إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

13- تطبب النبي صلى الله عليه وسلم (2) -

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • 13- تطبب النبي صلى الله عليه وسلم (2) -



    الحلقة الثالثة عشر من سلسسلة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ محمد صالح المنجد

    بعنوان: تطبب النبي صلى الله عليه وسلم (2) -



    رابط مشاهدة الحلقة على اليوتيوب:




    لتحميل الحلقة بجودات مختلفة من هنا:

    http://way2allah.com/khotab-item-138655.htm




    جودة عالية MP4
    http://way2allah.com/khotab-mirror-138655-221797.htm



    ​​
    رابط صوت MP3

    http://way2allah.com/khotab-mirror-138655-221798.htm

    رابط تفريغ بصيغة pdf

    http://www.way2allah.com/media/pdf/129/129065.pdf




    رابط تفريغ بصيغة word

    https://archive.org/download/ahwal-annaby/tatabob2.doc

    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 26-02-2018, 07:43 AM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.


  • #2


    حياكم الله وبياكم الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات: يسر
    فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله
    أن يقدم لكم تفريغ:

    الحلقة الثالثة عشر من سلسلة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ محمد صالح المنجد

    بعنوان: تطبب النبي صلى الله عليه وسلم (2) -


    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، فهذه أيها الإخوة ليلة وترية عظيمة من العشر الأواخر، وليلة خمسٍ وعشرين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال، أخبرنا إذا غُلِبَ أحدنا على الثلاث فلا يُغْلَبَنَّ على السَّبْعِ البَوَاقِي[1]، وهذه الليلة من السبع البواقي هي والليالي القادمة، ولذلك فإنه يُندب فيها الاجتهاد في الطاعة والعبادة، ومن ذلك الاجتهاد في الدعاء.

    وقبل أن ندخل في موضوعنا في أحوال النبي -عليه الصلاة والسلام-، الأحوال النبوية الشريفة، نعرج قليلًا على الدعاء، وأن هذه الأدعية ينبغي معرفة معانيها، والاعتناء بها، ويكون في هذه الأدعية من الألفاظ التي يحتاج السامع أن يعرف معناها حتى إذا أَمّن عليها يؤمّن بفقهٍ ومعرفةٍ للمعنى لأنه إن لم يكن يعرف المعنى فأمّن على شيء لا يفهمه كالأعجميّ، فيكون مُؤَمِّنًا على دعاءٍ لا يعرف معناه.



    معاني بعض الأدعية
    وعلى سبيل المثال قَوْله: "ولا ينفعُ ذا الجَدِّ منك الجدُّ" أمَّا الجَدّ في اللغة فإنه يُطلق على الوالد، وكذلك والد الوالدة، ولكن الجَدّ المقصود هنا الحظّ والنصيب والغنى، فإنه يُطلق في اللغة الجد على الحظ والنصيب والغنى، فمعنى قوله: "ولا ينفعُ ذا الجَدِّ منك الجدُّ" يعني لا ينفع صاحب الغنى والجاه والسلطان والعظمة، لا ينفعه عندك جاهه ولا سلطانه ولا عظمته، ولا ينفعه إلا عمله الصالح، وطاعته لك، فهذا معنى "لا ينفعُ ذا الجَدِّ منك الجدُّ".

    وكذلك قَوْل الداعي: "أَصْلِح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا"، ما معنى عصمة أمرنا؟ ديننا الذي يعصم أمرنا ويحفظه، فإنَّ مَن لم يُعصم فسدت أموره لأن الدين هو الذي يحفظ أمورك يا مسلم، فقولك: "اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا" يعني أصلح لنا ديننا الذي نحفظ به أمورنا، لأن مَن لم يصلح دينه مَن فسد دينه فسدت أموره، فسدت أموره طبعًا لأن الدين هو الذي يُصلح الأمور، أمور الإنسان الحياتيَّة المعيشية الدنيوية الأخروية.

    وكذلك الاستعاذة من فتنة المحيا والممات، فتنة المحيا تدخل فيها فتن الحياة كلها، يعني مثلًا: فتنة الغنى، فتنة الفقر، فتنة المنصب، فتنة الدين بمعنى أن لا يُفتن في دينه، لا ينحرف عن دينه، لا يترك دينه، وكذلك لا يفتنه الكفار، أو لا يُفتن في أشياء فيترك دينه، أو يرتكب معاصي، يترك واجبات، أو يفعل محرمات، كلها داخلة في فتنة المحيا، وأعظم فتنة في المحيا فتنة الدجال، ولذلك خصَّه وحده بالاستعاذة مع أنه داخل في فتنة المحيا[2]. أمَّا فتنة الممات يدخل فيها سوء الخاتمة، يدخل فيها فتنة القبر، وعذاب القبر.




    طيب يرد في الأدعية أيضًا "بَرْدَ العيْشِ بعدَ الموتِ" ما هو برد العيش بعد الموت؟ برد العيش: يعني طِيْب العيش، ما تقرّ به النفس، ما تلتذّ به النفس، ما يطيب به العيش، ما تُسَرّ به العين، هذا كله من برد العيش، وبرد القلب ما يوجب انشراحه وطمأنينته.
    يَرِد في الأدعية مثلًا "في غيرِ ضرَّاءَ مضرَّةٍ ولاَ فتنةٍ مضلَّةٍ الضراء المضرة: الضُرّ الذي يفضي إلى الهلاك، أو يؤدّي إلى المشقة البالغة، معروف، والفتنة المضلة التي تُضِلّ الإنسان فتحرفه، وكذلك تفضي به إلى الوقوع في الضلالة،

    وقوله: "أسالُكَ قرَّةَ عينٍ لا تنقَطِعُ قرة عين لا تنقطع يعني لا تنتهي، وقرة العين الفرح والرضا وطيب العيش.

    وكذلك يرد في الأدعية "اللَّهمَّ اغفِرْ لي ذَنبي كلَّه، دِقَّه وجِلَّه" دِقّه: يعني دقيقه، جِلّه: يعني جليله، والمقصود الذنوب الكبيرة والصغيرة والعظيمة والكثيرة والقليلة.
    ومن العجيب أن بعضهم يقول: اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجُلّه، بضمّ الجيم، ما معنى جُلّه؟ يعني معظمه فهو الآن هل يُعقل أن يقول مسلم: اللهم اغفر لي أكثر ذنوبي؟ يعني خلّي لي شوية لا تغفرها، هذا معناه، إذا قال: "اغفر لي دقه وجُلّه" إيش يعني جُلَّه؟ يعني أكثره، يعني كأنه يقول خليلنا أشياء لا تغفرها، الفرق ضمة وكسرة، لكنها تفعل الكثير، "اغفِرْ لي ذَنبي كُلَّه، دِقَّه وجِلَّه" جِلَّه: الجليل، الكثير، والدقيق: القليل، فالمقصود اغفر الجميع.

    ويقول البعض في دعائه: "وهب المسيئين مِنَّا للمحسنين" فما معناها؟ هب المسيئين منا للمحسنين، إما أن يكون المعنى اجعل المسيئين محسنين، اهدهم، غيّر حالهم من الإساءة إلى الإحسان. أو هب المسيئين منا للمحسنين يوم القيامة، هب المسيئين منا للمحسنين ليشفعوا فيهم، يعني يوم القيامة الأنبياء لهم شفاعة، والملائكة لهم شفاعة، والمؤمنون لهم شفاعة، فيشفع المؤمنون في إخوانهم الذي دخلوا النار ليخرجوا منها، "هب المسيئين منا للمحسنين" يعني شَفّعهم فيهم، اقبل شفاعتهم فيهم، هَبْهُم لهم يوم القيامة ليشفعوا فيهم فتعفو أنت عنهم بسبب هذه الشفاعة، وهذا مما يُبيّن أهمية الرفقة الصالحة، لأنه لو كان لك رفيق صالح تستفيد منه يوم الدين، فيشفع لك، فهذه فائدة الرفقة الطيبة.



    من آداب الدعاء
    على أيَّة حال باب الأدعية بابٌ واسع، وينبغي أن يُبتعد فيه عن الصياح في الدعاء "ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا" صحيح البخاري.
    وكذلك فإنه يُبتعد فيه عن التمطيط، فإن التمطيط تكلُّف، مثل السجع المتكلَّف، لا يليق أن يدعو هذا التكلف معناه بعيد، معناه ليس حاضر القلب، معناه ليس خاشعًا.
    وكذلك يُبتعد عن التشقيق، التشقيق يعني يأتي واحد بالدقائق التي ما ورد إيراد مثلًا "اللهم إني أسألك الجنة، وحورها، ونعيمها، وشجرها، وقصورها، وأنهارها، وثمارها، وثيابها، وحريرها، وحورها"، ويأتي على النار يقول: "اللهم إني أعوذ بك من النار، وزقومها، ويحمومها، وحميمها، وغساقها، وعقاربها، وحيَّاتها".
    ولذلك سعد -رضي الله عنه- لما سمع ولده يدعو بأشياء من هذا قال: "يابُنَيّ، اسأل الله الجنة، واستعذ به من النار، فإنه إن أعطاك الجنة أعطاكها بما فيها، وإن أعاذك من النار أعاذك منها بما فيها".
    على أيَّة حال هنا موضوعٌ مهمٌّ جدًّا وهو فقه الدعاء، يحتاج إلى عناية، فقه الدعاء.



    تطَبُّب النبي صلى الله عليه وسلم
    نعود إلى موضوعنا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ذَكَرْنا من أحواله الشريفة -عليه الصلاة والسلام- تطبُّبه، وأنه -عليه الصلاة والسلام- أوصانا بأشياء في الطّبّ وعلَّمنا إياها، واستعمل هو بعضها.
    فتناولنا في الدرس الماضي إباحته -صلى الله عليه وسلم- للتَّداوي، وتبشيره أمته بأنه ما يوجد مرض في العالم إلا ويوجد له دواء عَلِمَه مَن عَلِمَه وجَهِلَه مَن جهله، وذكرنا مِن المعالجات التي وردت في السيرة النبوية والسنة النبوية علاج النزيف بالرماد، واستعمال النبي -عليه الصلاة والسلام- الحجامة للصداع، وتداويه من السحر باستخراجه وإتلافه، والرقية وعلى رأسها المعوّذات ثلاثًا والفاتحة سبعًا، وعلاج الإغماء بصبّ الماء، وعَصْب الرأس من الصداع. ونواصل في هذا الدرس.

    تداوى صلى الله عليه وسلم بالسعوط
    فمنها أنه -صلى الله عليه وسلم- تداوى بالسعوط، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه "احْتَجَمَ وَأَعْطَى الحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَاسْتَعَطَ" رواه البخاري ومسلم، استعط مِن السَّعُوط.
    ما هي الطريقة العملية؟ قال العلماء: أن يستلقي على ظهره ويجعل بين كتفيه ما يرفعهما عن الأرض، فماذا يحصل للرأس؟ يميل إلى الخلف. لماذا؟ حتى إذا وُضِع هذا في الأنف العلاج الدواء ينحدر، ينحدر ويتخلَّل التجاويف، ليصل إلى الدماغ في العلاج، وقال بعضهم: يستخرج الداء بالعطاس.
    وقَوْله "احتجَمَ وأعطى الحجَّامَ أجرَهُ" هذا في الحجامة واضح ومعروف، وهو استخراج الدم بالطريقة المعروفة، و"استَعطَ" من السَّعُوط.
    طيب ما هي المادة التي تُستعمل في السعوط؟ جاء في البخاري ومسلم قَوْله عليه الصلاة والسلام -شوف الآن يعني كثير من الناس يقولون البخاري ومسلم نعم عارفين البخاري ومسلم، مين ما يعرف البخاري ومسلم، لكن إذا أتيت بحديث البخاري ومسلم قلت له ما هو؟ فسّره، اشرحه، تبيَّنت المعرفة الحقيقية بالبخاري ومسلم، هو يعرف البخاري ومسلم، أو هو مجرد يعرف العنوان من الخارج، وأما الداخل ما فيه اطّلاع-، قال عليه الصلاة والسلام:
    "عَلَيْكُمْ بِهَذَا العُودِ الهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ: يُسْتَعَطُ بِهِ مِنَ العُذْرَةِ، وَيُلَدُّ بِهِ مِنْ ذَاتِ الجَنْبِ"، الحديث رواه البخاري ومسلم. احنا نسمع البخاري ومسلم لكن أحاديث البخاري ومسلم هل هي معروفة لدينا؟ هل هي معروف معانيها لدينا؟
    طيب "عليكم بهذا العود الهندي" إذًا هناك شيء في العالم اسمه العود الهندي، وهذا فيه خاصيَّة جاءت في الوحي، هذه ما هي تجارب أطباء، هذه بالوحي مصدر علوي غير قابل للخطأ، ما فيه نسبة خطأ في تجارب مختبرات، دراسات متضاربة، نظرية ولم تثبت، لأ هذا الآن كلام من الوحي في أعلى درجات الصحيح، في الصحيحين البخاري ومسلم.

    أوَّلًا ما معنى العذرة؟ وجعٌ في الحَلْق، مثل التهاب اللوز، واللهاة، والبلعوم، التهابات كثيرة.
    طيب ما معنى ذات الجنب الواردة في الحديث؟ كل ألمٍ ووجع في جنب الإنسان يُسَمَّى ذات الجنب، قيل وجع الكليتين، قيل مرض السل، قيل عدة أشياء.

    قال ابن حجر في شرح الحديث: "وقع الاقتصار من السبع على ثنتين.." لاحظ الحديث يقول: "عَلَيْكُمْ بِهَذَا العُودِ الهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ: يُسْتَعَطُ بِهِ مِنَ العُذْرَةِ، وَيُلَدُّ بِهِ مِنْ ذَاتِ الجَنْبِ" فكم مرضًا ذَكَرَه؟ اثنين في التفصيل، والإجمال سبعة. قال: يستعط به من العذرة: هذا ألم الحلق، وجع الحلق، التهاب الحلق. ذات الجنب: الوجع الذي يكون في جنب الإنسان. طيب الآن ذكر اثنين فأين الباقي؟ خلاص الآن الباقي لتجارب الناس، خلاص عُرّفوا أنَّ هذا العود الهندي فيه شفاء من سبعة أنواع من الأمراض، جرّب، خُذوا منه وجرّب.
    ويختصر الطريق على البشرية في مكامن الأدوية، يعني عندما يقول مثلًا في العسل، في الحبة السوداء، العود الهندي، والقسط البحري.. إلى آخره، هو يرشدك إلى مكامن الأدوية، اختصر أوقات كبيرة على البشرية في التجارب، لكن كثيرًا من البشرية لا يعترف بالبخاري ومسلم والوحي أصلًا.

    طيب ما هو الفرق بين العود الهندي والقسط البحري؟ قالوا: العود الهندي هو القسط البحري. نباتٌ في الهند وخاصة في كشمير، ويكون في الصين أيضًا، تُستعمل قشور جذوره، النبات معروف عند العطَّارين معروف وموجود مسحوق ومطحون وغير مطحون، لكن يُؤتَى به من تلك البلاد، وقشور الجذور هي التي فيها الدَّواء، وقد تكون بيضاء وقد تكون سوداء، وكان تجار العرب يجلبونه إلى جزيرة العرب عن طريق البحر، ولذلك سُمّي "بالقسط البحري" كما يُسمى "بالقسط الهندي" نسبة إلى موطنه في الهند، وهو غير العود الهندي، البخور، لأن البخور يسميه الناس العود الهندي، لكن ليس هو المقصود في الحديث، أو بالحديث، نبتان مختلفان.

    طيب النهي عن تعذيب الأولاد الوارد في حديث "لاَ تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنَ العُذْرَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالقُسْطِ" رواه البخاري ومسلم، لا تعذبوا صبيانكم بالغمز كانوا قديمًا إذا التهب حَلْق الولد أو التهبت اللوزتين أو اللهاة، بالأُصْبُع يضغطون على ذلك المكان أو بخرقةٍ، وأحيانًا يتفجَّر الدم، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "لاَ تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنَ العُذْرَةِ" يعني عند وجود هذا الالتهاب "وَعَلَيْكُمْ بِالقُسْطِ" فنهاهم عن الفِعْل الخطأ، وأرشدهم إلى العلاج الصحيح.

    ويجري الآن استعمال القسط البحري أو العود الهندي في أوروبا وفي الغرب في علاج أمراض الكبد، وبعض الأمراض التناسليَّة، وعلاج الدمامل، والإمساك المُزْمِن، والربو، والتهاب القصبات، وسرطان الفم، والجذام، والتهاب العين، وغير ذلك.

    قال ابن القيم -رحمه الله-: "وأما نفع السعوط منها بالقسط المحكوك، فلأن العذرة -هذا الالتهاب- مادةٌ يغلب فيها دمٌ يغلب عليه البلغم، وفي القسط تجفيفٌ يشدّ اللهاة ويرفعها، والقسط البحري المذكور في الحديث هو العود الهندي -كما تقدم- وهو الأبيض منه، وكان أهل الجاهليَّة يعالجون صبيانهم بغمز اللهاة، ويعالجون صبيانهم أو يضعون لهم العلاق أشياء يعلقونها على الصبيان فنهاهم -عليه الصلاة والسلام- عن ذلك وأرشدهم إلى هذا المكمن للدواء" للمزيد يراجع زاد المعاد لابن القيم رحمه الله.



    من الأدوية النبويّة علاج القرحة بالحنّاء
    وكذلك مِن الأدوية النبوية علاج القرحة بالحنّاء، فعن سلمى أم رافع مولاةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: "كانَ لاَ يصيبُ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليْهِ وسلَّمَ قرحةٌ ولاَ شوْكةٌ إلاَّ وضعَ عليْهِ الحنَّاءَ" ورواه الترمذي وابن ماجة، والقرحة: الجرح الذي يكون من شيء حاد؛ سكّين، سيف، ونحو ذلك، طيب ما مناسبة الحناء لهذا؟ أن الجراحة فيها حرارة والحناء فيه برودة فيخفف.
    قال ابن القيم -رحمه الله-: "نافع من حرق النار -يعني الحناء- وفيه قُوَّةٌ موافقة للعصب إذا ضُمِّد به، والضماد به ينفع من الأورام الحارة، ومن خواصه -هو ذكر الآن من تجارب الناس، الآن يذكر من تجارب الناس، قال:- إذا بدأ الجدري يخرج بصبي فخضبت أسافل رجليه بالحناء، فإنه يُؤْمَن على عينيه أن يخرج فيها شيء منه، قال: وهذا صحيحٌ مُجَرَّبٌ لا شك فيه". فالآن هذه تجربة، هذه من تجارب الناس، قال هذا مجرب وصحيح.
    معروف طبعًا أن بعض، لماكان الجدري هذا منتشر كان كثير ممن يصاب بالجدري يصيبه العين فيكون ضريرًا وبعضهم موجود إلى الآن ممن ذهب بصره بالجدري.



    من الأدوية النبوية الإثمد
    طيب كذلك من الأدوية النبوية الإثمد، الاكتحال. فعن عمران بن أبي أنس قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ، وَيَكْحُلُ الْيُمْنَى ثَلَاثَةَ مَرَاوِدَ، وَالْيُسْرَى مِرْوَدَيْنِ" رواه ابن أبي شيبة وصححه الألباني.
    وقال -عليه الصلاة والسلام-: "عَلَيْكُمْ بِالْإِثْمِدِ، فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ، وَيُنْبِتُ الشَّعَرَ" رواه الترمذي وابن ماجة وصححه الألباني.
    والإثمد نوعٌ من الكحل وهو أجوده، يوجد في الحجاز والمغرب وأصبهان، والأصل في الأصل هو حجر "الإثمد" أسود يميل إلى الحُمرة، يُدَقّ ويُصنع منه كحل للعين. قال الإمام المباركفوري -رحمه الله-: "يكون في بلاد الحجاز وأجوده ما يُؤتى به من أصبهان".

    ما معنى يجلو البصر؟ يعني ينقّيه، يُحسّن النَّظر، يزيد القدرة البصريّة. ويُنبت الشعر: هذه الأهداب التي على العين وهي نافعة، أشفار العين، وتحميها، فبعض الناس يتساقط عندهم هذا الشعر خفيف اللي يسموه الرموش، هذا الإثمد نافع لإنبات الشَّعْر في هذا المكان والمحافظة على العين، وكذلك يقوّي البصر ويجلوه ويُلَطّف، وله عند النوم مزيدُ أثرٍ حميد، لأن العين تسكن والإثمد يفعل فعله، وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- في الزاد قال: "ينفع العين، ويقويها، ويشد أعصابها، ويحفظ صحتها، ويُذْهب اللحم الزائد في القروح، وينقي أوساخ العين ويجلوها، ويذهب الصداع". وذكر الفوائد التي تكون من خلط الإثمد بالعسل، ونحو ذلك، قال: "وهو نافع لكبار السن الذين ضعفت أبصارهم، إذا جُعِل معه شيءٌ من المسك"، وللمزيد زاد المعاد.
    وهذا الإثمد للرجال والنساء، والمرأة لا تُظهره زينةً للأجانب بطبيعة الحال.

    مما وَرَد في السنة النبوية علاج الحمى بصَبّ الماء البارد
    طيب ماذا ورد أيضًا في السنة النبوية؟ علاج الحمى بصَبّ الماء البارد، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ شِدَّةَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ" رواه البخاري ومسلم، فالحُمَّى لها علاقة بفيح جهنم، وإنْ كنا لا ندركها لأن هذه قضية غيبيَّة.
    مثل لما قال: إنَّ شدّة الحر من فيح جهنم، عن الصيف، إن الله أذن لجهنم بنفسين؛ نَفَس في الشتاء، ونفس في الصيف، نفس الشتاء أشدّ ما تجدون من الزمهرير، ونفس الصَّيف أشدّ ما تجدون من الحرارة[3]، فهناك ارتباط بين حرارة الصيف وجهنم، وإن كنا لا ندركه، نحن ما نرى أمامنا إلا نقول هذه الشمس إذا اقتربت في الصيف ارتفعت الدرجات، وإذا ابتعدت في الشتاء نزلت الدرجات، لكن الشيء الطبيعي لا يمنع أن يكون له علاقة بشيء غيبي نحن لا نُدركه، فنرى الشيء الطبيعي الظاهر ويوجد في الباطن ارتباطٌ لا يعلمه إلا الله، لكن نحن نؤمن به، ولا يمنع أن يكون هناك شيء غيبي له ظاهر طبيعي مُفَسَّر.
    الآن مثلًا ورد في قضية البرق والرعد، في الرعد أنه صوت ضرب الملك بالمخراق في السحاب، فنحن يفسر لدينا في قضية شحنات كهربائية وتفريغ وصوت و.. إلى آخره، لكن هذا لا يمنع أن يكون وراء ذلك شيء غيبي لا ندركه، له ظاهر مفهوم واضح مُفَسَّر مُعَلَّل فيزيائيًّا، وباطنٌ لا ندركه.

    ولكن لا شَكَّ أن الماء يُبَرِّد، الماء له تبريد، وهذه الحرارة التي تكون في الجسد ينفعها صبّ الماء عليها، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- لما اشتدت عليه الحمى في مرض موته بصبّ الماء عليه، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاَهُ فِي الأَرْضِ.." بين عبَّاس و عليّ -رضي الله عنهما- "..قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا دَخَلَ بَيْتَهَا، وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ: هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ، لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ.." ذكرنا سابقًا أنه إمَّا أن تكون كلّ قربة قد مُلِئَت من بئرٍ لمائها خاصية، وشُدَّت ولم تحلّ -يعني الوكاء والغطاء-، تُحَلّ الآن وتُخلط وتُصَبّ عليه، أو أن السبع هذا العدد، من سبع قرب له خاصية، قالت: "فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ القِرَبِ، حَتَّى جَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا: أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ، قَالَتْ: وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ، فَصَلَّى لَهُمْ وَخَطَبَهُمْ" رواه البخاري.

    وعلى أيَّة حال لا يمنع الإنسان أن يستعمل هذا، أو يستعمل الأدوية الأخرى، الناس يقولون تمبرا، ديفادول، خوافض الحرارة كثيرة، فلا مانع من استعمالها. لكن هو يُرْشِدُك يقول هذا نافعٌ لهذه الحالة، إن شئت فاستعمله، وإن أردت أن تستعمل غيره استعمل غيره، وإن أردت أن تجمع بينهما اجمع بينهما.



    العلاج بالكَيّ
    وكذلك فإنَّه -صلَّى الله عليه وسلم- عالج الجريح بالكيّ، فروى جابر -رضي الله عنه- قال: "رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي أَكْحَلِهِ، قَالَ: فَحَسَمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ بِمِشْقَصٍ، ثُمَّ وَرِمَتْ فَحَسَمَهُ الثَّانِيَةَ" رواه مسلم.
    وقال: "رُمِيَ أُبَيٌّ يَوْمَ الْأَحْزَابِ عَلَى أَكْحَلِهِ فَكَوَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" رواه مسلم.
    و"بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيبًا، فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا، ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ" صحيح مسلم.

    لكن هذا الكَيّ ليس أول العلاج، ولا يُلْجَأ إليه إلا في النهاية، لأنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "الشِّفَاءُ فِي ثَلاَثَةٍ: فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ" رواه البخاري.
    وقال: "إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ، فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ تُوَافِقُ الدَّاءَ.."، لاحظ توافق الداء، يعني ممكن تأتي كيّة بنار ولا توافق الداء، ولا يستزيد إلا التشويه، قال: ".. وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ" رواه البخاري ومسلم. لِمَا فيه من تعذيب الجسد بالنار وهذه المُثلة أو التشويه التي يبقى أثرها بعد ذلك، ولذلك كان آخر الدواء الكَيّ.
    قال النووي -رحمه الله-: "ذكر -عليه الصلاة والسلام- الكَيّ لأنه يُستعمل عند عدم نفع جميع الأدوية المشروبة، ونحوها، فآخر الطبّ الكيّ، وقوله: وما أُحِبُّ أن أكْتَوِي، بيان أن هذا لا يكون إلا عند الاضطرار".

    ومما يدلّ على كراهة الكيّ حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: "وقد كان يُسلِّمُ عليَّ حتى اكتويتُ. فتركتُ. ثم تركتُ الكيَّ فعاد" رواه مسلم.
    عمران بن حصين -رضي الله عنه- كان به بواسير، وكان يصبر وكان هذا الصحابي الوحيد اللي ورد أن الملائكة كانت تُسَلّم عليه، لما اكتوى انقطع تسليم الملائكة عليه، لما ترك الكي عادت تسلم عليه.
    وقد ورد في حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، ".. ولا يكتوون"[4].



    فصرنا الآن في النصوص بين أربعة أنواع في الكَيّ:
    أحدها فِعْله، لأنه ورد أنه حَسَمَ، وسعد بن معاذ، وأُبَيّ أرسل..، هذا فيه أنه استعمله مع بعض أصحابه.
    ثانيًا: نصوص فيها عدم محبَّته له. شوف لاحظ نصوص فيها فعله، ونصوص فيها عدم محبته له.
    ونصوص فيها الثناء على مَن تركه، منها حديث السبعين ألفًا.
    ونصوص فيها النهي عن الكَيّ. "وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ".
    هذه تحتاج إلى علماء، يعني ما يمكن العامي يجمع بينها، ما يمكن، فإذا رجعنا إلى كلام العلماء نجد ما يلي، قال ابن القيم -رحمه الله-: "ولا تعارُض بينها بحمد الله، فإن فعله يدلّ على جوازه، وعدم محبته له لا يدل على منعه.." الآن هو ما يحبّ لحم الضَّبّ مثلًا لكن هذا لا يدلّ على منعه، ".. والثناء على تاركه يدلّ على أن تركه أفضل، والنهي عنه على سبيل الكراهة".
    لو قال واحد إيش هذه نصوص في الكَيّ عجيبة، شيء فعله، وشيء كرهه، وشيء أوصى يعني ما استحبّه لأمته، والأفضل تركه، وحديث السبعين ألف، فكيف؟ قالوا: لا تعارُض بينها، لا يمكن تتعارض نصوص الشرع، المصدر من الله، فِعْله يدلّ على جوازه، وعدم محبته له لا يدلّ على منعه، والثناء على تاركه يدلّ على أن تركه أولى وأفضل، والنهي عنه يكون على سبيل الكراهة، أو على ما لا يُحتاج إليه، أو على ما يوجد له بديل، فيكون النَّهي مخصوص بما يوجد له بديل.


    العلاج بالرقية
    عالج النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بعض أصحابه بالرقية، فرقاهم بنفسه، فعن عبد العزيز قال: "دخلتُ أنَا وثَابتٌ على أنَسٍ بنِ مالِكٍ، فقالَ ثابتٌ: يا أبا حَمْزَةَ، اشْتَكَيْتُ، فقالَ أَنَسٌ: ألَا أَرْقِيكَ برُقْيَةِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؟ قالَ: بلى، قالَ: اللهُمَّ ربَّ الناسِ، أذهب[5] البَاسِ، اشفِ أنتَ الشَّافي، لا شافِيَ إلا أنتَ، شفاءً لا يغادرُ سَقَمًا" صحيح البخاري.
    لا يغادر يعني لا يترك، وقالوا: "مَالِ هَـٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا" الكهف:٤٩.

    ورقى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مَن انصبَّت المرقة على يده، قال محمد بن حاطب -رضي الله عنهما-: "انصبَّتْ على يدي مرَقةٌ فأحرَقَتها فذهَبَت بي أمِّي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأتَيْناه وهو في الرَّحْبةِ فأحفَظُ أنَّه قال: أذهَبِ الباسَ ربَّ النَّاسِ، وأكثَرُ عِلمي أنَّه قال: أنتَ الشَّافي لا شافيَ إلَّا أنتَ" رواه ابن حبان وهو حديثٌ صحيح. هذا من دقّة الصّحابة في النَّقْل، يقول أنا متأكد من كذا وأغلب ظنّي العبارة الأخرى، يعني بالإضافة.

    ورقى -عليه الصلاة والسلام- الحسن والحسين، فعن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ يَقُولُ: أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ، وَيَقُولُ: هَكَذَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يُعَوِّذُ إِسْحَاقَ وَإِسْمَاعِيلَ"، لأنه جاءه الولدان على الكِبَر "الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ" إبراهيم:٣٩، فكان يعوّذهما. رواه البخاري والترمذي.

    طيب ما معنى بكلمات الله التامات؟ كلمات الله نوعان:
    الكلمات الشرعيَّة مثل القرآن والإنجيل والزبور والتوراة وصُحُف إبراهيم، هذه كلمات الله، الله يقول للملائكة كلامًا ويوحي إلى نبيه ويتكلم إلى جبريل، فيه كلام شرعي مثل أحكامه.
    وفيه كلام قدري أوامره في الكون، يأمر الملائكة بأوامر، يأمر، وأحيانًا يأمر الأرض مباشرةً، ويأمر السماء.
    هذه كلماته الشرعيَّة والكونيَّة هي المقصودة بقَوْله أعوذ بكلمات الله التامات، لأنها لا تُرَدّ، ماضية نافذة، وكذلك ما فيها نَقْص، كلماته تامة -سبحانه وتعالى-.

    فإذًا التَّعوُّذ بكلامه، لأن الكلام من صفاته -سبحانه- مشروع في الرقية، طيب أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطانٍ طبعًا شيطان إنس أو جن، وهامة كل دابةٍ لها سُمّ يُقال لها هامة، كل دابةٍ لها سُمٌّ يقتل، والجمع هوام، وهذا يدخل فيه الحيَّة، والعقرب، والزنبور إلى آخره، طيب ومن كل عين لامة العين التي تُلِمّ بالإنسان فتُؤَثّر جنونًا خبلًا مرضًا، العين معروف أثرها على الجسد والمال والولد.

    مَسْح النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بيده مع الرقية
    والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما كانت رقيته فقط بالكلام أيضًا فيه فعل معها المسح باليد، فعن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص أن أباها قال: "تَشَكَّيْتُ بِمَكَّةَ شَكْوًا شَدِيدًا، فَجَاءَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي أَتْرُكُ مَالًا، وَإِنِّي لَمْ أَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً، فَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي وَأَتْرُكُ الثُّلُثَ؟ فَقَالَ: لاَ، قُلْتُ: فَأُوصِي بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ؟ قَالَ: لاَ، قُلْتُ: فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ؟" أترك الثلثين للوَرَثَة "قَالَ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ..".
    ولذلك قال بعض العلماء: وددت أن الناس غضّوا من الثلث إلى الربع، ورد عن ابن عباس بعض الصحابة، وأبو بكر الصديق أوصى بالخمس، قالوا: إلا إذا كان المال كثيرًا، ولا يضرّ الورثة الثلث يمضي الثلث.
    يقول سعد: "ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِي، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِي وَبَطْنِي، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ.." قال سعد: "فَمَا زِلْتُ أَجِدُ بَرْدَهُ عَلَى كَبِدِي -فِيمَا يُخَالُ إِلَيَّ- حَتَّى السَّاعَةِ" رواه البخاري ومسلم.
    وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَوِّذُ بَعضَهُم، يَمسَحُهُ بيَمينِهِ: أذهِبِ البَاسَ رَبَّ الناسِ، واشْفِ أنتَ الشَّافي، لا شِفاءَ إلا شِفاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغادِرُ سَقَمًا" صحيح البخاري، وعنون عليه البخاري -رحمه الله- باب مسح الراقي الوجع بيده اليمنى.

    طيب قُلنا المسح، طبعا أمَّا اليمنى فلِفَضْلها في الشرع على اليُسرى، وأمَّا المسح فتفاؤُلًا بزوال الوجع، لأنه إذا مسح كأن شيئًا يذهب إذا مسح كأن شيئًا يذهب ويزول، تفاؤلًا بزوال الوجع.



    علاج القُرْحَة بريقٍ مخلوطٍ بالتّراب
    وعالج النبي -صلَّى الله عليه وسلم- القُرْحَة بريقٍ مخلوطٍ بالتراب، فعن عائشة -رضي الله عنها- "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ، قَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا، وَوَضَعَ سُفْيَانُ (الراوي) سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ.."
    وفي رواية أبي داود: "يَقُولُ: بِرِيقِهِ.." يعني بريقه أوَّلًا، ".. ثُمَّ قَالَ بِهِ فِي التُّرَابِ..".
    ".. ثُمَّ رَفَعَهَا بِاسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا" رواه البخاري ومسلم.

    هنا حصل خلاف عند شُرَّاح الحديث هل هذا خاص بالنبي -صلَّى الله عليه وسلم- لبركة ريقه؟ هل هو خاص بالمدينة لبركتها؟ وإذا أمضيناه على العموم، يعني قُلنا ليس خاصًا بهذا ولا بهذا، على هذا القَوْل يأخذ بريق نفسه على أُصبعه السبابة، ثم يضعه على التراب، فيعلق به منه شيء، طبعًا شيء نظيف، ما هو وسخ ولا نجس، لا طبعًا، ثم يضعه على موضع العلة، ويمسح عليه، ويقول هذا الدعاء "باسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا ليَشفى به سقيمنا بإذن ربّنا". رواه البخاري ومسلم، الحديث في الصحيحين ما فيه شك، لكن هل هو خاص بالنبي عليه الصلاة والسلام -هنا وقع الخلاف- أو هو عام؟
    ومَن قال بالعموم، قالوا يعني التراب فيه طبيعة البرودة واليبوسة والتجفيف، وإن هناك أشياء خفيَّة علينا حتى لو ما استطعنا أن نُفسّرها ما دام وردت نعمل بها، واللعاب قد يكون فيه أشياء أصلًا يعني هذه الرقية لما تنفث أنت بعد ما تقرأ القرآن وتنفث فيها شيءٌ من الرذاذ، وهناك أمورٌ خفيَّة نحن ربما لا نعلم عنها.



    أمر -عليه الصلاة والسلام- مَن أُصيب بالإسهال بشُرْب العسل
    وكذلك أمر -عليه الصلاة والسلام- مَن أُصيب بالإسهال بشُرْب العسل، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: إن أخي استَطلَق بطنُه.." ما معنى استطلق بطنه؟ كَثُر خروج ما فيه، يريد الإسهال، ".. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: اسقِه عسلًا، فسقاهُ. ثم جاءَه فقال: إني سقيتُه عسلًا فلم يزدْه إلا استطلاقًا. فقال لهُ ثلاثَ مراتٍ.." قال له ثلاث مرات اسقه عسلًا ويرجع يقول ما زاده إلا استطلاقًا، اسقه عسلًا ويرجع يقول ما زاده إلا استطلاقًا..
    ".. ثم جاء الرابعةَ فقال: اسقِه عسلًا، فقال: لقد سقيتُه فلم يزدْه إلا استطلاقًا. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: صدق اللهُ. وكذب بطنُ أخيكَ، فسقاهُ فبرِأَ" صحيح مسلم.
    في الرابعة، قالوا إنَّ العسل لِيُؤَثِّر لا بُدَّ له من كمّيّة، يعني ما هو أيّ كمية من العسل، ما هو الشيء اليسير مثلًا، فكان لا بُدّ من وصول الدواء للكمّيّة اللازمة للعلاج، فما كانت الكمية في المرة الأولى كافية، ولا في الثانية، ولا في الثالثة، أما في الرابعة فقد كفت مع ما سبقها، ولذلك قال يقينًا، وهذا هو اليقين قال: "صدق اللهُ. وكذب بطنُ أخيكَ"، يعني لا تقُل خلاص هذا مؤكَّد يقين، فإذًا يجب أن يكون للدواء مقدارٌ وكمّيّةٌ بحسب حال الداء، إذا قَصُر عنها لا يؤثّر، وربما يُحْدِثُ ضررًا آخر.
    مثل الآن المضادات الحيويَّة هذه على الخلاف في أَخْذِها الآن بين الأطباء، لكن الآن لو واحد ما أخذ الجرعة كاملة ماذا يحدث؟ لو قال مثلًا أنت لازم تاخد مثلًا أسبوع، فراح أخد يومين، ممكن البكتيريا تستعصي وتصير أشدّ وأسوأ، ويصير انتكاسة أسوأ، فالدواء إذا ما بلغ مقدارًا معيّنًا لا يحصل به النفع المرجو، وهذا تفسير حديث أن أربع مرات، في الرابعة أمسك بطنه، في الرابعة، فهذا فيه اعتبار مقادير الأدوية، هذا الحديث يدلّ على اعتبار مقادير الأدوية.

    ورد في السُّنَّة في العلاج وَضْع اليد على موضع الألم من الجسد
    وكذلك ورد في السُّنَّة في العلاج وَضْع اليد على موضع الألم من الجسد، فعن عثمانَ بنِ أبي العاصِ الثَّقفيِّ -رضي الله عنه- "أنه شكا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجعًا، يجدُه في جسدِه منذ أسلمَ. فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ضَعْ يدَك على الذي تألَّم من جسدِك. وقلْ: باسم اللهِ، ثلاثًا.." هذه رُقية أخرى، باسم الله، باسم الله، باسم الله، ".. وقل، سبعَ مراتٍ: أعوذُ باللهِ وقدرتِه من شرِّ ما أجدُ وأُحاذِرُ" صحيح مسلم، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر، يقولها سبعًا.
    طيب الاستعاذة بصفة من صفات الله جائزة، أعوذ بكلمات الله التامة، أعوذ بعزة الله، أعوذ بقدرة الله، الاستعاذة بصفاته جائزة، وأجد وأحاذر هذا المرض والألم.

    من طُرُق العلاجات النبويَّة منع النَّاقه من تناول ما يضرّه حتى يتم شفاؤه
    وكذلك مِن علاجاته، من طُرُق العلاجات النبوية منع الناقه من تناول ما يضرّه حتى يتم شفاؤه، من هو الناقه؟ لما يقولون الآن هذا في فترة النقاهة، النقاهة اللي بين المرض والصحة، اللي هو الطريق نحو العافية، يعني بدأ يخرج من المرض لكن ما تكاملت العافية، هذه فترة النقاهة، ماذا يُسَمَّى الشخص في هذه الحالة؟ ناقه، في اللغة العربية.

    فعن أمِّ المنذر بنت قيس الأنصارية -ضي الله عنها-، قالَت: "دخلَ عليَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، ومعَهُ عليٌّ وعليٌّ ناقِهٌ.." قريب العهد بالمرض، قالت: ".. ولَنا دوالي معلَّقةٌ.." غُصن البُسُر، الرطب، ".. فقامَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يأكلُ منها وقامَ عليٌّ ليأكُلَ، فطفقَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقولُ لِعليٍّ: مَهْ.." مَهْ يعني كُفّ توقَّف، ".. إنَّكَ ناقِهٌ حتَّى كفَّ عليٌّ، قالَت: وصنعتُ شعيرًا وسلقًا، فَجِئْتُ بِهِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: يا عليُّ أصِب من هذا فَهوَ أنفعُ لَكَ" شوربة السلق بالشعير، أو شوربة الشعير بالسلق. والحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
    طيب أقناء الرطب وعناقيد العنب والفاكهة ممكن تضرّ المريض الناقه وأن طبيعته في هذه المرحلة لا تستطيع أن تهضمها بدون آثار سالبة، وإذا اشتغلت المعدة بمثل هذا في هذه المرحلة يضرّها، فلمَّا جاءت هذه الشوربة هذه اللطيفة السهلة في الهضم، ما فيها تلك السكريات أو أشياء ما يتحمل، الوضع الآن لا يتحمل هذا، ففيها تبريدٌ، وتغذيةٌ، وتلطيف، وتليين، وتقوية، لا سيّما إذا طُبِخ الشعير، هذه شوربة الشعير بأصول السلق، فهو من أوفق الغذاء لمن في معدته ضعف.



    فائدة التلبينة للمريض والمحزون
    وقريب من هذا التلبينة، ما هي التلبينة؟ التلبينة هذه حديثها في الصحيحين، عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تأمر بالتلبين للمريض، وللمحزون على الهالك.
    التلبينة هذه تنفع في حالتين مهمّتين:
    الحالة الأولى: المريض بالمرض الحسّي.
    والثانية: المحزون المُكَدَّر نفسيًّا، وخصوصًا المحزون من هلاك قريب، مات ابنه، مات أبوه، مات أبوها، مات ابنها، مات زوجها.

    كانت تقول: "إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ التَّلْبِينَةَ تُجِمُّ فُؤَادَ المَرِيضِ، وَتَذْهَبُ بِبَعْضِ الحُزْنِ". رواه البخاري ومسلم. تُجِمّ يعني تُريح.
    وعنها -رضي الله عنها- قالت: "كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- إذا أخذ أهلَه الوَعْكُ؛ أمر بالحَسَاءِ.." دقيق، وماء، ودُهن، شيء بسيط، ".. فصُنِع.."، مرقة دقيق، ".. ثم أمرهم فحَسَوْا منه، وكان يقولُ: إنه لَيَرْتُو، فؤادَ الحزينِ.."، يرتو يعني يقَّوي ".. ويَسْرُو عن فؤادِ السقيمِ.."، يزيل ويكشف، ".. كما تَسْرُو إحداكن الوَسَخَ بالماءِ عن وجهِها" رواه الترمذي وابن ماجة.

    فالتلبينة حساءٌ من دقيق الشعير، أو دقيق القمح، لكن دقيق الشعير له خاصية، وكذلك يُمكن أن يُجعل معه اللبن، دقيق الشعير واللبن، يُسَمَّى تلبينة.
    وهذا مُلَيِّن للأمعاء، مُهَدِّئ للقولون، طبعًا لطيف، وسهل الهضم، غذاءٌ لطيفٌ، والشعير غنيٌّ بالألياف، وهذه الألياف لها فوائد، وبعضهم -يعني من الباحثين المعاصرين- يقول أنها تنفع في سرطان القولون نسأل الله العافية. وقالوا أيضًا إن حبوب الشعير الفائقة تنفع في علاج أو تخفيض نسبة الكوليسترول المرتفع في الدم.
    طيب الآن هذه التلبينة نعود إلى الحديث، الشعير علاجٌ نافعٌ الآن هذه دقيق الشعير، هذا الحساء له أثر جسدي في معالجة الألم، وأثر نفسي في معالجة الحُزن والاكتئاب، ويُبرِّد، يُبرِّد يعني على قلب الحزين.
    أوصى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بالحبة السوداء
    وأوصى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- طبعًا بالحبة السوداء، وقال: "في الحبَّةِ السوداءِ شفاءٌ من كلِّ داءٍ. إلا السامُ" يعني الموتُ. رواه البخاري ومسلم، وهذه نافعةٌ جدًّا وآثارها على جهاز المناعة إيجابًا وعلى غيره.



    مِن العلاجات النبويَّة الكمأة لأمراض العين
    ومِن العلاجات النبويَّة الكمأة لأمراض العين، لأنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "الكمأة من المَنّ.." يعني الذي يمنّ الله به على عباده، ".. وماؤها شفاءٌ للعين" صحيح البخاري.
    طبعًا كونها من المَنّ لأنهم ما يتعبون في بذرها وسقيها، هي تَنبُت من الله بدون بذر، بدون سقي، الله ينبتها من السماء، فهذه الكمأة النبات الذي يخرج لا ورق له ولا ساق ولا زهرة ولا ثمرة، آية من آيات الله في الحقيقة، يعني العادة أنه فيه نبتة تخرج لها أوراق، ثمرة، هذه من المَنّ، منة من الله، وألوانها كثيرة، ومن الفِطْر هي، من أنواعه، وتُؤكل نيّئةً ومطبوخةً، وقيل إنّ هذا كان مما أُعطيه بنو إسرائيل.

    "وماؤُها شفاءٌ للعينِ"، هل تؤخذ تُعْصَر كما هي، يعني تُغْسَل وتُعصر؟ أو تُسلق ويُؤخذ ماؤها؟ قال النووي -رحمه الله-: "وقد رأيت أنا وغيري في زمننا مَن كان عَمِي وذهب بصره حقيقةً، فكَحَّل عينه بماء الكمأة مُجرّدًا.." يعني أخذوا الكمأة عصروها كما هي، غسلوها عصروها، ".. فشُفي وعاد إليه بصره، وهو الشيخ العدل الأيمن الكمال ابن عبد الله الدمشقي، صاحب صلاح ورواية للحديث، وكان استعماله لماء الكمأة اعتقادًا في الحديث وتبرُّكًا به".
    هذه التي تُسمى اليوم الفقع، وشجرة الأرض، وبيضة الأرض، وبيضة النعامة، والعسقل، وغيرها من الأسماء، من غير زرعٍ تنبت مِنَّة من الله -سبحانه وتعالى-، قال ابن القيم: "ماء الكمأة إذا عُجن به الإثمد.."، يعني هذا كما يقول واحدة بواحدة يعني.



    العلاج بالسنى والسنّوت
    وأرشد -عليه الصلاة والسلام- كذلك إلى علاج الاستسقاء، والعلاج بالسنى والسنّوت، ماء السنى والسَّنوت، فما هو السنى والسَّنوت؟ ما هو الحديث؟ وهذا نختم به الدرس. "عليكُم بالسَّنَى والسَّنوتِ فإنَّ فيهما شفاءً من كلِّ داءٍ إلَّا السَّامَ، قيل: يا رسولَ اللهِ، وما السَّامُ؟ قال: الموتُ" صححه الألباني.
    السنى نباتٌ كأنه الحِنّاء، زهره إلى الزُرقة، حبّه مُفرطحٌ إلى الطول، وأجوده الحجازي، ويُعرَف السنامكي، ويُعرف بالسنى المكي، هو أصلًا مُركبة منه أدوية كثيرة الآن، يبدو أنهم اقتنعوا الجماعة به ركّبوا منه أدوية، السَّنوت ما هو؟ العسل وقيل الكمون، وقال آخرون: العسل الذي يكون في زِقاق السمن، قال بعض العلماء وهذا هو الأقرب، فيُخلط السنى مدقوقًا بالعسل المخالط للسمن ثم يُلْعَق فيكون فيه شفاء بإذن الله، على أيَّة حال السنى والسَّنوت، السنى موجود طبعًا، موجود عند العطَّارين منه، والآن صار فيه في الصيدليات أدوية، السنامكي معروف، والسنَّوت الذي قيل فيه العسل المخلوط بشيءٍ من السمن، العسل في زِقاق، في أزقّة السمن، ففيه شيءٌ منه مخلوطٌ به.



    الخاتمة
    والله على كل شيءٍ قدير، وهو خالق الداء والدواء، وقد جاء في كتاب الله وسُنَّة رسوله -صلَّى الله عليه وسلم- ما أرشدنا به ربنا إلى أصول الأدوية، ومكامن الأدوية، وها أنت ترى أن الشرع جاء بما فيه مصلحة الناس، وأن الله -عز وجل- ما بخل علينا بشيء، أعطانا أصول الدواء، وأنواع الأدوية والأشفية، والرقى، وهو إذا ابتلى أعان، فيبتلي بالمرض ويُعين بالدواء والرقية، وأنزل في كلامه والطعام الذي خلقه، وهذه الأشياء التي في الطبيعة ما جعل فيها ما يُعين الناس على مواجهة هذه الأمراض.

    نسأل الله -سبحانه وتعالى- العفو والعافية والشفاء التام، والنعمة، وتمام الفضل منه -سبحانه-، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا وأهلينا وأموالنا، اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نُغتال من تحتنا، اللهم أتمم نعمتك علينا، اللهم هبنا مِن فضلك يا ذا الفضل العظيم، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا أوزعنا أن نشكر نعمتك التي أنعمت علينا وعلى والدينا وأن نعمل صالحًا ترضاه، وأصلح لنا في ذرّيّاتنا إنا تُبنا إليك، وإنا من المسلمين.
    وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


    تم بحمد الله
    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36

    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.
    في أمان الله






    [1] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ -يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ- فَإِنْ ضَعُفَ أَحَدُكُمْ أَوْ عَجَزَ، فَلَا يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي" صحيح مسلم.
    [2] "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ" صحيح البخاري.
    [3] "إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ"، و"اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ" صحيح البخاري.
    [4] عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، قَالُوا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" صحيح مسلم.
    [5] رواية البخاري ".. مُذهِب الباس.."
    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 27-02-2018, 12:47 AM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق


    • #3
      للرفع
      اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

      تعليق


      • #4
        عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم

        تعليق


        • #5
          جزاكم الله خيرًا

          تعليق


          • #6
            جزاكم الله خيرا


            تعليق

            يعمل...
            X