إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة بعنوان : روائع البيان لـ د/ رقية العلواني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رد: سلسلة بعنوان : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

    التحذير من التقليد الأعمى للآباء
    المخالف لما أنزل الله





    ” وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آبائنا والله أمرنا بها” (28)الاعراف
    الآيات هنا لها مناسبة في حقيقة الأمر وذلك بأن الناس كانوا في الجاهلية قد ورثوا عادة سلبية لا تليق بآدمية الإنسان قالوا وجدنا آبائنا كذلك يفعلون، كانوا يطوفون حول الكعبة الحرام عراة دون ملابس رجالا ونساءا ويدعون أن ذلك العمل يتقربون به إلى الله عز وجل بزعم أنهم سيطوفون بالبيت بدون تلك الملابس التي عصوا الله سبحانه وتعالى فيها. ملابسهم التي عصوا الله فيها ينزعونها ليقوموا بالطواف بالبيت الحرام ليغفر لهم !!


    انظروا إلى وهن وتفاهة هذا الإدعاء والزعم منهم. ولكن من جعل هذا القول الواهن والذي لا قيمة له ، هذا الإدعاء السخيف، من الذي أعطاه شرعية في الجاهلية؟ولكن انظروا ماذا قالوا ، قالوا وجدنا آبائنا على هذا الأمر وأن الله قد أمرنا بهذا حتى يعطوا شرعية لما يقومون به تقربا إلى الله، ولكن العقل والمنطق يقول ليست الملابس الظاهرة هي التي يعصي بها الإنسان خالقه، إذا جئت فعلا للتفكر في هذا الأمر، إنما هو ذلك القلب و الجوارح هي التي إغترفت الذنب والمعصية والإثم.

    فهل على سبيل المثال إن سرق السارق، وحتى إذا سرق مالا بسيطا لا يصل إلى حد السرقة هل سيعني ذلك أنه سيقوم بقطع يده لأنها ارتكبت معصية؟ نظرت بعينك إلى صورة محرمة هل ستقتلع عينك لأنها ارتكبت معصية ؟ أهكذا ؟ إن الملابس ليست هي التي تنزع وإنما تلك ا لجوارح القلب والعقل التي عصت أمرا هي التي تعاقب، الملابس مجرد رداء خارجي، ظاهري وهو في نفسه لا يعقل ولكنه يؤدي مهمة فقط، ولكن الجوارح هي التي إنفعلت وأثارت الأرجل التي مشت والأيدي التي بطشت واقترفت واللسان هو الذي كلم، كل هذه الجوارح تقطع لينتهي الأمر وحتى يتخلص الإنسان من المعصية ؟ لا .

    إن ربي سبحانه وتعالى قدم لي العلاج حين أعطاني وقص علي قصة آدم عليه السلام وحواء قال
    ” قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ” 23 الاعراف
    التوبة ، التوبة هي التي تجعل الإنسان يعود كيوم ولدته أمه، التوبة هي التي تطهرك، لباس التقوى هو الذي يسترك بالعمل الصالح ويقربك إلى ربك عز وجل. أنت لست بحاجة إلى نزع ملابس عصيت الله فيها، أنت بحاجة لنزع ذلك الإصرار والبعد عن الله سبحانه وتعالى، يكفيك أن تقترب منه وتقول ربي اغفر لي ، يكفيك أن تعلم يقينا أن لك ربا يغفر الذنوب جميعا. أنت إن تبت إلى الله عز وجل واستغفرته يغفر لك ما كان منك وما بدر عنك دون أن تكون لك حاجة في أن تنزع لباسا ظاهريا، إنما جعل لك ذلك اللباس ليستر ما أراد الله أن يستر لك.

    تعليق


    • رد: سلسلة بعنوان : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

      ما المقصود بالفحشاء؟

      ” يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد” 31 الاعراف
      الزينة هنا ليست فقط معنى أجمل لباس كما يتبادر للذهن ، لا ، إن القرءان يجعل الستر، ستر العورات، والاحتشام زينة، قيمة جمالية عظيمة ، الستر جمال، ولذلك ما يشاع اليوم من أن التعري والملابس الفاضحة وهذه الأزياء هي من التحضر، فهو قطعا غير صحيح بل العكس هذا هو عنوان التخلف والجاهلية.


      فكلما ازداد الإنسان رقيا وتحضرا ازداد تسترا واحتشاما كقيمة حقيقية للإنسان كقيمة تليق به. ولذلك يؤلمني اليوم ما نحن عليه كمسلمين لم نقدم ما هو كاف في رسالة الحشمة والستر ولم نبادر في الحقيقة ولم نستثمر في رحلة الحياة وإعمار الأرض، ولم يكن لنا قصب السبق في ريادة دور الأزياء العالمية، الدور التي تعلم الناس إنسانية الإنسان في حشمته وفي تغطيته لتلك العورات. ولن ننجح في واقع الأمر إلا إذا أدركنا وفهمنا رسالة القرءان الحقيقية، تدبروا معي في قول الله عز وجل
      ” قل إن الله لا يأمر بالفحشاء”28 الاعراف


      وهنا جاء الكلام عن الفحشاء بعد أن كان الكلام عن قضية التعري ونزع اللباسلماذا الفحشاء ؟أنها كلمة جامعة لكل أنواع المنكرات القولية والفعلية كل أنواع الجرائم والاعتداءات ولكل الأفعال القبيحة، وهذه كلها مصدرها واحد هو ذلك الانتكاس الحقيقي عن إنسانية الإنسان. ذلك التعري في هذا المجال، ذلك السلب لآدمية الإنسان الذي هو مصدر ومفتاح لكل أزمة ولكل فاحشة ولذا قال الله سبحانه وتعالى
      ” إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون “(28) الاعراف
      .
      بما أمر ربي ؟
      إن ربي أمر بالقسط، والقسط أن تضع الأشياء في محلها أن تكون فعلا واضحا في قضية الألبسة وغيرها وفي كل شيء، يجب أن يكون كل شيء في موضعه ومكانه.

      إن هذه السورة العظيمة ، سورة الأعراف، جاءت بكل هذه الآيات المحكمات لتأكيد قيمة اللباس المعنوي، قيمة التوحيد والتقوى حينما يتجلى في ما يلبس الإنسان وفيما يأكل وما يشرب وفي كل مسجد، وفي الدعاء
      ” أدعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون” 29 الاعراف
      .
      إن التوحيد ليس كلمة ، وليس شعار فحسب، هو الإخلاص والإيمان الخالص بالله سبحانه وتعالى والذي يجب أن ينعكس على كل أعمال الإنسان على ما يرتديه وعلى ما يقول وعلى كل أفعاله.

      تعليق


      • ما المقصود ب” خُذُوا زِينَتَكُمْ ”

        “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ”31
        في هذه الآيات امر لكافة بني أدم بالتوجه للمساخد و قد يعتبر هذا مستغربا فالصلاه خص بها المؤمنون انما جاءت خطاب عام له دلالات عظيمه لانه فسر العلماء كلمة مسجد هنا ككلمة عامه لا تعني المساجد المتعارف عليها للعباده انما الارض كلها طهورا , فالانسان قد تدركه الصلاه باي مكان فيتخذ الأرض مسجدا و مصلى لذا جاءت الايه عامة لكافة بني أدم و لذا لزاما عليه ان يكون بالمظهر اللائق و يستحضر جسده و قلبه و جوارحه للقاء رب الكون و لاداء شعيرة يعظم بها ربه كما ينبغي و على اجمل ملبس و شكل جميل ظاهريا و داخليا و لباس التقوى خير

        و هنا التناسب بين جميع الايات و ذكر بعدها ان كلوا و اشربوا ولا تسرفوا وهذه الايات اعتبرها العلماء تحوي الكثير من الدواء لبني ادم فهي تدعو الى الوازن و عدم الافراط و التفريط في كل جزئيه بالحياه و قاعده عظيمه ليس للاكل و الشرب فقط بل لكل ما هو مباح فحتى و ان كان مباح الا انه هناك حدود و قيود فلا نتعداها فنسرف ,
        فالانسان كما امر يسعى للتزين و التجمل كما بدات الايه ولكن لا يسرف باللباس فيغدو لباس خيلاء و تفاخر وهذا ما نراه اليوم بمجتمعاتنا فيشترون الملابس الباهظه
        و يبررون ذلك بالايه ” خذوا زينتكم” و هذا تقول على الله ,

        فمن اشكال التقول على الله ان يستشهد بجزء من الايه و يترك الباقي لتبرير اهوائهم و هذا من مداخل الشيطان لتبرير الخطأ لذا جاء ذكر عدم الاسراف بعد امر الزينه و الماكل و المشرب , كما ان الايات تعم جميع مناحي الحياه بكل اشكالها و من ثم نحرم و نحلل كما نشاء و نعيد الامور الى نصابها والا استحققنا عدم محبة الله

        ” انه لا يحب المسرفين”.

        تعليق


        • (النهي عن التعالي وعدم التباهي بحظوظ الدنيا )


          (قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده و الطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خاصة يوم القيامه كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون) 32 الاعراف
          جاءت هذه الايه مباشرة بعد اية النهي عن الاسراف لان القران كل متكامل و منهاج محكم وليدحض المناهج العقيمه في التعامل مع كتاب الله و اتباع الهوى

          و قد يتسائل البعض فما حكم من آتاه الله من الخير الكثير

          و اراد ان يرى اثر نعمة الله عليه
          فهنا جاءت هذه الآيه لتبين انه لا مانع من ابداء النعم و اظهارها و لكن دون مباهاة و اسراف بالمال جزافا فنحن مستخلفين في هذا المال و مؤتمنين عليه و سنسائل عنه لذا يجب ان يحكمنا شرع الله و تعاليمه في التصرف بهذا المال فالله مكننا فيه و هو احق ان يتبع و الايه فيها تذكير صريح ان الله هو من اعطى الطيبات فلا نتفاخر بما نملك من حرير و مجوهرات و غيرها فالملك كله لله لذا له الحق ان يشرع لنا طرق التصرف بهذه الطيبات و التي اسماها طيبات كدليل على انها طيبه لبني أدم ان احسن التصرف بها ضمن منهج الله المعطي و الممكن لهذه الطيبات , فلا نتلفها بالخبيث من الفعل و القول الظاهر منه او الباطن

          فقد يكون الخبث داخليا لا ظاهريا كالتعالي على الناس والاحساس بالعلو بسبب النعم التي ملكها الله لهذا الانسان فلا نطغى و نتجبر بسبب النعم و نتجاهل انسانيتنا و التي هي الاساس في التعامل , فالتفاخر و التعالي بما نملك و نحن اعلم ان من اعطى ياخذ و بطرفة عين فلا يبقى الا الوهن و الحسره و تلك غشاوه لا ينبغي ان تنسينا و تلهينا و لذلك جاءت الايات ان الطيبات تعتبر طيبات هي للذين امنوا فالله قد ينزل نعمة بكل العباد وحسب تصرفهم بها و بمنهاج الله يحددون هل هي طيبات ام خبائث وهذا يتحدد باختيارنا للمنهج فمن اختار رضا الله و تعاليمه تكون طيب من العطاء و من اختار الهوى و الشيطان تصبح وبال و خبث عليه و مسائل عنها فمن يالكل و يشرب الحلال بلا اسراف ليقوى لطاعة الله و هناك من ياكل و يسرف ليقوى على الله

          و لنا ان نسيق على ذلك امور كثيره كمثال الماء الحلال يصبح حراما ان شرب في نهار رمضان وهنا الفعل الخطا هو ما جعل الماء حراما في هذه الحاله فقد يتقاسم شخصان اناء طعام واحد فيثاب عليه احدهما و يعاقب عليه الاخر و ذلك لان المؤمن يسمي بالله و يشكر الله على النعمه و لا يسرف اما من اشرك بالله فلا يرى ان هذه من نعم الله عليه فلا شكر و لا حمد تصبح النعمه نقمة عليه و نفس المثال للملبس و الزينه فيلبسها من امن اتباعا لرضى الله بالجمال و النظافه و عدم الاسراف فيها و التباهي بنعم هي اصلا لله سبحانه بعكس من ينوي بها التفاخر و التعالي على غيره من العباد فالمنهج ما يحدد الطيب و الخبيث , و المؤمن يعلم جيدا ان النعم زواله و ان كانت حلالا فلا شيء يدوم لبني آدم كما ورد في ايات قرانيه ” و لنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الاموال و الانفس و الثمرات و بشر الصابرين” سورة البقره , نبينا محمد صلى اله عليه و سلم كان يصبح و بيته يخلو من الطعام اياما , قد يحرمك الله النعم بسبب مرض يصيبك فلا يمكنك تناول ما تملكه يداك بسبب هذا المرض لذلك ذكرت الايه ان الطيبات لن تكون خالصه بلا منغص في الدنيا و لكنها خالصة للمؤمنين في الآخره .

          تعليق


          • امثله من الاثم الظاهر و الباطن


            ” قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الاثم و البغي بغير الحق و ان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا و ان تقولوا على الله ما لا تعلمون” 33 الاعراف

            وهنا توضيح شامل لمنهاج الله في عباده فالمحرمات الظاهره و الباطنه ليست من منهاج الله و هذا ما ركزت عليه مجمل سورة لأعراف لان الايمان قلب و قالب و سلوك , فهناك فواحش باطنه لا تظهر للعيان فقد نرتدي ملابس لا شبهة فيها و لكن في قرارة انفسنا نتباهى بها و بانفسنا امام عباد الله و حتى الزهد و ان بدى فعلا حسنا بظاهره و لكن من فعله قصد به الرياء و التباهي و لكي يشار اليه بانه الزاهد المتواضع فيكسب رضا الناس على حساب رضا الله و هذه كلها امثله للفواحش الباطنه , و بعكس ذلك من يستحضر قلبه في كل عمل و قول و يتبع ما امر الله وحده , هناك من البشر من يستنكف فعل تناول لحم الخنزير و يستقبح هذا الفعل قولا و عملا و لكنه بالمقابل ياكل مال الناس بالباطل و الغش و التدليس فهو اتبع الظاهر من الاثم وخالف الباطن وهما بنفس درجة التحريم و الشيطان هو من زين له هذا الامر لذا جاءت الايه بان الفواحش تشمل الاثم و البغي بغير الحق فالاعتداء بكل اشكاله حرام ما ظهر منه و ما بطن وهناك تصوير رائع لهذا المعنى في سورة االحجرات ” ايحب احدكم ان ياكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه ” و هذا تصوير معجز للباطن من الاثم و مدى قبحه و بشاعته و نسق على ذلك الكثير من امور حياتنا مشابهه لهذا الفعل نقع بها و هذا من ابواب الشرك لذا جاء في سياق الايه ” وان تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله ما لا تعلمون” فالشرك ظلم عظيم و التقول على الله شكل من اشكال الشرك المنهي عنه تماما .

            و من امثال الاثم الظاهر و الباطن من قال انما البيع مثل الربا مع انهم العكس فالله احل البيع و حرم الربا مهما ترتب من زيادة من مال لاي منهما فالحلال بين و الحرام بين و كذا القرض الحسن و القرض الربوي فالاول مباح و مندوب و الثاني محرم و منهي عنه فلا مجال لخلط الاوراق و التشريع حسب الهوى و هذا نوع من انواع الشرك .


            “ولكل امة اجل فاذا جاء اجلهم لا يستاخرون ساعة و لا يستقدمون” 34

            و هذا محور تدبر سورة الاعراف التي بمجملها تتحدث عن رحلة البشر و تمكينهم في الارض و ان الفتره و المسيره محدوده للفرد او المجتمع او الدول فاغتنم الفرصه قبل ان تنتهي الرحله فاسعى لما يرضي الله و الايه ايضا تبين و ترتبط بما قبلها ان الفواحش و الاثم و البغي من اسباب ضلال الامم و من ثم زوالها , القران كل متكامل ببعضه و هكذا الايات ترتبط ببعضها و تكمل بعضها و تبين المعنى العام بصوره متكامله فلا ناخذ جزء دون الاخر, فالايات تشدد على ان الضلال و الشرك و الفواحش ان ظهرت باي امه الا و اعقبها الكوارث و الزلازل و هي امم كانت هادئه مستقره اقتصاديا و لكن ظهرت و انتشرت بها الفاحشه فانقلبت اوضاعها.

            سورة الاعراف لم تقتصر بشرح مسيرة الافراد انما مسيرة الفرد ضمن المجتمع و الامه لذا جاء في الايه ذكر الامم و مصيرها وان خالفت امر الله صرعت في نهايتها و سورة الاعراف سوف تتطرق لنماذج هذه الامم مثل قوم لوط و ثمود و كيف دمرت هذه الامم رغم قوتها بسبب مخالفتها لامر الله و الطغي و التجبر وسرعت في زوالها .

            تعليق


            • البلد الطيب و البلد الخبيث





              (والبلد الخبيث الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58) الاعراف

              هذا المثال الذي يأتي متناسباً تماماً مع ما سنأتي عليه اليوم في حديثنا عن قصص الأنبياء تلك القصص التي جاءت لتقدم المثال الذي مر به الإنسان في مسيرته على هذه الأرض وهو يصارع الباطل، الإنسان الذي يتبع ما أنزل إليه من ربه الإنسان الذي لا يتخذ من دون الله وليا الإنسان الذي لم يبتغي إلا منهج الحق له طريقاً في هذه الحياة مبيناً في تلك القصص والآيات والعبر والمواعظ النهايات والبدايات وتناسب المقدمات مع النتائج المترتبة عليها ، قصص الأنبياء مع أقوامهم ، ما لاقوه من متاعب ومشاكل في تبليغ رسالة الحق وكل ما سيأتي عليه ذكره في هذا السياق يتناسب تماماً مع قوله عز وجل

              (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ)

              النفس البشرية سواء كانت فرداً أو جماعة مجتمع كالبلد الطيب كالأرض التي تكون مستعدة بعد أن ينزل عليها الغيث كما جاء في الآية التي سبقت هذه الآية كذلك ، تكون مستعدة لأجل أن تنبت كل طيب من ثمرات من فاكهة من كل ما أنعم الله سبحانه وتعالى لماذا؟

              لأنها أرض وتربة خصبة صالحة للزراعة ما إن ينزل عليها الغيث حتى تنبت بتلك النعم التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها على البشر ذلك لأنها أرض طيبة وليست خبثة وعلى عكسها تماماً الأرض الخبيثة السبخة الأرض التي لا تصلح للزراعة، مهما نزل عليها الغيث من السماء لا يغير فيها شيئاً لا يحيي فيها شيئا وربي سبحانه وتعالى في الآية التي سبقت كما ذكرنا قال


              (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)


              في الآية الأولى قال البلد الميت والآية الثانية قال البلد الطيب

              الموت والحياة والطيبة والخبث مواصفات كما أنها تنطبق على ما خلق الله سبحانه وتعالى كذلك تنطبق علينا نحن البشر هناك من الناس من يكون ميتاً بكفره وبعده عن منهج الله سبحانه وتعالى والكفر موت موت حقيقي موت معنوي موت لتلك الصلة الروحية التي تربط بين الإنسان وخالقه وما هي الحياة هل هي الحياة هي تلك الحياة فقط المنبثة في الجسد المكون من مادة الطين أم أن الحياة الحقيقية التي يريد القرآن أن ننتبه إليها هي حياة الروح حياة القلب ولا تكون حياة للروح ولا للقلب بدون الإيمان الكفر يميت الإنسان، الكفر يميت تلك الروح العظيمة التي كُرم وشرّف بها الإنسان ولذلك ربي عز وجل حين جاء بأوصافٍ تنطبق على تلك الأرض الأرض الميتة والبلد الطيب والخبيث والحي والميت مواصفات كذلك فينا نحن البشر، القلب الطيبـ القلب الذي هو بحاجة فعلاً إلى أن يأتي عليه الغيث من السماء غيث الوحي كلمات الوحي آيات الرسالات التي نزلت مع الأنبياء الإيمان بالله سبحانه وتعالى التوحيد فإذا بذلك الغيث غيث التوحيد يحييه من جديد فيخرج من كل عمل صالح طيب قول أو عمل بالفعل لأن الإيمان يجعل للأعمال وللأقوال معنى يجعل لها قبول عند الله سبحانه يجعل من كل كلمة أو فعل يتصرف فيه الإنسان هدف مقصد وهذا المقصد وهذا المعنى هو الذي يجعل لتلك الأعمال قيمة بعكس الإنسان الخبيث أو البلد الخبيث أو الأرض التي كما ذكرنا قبل قليل مهما ينزل عليها من الغيث ومن الماء من السماء لا يحيي فيها شيئاً لأنها ماتت، لأنها ما عادت تستقبل معاني الرحمة الموجودة في ذلك الغيث

              تعليق


              • ما وجه التناسب بين الحديث عن الِبَلَدٍ مَّيِّتٍ و وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ رسالات الأنبياء؟


                (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىلَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)

                (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58) الاعراف

                ما وجه التناسب بين الحديث والتمهيد بهذه الآيات لما سيأتي عليه القرآن في السورة هنا من ذكر رسالات الأنبياء وما لاقوه من معاناة ومن صعوبات مع أقوام تناسب واضح جداً، رسالات التوحيد التي جاء بها الأنبياء كلمة واحدة
                (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) الاعراف 59،

                هذه الكلمة هي كالغيث ترسل ويبلغ بها النبي كل الأنبياء أقوامهم ولكن من هؤلاء القوم من يكون في نفسه شيئاً من الحياة، فتأتي عليه تلك الكلمة فتحيي فيه من جديد معاني التوجه للخالق سبحانه وتعالى، بلد طيب لديه استعداد فطري لتقبل معاني الإيمان فيثمر، يثمر عملاً صالحاً ، يثمر قولاً طيباً، يثمر تصديقاً برسالات الأنبياء، سيراً على ذلك المنهج الذي جاءوا به وبعكسه من البشر كذلك، من لا يمكن أبداً أن يتقبل تلك الرسالة


                رغم أن الرسالة واحدة، الماء واحد، الغيث الذي ينزل من السماء واحد، ولكن الأرض التي تتلقى وتستقبل ذلك الغيث مختلفة، منها ما هو طيب ومنها ما هو خبيث، وكذلك البشر، هم جميعاً قد بلّغوا رسالات الأنبياء، منهم من تقبل تلك الرسالة، استقبلها، استقبلها بالإيمان والتصديق، ومنهم من ران على قلبه، فلفض تلك الرسالة، ورفضها جملة وتفصيلا



                الدعوة الأساسية للرسل هي دعوة التوحيد

                بدأت القصص، قصص الأنبياء، لتعطينا نموذج مثال حي لما يمكن أن يعرض للإنسان في مسيرته على هذه الأرض، وهو يصارع الباطل، وهو يريد أن يحقق الحق، متمثلاً في أولئك الصفوة من الخلق كالأنبياء، الأنبياء وابتدأ الله سبحانه وتعالى في سورة الأعراف بذكر نوح عليه السلام وفي الآيات في كل آية من الآيات وقصة من القصص سنجد عشرات المواقف التي تربط ليس فقط بين أولئك الأنبياء في مسيرتهم مع أقوامهم وبين ما كان يمر به نبينا صلّ الله عليه وآله وسلم مع قومه، وإنما مع الإنسان بشكل عام في كل زمان وفي كل مكان، بناءً على المنهج الذي يختاره أن يسير عليه في حياته، منهج الحق، منهج الخير، منهج رسالة الأنبياء، ولذلك ربي سبحانه وتعالى بدأ قوله
                (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ)الاعراف 59 ،
                والله سبحانه وتعالى في كل هذه القصص التي سيذكر،
                كان يختار من كل الأقوام رسولاً من بينهم

                لماذا الرسول يكون من القوم ، من نفس القوم، من نفس العشيرة، يعرفونه، يعلمون من هو، يعلمون أين نسبه فيهم، يعلمون كل شيء عن حياته السابقة قبل أن يبلغ قبل أن تنزل عليه الرسالة، فلما كانوا يعلمون كل شيء عن حياته، كان ذلك أدعى وأولى بأن يكونوا هم أول من يصدق بتلك الرسالة، النبي كل الأنبياء، ما كان أي نبي من الأنبياء غريباً عن قومه أو عن عشيرته التي أُمر بإيصال الرسالة إليها، هو من بينهم، هو من وسط تلك المجموعة من البشر، ويعرفون عنه كل شيء، وهكذا كان نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، يعرفون عشيرته ويعرفون أهله ويعرفون كل تفاصيل حياته قبل البعثة، فكان الأولى والأجدر، أن يكونوا هم من يبادرون بالتصديق برسالته، ولكن واقع الحياة يختلف عن هذا الجانب


                (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)

                رسالات الأنبياء لم تكن رسالة معقدة ، لم تكن رسالة قائمة على مبادئ أو أفكار فلسفية، مغرقة في التعقيد، أو في التشابك، أو في عدم القدرة على أن تقوم بإيصال المعنى مباشرة بوضوح إلى من يدعوهم، أبداً، كانت رسالة في غاية العمق، ولكنها في نفس الوقت في غاية التبسيط في غاية اليسر والسهولة، تصل وتخاطب ضمائر البشر، على مختلف التفاوت الموجود في عقول البشر وأفهام البشر، نحن نعلم أن الناس يتفاوتون في الفهم في الإدراك، في القدرة على التقبل، على التواصل، على تفهم المعاني، هذه المدارك المختلفة شيء معروف بين البشر، ولكن كل رسالات الأنبياء جاءت لتخاطب الناس عامة، وهذا أمر عظيم يدل على أن تلك الرسالة ما كانت من لدن هؤلاء الأنبياء كأشخاص بل هي من لدن الخبير العليم اللطيف الذي وسع كل شيء علما، العالم سبحانه بطبائع عباده ومستوياتهم ومداركهم، فالرسالة واضحة جاءت برسالة التوحيد، والتوحيد على الرغم من اختلاف ما دعى كل الأنبياء أقوامهم إليه، في التفاصيل


                نجد أن بعض الأنبياء ركزوا على الجوانب والأمراض الاقتصادية المتفشية في أقوامهم، البعض الآخر ركز على الإنحراف الأخلاقي في السلوك، البعض الآخر إنحرافات اجتماعية، على الرغم من كل هذا الاختلاف والتباين في التفاصيل، ولكن الدعوة الأساسية الأولى هي دعوة التوحيد، لم تختلف ، لا بين كل الرسل الذين سبقوا النبي صلّ الله عليه وآله وسلم ولا بين رسالة نبينا الكريم، ولا بين كل ما نحن فيه من حديث التوحيد، وهذا الأمر يستدعي أن نقف عنده وأن ندرك أن رسالة التوحيد رسالة جامعة رسالة تجمع أمهات الفضائل رسالة كفيلة بأن تدفع عن البشرية كل أنواع الشعور والمفاسد المختلفة في الفرد أو المجتمع، لماذا؟
                لأن الكلمة كلمة التوحيد في قوله عز وجل
                ( اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، اعبدوا ما لكم من إله غيره)،

                توجه بالعبادة مبني على إخلاص التوجه الذي هو التوحيد لله سبحانه، هذه دعوة ليست دعوة نظرية، ليست مثل تجريدية، التوحيد في القرآن ليس مثالاً تجريدياً بعيداً عن واقع الناس، صحيح التوحيد كلمة لا إله إلا الله ، ولكن هو منهج حياة، هو منهج عمل، هو تطبيق، حين يتوجه الإنسان بالعبادة لله سبحانه وحده دون سواه، ويخلص من نفسه أدران الشرك والتوجهات المختلفة التي يأخذ عنها ومنها المنهج الذي يسير عليه في حياته دونما شك يثمر ذلك كل أشكال الصالحة، وكل الفساد الذي ظهر في كل الأمم السابقة كما سنأتي عليه، فساد اقتصادي، فساد أخلاقي، إنحرافات جنسية، كل أنواع الفساد، إنما جاءت بطريقة أو بأخرى، من فساد العقيدة والعلاقة بين الله سبحانه وتعالى وبين ذلك العبد، أفسد العلاقة مع الله، أفسدها بالشرك، أفسدها بالكفر، فحين أفسدها بالكفر، أصبح القلب والعقل يتوجه بغير الله سبحانه وتعالى، فاتخذ من دون الله ولياً، يتولى شؤون حياته، يتولى إدارة أموره، وحين أصبح الأولياء، سواء كانت منهج الآباء أو منهج الأجداد أو .. أو.. أو ، تعددت الأشكال، حين يصبح المنهج الذي يحرك الإنسان في رحلته ومسيرته على الأرض، غير منهج الحق الذي أنزل الله مع أنبيائه، لا يمكن لذلك الإنسان أن يهتدي، قطعاً ستصدر منه تلك الانحرافات التي جاء ذكرها في قصص الأنبياء

                تعليق


                • إجعل هدفك سماويا وأخلص النية




                  (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)

                  عقيدة التوحيد كانت جديرة بأن تكون هي الكلمة الأولى والوحيدة في كل القصص مع كل الأنبياء والأقوام الذين أرسلوا إليهم، والذي يُلفت كذلك النظر أن النبي ليس نبياً فظاً، أي نبي هنا نوح عليه السلام ليس نبياً فظاً في تعامله مع من يدعوهم، على الرغم من أنه يدعوهم إلى شيء فيه خير وصلاح، ويدعوهم للنزوع عن أمر فيه كل الشر من كل ما يراه منهم من شرك ومن مخالفات، ومع كل هذا فهو يبادر بإظهار التعاطف الشديد مع إنسانيتهم، ومع فطرتهم،
                  (إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم)
                  الدافع الذي يدفع به لتبليغ الدعوة بعد أمر الله سبحانه، دافع إنساني،
                  (أخاف عليكم عذاب يوم عظيم)

                  هذا النبي وهؤلاء الصفوة من البشر لم تحركم دوافع شخصية ولا دوافع مصالح، ولا دوافع لتحقيق ذات أو سمعة، أو رفع اسمهم عالياً بين الأمم، إطلاقاً، رسالات الأنبياء كل الأنبياء، لم تكن الدوافع وراءها، أن يكون للإنسان ذكراً، كثير من البشر، كثير من الناس الذين يريدون أن يدخلوا إلى التاريخ من أوسع أبوابه، إنما يريدون في دعواهم في دعاويهم فيما يدعون إليه من البشر، يريدون أن يبنوا لهم مجداً، صرح من المجد، أن يذكر التاريخ أسمائهم، ولكن هؤلاء الصفوة من البشر وبما فيهم طبعاً وأولهم نبينا صلّ الله عليه وسلم، ما كانت القضية بالنسبة لهم قضية بناء مجد على حساب الرسالة، أبداً، ولذلك تحيرت قريش في أمر نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، قالوا له بصريح العبارة، أرادوا أن يساوموه عن الدعوة، أرادوا أن يدخلوا معه في مفاوضات، تريد ملكاً ملكناك، تريد مالاً نعطيك حتى تصبح أكثرنا مالاً، تريد سيادة وعزة سودناك، ماذا تريد؟


                  لأنهم حصروا كل الدوافع التي يمكن أن تدفع بالبشر لأجل أن يواجهوا أقوامهم بتلك القوة في هذه الدوافع الشخصية، الإنسان يريد أن يبني له مجداً، ممكن، أو مالاً أو شهرة، أو أو ، أو منصب، أو سلطة، الشعور بالسلطة كذلك من الدوافع، ولكن الذي لم يحسبوا له حساب، أن يكون الدافع الحقيقي هو الإيمان، وتلبية نداء الإيمان، دافع عظيم، وهو في واقع الأمر تهذيب، تهذيب لكل المصلحين والدعاة، لكل أصحاب المشاريع الخيرة البناءة في مجتمعاتنا، حدد الهدف، حدد الهدف والغاية، وعندما تقوم بتحديد هدفك من ذلك المشروع الإصلاحي الكبير، سواء كان اقتصادي أو اجتماعي أو تربوي أو تعليمي أو أسري أو إعلامي


                  حاول أن تجعل الهدف هدف سامي، هدف لا يرتبط بمصلحتك الشخصية، لأن كل الأهداف المرتبطة بالمصالح الشخصية إلى زوال، وكل الأهداف المرتبطة بتلك الغاية العظيمة غاية التوحيد باقية



                  الأفعال والمواقف تخلّد أصحابها

                  نحن اليوم بعد مئات آلاف السنين، كم سنة مرت على نوح عليه السلام، نحن نذكر أسماء هؤلاء الأنبياء بالكتاب، ونحن نتلو ونقرأ القرآن، من الذي مجد هؤلاء الأنبياء، من الذي بنى لهم عزاً لم يسعوا في واقع الأمر هم بذاتهم إلى بنائه، كيف أصبحت هذه الأسماء العظيمة هي الأسماء التي تُذكر ولا يذكر سواها، علماً بأننا في الآية مباشرة التي بعدها
                  (قال الملأ من قومه إن لنراك في ضلال مبين)
                  ، أين الملأ، ومن هم هؤلاء الملأ، وما هي أسمائهم، سقطت، سقطت من التاريخ ما عاد لهم ذكراً، سوى أهم ملأ، أما هؤلاء الصفوة من الخلق الذين ما كان سعيهم في يوم من الأيام لأجل أن يرفعوا اسماً، أو شهرة أو منصباً أو ما شابه، خلدت ذكراهم، بقيت أسماؤهم، وأصبحت آيات تُتلى على العالمين

                  وقفة جديرة بأن فعلاً نتوقف عندها اليوم، المجد الحقيقي فيما يقوم به الإنسان من عمل خالص لوجه الله، أمّا كل الأعمال التي لا تكون خالصة لوجه سبحانه، زائلة، إلى فناء وإلى زوال، وفي كل القصص وفي كل الآيات مع الأنبياء، تأتينا هذه الايه
                  (قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين)،

                  الملأ مجموعة متنفذة من الناس، لها سلطة، لها كلمة مسموعة، لها قول، بل لها حتى كذلك بسطة في المنظر وفي المكانة الاجتنماعية المرموقة تملأ العين، حين يراهم الناس لهم مكانة، ولكن المكانة الاجتماعية والسلطة وأن يكون الإنسان متنفذاً وأن يكون له فعلاً مكانة مرموقة بين الناس لا تغني عنه شيئاً، أبداً، إذا لم يوظف ما مكّنه الله سبحانه وتعالى في طاعته وفي عبادته، كل هذه الأشياء ستذهب عنه،

                  تعليق


                  • النصيحة ..فن لا يجيده الكثيرون!




                    ( قال يا قومي ليس بي ضلالة)
                    هم اتهموا نوح ضلال مبين، والضلال أنواع متعددة، الضلالات ليست على شكل واحد، وهذا النبي الكريم نوح عليه السلام، قال يا قومي ليس بي ولا حتى ضلالة واحدة، أنا لست فقط إني أنا لست في ضلال، ولكني بقوله ليس بي ضلالة، نفى عنه كل أشكال الضلال، الجهل، التعالي، عدم المعرفة، أشياء مختلفة، كل أشكال الضلالة، الضلال ليس على شكل واحد،
                    (ولكني رسول من رب العالمين)

                    والآية هنا ببساطة الجواب وطبيعة النقاش الذي كان يدور بينه وبين قومه، وبين الملأ، يبين لنا حقيقة مهمة جداً، أن الإنسان في تعامله أصحاب المشاريع الخيرة الإصلاحية، ينبغي أن يتعاملوا مع الناس على قدر عقولهم فعلاً، وأن لا يكونوا بعيدين عن مستوى الفهم ولا حتى التعاطي الذي يتعاطونه مع أقوامهم المختلفين في مداركهم ومفاهمهم وعقولهم، كلمات موجزة
                    (ليس بي ضلالة، ولكني رسول من رب العالمين)

                    ما هي وظيفة الرسول فقط (أبلغكم)، كل الرسل جاؤوا بدعوة البلاغ، وبمهمة البلاغ، الرسالة في حد ذاتها، مفهومها ومنطوقها، أنا ليس لي فيها شيء، هذا ما أراد أن يقوله هذا النبي الكريم، وكل الأنبياء، محتوى الرسالة ليس للنبي فيه دخل أبداً، فقط التبليغ، (أبلغكم رسالات ربي)، ولكن هذا البلاغ لا ينفك عن النصح،

                    (وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون)،

                    والنصح أن يتحرى الإنسان أفضل شيء ليقدمه للآخرين، والنصح لا يمكن أن يكون من طرف غير محب، النصح فن نحن نفتقده في كثير من الأحيان أذكر أني في يوم من الأيام وقفت على كتاب باللغة الإنجليزية، اسمه The art of Advice ، فن النصيحة، يتكلم عن الآداب وعن الطرق وعن الوسائل وعن ما يمكن أن نطلق عليه سيكولوجية النصح، فهم نفسية المقابل الطرف الذي أنصح له، وكيف يمكنني أن أتعامل معه، ولكن في خضم ما نحن فيه ، أصبحت النصيحة في زماننا وصعرنا، ثقيلة على النفس، لا تنجذب إليه النفوس، لأن أصبح هناك خلط في المفاهيم، هنا النبي الكريم نوح عليه السلام أوضح في هذا الخطاب مع قومه أن دوره دور مبلغ، ولكن هذا البلاغ قائم على النصح، قائم على محبة الخير له، قائم على محبة أن يقدم لهم أفضل ما يمكن، ولذلك هو يبلغهم ويقدمه لهم، وهذا لفتة جميلة جداً في باب النصيحة، مهم جداً أن الإنسان حين ينصح يؤكد للطرف الآخر ليس فقط بالكلمات بالتصرف، ويمهد له بأن الدافع الأساسي والأصلي وراء تلك النصيحة إنما هو للمحبة والخوف، وهو في بداية الأمر قال أخاف عليكم عذاب يوم عظيم، ناصح، ولذلك هذه المفاهيم وإشاعة تلك المفاهيم وبنائها مع قضايا النصح والتناصح، نحن نحتاج إليها اليوم، هذا لنجدد مفاهيم النصيحة في حياتنا، لكي لا تصبح النصيحة فعلاً عبئاً على الناصح وكذلك شعوراً بأنها ثقيلة وغير مقبولة من قبل المنصوح، نحتاج أن نشيع هذه المفاهيم فيما بيننا، في المقابل يحتاج كذلك الإنسان أن يتواضع الإنسان الناصح، ونحن في حديثنا وتدبرنا لهذه الآيات لنا أن نتخيل، نحن في مجتمعنا، قوم نوح هذا مجتمع، مجتمع فيه ناصح وفيه الملأ، فيه فئةع فئة الملأ، وهذه الفئة بطبيعة الحال كما ذكرنا قبل قليل متنفذة متمكنة تقوم بتزييف الحقائق وتزويرها، لدرجة أنها تقول عن الحق أنه ضلال مبين، والفئة الأخرى هي فئة الناصح، الناصح الأمين، الذي يريد أن يوصّل رسالة حقيقية، رسالة قائمة على الصدق وليست على التزييف أو التزوير، والذي يلفت النظر كل مجتمع قديماً وحديثاً، لا يخلو من هاتين الفئتين، أبداً، أفراد أو جماعات، فئة الملأ الذين يقومون بالمداهنة على حساب مصلحة الناس، المصلحة العامة، ويصدون عن سبيل الله، والفئة الأخرى فئة الناصحين، لماذا بعض الناس لا يقبل على الناصحين ويقبل على هؤلاء الملأ، لأن الملأ يتخيرون الكلمات والأوصاف والأمور التي يزيفون بها الحقائق، فتظهر الحقيقة بغير ما هي عليه


                    ليس كل ناصح أمين
                    فقد لبس "ابليس" رداء النصح
                    عندما اخرج آدم من الجنة






                    التزييف أسلوب من أساليب إبليس، إبليس حتى حين جاء إلى آدم عليه السلام وإلى زوجه، قاسمهما إني لكما لمن الناصحين، وتدبروا معي، نحن قلنا ونقول في أكثر من مرة، آيات الكتاب العظيم التناسب فيما بينها عجيب، بالكلمة بالآية بالمقاصد بكل شيء، في بداية سورة الأعراف ربي عز وجل حكى عن إبليس فقال
                    (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ)
                    والآن ربي سبحانه وتعالى يذكر في كل قصص الأنبياء
                    ( وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ)


                    ولكن الفارق بين ما قاله إبليس بلسانه من النصح والدعاة كذباً وزوراً لآدم وبين ما يقوله هؤلاء الأنبياء حقيقة لأقوامهم فارق شاسع، إبليس إدعّى مجرد إدعاء أنه بل أقسم على هذا الادعاء، وهذا ما جعل آدم عليه السلام، يظن بأنه طالما أنه أقسم كيف يقسم بالله إذاً وهو كاذب، فبهذا الطريقة استطاع أن ينفذ إلى ما يريد إبليس، ولكن النصيحة في واقع الأمر ليست إدعاء، ليست مجرد كلمات، ليس كل من قال لك أنا أنصح لك، وأنا ناصح، فقد نصح

                    إذاً ما الأمر، الأمر أن تحكم أنت عقلك في فحوى ومحتوى هذه الرسالة التي يقول عنها أنها نصيحة، هذا هو الكلام تنظر في مقدماتها وعواقبها ونتائجها، هذا المفتاح هذا صمام الأمان، الذي يُنجي وينجّي الإنسان فعلاً من الوقوع في هذه الإشكالية الخطيرة، كثير من البشر اليوم قد يدعي أنه ينصح لك، فكيف تعرف من ينصح لك حقيقة ممن لا يفعل، أن تنظر في محتوى النصيحة، وتنظر في مقدماتها وتنظر في نتائجها، وتوازن بين الأمور


                    ( فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك)
                    النتيجة التكذيب العام بالرسالة، وأعطانا النتيجة مباشرة، وهذا أيضاً مناسب تماماً لما يخاطب به النبي صلّ الله عليه وآله وسلم، النبي صلوات الله وسلامه عليه، عاش فترة طويلة من الزمن، بل ومات عليه الصلاة والسلام ولم يرى كل النتائج المترتبة على تكذيب قومه، ولكن ربي سبحانه وتعالى هنا في الآيات، أعطانا النتيجة مباشرة، النتيجة محسومة
                    ما من إنسان يكذب بمنهج الأنبياء والرسل، بالمنهج الذي أنزله الله سبحانه وتعالى فتكون عاقبته خيراً، أبداً، سواء رأينا تلك العاقبة في حياتنا أم لم نرى،
                    (فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك، وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوماً عمين)الاعراف 64

                    باختصار شديد قوم عمين، الحقائق كانت موجودة أمام أعينهم، ولكن الإشكالية في كثير من الأحيان ليست في وجود الحقيقة أو عدمها، الإشكالية في قدرة الإنسان على أن يبصر تلك الحقائق أو يتجاهل وجودها، وهذا إشكالية خطيرة، الحقيقة والإيمان بالله سبحانه وتعالى موجود، ولكن موجود لمن، من الذي يراه، يراه أولئك الذين استطاعوا أن يبصروا الحقائق، ويعجزون عن رؤية هؤلائك من؟

                    العمين، الذين لا يرون، لا يرون ليس لأن ليس لديهم حاسة الإدراك أو البصر أو الرؤية، لأ، ليست لديهم القدرة على الإبصار، قد يكون الإنسان لديه قدرة على الرؤية بالجارحة بالعين، ولكنها غير كافية لأن تجعل تلك الصورة التي يراها في الحق في الواقع تدخل إلى نفسه فتصبح حقيقة وهذه إشكالية التكذيب بالأنبياء

                    لذلك ربي سبحانه وتعالى قال في أكثر من مرة
                    (فكذبوه)،( كذبوا بآياتنا )،
                    لماذا التكذيب وكذب، لأن الأمر كان صادقاً وواقعاً وحقيقةً، والكذب بمعنى أن يأتي الإنسان بشيء مغاير للواقع وللحقيقة وللصدق، وهذا بالضبط ما قام به هؤلاء، ربما يكون ممن قد اتبع نوح عليه السلام وآمنوا برسالته من الفقراء ليسوا من الملأ، القرآن لم يذكر عنهم هنا شيء في هذا الآية في هذي السياق، فقط قال
                    (وأنجيناه والذين معه )

                    ولكن المسألة ليست مسألة مكانة ولا تنفذ في المجتمع، المسألة في النتيجة العاقبة، ما هي العاقبة،
                    ( فأنجيناه والذين معه،)
                    وهؤلاء القوم الذين كانوا قد تنفذوا في مجتمعاتهم، النتيجة
                    (وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا)

                    المصائر، مصائرنا نحن كبشر، لا ترتبط بمكانتنا لا الاجتماعية ولا المادية ولا السياسية ولا أي شيء، ترتبط بأعمالنا، ترتبط بما نقدمه من عمل، ترتبط بما نخرجه،

                    (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا،)

                    المسألة ليس مسألة ما مكنني الله سبحانه فيه، أبداً، السؤال والمسألة المهمة ماذا سينتج بعد ذلك من نتائج لما مكنني الله سبحانه وتعالى فيه، وهذا أمر عظيم جداً ، عظيم جداً في التناسب بين هذه القصة قصة نوح عليه السلام التي ابتدأها وبما بدأ به سبحانه وتعالى في سورة الأعراف، قصة تبين مسيرة الإنسان، تبين المحطات التي يمر بها الإنسان في حياته ونتائج الوقوف فيها أولاً بأول ثم إن هذا السرد السريع المقصود في الآيات يبين كذلك أن الحياة للأمم والأفراد مهما طالت فهي محدودة قصيرة، وأن المسألة ليست في الفترة التي يقضيها البشر، وإنما المسألة الحقيقية في العمل الذي يقومون به ويخلفونه ورائهم.

                    تعليق


                    • الافتراءات على الأنبياء والمرسلين !

                      (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ )65الاعراف
                      الآيات انتقلت بعد الحديث عن قصة نوح إلى قصة عاد ومرة اخرى
                      “ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً ”
                      . هود عليه السلام، هؤلاء القوم هم قومه هم عشيرته و أهله ليس عنهم بغريب يعرفونه حق المعرفة وجاء كذلك بتلك الكلمة كلمة التوحيد، قال يا قومي اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون، ومرة اخرى كذلك والكلمات في كتاب الله عز وجل كتاب الله عزوجل ليس فيها تكرار وإنما تأكيد لمعاني حقيقية، معاني جديدة، عندما ذكر في قصة نوح عليه السلام
                      ” قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ” الاعراف 60

                      إذن القضية مقصودة ولّدت معاني جديدة، هذه المعاني تبين وتؤكد الحقيقة التي ذكرناها فيما سبق. دائما وابدا في كل مشروع كبير أو صغير هناك فئه من الناس هؤلاء الذين ربما المظهر الخارجي يوحي بشيء يوحي بأنهم قوة، قوة حقيقية وممكن أن يفرضون احترام الآخرين لهم بناء على ذلك المظهر الخارجي أو الشكل الخارجي ولكن في واقع الأمر هؤلاء الملأ تحديداً هم الذين يقفون عائقاً بين المشاريع الإصلاحية وبين من يقوم بالإصلاح وبين الناس وبين القوم وبين المؤسسة وبين المجتمع فلابد للإنسان أن ينتبه لأن المسألة ليست مسألة مظاهر وليست المسألة تتعلق بالشكل الخارجي، المسألة تتعلق بالمحتوى، رسالة في حد ذاتها.

                      ولكن المرة هذه الملأ ماذا قالوا؟
                      ”قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ” الاعراف 66
                      تدبروا معي في قصة نوح عليه السلام قالوا
                      ” إنا لنراك في ضلال مبين”
                      وفي قصة هود عليه السلام قالوا له
                      ” إنا لنراك في سفاهه وانا لنظنك من الكاذبين”

                      الأنبياء صفوة الخلق هم أولئك الناس الذين توجه إليهم أصعب التهم تدبروا معي في هذا المعنى، صحيح فيه تسلية واضحة للنبي صلى الله عليه وسلم لأن صعب على النفس مما يوقفها في الحرج والضيق أن تتهم في شيء هي منه بريئه بل في أمر هي أكثر ما تكون بعداً عنه وهم قومه يعرفونه حق المعرفة وقالوا عنه معلم مجنون قالوا عنه كان يقول اساطير الأولين اشكال مختلفه من الاتهامات وكانت تلك الاتهامات بدون شك مصدر لازعاج النبي صلّ الله عليه وسلم وصدر لكل انسان يسير على الحق في رحلة الحياة فإذا به بدل من المتصور أو المتوقع أن يواجه بالشكر أن يواجه بالتقدير والاحترام لما يقوله، ليس فقط لشخصه هو كإنسان وإنما لعظمة ما يقدمه. يعني هذا الرجل المتمثل في شخصية النبي أي نبي من الأنبياء عليهم السلام، هو إنسام مبلغ، مبلغ لمن؟

                      لرسالات الله سبحانه وتعالى، إذن هو شُرّف بأن حمل هذه الرسالة، فالمتوقع أن العبيد الخلق يعظمون تلك الرسالة وبالتالي في نفس الوقت يحترمون من حمل هذه الرسالة.


                      ما أجمل رقي الأخلاق في تعامل الأنبياء

                      نحن في حياتنا اليومية المتعارف عليه حينما يستلم شخص رسالة من شخص له مكانه مرموقة، له مودة خاصة منزلة في نفوسنا، نحتفي بذلك الشخص بالرسول الذي ارسلت معه الرسالة، بناء على احترامنا وتقديرنا لتلك الشخصية، نقدر الرسول الذي ارسلت معه الرسالة بناء على احترامنا وتقديرنا لذلك الشخص الذي ارشل الرسالة ولله المثل الأعلى، ولكن هؤلاء القوم ما قدروا الله حق قدره هؤلاء القوم أرسل رب العزة سبحانه وتعالى إليهم الرسل فبدل من أن يستقبلوا الرسل بالحفاوة والتقدير والاحترام استقبلوهم بعكس ذلك فكان من جملة ذلك أنهم قالو له ” إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ” الاعراف والسفاهه خفة العقل عندما يكون الإنسان طائش خفيف العقل بعيداً عن موازين الحكمة، كل هذه الأوصاف لأجل أنه قال لهم
                      ” قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ” هود 50

                      كانوا يرون أن دعوة التوحيد خفة عقل وبعد عن المنهج الصحيح وإن عبادة تلك الأصنام والأوثان التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم هي محض العقل والحكمة. تدبروا معي، هي تقلب الأمور من أصعب الأشياء على الانسان المصلح أن يرى الناس من حوله وهم يرون الأشياء مقلوبة كمن بالضبط يرى الليل نهار ويرى النهار ليل ويرى النور ظلمة والظلمة نور شيء صعب جداً أن تتحمل هذا العناء ولكن قال ”قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (67)الاعراف ”


                      رد صريح ومباشر يتناسب مع طبيعة الدعوة ، لم يرد عليهم فيقول لهم بل أنتم السفهاء كما يتوقع الإنسان حين يتهم ويقال له وهو نبي مرسل ” إنا لنراك في سفاهه” هذا النوع من الردود العنيفة التي جاءت من قبل قومه لم تخرجه عن جادة الصواب لم تخرجه عن أدب النبوة أدب الدعوة أدب الإنسان حين يحاور ويخاطب بناء على تلك الرسالة العظيمة التي يحملها، هذا رسول فالرسول شيء طبيعي أنه يعكس المكانة والمنزلة للرسالة التي يحملها، فهو في غاية التهذيب والخلق الرفيع
                      ” لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ” .

                      وتدبروا معي مرة أخرى
                      “أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ”الاعراف 68
                      تحديد لمهمته كنبي تبليغ فقط ولكن ليس فقط لتوصيل رسالة

                      ” وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ”
                      هذه المرة أضاف إلى قوله في موقف نوح عليه السلام النصح وقال وأنا لكم ناصح أمين ، الدافع له هنا هي النصيحة وابلاغ الرسالة ولكن في نفس الوقت امين في تبليغ هذه الرسالة ، أمين في النصح والأمانة مفهومها واسع جداً من الأمانة أن يبلغ الإنسان ما قد اُرسل به ومن أمانة هؤلاء الرسل انهم كانوا فعلاً أمناء على رسالاتهم أمناء مع أقوامهم ، أمناء في الثبات على ما أرسلوا به وفي نصحهم لأقوامهم



                      اياك ان تنكر نعم الله عليك التي لا تعد ولا تحصى


                      أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)69

                      ” أَوَعَجِبْتم أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ”
                      أنا رجل لست بغريب عنكم ، منكم لينذركم وأضاف هود عليها ربط بواقع ، ربط بقضيه تاريخية، وانظروا اذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ، تذكروا أن التاريخ ليس مجرد أن يمر عليه ذكر وسرد في الحوادث. لا، الذكر هنا لقضية تاريخية لأجل تستخلصوا المواقف والعبر ،من الذي جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ؟ من الذي زادكم في الخلق بسطة؟ من؟ الله سبحانه وتعالى ولذلك قال
                      (فَاذْكُرُواْ آلاء اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
                      من أعظم أسباب الغلفة وضعف الإيمان في النفوس وضعف ثمرة التوحيد في القلب هو أن الإنسان يألف نعم الله سبحانه فلما تتجدد عليه النعم وهي في كل لحظه تتجدد عليه لا يستشعر بقيمتها لا يذكرها جتى ان بعض الناس اليوم في حياتنا تسأله ما أخبارك؟


                      يقول مافي جديد هي كلمة عابرة أكيد لا يقصد بها شيء سيئا ولكنها غير لائقة في واقع الأمر ، أنت في كل نفس من أنفاس الحياة لك نعمة تتجدد في كل خفقة قلب في كل طرفة عين هناك جديد وجديد من نعم الله سبحانه وتعالى. في كل خطوة تخطوها وتتمكن من أن فعلاً تخطوها هذا تجدد للنعم وتجدد النعم يستدعي تجدد الشكر للخالق المنعم تجدد الإيمان بالله سبحانه وتعالى ولكن هؤلاء القوم كل هذه النعم والآلاء لم تجدد فيها معاني الإيمان والرجوع الى الله سبحانه

                      تعليق


                      • تقليد الآباء والأجداد والخوف من الجديد

                        (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَالأعراف (70)

                        تدبروا فى الآية. الشيء الذي يألفه الإنسان الشيء الذي جاء به الآباء والأجداد، بمعنى آخر الخروج عن التيار السائد من

                        أصعب الأشياء، أن يخرج الإنسان عن ما هو سائد في المجتمع وكل هؤلاء الأنبياء بما فيه نبينا صلى الله عليه وآله

                        خرجوا عن المألوف، خرجوا عما ألفه أقوامهم ، لماذا؟ لأن الإنسان قد يألف شيئا وهو غير صالح فمجرد أن يألف

                        الإنسان شيئا هذا لا يعطيه الشرعية ولا يكسبه أي نوع من أنواع الشرعية أو الأحقية أو الأفضلية ثم إن الأسبقية

                        بالمعلومات لا تجعل الشيء حقاً وكثرة الناس الذين يقولون ذلك الشيء لا تغير منه ولا تجعله حقاً ، الباطل باطل والحق

                        حق ليس لأن الأب أو الأجداد أو الأهل قالوا بهذا أو ذاك ، لا.

                        قول الآباء والأجداد لشي لا يعطيه شرعية، الذي يعطي الشرعية فعلا الشيء ما أن يكون هو ذلك الشيء في نفسه وبذاته

                        حقاً. وهذه رسالة التوحيد حق والذي أرسل بها الأنبياء والذي أرسلهم بها هو الله سبحانه وتعالى. فكان لابد من أن تكون

                        حقا وصدقا وكان هي التي ينبغي أن تقدم في قلوب وعقول هؤلاء لو أرادوا فعلاً الحق.فماذا قالوا؟

                        (
                        فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ )

                        نحن لا نريد أن نسمع أنت تتوعدنا بهلاك كما حدث في قوم نوح آتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين.وهنا تتضح حالة

                        الغرور في الإنسان، الإنسان في كثير من الأحيان حين يقع في مواطن الضلال والبعد عن الله سبحانه وتعالى يصبح

                        منتشياً بالباطل. الباطل له نشوة ولكن نشوته باطلة، نشوة كاذبه.

                        هؤلاء القوم كانوا في نشوة فارغة. قالوا

                        (
                        فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ )


                        الاعتبار بمصارع الأمم


                        الإنسان في كثير من الأحيان حين يقع في مواطن الضلال والبعد عن الله سبحانه وتعالى يصبح منتشياً بالباطل. الباطل له

                        نشوة ولكن نشوته باطلة، نشوة كاذبة.

                        هؤلاء القوم كانوا في نشوة فارغة.

                        قالوا (
                        فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)

                        ولكن هذا النبي الكريم الناصح الأمين لم يتوقف عن الرسالة أبداً. قال

                        (
                        قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَالأعراف (71)

                        ، الشيء يصبح مشروعا و مقبولا حين ينزل من الله سبحانه وتعالى به دليل

                        وغير ذلك لا يعطيه شرعية ابداً فانتظروا إني معكم من المنتظرين .

                        لماذا؟

                        لأن الرسول ليس أي رسول بوسعه ابداً أن يأتي القوم بعذاب ابداً.

                        هو مجرد مبلغ ، أما الذي يأتهم بذلك العذاب فهو الله سبحانه وتعالى، الرسول لا يملك شيئا من تلقاء نفسه ، الذي يأتي به من؟

                        الله سبحانه وتعالى فماذا كانت العاقبة قال

                        فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَالأعراف (72)

                        تدبروا معي، عدم الإيمان بالله سبحانه وتعالى مرة أخرى في نفس السياق قال عن قوم نوح كذبوا بآياتنا، قال عن عاد

                        كذبوا بآياتنا ، أخطر شيء أن يقع فيه الإنسان أن يكذب بآيات الله سبحانه ، لا نجاة كم هذه القضية، القضية قضية

                        مصيرية قضية الإيمان بالله سبحانه وتعالى أو عدم الإيمان قضية مصيرية وربي عز وجل في سورة الأعراف حكى لنا

                        عن النهايات والمصائر يوم القيامة هذه المصائر التي قال عنها في القرآن في سورة الأعراف ما جاءت من فراغ جاءت

                        مرتبطة بأعمال بسوابق بما قدمه الإنسان، فربي سبحانه حين عرض لنا المصير والآن يعرض لنا الأعمال لأي شيء؟

                        لأجل أن يرى الإنسان رؤي العين أن هذا العمل سيؤدي إلى هذا المصير، هذه المسيرة في حياتك ستؤدي بك إلى ذلك

                        المصير قطعاً ليس هناك شك ، الأمور واضحة وفي غاية الوضوح، تؤمن بالله وتمشي على منهجه وطريقه فينجيه في

                        الدنيا والآخرة.ما يؤمن بالله ويكذب بآياته فله الهلاك فى الدنيا والآخرة وأن ربي سبحانه وتعالى في هذه القصص ذكر لنا

                        نماذج من هلاك الأمم السابقة فقد يكون الهلاك متنوع وقد يقع وقد لا يقع في الدنيا لكن في الآخرة محتوم، لماذا؟

                        ربي سبحانه وتعالى مرة أخرى يقدم لنا أن ما يحدث مع النبي صلى الله عليه وآله قد تظهر نتيجته وقد لا تظهر في الدنيا،

                        قومك قد يهلكون وقد لا يهلكون لا تظهر هلاك كما ظهر في الأمم السابقة ولكن النتيجة واحدة بما فيه الكفر والتكذيب

                        بآيات الله سبحانه وتعالى واحدة كما أن عاقبة الإيمان بتلك الآيات هي النجاة في الدنيا والآخرة


                        القلوب السيئة كالمسمار الأعوج ,
                        كيفما طرقته لن يستقيم لك ..





                        نحن قلنا في بداية سورة الأعراف
                        (
                        وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4) )

                        مصائر الأمم والمجتمعات والأفراد النهاية لا مفر من النهاية ولكن ليست الاشكالية في النهاية المسألة المهمة ماذا يفعل

                        الانسان ما بين رحلة البداية ورحلة النهاية وصلنا في حديثنا اليوم عند قوم ثمود وقوم ثمود واضح جدا من سياق هذه

                        الآيات وغيرها من آيات الكتاب العظيم أنهم قوم تميزو بتقدم حضاري ملموس جدا و بعض الحفريات التي يقومون بها

                        علماء الآثار اليوم تشير إلى أن هناك فعلا أقوام قد حفروا في الجبال بيوتا وقصور كما يذكر القرآن كانت لهم حضارة

                        وحضارة عاشت فترات طويلة ولكن القرآن العظيم حين يحدثنا هنا عن الحضارة لا يحدثنا عن تفاصيلها كعادة القرآن

                        وإنما يحدثنا فعلا عن أساسيات تلك الحضارة الأشياء التي قامت عليها موقفها من الأمم موقفها من الرسالات من الأنبياء

                        من التوحيد هذا الذي يهم فعلا فقوم ثمود ربي عزا وجل حكا عنهم فقال

                        (
                        وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا

                        تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
                        ) الأعراف (73)

                        كلمة واحدة لم تتغير مع كل الأنبياء

                        (
                        اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلهٍ غَيْرُهُ)

                        مهمة الإنسان على هذه الأرض أن يعبد الله وأن يعبد الله سبحانه وتعالى عبادة قائمة على التوحيد ولا يمكن أن يعبد الله

                        سبحانه وتعالى ويكون له أثر فعلا لتلك العباده بدون أن تكون هذه العباده قائمة على التوحيد ولكن هذه المرة القرآن يذكر

                        لنا بأن الله سبحانه قد أرسل لهؤلاء القوم علامة آية بينة ظاهرة وهي الناقة ماهي مواصفات الناقة هذه ماهي شكلها ما هو

                        لونها القرآن لايذكرلي كل هذه التفاصيل هو فقط يذكر لي

                        (
                        هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً )

                        ماهو المطلوب من هذه الآية الحسية المطلوب أنكم أنتم وأنتم تحركون النواحي العقلية والفكرية فيكم تدركوا أن هذه آية

                        دالة على قدرة الله عز وجل آية حسية أمام أعينكم ناقة فالمطلوب منكم أن تذروها في أرض الله ولاتمسوها بسوء لأنكم

                        بمجرد أن تمسوها بسوء سيقع عليكم العذاب الأليم


                        هذه آية حسية البشرية في مجتمعاتها المختلفة والأمم والأنبياء الله سبحانه وتعالى أرسل مع بعض الأنبياء علامات ودلائل

                        حسية محسوسة يرونها بأعينهم ولكن هذه الدلائل الحسية والآية لذلك لها قصد هذه الآيات في هذا الموضوع في سوره

                        الأاعراف التي جاءت مع بعض الأنبياء ما حركت في كثير من الأمم دواعي الإيمان بالله سبحانه وتعالى ما أثمرت ونحن

                        ذكرنا في موضع آخر قلنا أن قريش كانت تطالب النبي عليه الصلاة والسلام بالآيات الحسية وقد ذكرت في أكثر من

                        سورة من القرآن يكون لك جنة يكون لك قصر من زخرف يكون لك بيت من زخرف يكون لك أنهار طالبوه طالبوه بآيات

                        حسية

                        ولكن القرآن هنا في سورة الأعراف يعطينا بأن فعلا هناك بعض الأمم أنزلت عليها آيات حسية ومع ذلك هذه الآية لم

                        تحرك فيهم دواعي الإيمان لماذا ؟


                        ذكرنا في بداية الكلام عن القصص المسألة ليست مسألة آيات بزيادة أو بنقصان أبدا الكون مليء بالآيات ولكن من

                        الذي يبصرها ويعقلها أولئك الذين لديهم استعدادعقلي و قلبي وفطري لاستقبال الآيات حتى تتحرك في نفوسهم دواعي

                        الإيمان


                        أما حين تكون النفس غير قابلة لإن تستقبل هذه الآيات فما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ما تغني تلك الآيات

                        لا تغني شيء



                        فالله سبحانه وتعالى يخاطب كذلك هنا نبيه عليه الصلاة والسلام لا تعتقد أن إنزال آيات حسية ممكن أن يكون دافع لهم

                        لهؤلاء القوم للإيمان أنت معك أعظم آية هذا الكتاب العظيم لأن الذي يدفع بالانسان باتجاه التوحيد و الإيمان والتصديق

                        ليست الآيات الحسية بقدرما يدفعه فعلا حياة قلبه أو موته القلب اذا فيه حياة أو بقية من حياة يتحرك بالآيات التي يراها

                        وهي موجوده وهي الأرض السماء الليل النهار الشجر الخلق

                        أما إذا كان القلب ميت في حالة موت لن تحركه الآيات
                        التعديل الأخير تم بواسطة م/ جيهان; الساعة 16-12-2017, 11:37 PM. سبب آخر: تمييز الآيات بلون مختلف وترقيمها وزيادة المسافة بين الأسطر وتصحيح الهمزات - بارك الله فيكم

                        تعليق


                        • جزاكم الله خيرًا
                          اللهم ارحم أبى وأمى وأسكنهما الفردوس الأعلى من الجنة
                          اللهم اعتق رقابنا من النار
                          يا وهاب هب لنا من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء

                          تعليق


                          • من أكثر أنواع الجحود والعصيان

                            (وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا (74) الأعراف

                            تدبروا في الكلمات قال(وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) من الذي يبوء يعطيك مكانا تتبوأه من الذي سخر لك الأرض الله سبحانه هذه السهول من االذي خلقها هذه الجبال من الذي خلقها وثبتها في الارض من الذي أعطاك أنت كإنسان القدرة على أن تنحت من ذلك الجبل العظيم الذي لايمكن لحجمك أن يقترب منه أبدا لا طولا ولا عرضا ولا قوة ولا مناعة ومع ذلك مكنك من أن تقوم بنحته سخره لك و لولا قانون التسخير لما استطعت أن تنحت من الجبال بيوتا أليس كذلك طبيعي جدا هذه الجبال الراسيات كيف يستطيع الانسان البسيط في جسده وقوته ان ينحت منها احجارا ويكسر منها ووو ويصنع منها آلات لتحطيم هذه الجبال العالية الشاهقة من سوا الله سبحانه وتعالى أعطاه هذه القوة أليست هذه الآلاء كأن ينبغي أن تجدد فيه الذكرى وهذا التذكر قال

                            (
                            فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ )

                            هذا التذكر الذي هو عمل قلبي وعقلي لابد أن يدفع بك الى أي شي

                            (
                            وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)


                            انك انت ترى تطلع على هذا النظام الدقيق الذي قام واقامه الله على الصلح وعلى هذه الدقة العجيبة المتناهية فكان من واجبك كانسان وانت مجرد انسان سخر لك هذا الكون الا تعمل فيه بالفساد
                            ولكن الحقيقة الموقف الذي قام به هؤلاء القوم كان مناقضا فعليا لما جاء به هذا الرسول الكريم عليه السلام صالح قال لهم

                            (
                            وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)


                            الرسالة كان مطلوب منهم قائمة بالاشياء التي يقومون بها الى جنب قضية الناقة التي انزلت اليهم ولكن ماذا كان الموقف مرة اخرى قال الملأ ولكن هذه المرة قال للذين استكبروا من قوم ذكر مواصفات للملأ مواصفات جديده ماهي تلك المواصفات الاستكبار الاستعلاء على الاخرين الطبقية شاعت الطبقية بين الناس ان يوظف والاستكبار لو اردنا ان نحلله كمفهوم وجدنا انه يلتقي في قضية معينة يلتقي مع التعالي على الناس بان الانسان يستعمل ويوظف ما انعم الله به عليه الاء الله في التعالي والتكبر على الاخرين يعني يستعمل نعم الله عز وجل في ما يغضبه

                            وهذا من اكثر انواع الجحود والعصيان



                            الفاسد يحب توسع دائرة الفساد


                            (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا (75)) الاعراف
                            تدبروا معي ايات سورة الاعراف يوم القيامة كان هناك حوارات بين اهل النار بين فئات اهل النار الاقوياء والمستضعفين حوارات لم تأتي فقط في سورة الاعراف في سور اخرى كذلك سورة ابراهيم سور كثيرة من كتاب الله عز وجل


                            فالقضية الطبيقة في المجتمع نوع من انواع الفساد ان يصبح المجتمع على شكل طبقات طبقة المستكبرين وطبقة المستضعفين هذا فساد وتدبروا في كل كلمة من الكلمات

                            (
                            قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا)

                            استكبار هؤلاء وتعاليهم على غيرهم جعل الاخرين مستضعفين استضعفوا كيف ضعفوا هؤلاء بالتكبر وبالتعالي ولذلك هذه واحدة من اسباب ان التكبر من اعظم الامراض التي نهى القران عنها ولاتتناسب اطلاقا مع الايمان بالله سبحانه وتعالى لان الله سبحان وتعالى لا يقبل ولا ينظر الى من كان في قلبه ذرة من كبرياء و تكبر وتعالي على الاخرين لماذا ؟


                            لان في حقيقتة استضعاف واستهانة بالاخرين ممن حوله فانا لدي الان اصبح في مجتمع النبي صالح عليه السلام طبقة ملأ تكبروا وكفروا وكذبوا بايات الله وطبقة اخرى من المستضعقين امنوا بايات الله استضعفوا لمن امن منهم

                            (
                            أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ) الأعراف 75

                            وهو استفسار ليس من باب المعرفة او طلب الجواب وانما غرضه الاستهزاء والسخرية بهذه الرسالة ومحاولة زعزعة الاطراف الاخرى التي امنت بهذه الرسالة محاولة كسب هذه الاطراف لصالحة ويضمها الى صفه وهذه اشكالية خطيرة من اشكاليات البلاء عبر التاريخ عادة المفسدين في الارض انهم لا يقبلون بان يبقى الفساد فقط في محيطهم لا يقبلوا يحبون التوسع يحبون ان تتوسع دائرة الفساد يحبون ان تشيع الفاحشة يحبون ان تشيع معني الفساد والظلم والكفر فهؤلاء لم يكتفوا فقط بعدم ايمانهم وكفرهم واستكبارهم ولكنهم كانوا يحاولون ان يضموا اصناف اخرى في المجتمع الى كفرهم وعنادهم وتكذيبهم


                            سنة الله في نصر عباده المؤمنين






                            (قَالَ الَّذِينَ أسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِى ءَامَنتُم بِهِ كَافِرُونَ(76))الأعراف
                            تحدي اصبحت القضية قضية صراع صراع شديد ولكن هذا الصراع القوى فيه متباعدة كثيرا لو حسبناها بالحساب المادي لوجدنا قوة كبيرة متمثلة في الملأ قوة مادية تمتلك كل النفوذ في المجتمع في مجتمع صالح عليه السلام نفوذ مادي نفوذ وتمكن تجاري واقتصادي ونفوذ في البلد انهم قد امسكوا بزمام الامور ولهم الكلمة الاولى والاخيرة في المجتمع

                            في المقابل ليس هناك تناسب في القوى الطرف الاخر طرف ضعيف مستضعف لا يملك شيئا ولكنه يملك فقط الايمان بالله سبحانه وتعالى


                            يا ترى هذه المعركة التي هي ليست معركة متوازنة في حساب القوى المادية كيف كانت نتائجها. نحن في زماننا اليوم جانب من جوانب عدم تبصرنا وتدبرنا في كتاب الله عز وجل حق تدبره اننا اصبحنا لا نعي النتائج ولا ننظر الى الحقائق بحكم مقدماتها كما يعلمنا القران القران يعلمني ان العبرة ليست في القوة التي امتلكها القوة المادية ابدا ولا في حجم هذه القوه لان قوم ثمود كانوا اقوياء بامتياز كانوا اقوياء حتى بحساباتنا اليوم ولكن هذه القوة المادية لم تغني عنهم شيء فالرسالة التي علي انا ان ادركها وانا اقرأ كتاب الله اليوم ان النهايات غير محكومة بميزان القوى حتى لا اغتر بما اراه اليوم في العالم انا ارى اليوم مجموعات من الاقوياء من البشر افراد ومجتمعات ماذا فعلوا بقوتهم استخدموا ووظفوا تلك القوى فيما يغضب الله ظلم فساد عدوان اعتداء على الاخرين

                            السؤال يا ترى كيف ستكون النتيجة؟


                            النتيجة ليست في صالح القوي الكافر الجاحد غير المؤمن بايات الله الذي يعث في الأرض فسادا ويعيث فيها فسادا ابدا تدبروا معي في الكلمة

                            (
                            فَعَقَرُوا النَّاقَةَ)

                            تحول ذلك التكذيب والكفر والعناد والاصرار الى اعمال عقرو الناقة


                            ( وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77)
                            تحدي انت وعدتنا بعذاب ان لم نصدق بك ونتبعك اتنا بما تعدنا وهذا يدل على اي شيء يدل على الغرور الغرور الشديد الذي يأخذ الانسان كما ذكرنا في الآيات السابقة الإنسان لما يغتر بقوته ومنعته كما قال فرعون وهذه الأنهار تجري من تحتي اغترار في لحظة قوته واغتراره بقوته في نفس تلك اللحظة التي ياخذها الله سبحانه وتعالى تدبروا معي في هذه اللفتة العظيمة في كتاب الله عز وجل

                            (
                            ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِين)

                            (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ(78))

                            مباشرة الفاء هنا متسارعة تماما وعقب الكلمة في ثواني ثواني

                            ليس المقصود بها ثواني زمنية ولكن السرعة التعاقب هذه الفاء

                            (
                            فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ(78))

                            تدل على أن سرعة نزول العذاب حين يطغى الإنسان ويغتر بنفسه وبقوته

                            تدبروا في الكلمة

                            (
                            ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ)

                            الاغترار بالقوة المادية
                            التعديل الأخير تم بواسطة م/ جيهان; الساعة 26-12-2017, 10:13 PM. سبب آخر: تمييز الآيات بلون مختلف , بارك الله فيكم

                            تعليق


                            • الدين النصيحة





                              صالح عليه السلام كان رغم كل تكذيب القوم له ورغم كل العناد وذلك الموقف الساخر الذي قاموا به اتجاهه واتجاه رسالته تكذيبا وجحودا وعنادا انظروا الى موقفه ماذا فعل

                              (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)) الاعراف
                              المسالة ليست فيها شماتة المؤمن لا يشمت ولكن يعتبر ويتدبر ويتفكر ويتأمل وينظر الى عظيم سور الله سبحانه وعظمته وتدبروا في الكلمة

                              (وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79) )

                              النصح يتكرر هنا وقلنا في مرة سابقة ليس هناك تكرار في كتاب الله يتاكد يعاد ذكره في أكثر من مرة في كل قصص الأنبياءنصحت نصحت نصحت


                              النصيحة مفتاح من مفاتيح الايمان و المفاتيح التي ينبغي للانسان ان لا يهدرها ابدا في مسيرة الحياة نحن قلنا سورة الأعراف المقصد الاساس منها انها تبين رحلة الانسان ليس فقط على هذه الارض وانما حتى يوم القيامة فواحدة من اعظم ادوات الرحلة التي لا ينبغي للانسان العاقل المؤمن ان يهملها هي النصيحة انصح


                              وتدبروا معي في كل القصص التي سبقت الانبياء والرسل والمصلحون لا ينبغي ابدا ان يتخلوا عن مهمتهم الرئيسة
                              النصح بمعنى آخر سواء قبل الناس منك نصحك ام لم يقبلوا استهزؤا أم لم يستهزؤا حملوا ماتقول على محمل الجد أم لم يحملوا إياك أن تتخلى عن النصيحة ,النصيحة سمة من سمات المؤمنين شعارمن شعار المؤمنين ولكن هذا الشعار لا يعني ان الانسان يتخبط فيه بدون ما ينظر في آدابه واصوله وقواعده النصيحة لها آداب - قواعد - أصول كما جاء في ذكر الأنبياء هنا محاولة اظهار الخوف على الطرف الاخر الذي تنصحه الدخول من هذا المدخل الجانب الذي فيه جانب عاطفي لتحرك فيه ماقد يمكن ان يكون قد تبقى من نوازع الفطرة ليلبيها فهذا الجانب جانب النصح من اعظم الادوات التي ينبغي الانسان المؤمن ان يتمسك بها في مسيرته

                              فاحشة قوم لوط

                              (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ (80الأعراف) )
                              لم يقل لهم
                              (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)
                              الآيات في سورة الأعراف لم تذكرقضية التوحيد في قصة قوم لوط

                              ذكرت قضيه الفاحشة والعياذ بالله الشذوذ والانحراف الجنسي الذي كان قد شاع في القوم ومما لا شك فيه أن هذه الجريمه النكراء وهذا الانحراف الذي وقع في قوم لوط على غير سابقة على احد من العالمين كانوا سباقين في هذا المجال كانوا قد سبقوا الأقوام الأخرى في ابتداعه وتفننهم في هذه الفاحشة البغيضة المنكرة المخالفة للفطرة ولكن ايضا دعوة التوحيد تتضمن النهي عن الفساد

                              فلما جاء الله سبحانه وتعالى بقوله قال لقومه مباشرة

                              (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ)

                              مما يمكن أن يتدبر فيه الانسان وهو يقرأ القرآن العظيم هو القدرة على أن يربط الانسان ما بين آيات الكتاب ومابين ما يحدث لنا في الواقع نحن في واقع الحياة نرى في كثير من الأحيان أن الطبيب المعالج قد يأتي عليه مريض والمريض أصيب في حادث معين والحادث أدى إلى حدوث نزف حاد في جسد ذلك الانسان الطبيب أول مايستقبل المريض في المستشفى يحاول أن يفعل اي شيء ليوقف النزيف هو ممكن ان يكون هذا المريض مصاب بأمراض خطيره جدا حتى ممكن يكون مصاب بسرطان مثلا ممكن يكون مصاب بأشياء فعلا كفيلة بأن تودي بحياته ولكن اول ما يفعله الطبيب في معالجة ايقاف النزيف النزيف الحاد الذي هو الحالة الطارئة التي مرت على هذا المريض ثم بعد ذلك يتناول بالعلاج بقية الأشياء

                              وربما وأقول الله أعلم يكون السبب وراء البدء بذكر هذه الفاحشة إستنزاف حاد حقيقي لكل مقومات الفطرة الانسانية فكان من غير المعقول أبدا ونحن نعلم أن القرآن العظيم كلام يخاطب الله به واقع الإنسانية ربي سبحانه وتعالى حين يخاطب الأقوام المختلفة ويخاطبنا بالكتاب يخاطب إنسان هو سبحانه وتعالى عالم بمكنونات نفسه وطبيعته وما يصلح أن يخاطب به أو لا يخاطب ومتى ينبغي أن يخاطب بهذا الكلام أو لا يخاطب ربي سبحانه اللطيف الخبير العالم
                              ولذلك كان مناسب جدا أول ما يبدأ به النبي لوط عليه السلام في دعوته إيقاف النزيف الحاد الشذوذ الجنسي والعياذ بالله هذا الإنحراف الذي وقع في القوم استنزاف حاد لكل معاني الفطرة البشرية الانسانية كان لابد أن يقوم بإيقافه خاصة أنه و لم يظهر في أمة سابقة هم ابتدعوه من تلقاء وساوس الشياطين هم قاموا بالبدء بهذه الفاحشة و التفنن في ذلك الأسلوب من الفساد الذي لم يكن موجود فيما قبل فكان لابد أولا من ايقاف ذلك ثم بعد ذلك اذا ماتمت الاستجابه تأتي القضايا المختلفة مثل قضية التوحيد
                              التعديل الأخير تم بواسطة م/ جيهان; الساعة 01-01-2018, 04:31 PM.

                              تعليق


                              • الضراعة إلى الله




                                (أخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ (الأعراف(94)) ))
                                ابتلاءات الدروس العبر العظات التي ينبغي ان يكتشفها ويقف عليها أصحاب العقول من هذه الأمم ويدرك أن ما يمر به من محن سواء كانت على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي بأساء وضراء في أنفسم في أموالهم في أولادهم في صحتهم حتى في الأرض التي يحيون ويعيشون عليها كل ما يمرون به إنما هو لأجل تحقيق أمر ما أن تتولد عند تلك الأمة والمجتمع الفرد والجماعة على حد سواء حالة من الضراعة والضراعة في أصل اللغة من الضرع ضرع الدابة ولكن المقصود هنا أن تتولد عند الإنسان حالة نفسية تعود به الى الله سبحانه وتعالى والشعور التام بشدة عجزه وذله بين يديه وافتقارهذا العبد لرحمة الله سبحانه وتعالى

                                ولذلك عدد من السلف روي عنهم في الدعاء قالوا
                                وهذا ذلي ظاهر بين يديك الذل


                                أرقى أنواع العبودية وحالات العبوديه لله عز وجل أن يستشعر الإنسان مدى العجز أمام قوة الله سبحانه وتعالى مدى ضعفه أمام قوة القوي سبحانه مدى ذله وانكساره وخضوعه أمام الجبار المتكبر الذي بيده الملك هذه الحالة هي التي ينبغي ان تتولد عند الإنسان عندما يمر في المحن والشدائد في اي شي يمر عليه اما اذا مرت تلك المحن مهما كانت صعبة سهلة كثيرة قليلة هذه المحن اذا مرت على الإنسان والمجتمع والأمة ولم تولد عنده تلك الحالة من الضراعة فقد اصبحت لا معنى لها أصبح ذلك الإنسان غير قادر على ان يستقرأ ويقرأ بوعي وبموضوعية الاحداث التي يمر بها والقرآن العظيم كتاب يعلمنا مع قراءتنا له ان نقرأ الواقع الذي نعيش فيه الضراعة هي ما تحتاج اليه كل الأمم وخاصة حين تمر بالمحن والأزمات و الضراعة ليست مجرد حالة نفسية فقط تبقى بين العبد وربه ولا تخرج الى واقع الحياة ولا تصلح الفاسد ولا تغير في ذلك الفساد الذي قد تعمق انتشر لا ولكنها في الأمم التي تخدرت فيها أجهزة الإحساس والإستقبال لاتولد شيئا ممكن حتى قد تحدث حالة ضراعة لأن الشدة بطبيعتها الإنسان في ساعة الشدة لا شك أنه مهما كان خاصة اذا بقي فيه شيء من الخير تراه يعود الى ربه منكسرا متذللا





                                الإبتلاء بالنعمة من أشد أنواع الإبتلاء

                                وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ (الأعراف 95)))
                                شيء طبيعي أن يكون هناك سراء وضراء ليس هناك في الأمر أي نوع من أنواع الحكمة ينظر إ


                                لى تقلب الأحوال في الأفراد والأمم والمجتمعات فلا تحرك فيه ساكن من الإيمان لاتحرك فيه أملا يدفع به للرجوع لخالقه سبحانه وتعالى اشكالية خطيرة جدا إذا أصبحنا نألف تغير الأحوال في الأمم وفي أنفسنا وتقلبنا دون أن ندرك الحكمة من وراء ذلك وقعنا في إشكالية خطيرة هذه الأحداث لا ينبغي ان تألف هذه الأحداث العاقل يقف أمامها وقفت الإنسان المتعلم الراغب في أن يدرك ما وراء الاشياء يقرأ كما يقال ما بين السطور يدرك ان الله سبحانه وتعالى لون له هذه الأحوال ليعود إليه ليرجع إليه الباساء والإمتحان بالبأساء وبالشدة وبالرخاء له هدف غاية وكثير من الناس يرجع الى الله في الشدة ولكنه لا يرجع في الرخاء لايدرك أن الرخاء وأن تفتح عليه الدنيا وأن يؤتى من الأموال ومن الصحة ومن القوة وما شابه إبتلاء كثيرون لا يصمدون أمام ذلك


                                كذلك روي عن بعض السلف والصحابة قالوا إبتلينا بالشدة فصبرنا وإبتلينا بالسراء فلم نصبر وهذا من ورعهم وزهدهم في الدنيا ولكن في واقع الأمر أن الإبتلاء بالنعمة من أشد أنواع الإبتلاء إختبار ربي سبحانه وتعالى حين يفتح على الأمم وعلى الأفراد أبواب الرخاء والسعة و الترف فربي سبحانه وتعالى إنما في واقع الامر يبتلي ماالموقف في مثل ذلك الحال الموقف أن ندرك كما يدرك في الشدة أنه عاجز وأن ربه القوي انه ضعيف وأن الله سبحانه هو القادر على كل شي قدير و أن ما بكم من نعمة وماهم فيه من نعمة انما هو من باب الإبتلاء والإختبار فلينظركيف هو عمله ما طبيعة ذلك العمل الذي يقوم به في حياته فتحت عليه الدنيا أموال صحة قوة أمان استقرار

                                ماذا فعلت بها ماذا فعلت بالاستقرار الذي خولك الله به تلك النعم ماذا فعلت ماذا حققت ماذا انجزت المسألة ليست ماتملك وليس ما عندك لأن ما عندك وما تملك انما هو إبتلاء من الله سبحانه هو عطاء الرب ولكن السؤال ماذا فعلت أنت بذلك العطاء ماذا قدمت بذلك العطاء ماذا حققت من انجازات على صعيد مقاومة ومكافحة الفساد واقامة الصالح و الخيروالنفع للبشر ماذا فعلت ماذا حققت من الأشياء التي أمر الله عز وجل بتحقيقها في حياتك وحياة الناس هذا هو السؤال

                                فإذا لم تتولد عند الانسان كل هذه التساؤلات ولم يولد لديه امتحان الشدة و امتحان الرخاء رجعة ويقضة و لله سبحانه وتعالى جاء العذاب


                                (فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (الأعراف95)) )

                                فجأة الرب الذي هو قادر على العطاء قادر على الأخد الرب الذي فتح لك أسباب الدنيا قادر على إغلاقها بيده كل شي فعليك ان تقرأ وعليك ان تدرك وعلى العاقل أن لا يركن الى الدنيا ولا يفرح بإقدامها ولا بإقبالها لأن من طبائعها أنها إذا أقبلت ستدبر قريبا واذا أعطت فإنها ستأخذ قريبا الأخذ والعطاء سنة من السنن قائمة في الافراد وفي الامم.
                                التعديل الأخير تم بواسطة م/ جيهان; الساعة 01-01-2018, 03:48 PM.

                                تعليق

                                يعمل...
                                X