إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي

    التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي
    السؤال :
    سمعت أنه لا يجوز تفسير القرآن ، اعتمادا علي رأي الإنسان الشخصي ، فهل من الممكن أن تشرح لي المقصود بهذا ؟
    الجواب :
    الحمد لله
    المفسر عند تفسيره لآية من القرآن يسلك أحد مسلكين :
    المسلك الأول : ينظر هل في القرآن ، أو في السنة النبوية ، أو في آثار السلف الصالح ما يفسر هذه الآية ؟ فإذا وجد في هذه المصادر تفسيرا لها ، اتبعه واكتفى به ، وهذا ما يسمى بـ " التفسير بالمأثور " وهو أنواع :
    1 - تفسير القرآن بالقرآن ؛ فالقرآن يفسر بعضه بعضا .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " مقدمة في أصول التفسير " (ص/93) :
    " فإن قال قائل : فما أحسن طرق التفسير ؟ فالجواب : إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن ، فما أجمل في مكان ، فإنه قد فسر في موضع آخر ، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر " انتهى .
    ومن أمثلة ذلك :
    ما رواه البخاري (4263) عن علقمة رحمه الله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " لَمَّا نَزَلَتْ : ( وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ) قَالَ أَصْحَابُهُ – ( يعني : أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ) وَأَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ ؟ فَنَزَلَتْ : ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) ".
    لكن تفسير القرآن بالقرآن أحيانا يكون صريحا واضحا كما في المثال السابق ، فيكون حجة يجب اتباعه وعدم مخالفته ، وأحيانا يكون من اجتهاد المفسّر ، وفقهه ، وجمعه بين الأشباه والنظائر ؛ ولا شك أن هذا أقل درجة من الأول ، فالمجتهد قد يخطئ ، وقد يصيب .
    2- تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن ، فقد جاء صلى الله عليه وسلم مبلغا ومبينا لما في القرآن الكريم قال الله تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل/ 44 .
    ومثال ذلك :
    ما رواه البخاري ( 4510 ) في تفسير قوله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) البقرة/187 .
    فعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ، أَهُمَا الْخَيْطَانِ ؟ قَالَ : ( إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا إِنْ أَبْصَرْتَ الْخَيْطَيْنِ ، ثُمَّ قَال : لاَ ، بَلْ هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ ) .
    ومتى بلغنا التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لآية أو لفظة من القرآن : وجب علينا الالتزام به ، والوقوف عنده .
    وقد يُفهم التفسير من سنته صلى الله عليه وسلم ؛ من خلال أفعاله وأقواله وتقريراته .
    فالسنة جاءت مبينة للقرآن ؛ فالله تعالى أمرنا بالصلاة والزكاة والحج والحدود ... الخ ، والنبي صلى الله عليه وسلم من خلال سنته - من أفعال وأقوال - فصلّ لنا ما المقصود بهذه الألفاظ .
    لكن إذا لم يجد المفسّر في السنة تفسيرا لآية ما ، نظر في أقوال الصحابة .
    3- التفسير المأثور عن الصحابة رضوان الله عليهم :
    وتفسيرهم مقدم على تفسير غيرهم ؛ لأن تفسيرهم إمّا أن يكونوا قد أخذوه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه قال : " كان الرجل منَّا إذا تعلَّم عَشْر آياتٍ لم يجاوزهُنّ حتى يعرف معانيهُنَّ ، والعملَ بهنَّ " رواه الطبري في تفسيره (1/80) وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى .
    وقد يكون تفسيرهم اجتهادا ورأيا ؛ فاجتهادهم مقدم على اجتهاد من بعدهم ؛ لأنهم صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم ، واطلعوا على أحوال نزول آيات القرآن ، كسبب النزول ومكانه ، وعاصروا الواقع الذي نزل فيه القرآن ، وعرفوا أحوال أهله ، ولأنهم أفهم من غيرهم للغة التي نزل بها القرآن ، وأعمق علما ، وأقل تكلفا ، وأبعد من غيرهم عن الزيغ والزلل ، في علومهم ، وأعمالهم .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " مقدمة في أصول التفسير " (ص/95) : " وحينئذ ؛ إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ، رجعت في ذلك إلى أقوال الصحابة ، فإنهم أدرى بذلك ؛ لما شاهدوه من القرآن ، والأحوال التي اختُصُّوا بها ، ولما لهم من الفهم التام ، والعلم الصحيح ، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم .. " انتهى .
    وقول الصحابة في التفسير مقدم على قول غيرهم ، إلا إذا اختلفوا فهنا يجتهد المفسر في الترجيح بين أقوالهم .
    4- التفسير بالمأثور عن التابعين :
    إذا لم يجد المفسر في أقوال الصحابة ما يفسر به الآية ، فإنه ينظر في تفسير التابعين ؛ الذين تلقوا علومهم عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فهم في أحوالهم ، وأقوالهم ، وأعمالهم ، وزمانهم - أيضا ، بطبيعة الحال - أقرب إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وهديهم ، وعلومهم .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مقدمة في أصول التفسير " (ص/102) : " إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة ، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين ... " انتهى .
    وقال رحمه الله – أيضاً - " (ص/37) :
    " ومن التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة ، كما قال مجاهد : عرضت المصحف على ابن عباس ، أوقفه عند كل آية منه ، وأسأله عنها ، ولهذا قال الثوري : إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به ، ولهذا يعتمد على تفسيره : الشافعي والبخاري وغيرهما من أهل العلم" انتهى .
    فإذا اتفق علماء التفسير من التابعين على قول في معنى آية ، فلا إشكال في لزوم الأخذ به ، وأما حين يختلفون ، فليس قول أحدهم حجة على قول الآخر ، كما أن قول الواحد منهم ليس حجة مطلقا ، وإنما ينظر فيه وفي حجته ، ويستأنس به ، ويرجع إليه .
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : " ولا ريب أن التابعين يختلفون ؛ فالذين تلقوا عن الصحابة التفسير : هؤلاء لا يساويهم من لم يكن كذلك.
    ومع هذا ، فإنهم إذا لم يسندوه عن الصحابي ، فإن قولهم ليس بحجة على من بعدهم إذا خالفهم ، لأنهم ليسوا بمنزلة الصحابة ، ولكن قولهم أقرب إلى الصواب ، وكلما قرب الناس من عهد النبوة ، كانوا أقرب إلى الصواب ممن بعدهم . وهذا شيء واضح ، لغلبة الأهواء فيما بعد ، ولكثرة الواسطات بينهم وبين عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ، فبُعدهم هذا لا شك أنه يقلل من قيمة أقوالهم ، ومن هنا نعرف أن الرجوع إلى قول من سلف أمر له أهميته " .
    انتهى من " شرح مقدمة التفسير " (ص /140) .
    المسلك الثاني : أن يجتهد المفسّر - الذي له العلم بالتفسير - في استعمال فهمه لتفسير آية من القرآن ، ويكون في اجتهاده ملتزما السبيل الصحيح ومتقيدا بالضوابط والقواعد التفسيرية ؛ وهذا ما يسمى بـ " التفسير بالرأي أو بالاجتهاد " .
    قال الزرقاني رحمه الله تعالى في كتابه " مناهل العرفان في علوم القرآن " (2/43) :
    " فالتفسير بالرأي الجائز يجب أن يلاحظ فيه الاعتماد على ما نقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه مما ينير السبيل للمفسر برأيه ، وأن يكون صاحبه عارفا بقوانين اللغة ، خبيرا بأساليبها ، وأن يكون بصيرا بقانون الشريعة ؛ حتى ينزل كلام الله على المعروف من تشريعه " انتهى .
    وأما الذي لا يجوز من ذلك ؛ فهو التفسير بالرأي المذموم :
    1- كأن يكون القائم بالتفسير ليس من أهله ، ويتكلم في بيان كلام الله بغير علم ؛ وقد قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 ، وقال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ، إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/168- 169 .
    2- أو يتبع هواه ، وينتصر لبدعته ورأيه ، ولو بتحريف الكلم عن مواضعه ، وعدم مراعاة أصول الفهم ، وعادات العرب في لغاتها ، وعادة الشرع في خطابه الخاص ؛ كما يفعله بعض المبتدعة من الرافضة وغيرهم ، حيث يفسرون بعض الآيات بخلاف ما تقتضيه القواعد الشرعية واللغوية .
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
    " وتفسير القرآن بالرأي : تارة يفسره الإنسان بحسب مذهبه ، كما يفعله أهل الأهواء . فيقول المراد بكذا وكذا ، كذا وكذا ، مما ينطبق على مذهبه ، وكذلك هؤلاء المتأخرون الذين فسروا القرآن بما وصلوا إليه من الأمور العلمية ، الفلكية أو الأرضية ، والقرآن لا يدل عليها ، فإنهم يكونون قد فسروا القرآن بآرائهم ، إذا كان القرآن لا يدل عليه ، لا بمقتضى النص ولا بمقتضى اللغة ، فهذا هو رأيهم ، ولا يجوز أن يفسر القرآن بهذا .
    وكذلك أيضاً لو لم يكن عند الإنسان فهم للمعنى اللغوي ، ولا للمعنى الشرعي الذي تفسر به الآية ، فإنه إذا قال قولا بلا علم ، فيكون آثما ، كما لو أن أحداً من العامة فسر آية من القرآن الكريم على حسب فهمه ، من غير مستند - لا لغوي ولا شرعي- ، فإنه يكون حراماً عليه ذلك ؛ لأن مفسر القرآن يشهد على الله بأنه أراد كذا ، وهذا أمر خطير ، لأن الله حرّم علينا أن نقول عليه ما لا نعلم ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الأعراف ( 33 ) ، فأي إنسان يقول على الله ما لا يعلم ، في معنى كلامه أو في شيء من أحكامه ، فقد أخطأ خطأ عظيماً " انتهى " شرح مقدمة التفسير " (ص/142) .
    والله أعلم .
    رحمك الله يا أمي
    ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق!".الشافعي رحمه الله
    وظني بكـَ لايخيبُ

  • #2
    رد: التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي

    جزاك الله خيراً أخي الكريم ونفع الله بك
    وجعل عملك هذا في موازين حسناتك

    تعليق


    • #3
      عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

      تعليق


      • #4
        جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

        "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
        وتولني فيمن توليت"

        "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

        تعليق

        يعمل...
        X