إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حال السلف الصالح في أيام العشر*

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حال السلف الصالح في أيام العشر*


    حال السلف الصالح في أيام العشر -

    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده‘ وبعد-
    وعودة إلى أيام البر، وهي الأيام التي قد فتحها الله تعالى للمؤمنين بعد رمضان، حيث وصلهم الله تبارك وتعالى بعد أيام رمضان أيام المغفرة، أيام العتق من النار، أيام الرحمة، وصلهم بأيامٍ أُخَرْ -سبحانه وتعالى- فتح لهم بها أبوابًا جديدة من أبواب العفو، ومن أبواب المغفرة، ومن أبواب العتق من النار كذلك، بل فتح لهم أبوابًا هي أعظم من هذه الأبواب التي كانت، يعني: كانت رحمة الله -تبارك وتعالى- بهم أعظم مما كانت يعني زادت رحمة الله تعالى عليهم، وزادت عناية الله تعالى بهم، يعني: لَمَّا أكملوا سعيهم في رمضان وقاموا ليلهم، وصاموا نهارهم، وتصدقوا من فضل أموالهم، واستخدموا أنفسهم في طاعة الله تعالى، فوفق منهم من وفق لليلة القدر، ووفق من وفق لمغفرة الله تعالى، وللعتق من النار، إذا بالله تعالى يُكْرمهم بأعظم من ذلك، وأجلَّ من ذلك هذه الأيام هي أيام العشر من ذي الحجة.
    *::*::*:::*:*::*::*::*:*:*::*

    1- كانوا يجتهدون فيها اجتهادا لا يكاد يقدر عليه.
    2- الصيام والقيام والصدقة وصلة الأرحام والسير في مصالح المسلمين.
    3- الإكثار من التسبيح والتهليل والتحميد.
    الموعظة مما سبق.


    ----- 1- كانوا يجتهدون فيها اجتهادا لا يكاد يقدر عليه -----

    فهلّا كان من أهل الإيمان الاستعداد في هذه الأيام التي فتحها الله تعالى لهم، ليعظِموها وليرفعوا درجتها، كان السلف الصالحون في مثل هذه الأيام يجتهدون اجتهادًا حتى لا يكاد يقدر عليه ، يعني: يجتهدون اجتهادًا عظيمًا لا يستطيع أحدٌ أن يلحق بهم بهذا الإجتهاد في تلك الأيام،
    وكانوا يعدون عمل اليوم فيه بأعمال أيامٍ كثيرة كما ذُكِر عن بعضهم، يعني: هذه الأيام بآلاف الأيام من الأعمال الصالحة؛ لأنها كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم توازي أن يخرج المجاهد في سبيل الله عشرة أيام وتدخل أنت أيها المسكين إلى مصلَّاك فتصلي فلا تفتر، وتصوم فلا تفطر أجر المجاهد كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: كأجر القائم الراكع القانت الساجد حتى يرجع، القانت القائم الراكع الساجد الخاشع كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البخاري وغيره.

    إذن قد فتحت هذه الأيام لهذا المعنى، عَظَّمها السلف أعظم تعظيم -كما أشرنا- حتى لا يكادون يقدر عليهم لا يكاد للمرء يقدر على اجتهادهم يعني: أنهم كانوا يواصلون ليلهم نهارهم، كان سعيد بن جبير راوي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما- يعني راوي حديث «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» - كان يجتهد اجتهادًا ما يُقدر عليه، وكان يعجبه ألا تُطفأ السُرُجُ بالليل سواءً في المساجد أو في البيوت بالليل هذه الليالي يعني: كان يعجبه أن يقوم الناس هذه الليالي من أوَّلِهَا إلى آخرها.

    *::**::*::*:::*:*::*::*::*:*:*::*

    ----- 2- الصيام والقيام والصدقة وصلة الأرحام والسير في مصالح المسلمين -----

    ومن ثم لما قال النبي صلى الله عليه وسلم :«مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» كان كل عملٍِ فيها أفضل مما يعمله المرء في غيرها، فإن صاموا فيها كان الصيام فيها أفضل من الصيام في غيرها، وإن سبح وهَلَّلََ كان أفضل وأعلى من غيرها، إن قام كان القيام أجلَّ وأعظم من غيرها، إن تصدق كانت الصدقة كذلك أعلى ثوابًا وأعظم مثوبةً من غيرها، إنْ وصل أقاربه، إن برَّ والديه، إن قام بعملٍ صالح لإخوانه، إن سار في مصلحة المسلمين كل ذلك من الأعمال الصالحة أعظم مئات المرات من الأعمال في مثل تلك الأيام في عشرٍ مثلها من أيام الدنيا.
    لذلك كانوا يؤكدون تأكيدًا شديدًا على صيامها وقيامها كما ذكر كثيرٌ بل أكثر العلماء على استحباب الصيام فيها، والقيام فيها،

    *::**::*::*:::*:*::*::*::*:*:*::*

    ------ 3- الإكثار من التسبيح والتهليل والتحميد -----

    وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: فأكثروا فيهنَّ من التسبيح والتهليل والتحميد، أن يكثروا فيها من ذلك،


    وكان ابن عمر وأبو هريرة -رضي الله عنهما- يخرجان في هذه في هذه الأيام -في أيام العشر- إلى السوق يُكبران لا يخرجهما إلا التكبير يعني: مما ورد في فضل هذه الأيام مما نسيه المؤمنون كذلك أنهم كانوا يخرجون فيها يكبرون الله تبارك وتعالى، يُذكرون الغافلين بما فيها من فضل ويرفعون فيها ذكر الله تعالى ليعُمَّ العمل الصالح جميع المؤمنين، ولترتفع الغفلة عنهم - هذه الغفلة قد أصابتنا -كما ترون- فلا تعظيم لهذه الأيام، ولا اجلال لها، ولا رفعًا لشأنها ولا شيئًا من ذلك، يُحِسُّه المؤمنون بقلوبهم فضلًا عن القيام له بأعمالهم فضلًا كذلك عن الإهتمام لها وتفريغ الوقت والجهد لتحصيل فضلها وثوابها وكأنها كبقية أيام الدنيا.


    ::**::*::*:::*:*::*::*::*:*:*::*

    ---- الموعظة مما سبق -----
    فإذا علم المؤمنون –كما أشرنا- هذا المعانى وهو أنَّ هذه الأيام هي أفضل من أيام العشر الأواخر من رمضان كانوا أشد اجتهادًا لها، رأينا إخواننا في العشر الأواخر يحاولون أن يعتكفوا وأن يصلوا وأن يقوموا وأن يتحروا ليلة القدر، وأن يقدموا صدقاتهم، وأن يخرجوا زكاة أموالهم وغير ذلك من بقية الأعمال الصالحة، جاءت هذه العشر وهي أفضل منها إذا بهم نائمون، وإذا بهم غافلون، وإذا بهم متكاسلون لا يُحسون بعظمتها ولا بخطرها، ولا بإرتفاع شأنها ولا علوِّ منزلتها ولا كثرة الثواب والخير الجزيل فيها، فمتى يحسون إذن بهذا؟

    ينبغي أن يتفكر الناس في موقفهم وكأنهم أمِنُوا في رمضان أن قد غفر لهم! من الذي قد أمن في رمضان أن الله غفر له وأعتقه من النار؟! فإذا بالله تعالى به يقطع عنك العذر مرةً أخرى ويفتح لك أيامًا هي أفضل فيراك على هذا التكاسل، وعلى هذا التقصير، وعلى تلك الغفلة التي نحن فيها.

    علم المؤمنون كيف وَصَلهمُ الله تعالى بأيام هي أعظم من تلك الأيام، وكيف هيأهم ليحققوا عفوه بعد ذلك ومغفرته والعتق من النار -سبحانه وتعالى-، وليحققوا بذلك ما يرجون من أن يُعَيدوا، وأن يُسَّروا بعيدهم، وأن سرورهم وفرحهم لا يكون إلا بالله تعالى وبما ينزل عليهم من فضل، وبما يمنحهم من عفو، وبما يجود عليهم بمغفرته -سبحانه وتعالى- فتهيؤا لذلك وفهموا عن الله تعالى مقصوده في تلك الأيام ليستدركوا ما فاتهم، وليقتربوا بذلك من ربهم -سبحانه وتعالى- وليوحدوا ربهم، وليتعلقوا به أكثر من ذي قبل ليكونوا أحبَّ إلى الله وأقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- فإذا بهم قد تكاسلوا وتراجعوا وغفلوا.
    وهذا الأمر إنَّما يجب أن يكون في مَحِلِّ حُزْنِ المؤمنين إذا لم يتحققوا بما يكون سبب فرحهم وسرورهم، تراهم بما يُسَّروا، وبما يفرحوا على العكس ينبغي أن يحزنوا لغفلتهم وبعدهم، وتقصيرهم، وتفريطهم، فما كان سلفهم على هذا الحال أبدًا من الانشغال بالدنيا، والغفلة عن الآخرة، وعدم الاستعداد للقاء الله تعالى، وفيما هم فيه من طول الأمل والبعد عن الربّ -سبحانه وتعالى- وفيما هم فيه من عدم الاستقامة على أمر الله تعالى، وثبات السير بالأقدام والقلوب إلى الله تعالى، إنَّما هم ساعةً متعبدين، وساعةً مقصرين مفرطين، وساعةً في الذكر، وساعةً في الغفلة وهكذا لم يثبتوا على السير إلى الله، ولم يستقيموا في طريقه -سبحانه وتعالى- ولم يستعدوا له، وغفلوا عن يوم رحيلهم إليه، وملاقتهم له، ووقوفهم بين يديه.

    ومع ذلك ما تزال رحمة الله تعالى تحفهم، وما زال في أيام البركة وأيام البر أيامٌ يمكن أن يستدركوا فيها، أن يقوموها كلها، وأن يصوموها كلها، وأن يُعمروها كلها بالذكر كما ذُكر في التسبيح والتهليل والتحميد، وكذلك ليكبروه فيها، وأن يستبدلوا الغفلة بالذكر، وأن يستبدلوا البعد بالقرب، وأن يستبدلوا ما هم فيه بالطاعة والمحبة لله تعالى، ذلك كله ينتظره الرب -سبحانه وتعالى- من عباده المؤمنين المتقين حتى تتنزل عليهم رحمته ويرتفع عنهم البلاء، وأن تحيط بهم من عفوه ومغفرته والعتق من النار.

    منقول بتصرف يسير







  • #2
    للنفع

    تعليق

    يعمل...
    X