إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللقاء السادس والعشرون | هل الإسلام دين الحق (1) للدكتور محمد جودة | بصائر3

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللقاء السادس والعشرون | هل الإسلام دين الحق (1) للدكتور محمد جودة | بصائر3




    تكلّمنا بالأدلّة العلمية التي تُثبت أن وجود الله -عزّ وجل- ضرورة، يعني إيه ضرورة؟ يعني لا يستطيع الإنسان أن يُنَحّيها من حياته، ضرورة فطريّة، الفطرة السّليمة تُثبت وجود الله -سبحانه وتعالى-، ضرورة عقليّة، فالعقول السّليمة تُثبت وجود الله -سبحانه وتعالى-، ضرورة أخلاقيّة فنَفْي وجود الله -سبحانه وتعالى- يُدمّر الأخلاق، كذلك ضرورة تشريعية، وتكلّمنا عن الأمور دي بالتّفصيل في اللقاءين الماضيين.

    وفهمنا أن الإلحاد أو إنكار وجود الله -سبحانه وتعالى- يُؤدِّي إلى هدم العِلم كلُّه؛ لأنه طبعًا يهدم المبادئ العقليّة التي قام عليها العِلم النّظري التّجريبي كلَّه، فبنهدم العِلم بالإلحاد، بنَهدم الأخلاق بالإلحاد، بنَهدم التَّشريع والثواب والعقاب بالإلحاد، فالإلحاد يُدمِّر الإنسانيّة كلَّها إذا مشى النّاس على هذا المبدأ ستتدمَّر الإنسانيّة وستتدمَّر الحياة.




    اللقاء السادس والعشرون | هل الإسلام دين الحق (1) للدكتور محمد جودة | بصائر3




    تفضلوا معنا في تحميل الدرس بجميع الصيغ



    رابط الدرس على الموقع وبه جميع الجودات

    http://way2allah.com/khotab-item-136643.htm

    رابط صوت mp3

    http://way2allah.com/khotab-mirror-136643-217672.htm

    رابط الجودة hd

    http://way2allah.com/khotab-mirror-136643-217671.htm

    رابط يوتيوب



    رابط ساوند كلاود

    https://soundcloud.com/way2allahcom/dr-goda3


    رابط تفريغ بصيغة pdf

    http://way2allah.com/khotab-pdf-136643.htm


    رابط تفريغ بصيغة word

    https://archive.org/download/Yahoo_1...AD%D9%82-1.doc


    لمشاهدة جميع دروس الدورة وتحميلها على هذا الرابط:

    http://way2allah.com/category-585.htm


    | جدول دورة بصائر لإعداد المسلم الرباني | الجزء الثالث |


    موضوع مخصص للاستفسارات الخاصة بالدورة العلمية " بصائر3 "


    لقراءة التفريغ مكتوب
    تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله.
    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 02-11-2017, 12:42 AM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.


  • #2
    بسم الله، والحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله المبعوث رحمةً لخَلْق الله، ثم أما بعد:
    فأهلًا بكم معنا في حلقة جديدة من دورة بصائر، هذه الدورة التي تهدُف إلى بناء المسلم الرّبّاني، البناء العلمي الصّحيح الذي يعينه على مواجهة الشّبهات اللي في الحياة.


    وطبعًا المنهج اللي احنا سلكناه مش إنّ احنا نجيب الشّبهات ونردِّ عليها، لكن نُؤصّل الإيمان الصّحيح تأصيلًا علميًّا ينتفع به المسلم فيكون عنده مناعة فكريّة، ومناعة عِلميّة، ومناعة إيمانيّة، ضد الشّبهات التي قد تُواجهه في حياته، دا المنهج اللي احنا مشينا عليه.

    وتكلّمنا في اللقاءين الماضيين عن مسألة هل الله موجود؟ وتكلّمنا بالأدلّة العلمية التي تُثبت أن وجود الله -عزّ وجل- ضرورة، يعني إيه ضرورة؟ يعني لا يستطيع الإنسان أن يُنَحّيها من حياته، ضرورة فطريّة، الفطرة السّليمة تُثبت وجود الله -سبحانه وتعالى-، ضرورة عقليّة، فالعقول السّليمة تُثبت وجود الله -سبحانه وتعالى-، ضرورة أخلاقيّة فنَفْي وجود الله -سبحانه وتعالى- يُدمّر الأخلاق، كذلك ضرورة تشريعية، وتكلّمنا عن الأمور دي بالتّفصيل في اللقاءين الماضيين.

    وفهمنا أن الإلحاد أو إنكار وجود الله -سبحانه وتعالى- يُؤدِّي إلى هدم العِلم كلُّه؛ لأنه طبعًا يهدم المبادئ العقليّة التي قام عليها العِلم النّظري التّجريبي كلَّه، فبنهدم العِلم بالإلحاد، بنَهدم الأخلاق بالإلحاد، بنَهدم التَّشريع والثواب والعقاب بالإلحاد، فالإلحاد يُدمِّر الإنسانيّة كلَّها إذا مشى النّاس على هذا المبدأ ستتدمَّر الإنسانيّة وستتدمَّر الحياة.


    هل الإسلام هو دين الحق؟
    إن شاء الله في هذه الحلقات التي نبدأها الآن أو الحلقتين التاليتين بنتكلّم على مسألة هل الإسلام هو دين الحق، يعني احنا خلاص وصلنا لمرحلة إنّ احنا أثبتنا أن الله موجود، طب بعد كده في ناس بتقولك خلاص أنا موقن أن الله -عزّ وجل- موجود، لكن الله الذي خلق الكون، وخلق الحياة، ما هو الدّليل أنَّ هذا الدّين اللي هو دين الإسلام جاء من عند الله-عزّ وجل-؟ وأنَّ هذا الرسول اللي هو النّبي محمد -صلّى الله عليه وسلم- جاء من عند الله؟ ما ممكن يكون ربّنا موجود بس النّاس دي ليست هي الحقّ، ليس الإسلام هو الحق أو ليس النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- هو الرسول الحق، فكيف نُثبث ذلك؟
    أدلة صحة الإسلام كالماء والهواء مَن طلبها وجدها
    ده موضوع الحلقة النهار ده، وبدايةً لازم نعرف إن صِدق النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- وصِدق دين الإسلام عليه أدِلّة كثيرة جدًّا جدًّا جدًّا، كما قال العلماء: هي كالماء والهواء، مَن طلبها وجدها. يعني مافيش إنسان أبدًا يُريد أن يُثبت صحّة الإسلام أو عنده شُبهات أو تساؤلات، أو طُعون في صحّة الإسلام، يُريد ردًّا عليها إلا وجدها، أو صَدق الله -عزّ وجل- وبحث لوَجد، تمام؟



    الدليل الكافي على صحة الإسلام.. القرآن الكريم معجزة النبي الخالدة
    طيب. هنبدأ المشوار بتاعنا النّهار ده بالكلام عن القرآن، ليه هنبدأ بالكلام عن القرآن؟ لأن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال أن كلّ الأنبياء قد بُعثوا بآية، والآية التي بُعث بها النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- هي القرآن. كما في الحديث، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، يبقى كلّ نبي كان له إيه؟ له معجزات. وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْياً..." أخرجه البخاري ومسلم.

    يعني النّبي -عليه الصلاة والسّلام- بيقولك إن كلّ نبي كان له معجزات، المعجزات دي هي التي آمن عليها النّاس، مثلا سيّدنا صالح كانت مُعجزته النّاقة، فرأى قومه النّاقة، فآمنوا به، وسيّدنا موسى مثلًا كانت مُعجزته العصا التي تحوّلت إلى حيّة وتحوّلت وشقّت البحر وضرب الحجر فانفجرت العيون، كانت هذه آية موسى -عليه السّلام- التي آمن عليها بنو إسرائيل، النّبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- لو كانت آيته مِن جنس هذه الآيات وفقط، يعني مُعجزات تُرى بالعين فقط، كيف سيكون الإسلام هو المُعجزة الخالدة، وهو الدّين الخالد إلى يوم القيّامة؟ ما خلاص هي مُعجزة اللي شافها هُم المعاصرون للنّبي -صلّى الله عليه وسلّم-، طب بعد كده النّاس تشوف إيه؟

    لذلك جعل الله -عزّ وجل- مُعجزة النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- هي كتابٌ يُتلى إلى يوم القيّامة وهو القرآن، لتكون المُعجزة الخالدة الدّائمة، تمام؟ فهذه هي المُعجزة الأولى والكُبرى الدّالّة على صحّة الإسلام وعلى صحّة رسالة النّبي -صلّى الله عليه وسلّم-، فلذلك معظم كلامنا النهار ده هيكون على القرآن، ثم غيرها من الآيات التي دلّت على صِدق النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- وعلى صِحّة الإسلام.

    يبقى أول حاجة هنتكلّم عليها هي القرآن، لأن الله -عزّ وجل- أيضًا أثبت ذلك فقال: "أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" العنكبوت:٥١. يعني إيه الكلام ده؟ يعني ربنا يقول "أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ" يعني إيه؟ هذه آية كافية، إنزال القرآن آية كافية لإثبات صحّة الإسلام وإثبات صحّة بعثة النّبي محمد-صلّى الله عليه وسلّم- أو هذه الدعوى، تمام؟
    فهنبدأ في الكلام عن القرآن، طبعًا القرآن هو وحيٌ من عند الله-عزّ وجل- وكما قال الشيخ عبد الله دراز، وهو يعني من الأساتذة الكبار جدًّا وعمل بحث جميل جدًا عن مسألة القرآن فقال:
    "هذا الكتاب الكريم -اللي هو القرآن- يأبى بطبيعته أن يكون من صُنع البشر، ويُنادي بلِسان حالِه أنّه رسالة القضاء والقدر، حتى إنه لو وُجد مُلقى في صحراء لأيقن النّاظر فيه أن ليس من هذه الأرض منبعَه و منبتُه، وإنما كان من أُفُق السّماء مطلعه ومهبطه".


    يعني بيقول إيه الكلام ده؟ بيقول إن إنت لو ماشي في صحراء كده ووجدت القرآن مُلقى على الأرض، ما تعرفش دا مين؟ ولا مين النّبي اللي جه به؟ ولا مين أصلًا اللي جاب القرآن ده هنا؟ إنت ماشي كده في الصحراء لقيت كتاب، فتحته لقيته القرآن، لو قرأت القرآن مُتجرّدًا لعلمت قطعًا أنه ليس من هذه الأرض، وأنه وحيًا من عند الله-عزّ وجل-، يبقى ده إيه؟ كلام على مسألة قطعيّة ثبوت القرآن وأنه من عند الله -عزّ وجل-.



    شبهات المشككين في صحة القرآن
    طب هنحطّ الاحتمالات، وهنبدأ بقى نفصَّل في مسألة ثبوت القرآن، ما هي الاحتمالات الواردة التي قد يأتي منها القرآن؟ يعني القرآن جه منين؟ هنسأل نفسنا القرآن جه منين؟

    أول احتمال بيَضعه المُشكِّكون في صِحّة القرآن: يعني القرآن احنا بنقول أنه وحيٌ من عند الله -عزّ وجل- طب الناس الثّانية بتقول جه منين؟ بترُدّ على أن القرآن دا كتاب عظيم، من أين جاءت هذه العظمة؟ أول احتمال بيقولوه أن الذي جاء بالقرآن هو النّبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- من عند نفسه. بيقولوا إيه؟ بيقول النّبي محمد ده كان شخص عبقري جدًا، وذكي جدًا وعنده من العلوم، فهو اللي حطّ القرآن ده إيه؟ من معرفتِه ومن عند نفسِه، ده الاحتمال الأوَّل.

    الاحتمال الثاني: أن النّبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- تعلَّمه من قومه، ده الاحتمال الثاني.
    الاحتمال الثالث: أنه تعلَّمه من آخرين، من غير قومِه، من مثلًا من الأعاجم من اليهود، من النّصارى، من غير ذلك الذين عاشوا في جزيرة العرب، يبقى دي الاحتمالات الثلاثة، نناقش بقى هذه الاحتمالات.


    ردًّا على مَن يقول بأن القرآن من عند النبي محمد
    الاحتمال الأول، وهو أنَّ القرآن من عند النّبي محمد -صلّى الله عليه وآله وسلّم-، ما هو الرّد على هذه الشُّبهة، أو كيف نثبتُ بُطلان هذه الدعوى؟

    الدليل الأول: النبي صلى الله عليه وسلم لم يَدَّعِ ذلك
    أولًا النّبي-صلّى الله عليه وسلّم- نفسَه قال ذلك، كيف قال ذلك؟ تبرأ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- في القرآن، وفي السُّنّة، وفي حياته، أنه يكون هو مَن قال القرآن، بل أثبت وادّعى أن القرآن من عند الله -عزّ وجل-، يعني إيه؟ إيه الدّليل في الكلام ده؟ إنّ أي إنسان يُؤلّف كتابًا أو يأتي بنظريّةٍ من النّظريات، أو عِلمٍ من العلوم، فإنّه يُثبت هذا العِلم لنَفسِه، يعني واحد مثلًا ألّف كتاب، والكتاب ده النّاس كلَّها مُعجبة بيه، معقول يقول الكتاب ده مش بتاعي، دا بتَاع واحد تاني هو اللي قاله لي، لا، طبيعي إن لو كان النّبي -عليه الصلاة والسّلام- ليس بنبي وهو الذي ألَّف القرآن كان نَسَبه لنفسه، ماكانش هيقول ده إيه، ده وحي، كان يقول إيه؟ كان يقول من عندي، فالنّبي-صلّى الله عليه وسلّم- قال غير ذلك، قال إنه من عند الله-عزّ وجل-، يبقى دي أول حاجة النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- أقَرَّ بأن القرآن ليس من عنده.

    وقال الله-عزّ وجل- في كتابه: "وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ" يعني الكفّار لمّا بيسمعوا الآيات البيِّنات، "قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ" يونس:١٥، يبقى النّبي -عليه الصلاة والسّلام- كان يَتلو القرآن على مين؟ على الكفّار، فأحيانًا يقولوا له لا القرآن دا مش عاجبنا، "ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ"، لا شيل الآيات دي مش عاجبانا وهات آيات ثانية، فالنّبي -عليه الصّلاة والسّلام- كان يقول لهم إيه؟ يرَدِّ عليهم يقول إيه؟ يقول "قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي"، النّبي أهو بيُقِرّ، بيقول القرآن ده مش بتاعي، مش أنا اللي جايبه، "إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ".
    يبقى النّبي-عليه الصلاة والسلام- نَفسُه قال إيه؟ قال القرآن مش من عندي، القرآن منين؟ من عند الله -عزّ وجل-، ده دليل.

    الدليل الثاني: كان يتأخَّر الوحي عن النبي في مواقف أحوج ما يكون إليها
    الدّليل الثاني على أن القرآن ليس من عند النّبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- أن القرآن تأخَّر عن النّبي -صلّى الله عليه وآله وسلّم- في مواطن كان أحوج ما يكون إلى ردٍّ قاطع من القرآن، يعني النّبي -عليه السّلام- كان فيه مواقف بتحصل، كان بيبقى محتاج يردّ على الخصوم بردود، والرّد ده موجود في القرآن، بس الرّد لسَّه ما نزلش، مش عارف يقول إيه؟ يفضل قاعد مُنتظر حتى يأتيه الوحي، فيوقف في موقف مُحرج جدًّا.

    طب لو كان القرآن من عند النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- ما كان على طول أوَّل ما حد يسأله، والرّد عنده كان قاله، إيه اللي يخليه يقعد يقول لهم أنا مستنّي الوحي، ومستنّي أن يأتيني الوحي، ويفضل مُنتظر أيام، يومين، وثلاثة، زي سورة الضحى، ١٥ يوم زي سورة الكهف، شهر كامل زي حادثة الإفك، وده اللي جاي معنا دلوقتي، إيه اللي يخلّيه ينتظر كل هذا الوقت؟ ينتظر الوحي من الله -عزّ وجل-، لو كان من عند النّبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم-
    لقال الردّ مباشرةً.


    الموقف الأول زَيّ ما قلنا هو سورة الضحى، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يأتيه الوحي فيخرج به إلى قومه في مكة، ففتر الوحي فترة، يعني إيه فتر؟ يعني انقطع، قعد النبي -صلى الله عليه وسلم- كذا يوم كده مايجيلوش الوحي فبدأ يأتيه المشركون ويقولون ما نرى إلّا أنّ ربَّك قد قلاك، يعني ربك اللي كان بيجيبلك الوحي، أنت بتدّعي أنّ لك ربّ يُوحي إليك القرآن، ربَّك اللي أنت بتقول بيجيبلك القرآن ده سابك خلاص، ماعادش بيأتيك.
    وبعضهم قال إيه؟ ما نرى إلا أنَّ محمدًا قد تركه شيطانه، وقعدوا إيه؟ يهمزوا ويلمزوا النبي صلى الله عليه وسلم، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان أحوج ما يكون في الوقت ده لو القرآن من عنده إنه إيه؟ يقولّهم آيتين تلاتة وخلاص، ما هو القرآن هو اللي بيألّفه، لو كان هو اللي بيألّفه -وحاشاه ذلك يعني- كما يدَّعي المُدَّعون على طول يقوم إيه قايلّهم أيّ حاجة من القرآن.
    إيه اللي يخلّي النبي -عليه الصلاة والسلام- يقعد يوم واتنين وتلاتة لا يقول شيئًا من القرآن حتى ينزل قول الله -عز وجل-: "وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى" الضحى:١:٣. إيه اللي يخلّي النبي -عليه الصلاة والسلام- يقعد الموقف المحرج ده تلات أربَع أيام لحد ما تنزل سورة الضُّحى لو كان من عنده؟ إن هذا الموقف قَطْعِي بأن القرآن ليس من عند النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.

    الموقف الثاني إن جاء المشركون وأرادوا أن يفعلوا مكيدة، قالوا احنا هنعمل إيه بقى، هو طبعًا احنا عارفين إن المشركين العرب كانوا أميين، كانوا جهلة، ميعرفوش حاجة فقالوا احنا عايزين نضع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في موقف محرج نعمل إيه بقى؟ قالوا مين أعلم الناس في جزيرة العرب بأمور الغيب والوحي والكلام ده؟ قالوا هم مين؟ اليهود، قالوا خلاص إحنا نُرسل رُسُلًا إلى اليهود ونسألهم عن الأشياء التي لا يعلمها إلا الأنبياء ثم نأتي محمد -عليه الصلاة والسلام- ونسأله عن هذه الأمور، فإنْ أجاب فهو نبي، هم طبعًا معتقدين إن همَّ كده بيعجزوا النبي -عليه الصلاة والسلام-.

    وبالفعل أرسلوا رجلين من الكفار هم النضر بن الحارس، وعقبة بن أبي معيط، فذهب النضر بن الحارس وعقبة بن أبي معيط إلى اليهود وسألوهم عن أشياء، فقالوا لهم: فيه تلات أشياء لا يعلمها إلا نبي، اللي همَّ إيه التلات أشياء دول؟ اللي همَّ مسألة الرجل الذي طاف بالأرض اللي هو ذي القرنين، ومسألة الروح، "يسألونك عن الروح"، وأمر آخر سألوه أيضًا عنه.

    فجاؤوا بالأسئلة الثلاثة وسألوا أهل التوراة فلمَّا سألوا أهل التوراة عن هذه الأمور الثلاثة عادوا مرة أخرى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألوه عن رجل طاف وبلغ مشارق الأرض ومغاربها، وسألوه عن الروح، وسألوه عن الفتية الذين آمنوا بربهم، يبقى سألوه التلات أسئلة اللي هُمّ إيه؟
    اللي هو الرجل الذي طاف بالمشرق والمغرب اللي هو ذي القرنين، والفتية الذين خرجوا وآمنوا بربهم اللي هم أصحاب الكهف، وسألوه عن الروح.
    فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- حينما سألوه الأسئلة الثلاثة: سأجيبكم غدًا، ولم يقل إيه؟ إن شاء الله، في رواية صحيحة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستثني، يعني إيه لم يستثني؟ يعني لم يقل إن شاء الله.
    فأصبح في اليوم الثاني ينتظر الوحي فلم يأتِه الوحي، مرَّ اليوم والثاني والثالث والرابع حتى مر خمسة عشرة ليلة، ١٥ ليلة النبي -عليه الصلاة والسلام- كل يوم يخرج مستني الوحي يأتيه ويأتيه الكفار عايزين يسمعوا إجابات الأسئلة التلاتة، يوم، التاني، التالت، ١٥ يوم حتى بدأ المشركون في الإرجاف، يعني إيه بدأ المشركون في الإرجاف؟ قالوا خلاص بقى ده مش نبي أصلًا، ودا بيكذب علينا، وسألناه الأسئلة أهي التي لا يجيبها إلا نبي مش عارف يجاوب يبقى ده مش نبي.

    ١٥ يوم النبي -عليه الصلاة والسلام- ينتظر الوحي ولا يأتي، حتى نزلت سورة الكهف فيها خبر الثلاثة، فيها خبر الثلاثة أمور، فيها خبر ذي القرنين، فيها خبر الفتية الذين آمنوا بربهم، وآية من سورة الإسراء "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّاقَلِيلًا" الإسراء:٨.
    يبقى إذن الثلاث أجوبة قعدت ١٥ يوم على ما نزلت، النبي -عليه الصلاة والسلام- لو القرآن من عنده وهو عارف الإجابات وتعلَّمها قاعد ليه ١٥ يوم يحرج نفسه مع قريش ويجعلهم يرجفوا بين المسلمين ويقولون ها هو رسولكم الذي ادَّعيتم أنه نبي لم يستطع أن يجيب على الثلاثة أسئلة؟ إيه اللي يخليه يحطّ نفسه في الموقف المحرج ده لو إنّ القرآن من عند نفسه؟

    هذا الموقف يثبت قطعًا أنه رسول من عند الله -عز وجل-، وأنَّ القرآن هو رسالة الله -عز وجل-، ووحي، يبقى ده الأمر الثاني في مسألة أنَّ الوحي كان يتأخر، قُلنا سورة الضحى، وقُلنا سورة الكهف.

    الأمر الثالث وهو أكثر هذه المواقف إحراجًا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، الموقف محرج جدًا والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان في أشد الحاجة لأن يرد، إيه الموقف ده؟ حادثة الإفك. السيدة عائشة اتهمت ورميت بالزنا، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يريد أن يدفع عنها.
    مكث يوم؛ الثاني؛ الثالث؛ الرابع؛ العاشر؛ عشرين يوم؛ شهر، النبي -عليه الصلاة والسلام- في موقف محرج جدًّا والمنافقون يرجفون في الدينة. بدأ المنافقون يقولوا: لأ، ده النبي -عليه الصلاة والسلام- حصل لزوجته كذا، وده بيت النبوة، وده النبي بتاعكم، شوفوا الدين بتاعكم، شوفوا كذا. بدؤوا يشككوا في الإسلام ويطعنوا في النبي -صلى الله عليه وسلم- ويطعنوا في أهل بيته، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في حالة يريد أن يردّ، وينتظر التبرئة من الله -عز وجل- ولا تأتي.
    لو كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يأتيه القرآن من عند نفسه وهو الذي يؤلفه؛ لردَّ عليهم مباشرةً في اليوم الثاني ردًّا قاطعًا أو في اليوم الأول وانتهى الأمر، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- جلس شهرًا كاملًا ينتظر التبرئة من الله -عز وجل- حتى دخل على السيدة عائشة وكانت في قمَّة الحزن وهي واثقة في ثقة النبي -صلى الله عليه وسلم- بها. يعني هي عارفة إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- مش ممكن يشك فيها؛ وده اللي مصبرها. وقاعدة إيه؟ مستنية النبي هيقولها إيه -عليه الصلاة والسلام-.
    فدخل عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لها: يا عائشة، ".. فإن كنتِ بريئةً، فسُيُبَرِّئُك اللهُ، وإن كنتِ أَلْمَمْتِ بذنبٍ، فاستغفري اللهَ وتوبي إليه.." صحيح البخاري ومسلم. ودي كانت الطامَّة الكبرى للسيدة عائشة، مش متوقعة إن النبي -عليه الصلاة والسلام- يضع هذا الاحتمال أصلًا. هي متوقعة إن النبي يقولها: لأ، أكيد الناس دي كذابة ودول منافقين وماتشغليش بالك والوحي جاي بإيه..، فإذا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لها قولًا لم تكن تتوقعه. فقال لها:
    "إن كنت بريئة فسيبرئكِ الله، وإن كنت ألممتِ بذنبٍ فاستغفري الله".
    فلم يتحرك النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكانه حتى نزل الوحي عليه -بعد شهر كامل- نزل الوحي "إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ ..." النور:١١. فنزلت التبرئة بس بعد إيه؟ بعد شهر؛ جاث فيه المنافقون في المدينة، وتكلم من أهل بدر ومن أهل الخير في الإفك ووقعوا في هذا الأمر وفي هذه الخطيئة.

    لو كان القرآن من عند النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ما الذي جعله ينتظر شهرًا كاملًا في هذا الموقف المحرج؛ مش عارف يرد ومش لاقي تبرئة ومستني الوحي، يقعد ليه شهر؟ كان من أول يوم رد، لكن هذا الموقف من الأمور القاطعة التي تثبت أنَّ القرآن ليس من عند محمد -صلى الله عليه وسلم- ولكنه من عند الله -عز وجل- يبقى ده الأمر الثاني اللي بنُثبت بيه مسألة أن القرآن من عند الله -عز وجل- وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتأخر عنه الوحي أحيانًا.



    يبقى هنراجع مع بعض بسرعة:
    أول أمر إيه؟ إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يدَّعِ ذلك، ماقالش القرآن من عندي، ولكن نسبه لله -عز وجل-
    الأمر الثاني: أن القرآن كان يتأخر أحيانًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في مواقف محرجة جدًا، لو كان القرآن من عنده كان جاوب على طول ولم ينتظر الوحي ويضع نفسه في هذا الموقف المحرج.

    الدليل الثالث: أن القرآن قد يُخَطِّئ اجتهاد النبي في بعض الأمور
    الأمر الثالث والأظهر -الأبين يعني والأشد ظهورًا- في أنَّ القرآن ليس من عند النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أنَّ القرآن نفسه كان يأتي في مواقف يُخَطِّئ النبي -صلى الله عليه وسلم-.
    يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعل أشياء؛ ويأتي القرآن ويقول يا محمد هذا الأمر خطأ، والصواب كذا. لو كان القرآن من عند النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- نفسه، هو اللي مألّفه هو اللي مخترعه، كان هيقول حاجة ويغلّط نفسه في القرآن؟ أو يعمل حاجة ويغلّط نفسه في القرآن؟ مستحيل.
    كان على الأقل لو تبيَّن له خطأ موقفه السابق، كان يبرر ويسوّغ الموقف الأول ويقول لهم: الموقف الأول ده كان عشان كذا، وعشان الأمر...
    وهذا هو فارق عظيم جدًّا بين الربانية في الدعوة والحزبية أيضًا. يعني دا من المواقف أيضًا النبي -صلى الله عليه وسلم- علّمنا الربانية بل الله -عز وجل- هو الذي علّمنا الربانية في هذه المواقف، إنّ مفيش حد كبير، الإسلام فوق الجميع. إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه لما يغلط في الاجتهاد ربنا يُصحح له ذلك. بخلاف طبعًا التحزبات والجماعات المعاصرة التي قد تقع في التبرير لمواقف تافهة جدًّا، ليه؟ حتى لايفقدوا الأتباع، وهذا يهدم الدعوة إلى الله -عز وجل-. لكن انظر إلى ربانية هذه الدعوة، وربانية هذه الرسالة التي تجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد، بشر زينا ممكن يغلط في الاجتهاد ويُصحح الله -عز وجل- له.
    ودي طبعًا مسألة أصولية؛ أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يجتهد أحيانًا ويُصحح الله -عز وجل- له اجتهاده. ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يجتهد في الحرام، يعني مش يعمل حاجة حرام والوحي يصحح له، لأ. لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يكون مخيرًا بين أمور فيختار -كما سيأتي معنا بالتفصيل دلوقتي حالًا وهنقول الأمور كلها اللي احنا أحصيناها في هذه المسألة-، النبي -صلى الله عليه وسلم- يجتهد فيفعل شيء ليس فيه وحي، يعني مفيش فيها دليل قاطع، ثم ينزل الوحي ويصحح للنبي -صلى الله عليه وسلم-.


    طبعا أشهر هذه الأمور:

    ١. مسألة أسرى بدر.
    رقم واحد هو مسألة أسرى بدر، يعني إيه مسألة أسرى بدر؛ النبي -عليه الصلاة والسلام- كان مخيرًا في الأسرى، وده حُكْم تشريعي قائم ودائم، اللي هو إيه؟ لما المسلمين يأسروا أسرى في الحرب يعملوا فيهم إيه؟ احنا دلوقتي في معركة مثلًا مع اليهود، حلو؟ وانتصرنا على اليهود، وأخدنا منهم مجموعة من الأسرى، نعمل في الأسرى دول إيه؟

    الإمام أو الحاكم المسلم مخير بين عدة أمور:
    - منها أن يقتلهم.
    - منها أن يَمُنّ عليهم ويفديهم.
    يعني إيه يمن عليهم؟ يعني يسيبهم كده لوجه الله، أو يفديهم يعني يدفعوا فلوس ويسيبهم.
    - ومنها أن يكونوا أسرى فيتحولوا إلى أسرى حرب، يبقوا إماء وعبيد.
    حلو؟ يبقى دي مجموعة من الاختيارات الإمام المسلم مخيَّر بينها.


    النبي -عليه الصلاة والسلام- في أول معركة حربية كبرى -طبعًا دي مش أول معركة- أول معركة إيه؟ كبرى، وهي غزوة بدر الكبرى، النبي -عليه الصلاة والسلام- أسر سبعين من المشركين، بل من صناديد المشركين يعني من كبراء المشركين.
    فالنبي -عليه الصلاة والسلام- استشار الصحابة ماذا يفعل بهؤلاء، يعمل إيه؟ يا ترى يقتلهم؟ يا ترى يَمُنّ عليهم؟ يسيبهم يعني يقول خلاص أسيبكم كده لوجه الله؟ أو يفديهم؟ يعني كل واحد يدفع فلوس أو يعمل حاجة أو يعمل صنعة علشان نسيبه؟ أو يجعلهم من الإماء والعبيد؟ يعمل إيه في الأسرى دول؟
    فاستشار الصحابة، فقال عمر: يارسول الله ادفع إليَّ فلان -وكان نسيب عمر- فأقتله، وادفع إلى عليٍّ عَقِيل -عقيل ده أخو سيدنا علي- فيقتله، وادفع إلى أبي بكر ابنه عبد الرحمن أو عبد الله فيقتله -كان ما زال على الشرك-؛ حتى يعلم الله أنْ ليس في قلوبنا هَوَادة للمشركين.


    يعني سيدنا عمر عايز إيه؟ في بقية الحديث قال: هؤلاء صناديدهم، يعني سيدنا عمر بيقول للنبي إيه؟ بيقول له: الناس دي هي صناديد قريش يعني الكبراء بتوعهم، وأقرباء لينا، فاحنا لما نقتلهم هيحصل إيه؟
    ١. أولًا: هنكسر شَوكَة المشركين، ده رقم واحد.
    ٢. رقم اتنين: حتى يعلم العرب جميعًا ويعلم الله -سبحانه وتعالى- قبل ذلك منا أن ليس في قلوبنا هوادة للمشركين، فإيه اللي يحصل؟ تهتز جزيرة العرب رعبًا من النبي -صلى الله عليه وسلم- وجيشه، ده كان رأي مين؟ رأي سيدنا عمر.

    فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان مخيرًا، كان ممكن ياخد الرأي ده أو ياخد غيره، فقال: أشيروا عليَّ أيها الناس، طيب أنا عايز رأي تاني، فقام أبو بكر -رضي الله عنه وأرضاه- وقال: يا رسول الله، هؤلاء أبناء عمومتنا -يعني الناس دي ولاد عمنا- وأبناء عشيرتنا، فنتركهم ونمنّ عليهم ونفديهم، يعني بدل ما نقتلهم إحنا نعمل إيه؟ نمنّ عليهم ونفديهم ونتركهم لوجه الله -عز وجل-.
    فاختار النبي -صلى الله عليه وسلم- قول مين؟ قول سيدنا أبو بكر الصديق -رضي الله عنه وأرضاه-.

    فلمَّا النبي -عليه الصلاة والسلام- اختار اختيار سيدنا أبو بكر، إنّ هو يمنّ ويفدي الأسرى ولم يقتلهم نزل قَوْل الله -عز وجل-: "ما مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ" الأنفال:٦٧، يعني إيه الكلام ده؟ يعني الله -عز وجل- يعاتب النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ويُبَين أنه اجتهد فأخطأ.

    النبي -عليه الصلاة والسلام- اجتهد، كان مخيَّر، ماكنش فيه نصّ قاطع فاجتهد رأيه خَد بأرفق الأمور وألينها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- دي طبيعته لما يُخيَّر بين أمرين يختار الألين والأرفق، فاختار إنه يمُنّ ويفدي، فالله -عز وجل- بيَّن له أن هذا الاختيار كان اختيارًا خاطئا، وأن الأصوب أنه كان لا بد أن يقتل المشركين، ليه يقتل المشركين؟ طبعًا دي سياسة حربية إنه يعمل إيه؟ إنه يُضعف قوة المشركين العسكرية ويضع المهابة في قلوب أعداء الله -عز وجل-.
    فده كان الأمر الأول الذي اجتهد فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخطأ فيه، ونزل في القرآن تصحيح ذلك الأمر، طيب لو كان النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الذي يأتي بالقرآن من عند نفسه كان ليه يحرج نفسه ويبَيِّن
    إنه غلط؟ ماكانش لها داعي، لكن هذا يدلّ أنّ القرآن قطعًا وحي من عند الله -عز وجل-.


    ٢. غزوة تبوك
    الأمر الثاني: أيضًا النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتهد في أنه أَذِن للمنافقين في غزوة تبوك، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لهم إيه؟ كان بيَأْذَن ليهم، اللي ييجي يستأذنه يَأْذَن له، فقال له الله -عز وجل-: "عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ" التوبة:٤٣، ربنا بيقول له: إنت غلطت، ماكانش المفروض إنّ أنت تأذن لهم.

    وده برضه كان أمر من أمور إيه؟ الاجتهاد، النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى أن هذا هو الصالح، فربنا قال له: لأ، كان الأصلح إنك لا تأذن لهؤلاء حتى يتبين مَن المنافق ومَن المؤمن، لكن دلوقتي هو يقول ايه؟ يقول أنا ليَّ عذر، النبي اللي أَذَن لي، لأ كان النبي -عليه الصلاة والسلام- الصحيح والأصوب أنه لا يأذن لمثل هؤلاء، يبقى ده أيضًا من المواقف التي تدل قطعًا على أن القرآن كان ولا زال وحي من عند الله -عز وجل- وليس من عند النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.

    ٣. الاستغفار للمشركين
    كذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يستغفر للمشركين، يعني ايه؟ يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- لما مات عمه أبو طالب فأراد أن يستغفر له، وبالفعل كما في الحديث الصحيح النبي -صلى الله عليه وسلم- ذهب إلى أبي طالب حين حضرته الوفاة وقال له: "يا عم! قلْ: لا إله إلا اللهُ. كلمةٌ أشهدُ لك بها عند اللهِ..." صحيح مسلم.

    يعني أبو طالب أصلًا كان معتقد صحة الإسلام وقال الكلام ده بس مارضاش يقول الشهادة، قال: ولقد علمت بأن دين محمدٍ من خير أديان البَرِيَّة دينًا، وقعد يقول أشعار كثيرة جدًّا في صحة الإسلام، وكان كل شوية يقول للنبي -عليه الصلاة والسلام- ايه؟ أن ما أجمل هذا الدين، وما أجمل هذا الربّ وكلام زي كده، كان معتقد إنه الصح لكن كان يكابر، لا يريد أن يترك دين الآباء والأجداد، ده كان مين؟ أبو طالب.

    فلمَّا حضرته الوفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- راح له قال له خلاص بقى أنت بتموت، ستقابل الله -عز وجل- فقل كلمة لا إله إلا الله يبقى أنت كده تموت مسلم، فأبَى أن يقول هذه الكلمة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- تقطَّع عليه حسرات.
    فلما مات قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ".. لأستغفرنَّ لك ما لم أُنهَ عنك" يعني أنا هفضل أستغفر لك طول ما أنا عايش إلا لو ربنا اللي نهاني، فنزل قول الله -عز وجل-: "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ" التوبة:١١٣، يبقى ربنا نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذا الأمر.
    طيب لو كان الإسلام من عند النبي -عليه الصلاة والسلام- وكان هو اللي مخترع القرآن ومؤلِّفه كما يقول الملحدون أو المكذّبون كان ليه يعمل حاجة ويرجع تاني القرآن ينهاه عنها؟ كان من الأول صحَّح هذا الأمر، كان استثنى وقال أبو طالب إسلامه صحيح، ما هو بيحبه، هو اللي نصره، كان قال إن هو الرجل ده قال: لا إله إلا الله في سرّه مثلًا وتنفع، أو أي حاجة يخرَّج نفسه بيها من الموقف ده، لكن هذا يدل قطعًا أن القرآن ليس من عند النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بل هو وحي من عند الله.


    وأيضًا الله -عز وجل-قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم- في نفس ذات الموقف اللي هو موضوع أبي طالب، قال له الله -عز وجل-: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ" القصص:٥٦، فلو كان القرآن من عند النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ما كان يحدث مثل هذا اللوم وهذا العتاب.

    يبقى ده الموقف الثالث معانا وهو النبي -صلى الله عليه وسلم- استغفر لأبي طالب، فنزل القرآن يصحِّح هذا الاختيار، قال له: لأ الاختيار ده غلط ما تعملهوش تاني "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ".

    ٤. التولِّي عن عبد الله بن أم مكتوم
    كذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- أيضًا اجتهد، كل دي هتلاقيها اجتهادات في مواقف ليس فيها نصّ، النبي -عليه الصلاة والسلام- في مرة من المرات كان قاعد وجالُه مجموعة من صناديد قريش، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يَعرض عليهم الإسلام، تخيل النبي -صلى الله عليه وسلم- بقى وحرصه على الدعوة، ونِفسه الناس دي تُسلم، ونِفسه بقى قريش تُفتَح والناس دي يدخل الإيمان في قلوبهم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- حريص عليهم وعمَّال بقى يناظرهم ويجادلهم.

    في الموقف ده وهو قاعد يتكلم معاهم كده دخل عليه رجلٌ أعمى من الصحابة يسأله أن يُعَلِّمه مما علَّمه الله، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- مشغول مع الكبراء والصناديد، وده رجل فقير، وأعمى، ومسكين، ومؤمن مُوَحِّد يعني هو لو سابه مش هيحصل حاجة مش هيكفر هو مؤمن موَحِّد، لكن الصناديد دول لو سابهم ممكن ما يقبلوش الإسلام، وفيه بقى جدال وحُجَّة وكلام زي كده والنبي مندمج في الكلام مع مين؟ مع صناديد قريش.

    فلما جاءه عبد الله بن أم مكتوم الرجل الأعمى، الفقير، المسكين، المؤمن ده وبيقول له: يا رسول الله علِّمني مما علَّمك الله، فعبَس النبي -صلى الله عليه وسلم-، طيب العبوس ده هو عبارة عن ايه؟ حاجة في الوجه يعني قطَّب وجهه، وأعرض، تولَّى بوجهه عنه، طيب هو عبد الله بن أم مكتوم شاف النبي؟ ده أعمى لا يرى، يعني لا شايف العبوس ولا شايف التولِّي، ولا يفرق معاه.

    وهو النبي -عليه الصلاة والسلام- لو قال له: معلش يا عبد الله بن أم مكتوم سيبني دلوقتي أنا مشغول هيزعل؟ ده هو أصلًا يعني يتمنى من النبي -صلى الله عليه وسلم- أيّ شيء، حبه للنبي -عليه الصلاة والسلام- أعظم من ذلك، تخيل أنت رايح لواحد بتحبه وقال لك: معلش سيبني دلوقتي أصل أنا مشغول مش هتزعل منه، فيه عشم يعني وفيه محبة بين النبي -عليه الصلاة والسلام- والصحابة، فلو قال له أصلًا الكلام ده عادي ملهاش لازمة المعاتبة.


    ده من وجهة نظر ايه؟ لو القرآن من عند النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن لأن القرآن من عند الله -عز وجل- نزل العتاب مباشرةً للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ونزلت سورة كاملة سورة عبس، "عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ * أَن جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَىٰ * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ" عبس١:٧. ربنا عاتبه عتاب شديد، ونزل سورة كاملة في العتاب على هذا العُبوس والتَّوَلِّي اللي هو أمْر أصلًا لم يَرَه عبد الله بن أم مكتوم، لكن القاعدة التي أراد الله -عز وجل- أن يرسيها هي أنَّ الاهتمام بالمُقْبلين والمتربّين من أبناء الإسلام أهمّ بكثير من دعوة غير المسلمين، دا أمر أراد الله -عز وجل- أن يُثبته ويُعَلِّمَه لنا وللأمة جميعًا.
    لذلك القرآن قَطْعًا ليس من عند النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه لو كان من عنده كان من الأول ما غلطش في الاجتهاد، ومن الأول لم يعبس ولم يتولَّ، أو لو غلط في الاجتهاد وعبس وتولَّى كان لا يكتب هذا في القرآن لو كان من عند نفسه، لكن هذا يدلُّ قَطْعًا أنَّ القرآن وحيٌ من عند الله -عز وجل-، تمام؟
    يبقى دا الأمر الرابع.

    ٥. الصلاة على عبد الله بن سلول
    الأمر الخامس وهو أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- جاءه عبد الله بن عبد الله بن أُبَيّ بن سلول، عارفين عبد الله بن أُبَيّ بن سلول دا زعيم المنافقين في المدينة، عبد الله بن أُبَيّ بن سلول كان سيُتَوَّج مَلِكًا على المدينة يثرب قبل بعثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، فلما جاء النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة وآمن به الأوس والخزرج ذهب مُلْكُه؛ فَكَرِه النبي -صلى الله عليه وسلم- كُرْهًا شديدًا وعاداه عداوةً كبيرة، وأبطن الكُفْر وأظهر الإسلام، تمام؟

    فعبد الله بن أُبَيّ كان ابنه عبد الله من الصالحين، فجاء للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وسأله أنْ يُصَلِّي على أبيه عبد الله بن أُبَيّ، ويستغفر له عسى أن يشفع له ذلك عند الله، إن الصلاة دي بتاعت النبي -عليه الصلاة والسلام- تشفع لمين؟ لعبد الله بن أُبَيّ.
    فبالفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- استجاب لنداء عبد الله بن عبد الله بن أُبَيّ بن سلول، وأعطاه شيئًا من ملابسه كفَّنه فيها، وذهب النبي -صلى الله عليه وسلم- ليُصَلِّي على عبد الله، فأخذه عُمَر وقال له: إلى أين يا رسول الله؟ أنت رايح فين؟ فقال له: أصلِّي على عبد الله، فقال: إنه من المنافقين، دا زعيم المنافقين كيف تُصَلِّي عليه؟ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "دَعْنِي يا عمر فإنني لم أُنْهَ عن ذلك"، سيبني أصلّي لإن مانزلش إيه؟ مانزلش نهي، فنزل قَوْل الله -عز وجل-: "وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ۖ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ" التوبة:٨٤.
    يبقى القرآن نزل ليُبَيِّن أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتهد فأخطأ في هذا الأمر، النبي -صلى الله عليه وسلم- كان زَيّ ما قُلْنا "ما خُيِّرَ بين أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُما" صححه الألباني، فقال مفيش مشكلة أنا لم أُنْهَ، طلاما هو مسلم في الظاهر، وله حقوق الإسلام الظاهرة، وهيُغَسَّل ويُكَفَّن و.. و..، فبالمرَّة نصلي عليه، تمام؟ النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى في ذلك المصلحة، ورأى أنَّ ذلك لا يتعارض مع الوحي، لكن الله -عز وجل- نهاه عن ذلك، وهذا أيضا يُثْبِت قَطْعًا أنَّ القُرْآن ليس مِن عند النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-.


    ٦. حرمان النبي نفسه من بعض ما أحلّ الله
    أيضًا من الأمور التي تُثْبِت قَطْعًا أنَّ القرآن وَحْي مِن عند الله -عز وجل- وليس مِن عند النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أنَّ النبي -عليه الصلاة والسلام- حَرَّم على نفسه أمورًا، يعني إيه حَرَّم على نفسه أمورًا؟ يعني منعها، قال مش هعملها، حلف ما يعملهاش، إيه الأمور دي؟ اختلف العلماء إيه الأمر:

    هل حَرَّم على نفسه إحدى زوجاته؟ وفي ذلك قصة أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- جامَع إحدى نسائه في يوم عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- فعلمت بذلك حفصة، وحفصة كانت صديقة لعائشة، كانوا عاملين يعني نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- كان بينهم غيرة يعني فكانوا مجموعات كده بينصروا بعض، فكانت السيدة حفصة من حزب مين؟ السيدة عائشة، يعني بينهم تظاهُر وبينصروا بعض يعني، فقالت لها الحقي دا النبي -عليه الصلاة والسلام- جامَع إحدى زوجاته في يومك، فغضبت لذلك عائشة -رضي الله عنها وأرضاها-، ولامت النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، قالت له مينفعش وازّاي ودا يومي وكلام زَيّ كده.
    فالنبي -صلى الله عليه وسلم- علشان يرضيها عمل إيه؟ فأَقْسَمَ ألَّا يأتي هذه الزوجة اللي هي التي جامَعَها طيلة حياته، قال خلاص ماعُدْتش هجامع المرأة دي تاني، وأَقْسَم على نفسه ذلك، وحرَّم هذا الحلال على نفسه.
    دي في رواية.

    رواية أخرى وهي قد تكون الأصوب، أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأتي السيدة صفية وكان عندها عسل، طبعًا السيدة صفية انتوا عارفين إنها كانت من يهود خيبر، وكانوا بيصنعوا عسل، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا أتاها أَكَل من عسل خيبر، العسل بتاع السيدة صفية، فتظاهرا حفصة وعائشة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، يعني إيه تظاهرتا؟ يعني اتفقوا يعني إن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما ييجي لواحدة منهم وهو كان قبلها عند السيدة صفية تقول له: "إنّ رائحتك رائحة مغافير"، يعني تقول له إيه؟ إنّ فيه ريحة يَرَقات من بتاعة النحل اللي هي بتبقى في العسل، في شمع العسل، طالعة منك، علشان إيه؟ يكره إنه يأكل عسل عند السيدة صفية، بيكَرَّهوه في الموضوع دا بحيلة يعني، تمام؟
    فبالفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- غضب لذلك يعني زعل مِن هذا الأمر إنّ ريحة المغافير والكلام دا، فأَقْسَمَ ألَّا يأكل من عسل السيدة صفية، فأنزل الله -عز وجل- سورة، مش آية، سورة كاملة سورة التحريم "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّـهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ".
    يعني ربنا لامه قال له إزَّاي تحرّم على نفسك هذا الحلال؟ لا، أنت إذا أردت أنْ تُرْضِيهم يبقى بحاجة تانية غير هذا الأمر، لامه الله -عز وجل- في ذلك، وأيضًا بيَّن له أنَّه أَخْطَأ في هذا الاجتهاد.
    يبقى دا الأمر أيضًا السادس الذي يبيّن أنَّ القرآن ليس إلا وَحْيًا من عند الله -عز وجل-، وأنَّه ليس من عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، ليه؟ لأنَّ القرآن صوَّب خطأ النبي -صلى الله عليه وسلم- في الاجتهاد في هذه الأمور.

    ٧. الميل القلبي لنصرة المسلم السارق على اليهودي البريء
    الأمر السابع والأخير في هذه المسألة في الأشياء التي النبي -صلى الله عليه وسلم- بيّن الوَحْي أو بيَّن القرآن له فيه أنه أخطأ، أنَّ النبي -عليه الصلاة والسلام- جاءه خصمان، ناس اختصموا، واحد من الصحابة سرق واحد من الصحابة، يعني واحد صحابي سرق صحابي وأخذ درع وخرج بهذا الدرع إلى دار يهوديّ وألقى الدرع فيه، تمام؟ فالدرع فين؟ عند اليهودي.
    وهذا الصحابيّ الذي سرق الدرع اكتُشِفَ أنَّ الدِّرْع قد سُرِق فاتَّهم مين؟ اتّهم اليهودي، فاليهودي قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا أبا القاسم، إني لم أسرق الدرع، ولكن جاءني فلان ووضعه عندي أمانة، وبدأ يجيب البيّنات إنّ هو بريء اللي هو اليهودي.

    أيّ إنسان أو أيّ واحد مكان النبي -عليه الصلاة والسلام- هيبقى في موقف مُحْرِج جدًّا اللي هو إيه بقى؟ إن هو لو قال الصحابي اللي سرق واليهودي هو اللي ما سرقش يبقى طلَّع اليهود أحسن من المسلمين، صح؟ هيطلَّع اليهودي دا أحسن من المسلم، هو يهودي واحد أحسن من مسلم واحد بس مش هيتقال كده، هتتقال اليهود طلعوا أمناء والصحابة طلعوا سُرَّاق، هتتقال كده، وهتُذَاع كده، وهيبدأ الناس تشوّش على المسلمين بهذه الواقعة.

    كان أيّ حدّ تاني مكان النبي -عليه الصلاة والسلام- لو ماكانش نبي يعني كان هيطلَّع الصحابي هو اللي صحّ ويقطع إيد اليهودي علشان ينصر الإسلام. لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يفعل ذلك، بل مال إلى بيّنة الصحابي يعني قعد يسمع لبيّنة الصحابي وقلبه مال ناحية إيه؟ إنه يأخذ بهذه البيّنة رغم إنّ الحق بدأ يتَّضِح فين؟ مع اليهودي، بدأ يسمع لبيّنة الصحابي أكثر وما قالش طبعًا إنّ الصحابي صَحّ، النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن ليفعل ذلك، لكن مجرد خاطرة كده جات للنبي -عليه الصلاة والسلام- إنُّه يأخذ ببيّنة الصحابي وينصر هذه البيّنة ويأخذ هؤلاء الشهود، رغم إنّ البيّنة التانية كانت بدأت توضح أكثر، بس النبي -صلى الله عليه وسلم- ما قالش كده، كانت مجرد خاطرة جاءت للنبي -صلى الله عليه وسلم-.


    فأنزل الله -عزَّ وجل- قَوْله: "إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّـهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا" النساء:١٠٥. ربنا قال له: لا، اوعى تتَّبع هذا الظَّنّ، أو تنصر المسلم اللي هو أصلًا خائن على يهودي بريء، اوعى تفعل ذلك، ربنا قال له: "إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ"، النبي -عليه الصلاة والسلام- ماكانش نصر الصحابي ولا حاجة، يعني ما قالش إنّ الصحابي بريء واليهودي مُتَّهَم، ما قالش كده لكن مجرد إنّ هذه الخاطرة وهذا المَيْل خَطَر بقلب النبي -صلى الله عليه وسلم- نزل القرآن يُصَحِّح ذلك، ما تخافش على مصلحة الدعوة، بالعكس نُصْرَة الإسلام في نُصْرَة الحَقّ، ونُصْرَة الإسلام في إقامة الحدّ وإنْ كان على صحابيّ.
    فبالفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- بيَّن ذلك للصحابة وبيَّن أنَّ اليهودي بريء، وبذلك انتصر الإسلام ودخل اليهودي في الإسلام.

    هذا هو الموقف السابع الذي نزل فيه تخطئة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الاجتهاد، مش في حاجة حرام ولا حاجة، النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتهد وكان هيحكُم بالبيّنة التي أمامه التي تُبَيّن أنّ الصحابي بريء، لكن ربنا قال له: لا، اليهودي هو اللي بريء وذلك يُبَيّن أنَّ القرآن قَطْعًا ليس مِن عند النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.



    الخاتمة

    يبقى نراجع تاني بسرعة، احنا بنتكلم على صِحَّة الإسلام، وصِحَّة بعثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، فاتكلّمنا إنّ فيه أدلّة، أوّلها وأعظمها هي القرآن، وقُلنا رقم واحد الشبهة الأولى إنّ القرآن من عند النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقُلنا الكلام دا يستحيل، لماذا؟ رقم واحد: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يدّعِ ذلك، رقم اتنين: كان يتأخَّر الوحي عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في مواقف أحوج ما يكون إليها، رقم تلاتة: ينزل القرآن أحيانًا بتخطئة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في الاجتهاد في بعض الأمور.
    وهذا يُبَيِّن قَطْعًا أنَّ القرآن ليس إلَّا مِن عند الله -عزَّ وجلّ-، وليس مِن عند النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.


    نُكْمِل في اللقاء القادم باقي هذه الأدلة، وباقي دلائل النُّبُوَّة، ودلائل صِحَّة الإسلام.
    نسأل الله -عز وجل- أن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القَوْل فيتَّبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.
    وصلَّى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصَحْبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله ربِّ العالمين.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


    تم بحمد الله



    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:
    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36

    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.


    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق

    يعمل...
    X