إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لماذا لا تحزن على قلبك؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [جديد] لماذا لا تحزن على قلبك؟






    ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٣٣﴾ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿٣٤﴾.
    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين؛ حمدًا كثيرًا مباركًا طيبًا فيه.
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله.
    أمّا بعد:
    أحبابي الكرام، نحن بحاجة إلى موضوع مهم؛ هذا الموضوع لا يكفي أن نتكلّم عنه في العمر مرّة، بل ولا في السنة مرّة، بل ولا في الشهر مرّة، بل ولا في الأسبوع مرّة، بل ولا في اليوم مرّة، بل نحتاج هذا الموضوع في كلّ لحظةٍ من لحظات حياتنا، وفي كلّ موقف من مواقف حياتنا اليوميّة؛ هذا الموضوع ألا وهو موضوع القلوب.
    موضوع القلب، هذا القلب الذي هو محطّ نظر الربِّ سبحانه وتعالى، تصوّر أنّ الله العظيم، الكبير، الرحمن، الرحيم, ذو الجلال والإكرام؛ لا ينظر إلى شكلك، ولا إلى صورتك، ولا إلى مرتّبك، ولا إلى أصلك، وفصلك، وإنّما ينظر ربّنا سبحانه وتعالى إلى قلبك؛ كيف هو قلبك مع الله؟
    هل فيه الإخلاص؟ هل فيه الصدق؟ هل فيه اليقين؟ هل فيه التوكّل على الله؟ هل فيه حُسن الظنّ بالله سبحانه وتعالى؟
    ولهذا أحببت أن يكون هذا اللقاء أحبابي الكرام هو بمثابة المحاسبة الدقيقة والشديدة لقلوبنا، وأسميتُ هذا اللقاء بعنوان: "لماذا لا تحزن على قلبك؟".
    نحن نحزن على كلّ شهوةٍ من شهوات الدّنيا إذا فقدناها، نحزن إذا فُقِد منّا مبلغ من المال، نحزن إذا فُقِد منّا منصب من المناصب الدنيويّة، نحزن إذا فُقِدَت منّا متعة من متع الدّنيا، لكن هل نحزن لقلوبنا؟


  • #2
    رد: لماذا لا تحزن على قلبك؟


    وقد يسأل بعضكم يقول: ماذا تقصد بحزن القلب؟
    أقصد بحزن القلب أنّ الإنسان يحزن على قلبه أنّ قلبه ليس فيه حقيقة الإيمان، أنّ قلبه ليس فيه حقيقة الإخلاص، أنّ قلبه ليس فيه حقيقة الصدق مع الله، أنّ قلبه ليس فيه حقيقة الخشوع.
    نحن نبحث عن الحقيقة، ابحث عن الحقيقة في كلّ شيء، لا تكتفِ فقط في الصورة، وأنت واقفٌ بين يديّ الله سبحانه وتعالى تستشعر وقوفك بين يديّ ربّ عظيم كبير سبحانه وتعالى.
    لكن المشكلة كما قلت أحبابي الكرام؛ أنّنا لا نحزن على قلوبنا، ولهذا من العجائب والغرائب أنّ أحد الصالحات واسمها: "أمّ رابعة الشاميّة" ذكرها الإمام الذهبي -رحمه الله- في سير أعلام النبلاء، قالت كلمة عجيبة، قالت: "أستغفر الله من قلّة صدقي في قولي: أستغفر الله"، أستغفر الله.
    شوف تحاسب نفسها حتى على كلمة: "أستغفر الله"، نحن نقول: "أستغفر الله" لكن هل كلمة "أستغفر الله" خرجت من قلوبنا أم فقط خرجت من ألسنتنا؟
    نحن قلنا "أستغفر الله" بس خرجت من اللسان، من طرف اللسان، لكن هل هي حقيقة واقعيّة في القلب: "أستغفر الله" وأنا أتألّم في قلبي وأتحسّر من الذنوب التي وقعت فيها، أو من التقصير في حقّ الربّ سبحانه وتعالى؟!
    أقول أحبابي الكرام تقول هذه أم رابعة: "أستغفر الله من قلّة صدقي في قولي: أستغفر الله"، شوف المحاسبة الدقيقة!
    ولهذا ينبغي علينا أيّها الأحباب الكرام دائمًا وأبدًا ومرارًا وتكرارًا نتذكّر هذا القلب، وأنت تدعو الله سبحانه وتعالى، صحيح أنت تدعو الله لكن هذه الكلمات؛ كلمات الدعاء هل فعلاً خرجت من قلبك؟! من قلبٍ صادق؟ من قلب يحسن الظنّ بربه سبحانه وتعالى, أم هكذا فقط كما يفعله الآن عامّة الناس أو كثير من الناس، يصلي ركعتين وبعد الركعتين يرفع يديه يا ربّ كذا كذا، بمشاعر باردة ما تجد عنده المشاعر الحارّة، الله سبحانه وتعالى ما يحبّ العبد اللي مشاعره باردة مع الله سبحانه وتعالى، لا بدّ أن يكون قلبك، يعني قلبك الكلمات التي تخرجها من لسانك لا بدّ أن تطابق قلبك، أنت تقول: "اهدنا الصراط المستقيم" فعلاً اهدنا الصراط المستقيم, لكن أنت دعوت الله بالهداية إلى الصراط المستقيم، لكن هل بذلت أسباب الاستقامة؟
    "إيّاك نعبد، وإيّاك نستعين" صح، هل هذه فعلاً خرجت من قلبك (إيّاك نعبد) يعني يا رب وحدك لا شريك لك أعبدك ولا أعبد غيرك؟ وبك أستعين وحدك لا أستعين بغيرك.
    فلهذا أحبابي الكرام نحن بحاجة ماسّة دائمًا أن نتذكّر هذا القلب.
    ولهذا رسولنا صلّى الله عليه وسلّم قال: (إِنّ الله لا ينظُرُ إلى صُوَرِكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وإلى أعمالكم)، فالله ينظر إلى قلبك.

    تعليق


    • #3
      رد: لماذا لا تحزن على قلبك؟

      ولهذا أحبابي الكرام فيه أمر نحن نغفل عنه كثيرًا وهو التنافس في الأمور الباطنيّة، أقصد بالعبادات الباطنة أي بأعمال القلوب، نحن دائمًا نتنافس في الأعمال الظاهرة؛ من أطول فينا لحية، من أكثر منّا حفظًا، من أكثر منّا كذا، لكن هل نتنافس أو نتسابق في الأعمال أعمال القلوب؟!
      هل نتسابق إلى الله سبحانه وتعالى في أعمال القلوب؟!
      على سبيل المثال؛ وأنت واقف بين يديّ الله سبحانه وتعالى في الصلاة، في صلاة الجماعة هل عندك الجهد والاجتهاد أن تكون أخشع شخص يصلي لله سبحانه وتعالى؟!
      لأنّ هذا الأمر ما يطّلع عليه إلا الله سبحانه وتعالى.
      هل يكون عندي تنافس مع إخواني أنّني أكون أكثر إخواني سلامة في صدري لإخواني, ما أحمل في قلبي الحقد ولا الحسد ولا البغضاء ولا الشحناء على إخواني؟!
      هذا نحتاج أن نتنافس فيه، طبعًا هذا الأمر ما يطلع فيه إلا الله سبحانه وتعالى.
      فلهذا نحن بحاجة دائمًا إلى أنّك تراقب قلبك، وتحاسب قلبك، وتشدّد في المحاسبة على قلبك، ولهذا الإمام ابن تيميّة -رحمه الله- ذكر فائدة جميلة قال: "إنّ أعمال القلوب أفضل من أعمال الجوارح"، انتبهوا؛ أعمال القلوب: الإخلاص، والصدق، واليقين، والتوكّل، والخشوع أفضل من أعمال الجوارح.
      ولهذا قال ابن العباس أظنّه أو أبو الدرداء -رضي الله تعالى عنهما- قال: ركعتان بتفكّر خير من قيام ليلة.
      قد تصلي ركعتين لله سبحانه وتعالى لكن أنت في هاتين الركعتين قلبًا وقالبًا مع الله جلّ وعلا، قلبك، وفكرك، وعقلك، وأحاسيسك، ومشاعرك كلّها مع الله من تكبيرة الإحرام إلى التسليم، أفضل من شخص يصلّي مائة ركعة؛ لأنّ الميزان عند الله سبحانه وتعالى ليس هو بالكثرة إنّما هو بالكيفيّة.
      ولهذا ربّنا سبحانه وتعالى ماذا يقول في كتابه الكريم: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ما قال أكثركم عملاً، لاحِظ.
      وحسن العمل كما قال الفضيل بن عياض -رحمه الله-: "أي أن يكون خالصًا وصوابًا". خالصًا لله سبحانه وتعالى: لا تريد بهذا العمل المدح والثناء من الناس، لا تريد بهذا العمل غرض من الأغراض الدنيويّة، لا تريد بهذا العمل أن تكون لك منزلة عند الناس، إنّما تريد وجه الله جلّ في علاه، تريد الثواب من الله وحده لا شريك له. وصوابًا: أي أن يكون على سنّة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم.
      فلهذا ينبغي علينا دائمًا أن نلحّ على الله سبحانه وتعالى في الدعاء، وهذا كلّ واحد منكم يسأل نفسه كم مرّة في اليوم والليلة أدعو الله سبحانه وتعالى في صلاح قلبي؟

      تعليق


      • #4
        رد: لماذا لا تحزن على قلبك؟

        لأنّه إذا صلُحَ القلب صلُحَت الجوارح، جوارحك تصلح، ولهذا كم من الأخطاء العقديّة التي نقع فيها ونحن لا نشعر؟!
        قد الإنسان قلبه ينصرف إلى المخلوق، يرجو المخلوق، يخاف من المخلوق أكثر من خوفه من الخالق، يرجو المخلوق أكثر من رجائه للخالق، يثق بما في يدي المخلوق أكثر مما في يدي الخالق جلّ وعلا.
        أضرب لكم مثال واقعي؛ لو أنّ ملك من ملوك الدّنيا، أمير من أمراء الدنيا قال للناس من يأتيني الساعة الثانية في الليل، يعني قبل صلاة الفجر بساعتين أو ثلاث ساعات، من يأتيني إلى قصري ويقدّم طلبه، عنده مشكلة، يريد بيتًا، يريد وظيفة، يريد سيارة، يريد مثلاً عنده مشاكل ...، كلّ شيء نحن نحلّ لك كلّ ما تريد, مشاكلك كلها نحلّها, لكن تقدّم طلبك متى؟ قبل صلاة الفجر بساعة أو ساعتين أو ثلاث ساعات، حدّدها.
        تجد الناس ...، شوف، انظر إلى ثقة الناس بما في يدي المخلوق أكثر من ثقتهم بما في يدي الخالق، تجد الناس يصفّون طوابير من بعد صلاة العشاء، لماذا؟
        قال لك: يا أخي، الملك الفلاني أعلن في الجرائد وفي وسائل الإعلام أنّه من يقدّم طلبه في هذه الساعة سوف يُقبَل طلبه ولا يردّ؛ ما عندك زوجة زوّجناك، ما عندك بيت عطيناك بيت وخلاص، نحن نثق في الأمير أعلن، الملك أعلن.
        انظر، تجد الناس يثقون به، مع أنّ الله سبحانه وتعالى كما أخبرنا رسول الله عليه الصلاة والسلام: (ينزل إلى السماء الدّنيا كلّ ليلة) تصوّر كلّ ليلة، ليس في الأسبوع مرّة، أو في الشهر مرّة، كلّ ليلة تصوّر الربّ العظيم، الكبير، الذي بيده خزائن كلّ شيء، أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين، وأجود الأجودين ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، فيقول هل من مستغفرٍ فأغفر له؟ هل من سائلٍ فأعطيه؟ هل من داعٍ فأستجيب له؟ ومع ذلك الناس في هذا الوقت ماذا تجدهم؟ في سباتٍ عميق، هنا ضعف اليقين.
        نحن أحبابي الكرام من المشاكل التي نعاني منها في قلوبنا؛ ضعف اليقين، ما عندنا قوّة اليقين، ولهذا هو يجعل الإنسان ما يقدم على أمر الله سبحانه وتعالى، ما يُقدِم على وعد الله سبحانه وتعالى، تجد عنده ضعف في اليقين، فلهذا أحبابي الكرام أقول لكم فعلاً ينبغي علينا دائمًا أن نحزن لقلوبنا، تحزن لقلبك، لماذا قلبي هكذاّ؟
        لماذا قلبي ليس فيه الخشوع؟ الخشوع الذي يحبّه ربّنا سبحانه وتعالى.
        لماذا لا يكون في قلبي الانكسار والافتقار والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى؟
        ولهذا ينبغي علينا أن ندعو الله سبحانه وتعالى أنّ الله يصلح قلوبنا، وقد كان من دعاء رسولنا عليه الصلاة والسلام أو من أكثر الأدعية كان يقول: (يا مُقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينكّ، يا مُصرّف القلوب صرّف قلبي إلى طاعتك)، فلهذا ينبغي علينا أن نُحاسب أنفسنا على قلوبنا؛ تحاسب نفسك دائمًا تدقّق في قلبك، كلّ ما تفعل فعل تُدقّق في قلبك، ماذا أردت بهذا الفعل؛ هل أردت به وجه الله سبحانه وتعالى أم أردت به وجه المخلوقين؟

        تعليق


        • #5
          رد: لماذا لا تحزن على قلبك؟

          تُدقّق في تصرفاتك، في كلماتك في مواقفك، في كلّ ما تفعله تُدقّق في قلبك، تحاسب قلبك، تلوم نفسك، لا بدّ يا أحبابي الكرام أن نحزن على قلوبنا؛ لماذا أنا أقرأ القرآن ولا أتأثّر بالقرآن؟
          أقرأ آيات الجنّة ولا أتأثّر، أقرأ آيات النار ولا أتأثّر؟
          لماذا؟
          إذًا لا بدّ في هذا الموقف أن تحزن على قلبك، يا ربّ اللهم ارزقني قلبًا خاشعًا، ولهذا كان من دعاء رسولنا عليه الصلاة والسلام كان يقول: (اللهم إنّي أعوذ بك من قلبٍ لا يخشع، ومن دعاء لا يستجاب، ومن نفسٍ لا تشبع)، هذا القرآن العظيم، كلام الربّ الكريم سبحانه، الله سبحانه وتعالى يقول في القرآن: ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ...﴾تصوّر هذا الجبل الصلب ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّـهِ...﴾هذا الجبل يتصدّع من خشية الله, وأنا قلبي هذا القاسي لا يتأثّر لا بالقرآن، ولا يتأثّر عندما يرى الموتى، ما يتأثّر بالقبور، يتذكّر القيامة لا يتأثّر، يتذكّر المحشر لا يتأثّر، يتذكّر الجنّة والنار لا يتأثّر هذا القلب.
          فالعبرة أحبابي الكرام، العبرة عند الله سبحانه وتعالى وقيمتك ومنزلتك عند الله سبحانه وتعالى بما في قلبك من الإخلاص، والصدق، والنقاء، والصفاء هذا هو القلب.
          ولهذا الإنسان قد يعلو عند الله سبحانه وتعالى منازل عظيمة، وعالية في الجنة بسبب صفاء قلبه، وسلامة صدره، ولهذا الإمام ابن المبارك -رحمه الله- قال كلمة جميلة، قال: "رُبّ عملٍ صغير كبّرته النيّة، ورُبّ عملٍ كبير صغّرته النيّة"، أنت تقوم بعمل هذا العمل سهل ويسير كلّ الناس يقومون به، ولكن لأجل قلبك, ما فعلت هذا العمل إلا من أجل الله وحده لا شريك له, قد يكون هذا العمل عند الله عظيم، مثال: حديث الرسول عليه الصلاة والسلام عندما الرسول ذكر أنّ الرجل الذي كان يمشي في الطريق ورأى شوك في طريق المسلمين، رأى شوكة، فنحّاه عن طريق المسلمين, لماذا؟ ليس من أجله، لا، يقول حتى لا يتأذّى إخواني المسلمين، ماذا فعل الله سبحانه وتعالى لهذا الشخص مع أنّه عمل يسير وسهل ما يأخذ منك وقت ولا جهد ولا مال، ماذا كانت النتيجة؟ الله جلّ وعلا في الحديث غفر له، وشكره، وأدخله الجنة، كما في بعض الروايات، عمل يسير ولكن الذي جعل هذا العمل كبير وعظيم عند الله ما هو يا أحبابي؟ هو سلامة قلبه، قلبه سليم، ولهذا ينبغي علينا أن نجتهد، وأن نتعب على قلوبنا، كلّ واحد يسأل نفسه: هل أنا أتعب على قلبي، أجتهد في إصلاح قلبي، دائمًا تكرّر في سجودك؛ اللهم أصلح لي قلبي ونيتي، هذه أحد الوصايا التي أوصى بها أُويس القَرنيّ، أوصى قال: وإذا قمت فأدعُ الله أن يصلح لك قلبك ونيّتك.
          نكمل كلمة عبد الله بن المبارك, قال: "رُبّ عملٍ صغير كبّرته النيّة، ورُبّ عملٍ كبير صغّرته النيّة"، قد الإنسان يقوم بعمل كبير، تعرفون أوّل من تسعّر بهم النار من؟ الثلاثة: قارئ القرآن -شوف قارئ قرآن يجيد القراءة-، والشهيد، والمنفق. لماذا مع أنّها أعمال عظيمة وكبيرة وجليلة في ميزان الشرع ولكن الذي صغّر هذا العمل النيّة الفاسدة، أنّهم ما عملوا هذا العمل من أجل الله سبحانه وتعالى إنّما عملوه من أجل إيش؟ من أجل الرفعة والمنزلة والمكانة عند المخلوقين.
          ولهذا أنا أوصيكم يا أحبابي الكرام أن تكثرون من القراءة في أعمال القلوب، ليس تقرأ مرّة فقط، يعني على الأقلّ كلّ شهر تكون لك قراءة في أعمال القلوب؛ تتذكّر الإخلاص، تتذكّر الصدق، تتذكّر

          تعليق


          • #6
            رد: لماذا لا تحزن على قلبك؟

            اليقين، تتذكّر التوكّل على الله، تتذكّر حسن الظنّ بالله، كثير من الناس الآن ليس عنده حسن ظنّ بالله سبحانه وتعالى، عنده سوء ظنّ بالله سبحانه وتعالى وهو ما يشعر بنفسه، ولهذا الرسول عليه الصلاة والسلام أوصانا -والحديث العلماء اختلفوا في صحته- عندما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة فإن الله لا يستجيب من قلبٍ غافل)، كثير من الناس في سجوده في الدعاء يدعو الله، لكن قلبه في وادٍ والدعاء في وادٍ آخر، القلب في وادٍ والدعاء ...، ولهذا ما تجد التأثير والتفاعل والتأثّر مع الدعاء، لأنّ قلبه غافل، ليس مع كلمات الدعاء، ولهذا إذا دعوت الله سبحانه وتعالى في أمرٍ من الأمور لا بدّ أن تجعل قلبك يكون حيّ مع الله، وترجو الله، وتُلِحّ على الله، وتكرّر الدعاء مرّات ومرّات ومرّات، تُرِي الله من نفسك، وهذا أمر لا بدّ أن نتعبّد الله جلّ وعلا به أن تُرِيَ الله من نفسك الصدق، والإخلاص، والعزم.
            فلهذا أحبابي الكرام كما قلت هذا الموضوع نحن بحاجة ماسّة إليه كلّ يوم من أن نصبح إلى أن نُمسي أن نتفكّر في هذه القلوب.
            مشكلة كبيرة يقع فيها الآن كثير من الناس أنّ في قلبه عظمة المخلوق أكثر من عظمة الخالق، ولهذا يقول بِشر الحافي أحد أصحاب الإمام أحمد -رحمه الله- يقول: "لو تفكّر الناس بعظمة الله لما عصوه".
            يا أحبابي الكرام انظروا إلى هذه السماء العظيمة، انظروا إلى النجوم، انظروا إلى هذا الكون العظيم، واللهِ فعلاً لو تفكّرنا بعظمة الله جلّ وعلا لتغيرت حياتنا كلّها، حياتك تتغيّر، دعاؤك يتغيّر، صلاتك تتغيّر، أخلاقك تتغيّر، كلّ شيء في حياتك يتغيّر، لماذا؟ لأنّك تتفكّر في عظمة الله سبحانه وتعالى، وتستشعر أنّ الله يراقبك في كلّ لحظة من لحظات حياتك الله جلّ وعلا يراقبك؛ فتراقب لسانك، ما تتكلّم بكلمة إلا وتقف هل هذه الكلمة تُرضي الله أم تُغضِب الله؟ هل هذه الكلمة فيها استهزاء، فيها سخرية، فيها غيبة، فيها نميمة، فيها سبّ؟ تتراجع، تُحجِم، تسكت، تجاهد نفسك على الصمت.
            قبل أن تنظر؛ تتفكّر في عظمة الله هذا أمر محرّم تُحجِم.
            أفعال كثيرة، تصرفات كثيرة، مواقف كثيرة، أنت تُحجِم عنها عندما تستشعر عظمة الله، لكن كما قلت لكم أحبابي الكرام أنّ المصيبة العظيمة أنّه عشعش في القلوب عظمة المخلوق أكثر من عظمة الخالق، فلهذا تجد بعض الناس يحسب ألف حساب للملك أو لرئيس الدولة التي هو يعيش فيها، يحسب ألف حساب، ويظنّ أنّه إذا خالف هذا الأمير وهذا الرئيس سوف يضيّق عليه في رزقه، وهذا خلل في التوحيد، خلل في العقيدة؛ من ظنّ أنّ المخلوق إذا غضِب عليه وسخط عليه -ركّزوا على هذه القضيّة، انتبهوا لها يا إخوان- من ظنّ أنّه إذا غضب عليه المخلوق، أو سخط منه المخلوق أنّه سوف يُضيّق عليه في رزقه نقول لهذا الشخص أنت عندك خلل في العقيدة؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، ﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ رِزْقُهَا، إذًا أنت ما عندك تعامل مع النصوص تعامل يقين مجرّد هكذا، أنت تحفظ النصوص، وهذه من المشاكل التي نحن نقع فيها من أعظم المشكلات يا أحبابي الكرام التي نقع فيها؛ أنّنا نحفظ النصوص، نصوص الكتاب والسنّة نحفظها، ما شاء الله نحن شطّار, نحن عندنا تفنّن في حفظ النصوص الشرعيّة, لكن هل عندنا تطبيق؟ هل عندنا يقين بهذه النصوص؟ النصوص التي نحفظها

            تعليق


            • #7
              رد: لماذا لا تحزن على قلبك؟

              هل عندنا يقين كما ذكرت لكم المثال في الملك، ملك الدولة عندما يقول للناس من يأتيني في الثلث الأخير من الليل سوف أعطيه ما يريده تجد الناس كلّهم يأتون، إذًا أنت عندك مشكلة، عندك تقصير في الثقة بالله سبحانه وتعالى، تقصير في حسن الظنّ بالله سبحانه وتعالى، وهذه كلّها من أعمال القلوب، والله يا أحبابي الكرام، على سبيل المثال: الرسول عليه الصلاة والسلام عندما قال أنّ الشهيد لا يجد من ألم القتل إلا كما يجد من ألم القرصة، تجد كثير من الناس عندهم تشكّك، هو صحيح سمعه, حديث قاله الرسول صلى الله عليه وسلم, بس تجد عنده تشكّك، تجد عنده تردّد، إذًا نقول هنا المشكلة في القلب.
              فلهذا أحبابي الكرام، في نهاية هذا اللقاء أقول ينبغي علينا أن نركّز على قلوبنا، ليست القضيّة هي محاضرة نلقيها لكم الآن، لا، وتمشي وخلاص، لا، ركّز على قلبك، دقّق في تصرفاتك، انظر إلى أحوال قلبك، قلبك يلتفت إلى من؟ إلى المخلوق أو إلى الخالق؟ يعتمد على من؟ على المخلوق أم على الخالق؟
              مشكلة كبيرة أنّ القلب يتوكّل على المخلوق أو يثق بالمخلوق أكثر مما يثق بالخالق، على سبيل المثال أضرب لكم مثال تجد بعض الناس عندما تقول:
              -لماذا لا تذهب إلى الجهاد؟
              -قال لك: أولادي لمن؟ أولادي من يرعاهم؟
              -نقول: هذا عندك خلل في التوحيد، أين حسن الظنّ بالله؟ أنت خرجت من أجل الله، الله جلّ وعلا سيتكفّل بأولادك، ويرعاهم، ويحفظهم أكثر ممّا كنت معهم.
              تصوّروا يا أحبابي الكرام؛ أضرب لكم مثال:
              لو قال ملك هذه الدولة أو رئيس هذه الدولة قال له اذهب إلى الجهاد وأولادك في رعايتي.
              وسوف أسكّنهم معي في قصري، وأي أمر يحتاجونه فأنا ألبّي لهم طلباتهم.
              تجد هذا الإنسان يذهب إلى الجهاد لكن قلبه مطمئنّ، مرتاح، لماذا؟
              قال لك خلاص الملك والرئيس قال: أولادك عندي في قصري وأنا سوف أحفظهم وأعطيهم وألبّي لهم جميع ما يريدون.
              هنا نقول خلل في العقيدة، خلل في الثقة بالله، خلل في حسن الظنّ بالله؛ أنّك وثقت بما في يدي المخلوق أكثر مما وثقت بما في يدي الخالق العظيم، الكبير، الرحمن، الرحيم سبحانه وتعالى.
              أسأل الله الكريم ربّ العرش العظيم أن يصلح لنا قلوبنا، وأن يُبصّرنا بعيوبنا، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلّم وبارك على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.
















              تعليق

              يعمل...
              X