إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نكون أو لا نكون

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نكون أو لا نكون



    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فإننا نريد أن نفعّل دور المسلم في البنيان الدعوي ،
    لنجعل مصير الدعوة هما مشتركا بين جميع المسلمين ، فالمتصور أن الصراع بين الحضارات الآن يأخذ طابع الصراع المصيري الذي هو أشبه ما يكون بميدان حرب تستخدم فيه كل الأسلحة ، ومثل هذا الصراع المصيري الذي يكون شعاره : نكون أو لا نكون ،
    لا بد أن يتحمل كل فرد منتم لحضارة ما مسئوليته في الدفاع عن مصيره بل وجوده ، ولم يعد الأمر مجرد دفاعات جماعية حول الحصون المغْزُوَّة من كل جانب .

    وعصرنا الذي نعيشه الآن يحمل هذه السمات ، لذا كان لزاما أن تتفاعل جهود كل المسلمين للذب عن دينهم والقيام بأمره . ونحن لا ننتظر من مسلمي البطاقات شيئا ، ولكننا ننظر بعين الأمل ، ونرقب بهاجس الاستبشار إلى من خالط الإيمان بشاشة قلبه ،
    واحترق ألما لما يراه من مكر الليل والنهار ، والكيد العظيم الذي يكاد للمسلمين في كل بقاع الأرض .

    إلى مثل هذا الغيور نمد أيدينا وننادي عليه أن هلم إلى القافلة ، وبادر إلى تسجيل نفسك في كتيبة المدافعين عن حياض الدين ، ولا تكن كالمخلفين الذي فرحوا بمقعدهم خلاف ركب الإيمان ، ورضوا بأن يكونوا مع الخوالف ، ذرهم في ريبهم يترددون وانهض بهمة المجاهد إلى منادي الفلاح ، واجعل الإيمان من خير العتاد .

    إننا نتصور أن أي واحد من أولئك يستطيع أن يقيم للإسلام صرحا لو أنه ساهم بجهد قليل في الدعوة إلى الله ، ونحن نضع بين يديك أيها الغيور على دين الله هذه الطريقة وهذه الأفكار لنقطع عليك المعاذير ، ونلجم إرادتك بلجام العزيمة القوية ، فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين .

    إن المسلم موجود في كل مكان على هذه الأرض ، موجود في الفاتيكان ( مقر البابوية الكاثوليكية )
    موجود في تل أبيب ، موجود في أمريكا أرض الفساد والشرور ، موجود في كل البلاد الوثنية وغير الوثنية ،
    موجود في أدغال أفريقيا والأمازون ، وصحاري العالم أجمع موجود فيها ذلك المسلم .

    ونريد من ذلك المسلم أن يقوم بوظيفة واحدة ، سهلة يسيرة ، أن يتكلم مع غيره ،
    أن يفتح حوارا ، أن يختار هو مادة هذا الحوار ، أن يوجه دفته بذكائه ،
    أن يأخذ بن يحاوره ذات اليمنة واليسرة ليقوده إلى النتيجة بنفسه ، فإذا هو خصمه قد حج نفسه بنفسه .


    نريد ذلك المسلم أينما كان أن يتبنى قضية سهلة ، يستطيع أن يجوب بها البلاد ، لا نريد أن نعقد له الأمور ،
    نريده أن يحمل هما واحدا ، ويجعله القضية التي يجول بها ويصول ، ويفكر ويدبر ويخطط ،
    نريد أن نجعله يحدد أهدافه على ضوء تلك القضية التي جعلها محور دعوته .

    إن الدعوة الفردية عالَمٌ خَصْبٌ من الجهود والأفكار والأعمال ، وأكثر ما يُمْتِعُ فيه أنه سَهْلُ التنفيذ سريع الأثر . وهذان هما المقصدان الأساسان في الدعوة الفردية .

    إن الدعوة الفردية ليست تربية عميقة الأثر، ولكن الدعوة الفردية رسالة متنقلة يحملها الداعية الميداني إلى كل مكان ، إنه لن يعاني كما يعاني المربي ؛ لأنه ليس مخاطبا بالنتيجة ومحاسبا عليها كذاك ، ولكنه يحمل قضية الإسلام كدين يجوب بها في كل مكان ،
    إنه يخاطب كل البشر ، يدعو كل الطوائف ، ينصح كل الناس ،
    يحاور كل الأجناس ، يتداخل مع كل الأنواع والأصناف .


    إن عدته ما تَعَلَّمَه من العلم ولو كان قليلاً ، فهو ينصح من يراه لا يصلي؛ لأنه يعرف أن ترك الصلاة من كبائر الذنوب ،
    ويَزْجُرُ شاربَ الدخان؛ لأنه علم دليل حرمته ، ويحاربُ المخدرات ومن يتاجر فيها؛
    لأنه تبين له وجه الخطر والشر على المجتمع منها ، يواجه التبرج والسفور باعتباره رذيلة تُهَدِّدُ عفَّة المجتمع ومُثُلَه ، يُجَابِهُ الانحلال في أجهزة الإعلام؛ لأنه يعلم خطر ذلك على البناء الخلقي للمجتمع .



    إن مثل هذه القضايا يحملها كل مسلم أينما حل أو ارتحل ، ونحن نطالب كل مسلم ألا يقف موقف المتفرج ، بل يبادر إلى الصدع بالحق في كل ميدان ، ليحاور زملاءه في العمل ، ليحاور المدرسُ تلاميذه ،
    ليحاورْ طالبُ الجامعة أصدقاءه ، ليحاور الراكبُ في المواصلات مَنْ مَعَهُ من الركاب ، ليحاور المسلمُ أقرباءه في كل زيارة أو مناسبة اجتماعية ، ليحاوِر المسلم ُكل من حوله من الناس .


    إن هذه الدعوة الدءوب هي التي ستجعل الإسلام قضية المجتمع ، وهي التي ستحيي في الناس عاطفة التدين ، وتَصْرِفُ اهتماماتهم إلى المعالي ، ومثل هؤلاء الدعاة في كل ميدان هم الذين يحددون للمجتمع أولويات اهتماماته ، وهم الذين يصوغون الرأي العام إن جاز التعبير .


    إن المطلوب من المسلم الذي يمارس الدعوة الفردية ألا ييأس من النتائج ، وألا يقنط من التخاذل ، فهو لا يدعو ليهدي ،
    ولكنه يدعو لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفـلى .


    إن المتصور هو أن نستثير اهتمامات الناس بالدين ، لا أن نصل بهم إلى نقطة معينة في الالتزام بالدين ، فالعملية الدعوة التي تفرز إنسانا ملتزما بالدين عملية معقدة ، وهي أشبه بالدورة التي يلتقط فيها المدعو من كل بستان زهرة حتى تتكون لديه باقة من الأزهار إن أعجبته جمعها وزين بها بيته ، فيعلم الداخل أن ذلك المدعو قد أعجب بتلك الأزهار ، إذ لو لم تعجبه لما زين بها بيته ،
    وقضايانا التي ندعو الناس إليها أشبه بتلك الأزهار ، فيتلقى المدعو زهرة في مكان عمله ، حتى إذا ركب وسيلة المواصلات وجد من يقدم له زهرة أخرى ، فإذا أفضى إلى الشارع الذي يسكن فيه وجد من جيرانه من يقدمه له أخرى ، ثم إذا عرج على دكان ليشتري شيئا وجد داعية في الدكان يهديه زهرة رابعة ، ثم إذا دخل البيت قد يجد ابنه الملتزم يبادر إليه بزهرة خامسة ، ثم تتوالى الأزهار على ذلك المدعو حتى تتم الهداية بتوفيق الله تعالى .




    إن هذه الصورة التي رسمتها لك – أيها الأريب – هي أقرب ما تكون للواقع الذي نعيشه ونحياه ،
    فالناس من حولنا يرون بساتين الصحوة في كل مكان ، منهم من يجفل ويخاف ، فيرقب من بعيد ،
    فهذا يحتاج إلى تشجيع ، ومنهم من يشك ويظن الظنون ، فهذا يحتاج إلى إقناع ،
    ومنهم من اقتنع ولكنه واهن العزيمة فهذا يحتاج إلى دفعة ، ومنهم من اقتنع واندفع ولكنه انتكس وملّ ، فهذا يحتاج إلى شحنة .
    كل إناء بما فيه ينضح ، والفرد في المجتمع ما هو إلا كيس يتلقى ما يلقى فيه ، فهو إن مر بتلك السلسلة التي ذكرناها فلم يجد من يدعوه أو تخاذل الدعاة عن دعوته فسيجد من يملأ كيسه بقضايا أخرى ، ولربما كانت تلك القضايا تصب في العداء للدين ، ويكون الخسران المبين عاقبة الذي قصروا في إيصال الحق إلى الخلق لظنهم أن كلمتهم لا تفيد ، والواقع أن الكلمة الواحدة لا تفيد ، ولكن كلمة منك وأخرى من غيرك ستجعل للمدعو رصيدا ينهض بإيمانه ويدفع بيقينه ليسامت العليين ، وما أدراك ما عليون .؟!



    في أواخر القرن السابع عشر تقريبا دفع أحد رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية بمحام يسمى هيوستن إلى مقاطعة من المقاطعات المجاورة للولايات المتحدة ، وقال له : إن أمريكا تحتاج إلى تلك المقاطعة ،
    وليس عندي من مال ولا عتاد ما أمدك به لتأتي إلي بهذه المقاطعة ، فجمع هيوستن ثيابه وذهب إلى تلك المقاطعة واستأجر مكتبا للمحاماة ، وفي بضع السنين عبر محاوراته ومقالاته في الصحف ومداولاته مع الوجهاء أقنع شعب تلك المقاطعة أن يطالب الانضمام إلى الولايات المتحدة ، وقد حدث المتوقع وتم الاستفتاء ، وضمت تلك الولاية التي سموها بولاية هيوستن امتنانا لجهود ذلك المحامي الذي لم يطلق رصاصة واحدة في سبيل ضم مقاطعة تعادل مساحتها مساحة نصف مساحة فلسطين تقريبا ، فهل من مدكر ؟!!

    قال صلى الله عليه وسلم : (
    أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا ) ، رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني، وحمله العلماء على الجدال غير المثمر ، أو الجدال مع من حصل اليقين بعدم استجابته وعناده ، جمعا بين هذا الحديث وبين قوله تعالى : { قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}


    وسأسوق أمامك بعض الوصايا التي أعتقد أنها من الأهمية بمكان حتى تستطيع ممارسة الدعوة الفردية بصورة أفضل ، وبعد قراءتك لهذه الوصايا ستحصل ما يلي – إن شاء الله - :
    (1) الثقة بالنفس ، والثقة في الله .
    (2) الاستعداد وعدم الارتجال .
    (3) الهدوء والروية وعدم الاستعجال .
    (4) التركيز وعدم التشتت وراء الموضوعات الفرعية .
    (5) تلخيص نتائج دعوتك للخروج بفائدة واضحة .


    أولا : اقتنع بالقضية واعتبر نفسك الجندي الوحيد في الميدان ، وأن معركتك مع شيطان الهوى ستحسم بمجهودك .

    ثانيا : تبرأ من حولك وطولك واستيقن أن الهداية بيد الله -عز وجل- .

    ثالثا : اختر الزمان والمكان المناسب ، إلا في بعض الحالات التي تقتضي الصدع بالحق خوف فوات الفرصة .

    رابعا : الأصل في سمتك الهدوء والابتسام ، فإذا احتجت إلى التجهم لصرامة الموضوع فلا بأس ،
    شريطة ألا يئول ذلك إلى التنفير ، وأنت خبير بردود أفعال من أمامك .


    خامسا : تكلم في المنكر الحال ، وتجنب النصح في أمور لا تعلم عن حال المدعو فيها شيئا
    ( إلا إذا كنت تعلم من المدعو أمرا بعينه يحتاج إلى النصح فيه ) ، فإذا رأيته يدخن فلتكن نصيحتك عن حرمة التدخين ، ولا تكلمه عن غض البصر مثلا حال كونك لا تدري : هل هو ممن يغض البصر عن المحرمات أم لا ؟ وممكن نصحه في الأمور الأخرى عبر جذبه إلى تلك الموضوعات بطريقة سلسة.

    سادسا : نحن دعاة الحق نتكلم بلسان الشرع ، فلا بد من النطق بأحكام الشرع لا أحكام العرف ،
    فلا يناسب أن تنصح متبرجة قائلا إن السفور عيب ، بل يجب أن تعلم حكم الشرع فإن جهلته بينته لها .

    سابعا : إن التخويف بالنار قد لا يصادف محلا عند البعض فلا بأس أن تميل بهم إلى الحديث عن البشارة ، وما أعد الله للطائعين ،
    ثم تردف ذلك بلفحة من نار جهنم .


    ثامنا : كن بسيطا في حديثك ، وتجنب التفيهق والتقعر واستخدام غريب الألفاظ والمعاني ،
    ومن لوازم الدعوة الناجحة رشاقة العرض ، ويكون ذلك بالتناسق بين تعبير الوجه ومعاني الكلمات وحسن المنطق وعدم التكلف في حركة الشفتين ولفظ الحروف ، وكذا التناسق بين تعبير الوجه ومعاني الكلمات مع حركة اليد ، ولتحرص على تناسب إشارة اليد مع معاني الكلمات لتكون معبرة عن ثقة في المتحدث وجدية في الحديث ، ويناسب عند الحديث عن الأمور الصارمة مثلا أن يشير بقبضة اليد ، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم شواهد على هذا المعنى .




    تاسعا : ركز نظرك في وجه من تحدثه ، فللعين جزالة في التأثير وتعبير عن الصدق يفوق ما في فصيح الكلام .


    عاشرا : لا تهجر نصوص الوحي المطهر عندما تحدث الناس ، فإنهم مخاطبون بكلام ربهم بالأصالة ،
    وليس بكلامك ، فاستيقن إذا أن في كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم من البركة في التأثير أكثر مما في كلامك .


    الحادي عشر : لا تكثر من الكلام عن نفسك وعن غيرك ، فتقول أنا وفلان ،
    وفلان وأنا ، بل حاول أن تجعل من تحدثه في محل اهتمامك نظرا وحديثا ، فحاول إذا أن تستغل خصلة فيه محمودة فتمدحه عليها مكتسبا وده وإعجابه .



    المفيد لجواز الجدال
    صناعة الحياة للراشد
    30 طريقة لخدمة الدين

    التعديل الأخير تم بواسطة شميسة الإسلام الدرعمية; الساعة 20-05-2017, 10:48 PM.
    الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات

  • #2
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرًا أختنا
    موضوع ذو فوائد طيبة

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

    تعليق


    • #3
      عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

      جزاكِ الله خيرا اختنا

      موضوع قيم جدًا صدقًا

      جعلنا الله من الداعيات إلى دينه بالحسنى


      اللهم بارك لى فى اولادى وارزقنى برهم وأحسن لنا الختام وارزقنا الفردوس الأعلى

      تعليق


      • #4

        المشاركة الأصلية بواسطة بذور الزهور مشاهدة المشاركة
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا أختنا
        موضوع ذو فوائد طيبة
        آمين وإياك ورفع الله قدرك وزادك في العلم بسطة ورزقك الله حبه







        المشاركة الأصلية بواسطة محبة الحبيب محمد مشاهدة المشاركة
        عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

        جزاكِ الله خيرا اختنا

        موضوع قيم جدًا صدقًا

        جعلنا الله من الداعيات إلى دينه بالحسنى
        آمين يا ر ب
        اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا


        الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات

        تعليق

        يعمل...
        X