إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية




    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما بعد :
    فهذه بعض الأسئلة والإجابة عليها في موضوع " الإجازات القرآنية " وهي ضمن بحث وجيز كتبه لنفسي ولإخواني منذ فترة فأسأل الله تعالى أن يجعله خالصا لوجهه وأن يتقبله منا ، وأرجوا من كل أخ كريم رأى خللا أو نقصا أن ينبهنا عليه وجزاه الله خيرا .

    س1 : هل الإجازة القرآنية قديمة أم حديثة ؟ وهل أجاز النبي – صلى الله عليه وسلم – الصحابة في القرآن ؟
    قال الدكتور / محمد الفوزان في كتابه " إجازات القراء " ص 19-22 :
    إن الإجازة شهادة من المجيز } المقرئ{ إلى المجاز } القارئ{ ،وهذه الشهادة تزكية للقارئ على حسن أدائه وجودة قراءته .
    وإن الناظر في تزكية النبي – صلى الله عليه وسلم – لبعض أصحابه – رضي الله عنهم – على حسن قراءتهم وجودتها إنما هي إجازة لفظية من خير البرية – صلى الله عليه وسلم –لخير القرون ، وهو أصحابه – رضوان الله عليهم –وهي أوثق بلا شك من الإجازة الكتابية وذلك باعتبار المجيز والمجاز له .
    وإليك بعض النصوص الدالة على ما أوردت بيانه ومن ذلك :
    1- ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم –يقول : " خذوا القرآن من أربعة ، من عبد الله ابن مسعود ، وسالم ، ومعاذ ، وأبي بن كعب ".
    2- وما أخرجه الشيخان عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال : قال لي النبي – صلى الله عنه وسلم – " اقرأ عليّ القرآن ، قلت : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال إني أحب أن أسمعه من غيري " .
    3- ما أخرجه الشيخان أيضا عن انس بن مالك – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال لأبي إن الله أمرني أن أقرأ عليك ، قال : آلله سمّاني لك ؟ قال : آلله سمّاك لي ، قال فجعل أبي يبكي " واللفظ لمسلم .
    إن هذه الأحاديث بمجموعها لتدل دلالة واضحة بينة على تزكية النبي – صلى الله عليه وسلم – لأولئك الأصحاب – رضوان الله عليهم – لإجازته لهم إجازة لفظية وشهادة عظمى من خير مجيز لخير مجاز .
    4- أخرج البغوي في شرح السنة : أن زيد بن ثابت – رضي الله عنه – شهد العرضة الأخيرة التي عرضها رسول الله على جبريل ، وهي التي بيَّن فيها ما نُسخ وما بقي .
    قال أبو عبد الرحمن السلمي هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت ، لأنه كتبها لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقرأها عليه ، وشهد العرضة الأخيرة ، وكان يقرئ الناس بها حتى مات ، ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمعه ، وولاه عثمان كتبة المصاحف – رضي الله عنهم أجمعين " اهـ
    إذ يستفاد من هذا النص ما يأتي :
    أولا : أن الاعتماد على زيد بن ثابت – رضي الله عنه – في بيان ما نسخ وما بقي من كتاب الله تعالى بناء على حضوره العرضة الأخيرة تعدُّ هذه بمثابة إجازة سماع لزيد – رضي الله عنه- من رسول الله – صلى الله عليه وسلم- واعتماد الصحابة على زيد في كتبة المصاحف بعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
    ثانيا : عرض زيد – رضي الله عنه – القرآن على رسول الله شرف ومزية ورفعة له – رضي الله عنه – على غيره من الصحابة – رضي اللع عنهم – أجمعين " .
    - لم أقف على نص قاطع في بداية مصطلح الإجازة القرآنية ، ولكن الذي يظهر لي والله أعلم أن ] ظهور هذا المصطلح متزامن مع بداية التصنيف في القراءات القرآنية في القرن الثالث الهجري .
    كما جاء في ترجمة : محمد بن ادريس بن المنذر – أبو حاتم الرازي المتوفي سنة خمس وسبعين ومائتين ؛ إذ روى القراءة إجازة الإمام أبو بكر بم مجاهد المتوفى سنة أربع وعشرين وثلاثمائة .
    وكما جاء أيضا في ترجمة : عبد الصمد بن محمد بن أبي عمران أبو محمد الهمداني المقدسي المتوفى سنة أربع وتسعين ومائتين ؛ إذ روى عنه القراءة إجازة أحمد بن يعقوب التائب المتوفى سنة أربعين وثلاثمائة . اهـ من إجازات القراء




    س2 ) هل الإجازة تكون في القرآن فقط ؟ وهل الأصل إجازة القرآن أم الحديث ؟
    قال الدكتور محمد بن فوزان في إجازات القراء 12 -13:
    " إن الإجازة القرآنية نوع من الإجازات العلمية المتعددة، وهناك إجازات المحدثين وهي الأصل في هذا الباب، وإجازات الفقهاء وإجازات القراء وإجازات القضاة وإجازات الخطاطين وإجازات الشعراء بل وإجازات الأطباء، وإن هناك إجازات أخرى تقديرية وتكريمية بين العلماء بعضهم بعضاً وبين العلماء والملوك والأمراء، فشملت الإجازات العلمية سائر العلوم الدينية وتجاوزتها بشكل سريع إلى العلوم الإنسانية والمادية بل وأصبحت الإجازة بحدّ ذاتها أمنية لكل مسلم في نيلها والحصول عليها بل ويلحون في طلبها.
    وقال الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الشتري :
    أقول إنَّ إجازات القراء كما سمعنا أن الأصل في الإجازات هو لأهل الحديث، أنا أقول إن الأصل في الإجازات هو لأهل القراءات لأن لهذا أصل في القرآن وفي السنة، أما الأصل الذي في القرآن فهو قوله تعالى ( لا تحرك به لسانك لتعجل به، إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه)، وأما في السنة فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أجاز شفهياً بعض أصحابه حينما قال لأبي: \"أقرؤكم أبيّ\" وحينما استمع لقراءة عبدالله بن قيس أبو موسى الأشعري وأثنى عليه في قراءته وهذه إجازة شفهية، وكذلك لعبدالله بن مسعود، وكذلك لغيرهم من القراء الذين اشتهروا في زمن الصحابة.
    والأسانيد في القراءات هي مبثوثة في كتب أهل العلم، حتى إن من أهل الحديث من كان متقدماً في الإسناد في القراءات ثم الحديث، وكذلك الفقهاء كانوا كذلك ومن اطلع على كتب القراءات وكتب تراجم القراء مثل غاية النهاية وطبقات القراء للإمام الذهبي وغيرهم فإنه سيجد الكمَّ الهائل من علماء الحديث وعلماء اللغة وعلماء الفقه كانوا أهل إقراء وكانوا يجيزون حينما أخذوا هذه الإجازات، فالإجازات والإسناد أمرها كبير وشأنها عظيم، ولكنها في الأزمان المتأخرة خبت أو خفيت عن كثير من الناس حتى جاء هذا الوقت بحمد الله تعالى وأحيا هذا العلم، ونتطلع أن يكون لهذه الجمعية إن شاء الله تعالى بمساعدة أعضائها وتكاتفهم في الأعمال أن يكون لهذا العلم وغيره من العلوم التي تخدم القرآن الأثر الظاهر لهذه الأمة الذي به عصمتها وحمايتها وعزها ونصرها، اهـ من الندوة الأولى للملتقى الأول للجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه بتاريخ 22 / 10 / 1424 هـ .وذلك بالقاعة
    الكبرى بكلية أصول الدين ـ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميةــــــــ الرياض



    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 21-11-2015, 05:15 PM.

  • #2
    رد: أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

    س3 ) هل من حصل على شهادة من معهد القراءات أو كلية علوم القرآن سواء في حفص أو في القراءات أصبح مجازا في ذلك وله الحق في إجازة غيره ؟
    مقدمة :
    معهد القراءات جهة تابعة للأزهر الشريف والدراسة فيه 8 سنوات ، سنتان في حفص وبنهايتها يحصل الطالب على "شهادة التجويد "المعتمدة من الأزهر الشريف ، وإذا أراد أن يكمل الطالب الدراسة بعد هذه المرحلة ،فله أن يدخل مرحلة "عالية القراءات " وفيها يدرس الطالب القراءات العشر الصغرى مع حفظ متن " الشاطبية والدرة " وبنهايتها يحصل الطالب على شهادة " عالية القراءات " ، وإذا أراد الطالب أن يكمل الدراسة فله أن يدخل مرحلة " التخصص " وفيها يدس الطالب القراءات العشر الكبرى من خلال متن " طيبة النشر " لابن الجزري ، وبنهايتها يحصل الطالب على شهادة التخصص ، وإذا أراد أن يكمل بعد ذلك فله الدراسة في كلية علوم القرآن بطنطا ومدة الدراسة أربع سنوات يحصل بعد نهايتها على البكرليوس.
    وبعد هذه المقدمة نقول : إن الذي يحصل على شهادة من المعهد أو الكلية لا تعتبر هذه الشهادة بمثابة الإجازة لماذا ؟:
    1- غالبا الشيوخ الذين يُدِّرسون في المعهد ليس معهم إجازات ، إلا من قرأ على المشايخ خارج المعهد ، وهؤلاء المجتهدون الذين يعدون على الأصابع .
    2- غالبا الذين يَدْرسون في الجهات الرسمية تكون غايتهم الشهادة ليعملوا بها في الداخل أو الخارج .
    3-أن الطالب لا يعرض القرآن كله على الشيخ في خلال السنة الدراسية ، لان هذا الطالب يقرأ جزءا والذي بعده يقرأ جزءا ، وهكذا ، فينتهي الطالب من السنة الدراسة وما يكون قرأ ربع القرآن على الشيخ.
    4-أن أكثر الطلاب يغيبون ولا يحضرون إلا على وقت الامتحان ، ثم ينجحون في النهاية بالغش أو غيره كما هو حال أكثر من 70 % من الطلاب ، وأنا أقول هذا الكلام لأنه" ليس الخبر كالمعاينة " ، وكثيرا ما كنت اصطدم مع بعض المدرسين بسبب ذلك الغش خاصة في القرآن الكريم والمواد الشرعية، ويغضب علىّ كثير من إخواني .
    5- أن كثيرا من الطلبة الذين تخرجوا من معاهد القراءات مستوياتهم دنيئة جدا ولا يحسنون قراءة حفص فضلا عن القراءات .
    وغير ذلك من الأمور والأسباب التي تجعل الشهادة لا تكون بمثابة الإجازة ، ولكن الجمع بينهم طيب وأفضل ، فيحاول الطالب أن يجمع بين الاثنين " الشهادة والإجازة " ، والله أعلم .


    **************

    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 04-01-2015, 08:38 PM.

    تعليق


    • #3
      رد: أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

      س4 هل يجوز للطالب أن يقرأ على شيخه عبر التليفون أو الإنترنت ؟
      لقد كثُر الكلام على القراءة عبر التليفون والإنترنت في هذه الآونة الأخيرة ، وذلك لأن التليفون وغيره لم يكن في عهد المتقدمين ، فأقول وبالله التوفيق :
      يجوز أن يقرأ الطالب على شيخه عبر التليفون وغيره خاصة إذا كان الشيخ كفيفاً فمن المعلوم أن الشيخ الكفيف لا يرى من يقرأ عليه وهو جالس معه في الغرفة ، فما الفرق بين أن يقرأ الطالب عليه أمامه وبين أن يقرأ عليه عبر التليفون وغيره ؟!
      ولكن هناك بعض الضوابط وهي :
      1-أن يكون الشيخ عنده قوة ملاحظة في حركات فم الطالب من إتمام الحركات ، وعدم ضم الشفتين في غير موضعه ، وغير ذلك من الأشياء الدقيقة .
      2-أن يكون صوت التليفون صافيا نقيا دون تقطيع أو تشويش حتى يتسنى للشيخ أن يسمع القراءة جيدا ، وكذلك الإنترنت ، سواء على الماسنجر أو البالتوك ، فإن هذا الأمر يتطلب في القرآن خصوصا ، لقراءته بكيفية مخصوصة ، أما الحديث فغير القرآن من حيث الأداء والكيفية .
      3- أن يكون الشيخ على ثقة بهذا الطالب في إتقانه وتجويده ، خاصة في حركات الفم ، ولا سيما إذا كان هذا الطالب مجازا من أحد المشايخ .
      4-هناك بعض الأشياء المهمة لابد للطالب أن يتلقاها من شيخه ويراه وهو يقرؤها مثل الروم والإشمام وغير ذلك ، فعلى الطالب أن يسأل شيخه عن ذلك عندما يحضر إليه.
      تنبيه:
      لا ينبغي التساهل في هذا الأمر ، إلا لمن يسكن بعيدا عن الشيخ من باب التسهيل والرحمة عليه .
      وبالجملة فإن هذه الخدمة " التليفون والإنترنت " من النعم التي أنعم الله بها علينا خاصة إذا استخدمت في العلم مثل قراءة القرآن والحديث وغير ذلك من العلوم النافعة ، وهناك بعض المشايخ يقرءون عبر هذه الأشياء ومنهم :
      1-شيخنا الشيخ / عبد الباسط هاشم – حفظه الله تعالى –
      2- الشيخ / محمد عبد الحميد السكندري _ حفظه الله -
      3-شيخنا الشيخ / محمد نبهان مصري –حفظه الله تعالى –
      4-الشيخ المحدث / عبد الوكيل عبد الحق الهاشمي – حفظه الله تعالى - .


      **************


      س5 ) هل يشهد على الإجازة أم لا ؟
      ومعنى ذلك أن يشهد شاهد أو اثنين على الإجازة ويوقع هذا الشاهد مع كتابة اسمه ورقم بطاقته ، وقد سمعت بعض الإخوة يقول هذا العمل لا أصل له ، بل يكفى توقيع الشيخ وختمه ، فأقول : إن هذا العمل جائز لا شيء فيه ، وليس من البدع المحدثة كما يظن البعض ، بل هو من الأشياء المهمة في توثيق الإجازة وثبوتها ، وهذا كالإشهاد والتوثيق في "عقد الزواج ، فهل هذا الأمر بدعة ؟، والشهادة في دين الله معتبرة .
      قال الدكتور / محمد فوزان في إجازات القراء ص34-35-36 :
      " الإشهاد على الإجازة عند الشيخ مهمة في توثيق الإجازة وثبوتها إذ إن الشهادة في دين الله معتبرة ، وبها تقام الحدود ، وبها ترفع المظالم .
      والإشهاد على الإجازة تكون بحضور من هم في طبقة الشيخ ما أمكن ذلك ، أو من أحد تلاميذه ، أو من غيرهم ممن هم من أهل الثقة والعدالة .
      يقول ابن الجزري في منجد المقرئين ص (67) :
      " وأما ما جرت به العادة من الإشهاد على الشيخ بالإجازة والقراءة فحسن يرفع التهمة ، ويُسكن القلب ، وأمر الشهادة يتعلق بالقارئ يُشهد على الشيخ من يختار ، والأحسن أقرانه النجباء من القراء المنتهين ؛ لأنه أنفع له حال كبره " اهـ
      *ومن الشواهد على الإشهاد على الإجازة : ما ذكره ابن الجزري في ترجمة محمد بن عبد الرحمن بن على بن أبي الحسن شمس الدين بن الصائغ الحنفي ، ت 776 هـ ما نصه :
      " فقرأت عليه فلما أن ختمت عليه الختمة الثانية وكتب لي الإجازة بخطه سألته أن يذهب إلى شيخنا جمال الدين عبد الرحيم الأسنوي شيخ الشافعية ، فذهب إليه وهو بالمدينة الناصرية من القاهرة فأشهده وما كان شيخنا الأسنوي يعلم أني أقرأ القراءات فقال له : والقراءات أيضا ، فقال : وغيرها من العلوم " انظر غاية النهاية (2/163-164).
      ومما جاء في الإشهاد على الإجازة أيضا ما ذكره ابن الجزري في ترجمة القاضي محب الدين ناظر الجيوش بالديار المصرية – ت 708 هـ :
      " قلت : وقرأت عليه جمعا من البقرة إلى قوله " ختم الله " وأحازني وشهد في أجائزي " انظر الغاية أيضا (2/284) .
      إلى غير ذلك من النصوص التي تدل على مشروعية هذا الأمر ، ولكن ليعلم أن الإشهاد على الإجازة ليس شرطا في صحتها ، ولكنه زيادة في التوثيق والتثبت ، وهو معمول به في الإجازات القرآنية وكذلك الحديثية في بعض البلاد الإسلامية .


      **************



      س6 : نرجو توضيح صيغة الإجازة التي يعطيها الشيخ للطالب ؟
      صيغة الإجازة تكون على الشكل التالي :
      يكتب الشيخ في أول صفحة غالبا اسمه واسم المجيز والرواية أو القراءة التي قرأها الطالب ، ثم يذكر مقدمة وبعدها يذكر أن الطالب الفلاني قرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره غيبا عن ظهر قلب برواية أو قراءة كذا ، وبعضهم لا يكتب غيبا عن ظهر قلب ، ثم يذكر الوصايا للطالب أو الشروط ، ثم يذكر سنده للطالب ، بعضهم يعطي الطالب سندا واحدا ، أي : يعطيه سندا عن شيخ واحد ، والبعض يعطي للطالب كل الأسانيد التي أخذها من شيوخه في الرواية أو القراءة التي قرأها الطالب ، ثم في الختام يوقع الشيخ على الإجازة ويختمها بختمه ، والبعض يضعون شهودا يشهدون ويوقعون على الإجازة كما مر معنا ، وبعضهم يكتب الإجازة في ورقة واحدة فقط ، يذكر فيها مقدمة بسيطة ثم اسم الطالب ثم السند باختصار ، كالشيخ الزيات – رحمه الله - ، وغيره .
      أقول : والأفضل للشيخ أن يكتب عنده في دفتر خاص به أو كراسة اسم الطالب الذي ختم عليه وأن يكتب تاريخ الختمة ، وعنوان الطالب إن أمكن ورقم هاتفه ، ويعرِّف الشيخ أبناءه بكل طالب قرأ عليه ، فإن هذا أوثق في عدم التدليس وغيره ، وإن أمكن للطالب أن يسجل في نهاية الختمة الإجازة شفويا فهذا أوثق ، ليكون معه إجازة مكتوبة وأخرى شفوية ، وقد فعلت ذلك مع شيخي العلامة / بكري الطرابيشي وغيره .


      **************

      التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 11-01-2015, 12:36 AM.

      تعليق


      • #4
        رد: أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

        س7 : هل الطالب الذي عنده خلل في نطق بعض الحروف كـ " الراء ، والسين ، والصاد " وغير ذلك يأخذ الإجازة إذا ختم القرآن على شيخه ؟
        هناك بعض الناس قراءته طيبة ومتقنة إلا انه عنده عيب في نطق بعض الحروف كاللدغة في " اللام " ، وتكرير " الراءات " بشكل مفرط ، فهذا الطالب إذا لم يستطع أن يغير هذا الخلل يوم بعد يوم وعجز عن إصلاحه فلا شيء عليه والدليل قوله تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) ، وقوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها )، والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول في الحديث : " إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان ......" الحديث وما دام أن الخطأ صاحبه غير متعمد فمعفو عنه بإذن الله
        والقاعدة تقول : " المشقة تجلب التيسير " ، والأخرى تقول : " القدرة مناط التكليف " أي : أن الإنسان مكلف بفعل الشيء إذا كان مقتدرا عليه ، وبمفهوم المخالفة إذا لم يكن مقتدرا فلا شيء عليه .
        وعلى ذلك فإذا كان الخلل بسيطا كبعض الحروف فالشيخ يعطي هذا الطالب الإجازة بشرطين :
        الأول : أن يستطيع هذا الطالب أن يصلح هذه الأخطاء لغيره .
        الثاني : أن ينص الشيخ على ذلك في الإجازة .
        الثالث : ألا يكون هذه الأخطاء في كل الحروف أو أكثرها .


        **************


        س8 : هل يجوز للشيخ أن يشترط " الهدية " على الطالب عند نهاية الختمة كما يفعل البعض الآن ؟
        قال ابن الجزري – رحمه الله- في منجد المقرئين ص 60 :
        "وأما قبول الهدية ممن يقرأ عليه ؛ فامتنع من قبولها جماعة من السلف تورعا من أنها تكون بسبب القراءة .
        قلت : هذا إذا لم يشترط الشيخ على طالبه ؛ بل برغبة الطالب ، أما الآن فلا حول ولا قوة إلا بالله الشيخ يشترط قبل القراءة ويقول مثلا : أنا بأخذ كذا في الشهر ، وفي الإجازة كذا ، وأما الهدية فإما أن تأتي بكذا وكذا وإما أن تأتي بكذا وكذا .
        قال الإمام النووي – رحمه الله تعالى – في التبيان ص44/45 :
        " ولا يشين المقرئ إقراءه في طمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه ، سواء كان الرفق مالا ، أو خدمة وإن قلّ ، ولو كان على صورة الهدية ، التي لولا قراءته عليه لما أهداها إليه " أهـ .
        قال ابن الجزري تعليقا على كلام النووي في المنجد ص 61 :
        "وحسن التفصيل ، كما قيل في القاضي : لا يخلو ؛ إما أن يكون القارئ كان يهدي للشيخ قبل قراءته عليه ، أو لا ، فإن كان ؛ فلا يكره " أهـ
        قلت : إذا أعطى الطالب شيخه الهدية برغبته ودون عسر عليه فلا شيء في ذلك ، وإنما مربط الكلام في الذين يشترطون ويشقون على الطالب وإذا لم يستطع أن يأتي بالهدية فضحه الشيخ ، وربما منع منه الإجازة حتى يأتي بالهدية ، نسأل الله العفو والعافية .
        ولله در شيخنا الجليل العلامة / بكري الطرابيشي-حفظه الله- الذي كان يرفض حتى زجاجة العطر من الطالب ، وأخبرني أحد الإخوة أنه أهدى له هدية بسيطا بعد إلحاح شديد على الشيخ فأخذها الشيخ ، وردها عليه الشيخ بهدية ثمينة جدا ، والله أعلم .


        **************



        س9 : ما هي الفترة التي يختم فيها الطالب القرآن برواية أو قراءة أو أكثر على شيخه لينال الإجازة ؟
        أوردت هذا السؤال لأن بعض إخواننا من القراء المتقنين ذهب إلى شيخ وقرأ عليه القرآن في أربعة أيام ، فقيل له : أخذ الإجازة في أربعة أيام ، ما هذا التساهل ؟ وذلك لأن المتكلم لا يفرق بين متقن وغيره ، وعلى العموم أنقل ما قاله ابن الجزري في هذه المسألة ، حيث قال في المنجد (64-65-66) دار الفوائد:
        " ويستحب أن يسوّي بين الطلبة بحسبهم ، إلا أن يكون أحدهم مسافرا، أو يتفرس فيه النجابة ، أو غير ذلك ، وله أن يقرئهم ما شاء كثرة وقلة .
        وأما ما ورد عن السلف من أنهم كانوا يقرئون ثلاثا ثلاثا ، وخمسا خمسا ، وعشرا عشرا ، لا يزيدون على ذلك ، فهذه حالة التلقين ، وأما من يريد تصحيح قراءة أو نقل رواية ، أو نحو ذلك ؛ فلا حرج على المقرئ أن يقرئه ما شاء .
        وقد قرأ ابن مسعود – رضي الله عنه – على النبي – صلى الله عليه وسلم – من أول سوة النساء إلى قوله تعالى ( وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) ] النساء /41 [.
        وقال نافع لورش – لما قدم عليه وسأله أن يقرأ عليه - : بِتْ في المسجد ، فلما اجتمع عليه أصحابه قال لورش : أبتَّ في المسجد ؟ قال نعم ، قال : أنت أولى بالقراءة ، فقرأ عليه القرآن كله في خمسين يوما ، وعلى هذا مضت سنة المقرئين .
        وقد قرأ الشيخ نجم الدين عبد الله بن عبد المؤمن – مؤلف الكنز – القرآن كله جمعا بالعشر على شيخ شيوخنا الإمام المسند تقي الذين محمد بن أحمد الصائغ لما رحل إليه إلى مصر في مدة : سبعة عشر يوما .
        وقرأت أنا على شيخنا العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الصائغ ، لما رحلت إليه الرحلة الأولى إلى مصر ، وأدركني السفر ، وكنت قد وصلت إليه إلى آخر ( الحجر ) جمعا للقراءات السبع ، بمضمن " الشاطبية " ، و " العنوان " و/ " التيسير " ، فابتدأت عليه ( النحل ) ليلة الجمعة ، وختمت عليه ليلة الخميس في ذلك الأسبوع .
        وآخر مجلس قرأته : أني ابتدأت من أول ( الواقعة ) ، ولم أزل حتى ختمت في مجلس واحد ليلا .
        وقدم علىّ دمشق شخص من حلب ، فقرأ علىّ القرآن أجمع بقراءة ابن كثير في خمسة أيام متتابعات ، ثم قراءة الكسائي في سبعة أيام كذلك .أهـ
        إذا العبرة بإتقان الطالب ومهارته ، وأيضا أن يكون الشيخ عنده فسحة من الوقت ، ولو قرأ الطالب على شيخه القرآن كله في يوم واحد فلا شيء في ذلك ولا يعتبر هذا تساهلا إلا إذا أفرط القارئ في التلاوة وتركه الشيخ كي يختم .


        **************

        التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 11-01-2015, 12:36 AM.

        تعليق


        • #5
          رد: أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

          س10 : هل يجوز الإجازة المجردة عن العرض والسماع ؟
          الإجازة القرآنية إما أن تكون عرضا وسماعا وهذا قليل جدا وهذه الطريقة التي تعلم بها النبي – صلى الله عليه وسلم – القرآن عن جبريل ، وإما أن تكون عرضا فقط ، وهذه الطريقة التي يسري بها أكثر القراء الآن ، فإن الطالب يقرأ والشيخ يسمع ويصحح إذا كان هناك خطئا ، وإما أن تكون الإجازة سماعا ، يعني الشيخ يقرأ والتلميذ يستمع، وهذا نادر جدا في القرآن ، كثير جدا في الحديث ، وأعلى درجات هذه الإجازة هي المقرونة بالعرض والسماع ، والأنواع الثلاثة كلها جائزة ، وعلى ذلك فهل يجوز للطالب أن يذهب لشيخ ويطلب منه الإجازة دون أن يقرأ عليه شيئا أو يسمع منه شيئا ؟
          اختلف العلماء في ذلك ، فبعضهم جوَّز ذلك والبعض منع ، فممن جوَّز ذلك مطلقا : العلامة الجعبري ، وممن منع ذلك الحافظ أبو العلاء الهمداني وبالغ في ذلك وعدّها من الكبائر.
          قال الدكتور / محمد بن فوزان في إجازات القراء ص 42 :
          " لا تجوز الإجازة المجردة عن العرض والسماع مطلقا ، ولا تمنع كذلك مطلقا ؛ لكنها تجوز إذا تحققت في القارئ الأهلية وأراد علو السند وكثرة الطرق والمتابعة والاستشهاد ، وأما إن كان من غير متابعة فقد توقف في ذلك ابن الجزري واشترط الأهلية " أهـ
          قلت :ومعنى ذلك أن من كان متقنا ماهرا قرأ على أكثر من شيخ ، وأراد علو سنده من شيخ آخر بطلب الإجازة فلا شيء في ذلك ، أما المبتدأ أو الغير متقن فيمنع من ذلك .


          **************


          س11 : هل يجوز للطالب أن يعرض بعض القرآن على شيخه ويأخذ الإجازة في القرآن كله ؟
          الإجابة نفس الإجابة على السؤال السابق من وجود الأهلية مع الإتقان هذا هو الأصل ، فإذا كان الطالب مجوِّدا وبلغ درجة كبيرة من الإتقان في القرآن وقرأ على شيخ أو أكثر وأراد أن يقرأ على شيخ آخر بعض القرآن ليأخذ منه السند ، فقرأ عليه وأخذ منه السند فهذا لا شيء فيه ، ويقول الشيخ : إن فلان بن فلان قرأ على بعض القرآن برواية كذا أو بقراءة كذا أو بالقراءات السبع أو العشر ، وأجزته بما قرأ وبباقي القرآن ، ودليل ذلك ما قاله ابن الجزري في غاية النهاية (2/64) :
          " أن محمد بن أحمد بن شهريار الأصبهاني دخل الروم فلقيني بأنطاكية متوجها إليَّ إلى الشام فقرأ علىَّ للعشرة بعض القرآن وأجزته ، ثم توجه إلى مدينة لارُندة فأقام بها يُقرئ الناس" ا.هـ
          وجاء في ترجمة الإمام المحقق ابن الجزري أنه جمع القراءات للإثنى عشر بمضمن كتُب على الشيخ أبي بكر عبد الله الجندي ، وللسبعة بمضمن العُنوان والتيسير والشاطبية على العلامة أبي محمد بن الصائغ ، والشيخ أبي محمد عبد الرحمن بن البغدادي فتُوفيَّ ابن الجندي وهو قد وصل إلى قوله تعالى : ( إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان .... ) الآية في سورة النحل ، فاستجازه ابن الجزري فأجازه الشيخ الجندي وأشهد عليه ثم تُوفي فأكمل على الشيخين المذكورين....... " انظر غاية النهاية ( 2/247-248 ) ، نقلا من إجازات القراء ص 50

          **************
          التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 11-01-2015, 12:34 AM.

          تعليق


          • #6
            رد: أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

            س12 : هل الإجازة شرط في الإقراء ؟
            إن عدم وجود إجازة علمية عند شيخ من المشايخ ليست دليلا على هبوط مستواه العلمي ، فما أكثر من ارتفعت سمعتهم العلمية وهم لم تُسعفهم الظروف لأخذ إجازات علمية من مشايخهم أو لم يذكر عنهم ذلك .
            وهي بذلك تشبه الشهادات العلمية المتخصصة في الوقت الحاضر ، والتي لا يعني الحصول عليها أن حاملها لا يشق له غبار في تخصصه ، لأنها أحيانا تكون غير دقيقة أو لا تمثل الواقع العلمي للشخص الحاصل عليها .
            وقال السيوطي – رحمه الله – في الإتقان (1/135-136) :
            " الإجازة من الشيخ غير شرط في جواز التصدي للإقراء والإفادة ، فمن علم من نفسه الأهلية جاز له ذلك وإن لم يجزه أحد ، وعلى ذلك السلف الأولون والصدر الصالح ، وكذلك في كل علم وفي الإقراء والإفتاء ، خلافا لما يتوهمه الأغبياء من اعتقاد كونه شرطا ، وإنما اصطلح الناس على الإجازة ؛ لأن أهلية الشخص لا يعلمها غالبا من يريد الأخذ عنه من المبتدئين ونحوهم ، لقصور مقامهم عن ذلك .
            والبحث عن الأهلية قبل الأخذ شرط ، فجعلت الإجازة كالشهادة من الشيخ للمجاز بالأهلية " أهـ ، إجازات القراء ص 37 -38 .


            **************


            س13: ما المقصود بالإجازة العامة؟ ، وهل تجوز في القرآن ؟
            الإجازة العامة أو الإجازة لغير معين بوصف العموم كأجزت المسلمين أو كل أحد أو أهل زماني ، وهي أحد أنواع الإجازات والتي لا يشترط على طالبها أي شرط للحصول عليها ؛ لأن المقصود بها وصل الإسناد وتعميم الرواية.
            ومن شأن هذه الإجازة أنها لا تعطي لطالبها أي اعتبار أو إذن في الرواية أو تعاطي التدريس أو الوظائف العامة مثل الفتيا والقضاء كما هو الشأن في الإجازات العلمية ، وقد جوّز هذا النوع جماعة من أهل العلم كأبي الفضل البغدادي وابن رشد المالكي وأبي طاهر السلفي وغيره ورجح الجواز ابن الحاجب وصححه النووي وخلق كثير .انظر تدريب الراوي للسيوطي (2/32-33)، وإجازات القراء ص44-45-46
            ومن أمثلة هذا النوع من الإجازات ما ذكره ابن الجزري – رحمه الله- في خاتمه منظومته " طيبة النشر :
            وقد أجزتها لكل مقري ................ كذا أجزت كل من في عصري
            قال الدكتور /محمد سالم محيسن في " الهادي " على شرح الطيبة :
            " أخبر الناظم- رحمه الله- بأنه أجاز لجميع المقرئين في جميع الأمصار ، والأعصار ان يروي عنه هذه الأرجوزة ويقرأ بها ، ويقرئ بها غيره على رأي من أجاز ذلك ، أي من أجاز الرواية بالإجازة العامة " أهـ الهادي (3/377).
            وهذا النوع كثير جدا منه عند الحديث ، قليل جدا في القرآن ، لأن أغلبية مشايخ القرآن يشترطون عرض القرآن كله ثم يأخذ الطالب الإجازة ، بعكس علماء الحديث يعطي الإجازة ولو لم تقرأ عليه شيئا ، بل بعضهم يجيز بالتليفون دون أن يقرأ الطالب شيئا من باب الإجازة العامة ، وعلى ذلك فلو ذهب طالب وأتى بالإجازة العامة في القرآن وقال أنا معي إجازة دون أن يعرض القرآن على شيخ لم يُعمل بهذه الإجازة لأنها لم تتصل بالقراءة ، وبعضهم قال: تقوى هذه الإجازة العامة إذا كان القارئ معه إجازات أخرى متصلة بالإقراء معها ، أما إن كانت وحدها فهي من باب الاستئناس والبركة .


            **************



            س14: بين التساهل والتشدد في الإجازة القرآنية .
            ظهر في هذه الآونة الأخيرة إقبال كبير على حفظ القرآن من طلبة العلم ، وأصبح الكثير يقبلون على الإجازة بالقراءة على المشايخ لمعرفة أهميتها ، فكثر الإقبال على المقرئين ، وبعد أن كان الشيخ عنده اثنان أو ثلاثة يقرئون ، أصبح العدد يصل إلى خمسة عشر شخصا ، أكثر أو أقل ، وهذا الأمر طيب جدا ، إلا أن هناك إفراطا وتفريطا، وهو التساهل والتشدد في الإجازة القرآنية.
            فأصبح الكثير يتساهلون في الإقراء ، فترى الطالب يقع في أخطاء كثيرة دقيقة وغير دقيقة ، ومع ذلك الشيخ يسمع ولا يرد ، وبعضهم يرد في أشياء ويترك أشياء أخرى ، ثم ينتهي الطالب المبتدأ من هذه الختمة ويقول أنا معي إجازة من فضيلة الشيخ فلان ، وهو عنده أخطاء كثيرة ، وانا لا أبالغ في ذلك وهذا معلوم لدى القاصي والداني .
            قال الدكتور / محمد الفوزان :
            " لا يخفى على ذي لب أن هناك تسامحا واضحا في دفع الإجازة القرآنية من بعض مقرئي هذا العصر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وهذا التسامح أو التفريط في مثل هذا الأمر ، أدى ولا بد إلى دفعها لأشخاص لا يعرفون الأحكام التجويدية المبدئية فضلا عن غيرها ، ولربما كان صاحبها من أهل اللحن الجلي ، والواقع يصدق ذلك أو يكذبه ، وهذا هو التسامح المقصود أو المعني به ، وألوان التسامح متعددة ، فمن ذلك مثلا : قراءة رواية أو أكثر في مدة يسيرة كليلة أو ثلاث ليال أو نحو من ذلك ، مما يدل على تسامح وتساهل في الإقراء .
            قال الإمام الذهبي في ترجمة محمد بن أحمد بن سعود ، المعروف بابن صاحب الصلاة ، المتوفى سنة خمس وعشرين وستمائة ، قال ابن الأبَّار : " لم آخذ عنه لتسمحه في الإقراء والإسماع ، سامح الله له ".
            قال الذهبي قلت :
            " وأنا رأيت له ما يدل على تسمحه بخطه أن بعض القراء قرأ عليه في ليلة واحدة ختمة كاملة بقراءة نافع " أهـ
            وجاء في ترجمة ابن الوثيق إبراهيم بن محمد أبو القاسم الأندلسي الإشبيلي المتوفى سنة لأربع وخمسين وستمائة : " أن عبد الله بن منصور المكين الأسمر دخل يوما إلى الجامع الجيوشي بالإسكندرية فوجد شخصا واقفا وسط صحنه وهو ينظر إلى أبواب الجامع فوقع في نفس المكين الأسمر أنه رجل صالح ................. إلى قوله فابتدأ عليه المكين الأسمر تلك الليلة الختمة بالقراءات السبع من أولها وعند طلوع الفجر إذا به يقول " من الجنة والناس " فختم عليه الختمة بالقراءات السبع في ليلة واحدة ".
            ومن ألوان التساهل في هذا الوقت هو إقراء أكثر من شخص في وقت واحد ، وإن أجازه بعض أهل العلم كعلم الدين السخاوي ، إلا أنه فيه تساهلا كبيرا "أهـ إجازات القراء 54-55 .
            قلت : وقد دخلت مسجدا بمكة فرأيت أحد الإخوة يقرئ شخصين واحد عن يمينه والآخر عن يساره ، وهذا يقرأ من سورة والأخر يقرأ من سورة أخرى .
            وقد أخبرني أحد الإخوة أن أحد المشايخ في المسجد النبوي يقرأ أكثر من خمسة في وقت واحد ، فقلت له : سبحان الله ما جعل الله لرجلين من قلبين في جوفه .
            فالتساهل والتشدُّد في الإجازة القرآنية الناس فيه طرفا نقيض، أسوق ما قال الإمام الذهبي في ترجمة محمد بن أحمد بن مسعود المعروف بابن صاحب الصلاة المتوفى سنة 525هـ، قال الأبار: \"لم آخذ عنه لتسمحه في الإقراء والإسماع سامح الله له\"، وقال الذهبي: \"قلت: وأنا رأيت له ما يدل على تسمحه بخطه أن بعض القراء قرأ عليه في ليلة واحدة ختمة كاملة برواية نافع\". وأما التشدد -أيها الإخوة - فهو طرف مقابل لذلك، يقول أبو عمرو الداني: \"لم يمنعني أن أقرأ على أبي طاهر إلا أنه كان فظيعاً وكان يجلس للإقراء وبين يديه مفاتيح فكان ربما يضرب بها رأس الطالب إذا لحن فخفت ذلك فلم أقرأ عليه وسمعت منه كتبه\". إجازات القراء مع بعض التصرف .


            **************

            التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 11-01-2015, 12:34 AM.

            تعليق


            • #7
              رد: أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

              س12 : هل الإجازة شرط في الإقراء ؟
              إن عدم وجود إجازة علمية عند شيخ من المشايخ ليست دليلا على هبوط مستواه العلمي ، فما أكثر من ارتفعت سمعتهم العلمية وهم لم تُسعفهم الظروف لأخذ إجازات علمية من مشايخهم أو لم يذكر عنهم ذلك .
              وهي بذلك تشبه الشهادات العلمية المتخصصة في الوقت الحاضر ، والتي لا يعني الحصول عليها أن حاملها لا يشق له غبار في تخصصه ، لأنها أحيانا تكون غير دقيقة أو لا تمثل الواقع العلمي للشخص الحاصل عليها .
              وقال السيوطي – رحمه الله – في الإتقان (1/135-136) :
              " الإجازة من الشيخ غير شرط في جواز التصدي للإقراء والإفادة ، فمن علم من نفسه الأهلية جاز له ذلك وإن لم يجزه أحد ، وعلى ذلك السلف الأولون والصدر الصالح ، وكذلك في كل علم وفي الإقراء والإفتاء ، خلافا لما يتوهمه الأغبياء من اعتقاد كونه شرطا ، وإنما اصطلح الناس على الإجازة ؛ لأن أهلية الشخص لا يعلمها غالبا من يريد الأخذ عنه من المبتدئين ونحوهم ، لقصور مقامهم عن ذلك .
              والبحث عن الأهلية قبل الأخذ شرط ، فجعلت الإجازة كالشهادة من الشيخ للمجاز بالأهلية " أهـ ، إجازات القراء ص 37 -38 .


              **************


              س13: ما المقصود بالإجازة العامة؟ ، وهل تجوز في القرآن ؟
              الإجازة العامة أو الإجازة لغير معين بوصف العموم كأجزت المسلمين أو كل أحد أو أهل زماني ، وهي أحد أنواع الإجازات والتي لا يشترط على طالبها أي شرط للحصول عليها ؛ لأن المقصود بها وصل الإسناد وتعميم الرواية.
              ومن شأن هذه الإجازة أنها لا تعطي لطالبها أي اعتبار أو إذن في الرواية أو تعاطي التدريس أو الوظائف العامة مثل الفتيا والقضاء كما هو الشأن في الإجازات العلمية ، وقد جوّز هذا النوع جماعة من أهل العلم كأبي الفضل البغدادي وابن رشد المالكي وأبي طاهر السلفي وغيره ورجح الجواز ابن الحاجب وصححه النووي وخلق كثير .انظر تدريب الراوي للسيوطي (2/32-33)، وإجازات القراء ص44-45-46
              ومن أمثلة هذا النوع من الإجازات ما ذكره ابن الجزري – رحمه الله- في خاتمه منظومته " طيبة النشر :
              وقد أجزتها لكل مقري ................ كذا أجزت كل من في عصري
              قال الدكتور /محمد سالم محيسن في " الهادي " على شرح الطيبة :
              " أخبر الناظم- رحمه الله- بأنه أجاز لجميع المقرئين في جميع الأمصار ، والأعصار ان يروي عنه هذه الأرجوزة ويقرأ بها ، ويقرئ بها غيره على رأي من أجاز ذلك ، أي من أجاز الرواية بالإجازة العامة " أهـ الهادي (3/377).
              وهذا النوع كثير جدا منه عند الحديث ، قليل جدا في القرآن ، لأن أغلبية مشايخ القرآن يشترطون عرض القرآن كله ثم يأخذ الطالب الإجازة ، بعكس علماء الحديث يعطي الإجازة ولو لم تقرأ عليه شيئا ، بل بعضهم يجيز بالتليفون دون أن يقرأ الطالب شيئا من باب الإجازة العامة ، وعلى ذلك فلو ذهب طالب وأتى بالإجازة العامة في القرآن وقال أنا معي إجازة دون أن يعرض القرآن على شيخ لم يُعمل بهذه الإجازة لأنها لم تتصل بالقراءة ، وبعضهم قال: تقوى هذه الإجازة العامة إذا كان القارئ معه إجازات أخرى متصلة بالإقراء معها ، أما إن كانت وحدها فهي من باب الاستئناس والبركة .


              **************


              س14: بين التساهل والتشدد في الإجازة القرآنية .
              ظهر في هذه الآونة الأخيرة إقبال كبير على حفظ القرآن من طلبة العلم ، وأصبح الكثير يقبلون على الإجازة بالقراءة على المشايخ لمعرفة أهميتها ، فكثر الإقبال على المقرئين ، وبعد أن كان الشيخ عنده اثنان أو ثلاثة يقرئون ، أصبح العدد يصل إلى خمسة عشر شخصا ، أكثر أو أقل ، وهذا الأمر طيب جدا ، إلا أن هناك إفراطا وتفريطا، وهو التساهل والتشدد في الإجازة القرآنية.
              فأصبح الكثير يتساهلون في الإقراء ، فترى الطالب يقع في أخطاء كثيرة دقيقة وغير دقيقة ، ومع ذلك الشيخ يسمع ولا يرد ، وبعضهم يرد في أشياء ويترك أشياء أخرى ، ثم ينتهي الطالب المبتدأ من هذه الختمة ويقول أنا معي إجازة من فضيلة الشيخ فلان ، وهو عنده أخطاء كثيرة ، وانا لا أبالغ في ذلك وهذا معلوم لدى القاصي والداني .
              قال الدكتور / محمد الفوزان :
              " لا يخفى على ذي لب أن هناك تسامحا واضحا في دفع الإجازة القرآنية من بعض مقرئي هذا العصر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وهذا التسامح أو التفريط في مثل هذا الأمر ، أدى ولا بد إلى دفعها لأشخاص لا يعرفون الأحكام التجويدية المبدئية فضلا عن غيرها ، ولربما كان صاحبها من أهل اللحن الجلي ، والواقع يصدق ذلك أو يكذبه ، وهذا هو التسامح المقصود أو المعني به ، وألوان التسامح متعددة ، فمن ذلك مثلا : قراءة رواية أو أكثر في مدة يسيرة كليلة أو ثلاث ليال أو نحو من ذلك ، مما يدل على تسامح وتساهل في الإقراء .
              قال الإمام الذهبي في ترجمة محمد بن أحمد بن سعود ، المعروف بابن صاحب الصلاة ، المتوفى سنة خمس وعشرين وستمائة ، قال ابن الأبَّار : " لم آخذ عنه لتسمحه في الإقراء والإسماع ، سامح الله له ".
              قال الذهبي قلت :
              " وأنا رأيت له ما يدل على تسمحه بخطه أن بعض القراء قرأ عليه في ليلة واحدة ختمة كاملة بقراءة نافع " أهـ
              وجاء في ترجمة ابن الوثيق إبراهيم بن محمد أبو القاسم الأندلسي الإشبيلي المتوفى سنة لأربع وخمسين وستمائة : " أن عبد الله بن منصور المكين الأسمر دخل يوما إلى الجامع الجيوشي بالإسكندرية فوجد شخصا واقفا وسط صحنه وهو ينظر إلى أبواب الجامع فوقع في نفس المكين الأسمر أنه رجل صالح ................. إلى قوله فابتدأ عليه المكين الأسمر تلك الليلة الختمة بالقراءات السبع من أولها وعند طلوع الفجر إذا به يقول " من الجنة والناس " فختم عليه الختمة بالقراءات السبع في ليلة واحدة ".
              ومن ألوان التساهل في هذا الوقت هو إقراء أكثر من شخص في وقت واحد ، وإن أجازه بعض أهل العلم كعلم الدين السخاوي ، إلا أنه فيه تساهلا كبيرا "أهـ إجازات القراء 54-55 .
              قلت : وقد دخلت مسجدا بمكة فرأيت أحد الإخوة يقرئ شخصين واحد عن يمينه والآخر عن يساره ، وهذا يقرأ من سورة والأخر يقرأ من سورة أخرى .
              وقد أخبرني أحد الإخوة أن أحد المشايخ في المسجد النبوي يقرأ أكثر من خمسة في وقت واحد ، فقلت له : سبحان الله ما جعل الله لرجلين من قلبين في جوفه .
              فالتساهل والتشدُّد في الإجازة القرآنية الناس فيه طرفا نقيض، أسوق ما قال الإمام الذهبي في ترجمة محمد بن أحمد بن مسعود المعروف بابن صاحب الصلاة المتوفى سنة 525هـ، قال الأبار: \"لم آخذ عنه لتسمحه في الإقراء والإسماع سامح الله له\"، وقال الذهبي: \"قلت: وأنا رأيت له ما يدل على تسمحه بخطه أن بعض القراء قرأ عليه في ليلة واحدة ختمة كاملة برواية نافع\". وأما التشدد -أيها الإخوة - فهو طرف مقابل لذلك، يقول أبو عمرو الداني: \"لم يمنعني أن أقرأ على أبي طاهر إلا أنه كان فظيعاً وكان يجلس للإقراء وبين يديه مفاتيح فكان ربما يضرب بها رأس الطالب إذا لحن فخفت ذلك فلم أقرأ عليه وسمعت منه كتبه\". إجازات القراء مع بعض التصرف .


              **************
              التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 11-01-2015, 12:34 AM.

              تعليق


              • #8
                رد: أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

                س19 : اذكر لي سندين أحدهما أعلى من الآخر ، مع كيفية معرفة ذلك ؟
                العلو قد يكون مطلقا وقد يكون نسبيا ، فالمطلق : قلة عدد الرجال في السند بينك وبين النبي – صلى الله عليه وسلم -، والنسبي: قلة عدد الرجال بينك وبين إمام من الأئمة كابن الجزري والشاطبي وغيرهما ، ولنأخذ مثالا على العلو النسبي من طريق الشاطبية بين سندين :
                ولنأخذ مثلا الشيخ أحمد بن عبد العزيز الزيات – رحمه الله –
                قرأ الشيخ الزيات على الشيخين /1- عبد الفتاح هنيدي وخليل الجنايني وهما2-على محمد أحمد المتولي وهو عن 3- الدري التهامي عن 4-أحمد المعروف بسلمونه عن 5-إبراهيم العبيدي عن 6- عبد الرحمن الأجهوري عن 7- أحمد البقري عن 8- محمد البقري 9-عبد الرحمن اليمني عن 10- شحاذة اليمني عن 11- ناصر الدين الطبلاوي عن 12- زكريا الأنصاري عن 13- رضوان العقبي عن الإمام محمد بن الجزري .
                ففي هذا السند بين الشيخ الزيات وبين ابن الجزري 13 رجلا ، فهل يوجد أعلى من هذا السند من طريق الشاطبية ، أقول : نعم ، وهو سند شيخنا العلامة / بكري الطرابيشي وهو :
                قرأ الشيخ الطرابيشي على 1- محمد سليم الحلواني عن 2-/ أحمد بن محمد بن علي الرفاعي الحلواني ، عن 3-/ أحمد بن رمضان المرزوقي عن 4-/ إبراهيم بن بدوي بن أحمد العبيدي ، عن 5-/عبد الرحمن بن حسن الأجهوري عن 6-/ أبي السماح أحمد ابن رجب البقري عن 7-/ محمد بن قاسم البقري عن 8- /عبد الرحمن اليمني ، عن 9- / شحاذه اليمني، عن 10- / ناصر الدين الطبلاوي عن -11/ زكريا الأنصاري ، عن 12- رضوان العقبى ، وهو على إمام هذا الفن خاتمة المحققين الشيخ محمد بن محمد بـــن محمد بن الجزري – رحمه الله تعالى - .فالشيخ الطرابيشي بينه وبين ابن الجزري 12 رجلا من الطريق المشهور و11 من الطريق الغير مشهور
                فيكون السند قل واحدا فبهذا يكون الشيخ الطرابيشي أعلى من الشيخ الزيات – رحمه الله – بدرجة من طريق الشاطبية ، والملاحظ أنهما التقيا عند الشيخ / إبراهيم العبيدي ، وهذا من جهة العلو النسبي من طريق الشاطبية باختصار ، وغالبا من طريق الشاطبية تلتقي الأسانيد من ابن الجزري إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - ، فأنت احسب أخي الكريم العدد الذي بينك وبين ابن الجزري في أي سند من طريق الشاطبية ستعرف بذلك العلو إن شاء الله تعالى لأن من ابن الجزري الى النبي الاسانيد غالبا لا تختلف . والله اعلم


                **************


                س20 :ما هو حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن وكذلك الإجازة ؟
                قال أخي الشيخ / خالد عبد الله - حفظه الله تعالى - في " الإفادة في ضبط الإجازة "
                " ما اعتاده كثير من مشايخ القراء من امتناعهم من الإجازة إلا بأخذ مالٍ فى مقابلها ، لا يجوز إجماعا بل إنْ عَلِمَ أهليته وجب عليه الإجازة , أو عدمها حَرُمَ عليه , وليست الإجازة مما يقابل بالمال , فلا يجوز أخذه عنها ، ولا الأجرة عليها بل هى حق الطالب المؤهل لها( ) .
                وأما أخذ الأجرة على التعليم فجائز ففى البخارى(إن أحق ماأخذتم عليه أجر كتاب الله( )) وقيل إن تعين عليه لم يجز , وقيل لا يجوز مطلقا وفى البستان لأبى الليث التعليم على ثلاث أوجه :-
                أحدها للحسبة ولا يأخذ به عوضا .
                والثانى : أن يعلم بالأجرة .
                والثالث : أن يعلم بغير شرط ، فإذا أهدى إليه قبل .
                فالأول مأجور وعليه عمل الأنبياء( ) , والثانى مختلف فيه , والأرجح الجواز ، والثالث يجوز إجماعا , لأن النبى  كان معلما للخلق , وكان يقبل الهدية .
                أقول :حقا لقد تغالى البعض حتى إن بعضهم يطلب بالدولارات والبعض الآخر يشترط في الختمة ثلاثة أو أربعة أو خمسة آلاف جنيها في حفص ، والبعض يطلب في العشر الكبرى عشرة آلاف جنيها وتُدفع قبل القراءة على الطاولة كما يقولون ، وأنا أعتب على الذين يرضون بدفع هذه الأموال ليحصلوا على الإجازة ، فيأتي أحد إخواننا من الذين لا يملكون أن يدفعوا ذلك المبلغ للشيخ ، ويعطونه ما يستطعون دفعه ، فيرفض الشيخ ، ويقول له : أنا آخذ في الختمة كذا وكذا وإخوانك يدفعون لي ذلك المبلغ ، وبعضهم يدفع ذلك المبلغ لأنه سيحصل على أضعافه عند إقراءه كما سمعت بعضهم يقول ذلك عند أحد المشايخ .
                وعذر هؤلاء المشايخ الذين يشترطون هذه المبالغ الطائلة أن هناك الكثير والكثير من المقرئين وطالما أن القارئ خصني بالإجازة لشهرتي فليدفع ، وبعضهم يقول : إني إجازتي مشهورة في كل مكان في العالم والمبلغ الذي ستدفعه لي ستحصِله في ختمتين ، نسأل الله العفو والعافية .
                لقد أخبرني أحد الإخوة أنه أتت إليه سفرية إلى الإمارات ويحتاج إلى إجازة من شيخ معين لأنه معروف في هذه البلد ، فذهب إليه وطلب أن يقرأ عليه كي يأخذ الإجازة ويعطيه ما يستطيع دفعه ، فاشترط عليه الشيخ مبلغا كبيرا جدا ، وهذا قبل أن يزيد السعر الآن ، فقال له الأخ : والله يا شيخ أنا أعول أسرة وأصرف عليها ، وإن شاء الله إذا سافرت سأرسل لك المبلغ من هناك ، فقال له الشيخ الموقر : لا ، استلف من أحد الناس هذا المبلغ وحين تسافر أرسله له ، فذهب هذا الأخ والدنيا مسودة في عينه ، بسب هذا الشيخ الذي لم يخسر شيئا إذا ساعده في هذا الأمر خاصة أنه يعول أسرة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
                بل إن بعض الناس لم يكن متقنا فيدفع الكثير والكثير فيحصل على الإجازة من الشيخ ، والمتقن لا يأخذ الإجازة ؛ لأنه لم يستطع دفع المال المطلوب ؛ أليس هذا بظلمً من الشيخ المجيز ؟! .
                وبعضهم لا يقرئ إلا عِلية القوم " مهندس ، دكتور ، شخصية مرموقة ،..... " والسبب معلوم للجميع، ولا شك أن هؤلاء المشايخ سيُسألون عن هذا التعنت والتشدد والغلو الفاحش في المال.
                وأخيراً - أخي الكريم - : دعك من اللهث وراء الشهرة الفارغة وخذ العلم من صاحب الدين والسنة ،
                نسأل الله العظيم أن يكون هذا الكلام عونا للجميع على طاعة الله ومرضاته ، والله أعلم.


                **************



                س21: ما حكم من يقرأ على الشيخ من المصحف وهو لم يحفظ القرآن أو يحفظ بعضه ثم يأخذ السند ؟
                القراءة بالنظر فى المصحف , وإن كانت مضبوطة مع التجويد , لكن ينقصها التلقى عن ظهر قلب حتى يبقى جميع السند مسلسلا بهذه الصفة ،والأصل أن الطالب يعرض القرآن الكريم كله على شيخه حفظا عن ظهر قلب ؛ والعرض من المصحف وإن جوَّزه بعض العلماء كالسيوطي في الإتقان (1/131 ) ؛ ولكن هذا الأمر فتح الباب على مصرعيه ، فأصبح الذي يقرأ من المصحف يستوي مع من يقرأ من حفظه فضلا عن الاستواء في السند عن الشيخ .
                قال الدكتور/ محمد بن فوزان – حفظه الله – في إجازات القراء ص 59 :
                والذي يظهر لي – والله أعلم – جواز هذا النوع من الإجازات بشروط هي :
                1- عدم قدرة القاري على الحفظ .
                2- الإفادة في الإجازة بأنه أُجيز بقراءته من المصحف مباشرة .
                3- يُمنع المجاز بهذه الطريقة من إجازة غيره فهي له بمثابة إجازة خاصة .
                4- عدم فتح هذا النوع من الإجازة أمام عامة الناس والضرورات تقدر بقدرها .
                أقول : وبعضهم قال : إذا أراد أن يقرئ أحدا فليقرئوه من المصحف كما قرأ هو على شيخه ،والله أعلم.


                **************

                التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 11-01-2015, 12:26 AM.

                تعليق


                • #9
                  رد: أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

                  س22 ) هل الأفضل للطالب أن يقرأ على شيخه القراءات إفراداً أم جمعاً ، وهل يستلزم حفظ الشاطبية أو الطيبة مثلاً لقراءة القراءات من خلالهما ؟
                  الأفضل للطالب أن يفرد كل رواية أو قراءة حتى ينتهي من القراءات العشر ، وهذا هو مذهب السلف الصالح ، وهذا هو الأفضل والأقوى للطالب من حيث تثبيت القراءات ، فإذا انتهى من الأفراد وأراد أن يجمع فلا بأس بذلك ،وقد جوزه بعض العلماء اقتصرا للوقت والعمر ، قال الإمام محمد بن الجزري – رحمه الله تعالى – في طيبته :
                  وقد جرى من عادة الأئمة ........... إفراد كل قارئ بختمه
                  حتى يؤهلوا لجمع الجمع ........ بالعشر أو أكثر أو بالسبع
                  أما حفظ الشاطبية أو الطيبة للقراءة من خلالهما القراءات فلا يشترط وإن كان هو الأفضل في استحضار الخلاف بين القراء ، وقد ذكر ابن الجزري – رحمه الله – في صفات الشيخ المجيز أن يحفظ كتابا يحوي القراءات فقال – رحمه الله – في المنجد ص :
                  "ويلزمه أيضا أن يحفظ كتابا مشتملا على ما يقرئ به من القراءات أصولا وفرشا , وإلا دخله الوهم والغلط فى كثير "
                  فالأمر متعلق على حفظ كتاب أو اتقانه جيدا والقراءة من خلاله ، فكم من الناس لا يحفظ الشاطبية ويقرأ القراءات على المشايخ ؛ ومن قال إنه يستلزم أو يجب ، نقول له : كيف كان حال الذين يقرؤن القرآن قبل الشاطبي أو ابن الجزري ؟ هل كانت على أيامهم هذه المنظومات ، أم إنهم كانوا يقرؤن القراءات بالتلقي والإتقان ؟ .


                  **************


                  س23:أذكر بعض آداب الشيج " المجيز " مع التوضيح لبعضها ؟
                  أقول : هذه الآداب ذكرها الإمام النووي كلها في " التبيان " ، ونقلها ابن الجزري في " منجد المقرئين " وذكرها مختصرة الشيخ / أسامة حجازي - رحمه الله- وهي :
                  1- الإخلاص : أن يقصد بذلك مرضاة الله تعالى , ولا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا , من مال أو رياسه أو وجاهه أو غير ذلك .
                  ولتذكر - أخي الكريم - حديث الثلاثة الذين أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ومنهم : القارئ الذي تعلم ليقال عنه قارئ ، ووالله لو لم يكن في هذا الباب إلا هذا الحديث لكفى .
                  2-الحذر من مقصدة التكثر بكثرة طلابه .
                  3- الحذر من كراهته قراءة طلابه على غيره ممن يُنتفعُ به .
                  قال الإمام النووي – رحمه الله – في التبيان ص 48 ، 49 : " وليحذر – الكلام على المقرئ – من كراهة قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به ، وهذه مصيبة يُبتلى بها بعض المعلِّمين الجاهلين ، وهو دلالة بينة من صاحبها على سوء نيته ، وفساد طويته ؛ بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله ، فإنه لو أراد اللهَ بتعليمه لما كره ذلك ، بل قال لنفسه : أنا أردت الطاعة بتعليمه ، وقد حصلت ، وهو قصد بقراءته على غيري زيادة علم ، فلا عتب عليه " ا. هـ
                  أقول ؛ وهذا الأمر حاصل من بعض المقرئين إلا من رحم الله ، لو علم الشيخ أن طالبه يقرأ على غيره أساء إليه في المعاملة وشدد عليه في التلقي إلى غير ذلك ، نسأل الله السلامة ، لذا – أخي الكريم – كن فطنا واستعن على قضاء حاجتك بالكتمان ، ولا تذكر عند شيخك أحدا من أقرانه والله أعلم .
                  4- الرفق بمن يقرأُ عليه , والترحيب به , والإحسان إليه , وعدم إستخدامه فى الحاجات الخاصة .
                  أقول : لذلك عندما كنا نبدأ على مشايخنا في قراءة شيئا من كتب السنة أو العقيدة أو غيرها كنا نبدأ قبل القراءة بالحديث المسلسل بالأولية إما قراءة أو سماعا وهو " الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " رواه البخاري عن عمرو بن العاص ، وذلك لأن هذا العلم مبني على التلطف ، وعلى الرحمة بالمتعلمين ، فينبغي على الشيخ أن يكون رءوفا رحيما بطلابه ، وهذا هو الأصل إلا من شذّ عنه ، ولله در شيخنا الجليل المتواضع علي محمد توفيق النحاس الذي ما رأيت مثله في إكرامه ورحمته وشفقته وتواضعه لطالب العلم ، فنسأل الله أن يحفظه وأن يبارك في عمره ...آمين .
                  وأما عن استخدام الطالب في الحاجات الخاصة فيقع فيه بعض المقرئين بمشقة فاحشة ، نسأل الله السلامة.
                  5- الاعتناء بمصالح الطالب , وبذل النصيحة له .
                  6- تفريغ القلب حال الإقراء من الشواغل .
                  الأفضل للشيخ المقرئ أن يقرئ طلابه في وقت راحته وعدم انشغاله بشيء من أمور الدنيا ، قال ابن الجزري - رحمه الله- في المنجد صـ 71 :
                  " وينبغي ألا يقرأ - القارئ – على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ وملله ، واستيفازه وغمه وجوعه وعطشه ونُعاسه وقلقله ، ونحو ذلك مما يشق على الشيخ أو يمنعه من كمال حضور القلب ، وأن يحرص كل الحرص على أن يقرأ على الشيخ أولا ، فإنه أفيد له ، وأسهل على الشيخ" ا.هـ . فهذا الأمر متعلق بالقارئ والمقرئ.
                  وهناك بعض المشايخ ينام حال إقرائه ، فيترك القارئ يقرأ بالجزء والجزأين ثم يستيقظ من نومه فيقول للطالب: فتح الله عليك مع السلامة ، نقول : وما يدري هذا القارئ أن هذا الطالب قرأ بالكيفية الصحيحة التي تلقاها من شيخه ؟ ، والأعظم من ذلك إذا كان هذا الطالب من الطلاب المبتدئين في القراءة ؛ وما أكثرهم الآن ؟! ، فلذلك ينبغي على الشيخ المقرئ إذا حصل له شيء مما سبق من " الهم والغم والنوم ......." أن يطلب من القارئ أن يتوقف عن القراءة حتى يأخذ قسطا من الراحة ، أو أن يمشي الطالب ويأتي في مرة أخرى.
                  *وأذكر في هذا المقام شيخنا العلامة المعمر الذي جاوز 111 عاما الشيخ المحدث / عبد الله بن أحمد الناخبي _ نزيل جدة – وقت أن ذهبنا إليه أنا وأحد الإخوة من الطائف وإذ بالغرفة فيها تقريبا 25 طالبا منهم من يقرأ من البخاري ومنهم من يقرأ من مسلم ومسند الشافعي وعمدة الأحكام وبلوغ المرام واللغة وغير ذلك ، والله يا إخوة ومع ذلك العدد وتنوع القراءة وهذا العمر للشيخ يكون منصتا جدا لكل طالب ، بل بعض الطلبة قرأ كلمة خطأ ، فقال له الشيخ : استهجا لي هذه الكلمة ، وصححها له الشيخ ، والبعض الآخر كان يقرأ في ملحة الإعراب فقرأ جملة خطأ ، فقال له الشيخ كيف ذلك ؟حتى صححها بعض الطلبة وفهمها الشيخ ، وأنا أتعجب من انصات الشيخ الشديد للطالب مع هذا العمر ، وهكذا مع كل طالب حتى ينتهي من قراءته ، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده ، وكذلك شيخنا العلامة عبد الرحمن العياف - حفظه الله تعالى - يبلغ من العمر 85 عاما والمجلس فيه عدد كبير وهذا يقرأ في العقيدة وهذا يقرأ في الحديث وهذا يقرأ في الفقه وهذا يقرأ في الطب والأعشاب وغير ذلك والشيخ يعلق ويرد ويجيب على الأسئلة - بارك الله فيه ونفع به - نسأل الله أن يبارك في عمر مشايخنا وأن ينفع بهم الإسلام والمسلمين ..آمين
                  7- تقديم الأول فالأول فى الإقراء إذا إزدحموا , إلا أن يرى مصلحة فى تقديم أحد الطلاب فى الإقراء .
                  قال ابن الجزري في المنجد ص 62 : " وروي عن حمزة أنه كان يقدم الفقهاء ، فأول من يقرأ عليه سفيان الثوري ، وكان أبو عبد الرحمن السلمي وعاصم يبدآن بأهل السوق لئلا يحتبسوا عن معايشهم .
                  وقال أيضا ص 65: " وقال نافع لورش – لما قدم عليه وسأله أن يقرأ عليه - : بِتْ في المسجد ، فلما اجتمع إليه أصحابه قال لورش : أبتَّ في المسجد ؟ قال : نعم ، قال : أنت أولى بالقراءة ، فقرأ عليه القرآن كله في خمسين يوما ، وعلى هذا مضت سنة المقرئين.
                  أقول : وإلى يومنا هذا تمضي هذه السُنة بين القراء فإنهم يقدمون الأول فالأول ، مع إعطاء كل واحد وقتا معينا ، أو كمَّا معينا من الوقت .
                  8- تفقد من يغيب منهم .
                  9- عودة من يمرض منهم .
                  10- توسيع مجلس القراءة.


                  **************

                  التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 11-01-2015, 12:26 AM.

                  تعليق


                  • #10
                    رد: أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

                    تتمتة فى صفات المجيز

                    قال الإمام مكى بن إبى طالب ,المتوفى سنة 437هـ رحمه الله تعالى فى كتابه(الرعاية)( ) ( باب صفة من يجب أن يُقرأُ عَليهِ ويُنقَلُ عَنهُ )
                    يجب على طالب القرآن أن يتخير لقراءته ونقله وضبطه أهل الديانة والصيانة , والفهم فى القرآن , والنفاذ من علم العربية والتجويد بحكاية ألفاظ القرآن , وصحة النقل عن الأئمة المشهورين بالعلم . فإذا إجتمع للمقرئ صحة الدين , والسلامة فى النقل , والفهم فى علوم القرآن والنفاذ فى علوم اللغة العربية , والتجويد بحكاية ألفاظ القرآن , كمُلت حاله , ووجبت إمامته .
                    وقال الإمام ابن الجزرى رحمه الله تعالى فى كتابه( منجد المقرئين ومرشد الطالبين )( )
                    ( والذى يلزم المقرئ أن يتخلق به من العلوم قبل أن يُنَصِب نفسه للاشتغال ) :
                    1- أن يعلم من الفقه ما يصلح به أمر دينه , ولا بأس من الزيادة فى الفقه , بحيث إنه يرشد طلبته وغيرهم إذا وقع لهم شئ( )
                    2- ويعلم من الأصول قدر ما يدفع به شبهة من يطعن فى بعض القراءات .
                    3- وأن يحصل جانبا من النحو والصرف , بحيث إنه يوجه مايقع له من القراءات , وهذا من أهم ما يحتاج إليه و إلا يخطئ فى كثير مما يقع من وقف حمزة للإمالة ,ونحو ذلك من الوقف والأبتداء وغيره .
                    وما أحسن قول الإمام أبى الحسن الحصرى المتوفى سنة 468هـ :
                    لقد يدعى علم القراءات معـشر وباعهم فى النحو أقصر من شبر
                    فإن قيل : ماإعراب هذا ووجه؟ رأيت طويل الباع يقصر عن فتر
                    4- وليحصل طرفا من اللغة والتفسير.
                    أقول :إن بعض إخواننا القراء لا يتعدى طلبه عن علم التجويد والقراءات طوال حياته ، ويترك تعلم الأولى والأهم من أصول الدين كالعقيدة التي هي أشرف العلوم الشرعية على الإطلاق ،فتراه في مسائل العقيدة في واد والقرآن في واد آخر فيحلف بغير الله ، ويطلب المدد والعون والاستعانة والاستغاثة من غير الله فيقول مدد يا فلان أغثني يا فلان ، وفلان هذا ميت لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنهم شيئا ، فينبغي على المسلم أن يتعلم منها ما هو فرض عين عليه، وكذلك من الفقه وغير ذلك ، قال – صلى الله عليه وسلم - : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " ، والفرض إما عين وأما كفاية ، وفرض العين لا يسقط عن المرء إلا بتعلمه ، والأشياء التي لا تسقط عن المرء ولا يسع المسلم فيها جهله مبسوطة في كتب العقيدة والفقه فليرجع إليها لأهميتها ، والله أعلم .


                    **************


                    س ) هل لابد أن يكون الشيخ المجيز على دراية وإلمام بقواعد اللغة العربية ، وكافة العلوم الأخرى المتعلقة بكتاب الله ؟، نرجوا بسط الكلام عن ذلك .
                    الأفضل لطالب القرآن أن يتعلم قواعد اللغة العربية وإن لم يستطع فيتعلم الأساسيات ،إما أن يترك ذلك بالكلية فلا ، وذلك لأن هذه الأساسيات تعينه على القراءة ، مثلا : بعض المشايخ يقول للطالب صل " أُخر" من قوله تعالى ( فعدة من أيام أخر ) فأكثر إخواننا يقفون على " أخر " فعندما يصلها يقرأها بالتنوين المجرور إلى غير ذلك ، وهذا الوصل خطأ ، فالصواب " أيامٍ أخرَ " بالفتح ؛ لأنها ممنوعة من الصرف ،والممنوع من الصرف ينصب ويجر بالفتحة نيابة عن الكسرة ، فلو كان القارئ يعلم أنها ممنوعة من الصرف لم يخطأْ فيها ، وأيضا لو قرأها بالتنوين المجرور أو المرفوع ، وقلنا له قف بأوجه الوقف على " أخر " لوقف خطئا ، لأنه سيبني على أنها مجرورة ، والوقف على المجرور غير الوقف على المضموم غير الوقف على المنصوب من حيث الحكم ، وهناك الكثير والكثير مثل ذلك ، عموما الإلمام بالأساسيات يعين الطالب على القراءة . هذا من حيث قواعد العربية ، والله أعلم .
                    أما لبقية العلوم : فعلى الإنسان أن يبدأ بفرض العين الذي لا يُسقط عنه ، مثل :
                    1- العقيدة : يتعلم من هو ربه ، ودينه ، ونبيه ؟ ، فهذه هي الأشياء التي سيسأل عنها كل مسلم في قبره ، ولا ينبغي له معرفة كل جزئية بدليلها ، ويدخل في هذا التعلم معرفة أركان الإيمان الستة المذكورة في حديث جبريل على وجه الإجمال ، فأقول أخي الكريم :
                    اقرأ" الأصول الثلاثة" للشيخ محمد عبد الوهاب مع شروحها ، ثم " كشف الشبهات " و " كتاب التوحيد " مع شروحهما وهما للشيخ محمد أيضا ، ثم "الواسطية" لابن تيمية ، و "لمعة الاعتقاد " للمقدسي ، ثم " الطحاوية " للطحاوي "، مع الشروح ثم " سلم الوصول " مع شرحه "معارج القبول: للشيخ حافظ حكمي ، والله أعلم.
                    2-الفقه : يتعلم ما يصلح أمر دينه كمعرفة الصلاة وشروطها وأركانها وواجباتها ، وكذلك الصيام والزكاة إن كان من أصحاب الأموال ، والحج إن استطاع إليه ، هذا في العبادات، أما المعاملات فإن كان تاجرا فيتعلم أحكام البيوع ، وإن كان متزوجا فيتعلم أحكام النكاح والطلاق وغير ذلك ، وغير ذلك من الأحكام التي لابد لكل مسلم أن يتعلمها فضلا عن صاحب القرآن ، عموما صاحب القرآن أحق بهذه العلوم ، فيحاول أن يجعل له وقتا يقرأ فيه شيئا من العقيدة والفقه والتفسير والحديث وغير ذلك ، إما أن يظل طوال حياته يقول : رقق فخم مد اقصر قلقل إلى غير ذلك ، فأقسم بالله العظيم أن القلب يقسو ، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ، والله أعلم .
                    5- ويلزمه أيضا أن يحفظ كتابا مشتملا على ما يقرئ به من القراءات أصولا وفرشا , وإلا دخله الوهم والغلط فى كثير .
                    كمن يريد أن يقرأ القراءات السبع فلأفضل له حفظ متن الشاطبية ليقرأ بمضمنه حتى يسهل عليه معرفة القراءات ، وكذلك من أراد العشر الصغرى فعليه أن يحفظ " الشاطبية والدرة " ، ومن أراد العشر الكبرى فليحفظ متن " طيبة النشر " لابن الجزري، وكما قالوا : "مَن حفظ المتون حاز الفنون" ، واعلم – أخي لكريم – أن حفظ المتن أسهل وأفضل من حفظ كتاب يحوي القراءات ، فمَن مِن الناس الآن يحفظ كتاب " التيسير " لأبي عمرو الداني ويقرأ بمضمنه القراءات ؟ أظن لا أحد ، وإن وجد فقليل جدا ، وإنما الذين يحفظون متون القراءات كالشاطبية وغيرها ويقرؤن بمضمن ذلك القراءات عددا لا يحصون ، وحفظ المتن أفضل وأقوى في استحضار الدليل .
                    6-ولابد للمقرئ من التنبه بحال الرجال والأسانيد ، وهذا من أهم ما يحتاج إليه .
                    وكم من الناس الآن معهم أسانيد ولا يعلمون عن أحوالها شيئا من العلو والنزول، فترى الواحد منهم يقول : أنا شيخي من أعلى الأسانيد ، وشيخه ربما يكون سنده نازلا ؛ لأنه لا يعرف علو السند من نزوله ؛ بل ربما بعضهم في سنده سقط وهو لا يدري ، وبعضهم لا يعرف العلو المطلق من العلو النسبي إلى آخر هذه الأمور المهمة التي ينبغي على من أُجيز عموما أن يعلمها وعلى المقرئ خاصة لأهميتها ، وقد بين ابن الجزري – رحمه الله – أهمية ذلك في " المنجد " ً 57 فقال :
                    " وقد وقع لكثير من المتقدمين في أسانيد كتبهم أوهام كثيرة ، وغلطات عديدة من إسقاط رجال ، وتسمية آخرين بغير أسمائهم ، وتصاحيف ، وغير ذلك " ا.هـ .
                    وقال الصفاقسي – رحمه الله – في غيث النفع ص 22 :
                    " علم الأسانيد وهو الطرق الموصلة إلى القرآن وهو من أعظم ما يحتاج إليه لأن القرآن سنة متبعة ونقل محض فلا بد من إثباتها وتواترها ولا طريق إلى ذلك إلا بهذا الفن " ا.هـ
                    واعلم أخي الكريم أنَّ علو السند قربى من رب العالمين؛ لذا كان السلف الصالح يتسابقون في الإجازة وعلو السند، قيل ليحيى بن معين في مرض موته: ما تشتهي؟ قال: أشتهي إسناداً عالياً وبيتاً خالياً.
                    ولقد ورد عنهم أنَّه كان عندهم الرحلة في طلب الحديث والقرآن والإجازة أحلى وأفضل من كلِّ الشهوات والملذات، قال الحافظ المحدث ابن عساكر الدمشقي:
                    لقول الشيخ أنبأني فلان .................. وكان من الآئمة عن فلانِ
                    إلى أن ينتهي الإسناد أحلى................ لقبلي من محادثة الحسانِ
                    ومستمل على صوت فصيح..............ألذ إلى من صوت القيــــــانِ
                    واعلم أخي الكريم -رحمني الله وإياك- أنَّه كلما قلَّ عدد الرجال فإنَّ السند يُعتَبَرُ عالياً، وكلما زاد العدد بينك وبين الرسول نزل السند أو قلَّ كما يقول البيقوني في منظومته :
                    وكل ما قلت رجاله علا ............. وضده ذاك الذي قد نزلا
                    فالضابطُ في مسألة العلو هو: قلةُ أو زيادة سلسلة الرجال الموصلة للرسول إسناداً في العالم اليوم في القراءات السبع من الشاطبية هو شيخنا العلامة المقرئ الفقيه/ بكري عبد المجيد الطرابيشي؛
                    لأنَّه أقل النَّاس عدداً من الرجال بينه وبين الرسول-عليه الصلاة والسلام - ستة وعشرون رجلاً،.
                    واعلم – أخي الكريم – أن العلو نوعان : 1) علو مطلق : وهو قلة عدد الرجال بينك وبين النبي – صلى الله عليه وسلم -.
                    2)علو نسبي : وهو قلة عدد الرجال بينك وبين إمام من الأئمة كابن الجزري – رحمه الله - ، والشيخ الطرابيشي بينه وبين ابن الجزري إحدى عشر رجلا فقط ، فهو بذلك يجمع بين العلو المطلق والعلو النسبي من طريق الشاطبية ، والله أعلم .
                    قد يقول قائل ما الفرق بين الإجازة والسند ؟ بعض الناس يقول معي سند والبعض الآخر يقول معي إجازة ،فالإجازة هي شهادة من الشيخ المجيز إلى الطالب المجاز في القراءة والإقراء ،وهو تعتبر شهادة وتزكية من الشيخ للطالب المجيز بأنه متقن في القرآن وأنه وصل إلى مرحلة تجنب الأخطاء .
                    أما السند : فباعتبار أن الشيخ يعطي للطالب هذه الشهادة مع ذكر سلسلة الرجال الذين يحملون السند إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - ، والله أعلم .
                    7)وشرط المقرئ وصفته أن يكون مع ما ذكرناً حراً , عاقلاً , مسلماً, مكلفاً , ثقةً , مأموناً ضابطاً , متنزهاً عن أسباب الفسق ومسقطات المروءة .
                    أقول : وألا يكون صاحب بدعة ؛ لأن البدعة من أوجه الطعن في القارئ والمقرئ، فإن كانت بدعة المجيز مكفرة فلا يجوز الأخذ منه ، وإن كانت غير مكفرة فالأولى والأفضل عدم الأخذ منه والبحث عمن هو أفضل منه في عقيدته وسلوكه وأخلاقه وعلمه ،هذا وقد جنح إلى ما قلته الشيخ العلامة محمد بن العثيمين – رحمه الله – في شرحه على حلية طالب العلم للشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله - ، وكذلك شيخنا العلامة عبد الرحمن العياف ، وشيخنا مشعان بن زيد الحارثي ، وشيخنا القاضي عبد الله بن عبد الرحمن بن مانع ، وكذلك شيخنا الدكتور / يحي بن عبد الله الثمالي وغيرهم من أهل العلم ، قال بعض السلف : "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذوا دينكم " والله أعلم .
                    8) وينبغي للمقرئ أن لا يحرم نفسه من الخلال الحميدة المرضية , وليحذر من الرياء والحسد , والحقد والغيبة , واحتقار غيره , وإن كان دونه , وليحذر العجب وقل من يسلم منه .
                    هذا ما يلزم المقرئ أن يتأدب به . فهل كل من جلس للإقراء يتحلى بهذه الآداب . نسأل الله التوفيق


                    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
                    وكتبه ،،
                    حسن بن مصطفى الوراقي المصري
                    عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات القرآنية – كلية المعلمين بالطائف –
                    والمقرئ بالمعهد العلمي الأزهري بمساكن كورنيش النيل – روض الفرج – القاهرة

                    التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 11-01-2015, 12:25 AM.

                    تعليق


                    • #11
                      رد: أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

                      هذا الموضوع منقول للامانة العلمية

                      تعليق


                      • #12
                        رد: أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

                        جزاكِ ربى خيراًً أختنا
                        ..لى عودة إن شاء الرحمن وقدر لإكماله
                        نفع ربى بكِ
                        اللهم عيّش بطيبة فقد بلغ الشوق مداه
                        سبحان الله عدد ماكان وعدد مايكون سبحان الله عددالحركات وعددالسكنات
                        سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر
                        الحياةُ تستمرُّ رغم مَن فقدنا وما فقدنا، ولن تتوقف دورة الأيام ولو لحظة لتنتظرَنا حتى نألف مصابَنا!

                        تعليق


                        • #13
                          رد: أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

                          جزاكم الله خيرا موضوع قيم ومفيد
                          أسألكم الدعاء بعمرة قريييبة وحفظ القرآن حفظ إتقان وأن يشفيني الله وأن يبارك الله في ابنتي خديجة ويربيها على عينه .... آميين

                          أدعوكم لتحميل رسالة العمرة خطوة خطوة http://forums.way2allah.org/sp/omra.doc

                          تعليق


                          • #14
                            رد: أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

                            ما شاء الله بارك الله فيكي اختي 00وجزاكي الله خيرا علي هذا المجهود الرائع00

                            تعليق


                            • #15
                              رد: أسئلة وأجوبة في الإجازات القرآنية

                              بارك الله فيكم ونفع بكم أختنا الفاضلة المجاهدة

                              وبارك الله في شيخنا الشيخ حسن الوراقي وبارك في عمره

                              تعليق

                              يعمل...
                              X