إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحلقة الثامنة عشر من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحلقة الثامنة عشر من سلسلة خط الزمن للدكتور راغب السرجاني





    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

    تحرير فلسطين وعاصمتها المقدَّسة ومسجدها المبارك، ورجوعها للسِّيادة الإسلاميَّة - مسألةٌ لا يشكُّ فيها مَن يؤمن بالقرآن والسنَّة، لكن المسألة هي إعْداد جيل النَّصر المنشود، هذا ما يُنادي كلّ مسلم، وما يَجب الالتفات إليه بجدّيَّة وعملٍ دؤوب مدْروس، طويل المدى، يُصاحبه النَّفَس الطَّويل ورصيد الأمَل والثِّقة الكاملة في الله - تعالى - ووعده الَّذي لا يخلف.


    الجيوش الصليبية تتوجه إلى فلسطين






    رابط مشاهدة الحلقة على اليوتيوب:

    لتحميل الحلقة بجودات مختلفة من هنا:
    http://way2allah.com/khotab-item-21000.htm

    ​​
    جودة عالية MP4
    http://way2allah.com/khotab-mirror-21000-27194.htm

    ​​
    رابط صوت MP3
    http://way2allah.com/khotab-mirror-21000-27195.htm

    ​​

    رابط الساوند الكلاود
    http://way2allah.com/khotab-mirror-21000-219845.htm

    ​​
    رابط تفريغ بصيغة pdf

    http://way2allah.com/khotab-pdf-21000.htm

    ​​
    رابط تفريغ بصيغة word

    https://archive.org/download/18Salibia/18-salibia.doc


    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 29-01-2018, 03:26 AM.

  • #2

    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد؛ فأهلًا ومرحبًا بكم في هذا اللقاء المبارك، واسأل الله -عز وجل- أن يجعل هذا اللقاء في ميزان حسناتنا أجمعين.

    خلفيات الحروب الصليبية في أوروبا
    مع الحلقة الثامنة عشر من حلقات خط الزمن، وما زلنا مع قصة فلسطين، في الحلقة اللي فاتت اتكلمنا على قيام أتسز بن أوق بالسيطرة على فلسطين، واتكلمنا على أرطق بن أكسب وحكم الأراطقة لفلسطين فترة قصيرة، ثم دخول الحروب الصليبية. ورجعنا نتكلم على خلفيات الحروب الصليبية في أوروبا علشان نفهم لماذا أتى الصليبيون من غرب أوروبا إلى بلاد الإسلام ليحتلوها، واتكلمنا على الخلفية الدينية اللي كانت عندهم، وسيطرة الكنيسة، وعلى الجهل المطبق اللي كان موجود في كل أماكن أوروبا. اتكلمنا على الخلفية السياسية والتنازع بين الملوك والأمراء وأطماع التوسع المختلفة، وعلى صورة الفارس المشهورة في أوروبا بالنبل والسمو وارتفاع القيمة، وطموح كل الناس في أوروبا أن يعيشوا حياة الفارس.

    أهداف أوروبا في غزو بلاد المسلمين
    واتكلمنا على الخلفية الاقتصادية وعلى المجاعات الطاحنة التي كانت تمر بها أوروبا وخاصة شمال فرنسا وغرب ألمانيا. واتكلمنا بردو عن الخلفية الاجتماعية والقهر والظلم الذي كان يعيشه الفلاحون في أوروبا، وعامة الشعب بصفة عامة في كل أرض أوروبا. الخلفيات دي كلها أدت إلى أن في ناس كتيرة جدًا عندها أطماع، يعني الملوك عندهم أطماع، والاقتصاديون كبار التجار عندهم أطماع، والفقراء الكادحون عندهم أطماع، ورجال الدين عندهم أطماع. ظهرت شخصية في أوروبا جمعت كل هذه الأطماع في اتجاه واحد، وخلت الاتجاه دا هو الحروب الصليبية، وهو غزو بلاد المسلمين، وهو احتلال فلسطين، واحتلال القدس، وأن الاحتلال دا هيخرَّج كل أوروبا من كل مشاكلها.



    البابا أوربن الثاني
    الشخصية دي كانت شخصية أوربن الثاني البابا الكاثوليكي المشهور جدًا في التاريخ، وهو تولى حكم البابوية، أو تولى منصب البابوية، في سنة 480 هـ ودا يوافق سنة 1088م، ولما بقول حكم كلمة مش عفوية هو فعلًا حكم، كان بيحكم أوروبا تقريبا كلها، كان أعلى شخصية قيادية وسياسية وعسكرية في داخل أوروبا، أعلى من كل الأمراء والملوك، وفي أدلة كتيرة جدًا لكن للأسف الوقت لا يتسع على وصف العلاقة بينه وبين أمراء وملوك أوروبا، في هذا التوقيت والبابا أوربن الثاني عمال يفكر إزاي ممكن يجمع كل هذه الطموحات في قضية واحدة، وازاي ممكن يزيد من سيطرته على أوروبا.

    استغاثة الأرثوذكس بالكاثوليك برغم الخلاف بينهم
    جاءته استغاثة من أليكسس كومنين الإمبراطور البيزنطي اللي بيحكم أوروبا الشرقية وبيحكم الدولة البيزنطية، اللي هو عاصمته القسطنطينية، استغاثة إن شأن السلاجقة زايد جدًا، وأن انتصاراتهم على البيزنطيين كبيرة، وبالذات إن إحنا في سنة 463 زي ما قلنا قبل كده اللي هي موافقة 1071م تم النصر الكبير لألب أرسلان على الجيوش البيزنطية وأُسر رومانس الرابع، وبعد كدا أُطلق، وبعد كدا قُتل في القسطنطينية، تداعيات كبيرة جدًا، كُسرت الدولة الرومانية بعد موقعة ملاذ كارد لمدة 50 :60 سنة لا تستطيع أن ترفع سيفًا في وجوه المسلمين، فانتشار السلاجقة بهذه القوة خوِّف ألكسس كومنين اللي هو الإمبراطور البيزنطي، واضطر إنه يرسل استغاثة لأحد أعدائه، أوربن الثاني دا كاثوليكي، وألكسس كومنين أرثوذكسي، والخلاف بينهما كبير كما ذكرنا، وانفصال الكنسية الأرثوذكسية عن الكنيسة الكاثوليكية اللي حصل قبل الحروب الصليبية بـ 50 سنة، سنة 455ه الموافق 1054م.

    جيوش المرتزقة في الدولة البيزنطية
    فلما حصل هذا الانفصال وحصل هذا العداء، أول مرة يكسر هذا العداء كان ألكسس كومنين بطلب النجدة من أوربن الثاني. وطبعًا ألكسس كومنين لما طلب النجدة ماكانش يقصد أن الجيوش الصليبية تيجي تعيش في فلسطين، هو كان عايز نوع من الجنود المرتزقة، يعني يبعتله أوربن الثاني ناس بالأجرة، بالفلوس، وكانت الدولة البيزنطية متعودة على هذا النظام، كانت بتجيب ناس أرمن، وناس أتراك وثنيين من أعماق آسيا، وناس من أوروبا نفسها من غرب أوروبا ومن إيطاليا ومن غيرها يشتغلوا بالأجرة عند الجيوش البيزنطية الواسعة اللي كانت بتسيطر على أماكن كثيرة جدًا في العالم في ذلك الوقت.

    سياسة البابا أوربن الثاني
    طبعًا الدولة الإسلامية كانت خدت معظم أملاك الدولة البيزنطية في الجنوب وفي الشرق، وماعادش فاضل للدولة البيزنطية إلا شرق أوروبا بكامله ومنطقة الأناضول أو أجزاء من الأناضول­، ومنطقة القسطنطينية بالطبع، فكان عايز جنود مرتزقة، لكن البابا أوربن الثاني خد الفكرة وبدأ يفكر فيها بطريقته الخاصة، قال لا؛ أنا أجهز جيوش كاملة من أوروبا تذهب لأرض فلسطين، لا لتحرر فلسطين لصالح البيزنطيين، ولكن لتسكن وتعيش في أرض فلسطين، وتصبح فلسطين ملك من أملاك النصارى الكاثوليك الأوروبيين، وياترى الكلام دا هيعمل إيه بالنسبة لأوروبا؟ تعالوا كدا نشوف اللي فكر فيه البابا أوربن الثاني، طبعًا شخصية من أخطر الشخصيات في تاريخ أوروبا.

    سيطرة الكنيسة في أوروبا
    أولًا: قال إن في سيطرة واضحة هتكون للكنيسة على أوروبا، لأن الجيوش دي كلها هتتجمع باسم الكنيسة، وهيبقى الذي يقود كل هذه الجيوش البابا أو ممثل البابا في أوروبا، فدا تجميعة في غاية الأهمية لقيادة واحدة في يد البابا أوربن الثاني، الحاجة الثانية: أموال وثروات فلسطين في الشام، كل التاريخ العظيم اللي عمله المسلمون والإنتاج الرهيب على مدة 300 ، 400 سنة سبقت هذه الأحداث، كل دا هيضمه الصليبيون في هجمة واحدة على العالم الإسلامي، وطبعًا العالم الإسلامي كان مشهور بالثروات الضخمة في ذلك الوقت، والرخاء الاقتصادي الكبير.

    الحرب العقائدية للمسلمين
    الحاجة اللي بعد كدا: توحيد أوروبا، إحنا بنقول إن أوروبا مقطعة ومفرقة، حتى في داخل المملكة الواحدة كل واحد له أطماعه الخاصة، تعالى نوحد كل هذه الجيوش في اتجاه واحد، حرب واحدة، فبذلك يصبح في توحيد لأوروبا بكاملها، ونبذ الصراعات الداخلية، وكل دا في الآخر بيصب في مصلحة البابا اللي هيكون حاكم كل هذه المناطق، الحاجة اللي بعد كدا برضه: حرب المسلمين، ما هو رايح يعمل إيه في فلسطين؟ رايح يحارب المسلمين، وحرب المسلمين عند النصارى عقائدية، وهم لا يعترفون بنبوة محمد -صلَّى الله عليه وسلم-، ويطلقون على المسلمين كما أطلق البابا أوربن الثاني نفسه في الخطاب التحميسي لشعوبه يطلقون عليهم الكفار، لأنهم كفروا بألوهية عيسى بن مريم، فعندهم أنهم كفار، ومن هذا المنطلق يحاربون المسلمين حربًا عقائدية.

    الأسباب الإقتصادية لاحتلال أوروبا للدول الإسلامية
    برضه عنده هدف كبير جدًا توحيد الكنيستين، خلي بالك ألكسس كومنين إمبراطور بينزطة اللي هو ممثل دلوقتي للأرثوذكسية في العالم هو اللي بيدعو البابا أوربن الثاني للنجدة، فلما يروح هناك عنده طموح كبير أن يعيد من جديد النصارى كيانًا واحدًا، وأن يُجمِّع الكنيسة الأرثوذكسية مع الكنيسة الكاثوليكية في كنيسة واحدة، يكون على رأسها طبعًا البابا أوربن الثاني، وطبعًا برضه هيكون في حل كبير جدًا لمشاكل المجاعات المنتشرة في أوروبا، إحنا شايفين أن شعوب أوروبا كلها تُطحن في المجاعات ويموتون جوعًا وفقرًا ومرضًا، لما يروح فلسطين، وثروات فلسطين وثروات العالم الإسلامي بصفة عامة الكلام دا كله هيُنعش أوروبا اقتصاديًا. وطبعًا التجار الأوروبيين وبالذات التجار اللي في إيطاليا في جنوة وفي بيزا وفي البندقية اللي هي فينيسيا أول ما سمعوا هذا الكلام كانوا سعداء جدًا لأن الأساطيل التجارية الإسلامية كانت تنافسهم منافسة كبيرة في داخل البحر الأبيض المتوسط.

    فرنسا كانت من أضعف البلاد في هذا الوقت
    فإذا حصلت الحروب الصليبية وقُهرت الشعوب المسلمة واحتُلت بلادها فسيكون المجال مفتوحًا للأساطيل التجارية الإيطالية أن تغزو العالم بكامله، يبقى كل دي أفكار جات في ذهن البابا أوربن الثاني، ومن ثَم قرر أن يعقد اجتماع ضخم جدًا، وعمل الاجتماع دا في فرنسا، واشمعنى فرنسا؟ فرنسا كانت أضعف البلاد من ناحية الارتباط والقوة، يعني كانت مفككة تمامًا بين الملك الذي يعيش في باريس، وبين الأمراء اللي كل واحد بيحكم قطاع من قطاعات فرنسا، ففي فرصة هناك أنه يتحرك بين الأمراء ويضرب هذا بذاك علشان يخرج في الآخر جيوش تحارب المسلمين في أرض فلسطين، بالإضافة إلى أن فرنسا كانت أكثر الأماكن تدينًا في أوروبا، وهو طبعًا عايز ناس عندها حمية دينية لنصرة النصارى كما يدَّعي ألكسس كومنين في فلسطين، وفي نفس الوقت لحرب المسلمين الكفار كما يذكرونهم في كتبهم وفي خطبهم.

    أوروبا مازالت أكثر البلاد تدينًا حتى إلى الآن
    وعلى فكرة هذا المنطلق الديني هو اللي مخلي فرنسا ليها مكانة كبيرة جدًا في أوروبا، والكلام دا مش كلام تاريخي، الكلام دا إلى زماننا الآن، وأنا كنت في زيارة لفرنسا من حوالي أسبوعين تلاتة، وزرت أسترزبرج وهي أكثر المدن تدينًا في فرنسا، وفي أوروبا بصفة عامة، وهي التي اختارها الأوروبيون ليكون فيها عاصمة الاتحاد الأوروبي، يعني مبنى الاتحاد الأوروبي وعاصمة الاتحاد الأوروبي هي أسترزبرج، اشمعنى أسترزبرج؟ لأن هي أكثر المدن تدينًا في أوروبا بصفة عامة، وفي فرنسا بصفة خاصة.

    تأثير البابا أوربن الثاني على الشعوب
    البابا أوربن الثاني عمل المؤتمر بتاعه في كليرمن، كان الكلام دا سنة 1095م والكلام ده بيوافق سنة 488ه، وجمَّع طوائف كتيرة جدًا، جمَّع عامة الشعب؛ الفقراء والفلاحين وما إلى ذلك، وجمَّع الملوك والأمراء، وجمّع القساوسة والرهبان، وجمع رجال الاقتصاد والتجارة، يعني عمل توليفة من كل القوى المؤثرة في أوروبا حتى القوى الشعبية، حتى الناس الفقراء الذين لم يكن لهم وزن، لكن هما دول اللي هيكونوا عماد الجيش، فجمعهم كلهم في مدينة كليرمن في جنوب فرنسا، وعقد اجتماع مهيب وألقى خطب مؤثرة جدًا، وكان طبعًا يتسم بالبلاغة وحسن الخطابة، وحسن البيان، وأثّر تأثيرًا مباشرًا على كل الحضور لدرجة أن الجميع في هذا المجلس الواحد قرروا الخروج إلى فلسطين.

    حرب الصليبين في فلسطين
    مع أن القرار قرار استراتيجي، قرار صعب جدًا، أنت بتاخد جيوش من فرنسا، ومن أوروبا في غرب أوروبا، بتنتقل بيهم عبر البحر المتوسط، أو عبر أوروبا مسافات هائلة ضخمة لحرب فلسطين، فطبعًا دي مسافات ضخمة وكبيرة وتكلفة هائلة، ومع ذلك لم يأخذوا وقتًا طويلًا للتفكير من شدة التأثير الذي ألقاه عليهم أوربن الثاني، وقالوا أن هذه الحرب لله، وطبعًا الإله الذي يزعمون هو عيسى -عليه السلام-، وحملوا الصليب، وقرروا الخروج مباشرة، واستعان البابا أوربن الثاني ببعض الرهبان والقساوسة لتحميس الناس، وعلى رأس هؤلاء بطرس الناسك، وولتر المفلس، ودول من كبار القساوسة في فرنسا، وكان ليهم أثر كبير جدًا في تجميع الجيوش.

    تحرك كبار القساوسة لحرب المسلمين فلسطين
    يا ترى إيه اللي حصل في فرنسا وفي عامة أوروبا بعد هذا التحميس من البابا أوربن الثاني؟ دا اللي هنعرفه إن شاء الله بعد الفاصل.
    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، كنا بنتكلم قبل الفاصل على التجهيز اللي عمله البابا أوربن الثاني، وتجميع الجموع المختلفة من العلماء ومن الرهبان والقساوسة، ومن الأمراء والملوك، ومن الاقتصاديين ومن عامة الشعب في كليرمن في فرنسا، ليلقى عليهم البيان المؤثر الذي أقنعهم فيه بالتوجه إلى حرب المسلمين في فلسطين وفي عامة البلاد الشامية، وعامة البلاد الإسلامية. واستمع لكلامه معظم الحضور، وقالوا أن هذه الحرب لله كما يزعمون، وخرجوا من فورهم يجَمِّعون الجيوش، وعلى رأس هؤلاء الذين خرجوا كان بطرس الناسك، ووولتر المفلس، وهما من كبار القساوسة اللي تحركوا في معظم أوروبا الغربية ليجمعوا الجيوش.

    خروج الفقراء والفلاحين من الصليبيين لحرب المسلمين
    الحقيقة يا إخواني اللي هيشوف هذه الحروب يعرف أنها سُميت ظلمًا وعدوانًا بالحرب المقدسة، أو الحرب الدينية، أو الحرب الصليبية، هي ما كانت تمت للدين بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد، وهنشوف بعد كدا تأثر الصليبيين في كل حركاتهم بالدنيا وبالجمع وبالثروات وبالمال وبالامتلاك، ولا يتأثرون مطلقًا بعوامل الدين أو عوامل العقيدة كما كانوا يزعمون في بداية حركتهم، خرج بطرس الناسك يجمِّع الناس، واستطاع فعلا تجميع عدد كبير من الصليبيين من شمال فرنسا، ومن غرب ألمانيا، وكذلك وولتر المفلس من نفس المناطق جمع أعداد كبيرة، وهذه الأعداد من شدة حماستها، ومن شدة فقرها وجوعها وضياعها في أرض فرنسا من المجاعات المتتالية قرروا الخروج حتى قبل أن تتجمع الجيوش النظامية، فخرج الجموع الهائلة من الصليبيين غير المدربين على القتال، يعني خرجت جموع من الفلاحين، ومن البسطاء والفقراء علشان تحارب في أرض فلسطين طمعًا في حياة، مش لاقيين يعيشوا في أرض أوروبا، ويتزعمهم بطرس الناسك وولتر المفلس.

    قتل الصليبيين بعضهم البعض في حروبهم
    وقطعوا طريق طويل جدًا جدًا سيرًا على الأقدام من فرنسا إلى القسطنطينية، علشان بعد كدا يعدوا من القسطنطينية إلى أرض المسلمين في آسيا الصغرى اللي هي منطقة تركيا الآن ثم يخترقوها بعد ذلك إلى فلسطين، في هذا الطريق الطويل مروا على قرى كثيرة جدًا نصرانية إحنا كل دا في أوروبا فعدوا على ممالك النصارى الأرثوذكس، اللي هما إخوانهم في الدين لكن في اختلاف في المذهب، فمروا على هذه القرى وذبحوا أهلها، من أشهر المذابح مثلا مذبحة سملين في المجر، شعب سملين هذا شعب نصراني كله، وعندما دخل عليه بطرس الناسك كما يسمي نفسه دخل بجيشه، قام بالمذابح الشديدة، قتل 4 آلاف نصراني في هذه المدينة، طمعًا في ثرواتهم، وطمعًا في أموالهم، هذه هي الحروب المقدسة أو الحروب الصليبية.

    انتشار الفواحش بعد دخول الصليبيين إلى القسطنطينية
    وعندما وصلوا إلى أرض القسطنطينية أقاموا الفواحش الكثيرة والاعتداءات الكثيرة على شعب القسطنطينية النصراني، حتى ألكسس كومنين استغرب، يرى هؤلاء جايين علشان يساعدوه في حرب المسلمين، فإذا بهم يغيرون على أملاك الدولة البيزنطية، لكنه ضبط أعصابه، كان رجل عنده حكمة شديدة جدًا ودهاء شديد جدًا، ضبط أعصابه علشان هو مش عاوز يموت دول، عاوز يبقيهم لحرب المسلمين، فبشيء من المفاوضات نقلهم بسرعة إلى أرض آسيا الصغرى، لكن أوصاهم ألا يقاتلوا حتى تأتي الجيوش النظامية الصليبية المدربة على القتال، كل دول مرتزقة لا معنى لهم، ولا فقه لهم لا في الدين، ولا في السياسة، ولا في القتال، ولا في الحرب، ولا في أي شيء، لكنهم لم يستمعوا إلى نصيحته والتقوا مع المسلمين السلاجقة، سلاجقة الروم اللي كانوا عايشين في منطقة الأناضول، كان اسمهم كدا لكن طبعًا كانوا كلهم مسلمين عايشين في منطقة الأناضول برئاسة واحد اسمه قلج أرسلان السلجوقي.

    الحروب الصليبية كانت من أجل الدنيا وليست من أجل الدين
    وحصل صدام بين هذه الجموع الضخمة، وكانت الجموع الضخمة دي في أقل التقديرات 100 ألف مقاتل، وفي بعض الروايات بتصل إلى 300 ألف مقاتل، واصطدموا مع القوة الإسلامية، وسُحقت القوة الصليبية سحقًا، طبعًا الناس دي كلها ناس فلاحين ليس لهم أي قدرة على القتال، قابلوا جيش مدرب من جيش السلاجقة اللي الدولة البيزنطية أصلًا مش عارفة تقابله، وبالتالي سُحقت القوة الصليبية ولم ينجوا من الصليبيين إلا 3 آلاف فقط، 3 آلاف بس نجوا من هذه الجموع الهائلة، وسُحقت الجموع الجائعة التي جاءت من أوروبا الهمجية البربرية، وهرب بطرس الناسك في هذه الموقعة، ليدل دلالة واضحة على أنه لم يأتِ للدين ولكنه أتى للدنيا، وهرب من هذه الموقعة طمعًا في إعادة الهجوم على المسلمين عندما تأتي الجيوش الصليبية.

    تجميع الجيوش النظامية بعد هزيمة المرتزقة
    طبعًا البابا أوربن الثاني سمع بالأخبار، تأثر تأثيرًا شديدًا لفقدان هذا العدد الهائل من الصليبيين وبدأ يجمع جيوش نظامية كبيرة، فجمّع 5 جيوش من أوروبا، الجيش الأول: كان على رأسه واحد اسمه جود فري دي بايون، ودا كان أهم الجيوش، وكان معاه أخوه بولدوين، والجيش دا جاي من شمال فرنسا، وكان يساعده أو يعاونه فريق من الألمان، يعني طبعًا شمال فرنسا قريب جدًا من ألمانيا، ألمانيا كانت إمارة أو دولة مستقلة مملكة مستقلة، وكانت على خلاف مع الكنيسة، علشان كدا محصلش تمثيل كبير جدًا من ألمانيا في هذه الحروب الصليبية، معظم التمثيل كان من فرنسا. جود فري دي بايون قاد الجيش الأول النصراني.

    الجيش الثاني: كان بقيادة واحد اسمه ريمون الرابع، وكان من جنوب فرنسا، مجمع جنوده كلها من جنوب فرنسا، الجيش الثالث: كان بقيادة واحد اسمه روبرت، وكان دوق نورماندي، ودا واخد غرب فرنسا، وانضم إليه بعض الجنود من إنجلترا، الجيش الرابع: كان بقيادة واحد اسمه هيو، ودا كان بيمثل وسط فرنسا ومنطقة باريس وما حولها، وكان ده بيعتبر تمثيل شرفي لملك فرنسا في ذلك الوقت، والجيش الخامس والأخير: كان من جنوب إيطاليا، اللي هو الجيش النورماني، وكان على قيادته واحد اسمه بوهمنت النورماني ابن جوسترد النورماني، ودول طبعًا قائمة من الملوك المشهورين جدًا في أوروبا، اللي ليهم تاريخ طويل جدًا في المعارك العسكرية، وكان أقوى الجيوش الأوروبية مطلقًا.

    تحرك الجيوش من فرنسا إلى القسطنطينية
    والجيش الخامس دا كان برضه فيه واحد اسمه تانكرد النورماني، ابن أخت بوهمنت النورماني، والأسماء دي هي اللي بعد كدا هتحرك الجيوش الصليبية في داخل العالم الإسلامي، الخمس جيوش دي اتجمعوا في فرنسا، وبدأوا يتحركوا تِباعًا من فرنسا إلى القسطنطينية، ومنهم من أخذ طريق البحر الأبيض المتوسط، ومنهم من أخذ طريق البر، واتفقوا على موعد معين يلتقوا فيه في أغسطس، والكلام دا تحرك الجيوش دا كان في سنة 1097م الموافق 490ه، تحركت هذه الجيوش الكبيرة جدًا، بعض الإحصائيات يا إخواني ويا أخواتي تصل بهذه الجيوش إلى مليون إنسان، 300 ألف مقاتل بالنساء والأطفال وصلوا مليون.

    سياسة النصارى في احتلال أرض فلسطين
    وأنا بقول لكم إن الجيش دا متحرك بنسائه وأطفاله، يعني مش ناس رايحين يحاربوا معركة ويرجعوا تاني، دول ناس رايحين يعيشوا، يعملوا إحلال للشعب المسلم الموجود في فلسطين بشعب آخر نصراني جاي من أوروبا، تمامًا زي ما اليهود عملوا في قضية فلسطين دلوقتي، علشان كدا باقولكم أدرسوا التاريخ، التاريخ في غاية الأهمية، تحركت هذه الجيوش الكبيرة وصلت إلى القسطنطينية، وبعد خلاف كبير جدًا فكري وسياسي وعسكري مع ألكسس كومنين القائد البيزنطي المشهور، بعد هذا الخلاف دخلوا إلى أرض آسيا الصغرى للقاء المسلمين.

    انقسام دولة السلاجقة
    قبل ما نتكلم على اللقاء مع المسلمين لازم ناخد فكرة وضع العالم الإسلامي في ذلك الوقت، إحنا اتكلمنا عن وضع أوروبا، والخلافيات اللي كانت في أوروبا، عايزين ناخد فكرة عامة كدا على وضع المسلمين، علشان نفهم يعني إيه حروب صليبية وازاي دخلت الحروب الصليبية إلى أرض المسلمين واستقرت، أنا بقول إن العالم الإسلامي كان بيعاني من فرقة شديدة جدًا، بعد وفاة ملك شاه بن ألب أرسلان، زي ما قلنا اللي حكم من سنة 465 لـ 485 من الهجرة، بعد وفاته انفرط عقد الأمة الإسلامية، وتفتتت تفتتًا كبيرًا، دولة السلاجقة نفسها اتقسمت لخمس أقسام، منها القسم الغربي، اللي هو منطقة الشام، منطقة الشام لوحدها اتقسمت لعشرات الإمارات.
    الترف الشديد والذنوب والمعاصي
    أنا عايز أقول لك إن دمشق كانت إمارة منفصلة، حِمص إمارة لوحديها، حماة إمارة لوحديها، حلب إمارة لوحديها، شيزر إمارة لوحديها، حماة كان فيها تنازع حتى مابين الأمراء بعضهم البعض، يعني الإمارة بتقعد مع الواحد سنتين وتلاتة وعشرة وييجي بعد كدا يحصل خلاف وصراع من جديد، يعني حتى الإمارات الممزقة هذه كان بينها وبين غيرها صراع شديد، الوضع فعلًا كان في أزمة كبيرة جدًا وبعد كامل عن الشريعة، الزكاة ماكانتش بتتجمع لعشرات السنين، قبل قدوم الحروب الصليبية، الذنوب والمعاصي، الترف الشديد جدًا، أموال لا حصر لها ولكنها تُنفق في المعاصي وفي الذنوب، وغياب كامل لمعنى الجهاد في سبيل الله، نعم كانت هناك حروب لكنها لم تكن حروب في سبيل الله أبدًا، إنما كانت حروب في سبيل الكرسي، في سبيل السلطان، في سبيل البحث عن الأملاك الواسعة.

    أسباب سهولة احتلال الصليبيين للبلاد
    وكانت هذه الحروب أحيانا تكون بين الأمراء الذين من أب واحد وأم واحدة بين الأشقاء، ولينا أكثر من مثال، ولعل من أشهر الأمثلة التي سبقت الحروب الصليبية هي الحرب المشهورة بين دقاق بن تتش اللي كان والي على دمشق ورضوان بن تتش الوالي على حلب، الإثنين إخوات من أب واحد، والإثنين أحفاد ألب أرسلان القائد الإسلامي العظيم، لكن كان بينهم حرب ضروس للصراع على الملك، والإثنين جوا سوريا واحد في حلب والثاني في دمشق، طبعًا هذا الوضع المتردي كان مسهل جدًا دخول الصليبيين لأرض المسلمين، وأول ما نزلوا نزلوا على آسيا الصغرى، وآسيا الصغرى في ذلك الوقت اللي هي منطقة تركيا الآن كانت تعيش حربًا ضروسًا بين قلج أرسلان السلجوقي، وبين غازي بن الدنشمنت التركي المسلم، يعني نفس آسيا الصغرى مقسمة إلى مملكتين إسلاميتين بينهما صراع، وفي هذا الصراع بين العالم الإسلامي، وفي هذا البعد عن الشريعة دخل الصليبيون، فما كان أسهله من دخول، وما كان أطوله من احتلال.

    هذا ما سنعرفة في الحلقة القادمة
    وسنتحدث عن تفاصيل هذا الاحتلال وعما فعلوه في بلاد المسلمين بإذن الله، وما فعلوه في القدس في الحلقة القادمة.
    أسأل الله -عز وجل- أن يعز الإسلام والمسلمين، وأسأله -سبحانه وتعالى- أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


    تم بحمد الله
    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36
    التعديل الأخير تم بواسطة سلمى أم عمر; الساعة 30-01-2018, 04:46 AM.


    رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

    اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


    ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

    تعليق


    • #3
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكِ الله خيرًا ونفع بكِ.


      رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

      اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


      ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

      تعليق


      • #4
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا وتقبل منكم


        تعليق


        • #5
          جزاكم الله خيرًا

          تعليق

          يعمل...
          X