إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشباب لا يعجبهم اللف والدوران

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشباب لا يعجبهم اللف والدوران




    إن الدعوة وهي تستحث خطاها في محاربة الجاهلية ترنو إلى من هم أكثر الناس عرضة للافتتان بمظاهرها وتسرّبا إلى مصارفها .
    وليس هناك مجال للمراء في أن مرحلة الشباب هي مرحلة نضج الغرائز واكتمال فورتها وتعاظم حاجتها ، وأن هذه الغرائز هي التي تتعامل معها النفس إيجابا أو سلبا ، أي استجابة أو رفضـا ، وأن هذا التعامل هو الذي يفرز نوعية الأخلاق التي تتخلق بها تلك النفس .
    فالذي تنـزع نفسه لشهوة الفرج وتتهاوى حصونه أمام فِتَنِها سرعان ما تُسْتَعْبَدُ نفسُه للخبائث ، فيظل أسير شهوته ورهين فتنته ، سادانا في محراب الصور ،
    عاشقا للأوهام والخيال ، يُمَنِّي نفسه باللذة فإذا هي حسرة وندامة ، وشؤم وتَبِعَة .
    والذي تُبْهِرُه زخارف الدنيا وبهارجها سرعان ما سيجد حياته مكيّفة على اللهث وراء جمع حطامها ومنازعة كلابها فتاتَها .
    إنهم أولئك الشباب الذين عَدِموا التَجْرِبة وفقدوا الحكمة وافتقروا إلى الأناة ، فتراهم حريصين أشد ما يكون الحرص على خوض كل مغامرة بذواتهم ، ويأبون النصح أشد الإباء ، وتغريهم الحيل بسهولة ، وتشدهم حبائل الكيد دون رهق أو إلحاح .
    أغرار أغمار ، لا يعترفون بالخطأ بسهولة ، تقلبهم رياح الفتن ظهرا لبطن ،
    يدخلون إلى كهف المعصية لاهثين ، ويخرجون منه نادمين منكسرين .


    وبنفس الوتيرة النفسية فقلوب هؤلاء الشباب أسرع ما تكون نـزوعا إلى الحق وقبولا به وإقبالا عليه وقرارا فيه ومنافحة عنه .
    وفي ذلك يقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى : { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} : ذكر تعالى أنهم فتية ،
    وهم الشباب ، وهم أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عَتَوْا وانغمسوا في دين الباطل ، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم شبابا ، وأما المشايخ من قريش فعامتهم بقوا على دينهم ولم يسلم منهم إلا القليل ، وهكذا أخبر تعالى عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شبابا . أهـ

    وذلك لما أسلفنا من أن قلوبهم لم تجرب الحياة ومذاهبها ، ولم تُلَوّث تربة فطرتهم بأهواء المصالح وأنانية الذات وحب البقاء ، لأنهم ليسوا كالشيوخ أحرص ما يكونون على حياة ، بل تراهم أنزع للتضحية من الشيوخ ، أسرع للفداء بما عندهم ،
    أخف لنصرة ما يؤمنون به ويعتقدونه .
    وقد أدرك صنفان من أعدائنا جلية هذا الأمر وهما إبليس اللعين ، وقوى الجاهلية العتيدة من يهود ونصارى ومجوس وغيرهم ، فطفقوا يتخذون كل الوسائل في اختطاف هذه الشريحة ( أعني الشباب ) وتنحيتها عن جادة الحق
    ( على أقل تقدير ) أو غمسها في مستنقعات الرذيلة والكفر ( على أكثر تقدير ) .
    ولن تخطيء عيناك الصرعى من أولئك الشباب ممن هوى في ظلمات الكفر السحيق أو انغمس في مستنقعات الفسق الشنيع ، أو المكردس أو المخدوش ، أما الناجي المسلَّم فقليل ماهم .


    لذلك كان من أهم الأولويات التي يجب أن تتبناها الدعوة : العناية بشريحة الشباب ، فمما لا شك فيه أن دعوتهم ليست بالمهمة اليسيرة ،
    وخاصة في ظل فتن هذا الزمان ، ولكنه سيبقى الحل الوحيد لمواجهة الطوفان الجارف من الانحلال ، مع الكفر الذي نراه يزحف أول ما يزحف في شريحة الشباب .
    ومخطئ من يظن أن دعوة الشباب قضية عادية لا تستحق أن نفرد لها بابا خاصا ، بَلْ كتبا مستقلة ، ويظن أولئك أن دعوة الشباب مثل دعوة غيرهم ،
    بل إنني أعلم أن كثيرا من الدعاة يتعاملون مع شريحة الشباب مثل تعاملهم مع أي شريحة في المجتمع ، ومن الدعاة من يعاملهم مثل الأطفال ، وكل ذلك خطأ أقل ما يوصف به أنه تنكب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الشباب .
    إن دعوة الشباب وتربيتهم وتخريج الدعاة والعلماء والقادة وحملة الدين من بينهم من أعظم الأمانات والمسئوليات التي نيطت بالدعاة ، ولا يدرك خطورة هذا الشأن إلا من عانى هذا الدور وخاض غماره، وتجرع من مشكلاته ، وصبر على الطريق ثم رأى النتاج وذاق الثمرة .
    أجل أيها القارئ الكريم .. إننا معاشر الدعاة يجب أن نوقف المهزلة التي ترتكب في حق الشبيبة ، والتي نسميها دعوة ، وما هي بدعوة ، إن هي إلا نصائح – على الماشي – بينما الكفر والفسق يكيد بليل ويدبر من مكر الليل والنهار ما تزول به الجبال .
    وحتى أوقفك على حجم المهزلة فأنا سائلك : كم هي – ولن أقول :
    ما هي – المصنفات الإسلامية التي عنيت بمشكلات الشباب وعلاجها بالطرح الإسلامي الرشيد ؟
    بل قل : كم من الدعاة من يهتم بهذا الشأن بحيث يكون مفزعا ومرجعا للشباب يهرعون إليه عندما تعييهم الحيل وتضيق بهم السبل ؟


    لقد عاين كاتب هذه السطور بنفسه في أول النسك مشكلات جمة كان مأتاها عدم وجود المرشد والمربي ، وانعدام التصور الواضح لسمات كل مرحلة يمر بها الشاب فكريا واجتماعيا ودعويا ، حتى أضحت حياة كثير من الشباب الملتزم – فكيف بغير الملتزم –
    مجموعة من التجارب الحياتية التي يخرج من كل تجربة منها جريحا منهك القوى مستأنفا طريقة من جديد ، ومنهم من يخرج صريعا منتكسا.
    ليس بكثير على شباب الإسلام أن يتواصى الدعاة فيما بينهم على تعيين مجموعة من بينهم تهتم بأمر الشباب تربويا وفكريا ، بحيث يكون همهم الشاغل مشكلات الشباب ، ويكونون هم بالضرورة أيضا مرجع الشباب في كل ما يعرض لهم من قضايا وخطوب .
    أن وجود لجنة تعنى بقضايا الشباب هي أول خطوة في بناء سد منيع ضد طوفان الإباحية والانحلال الذي تواجهه مجتمعاتنا الإسلامية الآن ، وليس يخفى أن أول الصرعى من هذا الطوفان هم الشباب ، إدمان وفجور وشذوذ وزندقة وعلمنة وإلحاد بل وعبادة للشيطان ، فماذا ننتظر بعد كل ذلك ؟
    هل ننتظر حتى نرى الشيطان باديا بخلقته يخطف الشباب عيانا لنبدأ التحرك ؟!!



    وهذه بعض أساليب مجمعة تفيد الداعية:


    حاول أن ترطب الحوار ببعض الفكاهة إن اقتضى المقام ، وخاصة إلى احتدم الحوار، وذلك للإبقاء على ركن المودة الذي هو بابك إلى قلبه .

    لا تجعل القيادة للحوار بيد أحد غيرك ، فإذا حاول أن يصول بك ويجول فالزم نقطة الحوار ولا تتشتت في أودية الحديث ، حيث لا جدوى من جراء ذلك إلا الجدال العقيم .

    حاول أن تركز في موضوعك ، وأن تسوق له من الأدلة والشواهد الشرعية والمنطقية ما تغزو به ضميره ، فإذا احتللت مكانا في القلب فحافظ على هذا المكان ثم ابدأ هجومك الكاسح من ذلك الموقع ( لا تتراجع أو تتأخر إلى مواقع سابقة ) .


    حاول أن تستخلص من كلام من تحاوره ما يفسده ، مع التلطف في بيان وجه الاستدلال ، مبتعدا في كل ما سبق عن حب الظهور والرياء والاستعلاء.
    فقد كتب الله النصر لمن خلا من ذلك كله ، قال تعالى : {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }



    كما ينبغي أن تعطي الاحترام المناسب بمقام وعمر من تحدثه .

    وبعد أيها الداعية الأريب .. فإن للدعوة الفردية حديثا ذا شجون ، وأنا أحيلك على بعض المصادر الهمة في الباب لتنهل وتستفيد ، فإنما ذكرنا هنا رؤوس الأقلام ، واختصرنا المقاصد لتكون منها على ذكر والله المستعان .


    تفسير ابن كثير
    كتاب الدعوة المؤثرة للأستاذ جمال ماضي
    وفقه الدعوة الفردية للدكتور علي عبد الحليم محمود .
    فقه الدعوة الفردية للسيد محمد نوح
    30 طريقة لخدمة الدين


    الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات

  • #2
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
    موضوع طيب

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة بذور الزهور مشاهدة المشاركة
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
      موضوع طيب
      آمين وإياكم
      رفع الله قدرك وزادك في العلم بسطة
      ورزقك حبه


      الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات

      تعليق

      يعمل...
      X