إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة



    الخطبة الأولى:
    [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:
    فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ
    رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.
    ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ
    رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.
    " غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ ".. هذا الحديث لفت انتباهنا إلى أن نخصّ أحيانا النّساء بالموعظة والتّذكير، مع أنّنا نعلم جيّداً أنّه ما من موضوع يخاطب به الرّجال، إلاّ ودخل النّساء فيه أيضاً، لقوله صلّى الله عليه وسلّم : (( النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ )).
    لكنّ الأنفس جُبِلت على حبّ الانفراد بشيء يخصّها، وبأمرٍ يرفعها وينصّها، والقرآن يشير إلى ذلك أحيانا، فمثلاً يقول الله
    جلّ جلاله:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيمًا} [الأحزاب:35].
    فآثرنا أن نقتفي اليوم أثر القرآن، وسنّة النبيّ المصطفى العدنان صلّى الله عليه وسلّم، فنلقي سلسلة من الخطب موضوعها، ومحورها:
    (
    الغـارة على المرأة المسلمة )، فـ:
    إليها حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا


    فحديثنا اليوم مع القابضات على الجمر .. أولئك الفتيات الصّالحات، والنّساء القانتات ..
    حديثٌ
    إلى اللاّء شرّفهنّ الله بطاعته، وأذاقهنّ طعم محبّته .. إلى حفيدات خديجة وسميّة .. وأخوات فاطمة وعائشة ..
    حديثٌ
    إلى من جعلت قدوتها أمّهات المؤمنين، وغايتهنّ ربّ العالمين ..
    إلى اللاّء
    طالما دعَتْهُنّ أنفسهنّ إلى الشّهوات، ومشاهدة المحرّمات، وسماع المعازف والأغنيات، والبقاء أمام القنوات، ومتابعة آخر الموضات، وتقليب المجلاّت .. فتركن ذلك ولم يلتقتن إليه، وهنّ يقدرن عليه.
    هذه السّلسة إلى
    الفتيات العفيفات والنّساء المباركات.. إلى حبيبة الرّحمن الّتي كلّما كثر الفساد من حولها رفعت بصرها إلى السّماء وقالت: يا مقلّب القلوب ثبّت قلوبنا على طاعتك.
    حديثنا
    إلى تلك الصّالحة التي أصبحت غريبة بين النّساء بسبب صلاحها وفسادهنّ ..
    فسلام على الدرّة المصونة، واللّؤلؤة المكنونة ..
    إن كنت أمّا، فأنت المربّية للأجيال، وأنت الصّانعة للأبطال
    وإن كنت زوجة، فأنت السّكن... وأنت الفيئ والظّـلال
    وإن كنت بنتا، فأنت صـرح تعلّـق عليه كـلّ الآمـال
    وقد أنـزل الله فيـك قرآنا يُـتلـى إلـى يـوم المـآل

    وإن كان الحديثُ يوجّه إلى المرأة مباشرة، فليعلم الرّجل أنّه مسؤول قبلها عليها، وأنّ الحساب موجّه إليه أكثر ممّا هو موجّه إليها، فالرّجل لا يسلم من هذه الغارة، وقديما قالوا:" إيّاك أعني واسمعي يا جارة ! "..

    ألا ترى أخي المسلم أنّ الله تبارك وتعالى نهى كلاّ من الأبوين الكريمين آدم وحوّاء عن الأكل من الشّجرة، ثمّ عاتب آدم وحده فقال: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طـه:115]، وقال:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:37]، وقال:{فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طـه:117].



    وقد يقول قائل: ولكن ما مناسبة ذلك ؟ أهو عـيـد الـمـرأة ؟!..

    أهُو اقتقاءٌ لسبيل من لا خلاق لهم، فداسوا المرأة تحت أقدامهم، ونادوا بـ:عيـد المرأة ليحقّقوا به شيئا من أحلامهم ؟!
    كلاّ.. إنّ موضوع هذه السّلسلة هو فكرة لا تزال تنضج أعواما وأعواما، فعزمنا على طرحها لأسباب كثيرة:
    أوّلها : الغارة التي شُنّت على الأسرة المسلمة هذه الأعوام، وبخاصّة هذه الأيّام..
    ولقد تزايد في هذا الزّمان كيدُ الأعداء، مستهدفين ديار المسلمين، يبتغون خلخلة دينهم وزعزعة إيمانهم، وتدمير أخلاقهم، و إفساد سلوكهم، ونشر الفاحشة والرّذيلة، وإخراجهم من رياض القِيم والفضيلة، لا بلّغهم الله ما يريدون.

    ولقد كانوا سابقا يعجزون عن الوصول إلى أفكار الشّباب، وعقول الناشئة لبثّ ما لديهم من سموم، وعَرْضِ ما عندهم من كفر وإلحاد ومجون، أمّا الآن فقد أصبحت تحمل أفكارُهم الرّياح: إنّها رياح مهلكة، بل أعاصير مدمّرة، تقصف بالمبادئ والقيم، وتدمّر الأديان والأخلاق، وتقتلع جذور الفضيلة والصّلاح من جذورها، وتجتثّ عروق الحق من أصولها.
    إنّه غزو
    لا تشارك فيه الطّائرات ولا الدّبابات .. ولا القنابل والمدرّعات.. هذا الغزو يَستعمِل قوما من بني جِلدتنا، يتكلّمون بألسنتنا، وينتسبون إلى ملّتنا..
    غزو
    ليس له في صفوف الأعداء خسائر تُذْكر .. فخسائره في صفوفنا نحن المسلمين .. إنّه غزو الشّهوات .. غزو الكأس والمخدّرات .. غزو المرأة الفاتنة .. والرّقصة الماجنة .. والشّذوذ والفساد .. غزو الأفلام والمسلسلات .. والأغاني والرّقصات .. وإهدار الأعمار بتضييع الأوقات.. إنّه غزو لعقيدة المسلمين.
    هل تعلم ما قاله صموئيل زويمر رئيس جمعيّات "التّنصير" ؟ لقد قال في "مؤتمر القدس للمنصّرين" الذي عُقِد في القدس عام
    1935 م:
    " إنّكم إذا أعددتم نشئا لا يعرفُ الصِّلةَ بالله، ولا يريد أن يعرفَها أخرجتم المسلم من الإسلام، وجعلتموه لا يهتمّ بعظائمِ الأمور، ويحبُّ الراحةَ والكسلَ، ويسعى للحصولِ على الشّهواتِ بأيّ أسلوبٍ، حتّى تُصبِحَ الشّهواتُ هدفَه في الحياةِ، فهو إن تعلَّم فللحصولِ على الشهوات، وإذا جمع المالَ فللشهواتِ، وإذا تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات، إنه يجودُ بكلِّ شيءٍ للوصول إلى الشهواتِ ! لا نريداليوم أن نُدخِل المسلم إلى النّصرانيّة، ولكنّنا نكتفي بإخراجه من الإسلام ..".
    أيّها المنصّرون، إن مهمّتكم تتمّ على أكمل الوجوهِ !

    هذا ما قاله منذ أكثر من ستّين سنة، يوم كانت أساليب الشّهوات ضئيلةً جدّا، فكيف بها اليوم ؟
    السّبب الثّاني : ومن أعظم الأسلحة الفتّاكة التي يستعملها الأعداء، والّتي يبذلون قُصارى جهدهم لإخراجها من طاعة الرّحمن إلى اتّباع الشّيطان: "المرأة"..فإذا أردت هدم شيء فاهدمه من داخله، وعمود الأسرة هي المرأة..
    لذلك قال قائلهم:"
    كأس وغانية يفعلان في أمّة محمّد ما لا يفعله الجيوش الجرّارة "..
    فالأديب سخّر شعره ونثره، والكاتب أوقف قلمه، والصّحفيّ نفث سمّه .. الجميع أجلبوا بخيلهم ورَجِلِهم، ونزلوا بكلّ ثِقلهم ليصدّوا المرأة عن دينها الّذي هو عصمة أمرها.

    السّبب الثّالث : هذا الكيد المبين، وهذا التّكالب العظيم لضرب الأسرة، يقابله تساهل النّاس في شأن المرأة، فقصّروا في كثير من الأمور، حتّى كبرت المرأة وهي معتادة على لبس القصير، والخروج الكثير، والاختلاط بالرّجال، وغير ذلك ممّا سنبيّنه..
    السّبب الرّابع
    : أنّ المرأة ثغرة ينفذ منها العدوّ بسهولة، فلا بدّ من حراسة الفضيلة، ونبذ كلّ حبال الفُحش والرّذيلة ..
    إذا أدركت ذلك أدركت السرّ الّذي جعل النبيّ
    صلّى الله عليه وسلّم يوصِي بالمرأة، وفي الوقت نفسه يُكثر من التّحذير منها..
    وذلك لأنّ
    المرأة سيف ذو حدّين .. إن استُعمِلت في الخير نالت به أعظمَ الرُّتب، وبلغت أرقى المنازل، وإن انخلعت عن دينها، وتخلّفت عن ركب نبيّها صلّى الله عليه وسلّم، كانت شؤما على الأمّة وسببا لكلّ همّ وغُمّة.
    فمن النّصوص التي تحضّ على معرفة منزلة المرأة في الإسلام:

    1-أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان من آخر وصاياه النّساء:
    روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
    رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ )). وكان ذلك عام حجّة الوداع.
    2-وكان ميزانه صلّى الله عليه وسلّم الّذي يزن به الرّجل هو عشرته لأهله، لأنّ المرأة إذا نفرت من الرّجل فلتت منه ولن يقدر على أمرها ونهيها، فقد روى أبو داود والتّرمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي )).
    3- وحضّ على الاعتناء بالبنات خاصّة ورعايتهنّ:
    فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة
    رضي الله عنها قالت: قال صلّى الله عليه وسلّم:
    ((
    مَنْ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ )).
    4-وقد شبّه الله تبارك وتعالىالمرأة باللّباس: فقال تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُن} [البقرة: من الآية187]، ومن طبيعة المرء أن يحسِن اختيار لباسه، وأن يعتني به، فإنّه زينة المرء، ومصدر دفئه، وأقرب شيء إلى العبد هو لباسه.
    وغير ذلك من النّصوص الّتي تدلّ على وجوب الاعتناء بتربية المرأة ، ورعايتها، والحفاظ عليها.
    5-أباح الله الموت للحفاظ عليها: فقد روى التّرمذي والنّسائي عن سعيدِ بنِ زيد رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ قَاتَلَ دُونَ أَهْلِهِ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ )) فنال مرتبة الشّهادة بدفاعه عن امرأة.
    وكأنّ النبيّ
    صلّى الله عليه وسلّم يعلن الحرب الطّاحنة، والهيجاء السّاخنة على من مسّ كرامة المسلم في أهله، فما بال أعراض المسلمين تُباع هنا وتعرض هناك وهم صامتون ؟!
    ها هي "
    حرب الفجّار" الّتي قامت بين قريش وهوازن، كانت بسبب أن تعَرّض شبابٌ من كِنانة لامرأة واحدة، أرادوا أن يكشفوا وجهها فنادت: يَا آلَ بَنِي عَامِر ! .. فأجابتها سيوف بني عامر ؟
    هذه النصوص تدلّ على أهمّية حراسة المرأة، لأنّها هي مركز العفاف والفضيلة.

    وفي الوقت نفسه، نرى كثرة الأحاديث الّتي تحذّر من المرأة خاصّة:
    1-فهي مصدر أعظم فتنة: ففي صحيح مسلم عن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:
    ((
    إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ )).
    وتأمّل كيف خصّها النبيّ
    صلّى الله عليه وسلّم بالتّحذير: حيث قال: (( فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ ))، مع أنّ النّساء من الدّنيا، ولكنّه صلّى الله عليه وسلّم خصّهنّ بالذّكر لعظم شأنهنّ.
    2-أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّمعدّ المرأة كلّها عورة، وينبغي للإنسان أن يستر عورته، وكلّ شيء يقبل التّجديد والاستعادة إلاّ شرف المرء ورجولته.
    3-أنّها أعظم وسيلة يصطاد بها الشّيطان العباد: روى التّرمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:
    ((
    الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ )).
    4-أنّها ناقصة عقل ودين: ففي الصّحيحين عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ:
    ((
    يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ ! تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ )) فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: (( تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُمِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ )).
    قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: ((
    أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ )) قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: (( فَذَلِكِ مِنْنُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ ؟ )) قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: (( فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا )).
    وهذا
    الخطاب موجّه إلى الكُمَّل من نساء العالم، من رضي الله عنهنّ وأرضاهنّ، فكيف بغيرهنّ ؟
    ومعلوم ممّن لحظ واقع المرأة اليوم أنّ المرأة سريعة الانقياد وراء عواطفها، ممّا سهّل المهمّة على أعداء هذا الدّين في استغلالها لضرب تعاليم الإسلام، وهدم صروح الإيمان. ولو وعظتها لسمعت، ولو سمعت لنسيت، لذلك:

    5-وصفها النبيّصلّى الله عليه وسلّم بأنّها لا تثبت: روى الإمام أحمد عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليهوسلّم: (( لَا تَسْتَقِيمُ لَكَ الْمَرْأَةُ عَلَى خَلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ، إِنَّمَا هِيَ كَالضِّلَعِ، إِنْ تُقِمْهَا تَكْسِرْهَا، وَإِنْ تَتْرُكْهَا تَسْتَمْتِعْ بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ )).
    وغير ذلك من الأمور الّتي تبيّن لنا أنّ المرأة لا بدّ من الاعتناء بها، وعدم التّساهل معها.

    من استحضر هذه النّصوص ولم يضرب بعضها ببعض، علم أنّ الإسلام يُكرِم المرأة إن تحرّرت من عبوديّة غير الله، ويهين المرأة إن تحرّر من العبوديّة لله، شأنها شأن كلّ مطيع وعاص: فهذه اليد ما أعظم قيمتها عند بارئها ! حتّى جعل الدّية لقطعها خمسمائة دينار ! ولكنّه سبحانه أمر بقطعها لو سرقت ربع دينار، فلمّا كانت أمينة كانت ثمينة، ولمّا خانت هانت.
    الخطبة الثّانية:
    فليس هناك أعظم خطرا على هذا الدّين من جهل أهله، قبل كيد أعدائه، فالله
    تعالى قد قال:{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: من الآية120].
    وإنّنا سنقف في خطبنا هذه مع أصناف من النّاس هم المحرّك لهذه الفتنة العمياء، والمحنة الهوجاء:
    أوّلهم : المنفّرون. ثانيهم: المتآمرون. ثالثهم: المنهزمون.
    أمّا المنفّرون
    : فهم قوم أتوا الأمور من غير أبوابها، ووضعوا الأشياء في غير أيدي أصحابها، وهم قوم أساءوا إلى المرأة، وابتعدوا عن تعاليم ربّهم، ممّا جعل التّهمة توجّه إلى الإسلام لا إليهم، فكم من امرأة تشكو زوجها، وأخرى تشكو أخاها، وثالثة تشكو أباها: ضربٌ وشتم، واحتقار وإهانة .. ونسُوا الآيات البيّنات والأحاديث المشرقات التي تدعو إلى حسن المعاملة، وإلى الانبساط والمجاملة، قال تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيرًا}[النساء: من الآية19].
    وروى التّرمذي وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ )). وسنعود إلى هؤلاء إن شاء الله.
    هذا الجهل قد أدّى إلى ظهور طائفتين من النّاس، ممّا جعل واقع المرأة يضيع بين المنهزمين، والمتآمرين..



    أمّا المتآمرون فهم: ذئاب البشر، الّذين لا همّ لهم إلاّ الوصول إلى استغلال المرأة لتحقيق أغراضهم، فنادوا بتحرير المرأة، وهم يريدونتعبيدها لأنفسهم، ونادوا بالتطوّر والتقدّم لِيطوّروا أعماهم وأرباحهم. فلا شكّ أنّ عالم اليوم عالم الموضات والشّهوات، ولو تستّرت المرأة لضاعت أرباحهم .. ونادوا بالاختلاط ومزاحمة رجال الأعمال وهم يريدون منها أن تحقق لهم كلّ الأمانيّ والآمال.
    خدعـوها بقولهـم حسناء *** والغـواني يغرّهـن الثّـناء
    نظـرة فابتسـامة فكـلام *** فسـلام، فمـوعد، فلقـاء
    فاتّقوا الله في قلوب العذارى *** إنّ العذارى قلوبهـنّ هـواء

    وهؤلاء سنقف معهم طويلا.
    أمّا المنهزمون
    ، فأرادوا أن يدفعوا التّهم الموجّهة إلى الإسلام، فراحوا يُبيحون للمرأة ما لا يحلّ، حتّى أوشك الدّين أن يرتحل !
    وللأسف في الوقت الّذي يجب علينا أن نصدّ عدوان المعتدين، وكيد الكائدين،
    نسمع من هنا وهناك من يظهر على القنوات الفضائيّةيضرّ الإسلام أكثر ممّا ينفعه: ترى على وجهه مسحة انهزام، ولا ترى عليه مسحة التزام !
    ماذا يريدون ؟ عصرنة الإسلام زعموا،
    فلماذا تطالبون الإسلام أن يتعصرن، ولا تطالبون العصر أن يُسلم ؟!
    فنوصي أخيرا أختنا المسلمة بالصّبر والثّبات، فما هي إلاّ أنفاس قليلة وترحلين إلى جنّة عرضها الأرض والسّموات، واعلمي أنّ حلاوة الدّين في غربته، ولذّة الهدف في صعوبته، وتذكّري النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الذي ستلقينه على الحوض: ((
    بدأ الإسلام غريبا، وسيعودغريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء )).

    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 11-04-2018, 03:02 AM. سبب آخر: النتسيق

  • #2
    رد: الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

    بارك الله فيفع بكم وثبتكم على الحق وايانا

    اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

    تعليق


    • #3
      رد: الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

      جزاكم الله خيرا كثيرا
      نسال لله الثبات على الحق والطاعة
      " حَسبُنا الله سَيُؤتِينا الله مِن فضْلِه إنّا إلَى الله رَآغِبُونَ"
      يقول عن هذه الآية الشيخ / صآلح المغآمسي ..إنها دُعــآء المُعجِزات، ويقول: والله متى ما دعوت الله بصدق وكنت في مأزق إلا وجاء الفرج من حيث لا أعلم،، وقال ابن باز رحمه الله: مادعوت بهذا الدعاء بعد التشهد الأخير. في أمر عسير إلا تيسّر

      تعليق


      • #4
        الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصد هده الغارة

        الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]
        فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

        يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب


        يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي


        هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب
        أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب
        سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب
        هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب
        أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب
        أنت ابنة العُرب والإسـلام عِشتِ به *** في حضن أطهـر أمٍّ من أعـزّ أبِ
        فلا تبـالي بما يُلقُـون مـن شُـبَـهٍ *** وعندك الشرع إن تدعِيه يستجِبِ
        سليه: من أنا؟ من أهلي؟ لـمن نسبي؟ *** للغرب، أم أنا للإسلام والعرب ؟
        لمن ولائـي؟ لمن حبِّي ؟ لمن عملـي ؟ *** لله، أم لدعاة الإثـم والكـذب
        سبـيـل ربّـك والقرآن منهـجـه *** نور من الله لم يُحجَب، ولم يَغِبِ

        فاستمسكي بعُـرى الإيمان واصطبري *** وصابري، واصبري لله، واحتسبي
        وإنّ موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله هو:" كيف نصدّ هذه الغارة ؟ "، وذلك من خلال بيان نقاط ثلاث، كلّها في تصحيح المفاهيم، وإزالة اللّيل البهيم، وسترون أنّ أعظم سلاح لصدّ هذا الغزو هو التسلّح بالعلم الصّحيح:
        1
        -العلم بمكانة المرأة في الإسلام. 2-معرفة المفهوم الصّحيح للمساواة. 3-العلم بالفوارق بين الرّجل والمرأة.
        أوّلا: مكانة المرأة في الإسلام.
        وهنا - إخوتي الكرام - لا بدّ أن نقول: إنّنا مع الأسف أصبحنا اليوم في وضع المُدافع .. نريد دوْماً أن ندفع عن ديننا التُّهَم التي يلصقها به أعداؤه، وهذا - والله - ضَعْفٌ وخَوَر، حدث في الأمة بسبب ترك ما أمر الله عزّ وجلّ به، وهو الدعوة إلى الله.
        ولو أنّنا قمنا بواجب الدّعوة إلى الله، وغزونا هؤلاء الكفار في عُقْر دارهم بدعوتنا، وبينّا محاسن ديننا، وقمنا كذلك ببيان فساد دينهم الّذي هم عليه، وأنّهم قد ظلموا المرأة والرّجل والطّفل معاً في تعاملهم، لو قمنا بذلك، لما احتجنا أن ندافع عن ديننا؛ لأنّنا أصحاب حقّ، وصاحب الحقّ قويّ بحقّه.

        ولكن
        نحن اليوم بحاجة إلى إصلاح داخليّ في ذواتنا وأنفسنا، قبل أن نقوم بالإصلاح في الخارج، والله المستعان.
        فإنّ الإسلام لم يعتبر المرأة يوما جرثومةً خبيثة كما اعتبرها الآخرون، ولم يعتبرها يوما سببا في خروج آدم من الجنّة كما يظنّه الجاهلون، إنّما قرّر ما لم يُقرّره شرع مخلوق، ولا قانون بشر.

        كما أنّ الإسلام لم يعتبر المرأة قط في يوم من الأيّام أنّها سيّدة هذا الكون، وإذا قالت كن فيكون.

        تَحدّثْنا فيما سبق عمّا يريده أعداء هذا الدّين من كيد للإسلام والمسلمين، وأنّهم لما عجزوا عن مواجهة هذا الدّين بالسّلاح،
        واجهوه بالغزو الفكري الثّقافي للتّشويه والتّشكيك: تشويهه صورة الإسلام عند غير المسلمين، وتشكيك المسلمين في دينهم.
        ومن أكبر أباطيلهم التي حاولوا نشرَها والترويج لها بين المسلمين مقولتهم الباطلة: بأنّ الإسلام قد ظلم المرأة وأهانها
        !
        فنقف مع هذه التّهمة الباطلة، والمقولة الآثمة، لنبيّن بطلانها، ونرد على قائليها ومروّجيها من أعداء الله وأعداء رسوله
        صلّى الله عليهوسلّم ردّاً إجمالياً، ثم ردّاً تفصيلياً بعد ذلك بعون الله.
        أمّا الردّ إجمالا
        : فإنّ من اعتقد أنّ الإسلام قد ظلم الإسلام وأهانها ! فقد نطق بالكفر عياذا بالله -؛ ذلك لأنّ الإسلام هو دين الله عزّوجل، رضيه لنا وأتمّ نعمته به علينا، قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة:3].
        فمن يعتقد أنّ الإسلام قد ظلم المرأة أو أهانها، فهو إنّما يقول إنّ الله
        عزّ وجلّ قد ظلم المرأة وأهانها ! تعالى الله عمّا يقول الجاهلون الظالمون علوّاً كبيراً، يقول الله تعالى:{وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف:49]، وقال سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء:40]. وقال عزّ وجلّ:{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا} [يونس:44].
        أمّا الردّ التّفصيليّ
        : فلنعلَمْ أنّه لم تعرف البشريةُ ديناً ولا حضارةً عُنيت بالمرأة أجملَ عناية، وأتمَّ رعايةٍ، وأكملَ اهتمام كدين الإسلام.
        وإنّ المرأة لم تكن في يوم من الأيّام مثار جدل بين المسلمين، ولا قضيّة تثار بين المتكلّمين، فعلماؤنا تحدَّثوا عن المرأة كما تحدّثوا عن الرّجل، وأكّدوا على مكانتها وعِظم منزلتها كما أكّدوا على مكانة الرّجل، فجعلها الدّين مرفوعةَ الرأس، عاليةَ المكانة، مرموقةَ القدْر، لها في الإسلام الاعتبارُ الأسمى والمقامُ الأعلى، تتمتّع بشخصيةٍ محترمة، وحقوقٍ مقرّرة، وواجبات معتبرة. وذلك من وجوه كثيرة:

        1- فالمرأة نعمة وهبةٌ من اللهعزّ وجلّ: فقد أشاد الإسلام بفضل المرأة، ورفع شأنَها، وعدَّها نعمةً عظيمةً وهِبةً كريمة، يجب مراعاتها وإكرامُها وإعزازها، يقول المولى جل وعلا:{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَـاواتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَن يَشَاء إِنَـاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ أَوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَـاثاً} [الشورى:49،50].
        فرعى حقَّها طفلةً، وحثَّ على الإحسان إليها، ففي صحيح مسلم من حديث أنس
        رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ ))-وضمّ أصابعه-.
        وفي صحيح مسلم أيضاً أنّ النبيّ
        صلّى الله عليه وسلّم قال: ((مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاَثُ بَنَاتٍوَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ، وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ، كُنَّ لَهُ حِجَابًامِنَ النَّارِ )).
        2- ورعى الإسلام حقَّ المرأة أمًّا، فدعا إلى إكرامها إكرامًا خاصًّا، وحثَّ على العناية بها:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّـاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَـاناً} [الإسراء:23].
        بل جعل حقَّ الأمّ في البرّ آكدَ من حقِّ الوالد، فقد جاء رجل إلى نبيّنا
        صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، من أبرّ ؟ قال: (( أمّك ))، قال: ثم من ؟ قال: (( أمّك ))، قال: ثم من ؟ قال: (( أمّك ))، قال: ثم من ؟ قال: (( أبوك )) [متفق عليه].
        3- ورعى الإسلامُ حقَّ المرأة زوجةً، وجعل لها حقوقاً عظيمة على زوجها، من المعاشرة بالمعروف والإحسان والرفق بها والإكرام، قال صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلاَ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً، فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ )) [متفق عليه].
        وقال
        صلّى الله عليه وسلّم في حديث آخر: (( أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنُهم خُلُقاً، وخيارُكم خياركم لنسائه )).
        4- ورعى الإسلامُ حقَّ المرأة أختًا وعمَّةً وخالةً، فعند الترمذي وأبي داود قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( وَلاَ يَكُونُ لِأَحَدٍ ثَلاَثُ بنَاتٍأَوْ أَخَوَاتٍ فيُُحْسِنَ إِلَيْهِنَّ إِلاَّ دَخَلَ الجَنَّةَ )).
        5- وفي حال كونِها أجنبيةً فقد حثَّ على عونها ومساعدتها ورعايتها، ففي الصّحيحين قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( السَّاعِي عَلَىالأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ كَالمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوْ كَالقَائِمِ الَّذِي لاَ يَفْتُرُ، أَوْ كَالصَّائِمِ الَّذِي لاَ يُفْطِِرُ )).
        6- وأعطاها الإسلام حقَّ الاختيار في حياتها، والتصرّف في شؤونها، وفقَ الضوابط الشرعية والمصالح المرعية، فقال جلّ وعلا:{وَلاَتَعْضُلُوهُنَّ} [النساء:19]، وقال صلّى الله عليه وسلّم: (( لا تُنكح الأيم حتى تُستأمَر، ولا البكر حتى تستأذَن في نفسها )).
        7- والمرأةُ في نظر الإسلام أهلٌ للثقة ومحلٌّ للاستشارة: فهذا رسول الله أكملُ الناس علما، وأتمُّهم رأيًا، يشاور نساءَه ويستشيرهنّ في مناسبات شتّى ومسائل عظمى، وكيف لا وهو يصفها بالسيّدة، فقد روى ابن السنّي رحمه الله في " عمل اليوم واللّيلة " عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( كُلُّ نَفْسٍ مِنْ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ، فَالرَّجُلُ سَيِّدٌ، وَالمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا )) [صحيح الجامع].
        8- بل إنّ الإسلامَ يفرض للمرأة مبدأ الأمن الاقتصادي: وهذا لم يسبق له مثيلٌ، ولم يجاره بديل:
        ذلك حينما كفل للمرأة النفقةَ أمًّا، أو بنتاً، أو أختاً، أو زوجةً، وحتّى أجنبية، لتتفرّغ لرسالتها الأسمى وهي فارغةُ البال من هموم العيش ونصب الكدح والتكسُّب.

        9- والمرأةُ في تعاليم الإسلام كالرجل في المطالبة بالتكاليف الشرعية، وفيما يترتّب عليها من جزاء وعقوبة، قال الله جلّ وعلا:{وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرا} [النساء:124].
        فهي كالرّجل في حمل الأمانة في مجال الشّؤون كلّها، إلاّ ما اقتضت الضرورةُ البشريّة والطبيعة الجِبليّة التفريقَ فيه، وهذا هو مقتضى مبدأ التكريم في الإسلام لبني الإنسان:{
        وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ الطَّيّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مّمَّنْخَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء:70].
        وروى التّرمذي عَنْ أمِّ سلمةَ قالت: يا رَسُولَ اللهِ،
        لَا أَسْمَعُ اللَّهَ ذَكَرَ النِّسَاءَ فِي الْهِجْرَةِ ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ تعالى:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}، وأكّد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذلك بقوله: (( النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ )).
        لذلك قطع الله كلّ كلام، وأبطل كلّ الأحلام الّتي قد يدّعيها الرّجل أو المرأة، وجعل الميزان هو التّقوى:{
        يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13].
        معاشر المؤمنين، هذه بعضُ مظاهر التكريم للمرأة في الإسلام، وذلك غيْضٌ من فيض، وقبضةٌ من بحر.

        أيها المسلمون، إن أعداءَ الإسلام تُقلقهم تلك التوجيهاتُ السامية، وتقضّ مضاجعهم هذه التعليمات الهادفة، لذا فهم لا يقصّرون في بثّ دعواتٍ تهدف لتحرير المسلمة من دينها ! والمروق من إسلامها !

        ثانيا: تصحيح مفهوم العدل والمساواة.
        إنّ المطالِبَ بالمساواة بين الرّجل والمرأة إمّا أنّه مجنون مخبول، وإمّا جاهل لا يدري ما يقول، وإمّا كافرٌ مخذول.
        فلا بدّ أنْ نفرّق -أيّها المسلمون- بين مفهوم
        العدل، ومفهوم المساواة، فالله أمر بالعدل بين الرّجال والنّساء، ولم يأمر قط بالمساواة:
        ألا ترون أنّه يجب العدل بين الصّغير والكبير، ولكن لا يقول أحدٌ إنّ الكبير يأكل ما يأكله الصّغير، فهذا يُعطى ما يناسبه، وذاك يُعطى ما يناسبه، وهذا هو العدل. فمن العدل ألاّ تسوّي بين الرّجل والمرأة في كلّ شيء، من العدل أن يعمل الرّجل ويكدّ ويتعب وينفق، وتعمل المرأة في بيتها وتتعب وتكدّ، ولكن لا نُسوّي بينهما.

        من العدل أن يجاهد الرّجل لأنّه يناسبه، ولا تجاهد المرأة لأنّ هذا لا يُناسبها، وليس من العدل أن نوجب الجهاد عليها..

        فلا بدّ أن نفرّق بين هذا وذاك..وهذا ما يُظهر جيّدا الفوارق بين الرّجل والمرأة..

        الخطبة الثّانية.
        الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

        ثالثا: الفوارق بين الرّجل والمرأة.
        يقول الله تباك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32].
        فكما خصّ المرأة بأمور تناسب طبعها، ونشأتها، أسقط عنها كثيرا من الواجبات التي أُلزم بها الرّجل، وحرّم عليها أمورا لا تليق بطبعها، وأباح لها أشياء تناسب طبعها.

        فينهى الله
        تعالى كلاّ من الجنسين أن يتمنّى ما خصّ وفضّل به أحدهما عن الآخر، وذلك فيه من المفاسد ما لا يخفى:
        -
        منها الاعتراض على قدر الله وقضائه وعدم الرّضى عنه، ومتى حدث ذلك ذهبت القناعة، وحلّ مكانها السّخط، وحاول كلّ منهما أن يلبس لباس الآخر؛ فتزلّ به قدمه، وتندكّ عنقه.
        -
        وفيه عدم تعظيم حكمته سبحانه، وهو القائل:{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:من الآية54]، فلا يمكن أن يخالف أمرُه خلقه، وخلقه أمره.
        ولأجل ذلك قال
        تعالى في أوّل سورة النّساء:{وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً} [النساء: من الآية1]، فإنّ لفظ (منها) رسالة إلى كلا الجنسين، فالرّجل يترفّق بشيء هو منه، والمرأة عليها أن تتذكّر أنّها فرعٌ منه، وبذلك تتّزن الأمور.
        فهناك فوارق كونيّة، وفوارق شرعيّة، ومن رام لباس الآخر يكون قد صادم الشِّرعة، وخالف الفطرة، قال ابن عبّاس
        رضي الله عنهما: (( لَعَنَ رَسُولُ اللهِصلّى الله عليه وسلّمالْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ )).
        واالنّساء القانتات يقُلْن كما قالت امرأة عمران:{
        وَلَيْسَ الذّكّرُ كَالأُنْثَى}، والمارقات يقلن: ( هما سواء ).
        والله
        تعالى يقول:{وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}، والخارجون عن طاعته يقولون: ( درجتهما سواء ).
        الله
        تعالى يقول:{وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}، والمتمرّدة على الله تقول: بل نتمنّى ما فضّل الله به بعضنا على بعض.
        ذلك لأنّ الذّكورة كمال خلقيّ، وقوّة طبيعيّة وذاك شرف الرّجل، والأنوثة نقص وضعف، وذاك شرف المرأة، والله تعالى قد أشار إلى ذلك بقوله:{
        أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:18]، قال ابن كثير رحمه الله:
        " أي: المرأة ناقصة، يكمل نقصها بلبس الحليّ منذ تكون طفلة، وإذا خاصمت فلا عبارة لها، بل هي عييّة، أو من يكون هكذا يُنسب إلى جناب الله ؟! فالأنثى ناقصة الظّاهر والباطن، في الصّورة والمعنى، فيكمل نقص ظاهرها وصورتها بلبسها الحليّ وما في معناه، ليجبر ما فيها من نقص، كما قال بعض شعراء العرب:

        وما الحلي إلاّ زينة من نقيصة *** يُتمّم من حُسنٍ إذا الحُسن قصّرا
        وأمّا إذا كان الجمال موفّـرا *** كحُسنك لم يحتج إلى أن يزوّرا "
        وقال الشّنقيطي رحمه الله:" ألا ترى أن الضّعف الخِلْقيّ والعجز عن الإبانة في الخِصام عيب ناقص في الرّجال، مع أنّه يُعدّ من جملة محاسن المرأة التي تجذب إليها القلوب، قال جرير:
        إنّ العيون التي في طرفـها حَـوَرٌ *** قتلنـنا ثمّ لم يحييـن قتـلانا
        يصرعْن ذا اللّب حتّى لا حِراك به *** وهنّ أضعف خلق الله أركانا "
        وإليك أيّتها المرأة الفوارق بينك وبين الرّجل:
        1- تخصيص النبوّة والرّسالة بالرّجل: قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [يوسف: من الآية109].وذلك لأنّ الرّسالة تقوم على مخالطة الرّجال، والسفر وشدّ الرّحال، وملاقاة الأعداء وأذاهم، وما يتبع ذلك من السّجن والتّعذيب.
        2- تخصيص الرّجل بالإمامة والإمارة: فقد روى البخاري وغيره عن أبي بكرةَ رضي الله عنه قال: قال رَسُول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً )).
        وذلك لأنّ الحاكم عند المسلمين ليس مجرّد لوحة فنّية، أو زينة رسميّة للتّوقيع والتّرقيع، وإنّما قائد مجتمع في الحرب والسّلم، يتفقّد الرّعية، ويخاطبهم، يشاورهم.

        قال
        تعالى وهو يبيّن المسخ الّذي وصل إليه بعض بني آدم:{أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [لأعراف: من الآية179]؛ وذلك لأنّ الحيوان قد يُدرك ما لا يدركه الإنسان، استمعوا إلى الهدهد وهو ينكر أن تتولّى المرأة أمر العامّة:{فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)} [النمل].
        3- تخصيص فرضيّة الجهاد بالرّجل: فقد روى البخاري عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسولَ اللهِ ! أَلَا نَغْزُو وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ ؟ فَقَالَ: (( لَكِنَّ أَحْسَنَ الْجِهَادِ وَأَجْمَلَهُ الْحَجُّ حَجٌّ مَبْرُورٌ )).
        4- جعل شهادتها على النّصف من شهادة الرّجل: قال تعالى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة:من الآية282]، والحديث معروف في تقرير ذلك، وذلك لأنّ المرأة ملازمة للبيت، ويقلّ خروجها، فتكون قليلة الاستيعاب للمعاملات التجارية، ممّا قد يوقعها في الخطأ، والحقوق لا تقبل ذلك.
        ولهذا المعنى، ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ شهادة المرأة لا تُقبل في الجنايات، لأنّ قلّة خروجها، يمنعها من حضور الجنايات، ولو حضرتها فإنّها يطير جأشها، بل إنّها إن لم تقدر على الفرار فإنّها تغمّض عينيها وتصرخ وغير ذلك ممّا يمنع من قبول شهادتها، وصدق القائل:

        كتب القتل والقتال علينا *** وعلى الغانيات جرّ الذّيول
        ومن المسلّم أنّ الحدود تدرأ بالشّبهات، وهذا هو المعنى الملاحظ، لا إهانتها، بدليل أنّ الشّرع أمر بقبول شهادتها وحدها فيما هو من اختصاصها كالولادة، والثّيوبة والبكارة، وفي العيوب الجسديّة لدى المرأة، وفي الرّضاع، فقد روى البخاري عن عقبَةَ بنِ الحارثِ أنّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، قال: فَجَاءَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا ! فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَأَعْرَضَ عَنِّي، قال: فَتَنَحَّيْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قال: (( وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا ؟!)) فَنَهَاهُ عَنْهَا.
        5- ومنها أنّ ميراثها على النّصف من ميراث الرّجل غالبا: أقول غالبا لأنّ هناك حالتين يمكن أن يستوي فيها الذّكر والأنثى:
        أ) الإخوة لأمّ. ب) وفي حالة ما إذا ترك الميّت أبا وأمّا وفرعا، فلكلّ واحد منهما السّدس.

        6- أنّ هبتها على النّصف من هبة الذّكر: وإنّ العدل المأمور به بين الأولاد هو الجاري على أصول الشّريعة.
        7- جعل الطّلاق بيد الرّجل: وهو ما يدلّ عليه قوله تعالى:{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة:من الآية237]؛ وذلك لأنّه هو الذي يطلب الزّواج عادة، ويبذل المهر، ويُعِدّ سكن الزّوجيّة، وهو من يملك شؤون الأهل وتنظيم البيت، وهو المنفق أثناء العدّة، والمنفق على الأولاد مرحلة الحضانة، والمنفق على المرضع، ولا يمكن أن يُترك هذا بيد المرأة لأنّه يضرّه.
        كذلك أنّ من شأن الزّوج التريّث والنّظر في عواقب الأمور، بخلاف المرأة التي تنساق وراء انفعالاتها.

        8- ومنها أنّ دية المرأة على النّصف من دية الرّجل في القتل الخطأ: أمّا القتل العمد فالقصاص واحد والنّفوس متساوية.
        ولا ريب أنّ البيت الذي يفقد الذّكر ليس كالبيت الذي يفقد الأنثى، فالزّوجة التي تفقد زوجها، ليست كالزّوج الذي يفقد زوجته، والأولاد الذين يفقدون أباهم ليسوا كمن فقدوا أمّهاتهم، ففقدان الأنثى فيه خسارة معنويّة، وفقدان الذّكر فيه خسارة مادّية ومعنويّة.

        9- ومنها إباحة تعدّد الزّوجات للرّجل دون تعدّد الأزواج للمرأة، والحكمة ظاهرة من ذلك جدّا.
        10- ومنها إباحة الاستمتاع للرّجل بملك اليمين.
        11- تحريم السّفر على المرأة دون محرم: فقد روى البخاري ومسلم عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنه قال: قال النّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ )) فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ ؟ فقال: (( اخْرُجْ مَعَهَا )).
        12- تحريم صوم المرأة وبعلها شاهد إلاّ بإذنه، والحديث في الصّحيحين.
        13- ومن الفوارق في الصّلاة: ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِوَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ )). أي في الصّلاة.
        14- وفي الحجّ:ما رواه أبو داود عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ، إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ )). أي في التحلّل من الإحرام.
        15- وجوب الطّاعة للزّوج: فقد روى التّرمذي وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا )).
        16- وفي صفوف الصّلاة: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِآخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا )).
        17- ومن ذلك: ما رواه الإمام أحمد عن أمّ سلمة أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ بُيُوتُهُنَّ )).
        18- ومنها: ما رواه أبو داود وغيره عن طارقِ بنِ شهابٍ عن النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍإِلَّاأَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوْ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ )).
        19- ومنها: ما رواه التّرمذي وابن ماجه عن عائشةَ أنّ رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّمأَمَرَهُمْ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِشَاةٌ.
        وغير ذلك من الأمور التي من أجلها جعل الله القِوامة للرّجل على المرأة، كما قال:{
        الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْعَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: من الآية34].
        لذلك يقول
        عزّ وجلّ:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوااللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: من الآية32].
        فمجرّد التمنّي نهى الله
        تعالى عنه، فكيف بالمطالبة به كما تدّعيه بعض المبادئ الهدّامة المعاصرة، فالإسلام قائم على المواساة لا المساواة.
        والله الموفّق لا ربّ سواه، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
        التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 21-03-2011, 03:32 AM. سبب آخر: حجم الخط

        تعليق


        • #5
          رد: الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصد هده الغارة

          جزاكم الله خيرا كثيرا
          كفيتم ووفيتم ..اسأل الله ان يجعله في ميزان حسناتكم
          " حَسبُنا الله سَيُؤتِينا الله مِن فضْلِه إنّا إلَى الله رَآغِبُونَ"
          يقول عن هذه الآية الشيخ / صآلح المغآمسي ..إنها دُعــآء المُعجِزات، ويقول: والله متى ما دعوت الله بصدق وكنت في مأزق إلا وجاء الفرج من حيث لا أعلم،، وقال ابن باز رحمه الله: مادعوت بهذا الدعاء بعد التشهد الأخير. في أمر عسير إلا تيسّر

          تعليق


          • #6
            رد: الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصد هده الغارة

            بارك الله فيكم ونفع بكم
            وارجوا ان نتعلم جميعا الفرق بين نور الاسلام وضلالة الاوثان

            اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

            تعليق


            • #7
              الغارة على المرأة المسلمة 4-الحجاب -عبد الحليم

              الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]
              فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

              وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم:
              مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارقبين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!
              وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة
              الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.
              ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

              فما معنى الحجاب
              ؟ وما أنواع الحجاب ؟
              ألا فاعلموا أنّ الحجاب عند العرب هو السّتر، والتّغطية والمنع، قال
              تعالى:{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً} [الإسراء:45]، فهو ساتر لك، ومانع من أن تصل أيدي الكافرين إليك، ومنه سمّت العرب حارس الملك: حاجبا، لأنّه يمنع النّاس من الدّخول إلى الملك إلاّ بإذنه. أمّا الحجاب في الشّريعة الإسلاميّة، فإنّه أنواع ثلاثة:
              الحجاب
              بمعنى القرار في البيوت.
              وا
              لحجاب بمعنى التستّر أمام المحارم.
              و
              الحجاب بمعنى التستّر أمام الأجانب.
              أمّا النّوع الأوّل: وهو القرار في البيوت. ولا بدّ لنساء المسلمين أن يعلمن أنّ قرارهنّ في البيت عزيمة شرعيّة، وخروجها منه رخصة لا بدّ أن تُقدّر بقدرها، فهو بمثابة الوضوء للصّلاة، والقيام فيها، لا تنتقل إلى التيمّم وإلى الجلوس في الصّلاة إلاّ من عذر عذرها الله فيه، كذلك لا تخرج المرأة إلاّ لضرورة أو حاجة.
              قال الله
              تعالى:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: منالآية33].
              ولا بدّ أن نتأمّل هذه الآية، ونوليها كثيرا من العناية:

              -
              فلم يقل الله عزّ وجلّ ( وامكُثن في بيوتكنّ ) أو( ابقين ) أو (اجلسن )، وإنّما أتى بلفظ القرار الّذي يشبه عدم التحرّك، كلّ ذلك مبالغة في الأمر بملازمة البيوت.
              -
              وإنّ هذا الخطاب موجّه لأمّهات المؤمنين ابتداء، والمقصود به نساء المؤمنين جميعهنّ، من باب قول العرب:" إيّاك أعني واسمعي يا جارة "، ومن باب قول الله تعالى:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: من الآية65]، فالخطاب للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والمقصود غيره.
              -
              أمّهات المؤمنين، اسم سمّى الله به أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: من الآية6]، وحرّمهنّ على المؤمنين على التّأبيد، فلا يحلّ لأحدٍ أن يتزوّج واحدة منهنّ قال تعالى:{وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُمِنْبَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً} [الأحزاب: من الآية53]. فهنّ أطهر النّساء قلوبا، وأصفاهنّ أفئدة، وأرجحنّ عقولا، وأخشاهنّ لله، وأكثرهنّ طاعةً لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويقول الله لهنّ:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}!
              وفي هذا الحكم عدّة فوئد ومصالح تناسب فطرتها أوّلا، وتناسب شرعها ثانيا:

              1
              - منها أنّ ذلك من تمام العدل بين الجنسين، فعمل الرّجل خارج البيت، وعملها داخل البيت، فناسب الشّرع الفطرة.
              2
              - منها أنّ المرأة لها مجتمعها الخاصّ بها البعيد عمّا يُذهبُ أنوثتها وكرامتها وعفّتها، وللرّجل مجتمعه الخاصّ به.
              3
              - أنّ حال الرّجل قائم على الظّهور، فلذلك أوجب الله عليه الشّعائر الظّاهرة، كحضور الجمع والجماعات، والخروج إلى الجهاد، والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وغير ذلك، ولو ترك ذلك لكان من المُذنِبين. بخلاف حال المرأة الّتي لم يوجِب الله تعالى عليها شيئا من ذلك.
              4
              - أنّ المرأة لا يحلّ لها أن تترك مكان عملها، كما أنّ الرّجل لا يحلّ له أن يترك مكان عمله، فعي في بيتها أمّ، أو زوجة أو أخت، ترعى حقوق وليّها، فتربّي له أولاده، وتهيّئ له طعامه وشرابه وملبسه، فها يجوز لأيّ مخلوق أن يترك مكان عمله ؟! لذلك روى ابن السنّي رحمه الله في "عمل اليوم واللّيلة" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( كُلُّ نَفْسٍ مِنْ بَنِي آدَمَسَيِّدٌ، فَالرَّجُلُ سَيِّدٌ، وَالمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا )) [صحيح الجامع]. والسيّد لا بدّ أن يُسأل في الدّنيا والآخرة (( وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَاوَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا )).
              لأجل هذا كلّه، ولمّا كانت المرأة سيّدةً في بيتها، أعطى المولى
              تبارك وتعالى المرأة أمورا لم تحظَ به امرأة في العالم:
              الاحترام والتّقدير
              ، والعطف والحنان، ففي بيتها حقوق لا بدّ أن تُصان، لأنّ به أميرةً لا ينبغي أن تُهان..
              أمّا
              الاحترام: فيظهر لنا في وجوب الاستئذان، والاستئذان هو طلب الإذن، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور:27].
              خاطبهم بوصف الإيمان ابتغاء الامتثال، فهو
              سبحانه يشرّع لهم ما يُسعدهم في الدّنيا والآخرة، ويحقّق لهم الحياة الطيّبة.
              وهذا الحكم لا يخصّ الأجانب فحسب، بل ينطبق أيضا على المحارم، وفي ذلك آثار عدّة:

              ما رواه ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: (
              عليكم أن تستأذنوا على أمّهاتكم وأخواتكم ).
              وفي "الأدب المفرد" أيضا أنّ رجلا سأل عبد اله بن مسعود
              رضي الله عنه:" أأستأذن على أمّي ؟ " فقال:" ما على جميع أحيانها تريدأن تراها ".
              و روى ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لابن عبّاس
              رضي الله عنه: أستأذن على أخواتي أيتام في حجري معي في بيت واحد ؟ قال: نعم ! فرددت عليه ليرخّص لي فأبى، فقال: أتحبّ أن تراها عُريانة ؟ قلت: لا ! قال: فاستأذِنْ. قال: فراجعته أيضا، فقال: أتحبّ أن تطيع الله ؟ قال: قلت: نعم ! قال: فاستأذِن.
              وروى البخاري في "الأدب المفرد" عن نافع قال: كان ابن عمر
              رضي الله عنه لا يسمح لأحد أن يدخل عليه إلاّ باستئذان.
              وعن حذيفة قال:
              إن لم يستأذن على محارمه رأى ما يكره.
              وعن موسى بن طلحة بن عبيد الله قال: " دخل أبي على أمّي فتبعته، فضرب في صدري، وقال:
              أتدخل بغير استئذان ؟! ".
              قال ابن جريج وأخبرني ابن طاووس عن أبيه قال:"
              ما من امرأة أكرهَ إليّ أن أرى عورتها من ذات محرم" قال: "وكان يشدّد في ذلك.
              وعن ابن مسعود
              رضي الله عنه يقول:" عليكم الإذن على أمّهاتكم ".
              أورد هذه الآثار ابن حجر في "الفتح" وقال: أسانيدها صحيحة.

              وهي تفيد الوجوب، قال الشّنقيطي في "أضواء البيان": "
              الأمر الذي لا ينبغي العدول عنه الاستئذان على المحارم ".
              أمّا زوجته، فالأولى أن يُعلِمها بدخوله ولا يفاجئها به لاحتمال أن تكون على هيئة لا تحب أن يراها عليها.

              لذلك روى الطّبري عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود
              رضي الله عنها قالت: كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى البابتنحنح وبزق كراهة أن يهجم منا على أمر يكرهه. قال ابن كثير: إسناده صحيح.
              وقال ابن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال:"
              كان عبد الله إذا دخل الدار استأنس تكلّم ورفع صوته".
              لذلك قال الحافظ ابن حجر: قال الحافظ: فإذا طرأ ما يُوجب الاستئذان وجب، قال العلماء: كما لو كان في البيت محارمه.

              وربّما أيضا كان في البيت من يجب عليها التستّر منه.

              ويجب على الرّجل أن يُعلمها بقدومه إذا كان عائدا من سفر، روى البخاري ومسلم عَنْ جَابِرٍ
              رضي الله عنه قَالَ: (( نَهَى النَّبِيُّصلّىالله عليه وسلّمأَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا )).
              كلّ هذا حفاظا على حرمة المسلمات، فهنّ في بيوتهنّ سيّدات.

              أمّا من خالف هذا الهديَ
              ، ولم يُراعِ حرمة المرأة في بيتها، فقد ارتكب ذنبا عظيما، وفقأت عينه لما كان عليها شيء، فالعين الّتي أوجب للواحدة منهما نصف الدّية، تسقط ديتها لأنّها هانت بمعصيتها، روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ مِنْ جُحْرٍ فِي دَارِ النَبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم وَالنَبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم يَحُكُّ رَأْسَهُ بِالمِدْرَى فَقاَلَ: (( لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْظُرُلَطَعَنْتُ بِهَا فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الاِسْتِئْذَانُ مِنْ قِبَلِ الأَبْصَارِ )).
              وفي سنن التّرمذي عن أبي ذرّ
              رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( مَنْ كَشَفَ سِتْرًا فَأَدْخَلَ بَصَرَهُ فِي البَيْتِ قَبْلَ أَنْيُؤْذَنَ لَهُ فَرَأَى عَوْرَةَ أَهْلِهِ، فَقَدْ أَتَى حَدًّا لاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، وَلَوْ أَنَّهُ حِينَ أَدْخَلَ بَصَرَهُ اسْتَقْبَلَهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ مَا عُيِّرْتُ عَلَيْهِ )).
              فاعجبوا لهذه الأحكام الطيّبة في شرعنا، ثمّ ازدادوا عجبا ممّن صارت هي من تُبدي شعرها وجسمها للنّاس في الشّرفات، والطّرقات، والله المستعان ! وما أردت أن أبيّنه من خلال هذا الحكم أنّ
              بقاء المرأة في بيتها دليل على مكانتها.
              أمّا
              العطف والحنان: فإنّه من تمام كرامتها وسيادتها معاملتها بالمعروف، قال تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْتَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: من الآية19]، وقال: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: منالآية229]، ولم يجعل حلاّ ثالثا، كمن كرهها فأمسكها ضرارا: {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [البقرة: من الآية231].
              وأراد النبيّ
              صلّى الله عليه وسلّم أن تعيش بهذا المفهوم، فلم ير ما يشبّه به المرأة إلاّ أن يشبّهها بالأسير العاني الّذي يجب الإحسان إليه، فقد قال صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ! فَإِنَّمَا هُنَّعَوَانٌ عِنْدَكُمْ )).
              أمّا الثّواب العظيم والأجر الجزيل في قرار المرأة في بيتها: فلا تسأل عن كثرة النّصوص في ذلك، وإنّما نقتصر على بعضها..

              - روى أبو داود والتّرمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
              رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْصَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا )).
              بل كلّما كانت أقرب من بيتها كان أفضل لها، روى الإمام أحمد وابن خزيمة عَنْ أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ
              صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَكَ ؟ قَالَ: (( قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي، وَصَلَاتُكِ فِيبَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِفِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي )) فَأَمَرَتْ فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى شَيْءٍ مِنْ بَيْتِهَا وَأَظْلَمِهِ فَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.
              وكيف لا وهي تعلم أنّ أجر الصّلاة في مسجد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعدل ألف صلاة،
              فتكون صلاتها في بيتها خير من ألفصلاة.
              - وفي مسند الإمام أحمد عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
              صلّى الله عليه وسلّم أَنَّهُ قَالَ: (( خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتِهِنَّ )).
              - وروى أبو داود عَنْ ابْنِ عُمَرَ
              رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّخَيْرٌ لَهُنَّ )).
              وتأمّلوا كلّ هذه الأحاديث جاءت في المقارنة بين المسجد وبيتها، وكأنّ
              الخروج إلى العمل، والسّوق، وأماكن الاختلاط بحجّة الدّراسة لا تطرح على طاولة البحث أساسا.
              إليك أيّتها الأخت ما رواه الطّبراني عن ابنِ عُمَرَ
              رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( لاَ تَكُونُ المَرْأَةُ أَقْرَبَ إِلَى اللهِمِنْهَا فِي قَعْرِ بَيْتِهَا )). و(( مَا عَبَدَتْ امْرَأَةٌ رَبَّهَا مِثْلَ أَنْ تَعْبُدَهُ فِي بَيْتِهَا )).
              فالله الله أيّها المسلم في بناتك، ونسائك، وأخواتك، عليك أن تُعلّمهنّ مثل هذه النّصوص، فإنّها حارسة القلاع، وحامية البقاع، ولا تجعل بينك وبينهنّ سماءً ولا أرضا، وقل كما قال الصّالحون:{
              وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طـه: من84].
              الخطبة الثّانية:
              الحمد لله ربّ العالمين، والعاقبة للمتّقين، ولا عدوان إلاّ على الظّالمين، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وليّ الصّالحين، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه وخليله، إمام الأنبياء وسيّد المتّقين، أمّا بعد:

              فكما ذكرنا من قبل، أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: حجاب بمعنى القرار في البيت، وهذا ما فصّلنا في القول، وهناك
              حجاب داخل البيت، وهو ما تلتزمه المرأة مع محارمها.
              والمحارم
              : جمع محرم وهو كلّ من يحرم على الزّوجة التزوّج به حرمة مؤبّدة، فليس الحمو - وهم أقارب الرّجل كأخيه وعمّه وخاله- من المحارم لأنّ حرمتهم ليست مؤبّدة.
              وليس زوج الأخت من المحارم لأنّ حرمته ليست مؤبّدة، إذ لو مات الزّوج لجاز لهؤلاء الزّواج منها، إنّما المحارم هم من ذكر الله
              تعالى في كتابه قائلا:{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنّ} [النّور: من الآية31]..نصّ محكم من الله تبارك وتعالى، فهل أنتم منتهون ؟! :{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍإِذَا قَضَىاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} [الأحزاب:36].
              (
              ولا يُبدين زينتهنّ)، وهي مواضع الزّينة وهي الأطراف، والشّعر والعنق، فيحرم على المرأة أن تظهر أمام غير المحارم كاشفة الأطراف والشّعر والعنق، وللأسف أنّك ترى كثيرا من أمّهاتنا وآبائنا يعترضون على هذه الآية وهذا الحكم بقولهم: ( واش فيها ) ( خوها )..!!..( دعوكم من النّقص ) !!..
              فاحذري أيّتها الأمّ ! واحذري أيّتها الأخت ! فإنّ النبيّ
              صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَايُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ )) رواه البخاري وفي سنن ابن ماجه: (( تَهْوِي بِهِ فِي جَهَنَّمَ سَبْعِينَ خَرِيفًا )).
              وهنا يتفطّر القلب، ويلتهب الكبد عندما نرى بنات المسلمين يظهرن كاشفات أكثر وأكثر من كلّ ذلك أمام من
              ؟ أمام المحارم ؟ أمام من يزعمون أنّهم من المحارم ؟ لا .. إنّهم يكشفن عن ذلك أمام ذئاب البشر، الّذين لا همّ لهم إلاّ قضاء الوطر والنّزوات، وتلبية الرّغبات والشّهوات..
              النّوع الثّالث من الحجاب: إذا تقرّر لدينا أنّ مبنى المرأة على السّتر والقرار في البيت، وأنّ قرارها في بيتها عزيمة، وأنّ خروجها رخصة للضّرورة والحاجة، فلا بدّ أن تقدّر هذه الضّرورة والحاجة بقدرها، فعندئذ لا بدّ للمرأة المسلمة أن تحرص على معرفة الشّروط المبيحة لخروجها، وهي:
              1
              - أن تتحقّق من الحاجة والضّرورة، فهناك أمور لا بدّ أن تخرج لها المرأة، كالحرص على تعلّم دينها، وكصلة رحمها، وزيارة أقاربها، وكشراء ما لا يمكن غيرها شراؤه، لكن لا بدّ من أن تحرص أوّلا على عدم الخروج إذا كان هناك من يستطيع القيام بذلك. فكم من امرأة تدّعي الضّرورة وهي ليست كذلك.
              2
              - أن لا تخرج مبترّجةً، فيجب عليها ستر جميع بدنها، واختلف العلماء في ستر الوجه واليدين، وهذا الخلاف كان في زمن الفضيلة ومن أباح لها كشفَ وجهها قيّده بأمن الفتنة، وليس المقصود من الفتنة هنا الجمال، وإنّما المقصود الاعتداء عليها، كما هو حال كثير من ذئاب البشر، الّذين صارت أيديهم تصل إلى المتحجّبات.
              وهناك من تتساهل من النّساء فلا تستر رجليها، فلتعلم أنّه يجب عليها سترهما، حتّى إنّ القائلين بجواز كشف الوجه واليدين حرّموا أن تُبدِي شيئا من رجليها، روى التّرمذي وغيره عَنْ ابْنِ عُمَرَ
              رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ ؟ قَالَ: (( يُرْخِينَ شِبْرًا )) فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ ؟ قَالَ: (( فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ )).
              فلم يقل لها: لا بأس بأن تنكشف الأقدام، وإنّما قال:
              يرخينه ذراعا.
              وإذا كان سترهما في الصّلاة وهي واقفة أمام ربّها واجبا، فكيف بخارج الصّلاة أمام الأجانب ؟

              روى أبو داود عن أُمِّ سَلَمَةَ سُئِلَتْ:
              مَاذَا تُصَلِّي فِيهِ الْمَرْأَةُ مِنْ الثِّيَابِ ؟ فَقَالَتْ: تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ، وَالدِّرْعِ السَّابِغِ الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَقَدَمَيْهَا.
              ولتحذر المرأة من الوعيد الشّديد الّذي ثبت في حقّ المتبرّجة، فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
              رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:
              ((
              صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌرُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا )).
              ولا بدّ أن نبين هذا، لأنّ كثيرا من النّساء يحسبن أنفسهنّ متحجّبات وهنّ لسن كذلك، وخاصّة مع غزو الفضائيّات لبيوتنا، فتركن النّصوص الكثيرة الصّريحة في بيان شروط الحجاب، وتعلّقن
              ببلاوى على الهوى، وسمّوها فتاوى على الهواء ! ويتعلّقن بقوم يحسنون الكلام، ويتفنّون كأنّهم من أبطال الأفلام، يقتلون الحياء باسم صنّاع الحياة، حتّى إنّ مركز الإعلام بفرنسا أثنى عليهم فقالوا: ينبغي أن يكون كلّ داعية إسلاميّ مثلهم:{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: من الآية120].
              ولكنّنا نقول ما قاله ربّنا:{
              قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}.
              فمثل هؤلاء النّساء كمثل المسيء صلاته الذي قال له رسول الله
              صلّى الله عليه وسلّم ( ارجع فصل فإنكلم تصل )،فنقول لهؤلاء النسوة:" ارجعن فاسترن أنفسكن فإنكن غير مستورات ".
              قال العلماء:
              تكون المرأة كاسية عارية بأحد ثلاثة أمور:
              - بأن
              يكون لباسها قصيرا لا يستر جميع البدن، فهذه كاسية عارية.
              - بأن
              يكون شفّافا غير سميك، ولو كان طويلا، فهذه كاسية عارية.
              - بأن
              يكون الحجاب ضيّقا غير فضفاض فيجسّد جسدها ويبين تقاسيم بدنها، فهذه كاسية عارية.
              فلا تحدّث عن هؤلاء اللاّء يُبْدِين معظم البدن ! فإنهن عاريات عاريات..

              لا يدخلن الجنّة
              !..
              الجنة..؟ أمّ الأمنيات .. وأعظم المرجُوّات .. الجنّة الّتي عرضها كعرض الأرض والسّموات.. الجنة التي إذا تذكرتها المسلمة هان عليها كل شيء في سبيلها..

              واستمعوا إلى هذا الحديث الذي رواه البخاري عن عطاء قال: قال لي ابن عباس
              رضي الله عنه: ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت:بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت: إنّي أُصرع وإني أتكشّف، فادع الله لي ! فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إن شئت صبرت ولك الجنّة، وإن شئت دعوت الله لك أن يعافيك ))، قالت:أصبر، ولكن ادع الله لي ألاّأتكشّف - وفي رواية قالت: إني أخاف هذا الخبيث أن يجرّدني - فدعا لها.
              أرأيتم حرص المرأة المسلمة على الجنّة .. يهون عليها صرع العفاريت ولا ترضى أن يبدو شيء من بدنها رضي الله عنها وأرضاها.

              وما أعظم ما رواه الإمام أحمد عن أمّ المؤمنين عائشة
              رضي الله عنها: كانت تستحي وتقول:" كنت أدخل بيتي الذي دفن فيه رسولاللهصلّى الله عليه وسلّموأبي، فأضع ثيابي، وأقول: إنّما هو زوجي وأبي، فلمّا دفن معهما عمر بن الخطابرضي الله عنهفوالله مادخلت إلاّ وأنا مشدودة عليّ ثيابي حياء من عمر..!
              أين عمر ؟!.. تحت الأرض .. تحت الأرض وتستحي منه عائشة !

              هذا وإنّ الحديث لا يزال طويلا، نبيّن من خلاله شروط خروج المرأة من بيتها، نسأل الله
              تبارك وتعالى أن يقينا شرور أنفسنا، وسيّئات أعمالنا، وأن يأخذ بأيدينا إليه، وأن يُحسن إقبالنا عليه، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.
              التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 02-04-2011, 08:12 PM. سبب آخر: حجم الخط

              تعليق


              • #8
                رد: الغارة على المرأة المسلمة 4-الحجاب -عبد الحليم

                بارك الله فيكم ونفع بكم

                اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

                تعليق


                • #9
                  رد: الغارة على المرأة المسلمة 4-الحجاب -عبد الحليم

                  جزاكم الله خيرا كثيرا
                  كلمات بسيطة ورائعة اللهم بارك ..
                  " حَسبُنا الله سَيُؤتِينا الله مِن فضْلِه إنّا إلَى الله رَآغِبُونَ"
                  يقول عن هذه الآية الشيخ / صآلح المغآمسي ..إنها دُعــآء المُعجِزات، ويقول: والله متى ما دعوت الله بصدق وكنت في مأزق إلا وجاء الفرج من حيث لا أعلم،، وقال ابن باز رحمه الله: مادعوت بهذا الدعاء بعد التشهد الأخير. في أمر عسير إلا تيسّر

                  تعليق


                  • #10
                    رد: الغارة على المرأة المسلمة 4-الحجاب -عبد الحليم

                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    جزاكم الله خيرا , وبارك الله فيكم
                    عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

                    تعليق


                    • #11
                      جزاكم الله خيرًا

                      "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
                      وتولني فيمن توليت"

                      "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

                      تعليق


                      • #12
                        جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
                        [CENTER][B][URL="https://forums.way2allah.com/forum/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85/%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8/4455003-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A"][COLOR=#FF0000][SIZE=36px][FONT=times new roman]مشروع تحفيظ القرآن الكريم للشباب بشبكة الطريق إلى الله[/FONT][/SIZE][/COLOR][/URL][/B][/CENTER]
                        [CENTER][B][URL="https://forums.way2allah.com/forum/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85/%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8/4455003-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A"][COLOR=#0000CD][SIZE=36px][FONT=times new roman](القرآن حياتي)[/FONT][/SIZE][/COLOR][/URL][/B][/CENTER]

                        تعليق

                        يعمل...
                        X