خرجوا للقتال، والنبي خرج من البداية لغير قتال، ورأى أصحابه مُسْتَضْعَفَة قِلَّة، فتضرَّع النبي لربه مادًّا يده إلى السماء حتى ظهر بياض إبطيه وسقط الرداء من على كتفه -صلى الله عليه وسلم-، ليُعَلِّم القادة سؤال الله -جل وعلا- النَّصْر، فلن تُنْصَر إلا بالله، ولن تُعان إلى بعون الله، ولن تُوَفَّق إلا بتوفيق الله، ولن تُسَدَّد إلا بتسديد الله، ولن يُكْرِمَك أحدٌ بالنصر مهما كانت قوَّتك فالقوة من الله -جل وعلا-، "مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا" فاطر:١٠. "إِن يَنصُرْكُمُ اللَّـهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ" آل عمران:١٦٠.
    هو دا القائد، يُعَلِّم مَن تحته أنَّ الله -جَلَّ وعلا- هو الذي سينصر، وبيده الأمر كله -سبحانه وتعالى-، لو القادة عرفوا الكلام دا مش هيهمّهم بقى، مش هيهمّهم لا طيارات، ولا دبابات، ولا نووي، ولا هيدروجيني، ولا قنابل، ولا غواصات، ولا صواريخ، ولا طائرات، خلاص، سيتعلَّق بالله -جل وعلا-.

    عارفين الفلاح البسيط أول ما أمريكا طلّعت الطيارة الشبحF18 وضربت بها إخواننا في العراق، المرجفون قاموا قالوا أمريكا معاهاF18 دي بتعرف ماركة الفانلة اللي أنت لابسها وأنت ماشي، ما بتظهرش في الرادار، دا الطيارة دي لو طلع لها صاروخ علشان يضربها بتطلَّع صاروخ مضاد يضربها، وصاروخ ضده يضرب القاعدة اللي طلع منها، أمريكا، أنت بتتكلم في إيه.
    طلع واحد فلاح بسيط كده متعلّق بالله يُعَلِّم القادة، قال لهم: أنا عاوز أسأل سؤال هي الطيارة دي فوق ربنا ولا تحت ربنا؟ قالوا: لا طبعًا تحت ربنا، قال: إذن فالذي فوقها يملكها وهو معنا، خلاص، هو دا القائد الذي يُعَلِّق قلوب مَن معه بالله -جل وعلا- عمليًّا، مش يقول لهم ادعوا ربنا وهو قاعد يشرب خمرة، مش يقول لهم عندنا حرب بكره وهو قاعد سهران مع النساء، خالص، إنما النبي -صلى الله عليه وسلم- مع المسلمين حين يقومون يقوم معهم، حين يتحرك يتحرك معهم، حين يجوع الواحد منهم يجوع معهم صلى الله عليه وآله سلم.

    فالنبي بين يدي المعركة يناشد ربه -جل وعلا-، يناشد ربه حتى ظهر بياض إبطيه، وفي صحيح البخاري من حديث عمر سقط رداء النبي من على كتفه على الأرض، والتزمه الصّدّيق من ورائه من كثرة تَعَلُّق قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- بالله وسؤاله ربه، اسمه استغاثة مناشدة، تعلَّم الصحابة من القائد الاستغاثة بالله، النبي هو اللي عمل الأول كده.
    "لما كان يومُ بدرٍ، نظر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المشركين وهم ألفٌ، وأصحابُه ثلاثمائةٍ وتسعةَ عشرَ رجلًا. فاستقبل نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القبلةَ. ثم مدَّ يدَيه فجعل يهتف بربِّه: اللهمَّ! أَنجِزْ لي ما وعدتَني. اللهمَّ! آتِ ما وعدتَني. اللهمَّ! إن تهلِك هذه العصابةُ من أهلِ الإسلامِ لا تُعبدُ في الأرض، فما زال يهتف بربِّه، مادًّا يدَيه، مستقبلَ القبلة، حتى سقط رداؤُه عن منكبَيه. فأتاه أبو بكرٍ. فأخذ رداءَه فألقاه على منكبَيه. ثم التزمه من ورائِه" صحيح مسلم. قال يا ربّ، يا ربّ، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلن تُعْبَد بعد اليوم في الأرض، اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، ظَلَّ يناشد ربه حتى تعلَّم الصحابة مِن القائد عمليًّا، فاستغاثوا بالله -جل وعلا- وسجَّل القرآن هذه التربية، وهذا التَّعَلُّم عمليًّا، فقال الله -جل وعلا-: "إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ" مين؟ الكل وأولهم رسول الله القائد، "إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم ..." الأنفال:٩. إلى آخر الآيات.


    القائد الشجاع وسط المعركة والأقرب للعدو

    هذا هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مِن أين يقود رسول الله المعركة؟ القائد، فين؟ القواد القادة بيعملوا لهم غرفة عمليّات مدفونة تحت الأرض، ومُغَطَّاة بالصَّبَة اللي ما تخترقهاش القنابل، محدش بينزل فيهم المعركة أما رسول الله فينزل المعركة والله -جل وعلا- مدافعٌ عنه، والله -جل وعلا- حاميه، هو كدا يا إخواننا، دا الولي من أولياء الله ربنا بيحارب عنه "من عادَى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحربِ" كما في الحديث القدسي في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة، فما ظنكم مش ولي دا نبي، دا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القائد، هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القائد يقود المعركة من وسطها، فين؟ في النُّصّ.

    اسمع دي بقى، علشان تعرف رسالة للقائد، يقول البراء كما ثبت في صحيح مسلم: "كنا، واللهِ! إذا احمرَّ البأسُ.." يعني إيه؟ يعني اشتد الوطيس، يعني الرؤوس تطايرت، يعني البطون تمزَّقت، والأشلاء تقطَّعت والدماء انتشرت، وخلاص المشركين مِن كل مكان، يقول: "كنا، واللهِ! إذا احمرَّ البأسُ نتَّقي بهِ. وإنَّ الشجاعَ منا للذي يُحاذى بهِ. يعني النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ"، نستخبَّى ورا النبي، مش القائد اللي عامل قوات دفاع أولى وخط أول وخط تاني لا دا النبي نفسه في النُّصّ، دا بيستخبُّوا وراه، كُنَّا إذا احمرَّ البأسُ نَتَّقِي برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هذا هو القائد، ما فَرَّ.

    هذا هو القائد -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- بأبي أنت وأمي ونفسي يا رسول الله، وسط المعركة يدافع معهم، يقاتل معهم، يعيش معهم، يُصاب مثلهم، ألم يُصَب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أُحُد، الصحابة الكبار العظام، بدون أسماء، الكُلّ فرّ، الكُلّ جرى على جبل أُحُد ويطلع هربان، كما سجَّل القرآن: "إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ" آل عمران:١٥٣. محدش فكَّر، النبي ما فرّ يوم أُحُد، وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- في المعركة وحده ومعه جَمْعٌ من الصَّحَابة حتى لَمَّا قُتِلُوا وقف النبي يقاتل وحده، تخيَّل، هو دا القائد.

    مش زَيّ ما بيقولوا نُقاتل حتى آخر نَفَس لكم، لا، حتى آخر نفسي لي، أنا أولكم، يقاتل النبي، يفرُّ الصحابة ويقف النبي -صلى الله عليه وسلم- في المعركة يُقاتل وينادي على الصحابة: هلموا إليّ، هلموا إليّ، تعالوا قاتلوا، تعالوا دافعوا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأتى طلحة بن عبيد الله وأتي اثنى عشر رجلًا من الأنصار، وجاء المشركون يريدن قَتْل النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي دخل الحديد في وجنتيه، حلقات المغفر دخلت اتغرزت في خدَّي النبي -عليه الصلاة والسلام-، شُجّ رأسه، دماغ النبي اتفتحت، كُسِرَت رباعيته، الأسنان الأربعة اللي تحت اتكسروا، أُدْمِي عقبه، وقع في الحفرة وشِيْع أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- مات، وقع في الحفرة خلاص كأنه اندفن -عليه الصلاة والسلام-.
    وقام النبي -صلى الله عليه وسلم- يُقاتل ينادي على الصحابة حتى اجتمعوا عليه، اجتمع اثنى عشر رجلًا منهم طلحة بن عبيد الله، قال النبي وقد رأى المشركين قاصدين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريدون قتله، قال النبي: مَن يردهم عنا وله الجنة، أو يكون معي في الجنة؟ فقام واحد من الأنصار وظلَّ يُدافع عن رسول الله حتى قُتل، فقال النبي مرة ثانية: مَن يرد هؤلاء عَنَّا وله الجنة أو يكون معي في الجنة؟ فقام ودافع عن رسول الله حتى قُتِل، قُتِل اثنى عشر رجلًا من الأنصار وبَقِي طلحة بن عبيد الله، قُطِعَت يده، ثم قُطِعَت أصابعه، وقعت أمام رسول الله وهو يقول حسّ حسّ حسنًا حسنًا، قال النبي: "لو قلتَ بِسمِ اللَّهِ لرفعتْكَ الملائِكةُ والنَّاسُ ينظرونَ" حسنه الألباني، وبَقِيَ رسول الله يُقَاتل ما فَرَّ وسط المعركة، حتى انتبه الصحابة ورجعوا مُدافعين عن رسول الله، وما فَرَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا هو القائد وسط المعركة.



    القائد لو جاع شعبه يكون أول الجائعين

    لو جاع الشَّعْب يكون هو أول مَن جاع، مش يركب أفخم سيارة ويقول لهم اشتغلوا على عربية فول، مش ياكل أحسن أكل جاي له سخن من فرنسا والشعب مش لاقي سوس بفُوْلُه، النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- جاع ثلاثة أيام يوم الأحزاب، الصحابة جعانيين والنبي أكثرهم، الصحابة بيحفروا الأرض وأول واحد يحفر النبي، الصحابة لو تعبوا من الحَفْر ييجي النبي يحفر، تخيَّل، رسول الله يحمل التراب بيده، يلمّ التراب كده في الثَّوْب بتاعه ويمشي يرميه -عليه الصلاة والسلام-، ولم يأكل ثلاثة أيام، كما قال جابر بن عبد الله كما في الصحيحين يقول: "ولَبِثنا ثلاثةَ أيَّامٍ لا نَذوقُ ذَواقًا.." صحيح البخاري.
    تلات أيام ما أكلتش، جابر بن عبد الله بيقول تلات أيام ما أكلتش وشُغْل أشغال شاقّة، حفر خندق ستة متر في تلاتة متر حوالين المدينة، المفروض يتحفر في ١٢ يوم حفروه في أربعة أيام، أشغال شاقَّة، النبي وسط الحفر لو وقفت صخرة صعبة لا يستطيع أقوياء الرجال ضربها يأتوا برسول الله ليضربها النبي -عليه الصلاة والسلام- بيديه، هو اللي يحفرها، ويحمل النبي التراب -عليه الصلاة والسلام- وهو جائع خمصت بطنه، وعنده كام سنة؟ النبي عنده ستة وخمسين أو سبعة وخمسين سنة، قارَب السّتّين من عمره ويفعل هذا!

    يقول جابر وهو جعان، جابر جعان، قال: فلمَّا نظرت لرسول الله رأيت النبي جائعًا لم يَذُق ذَوَاقًا ثلاثة أيام فرأيت ما لا صبر لي عليه، النبي جعان وأنا جعان، إنما أنا أصبر النبي ما أقدرش أصبر إنّ يكون حبيبي جعان، فأسرع جابر إلى زوجته عندك طعام؟ آه عندي طعام يكفي، مين؟ رسول الله ورجل أو رجلين معه، يعني عندي عناق فرخة ولا حاجة صغيرة كده قدّ الفرخة، تكفي مين يعني؟ اقسمها أربعة، تاخد أنت رُبع يا جابر، والنبي رُبع، وأبو بكر ربع، وأنا رُبع، لو جاب عُمَر يبقى أنا مش هاكل وتاكل أنت ربع.

    لكن القائد لا يشبع وجنوده جائعون، علطول النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: طهيتم الطعام؟ أعددتم الطعام؟ قال اذهب ولا تُحْدِث شيئًا حتى آتيك، للجيش كله: هَلُمُّوا فإنَّ في بيت جابرٍ طعامًا، لا يأكل النبي حتى يأكل الجيش، يطهي النبي بيده، يذبح النبي بيده، يسلخ النبي بيده، يعجن النبي بيده، يدفع النبي ليخبز بيده. ويوضع الطعام في بيت جابر، مش هو اللي يقعد ياكل الأول، لا، دا النبي يقول: "ادخلوا ولا تضاغطوا"، ليأكل الجميع ثم يجلس النبي مع جابر ليأكل ما بقي، ويقسّم على بيوت المدينة، ليُعطي النبي رسالةً إلى كل القادة، هكذا يكون القائد، يجوع حين يجوع الشَّعْب، يجوع حين يجوع المسلمون هذا هو القائد بأبي هو وأمي صلى الله عليه وآله وسلم.




    القائد لا يفرُّ ولا يهرب في الأزمات

    القائد لا يفرّ، ففي أحلك اللحظات يوم حُنين، كما سجَّلها القرآن "وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙإِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ" التوبة:٢٥. بصيغة الجماعة، "وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ" الكلام لمين؟ للكل، القائد لا، رسول الله ما فَرّ، وقف النبي وحده يوم حُنين، وهو ينادي: "أنا النبيُّ لا كذِبَ، أنا ابنُ عبدِ المُطَّلِبِ" صحيح البخاري، أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب، والعبَّاس يسمع كلامه فينقل كلامه بصوتٍ عالٍ، أنا النبيُّ لا كَذِب أنا ابن عبد المطلب، فيسمع الصحابة فيأتون لرسول الله حتى يعزّ الله -جل وعلا- المسلمين مرة ثانية.
    هذا هو القائد، القائد عَلَّق قلوبهم بالله، القائد شاركهم في المعركة، القائد حَمَل معهم التراب، القائد جاع معهم حيث جاعوا، وما شبع إلا بعدما شبعوا.

    القائد يزرع الأمل في قلوب أصحابه

    القائد يزرع الأمل في قلوب أصحابه، مش يقول لهم احنا فقراء، احنا أيامنا زفت، احنا مش لاقيين ناكل، أنا معنديش، القائد يقول: "قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّـهِ" النساء:٧٨، القائد يزرع الأمل، ما تقلقوش ربنا هينصرنا، ما تقلقوش ربنا هيطعمنا، ما تقلقوش ربنا هيغنينا، ما تقلقوش ربنا هيوسّع علينا، ما تقلقوش ربنا هيعزّنا، ما تقلقوش ربنا هيمكّن لنا، هذا هو القائد، يزرع الأمل في قلوب أصحابه.

    في معركة بدر، الكل خايف، الكُلّ قلقان، الكل تعبان، والنبي يبشّرهم يقول:
    "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ" القمر:٤٥، هيُهزَموا وهيهربوا، يبشّرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- في المعركة، ليُعَلِّم القادة كيف تزرع الأمل في قلوب الجنود، هي دي بقى الجهات المعنوية، هي دي الحرب المعنوية، هو دا النصر النفسي، يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- للصحابة وهو يشير إلى مواطن في الأرض: ".. هذا مصرعُ فلانٍ، قال: ويضعُ يدَه على الأرضِ، ها هنا وها هنا.." بيقول لهم أبو جهل اللي انتوا خايفين منه دا هيموت، والوليد دا هيموت، وعتبة دا هيُقْتَل، لا مش هيُقْتَل بَسّ، دا هيُقْتَل هنا، ودا هنا، ودا حوالين الشجر دا، قال أنس كما في صحيح مسلم: "فما أماطَ أحدهم عن موضعِ يدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ".

    هو دا القائد، مهما تَكُن الشدائد في المعركة يُبَشِّر أصحابه، في معركة الأحزاب الصحابي خايف -أعزَّك الله- يروح يقضي حاجته، عاوز يقضي حاجته يعني بس عشرين تلاتين متر يستخبَّى، خايف يروح، ومش قادر يروح من شدة البرد، وشدة الريح، وشدة الجوع، وشدة الرعب، كما سجَّل القرآن: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚوَكَانَ اللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّـهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا" الأحزاب:١١:٩.

    هُنا تظهر براعة القائد محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- ليُبَشِّر هؤلاء وسط الزلزلة، وسط زيغان الأعيُن، وسط الخوف والرعب، ليزرع في قلوبهم الأمل، ليأتي النصر بعد ذلك من الله -جل وعلا-.
    يضرب النبي الأرض فيقول: "اللهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ الشامِ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ قصورَها الحُمْرَ الساعةَ، ثم ضرب الثانيةَ فقطع الثلُثَ الآخَرَ فقال: اللهُ أكبرُ، أُعْطِيتُ مفاتيحَ فارسٍ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ قصرَ المدائنِ أبيضَ، ثم ضرب الثالثةَ وقال: بسمِ اللهِ، فقطع بَقِيَّةَ الحَجَرِ فقال: اللهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ اليَمَنِ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ أبوابَ صنعاءَ من مكاني هذا الساعةَ" حسَّن إسناده ابن حجر العسقلاني. أو كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-.
    هو دا القائد، ما بييأسش، ما بيقولّهمش احنا هنعمل إيه مع أمريكا، دي أمريكا، احنا مانقدرش نحارب إسرائيل، لا القائد يزرع الأمل، كما قال تعالى: "ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" المائدة:٢٣.
    هذا هو القائد، القيادة قدوة.



    القائد يُشاور أصحابه

    النبي -صلى الله عليه وسلم- يُوحى إليه، عارف يعني إيه يوحى إليه؟ يعني مفيش قرار هيطلع إلا صح، لإن هو من فوق، مفيش قرار هيطلع إلا صح، يوحى إليه ممن يعلم الغيب، يوحى إليه ومع ذلك يُعَلِّم القادة كيف تكون القيادة فيُشاوِر، يسمع أبا بكر، إيه رأيك نعمل ايه؟ مع إن النبي عنده القرار الصائب، ياخد رأي عمر مع إن النبي عنده القرار الصائب، ياخد رأي المهاجرين ورأي الأنصار. كما حدث في يوم بدر قام النبي -عليه الصلاة والسلام- حدّثهم بإنّ فيه معركة وإنّ فيه قتال، تكلَّم أبو بكر وجلس، تكلَّم عمر وجلس، وأَحْسَنَا، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- عاوز يسمع من الأنصار اللي هُمّ أكثرية، اللي هُمّ اللي دافعين الفلوس، اللي هُمّ اللي يتحمَّلوا التَّبِعَة، اللي هُمَّ بلدهم المدينة ممكن تُقْصَد بعد ذلك.
    حتى قام المقداد بن الأسود، النبي بيشاور نعمل ايه؟ قال: "يا رسول الله، والله لو خُضت هذا البحر لخضناه معك، ولو سِرْت بنا إلى برك الغماد لسِرْنا معك، والله يا رسول الله.." كلام طويل حلو، النبي لما رأى ذلك وهو بيشاورهم ورأى ردّ المقداد إنّ احنا معاك يا رسول الله سُرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، انطلقوا على بركة الله، فجاء النصر، وجاء العزّ والتمكين.

    يشاور، لا لا، دا بيشاور بعد المعركة في أسرى بدر، رغم إنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- يميل إلى رأي مُعَيَّن حتى أخذ النبي بأمر الله -جل وعلا- برأي عمر، ووافق القرآن رأي عمر.
    لا لا، دا أعجب من كدا، النبي القائد يُشاور امرأة، يشاور امرأة، يوم الحديبية لا يسارع الصحابة إلى الحَلْق والذبح كما سارع النبي -عليه الصلاة والسلام-، يدخل إلى امرأته يقول لها: أم سلمة، إنَّ الصحابة تأخَّروا في تنفيذ الأمر، النبي قال: احلقوا واذبحوا، فما حلق أحدٌ ولا ذبح أحد، بيشاورها، بيشاور امرأة.

    فتقول أم سلمة: "يا رسول الله، اخرج ولا تُحَدِّث أحدًا، وادْعُ حالقك فليحلق رأسك واذبح هَدْيك"، فيسمع النبي لمشورة امرأة، ويكون فيها الخير، فلمَّا رأى الصحابةُ فِعْلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحَلْق والذَّبْح قاموا وتضاغطوا يعني من شدَّة الزحام، يعني اتزاحموا مع بعض، الأكتاف تضاغطت مع بعضها، تضاغطوا وسارعوا إلى تنفيذ أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، لأنَّ القائد يشاور، لا يستأثر برأيه، هذا هو النبي القائد.


    القائد يعلِّق قلوب أصحابه بالله وحده

    القائد يُعَلِّق قلوب أصحابه بالله لا به، ولا بقوَّتهم، ما يقولّهُمش احنا عندنا كام دبابة، واحنا طوَّرنا سلاحنا، واحنا نقدر عندنا صواريخ بعيدة المدى، خالص ولا الكلام دا، كل دا ولا حاجة إلا إذا قوَّانا الله، إلا إذا أعاننا الله، فيزرع النبي -صلى الله عليه وسلم- في قلوب الصحابة تعلُّقهم بالله -جل وعلا-، هو دا القائد، ما يقولّهمش احنا واحنا واحنا، وجنون العظمة، زي اللي كان بيخطب في مصر يقول لك نحن فلان، لا لا لا، ما كان النبي يقول ذلك أبدًا، إنما يستعين بالله -جل وعلا- باستضعافٍ وافتقارٍ إلى الله، ويُعَلِّم أصحابه ذلك.

    يقول النبي: "قولوا الله مولانا ولا مولى لكم" صحيح البخاري.
    في يوم الأحزاب وهُمَّ خايفين ومرعوبين، ماذا نقول يا رسول الله؟ نعمل إيه؟ نعمل إيه مع المشركين اللي جايين من كل مكان غطفان وقريش وقبائل العرب وحوّطوا بالمدينة وحصوننا هُدِّدَت من الداخل من بني قريظة، نعمل ايه؟ يُعَلِّمهم النبي الدرس، القائد يقول: قولوا: "اللهمَّ استرْ عوْراتِنا وآمِنْ رَوْعاتِنَا" حسنه الألباني، يعني بيقول لهم ملناش إلا ربنا، مفيش قُدَّامنا إلا ربنا، اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا، هذا هو القائد.

    القائد يأخذ بالأسباب ويعدّ العدّة ويتوكل على الله

    ومع ذلك القائد يُعَلِّق قلبه بالله، ويعدّ العدّة مش سَبَهْللة هي، مش دروشة، مش قول يا باسط تلاقيها هاصت، مش سيبها لله وخلاص، مش ربك ربّ كريم وهينصرنا، لا لا لا، كل هذا يؤمن به ويزرعه في قلوب أصحابه يعلِّقون قلوبهم بالله، ولكن ثَمَّ أسباب.
    هو دا القائد يعدّ العدّة، يجهّز الجيش، يخطّط، يدبّر، يستشير أصحابه ننزل هنا ولّا هنا؟ ينزل في بدر مش أيّ حتة وخلاص وسيبها لله، اللي ربنا هيكتبه لنا هناخده، صحّ اللي يكتبه لنا هناخده لكن ينزل النبي -عليه الصلاة والسلام- ينظر إن فيه بئر هنا وبئر هنا وبئر هنا وإنّ فيه مايّة هنا ومايّة هنا، يشوف المايّة كلها جايَّة منين، يقف النبي -عليه الصلاة والسلام- عند مكان تَجَمُّع المياه، أو أكبر مكان للمياه، ويهدم النبي أو يردم النبي بقية المياه، يقول: "لنشرب ولا يشربون"، مش سيبها لله وخلاص، لا، يعدّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ويعمل بالأسباب.
    يأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأسباب المادية فيؤمِّن ظهر المدينة، مش فيه نساء في المدينة، مش فيه نساء؟ مش يقول إن شاء الله ربنا يحميهم، وللنساء ربٌّ يحميهن لا لا يوقف النبي -عليه الصلاة والسلام- أحبَّ وأقوى الصحابة ليحميهن، يوقف علي بن أبي طالب تارة، وغيره تارة؛ ليحمي ظهره، يخطط النبي -عليه الصلاة والسلام- في معركة أُحُد يوقف الرماة على الجبل، الرماة اللي بيرموا يقفوا على الجبل اللي مش طويل أوى ويضع ظهره لجبل أحد العالي علشان يغطّي ظهر النبي عليه الصلاة والسلام، ليستقبل المشركين ويقول للرماة: "إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم، فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم" صحيح البخاري، دي قوات حماية يوقف النبي -عليه الصلاة والسلام- الرماة في مكان والمشاة في مكان والخيَّالة في مكان ويحمي ظهره بالجبل، ويُوقف في المدينة في حماية النساء والأطفال هناك في المدينة، كل هذا تخطيط، هذا هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليرسل رسالة للقادة أنْ أعدُّوا العدة، وتأهَّبوا، واعملوا بالأسباب لكن قلوبكم لا تَرْكَن للأسباب إنما تتعلق بالله -جل وعلا-.



    القائد الأمين الذي لا يغدر ولا يخون

    القائد وسط المعارك وسط غدر المشركين لا يغدر، وسط خيانتهم لا يخون، يقف النبي -عليه الصلاة والسلام- ويأتي إليه عبد الله بن سعد بن أبي السرح الذي أمر النبي بقتله حتى لو على أستار الكعبة ويأتي عبد الله بن سعد بن أبي السرح يستأذن له عثمان يدخل على النبي، يحاول يبايع النبي والنبي ما يبايعهوش تلات مرات وبعدين يَقبل النبي بيعته ويُسلم عبد الله ويحسن إسلامه ويجاهد في سبيل الله.
    بعد ما مشي يقول النبي للصحابة: "أليس منكم رجل رشيد رآني قبضت يدي عنه.." أنا ما رضيتش أسلّم عليه ولا أبايعه فيقوم إليه فيقتله، مش أنا قلت لكم اقتلوه ما قتلتوهوش ليه؟ قالوا: "يا رسول الله هلا أومأت لنا بعينك"، غمزة بس كده هو قُدَّامنا بس، غمزة عمر هيفهم ويقوم يطيّر رقبته، حمزة هيفهم ويقوم يقطّعه، هلا أومأت لنا بعينك، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-:
    "إنه لا ينبغي لنبيٍّ، أن تكونَ له خائنةُ الأعيُنِ" صححه الألباني.
    القائد لا يغدر ادّى كلمة خلاص، القائد يوفي بعهده.

    النبي -عليه الصلاة والسلام- بيُحارب ويطرد من بلده ويترك مرابع طفولته ويترك أحب البلاد إليه ويترك أرضه وبيته وكل ما يملك ليهاجر إلى الله ورسوله في المدينة، سيب الكلام دا كله وفي بيت النبي أمانات المشركين الذين غدروا به وأرادوا قتله ومكروا به وأرادوا إثباته وأخذوا أمواله وبيوته ويُبقي النبي -صلى الله عليه وسلم- عليًّا في فراشه مُهَدَّدًا أن يُقتل، كل ذلك حتى يردّ الأمانات لأن القائد لا يخون، ولا يسرق، ولا يغدر، ليرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- رسائل إلى القادة.


    الخاتمة
    هذا هو محمد -صلى الله عليه وسلم- القائد، القائد وسط المعركة، القائد يتعلق قلبه بالله، القائد يعلق قلوب أصحابه بالله، القائد يعدّ العدّة، القائد يزرع الأمل، القائد يجوع حيث يجوع المسلمون، القائد لا يشبع إلا بعد أن يشبع المسلمون، القائد يقاتل معهم بل هو أقرب إلى العدو من غيره، القائد لا يغدر، القائد يوفي بالعقود، القائد يعمل بالأسباب، القائد هو رسول الله وكفى، بأبي أنت وأمي ونفسي وروحي ودنياي يا رسول الله.

    أسأل الله -جل وعلا- أن يملأ قلوبنا تعلقًا به وحبًّا لرسوله وأن يجمعنا بنبينا في أعلى جنات الخلد إنه ولي ذلك وهو نعم المولى ونعم النصير.
    وأكتفي بهذا القدر، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
    والحمد لله ربِّ العالمين.


    تم بحمد الله


    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:

    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36

    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.


    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق


    • #3
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      نِعمَ القائد والمُربي رسول الله صلى الله علييه وسلم
      جزاكِ الله خيرًا وبارك فيكِ.


      رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

      اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


      ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة آمــال الأقصى مشاهدة المشاركة
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        نِعمَ القائد والمُربي رسول الله صلى الله علييه وسلم
        جزاكِ الله خيرًا وبارك فيكِ.
        واياكم اللهم آمين
        جزاكم الله خيرا على مروركم الطيب
        اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

        تعليق


        • #5
          جزاكم الله خيرًا

          تعليق

          يعمل...
          X