إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حدث في مثل هذا اليوم -

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حدث في مثل هذا اليوم -

    بسم الله الرحمن الرحيم


    حدث في مثل هذا اليوم
    مجموعة من الأحداث والمناسبات المؤثرة عالميا التي حدثت خلال:
    "
    يوم أو أسبوع أو شهر " نستعرضها هنا مجمعة من خلال روابط
    تربط المواضيع لتكون مرجعًا للاستزادة حول الحدث.

    فتابعونا



    بسم الله الرحمن الرحيم


    حدث في مثل هذا اليوم
    مجموعة من الأحداث والمناسبات المؤثرة عالميا التي حدثت خلال:
    "
    يوم أو أسبوع أو شهر " نستعرضها هنا مجمعة من خلال روابط
    تربط المواضيع لتكون مرجعًا للاستزادة حول الحدث.

    فتابعونا


    حدث في شهر المحُرَّم عبر القرون

    غزوات وأحداث مهمة في شهر صفر


    تابع ما حدث في شهر صفر

    حدث في مثل هذا الأسبوع (15 - 21 صفر )


    شهر ربيع الأول وأهم الأحداث فيه
    هجرة النبي صلى الله عليه وسلم
    ربيع الأول


    حدث في شهر ربيع الآخر
    تابع شهر ربيع الآخر

    حدث في مثل هذا الأسبوع (7-13) جمادى الأولى

    حدث في شهر جمادى الآخرة
    بقية

    حدث في مثل هذا الأسبوع ( 29 جمادى الآخرة – 6 رجب )

    حدث في مثل هذا الأسبوع (7-13) رجب


    حدث في مثل هذا الأسبوع (14-20) رجب
    حدث في مثل هذا الأسبوع () رجب
    شعبان
    رمضان
    شوال


    من أحداث شهر ذي القعدة




    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 16-07-2018, 09:41 PM.


  • #2

    شهر المحرم

    هذا الموضوع محاولة لرصد أحداث هامة في تاريخ أمتنا الإسلامية وقعت في شهر المحرم، وهي محاولة لن تخلو من قصور لأسباب عدة أهمها:
    أن المصادر التاريخية في بعض الأحيان تغفل تماماً تحديد الشهر، وتكتفي بتحديد السنة التي وقع فيها الحادث وهو أمر ألجأ كثيراً من الباحثين إلى تجاهل تحديد اليوم والشهر الذي وقع فيه الحادث اكتفاء بتحديد سنة وقوعه فقط.


    وإذا كانت المصادر القديمة أغفلت تحديد البعض؛ فإن المصادر التي أرخت لوقائع وأحداث العالم الإسلامي اعتباراً من القرن العاشر الهجري تكاد تتجاهل كليةً تحديد شهر وقوع الحادث مكتفية بتحديد السنة، اللهم إلا بعض الوقائع هنا وهناك.

    في آخر المحرم من السنة السابعة للهجرة، خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر [1] واستخلف على المدينة: (نميلة بن عبدالله الليثي) فلما انتهى اليها حاصرها حصنا حصنا، يفتحه الله - عز وجل - عليه ويغنمه، حتى استكملها - صلى الله عليه وسلم - وخمسها، وقسم نصفها بين المسلمين، وكان جملتهم من حضر الحديبية فقط، وأرصد النصف الآخر لمصالحة ولما ينوبه من أمر المسلمين.
    واستعمل اليهود الذين كانوا فيا بعدما سألوا ذلك عوضا عما كان صالحهم عليه من الجلاء على أن يعملوها، ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم – النصف مما يخرج منها من ثمر أو زرع، وقد اصطفى - صلى الله عليه وسلم - من غنائمها (صفية بنتي حيي بن أخطب) لنفسه فأسلمت، فأعتقها، وتزوجها، وبنى بها في طريق المدينة [2].
    وقد أهدت إليه امرأة من يهود خيبر شاة مصلية مسمومة، فلما انتهش من ذراعها أخبره الذراع أنه مسموم، فترك الأكل، ودعا باليهودية، فاستخبرها: هل سممت الشاة"؟ فقال: نعم. فقال: "ما أردت من ذلك"؟ فقالت: أردت إن كنت نبيا لم يضرك، وإن كنت غيره استرحنا منك، فعفا عنها - صلى الله عليه وسلم - وقيل: إن (بشر بن البراء بن معرور) كان ممن أكل منها، فمات، فقتلها به [3].

    وفيه من عام 12هـ انتصر المسلمون بقيادة خالد بن الوليد - رضي الله عنه - على جيوش الفرس بقيادة هرمز في معركة (ذات السلاسل) وفي بدايتها خرج (هرمز) ودعا (خالدا) للمبارزة، فأجابه، وكان هرمز قد طلب من بعض رجاله أن يغدروا بخالد أثناء المبارزة ويقتلوه، ولكن خالد تمكن من قتل هرمز الذي فشل جنوده في النيل من خالد أثناء المبارزة رغم إحاطتهم به من كل جانب، وانقض (القعقاع ابن عمرو التميمي) الساعد الأيمن لخالد بن الوليد بالجيش على جموع الفرس الذين انهارت معنوياتهم بمقتل قائدهم، وسميت هذه المعركة ب (ذات السلاسل) لأن هرمز قيد جنوده بالسلاسل لكيلا يفروا [4].

    وفي 21 من المحرم عام 13هـ كتب الخليفة أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - إلى خالد بن الوليد - رضي الله عنه - رسالة جاء فيها: "... أما بعد: فإذا جاءك كتابي هذا فدع العراق، وخلّف فيه أهله الذين قدمت عليهم، وهم فيه، وامض متخففا في أهل قوتك من أصحابك، الذين قدموا العراق معك من اليمامة، وصحبوك في الطريق، وقدموا عليك من الحجاز، حتى تأتي الشام، فتلقى أبا عبيدة بن الجراح ومن معه من المسلمين، فإذا التقيتم فأنت أمير الجماعة والسلام عليك" وقدم عليه بالكتاب: (عبدالرحمن بن حنبل الجمحي) [5].

    وفيه من عام 14 هـ حشد أمير المؤمنين: عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - جموع المسلمين المتطوعين لحرب الفرس بالقرب من المدينة عند ماء يدعى (صرار) وكان المسلمون قد تعرضوا لهزيمة مريرة في معركة (الجسر) في 23 من شعبان عام 13 ه وقتل فيها (أبو عبيد بن مسعود الثقفي) قائد جيش المسلمين، وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما بلغه الخبر: "والله لأضربن ملوك العجم بملوك العرب" وكان أول ما عمل أن كتب إلى عماله في الكور والقبائل وذلك في ذي الحجة عام 13 هـ مع مخرج الحجاج إلى الحج فجاءته أوائل القبائل التي طرقها على مكة والمدينة، ومن كن على طريق العراق وهو إلى المدينة أقرب، توافوا إليه بالمدينة مع رجوع الحج، وأخبروه عمن وراءهم أنهم يجدون في أثرهم؛ واختار عمر لقيادة هذا الجيش سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - الذي قاد المسلمين إلى نصر حاسم أسقط به إمبراطورية الفرس في معركة القادسية [6].

    وفيه من عام 16 هـ توفيت السيدة: (مارية) - رضي الله عنه - سرية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأم ولده إبراهيم، وكان عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - يحشر الناس لجنازتها بنفسه، وصلى عليها ودفنها بالبقيع - رضي الله عنها - [7].

    وفيه من عام 24 هـ تولى عثمان بن عفان - رضي الله عنه - الخلافة عقب مقتل الخليفة عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - في 23 من ذي الحجة سنة 23هـ على يد فيروز المجوسي الملقب بأبي لؤلوة [8].

    وفي آخر المحرم من عام 37 هـ انتهت الموادعة المعقودة بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وبين معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - إبان الخلاف الذي كان قد شجر بينهما بشأن القصاص من قتلة الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وكان جيشاهما قد التقيا في (صفين) في شعبان من عام 36هـ، ودارت المراسلات بين الطرفين بهدف توحيد الكلمة، وطالت المراسلات حتى اتفقا في النهاية على الموادعة إلى آخر المحرم من عام 37هـ، ثم دارت رحي الحرب بينهما من جديد [9].

    وفي عام 65هـ انتصر الخليفة الأموي (مروان بن الحكم) على (الضحاك بن قيس الفهري) زعيم عرب قيس المصرية في موقعة (مرج راهط)، كان الضحاك بن قيس قد رفض مبايعة مروان بن الحكم بالخلافة، وبايع عبدالله بن الزبير وذلك عقب وفاة الخليفة الأموي (معاوية الثاني) سنة 63هـ حيث شهدت الشام انقساما حادا بسبب المنافسة بين أفراد البيت الأموي، إذ أصبح كل منهم يطمح إلى الخلافة ويرى نفسه أحق بها من غيره، وانتهى الأمر بمبايعة أنصار بني أمية وعلى رأسهم (عرب اليمنية) لمروان بن الحكم، في حين مالت (المصرية) بزعامة (قيس) إلى عبدالله بن الزبير الذي كان قد دعا لنفسه بالخلافة [10].

    وفي المحرم من عام 127هـ هُزم شيعة عبد الله بن معاوية بن عبد بن جعفر بن أبي طالب الذي دعا لنفسه بالخلافة في الكوفة بعد أن أغراه شيعته بأخذ البيعة لنفسه، على أن كثيرا منهم فروا أثناء القتال، ولم يثبت للحرب منهم غير بني ربيعة، والزيدية، الذين ظلوا يقاتلون حتى أخذوا لأنفسهم ولعبد الله بن معاوية الأمان من الخليفة الأموي إبراهيم بن الوليد بن عبدالملك على أن يرحلوا حيث شاءوا [11].

    وفيه من عام 187هـ أمر الخليفة العباسي (هارون الرشيد) بقتل (جعفر بن يحيى البرمكي) وحبس أبيه يحيى وسائر أبنائه، وأصدر أوامره إلى الأقاليم بمصادرة أموال البرامكة وأملاكهم. كان جعفر بن يحيى البرمكي قد أطلق سراح يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الذي كان قد خرج على طاعة الرشيد وأخذ البيعة لنفسه في بلاد الديلم ولكن الرشيد كان قد نجح في الإيقاع به، وأودعه السجن [12].

    وفي المحرم من عام 200 هـ نجح (هرثمة بن أعين) قائد جيش الخليفة العباسي (المأمون) في إلحاق الهزيمة بجنود (محمد بن إبراهيم العلوي) الذي خرج على المأمون بالكوفة في جمادى الآخرة عام 199هـ، وصار يدعو إلى: (الرضى من آل محمد) ونجح قائد جنده (أبو السرايا السرى بن منصور الشيباني) في الاستيلاء على الكوفة من يد واليها العباسي، على أن (هرثمة) تمكن من دخول الكوفة واستردادها، واضطر (أبو السرايا) إلى الخروج منها هو ومن معه من الطالبيين [13].

    وفيه من عام 202هـ خلع زعماء البيت العباسي الخليفة (المأمون) من الخلافة، وبايعوا عمه (إبراهيم بن المهدي) ولقبوه بـ (المبارك) بعد أن نقل المأمون الخلافة إلى العلويين بتوليته (علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق) والذي لقبه المأمون ب (الرضى من آل محمد) العهد من بعده وأخذ البيعة له بذلك، وزوجه ابنته، وزوج (محمد الجواد بن علي الرضى) ابنته الأخرى، بل أمر الناس بخلع السواد شعار العباسيين واستبداله بالخضرة [14].

    وفي 10 من المحرم عام 656هـ عبرت جيوش التتار بقيادة (باجو) أحد قادة (هولاكو) نهر دجلة واستولت على الجانب الغربي من بغداد بعد أن ألحقت الهزيمة بالجيش العباسي، أما في الجانب الشرقي من المدينة فقد استمر الجيش العباسي في المقاومة حتى اليوم التاسع عشر من شهر المحرم عام 656ه، ثم لم يلبث التتار بقيادة (هولاكو) أن اجتاحوا هذا الجانب، يقول ابن طباطبا: "فجري من القتل الذريع والنهب العظيم، والتمثيل البليغ ما يعظم سماعه جملة، فما الظن بتفاصيله؟" [15].

    وفي 8 من المحرم عام 1213هـ وصل إلى ميناء الإسكندرية عشر سفن حربية إنجليزية تلتها خمس عشرة سفينة أخرى بهدف البحث عن سفن الأسطول الفرنسي التي خرجت من ميناء طولون الفرنس، ولا يعلمون وجهتها بعد أن فقدوا أثرها في البحر المتوسط وحاول الإنجليز التفاهم مع السيد محمد كريم حاكم الإسكندرية وعرضوا عليه أن ترسو السفن الإنجليزية في عرض البحر للتصدي للأسطول الفرنسي في حالة ظهوره أمام السواحل المصرية، وطلبوا فقط إمدادهم بالماء والطعام بثمنه، فرفض السيد محمد كريم حيث رأى أنها مكيدة إنجليزية تهدف لاحتلال مصر وأجابهم بقوله: "هذه بلاد السلطان، وليس للفرنسيين ولا لغيرهم عليها سبيل فاذهبوا عنا" فغادر الإنجليز سواحل الإسكندرية [16].

    وفي 18 من المحرم سنة 1213هـ وصلت سفن الأسطول الفرنسي إلى سواحل الإسكندرية وضمت ما يقرب من 502 سفينة حربية تحمل ستاً وثلاثين ألف مقاتل، ومائة واثنين وعشرين عالما في شتى المجالات العلمية؛ واستولى قائد الحملة (نابليون بونابرت) على مدينة الإسكندرية ومنها سار إلى القاهرة من طريق الصحراء الممتدة غرب فرع رشيد، فقابله (مراد بك) أمير أمراء المماليك بمصر عند مدينة شبراخيت بالبحيرة في 29 من المحرم فهزمه بونابرت وواصل مسيرته نحو القاهرة [17].

    وفي نهاية المحرم سنة 1213 هـ وجه (نابليون بونابرت) قائد الحملة الفرنسية على مصر رسالة إلى شعب مصر باللغة العربية افتتحها بعبارة: "بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله، لا ولد له ولا شريك له في ملكه" ومما جاء فيها: ".... وأنني أكثر من المماليك أعبد الله - سبحانه وتعالى - وأحترم نبيه والقرآن العظيم... إن جميع الناس متساوون عند الله... إن الفرنساوية هم أيضاً مسلمون مخلصون، وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا في رومية الكبرى [18] وخربوا فيها كرسي البابا الذي يحث النصارى على محاربة الإسلام...".

    ومما جاء فيها أيضاً: ".. كل قرية تقوم على العسكر الفرنساوي تحرق بالنار..".

    وختم الرسالة بقوله: "... والمصريون بأجمعهم ينبغي أن يشكروا الله - سبحانه وتعالى - لانقضاء دولة المماليك قائلين بصوت عالٍ: أدام الله إجلال السلطان العثماني، أدام الله إجلال العسكري الفرنساوي، لعن الله المماليك، وأصلح حال الأمة المصرية.... " [19].




    وفي 21 من المحرم عام 1215هـ لقى الجنرال (كليبر) قائد الحملة الفرنسية في مصر مصرعه على يد شاب سوري يدرس بالأزهر وهو (سليمان الحلبي) كان كليبر قد ارتكب مذابح بشعة في إخماد ثورة الشعب المصري ضد الاحتلال الفرنسي، وتشكلت محكمة لمحاكمة (سليمان الحلبي) قررت حرق يده اليمنى أولاً، ثم حرقه حتى الموت فوق الخازوق، وقررت المحكمة كذلك إعدام أربعة آخرين من طلاب الأزهر هم: السيد عبدالقادر الغزي، ومحمد الغزي، وعبدالله الغزى، وأحمد الغزى لأنهم كانوا يعلمون بنية سليمان الحلبي وعزمه على قتل كليبر، ولم يبلغوا السلطات الفرنسية [20].

    وفي 10 من المحرم سنة 1222هـ احتل الإنجليز بقيادة الجنرال (فريزر) الذي قاد حملة عسكرية قوامها خمسة آلاف جندي مدينة الإسكندرية، ثم سير فرقة عسكرية إلى مدينة رشيد لاحتلالها، ولكنها انهزمت ولم تقو على احتلال رشيد [21].

    وفي 16 من المحرم عام 1358هـ احتج الأزهر الشريف على وضع قوة من الشرطة البريطانية في المسجد الأقصى الشريف، وطالب بضرورة إخراج تلك القوة من المسجد رعاية لشعور المسلمين وتهدئة لخواطرهم [22].

    وفيه من عام 1391هـ رفض المؤتمر السادس لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أي حل لا يعيد جميع الأراضي المحتلة إلى العرب، وفي مقدمتها مدينة القدس بكاملها - سيادة وإدارة - كما رفض المؤتمر فكرة تدويل القدس بأية صورة من الصور، واستنكر المؤتمر استمرار إسرائيل في تغيير معالم القدس، والعدوان على آثارها الدينية والتاريخية والحضارية، وطالب الأمم المتحدة بتنفيذ قراراتها المتعلقة بذلك وردع إسرائيل عن المضي في جرائمها [23].


    [1] ويرى مالك بن أنس - رحمهما الله تعالى - أن فتح خيبر كان في السنة السادسة للهجرة، انظر: ابن حزم الاندلسي، جوامع السيرة، تحقيق د/ إحسان عباس ود/ ناصر الدين الأسد ط دار المعارف بمصر من 211.

    [2] ابن كثير "الفصول في اختصار سيرة الرسول" تحقيق محمد العيد الخطراوي، محي الدين مستو، ط 399/ 1400، مؤسسة علوم القرآن/ دار القلم - دمشق - بيروت ص 167: 169.

    [3] رواه أبو داود في كتاب الديات - مرسلاً - عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف، باب فيمن سقى رجلاً سماً، وأطعمه فمات، أيقاد منه؟

    [4] ابن كثير، البداية والنهاية، ط الثانية 1387 هـ دار الفكر العربي، القاهرة، ج 6 ص 385: 387.

    [5] الأزدي، تاريخ فتوح الشام، ط مؤسسة سجل العرب 1970 القاهرة ص 68.

    [6] ابن كثير، البداية ولنهاية، ج 6 ط 2 ص 39: 41، الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ط 1929 ج 4 ص 87.

    [7] ابن كثير، الفصول في اختصار سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ص226.

    [8] انظر قصة بيعة عثمان في مقالنا بعدد شهر ذي الحجة 1418هـ.

    [9] ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ط 1303هـ القاهرة، ج 3 ص 114.

    [10] تاريخ اليعقوبي، ط 1358هـ المكتبة المرتضوية بالنجف، ج 3 ص 3، وانظر أيضاً: الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 4 ص 415.

    [11] الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 5 ص 599 ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 5 ص 122.

    [12] الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 6 ص 48: 49، ابن طباطبا، الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، ط 2 دار المعارف القاهرة 1938 ص 186.

    [13] ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 6 ص 104، 105.

    [14] المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، القاهرة 1938، ج 3 ص 349: 350، ابن طباطبا، الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، ص 192، 193، الجهشياري، كتاب الوزراء والكتاب، تحقيق: مصطفى السقا، وإبراهيم الإبياري،، وعبد الحفيظ شلبي، القاهرة 1938 ص 312.

    [15] ابن طباطبا، الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية ص 296، 298.

    [16] الجبرتي، تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، دار الجليل - بيروت ج 2 ص 179، 180.

    [17] الجبرتي، المصدر السابق ج 2 ص 180، محمد فريد بك، تاريخ الدولة العلية العثمانية، تحقيق د/ إحسان حقي، ط 2 1983 دار النفائس - بيروت ص 372، 373.

    [18] يقصد روما.

    [19] الجبرتي، تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، ج 2 ص 184.

    [20] المصدر السابق، ج 2 ص 357: 387.

    [21] محمد فريد، تاريخ الدولة العلية العثمانية، ص 389، الجبرتي، تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، ج 3 ص 177: 187.

    [22] حلة، محمد علي (دكتور)، جهود الأزهر الشريف في دعم قضية فلسطين والقدس الشريف، ملحق مجلة الأزهر عدد ربيع الآخر 1418 ص 16، نقلا عن: الأهرام، 10 مارس 1938.
    [23] قرارات مجمع البحوث الإسلامية.
    موقع الألوكة



    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 14-07-2018, 09:23 PM.

    تعليق


    • #3
      رد: غزوات وأحداث مهمة في شهر صفر

      عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرا


      ربِّ خذ من حياتي حتى ترضى، واجعل كل سكنة وكل حركة وكل لحظة طَرْفٍ فيك ولك!

      تعليق


      • #4
        رد: غزوات وأحداث مهمة في شهر صفر

        جزانا وإيّاكم أختي
        وبوركتم لمروركم الكريم



        تعليق


        • #5
          رد: غزوات وأحداث مهمة في شهر صفر


          نسأل الله - عز وجل - أن يهدينا سواء السبيل، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
          اللهم امـــــــــــين



          اثابكم الله العلي القدير الثواب الجم

          ووفقكم للعمل الصالح


          تعليق


          • #6




            ما حدث في شهر صفر من غزوات وأحداث مهمة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم

            مما وقع في هذا الشهر:
            أولاً: غزة الأبواء:
            فقد "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صفر غازياً على رأس اثني عشر شهراً من مقدمه المدينة لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر صفر، حتى بلغ ودان، وكان يريد قريشاً، وبني ضمرة، وهى غزوة الأبواء، ثم رجع إلى المدينة، وكان استعمل عليها سعد بن عبادة"1، وهذه أول غزوة غزاها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.



            ثانياً: فتح خيبر:
            "قال ابن إسحاق: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني قد أعطى ابن لقيم العبسي حين افتتح خيبر ما بها من دجاجة أو داجن، وكان فتح خيبر في صفر"2.


            ثالثا: سرية قطبة بن عامر بن حديدة:
            "سرية قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم بناحية بيشة قريباً من تربة في صفر سنة تسع، قال ابن سعد: قالوا: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطبه في عشرين رجلاً إلى حي من خثعم بناحية تبالة، وأمره أن يشن الغارة، فخرجوا على عشرة أبعرة يعتقبونها، فأخذوا رجلاً فسألوه فاستعجم عليهم، فجعل يصيح بالحاضرة، ويحذرهم؛ فضربوا عنقه، ثم أقاموا حتى نام الحاضر فشنوا عليهم الغارة فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى كثر الجرحى في الفريقين جميعاً، وقتل قطبة بن عامر من قتل، وساقوا النعم، والشاء، والنساء إلى المدينة، وجاء سيل أتى فحال بينهم وبينه فما يجدون إليه سبيلاً، وكانت سهمانهم أربعة أبعرة، والبعير يعدل بعشر من الغنم بعد أن أفرد الخمس"3.


            رابعاً: غزوة ذي أمر:
            "عن ابن إسحاق قال: ولما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة السويق أقام بالمدينة بقية ذي الحجة والمحرم أو عامته، ثم غزا نجداً يريد غطفان وهي غزوة ذي أمر، فأقام بنجد صفر كله، أو قريباً من ذلك، ثم رجع إلى المدينة فلم يلق كيداً"4.


            خامساً: وفد بنى عذرة:
            "قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد بنى عذرة في صفر سنة تسع اثنا عشر رجلاً فيهم جمرة بن النعمان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من القوم؟ فقال متكلمهم: من لا تنكر، نحن بنو عذرة، إخوة قصي لأمه، نحن الذين عضدوا قصياً، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة، وبني بكر، ولنا قرابات وأرحام، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مرحباً بكم وأهلاً، ما أعرفني بكم))، فأسلموا، وبشرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفتح الشام، وهرب هرقل إلى ممتنع بلاده، ونهاهم عن سؤال الكاهنة، وعن الذبائح التي كانوا يذبحونها، وأخبرهم أن ليس عليهم إلا الأضحية، فأقاموا أياماً بدار رملة، ثم انصرفوا وقد أجيزوا"5.


            سادساً: إسلام عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة - رضي الله عنهم -:
            "عن ابن إسحاق قال: كان إسلام عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة؛ عند النجاشي فقدموا إلى المدينة في صفر سنة ثمان من الهجرة"6.


            سابعاً: هجرته - عليه الصلاة والسلام -:
            "قال يزيد بن أبي حبيب خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة في صفر، وقدم المدينة في ربيع الأول"7.


            ثامناً: زواجه - صلى الله عليه وآله وسلم - من خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها -:
            "قال ابن إسحاق: في شهر صفر كان زواج السيدة خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - من النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - عقب خمسة وعشرين يوماً من صفر سنة ست وعشرين"8.


            تاسعاً: زواج علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بالسيدة فاطمة - رضي الله عنها -:
            قال ابن كثير: "وأما فاطمة - رضي الله عنها - فتزوجها ابن عمها علي بن أبى طالب - رضي الله عنه - في صفر سنة اثنتين، فولدت له الحسن والحسين، ويقال: ومحسن، وولدت له أم كلثوم وزينب"9.


            عاشراً: غزو الروم:
            في شهر صفر لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتهيؤ لغزو الروم، وأمرهم بالجد، ثم دعا من الغد يوم الثلاثاء لثلاث بقين من صفر أسامة بن زيد، و"بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأربع بقين من صفر، وأمره من غزو الروم والإغارة عليهم بما أمر، وعقد له لواء بيده المباركة، وجهزه في المهاجرين والأنصار أرباب الصوارم الفاتكة"10، وقد حث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ببعث هذا الجيش.


            فهذه بعض الأحداث المشرقة التي حدثت للأمة ووقعت في شهر صفر، وكلها تدل على أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان لا يتشاءم من هذا الشهر، بل كان يتعامل فيه كما يتعامل في بقية الأشهر، فقد تزوج في هذا الشهر، وزوج ابنته بعلي - رضي الله عنهما - في هذا الشهر، وغزا في هذا الشهر، وهذا كله يدل دلالة واضحة على إبطال دعاوى من يدعي أن هذا الشهر شهر شؤم ونحس، ولهذا نقول لمن تشاءم من هذا الشهر:
            أين أنتم من هذا الهدي النبوي؟ وماذا تقولون أو تردون؟ وما موقفكم من هذه النصوص؟

            وفي الجانب الآخر نجد أنه كما حدث في شهر صفر أحداث مشرقة للأمة، فكذلك حدثت أحداث مأساوية للأمة في شهر صفر،
            وهذا لا يعني أن هذا الشهر شهر شؤم تقع فيه المصائب؛ لأنه لا دخل للزمن فيما قدره الله، ولا يجلب الزمن أو يرد قضاء الله وقدره،
            ومن تلك الأحداث:

            أولاً: غزوة الرجيع:
            و"كان أصحاب الرجيع ستة نفر منهم: عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق حليف لبني ظفر، وخالد بن البكير الليثي، ومرثد بن أبي مرثد، وكان من شأنهم أن نفراً من عضل والقارة قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن فينا مسلمين فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم معهم -، حتى نزلوا بالرجيع؛ استصرخوا عليهم هذيلاً، فلم يرع القوم إلا والقوم مصلتون عليهم بالسيوف، وهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم فقالت هذيل: إنا لا نريد قتالكم، فأعطوهم عهداً وميثاقاً لا يريبونهم، فاستسلم لهم خبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق، ولم يستسلم عاصم بن ثابت، ولا خالد بن البكير، ولا مرثد بن أبي مرثد، ولكن قاتلوهم حتى قتلوا، وخرجت هذيل بالثلاثة الذين استسلموا لهم حتى إذا كانوا بمرِّ الظهران نزع عبد الله بن طارق يده من قرانه ثم أخذ سيفاً؛ فرموه بالحجارة حتى قتلوه، وقدموا بخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة مكة، فأما خبيب فابتاعه آل حجير بن أبي إهاب فقتلوه بالحارث بن عامر، وابتاع صفوان بن أمية زيد بن الدثنة فقتله بأبيه"11.


            ثانياً: مرض النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -:
            "مرض النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لاثنين وعشرين ليلة من صفر، وبدأ وجعه عند وليدة له يقال لها ريحانة كانت من سبي اليهود، وكان أول يوم مرض يوم السبت، وكانت وفاته يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول لتمام عشر سنين من مقدمه المدينة"12.


            ثالثاً: معركة صفين والتحكيم:
            في شهر صفر سنة سبع وثلاثين التقى علي - رضي الله عنه - وصحبه بمعاوية - رضي الله عنه - ومؤازريه في صفين، ودام القتال بينهم أياماً.
            فهذه بعض الأحداث الأليمة التي وقعت في الأمة الإسلامية خلال شهر صفر، والمتأمل في هذه الأحداث يجد أن لا دخل لشهر صفر وعلى مدار التاريخ في صنع الأحداث، ومن خلال هذا يُفهم أن هذا الشهر لا يختص بخير ولا بشر، فهو زمن من الأزمنة، وشهر من الشهور، يقع فيه ما يقدره الله - عز وجل - من خير أو شر وفق مقاديره - تبارك وتعالى -، وهو داخل تحت قوله - عز وجل -: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}13.


            وإن التشاؤم الذي يعتقده بعض من ينتسب إلى الدين الإسلامي ليس صحيحاً، ولا يستند إلى دليل شرعي من كتاب الله - تبارك وتعالى -، ولا من سنة المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولم يثبت أنه - صلى الله عليه وآله وسلم -، أو أحد من أصحابه - رضي الله عنهم - تشاءم بهذا الشهر ولا بغيره، بل الناظر إلى ما جاء من الشارع الحكيم يجد أن الدين الإسلامي حارب هذه البدعة، حيث كانت هذه البدعة موجودة قبل ظهور الإسلام (أي في عصور الجاهلية)، وكانت قد استشرت فيما بينهم؛ لأنهم كانوا يرجعون في هذا الشهر إلى أعمال السلب والنهب بعدما كانوا يمتنعون عن ذلك خلال الأشهر الحُرُم الثلاثة التي قبله، وهذا ما ورد في سبب تسمية هذا الشهر بصفر، وحين جاء الإسلام نهى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن التشاؤم بهذا الشهر، أو التطير به فقد ثبت عن أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ))14 وأراد - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث نفي ما كان يعتقده أهل الجاهلية من الاعتقادات الباطلة التي تؤثر في القلب، وتضعف الظن الحسن بالله - عز وجل -، فقوله: "ولا صفر: وهو تأخير المحرم إلى صفر في النسئ، أو دابة بالبطن تعدى عند العرب، ويحتمل أن يكون نفياً لما يتوهم أن شهر صفر تكثر فيه الدواهي والفتن"15.


            فأبطل بذلك النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قضية التشاؤم في شهر صفر، وأنه ليس من الدين في شيء، وأن شهر صفر شهر من الأشهر التي عدَّها الله - عز وجل -، وأيامه من أيام الله - تبارك وتعالى -، وليس فيها ما يدَّعيه بعض الجهلة بالدين من الذين لبَّس الشيطان عليهم، وما يحدث في هذا الشهر من بعض المسلمين؛ بدعة محدثة في الدين يدخل فيما روت أم المؤمنين عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ))16، ولا حاجة لما يحدثه الفريق الثاني ممن يقع في قضية مقابلة البدعة بالبدعة دون أن يشعروا من خلال أنهم يقابلون من يعتقد في شهر صفر بالشؤم ونحوه من الاعتقادات التي لا تصح؛ بأن يقولوا في شهر صفر بأنه صفر الخير، وهؤلاء وإن كان يدفعهم حبهم لمنهجهم فيقومون بمخالفة أهل الجاهلية في تشاؤمهم بشهر صفر، فتجدهم يؤرخون فيقولون: نحن في شهر صفر شهر الخير، إلا أن هذا الفعل يدخل في باب مدافعة البدعة بالبدعة؛ لأن هذا الشهر ليس شهر خير ولا شر، بل هو كبقية الأشهر، ويقع فيه ما قدره الله - عز وجل - من المقادير، ولا يحصل فيه إلا ما قضاه وقدره الله، ولم يخص - سبحانه - هذا الشهر بوقوع مكاره، ولا بحصول مصائب، فهو شهر من أشهر الله، وزمان من الأزمنة، والأزمنة لا دخل لها في التأثير ولا في ما يقدره الله - سبحانه -.


            فعلى المسلم الحق أن يتمسك بما ثبت عن الله - عز وجل -، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من الأقوال والأفعال، والتي سار عليها خير هذه الأمة من الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - دون أن يزيد في العبادات والشعائر؛ فالدين الإسلامي دين كامل لا يحتاج إلى من يزيد فيه، ولن يكون أعلم من الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولا من أصحابه - رضي الله عنهم -، وليعلم علماً يقينياً حديث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي يقول فيه: ((مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ))17، فليحذر مروجوا البدع من هذا، وليعلموا أن أوزار من اتبعهم من الناس، ووقعوا في هذه البدعة؛ لهم نصيب منها بنص هذا الحديث الشريف.
            نسأل الله - عز وجل - أن يهدينا سواء السبيل، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.


            1 عيون الأثر (1/295).

            2 تهذيب سيرة ابن هشام (1/334).

            3 عيون الأثر (2/238).

            4 دلائل النبوة للبيهقي (3/184).

            5 عيون الأثر (2/309).

            6 المعجم الكبير (9/61).

            7 صفة الصفوة (1/125).

            8 سبل الهدى والرشاد (2/165).

            9 السيرة النبوية لابن كثير (4/611).

            10
            المقتفى من سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -(1/82).


            11 دلائل النبوة للبيهقي (3/402).

            12 عمدة القاري شرح صحيح البخاري (26/343).

            13 سورة التوبة (36).

            14 البخاري (5316)، ومسلم (4116).

            15 فيض القدير (6/561).

            16 البخاري (2499)، ومسلم (188).

            17 الشرح المختصر على بلوغ المرام (3/292) بتصرف.



            التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 14-07-2018, 09:26 PM.

            تعليق


            • #7
              وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
              جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

              "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
              وتولني فيمن توليت"

              "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

              تعليق


              • #8
                اللهم آمين، واياكم

                تابع ما حدث في شهر صفر

                * في الخامس من صفرٍ بالتحديد وهوَ موعدُ غزوةِ خيبرَ وخيبرُ تبعدُ عن المدينةِ المنورة ثلاثةَ أيامٍ ذاتُ حصونٍ محصنة وأكبرها يُسمّى بالقَموص وهو الذي فتحهُ سيدنا عليٌّ رضي الله عنهُ وخلعَ بابه. وقد تساقطتْ هذه الحصونُ على يديْ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحقّق نصرٌ كبيرٌ للمسلمين على اليهودِ، ويومها أهدَت له زينب امرأةُ سلامِ بن مِشْكَمٍ وهي يهودية شاةً مطبوخةً وقد وضعتْ فيها سُمًّا فلاكَ صلى الله عليه وسلم منها قطعةً ولم يَسُغْها فلفظها، ومعه بشرُ بن البراءِ فلاك مضغةً فأساغها، ثم قال المصطفى: إن هذا العظمَ يخبرني أنّه مسمومٌ، ثم دعا بها فاعترفت وقالت: “قلتُ إن كان ملِكًا استَرحنا منهُ وإن كان نبيًّا فستخبره”، فتجاوز عنها ومات بشر، ثم بقي صلى الله عليه وسلم بعدها ثلاث سنينَ حتى كان وجعهُ التي توفي فيهِ فقال: هذا أوان انقطاع أَبهري من ذلك السمّ. فكانوا يرون أنّه مات شهيدًا مع ما أكرمهُ اللهُ من النبوةِ.

                * وفي الثامن والعشرين من شهر صفر عام مائة وسبعةٍ وخمسين للهجرةِ توفي الإمام عبد الرحمن الأوزاعيّ رضي الله عنهُ عن تسعة وستين عامًا، كان في زمانِه رحمه الله إمامَ الديار الشامية في الفقه والزهدِ ولد في بعلبك ونشأ في البقاع وسكن بيروت وتوفي بها. له كتاب السنن في الفقه والمسائلِ، ويقدّر ما سئل عنهُ بسبعين ألف مسئلة أجاب عليها كلِّها. وكانت الفتيا تدور بالأندلس على مذهبه الذي عُمل به لمائتي سنة إلى زمن الحكَم بن هشام.

                * في الثالث عشر من شهر صفر من عام ثلاثمائةٍ وثلاثةٍ للهجرةِ توفي الإمامُ أبو عبد الرحمنِ أحمدُ بن عليّ بن شعيبٍ النسائيّ الحافظُ رحمهُ اللهُ تعالى والذي كان إمامَ أهل عصرِه في الحديثِ، وله كتاب السنن، وسكنَ بمصرَ وانتشرتْ بها تصانيفُهُ وأخذ عنه الناس. ويقول الحافظُ الدارقطني: حُمِل الإمامُ النسائيّ ءاخر أيامه إلى مكةَ فتوفي بها ودفنَ فيها.
                وهو ينسب إلى نسأْ وهي مدينة بخراسان خرج منها جماعة من الأعيان.

                * وفي الحادي والعشرين من صفر وقيل من المحرم سنة أربعمائة وثلاثين للهجرة توفي الحافظُ المشهورُ أبو نُعيم أحمدُ بن عبد اللهِ بن أحمدَ الأصبهانيّ صاحب كتاب “حلية الأولياء” كان من الأعلامِ المحدّثينَ وأكابر الحفّاظ الثقاة، أخذَ عن الأفاضلِ وأخذوا عنهُ، وانتفعوا به وكتاب الحلية من أحسن الكتب، وله كتاب “تاريخ أصبهان” ويقول السبكيّ في كتابه طبقات الشافعية في ترجمة الإمام أبي نعيم: كان أبو نعيم في وقته مرحولاً إليه ولم يكن في أفقٍ من الآفاق أسندَ ولا أحفظ منه، كان حفّاظُ الدنيا قد اجتمعوا عنده، فكان في كلّ يومٍ نوبة واحد منهم يقرأ ما يريدهُ إلى قريب الظهر، فإذا قام إلى داره ربّما كان يقرأ عليه في الطريق جزءًا، وكان لا يضجر، لم يكن له غذاء سوى التصنيف أو التسميع وقال حمزة بن العباس العلويّ: كان أصحاب الحديث يقولون: بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير لا يوجد شرقًا ولا غربًا أعلى إسنادًا منه ولا أحفظَ منه.
                وللإمامِ أبي نُعيم كرامات مشهورة، توفي وله من العمر أربع وتسعون سنة رحمه الله.

                * وفي الثالث من صفر عام أربعمائة وخمسة للهجرةِ الشريفة توفي الحافظ المعروف بابن البَيّع أبو عبد الله محمد بن عبد الله المشهورُ بالحاكمِ النيسابوريّ، إمام أهل الحديث في عصرهِ، والمؤلفُ فيه الكتب التي لم يسبق إلى مثلها، كان عالمًا عارفًا واسع العلم، ثم طلب الحديثَ وغلبَ عليه فاشتهر به، وسمعه من جماعة لا يحصون كثرة فإن معجم شيوخه يقرب من ألفي رجل. وصنف في علومه ما يبلغ ألفًا وخمسمائة جزء منها الصحيحان. وأما ما تفرد بإخراجه فتاريخ علماء نيسابور والمستدرك على الصحيحين وهو أشهر كتبه. وإنما عُرف بالحاكم لتقلده القضاء رحمه الله تعالى.

                * وفي السابع والعشرين من صفر وفي عام خمسمائة وتسعة وثمانين للهجرة توفي السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله. هو السلطانُ يوسف بن أيوب أبو المظفر، الملقب بالملك الناصر، من أشهر ملوك الإسلام. ولد بتكريت ثم ولي أبوه أيوب أعمالاً في بغداد والموصل ودمشق، ونشأ هو في دمشق، وتفقه وتأدّب وروى الحديثَ بها وبمصر والاسكندرية، وحدّث في القدس، ودخل مع أبيه نجم في خدمة نور الدين محمود بن عماد الدين زَنكي.
                ولما استلم الحكمَ انصرف إلى عملين كبيرين: أحدهما الإصلاح الداخليّ في مصر والشام، بحيث كان يتردد بين القطرين، والثاني دفع غارات الإفرنجة الذين ردّهم وانتصر عليهم واستعاد القدس من أيديهم.
                كان رقيق القلب على شدة بطولته، رجل سياسة وحرب، بعيدَ النظر، متواضعًا مع جنده وأمراء جيشه رحمه الله، حفِظ كتاب التنبيه وهو في الفقه الشافعي وكتاب الحماسة في الشعر، ولم يدّخر لنفسه مالاً ولا عقارًا، وكانت مدة حكمه بمصر أربعًا وعشرين سنة. وخلّف من الأولاد سبعةَ عشر ذكرًا وأنثى واحدة، توفي رحمه الله ودفن في دمشق.
                التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 14-07-2018, 09:44 PM.

                تعليق


                • #9
                  وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                  جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
                  اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

                  تعليق


                  • #10
                    وجزاكم وبارك فيكم على مروركم الطيب

                    تعليق


                    • #11


                      شهر ربيع الأول

                      إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.
                      أما بعد، فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


                      لقد شهد شهر ربيع الأول أحداثًا مهمة في هذه الأمة، وشغلت هذه الأحداث محلًا كبيرًا من الاهتمام، بل وجانبًا كبيرًا من الاختلاف، إنَّ أبرز أحداث السيرة النبوية التي وقعت في هذا الشهر هي: مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ووفاته، وهذه الأحداث جميعها مهمة في حياة المسلمين بل في حياة الثقلين.

                      وفي هذا الشهر، ابتلي فيه بعضُ المسلمين ببدعة دخيلة على دينهم، فيجعلون حدث المولد النبوي احتفالًا، وله طقوسه، مخالفين بذلك الكتاب والسُّنَّة، وهدي السَّلف الصالح في هذه المسألة، حتى إنَّ بعض هؤلاء يجعلون ميلاد النَّبي صلى الله عليه وسلم أهمَّ حدث في السيرة؛ بل في الوجود كله.

                      والحدث الأهم من ولادته هو هجرته صلى الله عليه وسلم التي غيرت بفضل الله وربت المجتمع المسلم والدولة المسلمة التي استمرت قرونًا طويلة، وقدمت للإنسانية حضارة فريدة على مرّ الزمن، ولأهمية هذا الحدث أرَّخ به عمر بن الخطاب رضي الله عنه والمسلمون بعده التاريخ الإسلامي، كما روى ابن أبي شيبة عن الشعبي أنَّ أبا موسى رضي الله عنه كتب إلى عمر رضي الله عنه: إنّه يأتينا منك كُتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر رضي الله عنه النَّاس، فقال بعضهم: أرِّخ بالمبعث، وبعضهم: أرِّخ بالهجرة، فقال عمر: «الهجرة فرّقت بين الحقّ والباطل فأرّخوا بها»( المصنف (7/26).).

                      ومن الأحداث المهمة في هذا الشهر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم هو وفاته عليه الصلاة والسلام، لأنَّ وفاته صلى الله عليه وسلم ليست كوفاة سائر النَّاس، ولا كسائر الأنبياء؛ إذ بموته صلى الله عليه وسلم انقطعت النبوات، وانقطع خبر السماء ووحي الله عن الأرض.

                      وقد نبّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى عظم هذه المصيبة التي حلّت بالمسلمين فقال:
                      «يا أيها الناس أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعزَّ بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحدًا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشدّ عليه من مصيبتي»(2)، قال السندي: «فليتعزّ» أي ويخفِّف على نفسه مؤونة تلك المصيبة بتذكر هذه المصيبة العظيمة، إذ الصّغيرة تضمحلّ في جنب الكبيرة فحيث صبر على الكبيرة لا ينبغي أنْ يبالي بالصّغيرة»(3).

                      (2) ابن ماجة (1599)، وهو صحيح، انظر: السلسلة الصحيحة، رقم (1106).
                      (3) حاشية السندي على ابن ماجة (1599).


                      وحرصًا على التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والتواصي بالصبر من خلال النصيحة والتوجيه والإرشاد أُذكِّر بحديث تميم الدَّاري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدِّين النَّصيحة»، قلنا: لمن؟ قال: «لله، ولكتابه، ولرسوله، ولائمة المسلمين وعامتهم»(رواه مسلم في صحيحه برقم (55).).

                      فانطلاقًا من هذا الحديث جمعت هذه الرسالة اللَّطيفة عن شهر ربيع الأول، سائلًا المولى عز وجل أن ينفع بها، وأنْ يجعلها ابتغاء وجهه الكريم خالصة وصوابًا؟ أي على ما جاء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.


                      *معنى ربيع الأول وسبب تسميته بهذا الاسم


                      أولاً: معنى ربيع الأول:

                      سمي بذلك لأنَّ تسميته جاءت في الربيع فلزمه ذلك الاسم.
                      والرِّبْعُ: محله، يقال: ما أوسع ربع بني فلان! وربعت الإبل، إذا وردت الربع، يقال: جاءت الإبل روابع، قال ابن السكيت: ربع الرجل، يربع، إذا وقف وتحبَّس.

                      والرَّبيعُ عند العرب ربيعان: ربيع الشهور، وربيع الأزمنة، فربيع الشهور شهران بعد صفر، ولا يقال فيه إلا شهر ربيع الأول، وشهر ربيع الآخر، وأما ربيع الأزمنة، فربيعان: الربيع الأول، وهو الفصل الذي تأتي فيه الكمأةُ والنور، وهو ربيع الكلأ، والربيع الثاني وهو الفصل الذي تدرك فيه الثمار، وفي الناس من يسمِّيه الربيع الأول، وجمع الربيع: أربعاء وأربعة، مثل نصيب وأنصباء وأنصبة، قال يعقوب: ويجمع ربيع الكلأ أربعة، وربيع الجداول أربعاء، والربيع: المطر في الربيع، تقول منه: ربعت الأرض فهي مربوعة(5).

                      (5) الصحيح في اللغة (1/238)، المصباح المنير (1/216)، المفصل في تاريخ العرب (15/275).


                      ثانيًا: تسميته:

                      قد جاء في تسميته بهذا الاسم عدة روايات؛ منها أنَّ العرب كانوا يخصّبون فيه ما أصابوه من أسلاب في صفر؛ حيث إنَّ صفرًا كان أول شهور الإغارة على القبائل عقب المحرم(6).
                      وقيل: بل سُمِّي كذلك لارتِباع الناس والدواب فيه وفي الشهر الذي يليه (ربيع الآخر)، لأن هذين الشهريْن كانا يأتيان في الفصل المسمَّى خريفًا وتسميه العرب ربيعًا، وتسمي الربيع صيفًا والصيف قيظًا.
                      وهناك رأي يقول: إنَّ العرب كانت تقسم الشتاء قسمين، أطلقوا عليهما الربيعيْن: الأول منهما ربيع الماء والأمطار، والثاني ربيع النبات؛ لأن فيه ينتهي النبات منتهاه، بل إن الشتاء كله ربيع عند العرب من أجل الندّى.
                      وفي الحقيقة، كان الربيع عند العرب ربيعيْن: ربيع الشهور، وربيع الأزمنة؛ فربيع الشهور، شهران بعد صفر؛ وهما ربيع الأول وربيع الآخر.


                      وأما ربيع الأزمنة، فربيعان:
                      الرَّبيع الأوَّل؛ وهو الفصل الذي تأتي فيه الكمأة والنَّوْر، وتطلق عليه العرب: ربيع الكلأ.
                      والثاني: هو الفصل الذي تُدْرَكُ فيه الثمار، ومنهم من يسميه الربيع الثاني، ومنهم من يسميه الربيع الأول كسابقه.لذا، كان أبو الغوث يقول: العرب تجعل السنة ستة أزمنة: شهران منها الربيع الأول، وشهران صيف، وشهران قيظ، وشهران الربيع الثاني، وشهران خريف، وشهران شتاء(7).

                      (6) هذا كان في الجاهلية أما بعدما جاء الإسلام تغيرت هذه المفاهيم الجاهلية وحفظت الدماء إلا بموجب ما تقتضيه الأحكام الشرعية من قصاص ونحوه.
                      (7) انظر: القاموس المحيط، (ص:928)، تاج العروس (21/34): ربع، ولسان العرب (8/99): ربع.




                      *أهم الأحداث التي وقعت في ربيع الأول


                      أولاً: ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم :

                      ولد صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين كما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم يوم الإثنين فقال: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهِ» الحديث(8).

                      أما عن الشهر الذي ولد فيه وتاريخ هذا اليوم فقد اختلف فيه العلماء، فقال ابن إسحاق: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين لاثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول، عام الفيل(9).

                      وقال ابن كثير: ولد صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول وقيل: ثامنة، وقيل: عاشرة، وقيل: لثنتي عشرة منه، وقال الزبير بن بكار ولد في رمضان وهو شاذ حكاه السهيلي في (الروض)(10)، وقيل: في التاسع من شهر ربيع الأول(11).

                      أما العام: فقال ابن إسحاق: عام الفيل، قال ابن كثير: وهو المشهور عند الجمهور، وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري: وهو الذي لا يشك فيه أحدٌ من العلماء(12).
                      وروى البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل. يعني عام الفيل(13).
                      وروى ابن إسحاق وأبو نعيم و البيهقي عن المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن أبيه عن جده قال: ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل كنا لدَيْن(14).

                      وسأل عثمان بن عفان رضي الله عنه قياث بن أشيم الكناني ثم الليثي: يا قياث أنت أكبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر مني، وأنا أسن منه!!(15) ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل ووقفت بي أمي على خذق الفيل أخضر محيلا(16).
                      وعلى هذا فقيل: بعد الفيل بخمسين يومًا.
                      قال ابن كثير وهو أشهر، وصححه المسعودي والسهيلي، وزاد أنه الأشهر والأكثر وقيل: بزيادة خمس، وقيل: بزيادة ثمان.
                      وروى ابن مسعود وابن عساكر عن أبي جعفر الباقر: قال: كان قدوم أصحاب الفيل في النصف من المحرم ومولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده بخمس وخمسين ليلة.
                      وصحح الحافظ الدمياطي هذا القول.
                      وقيل: بأربعين يومًا. وقيل: بشهر وستة أيام، وقيل: بعشر، وقيل: بثلاثين عامًا، وقيل: بأربعين عامًا، وقيل: بسبعين عامًا(17).

                      وكان مولده صلى الله عليه وسلم لأربعين خلت من ملك كسرى أنو شروان، ويوافق ذلك العشرين أو الثاني والعشرين من شهر أبريل سنة 571، وقيل: 570(18).


                      ومن هنا نأتي على القول بأنه ولد في يوم الإثنين في شهر ربيع الأول لأول عام من حادثة الفيل، هذا هو القول الذي عليه أغلب العلماء.
                      وروى ابن سعد أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: «لما ولدته خرج مني نور أضاءت له قصور الشام»(19).
                      وقد روي أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد، فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت. روى ذلك البيهقي(20).

                      قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ: «ذكر ارتجاس الإيوان وسقوط الشرفات وخمود النيران ورؤيا الموبذان وغير ذلك من الدلالات وليس فيه شيء»(21).
                      قلت: ومراده ـ رحمه الله ـ أنه لم يرد فيه شيء صحيح.

                      ويقول الدكتور أكرم ضياء العمري: «... وكذلك وردت روايات موضوعة حول هواتف الجان في ليلة مولده وتبشيرها به، وانتكاس بعض الأصنام في المعابد الوثنية بمكة، وحول ارتجاس إيوان كسرى، وسقوط شرفاته، وخمود نيران المجوس، وغيض بحيرة ساوة، ورؤيا الموبذان الخيل العربية تقطع دجلة، وتنتشر في بلاد الفرس، كذلك وردت روايات ضعيفة عن إخبار يهود بليلة مولده، وإخبار الراهب عيصا بمر الظهران بمولده. وقول العباس عمّه إنه رآه في المهد يناغي القمر، ولكن ثمة أخبار تقوى ببعضها إلى الحسن احتفت بمولده، منها ما يفيد أن آمنة رأت حين وضعته نورًا خرج منها أضاءت منه قصور بصرى من أرض الشام» ا.هـ.(22)
                      ولما ولدته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بحفيده، فجاء مستبشرًا ودخل به الكعبة، ودعا الله وشكر له، واختار له اسم محمد(23).



                      الدروس والعبر في هذا الحدث:

                      كان هذا الحدث الجلل والأمر العظيم في حياة البشرية جمعاء، إيذانًا بنزول وحي الله ﻷ ليُصلح البشرية ويخرجها من الظلمات إلى النور، ولإفراد الله وحده بالعبادة، وترك الشرك والأنداد والأصنام.

                      فهذا الحدث العظيم نتعلم منه كيف أن الله ﻷ يرعى عباده ويمنُّ عليهم بإرسال الرسل والكتب، وأنه يحوطهم ويكلأهم ويرعاهم.


                      وفيها أن الله تعالى اختار هذه النشأة للنبي صلى الله عليه وسلم وهي كونه يتيمًا فقيرًا ليتولى الله رب العالمين عنايته وتربيته وليُصنع على عينه وحفظه سبحانه، فأعده الله ﻷ للبعثة وإخراج الناس من الظلمات إلى النور وأدَّبه ربه وقوّاه وأعانه، فأخرج جيلًا دانت لهم الدنيا وتحولوا من رعاة للإبل والغنم إلى سادة للأمم، وبنوا حضارة وأسسوا أمة انتشرت في الآفاق ونشرت الدين الإسلامي.
                      (8) صحيح مسلم (2804).
                      (9) السيرة النبوية لابن هشام (1/183).
                      (10) الفصول في سيرة الرسول لابن كثير (ص:9).
                      (11) الرحيق المختوم (ص:45).
                      (12) سيرة ابن هشام (1/183)، والفصول في سيرة الرسول (ص:9).
                      (13) دلائل النبوة للبيهقي (1/175).
                      (14) دلائل النبوة للبيهقي (1/176).
                      (15) انظر لهذا الأدب الرفيع والخلق الجميل والجواب اللطيف لله درك من متفوه.
                      (16) دلائل النبوة لأبي نعيم (1/178).
                      (17) سبل الهدى والرشاد (1/335-336).
                      (18) الرحيق المختوم (ص:45).
                      (19) الطبقات الكبرى (1/102).
                      (20) دلائل النبوة (1/126).
                      (21) صحيح السيرة النبوية (ص:14)
                      (22) السيرة النبوية الصحيحة (1/98-101).
                      (23) ابن هشام (1/ 184-185).


                      التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 14-07-2018, 09:45 PM.

                      تعليق


                      • #12
                        جزاكم الله خيرا
                        [CENTER][B][URL="https://forums.way2allah.com/forum/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85/%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8/4455003-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A"][COLOR=#FF0000][SIZE=36px][FONT=times new roman]مشروع تحفيظ القرآن الكريم للشباب بشبكة الطريق إلى الله[/FONT][/SIZE][/COLOR][/URL][/B][/CENTER]
                        [CENTER][B][URL="https://forums.way2allah.com/forum/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85/%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8/4455003-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A"][COLOR=#0000CD][SIZE=36px][FONT=times new roman](القرآن حياتي)[/FONT][/SIZE][/COLOR][/URL][/B][/CENTER]

                        تعليق


                        • #13

                          آمين وايّاكم، بارك الله فيكم على مروركم الكريم

                          تعليق


                          • #14
                            وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                            جزاكم الله خيرًا
                            [CENTER][B][URL="https://forums.way2allah.com/forum/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85/%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8/4455003-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A"][COLOR=#FF0000][SIZE=36px][FONT=times new roman]مشروع تحفيظ القرآن الكريم للشباب بشبكة الطريق إلى الله[/FONT][/SIZE][/COLOR][/URL][/B][/CENTER]
                            [CENTER][B][URL="https://forums.way2allah.com/forum/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85/%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8/4455003-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A"][COLOR=#0000CD][SIZE=36px][FONT=times new roman](القرآن حياتي)[/FONT][/SIZE][/COLOR][/URL][/B][/CENTER]

                            تعليق


                            • #15
                              ثانيًا: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم :


                              كانت هجرته صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ودخوله لها في 12ربيع الأول سنة 622م، وكان خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة يوم الخميس أول يوم من ربيع الأول، وقدم المدينة لاثنتي عشرة خلت منه، وذلك يوم الإثنين الظهر لثلاث وخمسين سنة من مولده 28 يونيه 622م(24).

                              والهجرة النبويَّة حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية؛ لأنها كانت الخطوة الأولى في بناء الدولة الإسلامية؛ لذلك حرصت قريش أن لا يتم ذلك، وجاهدت في محاولة منع النبي صلى الله عليه وسلم من الوصول إلى المدينة، وحدث الهجرة أهمُّ عند الصحابة ي من حادث مولده صلى الله عليه وسلم بدليل أنهم حينما أرادوا أن يجعلوا للمسلمين تاريخًا خاصًّا بهم، نظروا في أعظم الأحداث التي يمكن أن يؤرخوا بها، فخيَّرهم الفاروق عمر رضي الله عنه بين حادثتين لا ثالث لهما، وهما: الهجرة والبعثة، ولم يعتبروا مولده صلى الله عليه وسلم من الأهمِّية التي تجعله حدثًا يؤرخون به.


                              الدروس المستفادة من حادث الهجرة:

                              1- كان حدث الهجرة المبارك نقطة تحول في التاريخ الإسلامي، فقد حوَّلت مجرى التاريخ، وغيرت مسيرة الحياة ومناهجها التي كانت تحياها وتعيش محكومة بها في صورة قوانين ونظم وأعراف وعادات وأخلاق وسلوك للأفراد والجماعات وعقائد وتعبدات وعلم ومعرفة وجهالة وسفالة وضلال وهُدى، وعدل وظلم(25).



                              2- تعتبر الهجرة من أهم الأحداث في تاريخ الدعوة الإسلامية، فقد كان المسلمون قبلها أمة دعوة يبلغون دعوة الله للناس دون أن يكون لهم كيان سياسي يحمي الدعاة أو يدفع عنهم الأذى من أعدائهم. وبعد الهجرة تكونت دولة الدعوة، وأخذت على عاتقها نشر الإسلام في داخل الجزيرة العربية وخارجها.

                              3- ظهر بوضوح وجلاء كيف أن العقيدة الصحيحة السليمة من الشرك سبب من أسباب إزالة العداوات والضغائن، وفي التأليف بين القلوب والأرواح، وهو دور لا يمكن لغير العقيدة الصحيحة أن تقوم به، فجمعت بين الأوس والخزرج وأغلقت باب الضغائن والمكائد وفتحت باب المحبة والمودة بين الناس(26).



                              (24) محمد رسول الله (1/159).
                              (25) محمد رسول الله (2/423).
                              (26) الهجرة النبوية المباركة (ص:205).


                              ثالثًا: وفاة النبي صلى الله عليه وسلم :

                              موت النبي صلى الله عليه وسلم فهو حدث جليل عظيم، ولم يختلف على يوم وفاته حيث كان يوم الإثنين من شهر ربيع الأول، ورأى الجمهور أنه كان في اليوم الثاني عشر منه، يقول ابن رجب ـ رحمه الله ـ: «ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطرب المسلمون، فمنهم من دُهش فخولط، ومنهم من أُقْعد فلم يطق القيام، ومنهم من اعتقل لسانه فلم يطق الكلام، ومنهم من أنكر موته بالكلية»(27).
                              قال صلى الله عليه وسلم: «إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصابه بي؛ فإنّها أعظم المصائب»(28).

                              قال القرطبي: «وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛لأن المصيبة به أعظم من كل مصيبة يصاب بها المسلم بعده إلى يوم القيامة؛ انقطع الوحي، وماتت النبوَّة، وكان أول ظهور الشر بارتداد العرب وغير ذلك، وكان أول انقطاع الخير، وأول نقصانه»(29).
                              فأشار ـ رحمه الله ـ إلى أمرٍ عظيمٍ انقطع بموت النبي صلى الله عليه وسلم ألا وهو: انقطاع الوحي الذي كان يتنزل من يوم أهبط آدم إلى الأرض؛ فانقطع بموته صلى الله عليه وسلم.
                              دخل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على أم أيمن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم يتفقدانها، فوجداها تبكي، فقال لها أبو بكر:
                              ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسوله، قالت: والله ما أبكي أن لا أكون أعلم ما عند الله خير لرسوله، ولكن أبكي أنّ الوحي انقطع من السماء، فهيَّجتهما على البكاء، فجعلا يبكيان(30).


                              لقد كان موت النبي صلى الله عليه وسلم أعظم مصيبة ابتليت بها الأمة مطلقًا، وكان له أثر عظيم على نفوس الصحابة وحالهم؛ حتى صدق فيهم وصف عائشة رضي الله عنها: صار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية لفقد نبيهم.

                              يقول أنس رضي الله عنه: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء، فلمّا كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كلَّ شيء، وما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي حتى أنكرنا قلوبنا(31).

                              فأيُّ احتفال يكون في يوم رزئت فيه الأمة بأعظم مصيبة في تاريخها، يقول الفاكهاني:
                              «هذا مع أنّ الشهر الذي وُلِد فيه صلى الله عليه وسلم هو بعينه الشهر الذي توفي فيه، فليس الفرح بأولى من الحزن فيه».



                              بعض الدروس والعبر في وفاته صلى الله عليه وسلم:

                              1- كان هذا الحدث الذي هو من أعظم مصائب المسلمين في دينهم، كا قال صلى الله عليه وسلم: «إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصابه بي، فإنه أعظم المصائب»(32)، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن المصيبة به أعظم من كل مصيبة يصاب بها المسلم بعده إلى يوم القيامة، انقطع الوحي، وماتت النبوة، وكان أول ظهور الشر بارتداد العرب، وغير ذلك، وكان أول انقطاع الخير وأول نقصانه(33).


                              2- إن قضية التوحيد أخطر قضية في حياة الإنسان، فقد كان ينادي بها صلى الله عليه وسلم قائمًا وقاعدًا وعلى جنبه وفي حياته وفي لحظات مماته، ففي سكرات الموت يقول: «لا إله إلا الله»، وفي سكرات الموت يقول أيضًا: «قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»(34).


                              3- الإنسان لا محالة ميت وملاقٍ ربه سبحانه وتعالى، ولا بدّ له من المثول أمام الله، والسؤال عن عبادته وأمانته وقد قال صلى الله عليه وسلم وهو على فراش الموت:
                              «الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم»(35).

                              وفي الختام نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم حقًا ومن المتبعين لسنته غير مبتدعين في الين ممتثلين أمره، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.


                              (27) لطائف المعارف (ص:114).
                              (28) ابن ماجة (1599)، وهو صحيح. انظر: السلسلة الصحيحة، رقم (1106).
                              (29) تفسير القرطبي (2/176).
                              (30) أخرجه مسلم (103).
                              (31) أخرجه الترمذي (3618)، وابن ماجة (1631)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3861).
                              (32) سبق تخريجه.
                              (33) تفسير القرطبي (2/176).
                              (34) رواه البخاري رقم (437)، ومسلم رقم (530).
                              (35) رواه أبو داود، رقم (5134).

                              موقع المسلم




                              التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 14-07-2018, 09:48 PM.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X