إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحلقة التاسعة عشر من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحلقة التاسعة عشر من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني



    * السبب الرئيسي لطمع الصليبين في بلاد المسلمين هو غرق أوروبا في الجهل والظلام على عكس الحضارة التي كانت تتمتع بها بلاد المسلمين ودليل طمعهم أنهم اصطحبوا معهم النساء والأطفال بغرض الاقامة في بلاد المسلمين وعدم العودة إلى أوروبا.
    • كل شعارات الصليب التي رفعها الصليبين كانت مجرد غطاء لأطماعهم في بلاد المسلمين ولتحقيق مصالحهم الشخصية ولم تكن سوى لتحميس الجماهير من عامة الأوربيين
    • الصليبيون رغم زعمهم التدين لم يتورعوا عن ارتكاب مذبحة من أكبر مذابح الانسانية وتذبح 70 ألف مسلم في المسجد الأقصى دون مراعاة المسجد كمكان مقدس

    وللتعرف على مزيد من الإضاءات والنقاط الهامة
    تابعوا هذه الحلقة بعنوان

    الحلقة التاسعة عشر من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني
    ((19) بداية الزحف الصليبي من الأناضول (خط الزمن))





    رابط مشاهدة الحلقة على اليوتيوب:


    لتحميل الحلقة بجودات مختلفة من هنا:
    http://way2allah.com/khotab-series-1278.htm



    ​​
    جودة عالية avi
    http://way2allah.com/khotab-mirror-21270-27749.htm


    ​​
    رابط صوت MP3
    http://way2allah.com/khotab-mirror-21270-27750.htm


    ​​

    رابط الساوند الكلاود
    http://way2allah.com/khotab-mirror-21270-219846.htm


    ​​
    رابط تفريغ بصيغة pdf
    http://way2allah.com/khotab-pdf-21270.htm
    ​​
    رابط تفريغ بصيغة word
    https://archive.org/download/19Timeline/19-timeline.doc
    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 31-01-2018, 02:08 AM.

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36


  • #2

    حياكم الله وبياكم الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات: يسر
    فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله
    أن يقدم لكم: تفريغ:

    الحلقة التاسعة عشر من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني
    ((19) بداية الزحف الصليبي من الأناضول (خط الزمن))



    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد؛ فأهلًا ومرحبًا بكم في هذا اللقاء المبارك، وأسأل الله -عز وجل- أن يجعل هذه اللحظات في ميزان حسناتنا أجمعين.
    مع الحلقة التاسعة عشر من حلقات خط الزمن، وما زلنا مع قصة فلسطين.

    مراجعة سريعة على ما ذُكِر في الحلقة الماضية
    في الحلقة اللي فاتت اتكلّمنا على تجهيزات الحروب الصليبيّة وعلى دعوة البابا أوربن الثاني لكل ملوك، وأمراء، واقتصاديين، وفقراء، وعامة الشعب في أوروبا لغزو العالم الإسلامي، ولاقتحام فلسطين، وللسيطرة على بيت المقدس، وهذه طبعًا كانت دعوة كما ذكرنا عامة، حصل لها نوع من الاستجابة التي أدهشت حتى البابا نفسه، يعني البابا نفسه أوربن الثاني ماكانش متوقّع كل هذا الإقبال.

    واتكلّمنا في الحلقة اللي فاتت برضه على حملة بطرس الناسك، ووالتر المفلس، اللي كانت فيها عامة الفلاحين، والفقراء، والبسطاء، والتي سُحقت على يد قلج أرسلان سلطان سلاجقة الروم المسلم في منطقة الأناضول.

    ثم تكلّمنا على تحرُّك الجيوش الصليبيّة الخمسة الكبيرة، وقُلنا زعامات هذه الجيوش بكاملها كانت تحاول أن تتنافس على المُلك في بيت المقدس، أو في بلاد المسلمين بصفة عامة، ولم يكن لها الغرض الديني الواضح، بل على العكس ظهر من تحرُّكاتها ظلم كثير حتى للنصارى الذين كانوا على مذهب الأرثوذكس سواء في المجر، أو في الدولة البيزنطيَّة، أو زَيّ ما هنشوف بعد كده لما يخشُّوا بلاد المسلمين.

    دخلت هذه الجيوش بأعداد كبيرة، احنا قُلنا إنّ الجيش الصليبي في مجمله كان حوالي مليون إنسان؛ ٣٠٠ ألف مقاتل تقريبًا، ومعاهم ٧٠٠ ألف من النساء والأطفال جايين علشان يعيشوا في الأراضي الإسلاميَّة ومايرجعوش تاني أوروبا؛ لإنّ أوروبا ساعتها كانت بلاد جهل، وبلاد جوع، وبلاد ضياع، مفيش أيّ نوع من الفرصة للحياة الكريمة، فعايزين ينتقلوا إلى حياة أخرى في بلاد المسلمين.
    وذكرنا أنه حصل نوع من النزاع، والخلاف الفكري، والسياسي، والحربي مع ألكسيوس كومنينوس اللي هو إمبراطور الدولة البيزنطية، اللي دعاهم أصلًا للقدوم لبلاد المسلمين لإنّ هو كمان كان عنده أطماعه في بلاد المسلمين.
    فدلوقتي عندنا كذا قائد بيتنازعوا الطَّمَع حول بلاد المسلمين: ألكسيوس كومنينوس اللي هو إمبراطور الدولة البيزنطية، وخمسة من القواد الرئيسيين للجيوش النصرانية الصليبية، واتنين من القواد تحت الجيوش الصليبية، أو النائب بتاع اتنين من الخمسة دول. السبع قواد الصليبيين مع ألكسيوس كومنين الحقيقة دول عملوا كفاح مرير مع بعضهم ضد بعضهم، علشان يحصلوا على إمارات في داخل العالم الإسلامي.

    وطبعًا صوَّرنا لكم في الحلقة اللي فاتت وَضْع العالم الإسلامي المُهين جدًّا من فرقة شديدة، ومن بُعد عن الدين، من تصارع على الملك، من غياب للعلماء، وبالتالي أصبح المسلمون فريسة سهلة للصليبين.



    دخول الصليبيين الأراضي الإسلامية
    دخل الصليبيون إلى أرض الإسلام في سنة ٤٩١ من الهجرة، وده بيوافق ١٠٩٨ من الميلاد، أو لعل دخولهم كان قبل كده بسنة لكن آثارهم ظهرت بعد سنة، دخولهم كان في الأول لآسيا الصغرى سنة ٤٩٠ من الهجرة، موافق ١٠٩٧ من الميلاد، واستطاعوا ببساطة أن يتغلبوا على قلج أرسلان، وببساطة بقول لإنّ قلج أرسلان ماكانش فاضي لهم، بالعكس كان في قتال زَيّ ما قُلنا المرة اللي فاتت مع غازي بن الدانشمند اللي هو مسلم تاني عايش برضه جوَّا الأناضول، أو جوَّا آسيا الصغرى، للأسف الشديد هذا القتال الداخلي الإسلامي الإسلامي أدَّى إلى دخول الصليبيين إلى قونية اللي هي كانت عاصمة قلج أرسلان واحتلالها ببساطة، والانسياح في بلاد آسيا الصغرى، والوصول إلى أنطاكيا اللي هي على حدود الشام في شهور قليلة، وضاع طبعًا على المسلمين يعني الحدّ الأول الفاصل للدفاع عن حدود الأمة الإسلامية.

    أهمية أنطاكيا.. والصراع حولها
    وصلوا لمنطقة أنطاكيا، ومنطقة أنطاكيا منطقة مهمة جدًّا، منطقة تاريخية قديمة مهمة للنصارى، فيها بعض الكنائس المهمة للنصارى، وكان فيها بطرس اللي هو اتكلمنا عليه قبل كده في الحلقات الأولى من أيام المسيح عيسى بن مريم -عليه السلام-، وتلامذة المسيح عيسى بن مريم كان منهم واحد اسمه بطرس، وهذا عاش فترة في أنطاكيا، فأخذت هذه المنطقة قداسة كبيرة جدًّا عند الشعوب الأوروبية بصفة عامة، النصارى بصفة عامة.

    وكان لها أهمية تاريخية كبرى عند الدولة البيزنطية، كانت مدينة بيزنطية فترة طويلة من الزمن إلى أن دخلها المسلمون في الفتوح الإسلامية للشام، وكان في زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه-، وحكمها المسلمون فترة طويلة من الزمن، وبرضه لهم فيها يعني تاريخ طويل جدًّا.
    وحتى الجيوش الصليبية التي جاءت إلى بلاد المسلمين كانت تنظر إلى أنطاكيا بالذات، لإنّ كان فيها بوهيموند النورماني اللي هو كان قائد الجيش الإيطالي، والرجل ده كان عنده ذكريات مع أنطاكيا، وحاول قبل كده أيام أبوه جيسكارد إن هو يحتل أنطاكيا لكن فشل في هذا الاحتلال، فجاي بنية إن هو ياخد هذه المدينة.

    هذه المدينة الآن يتنازعها المسلمون الذين يحكمونها الآن، وكان على رأس القواد فيها رجل اسمه ياغسيان وكان هذا من المسلمين الأتراك، وماكانش عنده دوافع جهاد في سبيل الله، لكن كان عنده محاولة الحفاظ على المُلك له في هذه المدينة زَيّ ما قُلنا إنّ الرؤية الإسلامية الواضحة كانت غايبة عن معظم القواد في هذا الزمن.
    وتنازع على مدينة أنطاكيا ألكسيوس كومنين اللي هو إمبراطور الدولة البيزنطية، والخمس جيوش اللي جايَّة من أوروبا كل واحد عايز ياخد هذه المدينة، فبدؤوا يتجمعوا حواليها وكل واحد عنده أطماعه وأحلامه.

    تأسيس أول إمارة صليبية في العالم الإسلامي.. الرها

    وفجأة لقينا واحد بينسحب من الجيش اللي هو بلدوين، بلدوين ده اللي هو أخو جودفري دي بويون اللي هو رئيس الجيش الأول اللي كان جاي من شمال فرنسا ومن غرب ألمانيا، جودفري دي بويون طبعًا الرئيس الأول والنائب بتاعه كان بلدوين أخوه، فبلدوين انسحب من الجيش وأخد معاه فرقة من جيشه، واتجه إلى منطقة بعيدة جدًّا عن أنطاكيا، منطقة شرق أنطاكيا في مساحات واسعة من البلاد كانت تُسمى في ذلك الوقت الرها، واكتشفنا بعد كده إنّ في أحد الأرمن أغراه بإنه يكوّن إمارة خاصة له في هذه المنطقة، وبالفعل انسحب وأخد الجيش بتاعه وساب قضية القدس كلها، وساب قضية النصارى وساب قضية الصليب والمسيح، وكل الحاجات اللي كانوا بيتكلموا فيها دي، وانعزل بجيشه وكوّن لنفسه إمارة خاصة هي إمارة الرها.
    وبذلك تُصبح إمارة الرها الصليبيّة هي أول إمارة تتأسس في العالم الإسلامي، وهي في منطقة جنوب تركيا، وشمال سوريا، وشمال العراق. وساب القضية أو باع القضية كلها زَيّ ما انتوا شايفين.

    سقوط أنطاكيا لتصبح ثاني إمارة صليبية في العالم الإسلامي
    وعلى أسوار مدينة أنطاكيا حصل صدام كبير جدًّا لا أقول فقط بين النصارى والمسلمين، ولكن بين النصارى أنفسهم، كل واحد عايز الملك له، وقعدوا سبعة شهور من الحصار لمدينة أنطاكيا، وللأسف الشديد لم يتحرك لمدينة أنطاكيا طول السّتّة شهور الأولى من الحصار ولا جيش إسلامي، وفي الشهر السابع جالهم جيش ضعيف من شمال العراق، كان على رأسه واحد اسمه كربوغة، وبرضه كان من الأتراك اللي كانوا بيحكموا هذه المنطقة في ذلك الوقت، والجيش كان ضعيف وهزيل لم يستطع أن يقاوم الصليبيين، وتم النصر للصليبيين في هذه الموقعة الكبيرة، وسقطت أنطاكيا تحت أقدام الصليبيين، وقام الصليبيّون بمذبحة هائلة في الشعب الآمن في أنطاكيا، ولم يفرّقوا في هذه المذبحة بين الرجال، ولا النساء، ولا الأطفال.
    وسقطت أنطاكيا بذلك، وتُصبح الإمارة الثانية المتأسسة في داخل العالم الإسلامي، تاني إمارة صليبيّة تتأسس.

    نزاع الأمراء الصليبيين حول مُلك أنطاكيا وظفر بوهيموند النورماني به
    وحصل نزاع كبير بين الأمراء الصليبيين كل واحد عايز المُلك لنفسه، في النهاية انتصر بوهيموند النورماني اللي هو صاحب أقوى الجيوش؛ الجيش الإيطالي، بعد أن هدّد بالانسحاب والعودة إلى إيطاليا، يعني لو لم يُعطَى أنطاكيا هيسيب القضية كلها، وطبعًا سيبك من القدس، وفلسطين، والأحلام الدينيّة دي كلها، كلها كانت وهم عندهم، فقرر إنه يرجع لإيطاليا لو لم يعطوه أنطاكيا؛ فخاف الصليبيّون من ذلك الأمر لإنّ جيشه زَيّ ما قُلنا أقوى الجيوش وأعطوه أنطاكيا وباع القضية كلها وقعد في أنطاكيا وساب الجيوش الصليبيّة ترجع تاني لإكمال الطريق إلى القدس.



    استيلاء الصليبيين السهل على معرة النعمان
    بعد حوارات كثيرة جدًّا ومحاولات لإنجاح إنشاء إمارة في أماكن أخرى، مرّت سبعة شهور أخرى وهم متردّدون في الذهاب إلى القدس نتيجة إنّ هم عايزين يكوّنوا لنفسهم إمارة في الطريق، طبعًا شايفين ثروات كبيرة، وشايفين كنوز، وشايفين حضارة، شايفين إمكانيّات مش موجودة في أوروبا، ولا حد كان يسمع عنها هناك في البلاد دي، فنفسهم إنّ هُمَّ يسيطروا على أيّ حاجة يشوفوها في الطريق قُدَّامهم.
    وحصل نزاع أكتر من مرة، وكان يتقدم هذا النزاع ريمون الرابع اللي هو كان قائد الجيش الثاني اللي هو كان جاي من جنوب فرنسا، وريمون الرابع دا كان أكتر واحد فيهم مُدَّعِي الدينيّة، ومدّعي الانتماء للصليب والمسيح، وكان يرفع الصليب في كل معاركه، وشايف إنّ هو ممثل البابا في هذه المعارك، لكن طبعًا كان بيتَّضح من كل لقاء أنه لا يبحث إلا عن مصلحته الخاصة، ولا يبحث إلا عن مُلك ذاتي له ولجيشه..

    فعمل مشاكل كتيرة مع بقية القادة، وانتهى الأمر بحصار معرة النعمان وهذه أحد المدن الإسلامية بالقرب من أنطاكيا، وأمّنوا أهلها على أن يفتحوا الأبواب، وفتح الأهالي الأبواب بعد التأمين وبمجرد ما دخلوا الصليبيّون إلى معرة النعمان قاموا بمذبحة هائلة فقتلوا معظم السكان الموجودين في معرة النعمان، وكان هذا أمرًا دائمًا بالنسبة للصليبيين في كل المعارك التي دخلوها.
    واختلفوا أيضًا بعد معرة النعمان على مَن يرأس هذه المدينة، وتعطَّل الجيش الصليبي عن الزحف إلى بيت المقدس بسبب الصراع الذي تم بينهم.

    حصار طرابلس
    ثم أكملوا الطريق وتوقفوا أمام طرابلس، وبرضه عجبت طرابلس جدًّا ريمون الرابع وقرر المكوث، والجيش قال له تعالى نكمّل نطلع على بيت المقدس هدفنا اللي احنا جايين عشانه، قال: لا، لازم نقف ونحاول ناخد طرابلس، وضرب عليها الحصار وقعدوا شهر واتنين وتلاتة دون أن يستطيعوا أن يفتحوا طرابلس.

    التّوجّه إلى بيت المقدس
    حصل نزاع بين برضه القادة الصليبيين، ثم في النهاية رفع ريمون الرابع الصليب ومشى حافي القدمين، ولبِس لبْس الحجيج، واتّجه مع الناس مع الصليبيين إلى بيت المقدس ليقوم بفتحه بعد فشلهم في فتح طرابلس.
    ترى ماذا حدث في أثناء الطريق من طرابلس إلى بيت المقدس؟ وماذا كان رد فعل المسلمين؟ ده اللي هنعرفه إن شاء الله بعد الفاصل فابقوا معنا.

    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    كنا بنتكلم قبل الفاصل على حركة الجيوش الصليبيّة داخل العالم الإسلامي وشُفنا تأسيس إمارة الرها ٤٩٠ هجريًّا، وشُفنا تأسيس إمارة أنطاكيا ٤٩١ هجريًّا، وشُفنا بعدها تقدُّم الجيوش الصليبيّة مع الاختلاف الشديد بين القادة على مَن يمتلك هذه المدينة، ومَن يمتلك هذه الإمارة وهكذا. وما كان فيه أيّ كلام خالص في حواراتهم خاص بالدين، أو خاص بالنصارى الذين جاؤوا لينقذوهم، أو خاص بالمسيح، أو خاص بالصليب، كل هذه كانت دعايات فارغة قاموا بها في أوروبا؛ تحميسًا للجموع حتى تخرج معهم، ولم يكن في ذهن القادة لا من قريبٍ ولا من بعيد هذه العلاقة مع الدين، وريمون الرابع أكثر الناس تدينًا كما ذكرنا كان أكثرهم طمعًا في الملك والسيطرة، وعمل لهم أكتر من مشكلة في الطريق.
    المهم في النهاية أكمل الصليبيّون الطريق، وذهبوا بجيوشهم إلى بيت المقدس.

    ضعف الجيش الصليبي.. ومساعدة المدن الإسلامية له
    عايز أقف معاكم وقفة مهمة جدًّا وأقول لكم: إن الجيش الصليبي بعد كل هذه الأيام والشهور والسنوات في داخل العالم الإسلامي قعدوا حوالي سنتين لحدّ هذه اللحظة، فقدوا من الجيش بتاعهم عدد كبير جدًّا من القتلى، نتيجة الحصار اللي كان موجود مضروب حوالين أنطاكيا سبعة شهور مُتَّصلة، ونتيجة المعارك اللي كانت في آسيا الصغرى، ونتيجة حالة الجوع والعطش التي مروا بها في جبال آسيا الصغرى، عندما كانوا يعبرونها إلى الشام، ونتيجة تخلُّف عدد كبير من الصليبيين، بعضهم تخلَّف في إمارة الرها مع بلدوين، وبعضهم تخلف في إمارة أنطاكيا مع بوهيموند الأول اللي هو حكم أنطاكيا.
    وبالتالي أصبح الجنود المقاتلون الذين يذهبون من أنطاكيا إلى بيت المقدس تمانين ألف مقاتل فقط، احنا بنتكلم على ٣٠٠ ألف مقاتل، ٢٢٠ ألف منهم مَن قُتل ومنهم مَن مات، منهم مَن تخلف في الإمارتين السابقتين، فماعادش فاضل غير تمانين ألف، وهذا على أكثر تقدير، يعني بعض الروايات بتقول إن العدد ماعادش إلا ٦٠٠٠ بس، بس طبعًا أنا لا أقتنع بهذا العدد الضئيل إنه يخترق كل هذه المساحة في داخل البلاد الإسلامية.

    لكن حتى تمانين ألف هذا رقم بسيط جدًّا يا إخواني ويا أخواتي، يعني تمانين ألف يخترقوا البلاد من أنطاكيا، عارفين أنطاكيا فين؟ أنطاكيا في شمال سوريا، شمال غرب سوريا، يعني في أقصى بقاع الشام في الشمال، وعشان يصل إلى بيت المقدس محتاج يخترق سوريا بكاملها، ويخترق لبنان بكاملها، ويخترق فلسطين بكاملها، حتى يصل إلى بيت المقدس؛ القدس، في وسط فلسطين، فإزّاي يقطع المسافة دي كلها بدون تدخُّل من الجيوش الإسلامية، أو من الشعوب الإسلامية، شيء فعلًا غريب، وبالذّات إن هذا الزمن ليس فيه قنابل، وليس فيه صواريخ، ولا دبابات، يعني القتال كله بالسيف، يعني لو خرج الناس إليهم لأكلوهم بأسنانهم!

    لكن -سبحان الله- الناس ضُربت عليها الذلة في ذلك الزمن لغياب العلماء، وغياب الفقهاء، وغياب التعليم الإسلامي، والشريعة الإسلامية، والذنوب والمعاصي، أمور كثيرة جدًّا حطَّت على الشعوب الإسلامية في ذلك الوقت ففتحت الأبواب للصليبيين.

    إنتوا عارفين إنّ إمارة شيزر وهي في سوريا الآن منطقة في سوريا الآن، عندما مرّت الجيوش الصليبيّة إلى جوارها قام أمير شيزر ليتّقي شر الصليبيين قدّم لهم الأدلة، الأدلة الذين يسيرون بالجيش في داخل الأراضي الإسلامية، خلّي بالك الجيوش دي جايّة من أوروبا، جايّة من فرنسا، وجايّة من إيطاليا، وجايّة من غيرها، ماتعرفش، عمرها ما جات قبل كده بلاد الشام، ماتعرفش الطريق إلى بيت المقدس، طلع لهم أدلة من المسلمين يدلونهم على الطريق إلى بيت المقدس، بس ابعدوا عننا.
    وهُمّ معدّيين على بيروت، وهُمَّ معدين على طرابلس، طرابلس دفعت الجزية لهم بدون قتال، يعني هُمَّ حددوها بس فقط بالحصار، حاصروها شهر، اتنين، ثلاثة، ماحصلش قتال، لكن من الرعب الذي عاشت فيه طرابلس دفعت الجزية لجيش النصارى.
    بيروت، وعكا قدّموا الهدايا، إمارة عكا موّلت الجيش الصليبي كله بالطعام الذي يكفيه حتى يصل إلى بيت المقدس، بس المهم يبعدوا عن عكا.

    هكذا فعلت كل المدن الإسلامية في الطريق، حتى المدن البعيدة عن خط السير بتاع الجيوش الصليبية زَيّ دمشق وزَيّ حلب أسرعت بتقديم الهدايا خوفًا من أن يغيّر الصليبيون طريقهم إلى مدنهم وإلى بلادهم.
    شيء من الذّلّة والمهانة والخسّة كان عليها قادة المسلمين، بل وكانت عليها الشعوب الإسلامية في ذلك الوقت للأسف الشديد.



    كيف تجرأ الصليبيون على الدخول في عمق العالم الإسلامي؟
    وأنا يعني لما أشوف هذه الجيوش وحركتها ومستغرب من واقع المسلمين، أنا برضه مستغرب من حاجة تانية، واقع الصليبيين، إزَّاي الصليبيين جات لهم الجُرأة إنهم يخترقوا البلاد الإسلامية بهذه الصورة من شمالها إلى جنوبها دون خوف أن يُحاصَروا من الجيوش الإسلامية، أو من الشعوب الإسلامية، أو يضربوا في ظهورهم؟
    بيخترق مدن إسلامية، وقرى إسلامية، وخلاص بقى مقطوع عن المدد، فين المدد بتاعه؟ المدد بتاعه في باريس، وفي لندن، وفي ألمانيا، بعيد آلاف الأميال، وبينهم وبينه بحار وجبال وأنهار وعوائق طبيعية.
    وحتى الإمارات الصليبيّة اللي اتأسّست في العالم الإسلامي لا تستطيع أن تكون مددًا لهذا الجيش لأنها يدوبك محافظة على أمنها هي، أنطاكيا ولّا الرها، وفيها ناس مالهُمش أيّ علاقة بقضية القدس، كل واحد عايش في حاله.

    فإزَّاى تجرَّأ الصليبيّون جودفري دي بويون، وريمون الرابع واللي معاهم إزّاي تجرّؤوا لاختراق العالم الإسلامي ده كله؟ إزّاي جات لهم الشجاعة والجُرأة إنّهم يدخلوا في عُمق العالم الإسلامي؟

    الحقيقة يا إخواني أنا كنت محتار، لكن لقيت الرَّدّ في حديث لحبيبنا ومصطفانا محمد -صلَّى الله عليه وسلم-، يصف فيه هذه الحال بمنتهى الدقة، يقول: "يوشِكُ الأممُ أن تداعَى عليكم كما تداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها.." تأتي الأمم تتداعى يدعو بعضها بعضًا، جاءت من فرنسا، من ألمانيا، من إنجلترا، حتى جاءت والله من بلاد بعيدة جدًّا جدًّا كل بلد بعتت مُمَثّل لها، ولو فرقة صغيرة زَيّ إسكندنافيا، زَيّ هولندا، زَيّ الدنمارك،كلهم بعتوا لهذه الجيوش الصليبيّة فِرَق صغيرة تساعد.
    تتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكَلة إلى قصعتها، زَيّ ما الناس بياكلوا من طبق ويحطّوه وسطهم ويتلفّوا حواليه كلهم، نفس المشكلة بيحطّوا المسلمين في النُّصّ وتجتمع الأُمم من كل مكان لتأكل من أُمَّة الإسلام.

    "يوشِكُ الأممُ أن تداعَى عليكم كما تداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها. فقال قائلٌ: ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءُ السَّيلِ.."، المسلمون ملايين في هذه المناطق، هذه مناطق يا إخواني ذات كثافة سكانية عالية، هذه مناطق كانت عاصمة الخلافة الأموية، وكانت معقل الإسلام فترة طويلة من الزمن، عاش الناس في حلب، وفي دمشق، وفي لبنان، وفي فلسطين، في أماكن كثيرة، سكان في كثافة عالية، فكيف تُخْتَرَق هذه الكثافة، أعداد كبيرة كما قال -صلَّى الله عليه وسلم-.

    ولكنه قال: ".. ولينزِعنَّ اللهُ من صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم.."، هي دي اللي كنت بدوّر عليها، ولينزعن الله، الله -عز وجل- ينزع المهابة منكم من قلوب أعدائكم، يعني الأعداء خلاص يُنزع منهم الرهبة من المسلمين، يُنزع منهم المهابة من المسلمين، مفيش مهابة، ينظر إلى الأعداد الكبيرة فلا يكترث، ينظر إلى الحصون فلا يهتمّ، ينظر إلى السلاح الإسلامي فلا يعتبر به مطلقًا، ويكمل طريقه في عمق العالم الإسلامي حتى يصل إلى درة الشام، ودرة فلسطين، مدينة القدس، دون أن يتعرض لحركة مقاومة واحدة في كل هذه الرحلة الطويلة التي قطعها.

    ".. وليقذِفَنَّ اللهُ في قلوبِكم الوهْن.."، الضعف والخور والجبن. ".. فقال قائلٌ: يا رسولَ اللهِ! وما الوهْنُ؟ قال: حُبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموتِ.." صححه الألباني.
    هذه هي كانت مشكلة العالم الإسلامي في ذلك الوقت، أنه كان يحب الدنيا، ويكره الموت في سبيل الله. وهذا أدَّى إلى وصول الجيوش الصليبيَّة في منتهى الأمان إلى القدس، وإلى حصار المدينة المقدسة القدس.



    استيلاء الصليبيين على القدس
    وصلت الجيوش الصليبية في ٧ يونيو سنة ١٠٩٩ وده يعني في سنة ٤٩٢ من الهجرة إلى أسوار القدس، طبعًا تفيض الكتب الصليبية النصرانية بوصف المشاعر الفيَّاضة التي أتت للجيوش الصليبية عندما أتوا إلى مدينة القدس، مدينة الرب وكذا وكذا، وكذبوا، ما كان عندهم بالمرة أيّ عواطف دينيّة، ولا أي مشاعر مقدسة، ولا اعتبار بكل المقاييس الدينية التي عندهم، ولكن كان همهم فقط الجمع وإبادة المسلمين، زَيّ ما بنشوف في الطريق بتاعهم، وزَيّ ما هنشوف في داخل القدس.
    وعملوا قصف مستمر للمدينة خمسة أسابيع متصلة من الحصار لم يتحرك جيش مسلم واحد لنجدة هذه المدينة المقدسة العظيمة القدس.
    وفي النهاية في يوم ١٥ يوليو سنة ١٠٩٩، بيوافق ٢٢ شعبان ٤٩٢ للأسف الشديد سقطت القدس، ودخلت الجيوش الصليبيّة لترتكب مذبحة من أكبر المذابح في تاريخ الإنسانيّة، وتذبح سبعين ألف مسلم في المسجد الأقصى، للأسف الشديد ماكانش عندهم أيّ طاقة للدفاع عن أنفسهم، وكل الناس هربت وجرت على المسجد الأقصى على اعتبار أنه مكان مُقَدَّس قد يحترمه الصليبيون، لكن هؤلاء لا عهد لهم ولا أمان لهم، دخلوا على المسجد الأقصى بخيولهم وذبحوا سبعين ألف مسلم من الرجال والنساء والأطفال، في داخل المسجد الأقصى ورفعوا الأعلام النصرانيّة، وذهبوا إلى كنيسة القيامة ليُصلّوا صلاة الشكر لربهم على أنه مكّنهم من رقاب المسلمين.

    الخاتمة
    ترى كيف ستكون الأحداث في فلسطين بعد هذه الواقعة المريرة؟ ترى كيف سيتعامل الصليبيون مع أهل فلسطين بصفة عامة؟ وكيف سيكون رد فعل المسلمين؟ هذا ما سنعرفه بإذن الله في الحلقة القادمة.

    أسأل الله -عز وجل- أن يفقهنا في سننه، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    تم بحمد الله
    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36



    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع

    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.
    في أمان الله

    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 31-01-2018, 02:25 AM.

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

    تعليق


    • #3
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا ونفع بكم.


      رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

      اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


      ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة آمــال الأقصى مشاهدة المشاركة
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا ونفع بكم.
        اللهم آمين وإياكم

        "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
        وتولني فيمن توليت"

        "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

        تعليق


        • #5
          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا وتقبل منكم


          تعليق


          • #6
            جزاكم الله خيرًا ونفع الله بكم

            تعليق


            • #7
              جزاكم الله خيرا
              الباقيات الصالحات

              تعليق

              يعمل...
              X