إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حديث الغار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حديث الغار


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
    فقد قال تعالى: (
    قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ )

    وقرن شكرهما بشكره في قوله تعالى: (
    أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ )
    ولذلك ما من عمل يتقرب به المرء إلى الله عز وجل مثل بر الوالدين فقد روى البخاري في (الأدب المفرد) عن عطاء بن يسارن عن ابن عباس، أنه أتاه رجل فقال: غني خطبت امرأة،
    فأبت أن تنكحني، وخطبها غيري، فأحبت أتنكحه،
    فغرت عليها فقتلتها، فهل لي من توبة؟
    قال: أمك حية؟
    قالك لا، قال: تب إلى الله عز وجل،
    وتقرب إليه ما استطعت. فذهب فسألت ابن عباس: لم سألته عن حياة أمه؟
    فقال: إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة.


    أما الثاني توسل إلى الله عز وجل بالعفة التامة وذلك أنه كان له ابنة عم وكان يحبها حبا شديدا كأشد ما يحب الرجال النساء فراودها عن نفسها أي بالزنا ليزني بها ولكنها لم توافق وأبت، فألمت بها سنة من السنين أي أصابها فقر وحاجة.. فلجأت إليه مرة ثانية فراودها فاضطرت إلى أن تجود بنفسها في الزنا من أجل الضرورة
    وهذه الضرورة ليست رخصة للوقوع في الزنا فينبغي على الإنسان ألا يقابل ابتلاء الله بالمعصية وإنما بالصبر والاحتساب؛ قال تعالى: (
    وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴿١٥٥الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴿١٥٦ أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)
    وهذه الفتنة التي تتقع فيها بعض النساء ناقصات الإيمان إنما سدها الشرع في فرض الزكاة على الأغنياء.
    فقد روي الشيخان عن أبي هريرة أن النبي
    صلى الله عليه وسلم قال : قال رجل : لأتصدقن بصدقة ،
    فخرج بصدقته ، فوضعها في يد سارق ، فأصبحوا يتحدثون :
    تصدق على سارق ، فقال : اللهم لك الحمد على سارق،
    لأتصدقن بصدقة ، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية ، فأصبحوا يتحدثون :
    تصدق الليلة على زانية ، فقال : اللهم لك الحمد ،
    على زانية . لأتصدقن بصدقة ، فخرج بصدقته .
    فوضعها في يد غني ، فأصبحوا يتحدثون : تصدق على غني ،
    فقال : اللهم لك الحمد ، على زانية ،
    وعلى سارق وعلى غني ، فأتي : فقيل له :
    أما صدقتك فقد تقبلت أما الزانية : فلعلها أن تستعف به عن زناها، ولعل السارق أن يستعف به عن سرقته ،
    ولعل الغني : ان يعتبر ، فينفق مما أعطاه الله عز وجل.


    وهذا الرجل وفق لأمر لا يفعله إلا من عصمه الله تبارك وتعالى فإن جميع الدواعي متهيئة له، المرأة يحبها كأشد ما يحب الرجال النساء.. وفتنة النساء من أعظم الفتن كما قال النبي الصادق صلى الله عليه وسلم: ما تَركتُ بَعدي فِتنَةً أضرَّ على الرجالِ منَ فتنة النساءِ
    رواه البخاري.

    ولما قعد منها كما يقعد الرجل من امرأته، قالت له: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه والفض:
    الكسر والفتح.
    والخاتم كناية عن الفرج وعذرة البكارة، وحقه: التزويج المشروع:
    أي: لا تزل بكارتي إلا بالتزويج ومع وجود الدافعة للوقوع في المعصية إلا أنه تركها وترك لها المال وذلك لمجرد أنها ذكرته بالله تبارك وتعالى فستحضر أن الله يراه فلم يجرؤ على معصيته، وهذه مرتبة الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه،
    فإن لم تكن تراه فإنه يراك.


    وروى الشيخان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَزني الزَّاني وهوَ مؤمنٌ ولا يشربُ الخمرَ وهوَ مؤمنٌ، ولا يسرق وهو مؤمن"
    أي لا يستطيع المؤمن أن يعصي الله وهو مستحضر عظمة الله، ومستحضر أن الله يراه..
    إن هذه الرقابة دليل على الخشية والتعظيم لله تعالى، ومتى ما انفرط عقدها ممن حياة الإنسان وخلي منها القلب ضاع مصير هذا الإنسان، وضل عن الطريق، وتاه عن صراط الله المستقيم.

    وقد عرض النبي صلى الله عليه وسلم حالة توجل منها القلوب وتذرف منها الدموع حين قال: "
    لأعلَمَنَّ أقوامًا من أمَّتي يأتون يومَ القيامةِ بحسنات أمثالِ جبالِ تِهامةَ بيضا فيجعلُها الله عز وجل هباءً منثورًا -وفي رواية: يكبهم الله تعالى على وجوههم في النار- قال ثوبانُ يا رسولَ اللهِ صِفْهم لنا جَلِّهم لنا أن لا نكونُ منهم ونحن لا نعلمُ قال أما إنَّهم إخوانُكم ومن جِلدتِكم ويأخذون من اللَّيلِ كما تأخذون ولكنَّهم أقوامٌ إذا خلَوْا بمحارمِ اللهِ انتهكوها"
    رواه ابن ماجه.

    هذا الخلق -المراقبة- خلق عظيم،
    متى ما تدثر الإنسان به فاح ذكره وطيبه، ونال من خيري الدنيا والآخرة.
    قال أبو العتاهية:

    إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل... خلوت ولكن قل: علي رقيب
    ولا تحسبن الله يغفل ساعة... ولا أن ما تخفي عليه يغيب
    لهونا عن الأيام حتى تتابعت... ذنوب على آثارهن ذنوب

    وقال أبو محمد الأندلسي:
    وإذا ما خلوت بريبة في ظلمة... والنفس داعية إلى الطغيان
    فاستحي من نظر الإله وقل لها... إن الذي خلق الظلام يراني


    وقال الله تعالى وهو يقرر هذه الرقابة الربانية: (
    وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ). وقال تعالى: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّـهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ).

    أما الثالث: رجل ضرب مثلا عظيما في الأمانة، حيث ثمر للأجير أجره فبلغ ما بلغ،
    وسلمه إلى صاحبه، ولم يأخذ على عمله شيئا، ما أعظم الفرق بين هذا الرجل وبين أولئك الذين يظلمون الأجراء ويأكلون حقوقهم.. روى البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال اللهُ تعالى:

    ثلاثةٌ أنا خصمهم يومَ القيامةِ ومن كنت خصمه خصمته: رجلٌ أعطى بي ثم غدرَ ، ورجلٌ باع حرًّا فأكل ثمنَه ،
    ورجلٌ استأجرَ أجيرًا فاستوفى منهُ ولم يوفه أجرَه
    .
    فأين أولئك الذين يستضعفون عمالهم وخدمهم، فيأكلون أجورهم، أو يماطلون في أدائها،
    أين هم من هذا الوعيد الشديد، وأنى لهم أن يفلحوا والله تعالى خصمهم؟!

    وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    من اقتطع مالَ امرئٍ مسلمٍ بيمينٍ كاذبةٍ ، لقيَ اللهَ وهو عليه غضبانٌ
    رواه البخاري.
    لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا... فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
    تنام عيناك والمظلوم منتبه... يدعو عليك، وعين الله لم تنم


    ودل هذا الحديث على مشروعية التوسل بالأعمال الصالحة، بل إن ذلك التوسل سبب لتفريج الكروب، وانظر إلى حال هؤلاء الثلاثة لما ضاقت بهم السبل توسلوا إلى الله تعالى بصالح أعمالهم ففرج الله عنهم. وهذا سؤال ينبغي على كل عاقل أن يعد له الجواب...
    ماذا بالفعل لو كنت أنا رابع هؤلاء النفر..؟
    هل لدي حصيلة من الأعمال الصالحة التي أتوسل بها إذا وقعت في مثل هذا الكرب..
    وما أشبه أمر هذا الغار الذي أحتبس فيه هؤلاء النفر بالقبر عندما يغلق على ابن آدم فلن ينجيه إلا ما قدم من أعمال ابتغى بها وجه الله تعالى..
    فيا أيها الغافل الذي تسعى لجمع حطام الدنيا الزائل ألم تعلم بعد أن رأس مال ابن آدم هو العمل الصالح والذي ينجيه يوم لا ينفع مال ولا بنون.. الإنسان يسعى جاهدا وراء الدنيا وجمع الأموال وينشغل عن العمل الذي ينفعه، وفي القبر يؤنسه،
    ومن النار ينجيه، وإلى جنة الخلد يدفعه.

    إلى متى الركون إلى هذه الدنيا؟ إلى متى هذا التكالب على الدنيا؟ وإلى متى التسويف بالتوبة؟
    فالواجب علينا أن نبادر بالأعمال الصالحة قبل أن لا نقدر عليها، أو يحال بينها وبيننا بمرض أو موت أو غير ذلك من الأشغال، ومتى حيل بين الإنسان والعمل لم يبق له إلا الحسرة والأسف عليه، ويتمنى الرجوع إلى حال يتمكن فيها من العمل فلا تنفعه الأمنية. قاال تعالى: (
    حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿٩٩
    لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ)

    تخيل لو أنك علمت أنه لم يعد باقي من عمرك إلا يوم واحد.. فماذا ستفعل في هذا اليوم؟؟ هل ستقضيه كله في الصلاة والبكاء لتستغفر عن كثير من الصلوات التي أضعتها؟؟ هل ستهرع بالاتصال وزيارة كثير من أقاربك وتصل رحمك الذي قطعته معتذرا بظروف ومشاغل الدنيا؟؟ هل ستسرع لتحطم الستلايت (الدش)..
    وتلقي بتسجيلات الغناء التي امتلئ بها هاتفك؟أم تبحث عن القرآن الكريم لتقرأه بعد أن هجرته لسنين..؟؟ ماذا ستفعل بتلك الصور التي يكتظ بها جهازك والتي تستحي العين أن تراها؟؟؟ هل ستتصل بكل شخص اغتبته وتعتذر منه.. أو تستغفر له؟؟؟

    إذن.. لماذا لا تفعل كل هذا الآن وأنت لا تعلم هل سيبقى في عمرك يوم.. أم لا؟؟
    والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

    الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات

  • #2
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرًا وينقل إلى قسم واحة علم الحديث فهو الأنسب له

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

    تعليق


    • #3
      عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة عطر الفجر مشاهدة المشاركة
        عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
        آمين وإياكم
        أعلى الله قدركم ورزقكم حبه


        الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات

        تعليق

        يعمل...
        X