إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحلقة الثالثة والعشرون من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحلقة الثالثة والعشرون من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني




    قام نور الدين محمود بصنع منبر فخم جدًا ليوضع في المسجد الأقصى بعد أن تتحرر القدس
    وذلك قبل أن تدخل جيوشه فلسطين أصلًا؛ تشجيعًا للمسلمين على الجهاد في سبيل الله.


    من مقولات صلاح الدين الأيوبي:-
    في نَفسي متى ما يسر الله لي فتح هذه البلاد وإسقاط الصليبيين أن أخوض غمار هذا البحر –البحر الأبيض المتوسط-
    حتى أصل إلى جزائرهم وإلى بلادهم فأعلي كلمة الله –عز وجل- هناك ولا أترك فيها كافر لا يعرف دين الله –عز وجل-.


    وللتعرف على مزيد من الإضاءات والنقاط الهامة
    تابعوا هذه الحلقة بعنوان

    الحلقة الثالثة والعشرون من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني
    ( (23) جهود صلاح الدين في تحقيق الوحدة (خط الزمن) )



    رابط مشاهدة الحلقة على اليوتيوب:



    لتحميل الحلقة بجودات مختلفة من هنا:
    http://way2allah.com/khotab-item-22197.htm


    ​​
    جودة عالية avi
    http://way2allah.com/khotab-mirror-22197-29851.htm


    ​​
    جودة mp4
    http://way2allah.com/khotab-mirror-22197-29852.htm


    ​​
    رابط صوت MP3
    http://way2allah.com/khotab-mirror-22197-29853.htm


    ​​

    رابط الساوند الكلاود
    http://way2allah.com/khotab-mirror-22197-219850.htm


    ​​
    رابط تفريغ بصيغة pdf


    http://www.way2allah.com/media/pdf/22/22197.pdf

    ​​
    رابط تفريغ بصيغة word

    https://archive.org/download/timeline23/timeline23.doc​​​​​​​
    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 03-02-2018, 02:52 AM.

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36


  • #2


    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد، فأهلًا ومرحبًا بكم في هذا اللقاء المبارك، وأسأل الله -عز وجل- أن يجعل هذه اللحظات في ميزان حسناتنا أجمعين.


    مع الحلقة الثالثة والعشرين من خط الزمن، وما زلنا مع قصة فلسطين، في الحلقة اللي فاتت شُفنا نموذج رائع من النماذج الإسلاميَّة المتميّزة نور الدين محمود الشهيد -رحمه الله-، وهو من ألمع الشخصيات في التاريخ الإسلامي، ومن أبرع القواد في التاريخ الإنساني.
    شُفنا الشخصية المتكاملة المتوازنة التي أنشأت دولة إسلامية متكاملة في المعمار، ومتكاملة في الثقافة، ومتكاملة في الدين، ومتكاملة في الجهاد في سبيل الله، وحقَّق انتصارات ضخمة على الصليبيين، وكان عنده بُعْد عميق جدًّا في الرؤية، وشايف إنّ توحيد العالم الإسلامي ضرورة لتحقيق النصر على الصليبيين، كان عايز يحرر القدس وكان في عينيه دايمًا دايمًا فلسطين، ولذلك أنشأ أو صنع منبرًا خاصًّا فخمًا جدًّا ليوضَع في القدس بعد أن تُحَرَّر، ليوضع في المسجد الأقصى، من قبل ما تدخل جيوشه فلسطين أصلًا وهو عينيه على القدس، وعامل هذا المنبر ليشجّع المسلمين جميعًا على الجهاد في سبيل الله لوضع هذا المنبر في المسجد الأقصى.



    كيف سقطت مصر تحت حُكْم نور الدين محمود؟
    وشاف إنّ مستحيل يدخل أرض فلسطين بدون أن يُسقط مصر تحت حُكْمه، طب يعمل إيه؟ ربنا -سبحانه وتعالى- -زَيّ ما قُلنا في الحلقة اللي فاتت- اطَّلع على الصِّدْق في قلبه فيَسَّر له الأحداث.

    حدثت فتنة في داخل مصر في ذلك الوقت، الكلام دا كان سنة ٥٥٨ من الهجرة، والكلام دا بيوافق سنة ١١٦٣ من الميلاد، حصل فتنة هناك وصراع بين الوزراء العبيديين، واحد اسمه شاور، وواحد اسمه ضرغام، الاتنين قام بينهم صراع، وضرغام استعان بالصليبيين كعادة العبيديين في الاستعانة بالصليبيين، وشاور لقى نفسه هيضيع فمالقاش حدّ يستعين بيه غير نور الدين محمود، طبعًا هو مش بيستعين بيه إعجابًا بقوّته ولا انبهارًا بإيمانه أو تقواه ولكن مجرد موازنات سياسيَّة.
    استعان بنور الدين محمود، وقال له إذا انتصرت وأعدتني إلى كرسي الوزارة فإنَّ لك ثُلث خراج مصر، وأُصبح أنا رجلك في داخل مصر.



    وطبعًا شافها نور الدين محمود فرصة لوَضْع قدمه في مصر، فبدأ في التراسُل مع شاور، وقَبِل أن يعينه، وأرسل له الجيوش بالفعل، وكان على رأس الجيوش أسد الدين شيركوه، ودا عمّ صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله-، ودي أول مرَّة يظهر لينا في القصة اسم صلاح الدين الأيوبي، وكان ساعتها شاب صغير عنده خمسة وعشرين سنة، ورُبِّي في زمن نور الدين محمود، وكان نور الدين محمود مُعْجَب جدًّا بقوّته، وأرسل صلاح الدين مع أسد الدين شيركوه لضمّ مصر إلى قوّة نور الدين محمود، ولنُصرة شاور الذي استغاث به من هناك.

    بعد سلسلة كبيرة جدًّا من المشاكل حصلت لأسد الدين شيركوه وصلاح الدين الأيوبي في مصر، وخيانات متتالية من شاور، وبعد ما انتصر جيش أسد الدين شيركوه، ووضع فعلًا شاور في الحُكم، حصل نوع من الخيانة الكُبرى من شاور، وبدأ يتواصل مع الصليبيين ليردُّوا أسد الدين شيركوه الذي جاء لينصره، ليردُّوه مرَّةً ثانية إلى الشام، وبالفعل استجاب الصليبيُّون لشاور، وحصلت أزمة كبيرة كاد أن يهلك فيها جيش أسد الدين شيركوه.

    في الوقت دا كان نور الدين محمود -رحمه الله- يقاتل الصليبيين في أنطاكيا، والتقى معهم في موقعة ضخمة جدًّا في منطقة حارم، وكان يقاتل في هذه الموقعة الجيوش الصليبيَّة من أنطاكيا، ومن طرابلس، وفرقة من الرومان البيزنطيين تساعد هؤلاء الصليبيين في حربهم ضدّ نور الدين محمود، وانتصر نور الدين محمود في موقعة حارم في رمضان ٥٥٩ من الهجرة ١١٦٤ من الميلاد انتصارًا مبهرًا، بل وأسر في هذه الموقعة أمير أنطاكيا بوهمند الثالث، وأسر أمير طرابلس ريموند في هذه الموقعة أيضًا، وأسر أمير الرومان في هذه الموقعة، سبحان الله يعني فعلًا انتصار مبهر رمضان ٥٥٩ انتصار في موقعة حارم.



    أسد الدين شيركوه في مصر ماكانش يسمع بهذا الانتصار؛ فوقَّع على معاهدة مع الصليبيين أن يتركوه يعود إلى بلاد الشام، لإنّ كانت الجيوش الصليبيَّة حاصرته في بلبيس حصار كبير جدًّا بخيانة شاور، ورجع أسد الدين شيركوه إلى الشام فعلًا، بس طبعًا شايل في ذهنه ذكريات مؤلمة من قصة شاور.

    وحصلت بعد كدا محاولة ثانية ثم ثالثة للعودة إلى مصر، وفي الثالثة نجح فعلًا أسد الدين شيركوه في الإمساك بالأوضاع في مصر، ووضع شاور على المحاكمة، وقُتِل شاور بتهمة الخيانة، والعاضد بالله اللي كان خليفة العبيديين في مصر في ذلك الوقت لم يجد بُدًّا من أن يضع أسد الدين شيركوه في منصب رئيس الوزراء في مصر. وكان طبعًا وَضْع مُنْقَلِب وغريب جدًّا إنّ أسد الدين شيركوه وهو سُنِّي، ومِن أتباع الزنكيين، طبعًا أسد الدين شيركوه كردي من الأكراد لكن كان في جيش الزنكيين، فوضعه على رئاسة الوزراء بينما الخليفة عبيدي فاطمي، والأمور كلها في
    الحُكم والجيش كله عبيدي، طبعًا أسد الدين شيركوه جاي بالجيش بتاعه.

    وشهرين بعد ولاية أسد الدين شيركوه مات أسد الدين شيركوه فوجد العاضد بالله فرصة إنّه يحطّ صلاح الدين الأيوبي ابن أخو أسد الدين شيركوه في منصب رئيس الوزراء في مصر؛ عشان ظَنّ إنّ هو شاب صغير، ساعتها كان عنده سبعة وعشرين أو تمانية وعشرين سنة، بعد سنتين أو تلاتة من قدومه إلى مصر، فشاف إنّ دي فرصة إنّه يقدر يسيطر على صلاح الدين الأيوبي، ويستفيد من الجيش بتاعه دون أن يُغَيّر شيئًا في نظام الدولة.
    لكن خاب ظنه، وكان صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- من ألمع الشخصيات الإسلامية أيضًا في تاريخ الأمة في هذا المنصب الخطير رئيس الوزراء في مصر، وبدأ يغيّر الأوضاع في مصر لصالح طبعًا نور الدين محمود اللي كان بيحكم كل هذه المملكة؛ الشام بما فيها دمشق وحلب وحماة وحمص وغيرها، ويحكم كذلك مناطق من القُرب من الموصل، ويحكم مصر.
    وهو في مصر أرسل إلى صلاح الدين الأيوبي أن يرسل الجيوش ليَضُمّ الحجاز ويَضُمّ اليمن، كل هذا ضمّه تحت مملكة واحدة، هي بإمارة نور الدين محمود -رحمه الله-، وبدأت الجيوش بالفعل تتجهَّز لحرب الصليبيين لكن في وجود الخلافة أو الدولة العبيدية الفاطمية، وطبعًا الوضع كان منقلب وغريب.

    وفي سنة ٥٦٧ من الهجرة، يعني موافق ١١٧١ من الميلاد، قرَّر صلاح الدين الأيوبي أن يُسقط الخلافة العبيدية الفاطمية بعد حوالي ٢٠٨ سنة من احتلالها لمصر، وبالفعل بعد محاولات كثيرة وتخطيط كبير استطاع أن يُسقط هذه الخلافة، وأن يضع نفسه على رأس مصر، وأن ينتهي بذلك الاحتلال العبيدي لمصر، وحصل بعد كدا محاولات عبيدية للعودة من جديد لحكم مصر بالاتفاق مع الصليبيين لكن فشلت، واستطاع صلاح الدين أن يتمكَّن من الأمور في مصر.



    وفاة نور الدين محمود وخلافة صلاح الدين الأيوبي له
    في سنة ٥٦٩ بعد سقوط الخلافة العبيديَّة بحوالي سنتين فقط توفي الملك العادل نور الدين محمود -رحمه الله- في دمشق، لم يَمُت شهيدًا كما كان يتمنى في ساحة القتال، لكن نسأل الله -عز وجل- أن يكون قد أعطاه أجر الشهادة؛ لأنه كان طالبًا لها في كل حياته، وفُجِع المسلمون بوفاته -رحمه الله- في ١١ شوال سنة ٥٦٩ من الهجرة، ١١٧٤ من الميلاد، لكن ربّ العالمين -سبحانه وتعالى- كان رحيمًا بالأمة فأخلف من بعده صلاح الدين الأيوبي دُرَّة المجاهدين ومُحَرِّر بيت المقدس، ليَتَسَلَّم الراية بعد وفاة نور الدين محمود، ولا تسقط راية الإسلام أبدًا أبدًا.

    شخصيّة صلاح الدين الأيوبي
    صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- شخصية من ألمع الشخصيات أيضًا في تاريخ الإسلام والمسلمين، وعلامة من علامات الجهاد الكُبرى التي لا تُنسى أبدًا.
    وشخصية صلاح الدين برضه شخصية شاملة متكاملة تمامًا كشخصية نور الدين محمود -رحمه الله-، وكشخصية عماد الدين زنكي، وكذلك كل المجدّدين في تاريخ الأمة الإسلامية، شخصية شمولية تلاقي له دور في محراب الصلاة، له دور في كرسي القضاء، له دور في ميدان الحرب، له دور في طاولة المفاوضات، له دور مع الفقراء، له دور مع الملوك، -سبحان الله- فعلًا شخصية من أروع الشخصيات.
    وكان كثير الذِّكْر لله -عزَّ وجلَّ-، شديد المواظبة على الصلوات في الجماعة، كان كثير المحافظة على السنن والنوافل، كثير قيام الليل -رحمه الله-، يحب سماع القرآن، وقلبه خاشع إذا سمع القرآن بكى وسالت دموعه -رحمه الله-، كان كثير التعظيم لشعائر الله -عزَّ وجلّ-، وكان حَسَن الظَّنّ جدًّا جدًّا بالله -عزَّ وجلّ-، ومُوْقِنًا بنَصْره، ومُعَظِّمًا لكُلِّ مَن قرَّب شيئًا لله -عزَّ وجلّ-؛ فكان كل العلماء أصحابه، وكل العلماء مُقَرَّبون إليه.
    كان كريمًا، حَسَن العِشْرَة، طيّب المجلس، لم يَكُن مُتَفَحِّشًا أبدًا في حياته، كان طاهر اللسان دائمًا، كان رحيمًا رؤوفًا -رحمه الله- مع شدَّته في الحرب كان رحيمًا رؤوفًا، حتى أخذ الناس عليه هذه الرحمة، قالوا إنَّ رحمته مُفْرِطَة وزائدة عن الحدّ، وأنَّ هذا أدَّى إلى مشاكل مرَّت بالأمة، -رحمه الله- كانت همّته عالية جدًّا.


    وأنقل لكم كلمة قالها في حياته، قال: "في نفسي أنَّه متى مايسَّر الله -عزَّ وجلَّ- لي فَتْح هذه البلاد، وإسقاط الصليبيين، أن أخوض غمار هذا البحر -البحر الأبيض المتوسط- حتى أصل إلى جزائرهم، وإلى بلادهم؛ فأُعْلِي كلمة الله -عزَّ وجلَّ- هناك، ولا أَتْرُك في الدنيا كافرًا لا يعرف دين الله -عزَّ وجلَّ-".
    يا ترى إيه اللي عمله صلاح الدين بعد أن تولَّى الحُكْم؟ ده اللي هنعرفه إن شاء الله بعد الفاصل؛ فابقوا معنا.

    ما الذي أغضب صلاح الدين بعد تولّيه الحُكم؟
    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    كُنَّا قبل الفاصل بنتكلم عن المجاهد العظيم صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله-، وأنَّه تولَّى الأمور أو ظهر في الصورة بعد وفاة نور الدين محمود -رحمه الله- في سنة ٥٦٩ من الهجرة، صلاح الدين الأيوبي في الوقت دا كان بيحكم مصر، ومصر كانت تابعة لإمارة نور الدين محمود، لكن فيه جزء كبير جدًّا ومُهِمّ جدًّا في قصة الحروب الصليبيَّة هو جزء الشام.

    فوجئ صلاح الدين بعد وفاة نور الدين محمود بحاجتين أغضبوه غَضَب شديد جدًّا:
    - الحاجة الأوَّلانيَّة أنهم وضعوا على كرسى الحُكْم في حلب ويدير منطقة الشام بكاملها الملك الصالح -كما تَسمَّى- إسماعيل بن نور الدين محمود اللي كان عنده ١١ سنة فقط، فطبعًا دا شيء غير مقبول شَرْعًا، وغير مقبول عقلًا، وغير مقبول عُرْفًا، إنّ واحد عنده ١١ سنة يتولَّى أمر دولة زَيّ دولة الشام في هذه الظروف، دولة تواجه الحروب الصليبيَّة، تواجه إمارة أنطاكيا وطرابلس وبيت المقدس، وعندها مهام ضخمة جدًّا، وكان واليها منذ أيام قليلة نور الدين محمود -رحمه الله- بكل ما له من إمكانيات وطاقات، فإذا بالأمور تُسَلَّم إلى يد طفل صغير عنده ١١ سنة حتى لو كان الطفل دا ابن نور الدين محمود، أكيد الكلام دا لا يُرضي الشعب ولا يُرضي العلماء ولا يُرضي ربّنا -سبحانه وتعالى-، فدا أول شيء أغضبه.

    - الحاجة التانية إنّه وجد إنّ الصليبيين حاصروا قلعة بانياس، وقلعة بانياس قلعة إسلامية موجودة في سوريا، وصاحب هذه القلعة شمس الدين بن المقدم، أحد المسلمين، وكانت هذه القلعة قلعة إسلاميَّة، عشان يدفع شرّ الصليبيين قرر أن يدفع الجزية لهم ليتركوه.



    انطلاق صلاح الدين الأيوبي لضمّ الشام تحت إمارته
    فوجد أن ما فعله نور الدين محمود على وشك أن ينتهي، فقرَّر -رحمه الله- أن يأخذ جيشه ويذهب إلى الشام؛ ليضمَّ الشام ومصر تحت إمارته، وبالذّات إنّ كل العالم الإسلامي دلوقتي اللي انضمّ في مملكة نور الدين محمود مع صلاح الدين الأيوبي، اللي هي منطقة الحجاز ومنطقة اليمن وغيرها من المناطق الواسعة، فقرَّر أن يضمّ الشام إليه، وأخد بالفعل الجيش بتاعه سنة ٥٧٠، أوائل ٥٧٠ هجريّة، وانطلق إلى الشام، ودخل دمشق بمنتهى السهولة، مع إنّ دمشق كانت تابعة لجيش حلب في ذلك الوقت.

    وراسَل الملك الصالح الطفل الصغير، وقال له إنّ إنت يعني بتعمل أشياء غير مقبولة شرعًا، وطبعًا كان واقف معاه حاشية، والحاشية تريد المُلك لنفسها، فوقفت معه، بل وأرسلت رسالة شديدة اللهجة إلى صلاح الدين الأيوبي تقول له: ما أنت إلا غلام من غلمان نور الدين محمود، وأنك يجب أن ترعى ابنه في مُلكه، وتستخدم هذا الجيش في رعاية هذا الطفل نور الدين محمود.
    فردَّ عليهم بمنتهى الحلم صلاح الدين الأيوبي وكان حليمًا في كل حواراته -رحمه الله-، ولم يقابل هذا الأمر بالإساءة، وقال: إنني ماجئتُ إلى هذه البلاد إلا حياطةً للجمهور الإسلامي، يعني أنا جاي أدافع عن الجمهور الإسلامي، وإلا رعايةً لابن نور الدين محمود، لكنه لا يجوز أبدًا أن يتولَّى حُكْم المسلمين هذا الطفل في هذا الوقت.

    المهم بعد صراعات كثيرة وجدالات كثيرة، قرَّر صلاح الدين الأيوبي أن يحاصر حلب وأن يضمّ حلب إلى الأمة الإسلامية، وللأسف الشديد وطبعًا الإنسان يقول هذا الكلام وقلبه يدمى، استغاث ملك حلب في ذلك الوقت بالصليبيين، تخيَّل ابن نور الدين محمود يرسل للصليبيين، طبعًا هو طفل صغير مش فاهم بيعمل إيه، والناس اللي معاه هم اللي دفعوا هذا الأمر، بعتوا لأمير طرابلس يقولوا له إنّ صلاح الدين هييجي ياخد حلب، ولو أخد حلب هتكون طامة كبرى على الصليبيين.
    وساعتها أمير طرابلس أرسل رسالة إلى صلاح الدين الأيوبي ينهاه عن القدوم إلى حلب، فردَّ عليه رسالة قصيرة جدًّا قال له: "يا هذا، أنا لستُ مِمَّن يرهب تألُّب الصليبيين.."، يعني لما تجمع كل اللي معاك أنا مايهمّنيش هذا التَّجَمُّع، ".. وها أنا سائرٌ إليهم"، يعني إنت بس ماتجيليش أنا اللي هجيلك.
    وأخد الجيش بتاعه وانطلق إلى أنطاكيا، وحقَّق انتصارات ضخمة جدًّا على جيش أنطاكيا، وعاد بكمّيّة كبيرة من الأسلاب والغنائم، فعاد أمير طرابلس إلى مكانه ولم يفكّر في حرب صلاح الدين الأيوبي، والحكاية دي هيكون لها أثر كبير على تاريخ طرابلس مع صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله-.



    سَعْي صلاح الدين للوحدة ومناوشاته مع الصليبيين خلال هذه الفترة
    يبقى صلاح الدين الأيوبي عنده نفس الفِكْر اللي كان عند نور الدين محمود واللي كان عند عماد الدين زنكي: وِحْدَةٌ وجهاد.
    أول شيء عمله إنه بدأ يوحّد العالم الإسلامي، وفي نفس الوقت كان بيناوش الصليبيين عشان عرف إنّ هو لا يستطيع أبدًا أن يحرّر أرض فلسطين والممالك الإسلاميّة الأخرى المحتلَّة من الصليبيين إلا بعد أن تتوحَّد هاتان المملكتان الكُبْرَيتان؛ مملكة الشام ومملكة مصر، وقعد في هذا التوحيد يا إخواني ويا أخواتي ١٢ سنة مُتَّصِلَة من سنة ٥٧٠ هجريّة لسنة ٥٨٢ هجريّة، ماقالش إنّ دا وقت طويل، ماقالش إنّ الواحد ممكن يزهق من كتر العمل لتوحيد العالم الإسلامي، ما استعجلش، لكن كان يلتقي مع الصليبيين في مواقع ليست بالمواقع الكبرى والفاصلة حتى لا يُنهك قوّته، كان هَمّه الأكبر أن يوحّد العالم الإسلامي، ومع ذلك انتصر على الصليبيين في أكثر من موقعة؛ في سنة ٥٧٣ انتصر في عسقلان، وفي سنة ٥٧٤ انتصر عند حماة، وفي ٥٧٥ انتصر عند بانياس، يعني أكثر من انتصار في هذه الفترات.

    عِظَم الدولة الإسلاميّة في عهد صلاح الدين الأيوبي
    إلى أن جاءت ٥٨٢ بعد ١٢ سنة من توحيد قوى الإسلام، أصبحت الدولة الإسلامية في عهد صلاح الدين الأيوبي تضمّ مصر، والسودان، والحجاز، واليمن، والشام بكاملها، وأجزاء من لبنان، وتضمّ أجزاء من جنوب تركيا، وتضمّ الموصل بكل ما فيها من إمكانيات وجيوش، يعني أصبحت دولة كبيرة جدًّا تحيط بالصليبيين، وعند هذا الوقت بدأ يفكّر صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- في معركة فاصلة مع الصليبيين، طبعًا دي مُقَدّمات الموقعة المشهورة الكبري موقعة حطين، وهي علامة من العلامات البارزة في تاريخ أُمَّة الإسلام.

    الموافقة على الاتحاد مع ريموند.. وآثاره السلبية على الصليبيين
    استغلّ صلاح الدين الأيوبي بعض الاضطرابات التي حدثت في أرض القدس، وبعض الصراعات على المُلك في أرض القُدس، ووصل في المُلك في النهاية واحد اسمه جاي لوزينان، وجاي لوزينان هذا لم يَكُن الجميع يوافق على إمارته وبالذات ريموند أمير طرابلس، وريموند عمل حاجة غريبة جدًّا، طلب من صلاح الدين الأيوبي أن يساعده في إسقاط جاي لوزينان، تخيَّل! على أن يُبْقِيه في إمارة طرابلس فترة معينة من الزمن تحددوها في المعاهدة، وطبعًا صلاح الدين وجد إنّ هذا الأمر فرصة كبيرة، واتَّفق بالفعل مع ريموند أمير طرابلس، والكلام دا كان ليه أثره السلبي الكبير جدًّا جدًّا على الجيوش الصليبيَّة لما لقوا واحد منهم بيتَّحد مع صلاح الدين الأيوبي.



    غَدْر أرناط وتَوَعُّد صلاح الدين بقتله
    اكتملت وِحْدة مصر والشام زَيّ ما قُلنا لكن في نفس الوقت حصلت مشكلة كبيرة وهي غَدْر رونالد دي شاتيون اللي هو مشهور في التاريخ الإسلامي باسم أرناط، أرناط أو رونالد دي شاتيون كان بيحكم منطقة الأردن، كان بيحكم فيها قلعتين كبيرتين هي قلعة الكرك وحصن الشوبك، وهاتان القلعتان كانتا تسيطران على الطريق من مصر إلى الشام، وتقطع الطريق على الحُجَّاج الذين يذهبون إلى الحجاز، وبعد مداولات كثيرة وقتال كثير بينه وبين صلاح الدين الأيوبي عمل معاه هدنة لمدة ثلاث سنوات، وفي هذة الهدنة ألا يتعرَّض لجيوش المسلمين، ولا لقوافل المسلمين المارَّة في الطريق.
    لكن غدر أرناط كعادة الصليبيين، وقام بحَبْس أو بأَسْر قافلة كبيرة مُتَّجِهَة من مصر إلى الحجاز للحجّ، وكان في هذه القافلة عدد كبير من الشيوخ والنساء والأطفال، أخدها كلها وأسرها في قلعة الشوبك، وعندما استغاث هؤلاء بأرناط وقالوا له إنت عندك معاهدة مع صلاح الدين الأيوبي ألا تتعرض للسُّفُن وللقوافل الإسلاميَّة، قال لهم: "اذهبوا إلى مُحَمَّدِكُم ليُخَلِّصَكُم".
    انظروا إلى الروح الصليبيَّة القاسية جدًّا في قلبه "اذهبوا إلى مُحَمَّدِكُم ليُخَلِّصَكُم" فوصلت هذه الكلمة إلى صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله-، فقال وأقسم ونذر إنْ وقع في يده أرناط هذا رونالد دي شاتيون أن يقتله بيده، وهنشوف إنّ الأيام بعد كدا هتوفّر لصلاح الدين الأيوبي هذه الفرصة ليُحَقِّق ما وعده -رحمه الله-.

    النصر العظيم في موقعة حطين
    طبعًا هذه الأوضاع شعللت الدنيا في الوقت اللي كان فيه هدنة ما بين المسلمين وبين الصليبيين، وقُطِعَت الهدنة بيد الصليبيين، وأصبح عند صلاح الدين الأيوبي الفرصة إنه يهاجم الصليبيين، وبالفعل حرّك أحد الجيوش لحصار طبرية، وطبرية كانت في ذلك الوقت داخلة في مُلك مملكة بيت المقدس، وانتصر على طبرية.
    وبدأ يستعرض الجيش بتاعه هناك، والجيش بتاعه كان قوامه تقريبًا عشرين ألف مقاتل، منهم ١٢ ألف معاه في طبرية، و٨ آلاف موزعين في الأماكن البعيدة، يعني الجيش ليس بالضخم بالقياس إلى الجيوش الصليبيَّة، الجيوش الصليبيَّة في منطقة بيت المقدس بس كانت ستين ألف، وحوالين بيت المقدس حوالي تلاتة وستين ألف مقاتل، لكن هو مش عايز يقاتلهم في بيت المقدس لئلا يزرع جيشه في داخل المملكة الصليبيَّة، فبدأ يستعرض الجيش بتاعه ويثير الصليبيين، وطبعًا الصليبيين عملوا اجتماع كبير وقالوا مش معقول تسقط طبرية وتسقط الحصون في طبرية، وبالذات إنّ حصن طبرية كان فيه بعض الأميرات الصليبيَّات، وكان طبعًا دي إهانة كبيرة للصليبيين، فقرروا أن يخرجوا لحرب صلاح الدين الأيوبي.

    وفي الوقت دا جالهم أمير طرابلس اللي كان متعاهد مع صلاح الدين الأيوبي؛ ليُعْلِن أنه سيخون عهده مع صلاح الدين، ويعود للانضمام مرةً ثانية إلى الجيوش الصليبيَّة، وطبعًا استقبلوه مع إنّ كان فيه مشاكل بينه وبين أرناط، لكن استقبلوه في داخل الجيش.
    وبدأت الجيوش الصليبية تستعدّ للخروج لحرب صلاح الدين بالقُرب من بحيرة طبرية، طبعًا دا اللي كان عايزه صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله-، وكان ممكن الجيوش ماتخرجش لكن ربنا -سبحانه وتعالى- عايز ييسّر الأمور لهذا القائد ليحقّق النصر على جيوش الصليبيين.


    واختار صلاح الدين -رحمه الله- أرض المعركة، وحطّ الصليبيين في مكان صعب جدًّا، وعارف إنّ المعركة بتتمّ في ظروف منعدم فيها تقريبًا الماء في هذه المنطقة إلا في بحيرة طبرية فقط، فوضع كل جيوشه حوالين البحيرة لتسيطر تمامًا على كل المداخل والمخارج لهذه البحيرة، وبذلك يقطع الماء عن الجيوش الصليبيَّة، وخلّي بالك الجيوش الصليبيَّة كانت جايَّة في شهر يونيو ويوليو من بيت المقدس في ظروف صعبة جدًّا، واجتمع على الجيوش في هذه المعركة حرّ انقطاع الماء حر العطش، مع حر الجو اللي كان في منتصف يونيو أوائل يوليو، طبعًا الجوّ صعب جدًّا، وصلاح الدين زوّد القضية بأن أحرق الأعشاب الجافة في هذه المنطقة فانتقل إليهم حرّ الدخان وحر النار، ودُفعوا إلى القتال دَفْعًا.
    وتمّت الموقعة الهائلة موقعة حطين في يوم ٢٥ من ربيع الآخر في سنة ٥٨٣ من الهجرة بين ١٢ ألف مسلم وتلاتة وستين ألف صليبي، وكانت نتائج الموقعة أكثر بكثير مما يتخيَّل صلاح الدين الأيوبي نفسه.



    الخاتمة
    يا ترى إيه اللي حصل في الموقعة دي؟! وإيه النتائج اللي حصلت؟ وكيف كان ردّ فعل الصليبيين في فلسطين؟ وكيف كان ردّ فعل صلاح الدين الأيوبي للانتصار المهيب الذي تحقق في حطين؟
    هذا ما سنعرفه بإذن الله في الحلقة القادمة.

    أسأل الله -عز وجل- أن يعزّ الإسلام والمسلمين، وأن يفقّهنا في سننه، وأن يعلّمنا ماينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



    تم بحمد الله
    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36


    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 03-02-2018, 02:57 AM.

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

    تعليق


    • #3
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا ونفع بكم أختنا الكريمة.


      رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

      اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


      ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

      تعليق


      • #4
        عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم

        تعليق


        • #5
          جزاكم الله خيرًا ونفع الله بكم

          تعليق

          يعمل...
          X